في الدولة العباسية

فلما ذالت الدولة الأموية (من سنة ٤٠–١٣٢ﻫ) وصرف الله الملك إلى الدولة العباسية، كان أول من عني منهم بالعلوم الخليفة الثاني أبو جعفر المنصور (حكم من سنة ١٣٦ إلى ١٥٨ﻫ) وكان في أيامه البطريق المترجم، فأمره بنقل أشياء من الكتب القديمة؛ وله نقل كثير جيد إلا أنه دون نقل حنين بن إسحاق، قال ابن أبي أصيبعة (ص٢٠٥ أول): وقد وجدت بنقله كتبًا كثيرة في الطب من كتب أبقراط وجالينوس.

وفي زمن هارون الرشيد، كان من الأطباء المترجمين، أبو زكريا يوحنا بن ماسويه، كان طبيبًا ذكيًّا فاضلًا، خبيرًا بصناعة الطب، وله تصانيف مشهورة، وكان يوحنا بن ماسويه مسيحي المذهب، سريانيًا قلده الرشيد ترجمة الكتب القديمة، مما وجده بأنقرة وعمورية، وسائر بلاد الروم، ووضعه أمينًا على الترجمة، وخدم يوحنا بن ماسويه الخلفاء من لدن هارون الرشيد إلى أيام المتوكل (أي خدم الأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل). وتوفي بسر من رأى يوم الاثنين لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ٢٤٣ﻫ في خلافة المتوكل، وله من الكتب كتاب في تركيب الأدوية المسهلة وإصلاحها De L’emploi el de La correction des medicaments purgatifs. (منه نسخة في أكسفورد).

فلما أفضيت الخلافة إلى الخليفة السابع المأمون بن هارون الرشيد، تمم المأمون ما بدأ به جده المنصور، فأقبل على طلب العلم من مواضعه، واستخرجه من معادنه، فداخل ملوك الروم، وسألهم صلته بما لديهم من كتب العلم، فبعثوا إليه بما حضرهم من كتب أفلاطون، وأرسطاطاليس، وأبقراط، وجالينوس، وغيرهم، واستجاد لها مهرة التراجمة فترجمت له على غاية ما أمكن من الإحكام، فقامت دولة الحكمة في عصره، وتنافس أولو النباهة في العلوم، لما كانوا يرون من إخصائه لمنتحليها، واختصاصه لمتقلديها، فكانوا ينالون عنده المنازل الرفيعة، والإنعامات الوفيرة فأتقن جماعة من ذوي الفنون كثيرًا من علومهم، وسنوا منهاج الطب، وعنوا بالنبات والأدوية المفردة.

وإنا لذاكرون من عرف في الدولة العباسية بمعرفة النبات وألف فيه وفي المفردات الطبية.

فممن اشتهر بنقل كتب النبات إلى العربية، إصطفن بن بسيل Etienne fils de Basil كان يقارب حنين بن إسحاق في النقل، إلا أن عبارة حنين أفصح، وأحلى؛ نقل كتاب الأدوية المستعملة لأوريباسيوس de Medicamentis usitatis liber ونقل إصطفن بن بسيل كتاب الحشائش لديوسقوريدس من اللسان اليوناني إلى العربي، في عصر المتوكل على الله، في أواسط القرن التاسع الميلادي، ثم نقل ثانية في القرن التالي في إسبانيا، كما سنبينه بعد. ولم يستوف إصطفن الأسماء العربية كلها لعدم معرفته ما يقابل اليونانية منها، وآمل أن يتم من يأتي بعده الفراغ الذي تركه، وأصلحه حنين بن إسحاق، ويسمى أيضًا كتاب ديوسقوريدس العين زرني في هيولي علاج الطب ويسمى كتاب الأدوية المفردة Dioscoridis de simplicibus.

(١) كتاب الحشائش أو هيولي علاج الطب أو كتاب الأدوية المفردة لديوسقوريدس العين زربي

كان اهتمام العرب بكتاب ديوسقوريدس في الحشائش والأدوية المفردة، أكثر من اهتمامهم بكتاب آخر من كتب النبات، فقد عنوا به عناية كبرى، فنقلوه من اللغة اليونانية إلى العربية مرتين في بغداد (دار السلام) المرة الأولى، ثم في الأندلس في المرة الثانية، وقد كان هذا الكتاب معين العرب في العقاقير في مادته، نقل عنه كل من أتى منهم بعد ترجمته، ثم زادوا عليه بعد ذلك بقدر ما وصل إليه علمهم.

قال جمال الدين بن القفطي (ص٨٣): ديوسقوريدس العين زربي، حكيم فاضل كامل، من أهل مدينة عين زرب شآمى، يوناني حشائشي، كان بعد بقراط، وفسر من كتبه كثيرًا، وهو أعلم من تكلم في أصل علاج الطب، وهو العلامة في العقاقير المفردة، وتكلم فيها على سبيل التجنيس، والتنويع، ولم يتكلم في الدرجات، وألف كتاب الخمس مقالات، وقال جالينوس: تصفحت أربعة عشر مصحفًا في الأدوية المفردة لأقوام شتى فما رأيت فيها أتم من كتاب ديوسقوريدس، وعليه احتذى كل من أتى بعده وخلد منها معنى نافعًا وعلمًا جمًّا. ومعنى اسمه في اليونانية شجّار الله، أي ملهم الله على القول في الأشجار والحشائش، وله في السمائم كتابان مقالتان أتى فيهما بقول حسن، وكان ديوسقوريدس هذا يقال له: السائح في البلاد، ويحيى النحوي الإسكندراني يمدحه في كتابه في التاريخ، ويقول: تفديه الأنفس صاحب النفس الذكية النافع للناس المنفعة الجلية المتعوب المنصوب، السائح في البلاد المقتبس لعلوم الأدوية المفردة من البراري والجزائر والبحار والمصور لها، المجرب، المعدد لمنافعها قبل المسألة عن أفاعيلها حتى إذا صحت عنده بالتجربة فوجدها قد خرجت بالمسألة غير مختلفة عن التجربة أثبت ذلك وصوره من مثله وهو رأس كل داء مفرد، وعنه أخذ جميع من جاء بعده، ومنه ثقفوا على سائر ما يحتاجون إليه من الأدوية المفردة، وطوبى لتلك النفس الطيبة التي قد شقيت بالتعب من محبتها لإيصال الخيرات إلى الناس كلهم، قال حنين بن إسحاق: إن ديوسقوريدس كان اسمه عند قومه أزداش نباديش؟ ومعناه بلغتهم (الخارج عنها)، قال حنين: وذلك أنه كان معتزلًا عن قومه متعلقًا بالجبال ومواضع النبات مقيمًا بها في كل الأزمنة لا يدخل إلى قومه في طاعة ولا مشورة ولا حكم، فلما كان ذلك سماه قومه بهذا الاسم، ومما يؤيد أن ديوسقوريدس كان متنقلًا في البلدان لمعرفة الحشائش والنظر إليها، وفي منابتها قوله في صدر كتابه يخاطب الذي ألف الكتاب له: وأما نحن فإنه كانت لنا كما علمت في الصغر شهوة لا تقدر في معرفة هيولا العلاج، وجولنا في ذلك بلدانًا كثيرة، وكان دهرنا كما قد علمت دهر من ليس له مقام في موضع واحد.

(وكتاب ديسقوريدس هذا خمس مقالات، ويوجد متصلًا به أيضًا مقالتان في سموم الحيوان تنسب إليه، وإنهما سادسة وسابعة.

وهذا ذكر أغراض مقالات كتاب ديسقوريدس:
  • المقالة الأولى: تشتمل على ذكر أدوية عطرية الرائحة، وأفاويه وأدهان وصموغ وأشجار كبار.
  • المقالة الثانية: تشتمل على ذكر الحيوان ورطوبات الحيوان، والحبوب والقطاني والبقول المأكولة والبقول الحريفة وأدوية حريفة.
  • المقالة الثالثة: تشتمل على ذكر أصول النبات، وعلى نبات شوكي، وعلى بزور وصموغ، وعلى حشائش بأزهرية.
  • المقالة الرابعة: تشتمل على ذكر أدوية أكثرها حشائش باردة وعلى حشائش حارة مسهلة ومقيئة، وعلى حشائش نافعة من السموم.
  • المقالة الخامسة: تشتمل على ذكر الكرم، وعلى أنواع الأشربة، وعلى الأدوية المعدنية)

ويقال: إن المقالتين المضافتين إلى الخمس مقالات نحلتا إليه.

قال ابن أصيبعة (٤٦ ثاني): إن ابن جلجل أبو داود سليمان بن حسان قد فسر أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس العين زربي، وأفصح عن مكنونها، وأوضح مستغلق مضمونها وهو يقول (أي ابن جلجل) في أول كتابه هذا:

إن كتاب ديسقوريدس ترجم بمدينة السلام (بغداد) في الدولة العباسية في أيام الخليفة جعفر المتوكل، وكان المترجم له إصطفن بن بسيل، الترجمان من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي وتصفح ذلك حنين بن إسحاق المترجم، فصحح الترجمة، وأجازها فما علم إصطفن من تلك الأسماء اليونانية في وقته له اسمًا في اللسان العربي فسره بالعربية، وما لم يعلم له في اللسان العربي اسمًا، تركه في الكتاب على اسمه اليوناني اتكالًا منه على أن يبعث الله بعده من يعرف ذلك ويفسره باللسان العربي، إذ التسمية لا تكون بالتواطؤ من أهل كل بلد على أعيان الأدوية بما رأوا وأن يسمعوا ذلك إما باشتقاق وإما بغير ذلك، من تواطئهم على التسمية، فاتكل إصطفن على شخوص يأتون بعده ممن قد عرف أعيان الأدوية التي لم يعرف لها اسمًا في وقته، فيسميها على قدر ما سمع في ذلك الوقت، فيخرج إلى المعرفة.

