الفصل الثالث

سياحة بالصورة في النوبة القديمة

باب إلى النوبة التي كانت، مع نظرة طويلة من أجل العودة.

***

  • من أعماق التاريخ في النوبة: في مغارات جبل كورسكو نقوش صورها إنسان العصور الحجرية، ربما تعود إلى ما قبل ثمانية آلاف سنة مضت، الصورة العليا رسم لنوع من البقر الوحشي، وحيوانات أخرى انقرضت بعد التغير المناخي إلى ظروف الجفاف منذ نحو خمسة آلاف سنة، الصورة السفلى من مغارة على السفح الشرقي للجبل المطل على خور عويس، وهي لقارب مصري الطابع، ربما رسمه سكان المنطقة بعد اتصالهم مع مصر الذي استمر دون انقطاع للآن.

  • بوابة كلابشة: يسير النيل لمسافة نحو خمسة كيلومترات في مجرى شديد التعرج بين الصخور الجرانيتية العالية الجرداء، وينتاب المجرى الضيق بعض الانفراجات كالتي تظهر في الصورة. وفي الجزء الجنوبي من البوابة كتلة صخرية غاطسة، يسميها البحارة حجر السلامة، يقرءون قبلها الفاتحة وآيات أخرى تيمنًا بسلامة العبور.

  • على عكس تباعد الجبال على الجانب الغربي، نجد جبال شاترمة والسنجاري تمتد بلا انقطاع على النهر مباشرة، ولا تترك سهلًا كالذي نراه في مقدمة الصورة السفلى يستغله أهل المالكي في الزراعة ورعي الحيوانات صيفًا (سبتمبر ١٩٦٢م).

  • بانوراما لكورسكو غرب (يناير ١٩٦٣م): النهر عريض تنعكس على صفحته الساكنة ألوان البيئة الطبيعية والبشرية نتيجة ارتفاع مياه خزان أسوان، والنجوع أصبحت قريبة من النهر، مع كثير من الأشجار التي لا يظهر منها إلا رءوسها. الرمال الحمراء تغطي مساحة كبيرة صاعدة إلى كتل الجبال البعيدة مكونة حافة المعمور وقفر الفلاة.

  • منظر عام لعمدية المالكي (سبتمبر ١٩٦٢م)، يوضح أنواع الأراضي في النوبة القديمة: شريط طويل من الزراعة الشاطئية تقع وراءه منطقة غير مستغلة، تنمو فيها أشجار السنط والأعشاب الطبيعية، ثم نجوع المالكي ومنازلهم على مرتفع واضح تمتد خلفه مسطحات من الرمال، ثم حافة الهضبة قطعتها سيول الأزمنة القديمة إلى كتل جبلية متفاوتة الارتفاع حسب صلابة الصخور.

  • جبل كورسكو بشكله المخروطي أحد معالم الطريق الملاحي؛ ففي نواحيه يقلب النهر مساره في قوس كبير. نجوع كورسكو شرق تقبع تحت سفح الجبل، وعلى القمة طابية صغيرة، أقامها الجيش في ثمانينيات القرن ١٩ لرصد حركة دراويش المهدية.

  • ثنية النيل عند كورسكو، ومصب وادي كورسكو (يناير ٦٣) بحيرة خزان أسوان على أعلى مناسيبها، فتوغلت المياه في الجزء الأدنى من مصب الوادي الذي يسمى محليًّا فم خور العطمور، الصورة من قمة جبل كورسكو ناظرًا في اتجاه الغرب، وإلى أسفل نجوع كورسكو شرق، وتبين رءوس الأشجار الغارقة اتساع الأرض التي يغطيها مياه الخزان.

  • السبوع غرب: بعد أن غادرت باخرة البوستة المحطة النهرية أخذ الناس يتفرقون. السيدات في ملابسهن السود يبتعدن في طريقهن للنجع غالبًا لأداء واجب العزاء. بعض الرجال أمام أمتعتهم، ثم مجموعة التفَّت لتحية القادم وتقديم العزاء، ومركب شراعي جلب مجموعة معزين من قرية قريبة، لاحظ الكثيب الرملي غطى الحافة الصخرية ونزل حتى ضفة النهر (يناير ٦٣).

