الفصل الأول

أهدي هذا الفصل لمتجر باكافينيكس بوكس في تورونتو بكندا. هو أقدم متجر لكتب الخيال العلمي في العالم، ويرجع له الفضل فيما أنا عليه الآن. دخلته متجولًا للمرة الأولى في سن العاشرة تقريبًا ملتمسًا النصح بشأن ما يمكنني قراءته. صحبتني يومها تانيا هاف (نعم، تانيا هاف الشهيرة، لكنها آنذاك لم تكن قد أصبحت بعدُ الكاتبة المعروفة آنذاك!) إلى قسم الكتب القديمة، ووضعت في يدي نسخة من رواية «المزغب الصغير» للكاتب هنري بيم بايبر، لتغيِّر بذلك حياتي إلى الأبد. وببلوغي الثامنة عشرة، كنت أعمل في هذا المتجر — حيث اضطلعت بعمل تانيا عند تقاعدها للتفرغ للكتابة — وتعلمت دروسًا لم تفارقني طوال حياتي حول كيفية شراء الناس للكتب ولماذا. ومن وجهة نظري، ينبغي لكل كاتبٍ العملُ في متجر للكتب (وقد عمل بالفعل العديد من الكُتَّاب في متجر باكا على مر السنين! وفي الذكرى الثلاثين للمتجر، جمع القائمون عليه مقتطفات أدبية مختارة للقصص التي ألفها كُتَّاب عملوا به، وهم: ميشيل ساجارا (المعروفة أيضًا باسم ميشيل ويست)، وتانيا هاف، ونالو هوبكينسن، وتارا تالان … وأنا).

***

أنا طالب في السنة النهائية بمدرسة سيزار شافيز الثانوية في حي ميشن المشمس بمدينة سان فرانسيسكو؛ ما يجعلني واحدًا من أكثر الناس خضوعًا للمراقبة في العالم. أُدعَى ماركوس يالو، لكن حينما بدأت هذه القصة، كنت أُعرَف باسم w1n5t0n ويُنطَق «وينستون».

ولا يُنطَق «دابليو وان إن فايف تي زيرو إن»، إلا إذا كُنتَ موظفًا معنيًّا بشئون التأديب يفتقر إلى المعرفة متخلفًا عن ركب المعاصرة، حتى إنك ما زلت تطلق على الإنترنت «طريق المعلومات فائق السرعة».

أعرف شخصًا على هذا القدر من الجهل يُدعَى فريد بينسان، وهو أحد النواب الثلاثة لمدير مدرسة سيزار شافيز، شخص قليل الحيلة للغاية. لكن إذا كان لا بد من سجَّان، فقليل الحيلة أفضل من المدرك جيدًا للأمور.

في صبيحة أحد أيام الجمعة، قال بينسان عبر مكبر الصوت: «ماركوس يالو.» هذا المكبر ليس جيدًا في الأساس، وعند اجتماعه بغمغمة بينسان المعتادة، يكون الصوت الناتج أشبه بشخص يصارع لهضم بوريتو محشو سيئ الصنع، من كونه إعلانًا مدرسيًّا. بيد أن الإنسان يجيد الانتباه إلى اسمه وسط التشوش الصوتي … إنها إحدى سمات البقاء.

التقطتُ حقيبتي، وأنزلت شاشة الكمبيوتر المحمول لكن ليس للنهاية؛ إذ لم أرد إفساد عمليات التنزيل التي كنت أجريها، وتأهبت لقدري المحتوم.

«احضر إلى مكتب الإدارة فورًا.»

رمقتني السيدة جالفيس، معلمتي لمادة الدراسات الاجتماعية، بنظرة استغراب، فبادلتُها إياها، فكان السبب الذي يعاقبني عليه بينسان دومًا هو اختراقي جدران (نظم) الحماية الإلكترونية للمدرسة ببراعة، وخداعي لبرنامج التعرف على الأفراد بالمشية، وتخريبي لشرائح التتبُّع الإلكترونية التي يتتبعوننا بها. جالفيس طيِّبة القلب، على أية حال؛ فهي لا تتحامل عليَّ لمثل هذه الأفعال أبدًا (لا سيما أنني أساعدها في التعامل مع حساب بريد الويب الخاص بها لتتمكن من التحدث مع أخيها المجند في العراق).

ضربني صديقي داريل على مؤخرتي عند مروري به. أعرف داريل منذ الطفولة، فكنا نهرب معًا من الحضانة، ومنذ ذلك الحين وأنا دائمًا أدخله في مشكلات وأخرجه منها. رفعت ذراعيَّ فوق رأسي كالملاكمين المحترفين، وخرجت من حصة الدراسات الاجتماعية، وبدأت سيري نحو المكتب كالمتهم الموجهة إليه الأنظار.