قال ابن جلجل: وورد هذا الكتاب إلى الأندلس وهو على ترجمة إصطفن، منه ما عرف له اسمًا بالعربية، ومنه ما لم يعرف له اسمًا فانتفع الناس بالمعروف منه بالمشرق وبالأندلس إلى أيام الناصر عبد الرحمن (الثالث) ابن محمد وهو يومئذ صاحب الأندلس، فكاتبه أرمانوس Romanus ملك قسطنطينية في سنة ٣٣٧ﻫ/٩٤٨م، وهاداه بهدايا لها قدر عظيم، فكان في جملة هديته كتاب ديسقوريدس مصور الحشائش بالتصوير الرومي العجيب.
وكان الكتاب مكتوبًا بالإغريقي الذي هو اليوناني وبعث معه كتاب هروسيوس (Orose) Orosius صاحب القصص، وهو تاريخ عجيب للروم، فيه أخبار الدهور، وقصص الملوك الأول، وفوائد عظيمة، وكتب أرمانوس في كتابه إلى الناصر: إن كتاب ديسقوريدس لا تجتني فائدته إلا برجل يحسن العبارة باللسان اليوناني، ويعرف أشخاص تلك الأدوية، فإن كان في بلدك من يحسن ذلك فزت أيها الملك بفائدة الكتاب، أما كتاب هروسيوس فعندك في بلدك اللطينيين من يقرأ باللسان اللاطيني، وإن كشفتهم عنه نقلوه لك من اللاطيني إلى اللسان العربي. قال ابن جلجل: ولم يكن يومئذ بقرطبة من نصارى الأندلس من يقرأ باللسان الإغريقي الذي هو اليوناني القديم، فبقي كتاب ديسقوريدس في خزانة عبد الرحمن الناصر باللسان الإغريقي، ولم يترجم إلى اللسان العربي، وبقي الكتاب بالأندلس، والذي بين أيدي الناس بترجمة إصطفن الواردة من مدينة السلام ببغداد.
فلما جاوب الناصر أرمانيوس الملك سأله أن يبعث إليه برجل يتكلم الإغريقي واللاطيني ليعلم له عبيدًا يكونون مترجمين، فبعث أرمانيوس الملك إلى الناصر براهب كان يسمى نيقولا Nicola فوصل إلى قرطبة سنة ٣٤٠ﻫ/٩٥١م، وكان يومئذ بقرطبة من الأطباء قوم لهم بحث وتفتيش وحرص على استخراج ما جهل من أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس إلى العربية، وكان أبحثهم وأحرصهم على ذلك من جهة التقرب إلى الملك عبد الرحمن الناصر حسداي بن شبروط الإسرائيلي Chasdai ibn Schaprut lsraili (توفي سنة ٩٧٠م). وكان نيقولا الراهب عنده أحظى الناس وأخصهم به، وفسر من أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس ما كان مجهولًا، وهو أول من عمل بقرطبة ترياق الفاروق، وكان في ذلك الوقت من الأطباء الباحثين عن تصحيح أسماء عقاقير الكتاب وتعيين أشخاصه محمد المعروف بالشجار، ورجل كان يعرف بالبسباسي، وأبو عثمان الحزاز الملقب باليابسة، ومحمد بن سعيد الطبيب، وعبد الرحمن بن إسحاق بن هيثم، وأبو عبد الله الصقلي، وكان يتكلم باليونانية ويعرف أشخاص الأدوية.

قال ابن جلجل: وكان هؤلاء النفر كلهم في زمان واحد مع نقولا الراهب، أدركتهم وأدركت نقولا الراهب في أيام المستنصر وصحبتهم في أيام الحكم، وفي صدر دولته مات نقولا الراهب، فصح ببحث هؤلاء النفر الباحثين عن أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس تصحيح الوقوف على أشخاصها بمدينة قرطبة خاصة بناحية الأندلس، ما أزال الشك فيها عن القلوب، وأوجب المعرفة بها بالوقوف على أشخاصها، وتصحيح النطق بأسمائها بلا تصحيف إلا القليل منها الذي لا بال به ولا خطر له، وذلك يكون في مثل عشرة أدوية.

قال: وكان لي في معرفة تصحيح «هيولا الطب» الذي هو أصل الأدوية المركبة حرص شديد وبحث عظيم، حتى وهبني الله من ذلك بفضله بقدر ما أطلع عليه من نيتي، في إحياء ما خفت أن يدرس، وتذهب متعته لأبدان الناس.

(١-١) نسخ الكتاب المخطوطة

وقد اطلعت على نسخة من كتاب الحشائش ﻟ (ديسقوريدس) منقولة بالتصوير الشمسي عن نسخة بمكاتب الآستانة، ومحفوظة بدار الكتب الملكية بالقاهرة تحت رقم (١٠٢٩طب) ومكتوب عليها في الصفحة الأولى كتاب الحشائش في الطب ﻟ (ديسقوريدس العين زربى)، وفي الصفحة التالية كتاب ديسقوريدس العين زربى في هيولي علاج الطب، نقل إصطفن بن بسيل وإصلاح حنين بن إسحاق، وهي خمس مقالات مصورة برسوم النبات، وليس يوجد عليها تاريخ، وهي تقع في ٣٧٢ صفحة، وخطها واضح إلا أنها قليلة الإعجام، وكثيرة الأغلاط.

ونسخة أخرى مأخوذة بالتصوير الشمسي عن نسخة في مكاتب الآستانة ومحفوظة بدار الكتب الملكية تحت رقم (١٠٢٩ طب) وهي مصورة كذلك، وهي بالجملة كالنسخة السابقة من حيث الخط، إلا أنها تنقصها المقالة الأولى برمتها وبعض أوراق أي صحائف من المقالات الأربع الأخر، والمقالات مختلفة الترتيب، أعني أن المقالة الخامسة معدودة السابعة ومكتوب في آخرها ما يأتي:

أنهاه نسخًا عبد الله بن الفضل سبط الأعز حامدًا لله، ومصليًا على رسوله ، وذلك في شهر رجب المبارك من سنة إحدى وعشرين وستمائة (سنة ٦٢١ﻫ) وحسبنا الله. ا.ﻫ.

وبعد هذه المقالة رسالة أخرى عنوانها: كتاب الكرمة صنعة حنين ابن إسحاق.

وفي أول صحيفة منها: قول حنين بن إسحاق مما ذكره جالينوس في الجزء الرابع من المقالة الثانية من كتابه في قوى الأدوية والأغذية، وهو الذي يذكر فيه الكرمة وما يضاف وينسب إليها مما هو فيها ولها، أعني من أجزائها الداخلة فيها والخارجة منها، وأصناف الكروم وألوان الأعناب والخمور على طريق المسألة والجواب تذكرة ورياضة لداود وإسحاق ولديه.

والنسخة الثالثة: هي نسخة قديمة مصورة فيها اختلاف كبير في ترتيب المقالات، فالمقالة الثالثة فيها هي المقالة الأولى في الترتيب في النسخة الأولى، وباقي المقالات مختلفة الترتيب بحيث يصعب فصلها.

وفي آخر النسخة مقالتان، مكتوب في أولهما أن الأولى هي المقالة السادسة، وأن الثانية هي المقالة السابعة المقول بأنهما منحولتان إلى ديسقوريدس.

وعنوان المقالة السادسة ما يأتي: المقالة السادسة من كتاب ديسقوريدس في أجناس الدواب كلها التي في البحر والبر، وما يصلح لعلاج الطب، ما كان منها ذا قشور شبه الخزف، وجميع الحيتان والسباع، والطير، والألبان والصوف، والوسخ، وجميع الإنفحات والمرارات والشحوم، والأدمعة، وأنواع الدم، والزبل، والأبوال، وحيوان ذوات السموم والأصداف وغير ذلك.

والمقالة السابعة والغرض منها أمران: أحدهما الاحتراز من الوقوع في تناول الشيء الضار، والآخر علاج الضار إذا وقع.

وإذا تأملنا في مفردات المقالات وجدنا أكثرها يونانيًا معربًا، وقلما نجد اسمًا عربيًا، وهذا يطابق قول ابن جلجل: فما علم إصطفن من تلك الأسماء اليونانية في وقته له اسمًا في اللسان العربي فسره بالعربية، وما لم يعلم له في اللسان العربي اسمًا تركه في الكتاب على اسمه اليوناني اتكالًا منه على أن يبعث الله بعده من يعرف ذلك ويفسره باللسان العربي … إلخ.

وهذا مثال من الترجمة الأولى من كتاب الحشائش لديسقوريدس العين زربى، فالصف الأول الترجمة التي وضعت، والصف المقابل له هو الألفاظ اليونانية الأصلية التي توصلنا إلى تحقيقها، وما بين القوسين اللفظ العربي مما علمه إصطفن في وقته:

ألوى (الصبر) Aloe
زراوند Aristolochia
أليموس Alimos
غلوكونيزا Glyconyza
أوسوبس (زوفا) Hysopos
قنطريون طوماغا Centaurium Toleton
أسطوخودس Stocechas
قنطريون طولبطون Centaurium Tolton
أريغانن Origanon
خامالاون لوقوس Chameleon Leukos
غليخن (پوذنة) Glechon
خاملاون ماليس Chameleon Malis
ديقطامينون (مشكطرامشير) Dictaminon
قروقوديلاون Crocodyleon
إيديوسمن (نعنع) Edyosmon
ديبصاقوس (راس القنفذ) Dipsocus
قالامنتى (فودنج جبلي) Kalaminthae
أقنتا أرابيقي (الشوكة العربية) Acantha arabica
ثومس (حاشا) Thymos
سقولومس Scolymos
أربللوس (نمام) Erpyllon
أوفربيون Euphorbion
صمامبسوخون (مرزنجوش) Sampsychon
أقانثيون (رأس الشيخ) Acanthion
ماليلوطوس (إكليل الملك) Melilotus
قابنوس (شاهترج) Kapnos
سيسمبريون (نمام بري) Sisymbrion
أپوريس Ippuris
مارن (مرماخور) Maron
إيريس Iris
بيغانون (سذاب بري) Peganum
لوقاقنثا (الشوكة البيضاء) Leukacantha
مولو (حرمل) Moly
طراغاقنتا (الكثيرة) Iragacantha
فاناقس إيرقليون Panakes eroacleon
مالنثيون (شونيز) Melanthion
فاناقس أسقليبيوس Panakes asclepion
سلفيون (أنجدان) Silphium
فاناقس خيرونيون Panakes Chcironion
ماطافيون — ماطوبيون Metopium
أغاريقون Agaricum
أوفرببون Euphorbiun
رواند Rea
خلباني (القنة) Chalbani
جنطيانا Gentiana
أمونياقن (أشق) Ammoniacum
صرقوڨولا (انزوروت) Sarcocolla
سيون (صعتر الحبشة) Siyum
غلوكيون (ماميثا) Glocium
آنيسون Anisum
قولا (الغري) Colla
أنيتون (الشبث) Anethum
أسيوس (الدبق) Ixios
كومينون (كمون بستاني) Cuminum
أفاريني Aparini
كومينون أغربا (كمون بري) Cumunon agria
ألوسن (مبرئ الكلب) Alyssum
أمى (نانحواه) Ammi
إسفليناس أغريا (حشيشة الطحال) Asplenum agria
قورينون (كزبرة) Corianon
أطراقتولس (قرطم بري) Atractylis
سالينون قيفايون (كرفس بستاني) Selenon Ceoaions
بولوقنمن Polycnlmun
أوريو سالينون Oreoselinum
قويرون Corium
سالينون Selinum
لونطابيطالون (عرطنيثا) Leontopetalin
سمورنيون Smyrnium
قارنونوس Coronopus
إلافوبسقن (رعياديلا) Elaphoboscon
خاماذ ريوس Chamaidrys
ماراثرن (رازيانج) Marathron
لوقاين Leucoion
ماراثرن أغريون (رازيانج بري) Marathron agrion
لوخنس الأكليلية (سراج القطرب) Lychnis
داوقس Daucus
لوخنس أغريا (سراج بري) … إلخ. Lychnis agria
فورثرن (عاقر قرحا) Pyretre
ليغسطيقون (آنيسون بري) Ligusticum
ليبانوطس Libanotis
سطافولينس (جزر بري) Staphylinos
سفوندوليون Spondylion
ساسالي seseli
برنيقا Paronychia
طرديلبون Tordylium
باوكاذتون Peukaidanon

(٢) مترجمو كتب النبات إلى العربية

ومن الذين كانت لهم اليد الطولى في نقل كتب النبات والأدوية المفردة إلى اللسان العربي:

(٢-١) سابور بن سهل Sabour Ibn Sahel

كان ملازمًا لبيمارستان جنديسابور ومعالجة المرضى، وكان فاضلًا عالمًا بقوى الأدوية المفردة وتركيبها، وتقدم عند المتوكل، وكان يرى له، وكذلك عند من تولى بعده من الخلفاء، وتوفي في أيام المهتدي بالله، وكانت وفاة سابور بن سهل في يوم الاثنين لتسع بقين من ذي الحجة سنة ٢٥٥ﻫ، وله تصانيف كثيرة منها الأقرباذين الكبير المشهور Ecrabadin, de medicamentis compositis جعله ١٧ بابًا، وهو الذي كان المعمول به في البيمارستان ودكاكين الصيادلة، وتوجد منه نسخة في ميونيخ.