  • صخور إبريم العالية التي تقع في سفحها معابد فرعونية صغيرة منحوتة، وقلعة أغا إبريم، ولإبريم شهرة تاريخية في العصور الفرعونية والمسيحية والعثمانية، وباسمها نوع من التمور الجيدة. على الضفة الغربية خليج صغير رسونا فيه بقاربنا الصغير «لندا» أثناء الرحلة جنوبًا إلى توشكى، وجنوب الشجرة الوارفة بنحو كيلومتر. كانت عنيبة مركز النوبة قبل الهجرة.

سكان النوبة

يتكون سكان النوبة من مجتمعات متعددة مختلفة اللغة، لابس تاريخها اختلاط بمجموعات وسلالات بشرية مختلفة على مر آلاف السنين، ونجم عن ذلك أنماط متعددة من الناس لكل بعض مواصفات مختلفة. والجماعات التي كان لها الدور الفعَّال في التشكيل السلالي لسكان النوبة هم من السلالة الشرقية؛ أي الحاميون الشرقيين، الذين نعتبرهم أساس السكان، تداخل فيهم مجموعات زنجية من الجنوب في صورة ضغوط قاومها فراعنة مصر زمنًا طويلًا، لكنهم تداخلوا بعد ذلك في صورة الرقيق الذين كان يقتنيهم أغنياء النوبة وحكامها في عصور مختلفة، وقد أثروا سلاليًّا على مستوى الأفراد نتيجة التزاوج المستمر في مناطق النوبة المختلفة، والمجموعة الأخيرة التي ساهمت في تشكيل النوبيين هم قبائل عربية مشرقية ومغربية في القرون ١٠–١٤م، وأفراد من جنود الدولة العثمانية من الأناضول والبلقان ابتداءً من القرن ١٧م، لهذا يختلف السكان على مستوى الأفراد في النجوع النوبية، وإن كانت بعض السمات العربية تظهر عند الكنوز وسمات البشناق — البوسنة — ظاهرة عند النوبيين، إضافة إلى استقرار عرب العليقات في وسط النوبة، وعدد آخر من عشائر قبيلة العبابدة التي تسكن الصحراء الجنوبية الشرقية المصرية، وقد أصبحت اختلافات اللغة هي العامل المميز بين الكنوز والنوبيين والعليقات.

  • صورة أُخذت في القاهرة في أول الخمسينيات لشخصين من الكنوز «عيسى ومرسي» يتوسطهما شخص من النوبيين سكان أبو حنضل أو الديوان «جمال»، ويظهر الاختلاف واضحًا في قسمات الوجه وتكوين الرأس، وربما كانت هناك مؤثرات البشناق «كشاف» عند جمال، وتظهر مثل هذه المؤثرات عند بعض النوبيين.

  • يحتل عرب العليقات أوطانًا بين الكنوز والنوبيين واستقروا هناك منذ بضع قرون، الصورة تمثل الأستاذ محمد هلالي (إلى اليمين) ناظر مدرسة السنجاري، وعوض أفندي الموظف السابق في السودان، في بيت الأخير في نجع الحمداب بعمدية المالكي.

  • الشيخ مختار هاشم من تجار نجع أباشاب عمدية توشكى يظهر على ملامحه الكثير من تأثير البشناق «الكشاف» من حيث حجم الجسم والرأس والتركيب العظمي العريض للجسم، ولون البشرة الأفتح قليلًا عن غيره من النوبيين.

  • حسن عبد البخيت من عبابدة سيالة، لكنه نموذج جيد لسلالة بقايا الرقيق أتباع العبابدة في وقت مضى، حسن كان يعمل في شبابه في صياغة المشغولات الذهبية والفضية.

  • عمدة العبابدة في سيالة شاذلي حسين منشتح، عائلة منشتح كان مقرها الرئيسي في ضواحي الأقصر، ومن ثم كانت هناك زيجات مع أهل الصعيد، وتظهر المؤثرات عند السيد شاذلي بجلاء بحيث لا يكاد يفترق عن أبناء الصعيد.