كنت في منتصف الطريق عندما رنَّ هاتفي. كان ذلك أحد الأمور المحظورة الأخرى — فالهواتف ممنوعة منعًا باتًّا في مدرسة شافيز الثانوية — لكن لماذا يوقفني ذلك عن استخدامها؟ اختفيت عن الأنظار في دورة المياه، وأغلقت الباب على نفسي في الحمام الموجود بالمنتصف (فالأبعد يكون دائمًا الأقذر؛ لتوجه الكثيرين إليه مباشرة أملًا منهم في الهروب من الرائحة الكريهة وما يثير الاشمئزاز؛ لذا فالحمام الموجود بالمنتصف هو الأكثر نظافة ونفعًا). تحققت من الهاتف؛ فوجدت أن جهاز الكمبيوتر المكتبي الموجود بالمنزل قد أرسل رسالة بالبريد الإلكتروني لهاتفي للتنبيه بأمر مستجد في لعبة «هاراجوكو فان مادنس»، وهي تصادف أن تكون اللعبة الأفضل على الإطلاق.

ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهي؛ فليس هناك ما هو أسوأ من قضاء أيام الجمعة في المدرسة بأية حال؛ ولذلك أسعدني ما تسنى لي من عذر للهروب.

سرت متمهلًا ما تبقى من الطريق إلى مكتب بينسان، ولوحت له بيدي أثناء دخولي سريعًا من الباب.

قال: «أليس اسمك «دابليو وان إن فايف تي زيرو إن»؟» كان فريدريك بينسان — رقم الضمان الاجتماعي ٥٤٥-٠٣-٢٣٤٣، تاريخ الميلاد ١٥ أغسطس ١٩٦٢، اسم الأم قبل الزواج دي بونا، مسقط الرأس بيتلوما — يفوقني طولًا بكثير، فأنا قصير لا يتجاوز طولي نحو مائة وسبعين سنتيمترًا، في حين يبلغ هو من الطول حوالي مترين، وقد مر على ممارسته لكرة السلة في الجامعة فترة طويلة، أسفرت عن ترهل عضلات صدره التي تظهر على نحو مخجل أسفل القمصان قصيرة الأكمام التي يحصل عليها مجانًا عبر الإنترنت. بدا دائمًا بمظهر مَنْ على وشك أن يضربك بقوة على مؤخرتك، وهو على استعداد باستمرار لرفع صوته لإحداث تأثير درامي. وقد بدأت هاتان السمتان في فقدان فعاليتهما بفعل التكرار.

أجبته: «لا، للأسف. لم أسمع من قبل عن شخصية الروبوت الفضائي «الآر تو دي تو» هذه التي تتحدث عنها.»

تهجى الاسم مرة أخرى قائلًا: «دابليو وان إن فايف تي زيرو إن»، ورمقني بنظرة شك قطَّب فيها جبينه، وانتظر مني أن أرتعد خوفًا. كان ذلك اسمي، بالطبع، وطالما كان كذلك لسنوات. إنه الهوية التي استخدمتها عند نشري الأفكار بمنتديات الرسائل التي كنت أساهم عبرها في مجال أبحاث الأمن التطبيقي، مثل هروبي من المدرسة وتعطيلي آلية تعقب المفكرات على هاتفي. لكن بينسان لم يكن يعرف أن ذلك اسمي. لم يعرفه في الواقع سوى عدد قليل من الناس الذين أثق فيهم ثقة عمياء.

قلت له: «امممم … لا يذكرني بأي شيء.» كنت قد نفَّذت عددًا من العمليات الرائعة بأرجاء المدرسة مستخدمًا هذا الاسم — وما يشعرني بفخر شديد عملي على أدوات للقضاء على شرائح التتبع — وإذا تمكن بينسان من الربط بين الهويتين، فسأقع في مشكلة. لم ينادني أحد من قبل في المدرسة بهذا الاسم، ولا حتى وينستون، بما في ذلك أصدقائي. فاسمي ماركوس فقط.

استراح بينسان على كرسيه خلف المكتب، وضرب بخاتمه الخاص بالتخرج بعصبية على الدفتر الموجود أمامه. كان يفعل ذلك متى بدأت الأمور تسوء بالنسبة له. يطلق لاعبو البوكر على مثل هذه التصرفات «الأمارة»؛ أي الشيء الذي يسمح لك بمعرفة ما يدور برأس شخص آخر. وقد كنت أعلم أمارات بينسان عن ظهر قلب.

«ماركوس، أرجو أن تكون مدركًا مدى خطورة ما نتحدث عنه.»