(٢-٢) ابن ضهار بخت Ibn Daar Bakit

واسمه عيسى من أهل جندي سابور، له من الكتب قوى الأدوية المفردة.

(٢-٣) حنين بن إسحاق العبادي Honien Ibn Ishak AL-Abady

هو أبو زيد حنين بن إسحاق العبادي، كان فصيحًا لسنًا بارعًا، أقام مدة في البصرة، وكان شيخه في العربية الخليل بن أحمد، واشتغل مع سيبويه، ثم انتقل إلى بغداد واشتغل فيها بصناعة الطب، وقرأ على يوحنا ابن ماسويه، ونقل كتبًا كثيرة لابن سيبويه بعضها إلى السريانية وبعضها إلى العربية، وكان حينئذ أعلم أهل زمانه باللغات اليونانية والسريانية والفارسية مع إتقان العربية، وسأله المأمون نقل كتب الحكماء اليونانيين إلى العربية، وبذل له من الأموال والعطايا شيئًا كثيرًا، وإصلاح ما ينقله غيره. ومما يحكى أن المأمون كان يعطيه الذهب زنة ما ينقله من الكتب إلى العربي مثلًا بمثل، وكان بنو شاكر وهم محمد وأحمد والحسن كانوا يرزقون جماعة من النقلة، منهم حنين بن إسحاق، وحبيش بن الحسن، وثابت بن قرة وغيرهم في الشهر نحو خمسمائة دينار للنقل والملازمة.

وقد سافر إلى بلاد كثيرة من بلاد الروم في طلب الكتب وخصوصًا كتب جالينوس، حتى أنه في غالب الأمر لا يوجد شيء من كتب جالينوس إلا وهي بنقل حنين أو بإصلاحه لما نقل غيره، وقد اختاره المتوكل وجعله رئيس الأطباء ببغداد للترجمة واؤتمن عليها، ووضع له نحارير عالمين بالترجمة كانوا يترجمون ويتصفح ما ترجموا كإصطفن بن بسيل، وموسى ابن خالد، ويحيى بن هارون وغيرهم، وكان حنين قد تعلم لسان اليونانيين بالإسكندرية، ومن كتب بقراط وجالينوس وأرسطو وغيرهم. وكان مولده سنة ١٩٤ﻫ/٨٠٩م، وتوفي في زمان المعتمد على الله، وذلك في يوم الثلاثاء لست خلون من صفر سنة ٢٦٤ﻫ/٨٧٣م، وكانت مدة حياته سبعون عامًا، وكان حنين بن إسحاق ينقل أيضًا إلى علي بن يحيى المعروف بالمنجم أحد كتاب المأمون، وكان نديمًا له، وعنده فضل ومال إلى الطب فنقلوا له منه كتبًا كثيرة.

ولحنين بن إسحاق كثير من المصنفات بين تأليف وترجمة، نذكر منها ما كان خاصًا بالنبات والأدوية المفردة عن ابن أبي أصيبعة، وابن القفطي، وعن رسالة حنين بن إسحاق (فهرست كتب جالينوس) إلى علي ابن يحيى في ذكر ما ترجم من كتب جالينوس بعلمه وبعض ما لم يترجم Hunein ibn ishaq: uber die syrischen und arabischen Galen ١٢٩ كتابًا وقف على طبعه Ubersetzunen (Leibzig 1925). G, Bergstrasser ويحتوي على:
  • (١)

    كتاب في قوى الأدوية المسهلة (مقالة واحدة).

  • (٢)

    كتاب في الأدوية المفردة.

  • (٣)

    كتاب في تركيب الأدوية.

  • (٤)

    اختصار كتاب جالينوس في الأدوية المفردة إحدى عشر مقالة، اختصره بالسرياني وإنما نقل منه إلى العربي الجزء الأول، وهو خمس مقالات نقلها لعلي بن يحيى.

  • (٥)

    كتاب في أسماء الأدوية المفردة على حروف المعجم.

  • (٦)

    كتاب في أسرار الأدوية المركبة.

  • (٧)

    كتاب في اختيار الأدوية المحرقة (مقالة).

  • (٨)

    كتاب الفلاحة.

  • (٩)

    كتاب جالينوس في عمل التشريح، ترجمة حنين بن إسحاق.

  • (١٠)

    كتاب النَّبات (منسوب لأرسطو).

(٢-٤) حبيش الأعسم Hobiech AL-asam (كان حيًّا قبل ٢٦٤ﻫ/٨٧٨م)

هو حبيش بن الحسن الأعسم الدمشقي، وهو ابن أخت حنين بن إسحاق، ومنه تعلم صناعة الطب، وكان يسلك مسلك حنين في نقله وفي كلامه وأحواله، إلا أنه كان يقصر عنه، وقال حنين بن إسحاق: إن حبيشًا ذكي مطبوع على الفهم، غير أنه ليس له اجتهاد بحسب ذكائه، بل فيه تهاون، وإن ذكاءه مفرط وذهنه ثاقب. وكان حنين يقدمه ويرضى نقله، وقيل: من جملة سعادة حنين صحبة حبيش له، فإن أكثر ما نقله حبيش نسب إلى حنين، وكثيرًا ما يرى الجهال شيئًا من الكتب القديمة مترجمًا بنقل حبيش فيظن الغير منهم أن الناسخ أخطأ في الاسم ويغلب على ظنه أنه حنين وقد صحف، فيكشطه ويجعله حنينًا. ولحبيش من الكتب:
  • (١)

    كتاب جالينوس في الأدوية المفردة ترجمه إلى العربية لأحمد بن موسى.

  • (٢)

    كتاب إصلاح الأدوية المسهلة.

  • (٣)

    كتاب التغذية.

(٢-٥) إسحاق بن حنين بن إسحاق Ishak Ibn Honien Ibn Ishak (٢١٥–٢٩٨ﻫ/٨٣٠–٩١٠م)

هو أبو يعقوب إسحاق بن أبي زيد حنين بن إسحاق العبادي، كان يلحق بأبيه في الفضل وصحة النقل من اللغة اليونانية والسريانية، وكان فصيحًا يزيد على أبيه في ذلك، وخدم من خدم أبوه من الخلفاء والرؤساء، وكان منقطعًا في آخر أيام أبي القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد بالله، وخصيصًا به ومتقدمًا عنده. وكان نقل إسحاق بن حنين بن إسحاق للكتب الطبية قليلًا جدًّا، بالنسبة إلى ما يوجد من كثرة نقله من كتب أرسطاطاليس إلى لغة العرب، ولحق إسحاق في آخر عمره الفالج وبه مات، وتوفي في بغداد في أيام المقتدر بالله، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة ٢٩٨ﻫ/٩١٠م، وقيل: سنة ٢٩٩ﻫ/٩١١م شهر نوفمبر. ولإسحاق ابن حنين بن إسحاق من الكتب:
  • (١)

    كتاب الأدوية المفردة.

  • (٢)

    كتاب الأدوية الموجودة بكل مكان.

  • (٣)

    كتاب في الأدوية المفردة مختصر.

  • (٤)
    كتاب إصلاح الأدوية المسهلة Correclifs des medicaments purgatifs.

وخرج إسحاق بن حنين بن إسحاق «كتاب النبات» لأرسطو، مقالتان تفسير نيقولاوس وترجمة إسحاق بن حنين بن إسحاق بإصلاح ثابت بن قرة.

(٢-٦) أبو الحسن ثابت بن قرة الحراني Abo AL-Hasen Thabet Ibn Kora AL-haranny (٢٣١–٢٨٨ﻫ/٨٣٦–٩٥١م)

ثم ألف من بعده في الأدوية المفردة أبو الحسن ثابت بن قرة الحراني، وهو أبو الحسن ثابت بن قرة بن مروان بن ثابت بن كرايا بن إبراهيم بن كرايا مارينوس بن سالامانس، كان مولده بحران يوم الخميس ٢١ صفر سنة ٢١١ﻫ كان من الصابئة المقيمين بحران، قرأ على محمد بن موسى فتعلم في داره ووصله بالمعتضد وأدخله في جملة المنجمين، ولم يكن في زمان ثابت بن قرة من يماثله في صناعة الطب، ولا في غيره من جميع أجزاء الفلسفة، وكان جيد النقل إلى العربي حسن العبارة، وكان قوي المعرفة باللغة السريانية واليونانية وغيرها والعلوم الرياضية والفلك، وله تصانيف مشهورة بالجودة، وكان الخليفة المعتضد سنة ٨٩٢م، قد شغف به، ولطف منه محله، وأقطعه ضياعًا جليلة، وكان يجله بين يديه كثيرًا بحضرة الخاص والعام، وتوفي ثابت بن قرة سنة ٢٨٨ﻫ/٩٠١م وله من العمر سبع وسبعون سنة، وله تصانيف كثيرة جدًّا منها في الأدوية المفردة:
  • (١)
    جوامع كتاب الأدوية المفردة لجالينوس Epitome libri Galeni de medicementis simplicibus.

(٢-٧) الكندي AL-Kendy (توفي حوالي سنة ٢٦٠ﻫ/٨٧٣م)

الكندي هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث، وينتهي نسبه إلى يعرب بن قحطان، ويسمى فيلسوف العرب وأحد أبناء ملوكها المشتهر في الملة الإسلامية بالتبحر في فنون الحكمة اليونانية والفارسية والهندية، وكان أبوه إسحاق بن الصباح أميرًا على الكوفة للمهدي والرشيد، وكان جده الأشعث بن قيس من أصحاب رسول الله ، وكان قبل ذلك ملكًا على جميع كندة، وكان سائر أجدًّا ده ملوكًا على قبائلهم.