  • سيدة من العليقات ذات الأصول العربية في كورسكو وإلى جوارها سيدة كبيرة السن من أصول مختلطة ببقايا الرقيق، الملاحظ الفرق الكبير في لون البشرة وتقاطيع الوجه، وإن كانت الاثنتان تنتميان إلى نفس المجموعة الثقافية.

  • سيدات نوبيات من توشكى غرب، لاحظ الثوب الأسود وأشكال من المصاغ الذهبي على الرأس والصدر.

  • تصفيف الشعر وصبغه بالحناء، كورسكو.

أنماط السكن النوبية

في شمال ووسط النوبة تقترب حافات الهضبة المقطعة بواسطة الأودية إلى ما يشبه السلاسل الجبلية من حافة النهر تاركة جيوبًا صغيرة من السهول التي يمكن زراعتها، لذلك يبني الكنوز والعليقات بيوتهم على المنحدرات الجبلية؛ توفيرًا للأرض التي يمكن أن تُزرع، أما في إقليم النوبيين في الجنوب فإن الحافة الصخرية تتراجع تاركة سهولًا جيدة، ولهذا فإن قرى النوبيين غالبًا تُبنى على مسطحات سهلية.

وتوضح الصورة أحد النجوع في أقصى شمال النوبة وقد بنى السكان بيوتهم على المنحدرات في البر والجزيرة الصخرية المجاورة، وحين ينخفض منسوب الخزان تظهر بعض الأراضي التي يمكن زراعتها — الصورة في يناير ١٩٦٢م.

  • نجع البوستة في عمدية قرشة حيث تؤدي الوعورة إلى بناء البيوت على مستويات متعددة حسب تواجد مساحات مسطحة تصلح لبناء البيت.

  • مساكن أحد نجوع عمدية مرواو توضح البيئة الصخرية الجرداء الوعرة التي عاش عليها السكان وبنوا فوقها بيوتهم، وهذه البيوت تندمج مع المظهر الطبيعي بصورة خلقها الحس والذوق المعماري التلقائي يحسدهم عليه مهندسو المعمار المعاصرون، وأضاف البناء النوبي من روائعه تلك المشربيات الجصية البسيطة الشكل في أعلى واجهة البيت ودهن الجدران بالجير الأبيض؛ لكي يبرز للرائي أن ها هنا إنسان!

  • بيوت نجع أباشاب بعمدية توشكى مبنية على أرض سهلية رملية، والبيوت كما نرى منتظمة المعمار متصلة ببعضها، وقد سمح هذا الانبساط الأرضي بامتداد البيوت في صفوف متوازية تفصلها شوارع عريضة، مما يعطي انطباعًا بالسكن المركز غير المبعثر عكس ما كنا نراه في النوبة الشمالية.

  • صف من البيوت صغيرة الحجم في نجع قناوي بعمدية أمبركاب، وفوق كل باب ثلاثة صحون بيضاء ربما كانت وظيفتها منع الحسد، والبيوت غير مطلية الجدران وغير مزينة بأية رسوم أو أشكال.

  • بوابة ضخمة في نجع قناوي توضح فن الرسم التلقائي لدى الفن النوبي، والفنان غالبًا سيدات موهوبات.

  • بوابة وسور منزل عوض أفندي في نجع الحمداب بعمدية المالكي، توضح صلادة المبنى ووقعه على المشاهد كأنه حصن متين، وبطبيعة الحال ليس كل شخص بقادر على مثل هذا البناء المكلف، لكن وجوده يعبر عن أحاسيس وفروق فردية.

مضايف النوبة

تختلف مضايف النوبة في الحجم والتأثيث وخامة البناء والشكل المعماري، لكنها تتفق في وظيفتها في استضافة الرجال سواء كانوا من خارج النجع أو النوبة، وتتكون غالبية المضايف من قسمين: الأول غرفة، والثاني متسع سماوي — تراس — محدد بسور خفيض أمام الغرفة، ويجلس الناس في هذا القسم أو ذاك حسب المواسم، فالغرفة لأيام القيظ في النهار وليالي الشتاء الباردة، والتراس السماوي لأيام الشتاء المشمسة وليالي الصيف، والمضيفة هي بحق نادي الرجال، لكنها أيضًا مدرسة التنشئة الأولى للصغار؛ يسمعون أخبار الأجداد وتجاربهم الحياتية في المهجر وتصرفهم إزاء مواقف معينة.