«سأفعل عندما توضِّح لي ما الذي نتحدث عنه، سيدي.» أقول «سيدي» دائمًا لأفراد السلطة عندما أعبث معهم. وهذه «أمارتي».

هزَّ بينسان رأسه، ونظر لأسفل … أمارة أخرى. سيبدأ الآن في الصياح بوجهي في أية لحظة. «اسمع، يا فتى! آن الأوان لتواجه حقيقة معرفتنا بما كنت تفعله، وأننا لن نتهاون في هذا. ستكون محظوظًا إن لم تُفصَل قبل انتهاء هذا الاجتماع. هل ترغب في التخرج؟»

«سيد بينسان، لم توضح لي بعدُ المشكلة …»

ضرب يده بعنف على المكتب، ثم أشار بإصبعه إليَّ، وقال: «المشكلة، يا سيد يالو، هي أنك اشتركت في مؤامرة إجرامية لتخريب نظام المدرسة الأمني، وعرَّفت زملاءك الطلاب بإجراءات مضادة للأمن. أنت تعلم أننا قد فصلنا جراثيلا أوريارتي الأسبوع الماضي لاستخدامها أحد أجهزتك.» كانت أوريارتي بريئة من التهمة التي نُسِبت إليها؛ فقد ابتاعت جهاز تشويش لاسلكيًّا من متجر متخصص في بيع الأدوات التي تهمُّ متعاطي المخدرات يقع بالقرب من محطة بارت بشارع ١٦، وتسبب ذلك الجهاز في إجراءات مضادة للأمن في رواق المدرسة. لم أكن أنا السبب، لكنني شعرت بالتعاطف معها.

«وهل تعتقد أن لي يدًا في ذلك؟»

«لدينا معلومات استخباراتية موثوقة تشير إلى أنك «دابليو وان إن فايف تي زيرو إن».» — تهجى الاسم ثانيةً، وبدأت أتساءل ما إذا لم يكن قد أدرك بعد أن الرقم «وان» يشير إلى الحرف «ي» والرقم «فايف» يشير للحرف «س». استطرد بينسان حديثه: «ونعلم أن هذه الشخصية مسئولة عن سرقة الاختبارات القياسية العام الماضي.» لم أكن أنا المسئول في الحقيقة عن هذه الواقعة، لكنها كانت عملية بارعة، وشعرت بشيء من الإطراء لسماعي أنها منسوبة إليَّ. «ومن ثم، فأنت عرضة للسجن عدة سنوات ما لم تتعاون معي.»

«لديك «معلومات استخباراتية موثوقة»؟ أود أن أراها.»

حملق في وجهي، وقال: «موقفك هذا لن يساعدك.»

«إذا كان لديك دليل، يا سيدي، فأعتقد أن عليك الاتصال بالشرطة، وتسليمي لهم؛ فيبدو الأمر خطيرًا للغاية، ولا أود أن أقف في طريق تحقيق مناسب تجريه السلطات المختصة.»

«أتريدني أن أتصل بالشرطة؟»

«ووالديَّ — على ما أعتقد — فالمصلحة تقتضي ذلك.»

حدق كلٌّ منا في الآخر. من الواضح أنه كان متوقعًا أن أنهار فور إبلاغه إياي هذا الخبر الصادم، لكنني لم أفعل. كان لديَّ أسلوب في الانتصار على أمثال بينسان بالتحديق فيهم؛ فكنت أتوجه بنظري قليلًا ناحية يسار رءوسهم، وأفكر في كلمات أغاني أيرلندية شعبية قديمة من النوعية المكونة من ثلاثمائة بيت. وكان ذلك يجعلني أبدو هادئًا ومتزنًا تمامًا.

«وكان الجناح على الطائر، والطائر على البيضة، والبيضة على العش، والعش على الورقة، والورقة على الغصين، والغصين على الغصن الصغير، والغصن الصغير على الغصن الكبير، والغصن الكبير على الشجرة، والشجرة في المستنقع … والمستنقع بالوادي … أووه! يا له من مستنقع جميل! بالوادي … أووه …»

قال بينسان: «يمكنك العودة للفصل الآن، وسأستدعيك عندما تكون الشرطة مستعدة للحديث معك.»

«هل ستتصل بهم الآن؟»

«إجراءات الاتصال بالشرطة معقدة. كنت أتمنى أن نتمكن من تسوية الأمر سريعًا وبهدوء، لكن طالما أنك مصمم …»

قلت له: «بوسعي الانتظار لحين الاتصال بهم، لا مانع لدي في ذلك.»

ضرب بخاتمه ثانيةً، فتأهبت لهجوم عنيف من جانبه.