نزل بالبصرة ثم انتقل إلى بغداد في أوائل القرن التاسع الميلادي، وهنالك تأدب، وكان عالمًا بالطب والفلسفة وعلم الحساب والمنطق وتأليف اللحون والهندسة والنجوم وبعض اللغات وغير ذلك، وكان يعقوب ابن إسحاق الكندي عظيم المنزلة عند المأمون والمعتضد وعند ابنه أحمد، ولم يكن في الإسلام فيلسوف غيره، وله تواليف كثيرة في فنون من العلم، وترجم من كتب الفلسفة الكثير، وأوضح منها المشكل، ولخص المستصعب العويص. وقال أبو معشر في كتاب المذاكرات لشاذان: حضرات التراجمة في الإسلام أربعة: حنين بن إسحاق، ويعقوب بن إسحاق الكندي، وثابت بن قرة الحراني، وعمر بن الفرخان الطبري. وللكندي رسائل في ضروب من العلوم، وله غير ذلك من المؤلفات ما يزيد عن المائتين نقل بعض منها إلى اللاطينية، ولم يعلم زمن وفاته، وقدره بعضهم بأواخر القرن التاسع الميلادي. فمن المصنفات في الأدوية المفردة:
  • (١)

    كتاب جوامع كتاب الأدوية المفردة لجالينوس.

  • (٢)

    كتاب الأدوية الممتحنة.

  • (٣)

    كتاب الأقراباذين.

وألف في الأدوية المفردة.

(٢-٨) أبو بكر محمد بن زكريا الرازي Abou Bakr Mohamed Ibn Zakaria AL-Razy (٢٥١–٣١٣ﻫ/٨٦٥–٩٢٥م)

أبو بكر محمد بن زكريا الرازي من أهل الري، أوحد دهره وفريد عصره، قد جمع المعرفة بعلوم القدماء ولا سيما الطب، وكان في ابتداء أمره يضرب بالعود، ثم نزع عن ذلك، وأكب على النظر في الطب والفلسفة، وبرع فيهما براعة المتقدمين، وكان ينتقل في البلدان، وكان أكثر مقامه ببلاد العجم، وذلك لكونها موطنه وموطن أهله وأخيه وخدم بصناعة الطب الأكابر من ملوك العجم.

وبينه وبين منصور بن إسماعيل بن خاقان صاحب خراسان وما وراء النهر صداقة، وألف له كتاب المنصوري في الطب، وكان أبو بكر محمد ابن زكريا شيخ كبير الرأس مسفطه، وكان يجلس في مجلسه ودونه التلاميذ ودونهم تلاميذهم ودونهم تلاميذ آخرون، وكان يجيء الرجل فيصف ما يجد لأول من يلقاه منهم فإن كان عنده علم وإلا تعداه إلى غيره، فإن أصابوا وإلا تكلم الرازي في ذلك. وكان كريمًا متفضلًا بارًا بالناس حسن الرأفة بالفقراء والأعلاء، حتى كان يجري عليهم الجرايات الواسعة ويمرضهم ولم يكن يفارق النسخ، إما يسود أو يبيض، ويؤثر عن الرازي أنه قال: العمر يقصر عن الوقوف على فعل كل نبات في الأرض فعليك بالأشهر مما أجمع عليه، ودع الشاذ واقتصر على ما جربت.

وكانت في بصره رطوبة وفي آخر عمره عمي، وتوفي الرازي قريبًا من سنة ٣٢٠ﻫ/٩٣٢م. (طبقات الأمم لصاعد)، وقيل: إنه توفي سنة ٣٦٤ﻫ (القفطي).

وللرازي كثير من المؤلفات نحو المائتي مصنف نذكر منها في النبات:
  • (١)

    كتاب الأدوية الموجودة بكل مكان (القفطي).

  • (٢)
    كتاب الحاوي في الطب Continens، ويشمل على قسم عظيم من النبات والمفردات الطبية من اثنى عشر قسمًا.
  • (٣)

    كتاب في قوى الأغذية والأدوية.

  • (٤)

    كتاب الطب المنصوري.

  • (٥)
    كتاب في الجدري والحصبة De Variolis et morbillis.
  • (٦)
    كتاب الأقراباذين Antidotarium.
  • (٧)
    تقسيم العلل Divisio morborum.
  • (٨)
    المدخل إلى الطب Introductio in mediciniam.
  • (٩)
    الفصول في الطب Aphorism medici.
  • (١٠)
    المرشد Director.

(٢-٩) أحمد بن أبي الأشعث Ahmed Ibn Abi AL-Ashath (ت نحو ٣٦٥ﻫ/٩٧٥م)

هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن أبي الأشعث، كان وافر العقل سديد الرأي، محبًا للخير، كثير السكينة والوقار، متفقهًا في الدين. وكان فاضلًا في العلوم الحكمية، وله تصانيف كثيرة تدل على ما كان عليه من العلم وعلو المنزلة، وكان عالمًا بكتب جالينوس، خبيرًا به، مطلعًا على أسرارها، وقد شرح كثيرًا منها، وفسر أيضًا كثيرًا من كتب أرسطاطاليس، وكان أصل أحمد بن أبي الأشعث من فارس فخرج من بلده وأقام بالموصل إلى آخر عمره، واتخذ له تلاميذ عدة، وبرع في صناعة الطب، وكانت وفاته في سنة ٣٦٠ﻫ ونيف (ثلاثمائة ونيف وستين) للهجرة، وله من الكتب الخاصة بعلم المفردات: كتاب الأدوية المفردة ثلاث مقالات، ألفه لقوم من تلامذته سألوه ذلك، وهم من طبقة من تجاوز تعلم الطب ودخلوا في جملة من يتفقه، وقد نقل عنه داود الأنطاكي، وله من الكتب:
  • (١)

    كتب الحيوان.

  • (٢)
    كتاب في السرسام والبرسام ومداواتهما Liber de phrenesi el pleuritide ثلاث مقالات.
  • (٣)
    كتاب في الجدري والحصبة والحميقاء De Variolis et morbillis.
  • (٤)
    كتاب تركيب الأدوية Compositio medicamentorum.
  • (٥)
    كتب في الصرع Iiber de epilepsia.
  • (٦)
    كتاب الغاذي والمغتذي Liber nutrienl is et nutriti.
  • (٧)
    شرح كتاب الحميات لجالينوس Geleni liber de febribus.

(٢-١٠) إبراهيم بن بكس Ibrahim Ibn Bkos (ت بعد ٣٦٠ﻫ/٩٧١م)

هو أبو إسحاق إبراهيم بن بكس العشاري. كان ماهرًا في علم الطب، واشتغل طبيبًا بالمارستان العضدي لما بناه عضد الدولة وكان له منه ما يقوم بكفايته، ونقل كتبًا كثيرة إلى العربي، ثم كف بصره، وكان مع ذلك يحاول صناعة الطب ويزاولها بحسب ما هو عليه، وله من الكتب:
  • (١)

    كناشه.

  • (٢)

    كتاب الأقرباذين الملحق بالكناش.

  • (٣)
    كتاب أسباب النبات لثاوفرطس de Causis plantarum (ص١٠٧ قفطي) والذي وجد تفسير بعض المقالة الأولى (٢٥٢ فهرست).
  • (٤)

    مقالة في الجدري.

(٢-١١) ابن مسكويه Ibn Maskoya (ت ٤٢١ﻫ/١٠٣٠م)

وممن برع وألف في المفردات الطبية أحمد بن محمد بن يعقوب الملقب بمسكويه أبو علي الخازن صاحب التجارب. قال أبو حيان في كتاب الإمتاع: وأما مسكويه ففقير بين أغنياء، وغني بين أنبياء، (يقال ذلك لأن فقراءهم أكثر من أغنيائهم، والفقر شعار الصالحين)، لأنه شاذ، وقد كان مشغولًا بطلب الكيمياء مع أبي الطيب الكيميائي الرازي، مملوك الهمة في طلبه، والحرص على إصابته، مفتونًا بكتب أبي زكريا الرازي، وجابر ابن حيان. وابن مسكويه ذكي حسن الشعر، نقي اللفظ. قال أبو منصور الثعالبي: كان في الذروة العلياء من الفضل والأدب والبلاغة والشعر، وكان في ريعان شبابه متصلًا بابن العميد مختصًا به، واتخذه خازنًا لكتبه، ثم تنقلت به أحوال جليلة في خدمة بني بويه، والاختصاص ببهاء الدولة، وعظم شأنه، وارتفع مقداره، فترفع عن خدمة الصاحب، ولم ير نفسه دونه، ولم يخل من نوائب الدهر، وشكا سواء أثر الهرم وبلوغه إلى أرذل العمر. وكان مسكويه مجوسيًا، فأسلم، ومات فيما ذكره يحيى بن منده في تاسع صفر سنة ٤٢١ﻫ/١٠٣٠م (وسنة ٤٢٠ قفطي)، وله كتب جيدة وتصانيف في العلوم هي من أجل التصانيف منها:
  • (١)

    كتاب في الأدوية المفردة (ابن القفطي).

  • (٢)

    كتاب أنس الفريد.

  • (٣)
    كتاب تجارب الأمم وتعاقب الهمم في التاريخ سار فيه إلى سنة ٣٧٢ﻫ Experientiae populorum et stinelia minouum.
  • (٤)
    كتاب الفوز الكبير Liber sabutis majur.
  • (٥)

    كتاب الفوز الصغير.

(٢-١٢) أبو الريحان البيروني Abu AL-Ryhan, AL-bayrony (٣٦٢–٤٤٠ﻫ/٩٧٣–١٠٤٨م)

أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي متبحر في علوم فنون الحكمة اليونانية والهندية، فاضل في علم الهيئة والنجوم، وله نظر جيد في صناعة الطب. دخل إلى بلاد الهند، وأقام بها عدة سنين، وتعلم حكمائها فنونهم، وعلمهم طرق اليونانيين في فلسفتهم، ومصنفاته كثيرة متقنة محكمة غاية الإحكام، وبالجملة لم يكن في نظرائه في زمانه وبعده إلى هذه الغاية أحذق منه بعلم الفلك، ولا أعرف بدقيقه، وكان معاصرًا للشيخ الرئيس ابن سينا، وبينهما مباحثات ومراسلات. توفي سنة ٤٣٠ﻫ/١٠٣٩م، وله مصنفات كثيرة منها: كتاب الصيدلة في الطب، استقصى فيه معرفة ماهيات الأدوية ومعرفة أسمائها، واختلاف آراء المتقدمين، وقد رتبه على حروف المعجم (وقد وجد هذا الكتاب في خزائن كتب الآستانة وحصل الدكتور مايرهوف على نسخة منه بالتصوير الشمسي) — لقانون المسعودي Canon Masudicus — كتاب الجماهر في معرفة الجواهر Oblectamentum animorum et cogitationum.

ومنه نسخة بالتصوير الشمسي بدار الكتب الملكية. أما سائر كتبه فإنها تفوق الحصر، وكتاب الآثار الباقية من القرون الخالية، وكتاب تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة للعقل أو مرذولة … إلخ وكلاهما مطبوع ومترجم للإنجليزية.