  • مضيفة الشيخ عثمان يونس في نجع العلياب في قرشة، السقف الأسطواني وإلى اليسار مزيرة تحت سقف قبابي.

  • مضيفة عمدة العبابدة في سيالة شاذلي حسين منشتح. لوجود المضيفة على مرتفع فإن الدرج قد زاد في مهابتها، وتتكون المضيفة من القسمين السابق ذكرهما، ويضاف إليهما قسم ثالث بين الغرفة والتراس السماوي، عبارة عن سقيفة قائمة على أعمدة مما يساعد على الجلوس فيها مستمتعًا بالظل ونسمات الهواء معًا. إلى الخلف بيت العمدة وهو من أكبر البيوت التي شاهدناها في النوبة — ربما أكثر من نصف فدان لكن معظم المساحة حوش سماوي ضخم حسب الخطة المعتادة — وإلى اليمين بناء خاص بالمزيرة، وفي يسار مقدم الصورة تحويطة بسور منخفض، تستخدم مناخًا للجمال حين كانت الإبل مهمة للعبابدة حتى أوائل القرن الحالي.

  • نجع الحمداب بعمدية المالكي: مضيفة بيت عوض أفندي مبنية على حافة عالية يقول إنها أعلى من منسوب ١٨٠ مترًا؛ أي ستظل عالية فوق مياه بحيرة ناصر إذا قاوم البناء ضغوط المياه. لاحظ السقيفة المحمولة على أعمدة بسيطة، لكنها تعطي انسجامًا معماريًّا فائق الجمال، أما المنزل فيقع خلف المضيفة، وكذلك المحل التجاري الذي يملكه عوض أفندي بعد أن تقاعد من عمله الطويل في حكومة السودان.

في داخل البيوت

في حوش أحد البيوت في شمال النوبة د. كوثر مع النساء في حديث عن الحياة والمجتمع. المصاطب شيء أساسي ويحل محل الكراسي النادرة الوجود. الرسم بألوان عديدة قوية على خلفية الجدران طميية اللون.

  • تفصيل لموضوعات الرسوم الجدارية من الصورة السابقة.

المقابر

  • figure
    figure

تنتشر المقابر على مسطحات كبيرة في الأراضي غير القابلة للسكن أو الزراعة، والقبر هو غالبًا لحْد لا يزيد عمقه عن نحو المتر، وطوله وعرضه على قدر الجسد، ثم تغطى بحجارة مسطحة. عند بعض الكنوز تبنى مصطبة حجرية غالبًا من درجتين فوق القبر مع شاهدين حجريين — الحجارة متوفرة ببلاد الكنوز — وعند النوبيين يهال الرمل والثرى فوق اللحد؛ بحيث يكون ظاهرًا فوق سطح الأرض، ثم يُوضع شاهدان من الحجر عند رأس ونهاية اللحد، كما تُوضع زبدية — إناء فخاري — يشطف جزء من حافتها — كما لو كانت قد انتهت حياتها العملية مع وفاة الشخص — ويسكب فيها قليل من الماء. والقليل يقيمون بناية فوق اللحد على نحو مقابر القاهرة له شاهد مرتفع عند الرأس. وتوضح الصورة جبانة في توشكى غرب، وفي أعلى يسار الصورة ضريح أبيض عالٍ عن بقية القبور، وبالمناسبة فإن توشكى غرب كانت ميدانًا للمعركة التي هَزم فيها الجيش المصري جيش دراويش المهدية، بقيادة «ود النجومي» أحد أبطالهم عام ١٨٨٩م، وكان هناك نصب تذكاري للمعركة.

النشاط الاقتصادي

تحتل الزراعة المرتبة الأولى في الأنشطة التي يمارسها سكان بلاد النوبة، وبالرغم من التغيير الجذري الذي أحدثه إنشاء سد أسوان في أوائل القرن، إلا أن الزراعة بقيت تقليدًا متبعًا ورمزًا للحياة.

  • صورة أخذت من مضيفة عوض أفندي في عمدية المالكي في سبتمبر ١٩٦٢م، توضح السهل الفيضي المزروع أسفل الحافات الصخرية التي بُنيت عليها بيوت النجوع، ويبدو النيل في أعلى يمين الصورة يليه الحافة الشرقية للمنطقة.

  • صورة أخذت من نفس مكان الصورة السابقة، ولكن في يناير ١٩٦٣، حيث طغت مياه بحيرة الخزان على كل الأرض السهلية، ووصلت حتى الحافة الصخرية، فأغرقت الكثير من الأشجار عدا رءوسها.

  • الحقول الواسعة التي ميزت مناطق جنوب النوبة تمثله هذه الصورة في منطقة توشكى غرب (سبتمبر ١٩٦٢م)، من لا يعرف أين هذا المكان يظن أنه في الصعيد الأعلى: الترعة والطريق الترابي والغنى النباتي والامتداد المنبسط وحافة الهضبة في الأفق.

  • خور مليء بماء النهر في الدر، عمل الناس جسورًا حجرية وزرعوا ما وراءها بعناية؛ حيث إنها مساحات صغيرة، والواقع أن سهل الدر-الديوان خصب وغني؛ ومن ثم اختاره الكشاف قاعدة لحكمهم قرونًا طويلة. الصورة السفلى لإحدى مزارع الشتاء في كورسكو أمام مصب وادي كورسكو، الصورتان في الشتاء حين تكون مياه الخزان عالية، مما يسهل زراعة هذه الأرصفة الصغيرة وريها بالشادوف في حالة هبوط منسوب النهر.

  • قوارب الصيادين من أبناء الصعيد في مياه كورسكو في الشتاء، بعض الصيادين يصطحبون زوجاتهم للمساعدة في السماكة: إعداد الشباك وخيوط الصيد وإعداد السمك المصطاد في الأوعية وتمليحه … إلخ؛ ذلك لأنهم قد يمكثون شهورًا بطولها في النوبة. الصورة السفلى لمركب الشراع التي هي المركب الأم بالنسبة لمجموعة من قوارب السماكة، وهي التي تمونهم بالملح وتجمع صفائح الملوحة، وفوق هذا تعطيهم مؤنًا غذائية ومالية.

  • ماعز وخراف ترعى في سهل سيالة الفيضي في سبتمبر ١٩٦٢م.

  • قطع من إبل البادية من عبابدة العشاباب ترعى في جيب سهلي صغير أسفل الحافة الجبلية العالية في أبو هور خلال الصيف وذلك بموافقة السكان، والغالب أن نفس المجموعة تعود كل صيف إلى المنطقة ذاتها نظير بعض الخدمات للأهالي.

  • يقوم الصعايدة بعمل الفحم النباتي — فضلًا عن احتكارهم السماكة ومساعدتهم في زراعة النقر — وتوضح الصورة الفحم بعد أن اكتمل صنعه من أخشاب من السنطيات، يلاحظ أن الطرف النحيف في مهب الريح والطرف السميك في المنصرف؛ لكي تتقد جذوة النار ببطء تحت غطاء من التراب، (مصمص سبتمبر ١٩٦٢م).

  • الفحم معبأ في أجولة معد للشحن في مرسى كورسكو شرق (يناير ١٩٦٣م).

النقل وخدمات التجارة الصغيرة

أيسر طرق الانتقال في النوبة هو بواسطة النهر الذي هو بحق الطريق الرئيسي الذي يلم شمل البلاد جميعًا، ولهذا قلما تخلو عمدية من وجود قارب أو أكثر يتفاوت حجمه بين الصغير الذي لا يتسع لأكثر من خمسة أفراد إلى الفلوكة الكبيرة التي تسع عشرات الناس، ويتفق جميع أشكال القوارب في وجود الشراع للاستفادة من طاقة الريح في الرحلة جنوبًا ضد التيار القوي أثناء الفيضان، أو لسرعة الانتقال فوق سطح بحيرة الخزان شتاءً، وذلك عدا قوارب المجداف التي تتحرك مسافات صغيرة عبر النهر.