(٢-١٣) الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا Ibn Sina (٣٧٠–٤٢٨ﻫ/٩٨٠–١٠٣٨م)

هو الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا الحكيم المشهور. كان أبوه من أهل بلخ، وانتقل منها إلى بخاري، وكان من العمال الكفاة، وتولى العمل بقرية من ضياع بخاري يقال لها: «خرميثن» من أمهات قراها، وولد الرئيس أبو علي وكذلك أخوه بها، واسم أمه ستارة، وهي من قرية يقال لها: «أفشنة» بالقرب من خرميثن، ثم انتقلوا إلى بخاري، وانتقل الرئيس بعد ذلك في البلاد، واشتغل بالعلوم وحصل الفنون، ولما بلغ عشر سنين من عمره كان قد أتقن علم القرآن العزيز والأدب وحفظ أشياء من أصول الدين وحساب الهندسة والجبر والمقابلة، ثم توجه نحوهم الحكيم أبو عبد الله الناتلي، فأنزله أبو الرئيس أبي علي عنده، فابتدأ أبو علي يقرأ عليه إيساغوجي وأحكم عليه علم المنطق وإقليدس والمجسطي، وفاقه أضعافًا كثيرة حتى أوضح له منها رموزًا، وفهمه إشكالات لم يكن الناتلي يدريها، وكان مع ذلك يختلف في الفقه إلى إسماعيل الزاهد يقرأ ويبحث ويناظر.

ولما توجه الناتلي نحو خوارزمشاه مأمون بن محمد، اشتغل أبو علي بتحصيل العلوم: كالطبيعي والإلهي وغير ذلك، ونظر في النصوص والشروح، وفتح الله عليه أبواب العلوم، ثم رغب بعد ذلك في علم الطب، وتأمل الكتب المصنفة فيها، وعالج تأدبًا لا تكسبًا، وعلمه حتى فاق فيه الأوائل والأواخر، في أقل مدة، وأصبح فيه عديم القرين، فقيد المثل، واختلف إليه فضلاء هذا الفن وكبراؤه يقرءون عليه أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة، وسنه إذ ذاك ست عشرة سنة. وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها، ولا اشتغل بالنهار بسوى المطالعة، وكان إذا أشكلت عليه مسألة، توضأ، وقصد المسجد الجامع، وصلى، ودعى الله — عز وجل — أن يسهلها عليه، ويفتح حجر مغلقها له، وذكر عند الأمير نوح بن نصر الساماني صاحب خراسان في مرض مرضه فأحضره وعالجه حتى برئ، واتصل به وقرب منه، ودخل إلى دار كتبه، وكانت عديمة المثل، فيها من كل فن، الكتب المشهورة بأيدي الناس وغيرها مما لا يوجد في سواها ولا سمع باسمه فضلًا عن معرفته، فظفر أبو علي فيها بكتب من علم الأوائل وغيرها، وحصل نخب فوائدها، واطلع على أكثر علومها، واتفق بعد ذلك احتراق تلك الخزانة، فتفرد أبو علي بما حصله من علومها، وكان يقال: إن أبا علي توصل إلى إحراقها، لينفرد بمعرفة ما حصله من علومها وينسبه إلى نفسه. ولم يستكمل ثماني عشرة سنة من عمره، إلا وقد فرغ من تحصيل العلوم بأسرها التي عاناها، وتوفي أبوه وسن علي اثنتان وعشرون سنة، وكان يتصرف هو ووالده في الأحوال، ويتقلدان للسلطان الأعمال، ولما اضطربت أمور الدولة السامانية خرج أبو علي من بخاري إلى كركانج، وهي قصبة خوارزم واختلف إلى خوارزم شاه علي بن مأمون بن محمد، وكان أبو علي على زي الفقهاء، ويلبس الطيلسان، فقرروا له كل شهر ما يقوم به، ثم انتقل إلى نسا وأبيورد وطوس وغيرها من البلاد. وكان يقصد حضرة الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير في أثناء هذه الحال، فلما أخذ قابوس وحبس في بعض القلاع حتى مات، ذهب أبو علي إلى دهستان، ومرض بها مرضًا صعبًا، وعاد إلى جرجان، وصنف بها الكتاب الأوسط، ولذلك يقال له: الأوسط الجرجاني، واتصل به الفقيه أبو عبيدة الجرجاني واسمه عبد الواحد، ثم انتقل إلى الري واتصل بالدولة، ثم إلى قزوين، ثم إلى همذان، وتقلد الوزارة لشمس الدولة، ثم تشوش العسكر عليه، فأغاروا على داره، ونهبوها، وقبضوا عليه وسألوا شمس الدولة قتله، فامتنع، ثم أطلق فتوارى، ثم مرض شمس الدولة يالقولنج فأحضره لمداواته واعتذر إليه، وأعاده وزيرًا، ثم مات شمس الدولة.

وتولى تاج الدولة ولده فلم يستوزره، فتوجه إلى أصبهان، وبها علاء الدولة بن جعفر بن كاكويه، فأحسن إليه، وكان أبو علي قوي المزاج، وتغلب عليه قوة الجماع، حتى أنهكته ملازمته وأضعفته، ولم يكن يداري مزاجه وعرض له قولنج، فحقن نفسه في يوم واحد ثماني مرات، فقرح بعض أمعائه، وظهر له سحج، واتفق سفره مع علاء الدولة فحصل له الصرع الحادث عقيب القولنج، فأمر باتخاذ دانقين من كرفس في جملة ما يحقن به، فجعل الطبيب الذي يعالجه فيه خمسة دراهم منه فازداد السحج به، من حدة الكرفس، فطرح بعض غلمانه في أدويته شيئًا كثيرًا من الأفيون، وكان سببه أن غلمانه خانوه في شيء، فخافوا عاقبة أمره عند برئه، وكان مذ حصل له الألم يتحامل ويجلس مرة بعد أخرى ولا يحتمي ويجامع، فكان يصلح أسبوعًا ويمرض أسبوعًا. ثم قصد علاء الدولة همذان من أصبهان ومعه الرئيس أبو علي فحصل له القولنج في الطريق، ووصل إلى همذان، وقد ضعف جدًّا، وأشرفت قوته على السقوط، فأهمل المداواة، وقال: المدبر الذي في بدني قد عجز عن تدبيره فلا تنفعني المعالجة، ثم اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم في ثلاثة أيام ختمة، ثم مات.

وكانت ولادته في سنة ٣٧٠ﻫ في شهر صفر، وتوفي بهمذان يوم الجمعة من شهر رمضان سنة ٤٢٨ﻫ ودفن بها.

وكان نادرة عصره في علمه، وذكائه، وتصانيفه، وصنف كتاب الشفا في الحكمة، وكتاب النجاة Iiber Iiberationis والإشارات والتنبيهات Theoremata et exerutationes والقانون، وغير ذلك كتاب الأدوية القلبية Medicamenta cordialia مما يقرب مائة في فنون شتى، وله رسائل بديعة منها: رسالة حي بن يقظان، ورسالة سلامان، أبسال، ورسالة الطير وغيرها. وانتفع الناس بكتبه، وهو أحد فلاسفة المسلمين، وله شعر منها قصيدة في النفس مشهورة.

أما كتاب الشفا فمن فصوله كتابان في الحيوان والنبات.

كتاب القانون Canone medicine

أما كتاب القانون في الطب للشيخ الرئيس ابن سينا فمن أجمع الكتب في فنون الطب القديم، ونال من الشهرة في عصره، ما بز بها غيره لمكانة مؤلفه من العلم، وشهرته الكبيرة في العلوم الحكمية. جمع ابن سينا هذا الكتاب وقسمه إلى كتب خمسة: الكتاب الأول في الأمور الكلية في علم الطب، الكتاب الثاني في الأدوية المفردة، وهذا الكتاب هو الذي يعنينا بالنسبة إلى البحث الذي نحن في صدده من تاريخ النبات، والكتابان الثالث والرابع في الأمراض، والكتاب الخامس في تركيب الأدوية وهو الأقراباذين. والكتاب الثاني الذي سبق ذكره هو في بيان الأدوية المفردة على ترتيب أبجدي ليسهل على المشتغل بها التقاط منافع كل دواء، فذكر أولًا ماهية الدواء، ثم اختياره، ثم طبعه، ثم الأفعال، ثم الخواص. وأخذ ابن سينا عن ديسقوريدس وأكثر نقله عنه، ثم عن جالينوس وأريبازيوس، وفولوس، وماسرجويه، وحنين، وابن جريج، واليهودي (وإذا قيل: اليهودي انصرف القول إلى موسى بن ميمون).

(٢-١٤) يحيى بن جزلة Yahya Ibn Gzla (ت ٤٩٣ﻫ/١١٠٠م)

أبو علي يحيى بن عيسى بن علي بن جزلة. قرأ الطب على نصارى الكرخ الذين كانوا في زمانه، وقرأ المنطق على أبي علي بن الوليد شيخ المعتزلة في ذلك الأوان، فلازمه فلم يزل ابن الوليد يدعوه إلى الإسلام حتى استجاب وأسلم. وقد استخدمه قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني في كتابه السجلات بين يديه، وكان مع اشتغاله بذلك يطب أهل محبته، وسائر معارفه، بغير أجره ولا جعالة، بل احتسابًا ومروءة، ويحمل إليهم الأدوية بغير عوض، ولما مرض مرض موته وقف كتبه في مشهد الإمام أبي حنيفة، وكان أبو علي يحيى بن جزلة، في أيام المقتدي بأمر الله ومات سنة ٤٧٣ﻫ، وله من الكتب: كتاب منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان ضمنه ذكر الأدوية والأشربة والأغذية، وكل مركب بسيط ومفرد، ورتبه على حروف المعجم وصنفه للمقتدي بأمر الله، وكتاب تقويم الأبدان في تدبير الإنسان Dispositio corporum de constitutione hominis Meihodica expositia eorum quibus homa uti solst.
رسالة في مدح الطب وموافقة الشرع Tractatus de laude medicinae.

(٢-١٥) أبو الفضل بن عبد الكريم المهندس Abu EL-Fadle Ibn Abd EL-Karim EL-Mohandes (ت ٥٩٩ﻫ/١٢٠٢م)

هو مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن الحارتي. مولده ومنشؤه بدمشق، وكان يعرف بالمهندس لجودة معرفته بالهندسة، وشهرته بها قبل أن يتحلى بمعرفة صناعة الطب، واشتغاله أيضًا بالأدب.

وكان في أول أمره نجارًا، وكان تكسبه بصناعة النجارة، وأكثر أبواب البيمارستان الكبير النوري بدمشق كان من نجارته وصنعته وبقي، سنينا كثيرة يطب بالبيمارستان النوري إلى حين وفاته في سنة ٥٩٩ﻫ ودفن بدمشق وعاش نحو السبعين سنة، وله من الكتب: كتاب في الأدوية المفردة على ترتيب حروف أبجدية وغيره من كتب الأدب، مقالة في معرفة رؤية الهلال، واختصار كتاب الأغاني الكبير لأبي الفرج الأصبهاني، وكتاب في الحروب والسياسة.

(٢-١٦) رشيد الدين بن الصوري Rashid EL-Din Ibn AL-Sori (٥٧٣–٦٣٩ﻫ/١١٧٧–١٢٤١م)

هو أبو المنصور بن أبي الفضل بن علي الصوري. كان أوحد في معرفة الأدوية المفردة وماهياتها واختلاف أسمائها وصفاتها وتحقيق خواصها وتأثيراتها، ومولوده في سنة ٥٧٣ﻫ بمدينة صور، ونشأ بها ثم انتقل إلى بغداد، واشتغل بصناعة الطب على الشيخ موفق الدين عبد العزيز السلمي، والشيخ موفق الدين عبد اللطيف البغدادي، وأقام بالقدس سنين، وكان يطب في البيمارستان الذي كان فيه، وصحب الشيخ أبا العباس الجياني، وكان شيخًا فاضلًا في الأدوية المفردة، متفننًا في علوم أخرى، فانتفع بصحبته، وتعلم أكثر ما يفهمه، واطلع رشيد الدين الصوري أيضًا على كثير من خواص الأدوية المفردة حتى تميز على كثير من أربابها، وأربى على سائر من حاولها، واشتغل بها، وكان قد خدم بصناعة الطب الملك العادل أبا بكر بن أيوب في سنة ٦١٢ﻫ واستصحبه من القدس إلى الديار المصرية، وبعد وفاته خدم ولده الملك المعظم عيسى بن أبي بكر، وبعد وفاته خدم ولده الملك الناصر داود بن الملك المعظم وفوض إليه رياسة الطب، ثم أقام بدمشق لما توجه الملك الناصر إلى الكرك، وكان له مجلس للطب، وتوفي رشيد الدين الصوري يوم الأحد أول شهر رجب سنة ٦٣٩ﻫ/١٢٤١م بدمشق.

ولرشيد الدين الصوري من الكتب كثير، منها الأدوية والمفردات:
  • (١)

    كتاب الأدوية المفردة.

  • (٢)

    الرد على كتاب التاج البلغاري في الأدوية المفردة.

  • (٣)

    كتاب الأدوية المفردة للصوري.

  • (٤)

    كتاب للنبات مصور بالألوان.

هذا الكتاب (أصيبعة ج٢ ص٢١٩) بدأ بعمله في أيام الملك المعظم وجعله باسمه، واستقصى فيه ذكر الأدوية المفردة، وذكر أيضًا أدوية اطلع على معرفتها ومنافعها لم يذكرها المتقدمون؛ وكان يستصحب مصورًا ومعه الأصباغ والليق، على اختلافها وتنوعها، فكان يتوجه رشيد الدين الصوري إلى المواضع التي بها النبات مثل جبل لبنان، وغيره من المواضع التي قد اختص كل منها بشيء من النبات، فيشاهد النبات ويحققه ويريه للمصور، فيعتبر لونه، ومقدار ورقه وأغصانه، وأصوله ويصور بحسبها، ويجتهد في محاكاتها، ثم إنه سلك أيضًا في تصوير النبات مسلكًا مفيدًا، وذلك أنه كان يرى النبات للمصور في أبان نباته وطراوته، فيصوره، ثم يريه إياه وقت كماله، وظهور بزره، فيصوره تلو ذلك، ثم يريه إياه أيضًا في وقت ذواه ويبسه، فيصوره، فيكون الدواء الواحد يشاهده الناظر إليه في الكتاب وهو على أنحاء ما يمكن أن يراه به في الأرض فيكون تحقيقه له أتم، ومعرفته أبين (وهذا الكتاب مفقود).

(٢-١٧) موفق الدين عبد اللطيف البغدادي Mowafek EL-Din Abd AL-Latif AL-Baghdadi (٥٥٧–٦٢٩ﻫ/١١٦٢–١٢٣١م)

هو الشيخ الإمام الفاضل موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف ابن محمد بن علي بن أبي سعد ويعرف بابن اللباد؛ موصلي الأصل، بغدادي المولد. ولد ببغداد سنة ٥٥٧ﻫ/١١٦١م. كان مشهورًا بالعلم متحليًا بالفضائل، مليح العبارة، كثير التصنيف، وكان متميزًا في النحو واللغة العربية عارفًا بعلم الكلام والطب، وكان قد اعتنى كثيرًا بصناعة الطب لما كان بدمشق، واشتهر بعلمها، وكان يتردد عليه جماعة من التلاميذ، وغيرهم من الأطباء للقراءة عليه، وكان قد سمع الحديث في صباه من جماعة من المشتغلين بعلم الحديث، وكان الشيخ موفق الدين عبد اللطيف كثير الاشتغال، لا يخلي وقتًا من أوقاته من النظر في الكتب، والتصنيف، والكتابة وكان كثير العناية بكتب أرسطاطاليس.

وفي سنة ٥٨٥ﻫ انتقل إلى الموصل، ولقي بها جماعة من العلماء، وأقام بها سنة في اشتغال دائم في التدريس، ثم دخل دمشق وصنف بها التصانيف الجمة، ثم توجه إلى القدس، ثم دخل مصر بتوصية من القاضي الفاضل إلى وكيله بالقاهرة وهو ابن سناء الملك، فلقي فيها كل إكرام، وأقام بمسجد الحاجب لؤلؤ، يقرئ الناس، وكان قصده في مصر ثلاثة أنفس: ياسمين السيمائي، والرئيس موسى بن ميمون اليهودي، وأبو القاسم الشارعي، فوجد ياسمين كذابًا مشعبذًا، وجاءه موسى فوجده فاضلًا لا في الغاية قد غلب عليه حب الرياسة، وخدمة أرباب الدنيا، وعمل كتابًا في الطب جمعه من الستة عشر لجالينوس، ومن خمسة كتب أخرى، وشرط أن لا يغير فيها حرف إلا أن يكون واو عطف، أو فاء وصل، وعمل كتابًا لليهود سماه كتاب الدلالة، ولعن من يكتبه بغير القلم العبراني.

قال موفق الدين: ووقفت عليه فوجدت كتاب سوء يفسد أصول الشرائع والعقائد بما يظن أنه يصلحها، ولقي أبا القاسم الشارعي فوجده كما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، ثم عاد إلى القدس، وقابل صلاح الدين، ورسم له بثلاثين دينارًا في كل شهر على ديوان الجامع بدمشق، وأطلق له أولاده رواتب حتى بلغ ما تقرر له كل شهر مائة دينار، ثم دخل صلاح الدين دمشق وحم ثم مات، ووجد الناس عليه كما يجدون على الأنبياء، فعاد موفق الدين إلى مصر، وأخذ يقرئ الناس بالجامع الأزهر، وأقام بالقاهرة مدة وله الراتب والجرايات من أولاد الملك الناصر صلاح الدين، وأتى مصر ذلك الغلاء العظيم والموتان الذي لم يشاهد مثله، وألف الشيخ موفق الدين في ذلك كتابًا ذكر فيه أشياء شاهدها، أو سمعها ممن عاينها، تذهل العقل، وسمى ذلك الكتاب: كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر (وهو مطبوع).

ولما ملك السلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب مصر وأكثر الشام والشرق، وتفرَّق أولاد صلاح الدين، توجه الشيخ موفق الدين إلى القدس، ثم إلى دمشق وتميز فيها بصناعة الطب، وصنف فيها كتبًا كثيرة، ثم سافر إلى حلب وقصد بلاد الروم وكان في خدمة الملك علاء الدين داود بن بهرام صاحب أرزنجان سنة ٦٢٥ﻫ، ثم رحل إلى حلب، ثم خطر له أن يحج ويجعل طريقه على بغداد، وأن يقدم بها للخليفة المستنصر بالله أشياء من تصانيفه، ولما وصل بغداد مرض في أثناء ذلك وتوفي ثاني عشر المحرم سنة ٦٢٩ﻫ ودفن بالوردية عند أبيه بعد أن غاب عن بغداد خمسًا وأربعين سنة.

ولعبد اللطيف البغدادي من الكتب ما لا يعد، نذكر ما كان منها في النبات:
  • (١)

    اختصار كتاب الأدوية المفردة لابن وافد.

  • (٢)

    اختصار كتاب الأدوية المفردة لابن سمجون.

  • (٣)

    كتاب كبير في الأدوية المفردة (أصيبعة ج٢ ص٢١٤).

  • (٤)
    اختصار كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري (كشف الظنون ج٢ ص١٦٨) Compendium libri plantarum auctore Abu Hanifa el Dinawari.
  • (٥)
    انتزاعات من كتاب ديسقوريدس في صفات الحشائش (أصيبعة ج٢ ص٢١٢) Selectae libro Dioscoridis de plantarum descriptione.
  • (٦)
    مقالة في النخل ألفها بمصر سنة ٥٩٩ﻫ وبيضها بمدينة أرزنجان في رجب سنة ٦٢٥ﻫ (أصيبعة ج٢ ص٢١٣) Iractatus de palmis.
  • (٧)

    كتاب أخبار مصر الصغير مقالتان، وترجم إلى الفرنسية كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر، فرغ من تأليفه في العاشر من شعبان سنة ٦٠٣ﻫ بالبيت المقدس، الفصل الثاني منه خاص بذكر ما تختص به مصر من النبات.

كتاب مختصر أخبار مصر لعبد اللطيف البغدادي Relation de L’Egypte

هذا الكتاب مقالتان (tractatus) المقالة الأولى ستة فصول 6 chapitres:
  • الفصل الأول: في خواص مصر العامة.
  • الفصل الثاني: فيما تختص به من النبات.
  • الفصل الثالث: فيما تختص به من الحيوان.
  • الفصل الرابع: في اقتصاص ما شوهد من آثارها القديمة.
  • الفصل الخامس: فيما شوهد بها من غريب الأبنية والسفن.
  • الفصل السادس: في غرائب أطعمتها.
المقالة الثانية ثلاثة فصول:
  • الفصل الأول: في النيل، وكيفية زياداته، وعلل ذلك، وقوانينه.
  • الفصل الثاني: في حوادث سنة ٥٩٧ﻫ.
  • الفصل الثالث: في حوادث سنة ٥٩٨ﻫ.