  • الصورة العليا لقارب مجداف ينقل الناس بين كورسكو شرق وغرب، والصورة السفلى فلوكة كبيرة لنقل الأشخاص والمؤن من مكان لآخر.

  • «البوستة» الباخرة الأسبوعية التي تمر على كل بلاد النوبة من محطة الشلال جنوب سد أسوان إلى حلفا، وبالعكس، ويربط بالباخرة صندلان من يمين ويسار لنقل البضائع والحيوانات وركاب الدرجة الثالثة، وقد كانت في الواقع هي روح النوبة، وعند رسو البوستة في أي مرسى.

الأفراح والمناسبات الجماعية

الزواج هو واحد من أكثر المناسبات مرحًا وسرورًا، ليس فقط لعائلتي العرسان، ولكن لكل النجع والمعارف من نجوع وعمديات أخرى، تستمر ليالي الأفراح أسبوعًا: مَغْنى وطَرَبْ وذبائح وطعام وفير، وطقوس مختلفة: كالخطبة والحنة والعقد والدخلة، وما بعدها من طقوس أخرى. وغالب الزيجات تقع في الصيف؛ حيث جو الحياة أكثر حيوية من رتابة الشتاء، وحيث يمكن للعريس وبعض الرجال الغائبين أن يحصلوا على إجازة السنة، ولهذا تدوي جنبات النوبة بإيقاع الطبول خلال الصيف.

  • يتشابه سكان النوبة في كثير من إجراءات الزواج وأفراحها، والصورة تبين العريس بين يدي حلاق القرية بصحبة عدد من أصدقائه، وتتم الحلاقة والتزيين في ميدان عام في النجع، وتأخذ وقتًا طويلًا — نحو ساعتين — وذلك لأن هذه هي المناسبة التي يقدم فيها الناس «نقوط» الفرح، وتسجل قيمة النقوط وصاحبها في دفتر خاص يُحتفظ به لرد نقوط مشابه عند أفراح الآخرين. (كورسكو فبراير ١٩٦٣م)

  • الزينة والحلي الكثيرة للرأس والأنف والأذن والرقبة تظهر في حفلات الزواج في النوبة، الصورة في كورسكو.

  • بعض حلي النساء (كورسكو) (الصورة على اليسار): من أعلى إلى أسفل (ولمزيد من وظيفة كل منها انظر الصورة السابقة) «رصَّة» أو «شيالة» توضع على الرأس؛ جزء من الشيالة يشبك عند المفرق؛ «سَعفة»: عقد يربط في أعلى الرقبة؛ «شَف»: (جنيهات ذهبية أو ما يشبه ذلك)؛ «نقَّار»: عقد مع أقراص ذهبية؛ خواتم.

    حلي النساء (كورسكو) (الصورة على اليمين) من أعلى إلى أسفل: «بِيبق»: عقد من الخرز والذهب [نظام قديم]؛ «حسناني» (ربما حنَّاني): عقد من خيوط وأقماع فضية وسلاسل وخرز … إلخ.

  • رقصة جماعية للنساء في حفل زواج في توشكى غرب، وقد وقف المغني يحمس الراقصات إلى أن ينتهي عازفو الدفوف من تسخين وشد الدفوف.

  • ختام حفل الزواج: حين يدخل العريس لأول مرة غرفة العرس يكون حاملًا الكرباج وسكينًا أو سيفًا كَرُمُوزٍ لحمل الزوجة على الطاعة، وفي قول آخر لإبعاد الأرواح الشريرة والشياطين، مع قراءة من آي الذكر الحكيم تيمنًا بزواج سعيد.

  • مولد الشيخ عبد الله أبو يوسف في العلاقي: الضريح كبير نسبيَّا، وإلى جواره مضيفة مظللة، وناس كثيرون من الجنسين يردون المولد من أماكن وعمديات بعيدة، مولد الشيخ يبدأ في منتصف شهر شعبان وينتهي في آخره، الموالد وسيلة من الترابط والتعارف والتساند خاصة بين الكنوز.

  • في مولد «أم رايد» في سيالة التي يقولون عنها إنها جدة الكنوز، لاحظ كثرة الدفوف، وانفصال النساء خلف الرجال.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