الفصل الثاني (فيما تختص به من النبات)

ذكر عبد اللطيف في هذا الفصل ما شاهده من نبات مصر، وشرح بعضه وعلق عليه، فقد ذكر مما رآه في مصر: الملوخية Corchorus olitarius والخطمى Althia. ونوع من الخبازي يسمى بمصر ملوخية السودان، ويعرف بالعراق بالشوشنديبا Meluchia des Noirs.
وذكر اللبخ وشجرته كالسدرة، ريى نضرة وثمرته بقدر الخلال الكبار (نوع بلح) وفي لونه، إلا أنه مشبع الخضرة كلون الخس وما دام فجًا ففيه قبض كما في البلح، فإذا نضج طاب وحلا، وعاد فيه لزوجه ونواته كنواة الإجاص أو كقلب اللوزة بيضًا إلى الغبرة، وتكسر بسهولة فتنقلق عن لوزه ريًا بيضًا لينة، وإذا بقيت ثلاثة أيام ضمرت وصلبت، وكلما تطاول عليها الزمان اضمحل اللب وبقي القشر فارغًا أو كالفارغ إلا أنه لا يتشنج، بل يتقلقل اللب فيه لسعة المكان عليه، وتجد في طعم اللب مرارة ظاهرة، ولذعًا يبقى أثره في اللسان مدة، وقد حدست على أنه أحد ضروب الدند الثلاثة؛ فقد قال أرسطو وغيره: إن اللبخ كان بفارس سمًا قاتلًا فنقل إلى مصر فصار غذاء، وقال نيقولاس: وأما اللبخ فقد كان في أرض فارس Al labcha قاتلًا، فنقل إلى الشام وإلى مصر فصار جيدًا مأكولًا. وهو قليل غال، وإنما تكون في البلاد منه شجيرات معدودات، وأما خشبه ففي غاية الجودة، صلب خمري وأسود، وهو عزيز ثمين، وأهل مصر يحضرون اللبخ مع الفواكه والأنقال، وقال أبو حنيفة الدينوري: اللبخ شجرة عظيمة مثل الأثأب Ficus bengalensis إذا عظم، وورقها كورق الجوز، وله جنا كجنا الحماط Ficus Pseudosycomorus مر إذا أكل، أعطش، وإذا شرب عليه الماء نفخ البطن، وهو من شجر الجبال؛ ثم روى عن رجل من صعيد مصر أن اللبخ شجر عظام أمثال الدلب Tectoria grandis، له ثمر أخضر يشبه التمر حلو جدًّا إلا أنه كريه، جيد لوجع الأضراس، قال: وإذا نشر أرعف ناشره، وينشر فيبلغ ثمن اللوح خمسين دينارًا ويجعله أصحاب المراكب في بناء السفن لبعض العلل، وزعم أنه إذا ضم منه لوحان ضمًا شديدًا وجعلا في الماء سنة التحما، وصارا لوحًا واحدًا، وأكثر ما حكاه الدينوري لا أعرف صحته. وقال ابن سمجون: اللبخ يكون بمصر، وثمرته جيدة للمعدة، وقد يوجد عليه صنف من الرتيلا وورقه إذا جف قطع الدم ذرورًا، والإسهال شربًا، وفيها قبض بين، قال: وأما نوى ثمره، فيزعم أهل مصر أن أكله يحدث صممًا.
ثم ذكر عبد اللطيف الجميز، وصفاته وخشبه وخواصه وما قاله جالينوس وأبو حنيفة فيه؛ ثم ذكر البلسان Commiphora opobalsamum وقال: إنه لا يوجد اليوم إلا بمصر بعين شمس، وذكر كيفية استخراج دهنه.
وذكر القلقاس Colocasia، والموز وذكر المحمضات Acises وقال: إنه رأى بمصر أصنافًا كثيرة لم يرها بالعراق، منها أترج Citrus medica كبار، وإترج حلو وليمون مركب، وليمون البلسم … إلخ. وقال: إنه رأى صنفًا من التفاح بالإسكندرية وهو صغير جدًّا، قانى الحمرة، ورائحته تفوق الوصف، وتعلو المسك، وهو قليل جدًّا، وذكر القرط Medicago sativa ويسمى بالعراق الرطبة، وبالشام الفصة، ثم ذكر النخل، وقال: إنه كثير وثمره أقل حلاوة من ثمر العراق، وذكر الماش وهو المج Phaseoelus mango وقال: إنه لا يزرع بمصر وإنما يجلب إليها من الشام، وقال عن الذرة والدخن: إنهما لا يعرفان بمصر اللهم إلا بالصعيد الأعلى وخاصة الدخن، وذكر الأفيون وقال: إنه مما تختص به مصر، ويجتنى من الخشخاش الأسود بصعيد مصر.
وذكر شجر القرظ Acacia arabica وخلاصة الأقاقيا، وقال: إن شجرته هي السنط وتسمى الشوكة المصرية، وورقها هو القرظ بالحقيقة، والعصارة تسمى رب القرظ ويدبغ بها الجلود وتشرب للإسهال؛ ثم ذكر الفقوص Cucumus flexiosis وهو قثاء صغار، وذكر القثة وهو الخيار Cucumus sativus، وذكر بطيخًا يسمى عبدلي (وعبد اللاوي) Cucumus chate قيل: إنه نسب إلى عبد الله بن طاهر والي مصر عن المأمون، وقال: إن له أعناق ملتوية، وقشر خفيف، وطعم مسيخ، قلما يوجد فيه حلو، وأهل مصر يستطيبون عن البطيخ المولد المسمى عندهم بالخراساني والصيني، وأهل مصر يأكلونه بالسكر، وصغاره قبل أن تبلغ تكون كلون اليقطين، وشكله وكطعم القثاء وتسمى العجور، وقلما تجد في بطيخ مصر ما هو صادق الحلاوة؛ وأما البطيخ الأخضر Citullus vulgaris فيسمى بالغرب الدلاع، وبالشام البطيخ الزبش، وبالعراق الرقي، ويسمى أيضًا الفلسطيني والهندي؛ وأما اليقطين Lagenaria vulgaris فيكون بمصر مستطيلًا وفي شكل القثاء، ويبلغ في طوله إلى ذراعين، وفي قطره إلى شبر، وذكر الباقلي الأخضر التي تسمى بمصر الفول، وذكر الورد والياسمين والبنفسج والسفرجل Cydonia vulgaris، وقال: إنه بمصر رديء جدًّا صغير عفص، والرمان، وقال: إنه في غاية الجودة، وذكر القراسيا وقال: إنه لا يوجد بمصر، بل ببلاد الشام والروم، وذكر الإجاص Prunus domestica صغار حامض.
وقال: مما يذكر بمصر شجر خيار شنبر Cassia fistula وبها اللوز والسدر Zizyphus spiba Christi وثمرة النبق حلو جدًّا والنيل يكثر بها Indigofera tinctoria ولكنه دون الهندي.
وكتاب مختصر أخبار مصر هذا طبع بالعربية واللاتينية في أكسفورد pr J. white S. T. P. سنة ١٨٠٠م بعنوان Abdollatiphi Historiae Aegypti compendium, arabice et latine. Oxoni 1800.
ثم طبعه سلفستر دي ساسي مترجمًا إلى الفرنسية معلقًا عليه تعليقات نفيسة بالفرنسية والعربية Relation de L’Egypte par Abd allatif; par m. Silvestre de Sacy paris 1800.

(٢-١٨) صدقة السامري Sadaqa AL-Samiry (ت نحو٦٢٥ﻫ/١٢٢٥م)

هو صدقة بن منجا السامري، من الأكابر في صناعة الطب، والمتميزين من أهلها. كان كثير الاشتغال، محبًّا للنظر والبحث، قويًّا في الفلسفة، حسن الدراية لها، وكان يدرس صناعة الطب، وله تصانيف في الحكمة والطب، خدم الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وبقي معه سنين، إلى أن توفي في الخدمة. توفي صدقة بمدينة حران في سنة نيف وعشرين وستمائة سنة ٦٢٠ﻫ/١٢٢٣م، وله من الكتب مقالة في أسامي الأدوية المفردة.

(٢-١٩) الصاحب أمين الدولة (ابن غزال) Ibn Ghazal (ت ٦٤٨ﻫ/١٢٥٠م)

هو الصاحب الوزير العالم، والرئيس الكامل، أفضل الوزراء، أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد، كان سامريًا وأسلم، وكان قد بلغ من صناعة الطب غاياتها وأتقن معرفة أصولها وفصولها، كان أولًا عند الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن عز الدين فرخشاه بن أيوب معتمدًا عليه في الصناعة الطبية وأعمالها، مفوضًا إليه أمور دولته وأحوالها، ولم يزل عنده إلى أن توفي الملك الأمجد، وبعد ذلك استقل بالوزارة للملك الصالح عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، ثم اعتقل يوم الجمعة ثاني رجب ٦٤٣ﻫ/١٢٤٥م ظاهر دمشق، وأرسل إلى مصر تحت الحوطة، وأودع السجن في قلعة القاهرة، ثم شنق بها، وكانت له همة عالية في جمع الكتب وتحصيلها، واقتنى كتبًا كثيرة، فاخرة في سائر العلوم، وكان النساخ أبدًا يكتبون له، حتى بلغ المجتمع في خزانة كتبه نحو عشرين ألف مجلد. وللصاحب أمين الدولة من الكتب كثير جدًّا، منها كتاب النهج الواضح في الطب، وهو من أجل الكتب التي صنف في الصناعة الطبية، وأجمع لقوانينها الكلية والجزئية.

وهو ينقسم إلى خمسة كتب، الكتاب الثاني منها في الأدوية المفردة وقواها، والكتاب الثالث في الأدوية المركبة ومنافعها.

(٢-٢٠) نجم الدين بن المنفاخ Nagm EI-Den Ibn AL-Monfakh (٥٩٣–٦٥٢ﻫ/١١٩٧–١٢٥٤م)

هو الحكيم الأجل أبو العباس أحمد بن أبي الفضل أسعد بن حلوان، ويعرف بابن العالمة، لأن أمه كانت عالمة بدمشق، ولد بدمشق سنة ٥٩٣ﻫ، واشتغل على الحكيم مهذب الدين بن عبد الرحيم بن علي بصناعة الطب حتى أتقنها، وكان متميزًا في العلوم الحكمية، مليح التصنيف، فاضلًا في العلوم الأدبية، يترسل ويشعر، وله معرفة بالموسيقى، خدم بصناعة الطب الملك المسعود صاحب آمد، وحظى عنده واستوزره، ثم نقم عليه بعد ذلك، وتوفي في ١٣ ذي القعدة سنة ٦٥٢ﻫ/١٢٥٤م، وله من الكتب:
  • (١)
    كتاب الإشارات المرشدة في الأدوية المفردة Indecia dir igentia de medicamentis simplicibus.
  • (٢)
    كتاب التدقيق في الجمع والتفريق Disquisitio subtilis de conjontione et distinetione.

(٢-٢١) عماد الدين الدنيسري Emad EL-Din Al-Dinaysary (٦٠٥–٦٨٦ﻫ/١٢٠٨–١٢٨٧م)

هو الحكيم العالم عماد الدين أبو عبد الله محمد بن القاضي الخطيب تقي الدين عباس بن أحمد، مولده بمدينة دنيسر سنة ٦٠٥ﻫ/١٢٠٩م ونشأ به واشتغل بصناعة الطب وبرع به فيها، واشتغل بالأدب والفقه وسافر من دنيسر إلى مصر، ثم رجع إلى الشام سنة ٦٦٧ﻫ، وأقام بدمشق وخدم في البيمارستان الكبير النوري، وله من الكتب:
  • (١)

    المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة.

  • (٢)

    كتاب في المثروديطوس.

  • (٣)

    كتاب في تقدمة المعرفة لأبقراط.

  • (٤)
    كتاب نظم الترياق الفاروقي Poema de theriaca praes tèntissima Faruk dicta.

(٢-٢٢) السلطان المظفر الأشرف (يوسف بن عمر) Jusif Ibn Omar (٦١٩–٦٩٤ﻫ/١٢٢٢–١٢٩٥م)

هو يوسف بن عمر بن علي رسولًا الغساني، صاحب اليمن المتوفى سنة ٦٩٥ﻫ له كتاب المعتمد في الأدوية المفردة، وهو تفسير أسماء الأدوية المفردة مرتبة على حروف المعجم، قال: إنه استخرجه من كتاب الجامع لقوى الأدوية لابن البيطار، ومن كتاب المنهاج لابن جزلة، ومن كتاب أبي الفضل حسن بن إبراهيم التفليسي، ومن إبدال الزهراوي، ومن إبدال أحمد بن خالد المعروف بالجزار؛ وقد طبع بمصر أخيرًا سنة ١٣٢٧ﻫ وبآخره ذيل يسمى تفسير أسماء الأدوية مرتب على حروف المعجم، وهو أسماء النبات أو العقار مفسر بآخره.

(٢-٢٣) يوسف بن إسماعيل الخويي Josif Ibn Ismail AL-khoyi (ت ٧٤٥ﻫ/١٣٥٣م)

هو ابن إلياس الخويي المعروف بابن الكتبي البغدادي، قال صاحب كشف الظنون (في ما لا يسع) هو ليوسف بن إسماعيل الخويي الشافعي المعروف بابن الكتبي البغدادي، اختصره من مفردات ابن البيطار المسمى بالجامع، وشرح منفعة الدواء بما اشتهر من أسمائه، وزاد أسامي أدوية لم يذكرها، فهو كالمختصر من جهة، وكالشرح من جهة، وككتاب مفرد من جهة، وجعله كتابين: أحدهما يشتمل على مفردات الأدوية والأغذية، والآخر في المركب. وقدم على كل كتاب مقدمة تتعلق بقوانين وأحكام يجب معرفتها قبل الخوض فيها، وفرغ من جمعه في جمادى الأخرى سنة ٧١١ﻫ/١٣١١م. وهو كتاب جليل المقدار وجلالته بجلالة أصله الجامع لابن البيطار وخوصًا بما زاد عليه.

ما لا يسع الطبيب جهله Quod nefas est medica ignorare

قال يوسف بن إسماعيل في كتاب (ما لا يسع): وقفت على كثير من الكتب المصنفة في هذا الفن مختصرها ومطولها فلم أجد أجمع من كتاب ابن البيطار في الأدوية والأغذية المفردة المسمى بالجامع، ولا أنفع منه في هذا الفن، ولكني وجدت فيه من التطويل المضل، والتكرار الممل، والتقصير المخل، والاشتباه المزل ما لا يحصى كثرة، يظهر عليه من عنده أدنى تمييز مع خلو أكثره عن بيان ما تشتد الحاجة إليه وتدعو الضرورة إليه، كمزاج الدواء ودرجته في قوته ومقدار ما يستعمل منه، ولم يبين في الأكثر ضرر الدواء ولا استداركه، ولا ما يصلحه عند التناول والاستعمال، مع تطويله باسم أدوية مجهولة الماهية غير مشتهرة ولا معروفة، أو يذكر ماهيته ويطنب في شرحها، ولم يذكر تحتها منفعة مقصودة أو خاصية شريفة. ثم إنه اشترط شروطًا في تبيين اسم الدواء لم ينهض بأكثرها، وترك ذكر أسماء عربية وغير عربية مشهورة في أبوابها، ثم إنه كثيرًا ما يفسر البري بالجبلي، والمائي بالبحري … لكنه رحمه الله له فضيلة النقل والجمع، واستدرك على العشابين أحوالًا كثيرة مشتبهة عليهم، أداه إليها حسن اجتهاده وسعة علمه بها، وكثرة تفتيشه عليها، فاستخرت الله تعالى ونفيت عنه قشرته، وأظهرت لبته، فحذفت أسماء العلماء، وأسقطت منه التكرار وما لا طائل تحته من دواء أو غذاء، وما ليس بمعروف أو مشهور … إلخ.

والحقيقة أن كتاب «ما لا يسع الطبيب جهله» لم يخرج عن مختصر أو تعديل لجامع المفردات لابن البيطار.

(٢-٢٤) داود الأنطاكي EL-Antaki (ت ١٠٠٨ﻫ/١٦٠٠م)

لم يكن في العرب في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) من علماء النبات من يضاهي داود الأنطاكي، ولم يؤلف عالم في المفردات الطبية مثل ما ألف داود، فإنه قد زاد على من تقدمه من المؤلفين زيادة جديرة بالذكر سواء في المفردات أو في خواصها ومنافعها ولتقريب كتابه المسمى بالتذكرة من الأذهان، نذكر ما قاله داود في مقدمة كتابه، فإنها فضلًا عن غزارة مادتها فإذا هي تاريخ مختصر لعلم العقاقير أو النبات عند العرب، وأبدأ بالتعريف بداود نفسه:

فهو داود بن عمر البصير الأنطاكي، نزيل القاهرة، الحكيم الطبيب المشهور، رئيس الأطباء في زمانه، شيخ العلوم الحكمية، وأعجوبة الدهر. ولد بأنطاكية، وولد بعارض ريح تحكم في الأعصاب، يمنع قوائمه من حركة الانتصاب، وكان والده رئيس قرية سيدي حبيب النجار، ومتخذ قراره رباطًا للواردين فيه حجر للفقراء والمجاورين.

وكان داود يحمل في كل يوم إلى صحن الرباط، ثم يعاد به إلى المنزل عند النوم، فحفظ القرآن، ولقن مقدمات تثقيف اللسان، إلى أن نزل بساحة الرباط رجل من أفاضل العجم، ذو قدر منيف يسمى محمد شريف، فقرأ عليه بعض العلوم الإلهية؛ فلما رأى فيه التقدم اصطنع له دهنًا مده في حر الشمس، ولفه بلفافة من الفرق إلى القدم، وكرر ذلك فمشت الحرارة الغريزية فيه، ثم شد وثاقه وفصده من عضده وساقه، فقام بقدرة الله الواحد الأحد بنفسه بلا معونة، ودخل منزله على والده ففرح به، وضمه إلى صدره، وسأله عن القصة فذهب إلى الأستاذ وشكره، ثم قرأ عليه المنطق والرياضي، ثم اللغة اليونانية، ثم سافر وانقطعت عنه أخباره ومات أبواه، فكان داعيًا إلى هجرته إلى الديار المصرية فهبط القاهرة، وكان إذا سئل عن شيء من الفنون الحكمية والطبيعية والرياضية أملى على السامع ما يبلغ الكراسة والكراستين، وله كثير من التآليف الكبيرة، منها تذكرة أولى الألباب والجامع للعجب العجاب Liber memorialis cordatorum et maxie mirandum complectens، وكتاب البهجة والدرة المنتخبة فيما صح من الأدوية المجربة. وله تآليف أخرى كثيرة، وتوفي داود الأنطاكي سنة ١٠٠٨ﻫ/١٦٠٠م.

كتاب التذكرة Kitab AL-Tazkira

قال مؤلفه داود الأنطاكي: إنه بعد أن ألف كثيرًا تاقت نفسه إلى تأليف كتاب غريب، مرتب على نمط عجيب، لم يسبق إلى مثاله، ولم ينسج على منواله، ينتفع به العالم والجاهل، بالغ في بالاستقصاء، واجتهد في الجمع والإحصاء، وقد رتبه على مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة.

الباب الثاني منه في القوانين الجامعة لأحوال المفردات والمركبات وما ينبغي لكل منها، قال فيه: إن أول من ألف شمل هذا النمط وبسط للناس فيه ما بسط، ديسقوريدس اليوناني في كتابه الموسوم بالمقالات في الحشائش (ج١ ص٢٧)، ولكنه لم يذكر إلا الأقل حتى أنه أغفل ما كثر تداوله وامتلأ الكون بوجوده كالكمون والسقمونيا والغاريقون، ثم روفس فكان ما ذكره قريبًا من كلام الأول، ثم فولس فاقتصر على ما يقع في الأكحال خاصة، على أنه أخل بمعظمها كاللؤلؤ والإثمد، ثم آندروماخس فذكر مفردات الترياق الكبير فقط، ثم جالينوس فجمع كثيرًا من المفردات ولكنه لم يذكر إلا المنافع خاصة دون باقي الأحوال. ثم انتقلت الصناعة إلى أيدي النصارى، فأول من هذب المفردات اليونانية ونقلها إلى اللسان السرياني ديودور البابلي، ولم يزد على ما ذكروه شيئًا، حتى أتى الفاضل المعرب والكامل المجرب حنين بن إسحاق النيسابوري فعرب اليونانيات والسريانيات، وأضافها مصطلح الأقباط، لأنه أخذ العلم عن حكماء مصر وأنطاكية، ثم تلاه ولده إسحاق بن حنين بن إسحاق ففصل الأغذية من الأدوية فقط، ولم أعلم من النصارى من أفرد هذا الفن غير هؤلاء.

وأما البخاشعة (نسبة إلى بختيشوع) فلهم كثير من الكناشات، ثم انتقلت الصناعة إلى الإسلام، وأول واضع فيها الكتب من هذا القسم الإمام محمد بن زكريا الرازي، ثم مولانا الفرد الأكمل الحسين بن عبد الله ابن سينا رئيس الحكماء فوضع الكتاب الثاني من القانون، وهو أول من مهد لكل مفرد سبعة أشياء، ثم أخل بالأغلب إما لاشتغال باله أو لعدم مساعدة الزمان له، ثم ترادفت المصنفون على اختلاف أحوالهم فوضعوا في هذا الفن كتبًا كثيرة، من أجلها مفردات ابن الأشعث، وأبي حنيفة الدينوري، والشريف، وابن الجزار، وابن الصائغ، وجرجس بن يوحنا، وأمين الدولة ابن التلميذ، وابن البيطار، وصاحب ما لا يسع، وأجل هؤلاء الكتاب الموسوم بمنهاج البيان صناعة، الطبيب الفاضل يحيى بن جزلة، فقد جمع الأهم من قسمي الإفراد والتركيب في ألطف قالب وأحسن ترتيب، وأظن أن آخر من وضع في هذا الفن الحاذق الفاضل محمد بن علي الصوري، وكل من هؤلاء لم يخل كتابه مع ما فيه من الفوائد، عن إخلال بالجليل من المقاصد، كالتكرار من جهة الأسماء كذكرهم القطلب Arbutus unedo في محل وقاتل أبيه في محل، وكلاهما واحد.

ولقد ترجمنا هؤلاء مع غيرهم من الحكماء في طبقاتنا وذكرنا ما اشتملت عليه كتبهم، ونحن إن شاء الله ذاكرون في هذا الباب والذي يليه ما أغفله أهل هذه الصناعة، وما حدث من الأدوية والتجارب لهم ولنا إلى يومنا هذا وهو مفتتح ربيع الآخر من شهور سنة ٧٩٧ﻫ.

والباب الثالث من التذكرة يتضمن ذكر المفردات والقرابادنيات، أعني التراكيب المنوعة مفصلًا مرتبًا على حروف المعجم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