صاح بينسان: «اذهب! لتخرج من مكتبي أيها الفتى اللعين البائس …»

خرجت من المكتب، دون أن أبدي أي تعبير على وجهي. لم يكن ينوي الاتصال بالشرطة؛ فلو كان لديه ما يكفي من الأدلة لتقديمها للشرطة، لاتَّصل بهم من البداية. لقد كان يُكِنُّ لي كرهًا شديدًا، وأعتقد أنه قد تناهى إلى سمعه بعض الإشاعات غير المؤكدة عني، ورغب في تخويفي لأؤكدها له.

أخذت أسير في الرواق بنشاط ولامبالاة، مع الحفاظ على مشيتي موزونة ومدروسة مراعاةً لكاميرات التعرف على المشية. جرى تركيب هذه الكاميرات منذ عام واحد، وقد أحببتها لغبائها المطلق. كان لدينا في السابق كاميرات للتعرف على الوجوه بكل مكان عام تقريبًا في المدرسة، غير أن المحكمة أصدرت حكمًا بعدم دستورية ذلك؛ لذا، أنفق بينسان والكثيرون غيره من الموظفين الإداريين المرضى بجنون الارتياب أموالنا التي دفعناها مقابل الكتب المدرسية على هذه الكاميرات الغبية التي من المفترض أن تميز الأفراد بمشيتهم!

عدت إلى الفصل، وجلست ثانيةً مع ترحيب حار من السيدة جالفيس. أخرجت أدوات المدرسة المعتادة، وعُدت لأجواء الفصل الدراسي. كانت أفضل هذه الأدوات على الإطلاق في التجسس هي أجهزة الكمبيوتر المدرسية المحمولة؛ فهي تسجل كل ضغطة مفتاح، وتراقب كل صور استخدام الشبكة للكشف عن أي كلمات أساسية مريبة، وتحسب كل نقرة، وتتعقب كل فكرة خاطفة تنشرها على الشبكة. حصلنا على هذه الأجهزة في السنة قبل النهائية بالمدرسة، وفقدَتِ الفكرة بريقها بالنسبة لي في غضون بضعة أشهر فحسب؛ فما إن اكتُشِف أن هذه الأجهزة «المجانية» تهدف لتحقيق المصلحة للسلطة — فكانت تعرض أيضًا سلسلة من الإعلانات البغيضة — حتى بدأ الطلاب يشعرون فجأة بأنها ثقيلة ومرهقة جدًّا.

كان اختراق الكمبيوتر المدرسي المحمول الخاص بي سهلًا، فتوفرت صيغة الاختراق على الإنترنت في غضون شهر من ظهور الجهاز، وكانت بسيطة تمامًا، كل ما عليك فعله هو تنزيل صورة قرص فيديو رقمي، ونسخها، ثم إدخالها إلى الكمبيوتر، وتشغيلها أثناء الضغط في الوقت ذاته على مجموعة من المفاتيح المختلفة، وسيتولى قرص الفيديو الرقمي ما تبقى من المهمة؛ فيثبت مجموعة مختلفة من البرامج الخفية على الجهاز، وهي البرامج التي ستظل خفية حتى لمجلس التعليم عند إجرائه فحوص السلامة اليومية عن بُعد للأجهزة. وتوجَّب عليَّ بين الحين والآخر تحديث البرنامج لخداع أحدث اختبارات المجلس، لكنَّ ذلك كان ثمنًا بسيطًا مقابل بعض التحكم في الجهاز.

بدأت برنامجًا اسمه «آي إم بارنويد»، وهو برنامج مراسلات فورية سري كنت أستخدمه عندما أرغب في إجراء محادثة غير مسجلة أثناء الحصص الدراسية. كان داريل متصلًا بالفعل آنذاك.

«اللعبة مستمرة! شيء كبير حدث في لعبة «هاراجوكو فان مادنس»، يا صاح! هل ستأتي معي؟»

«مستحيل! إذا أُمسِك بي للمرة الثالثة وأنا أحاول الهرب، فسأُفصَل. أنت تعلم ذلك! سنذهب بعد دوام المدرسة.»

«أمامك وقت الغداء، ثم قاعة الدراسة، أليس كذلك؟ مجموع ذلك ساعتان؛ أي وقت وفير لاكتشاف ما حدث في اللعبة، والعودة قبل أن يلاحظ أحد غيابنا. سأجعل كل الفريق يخرج معنا.»

«هاراجوكو فان مادنس» هي أفضل لعبة اختُرِعت على الإطلاق. أعلم أنني قد أشرت لذلك مسبقًا، لكنها معلومة تستحق التكرار. إنها إحدى ألعاب الواقع البديل، وتدور فكرتها حول عصابة من المراهقين اليابانيين المعاصرين يكتشفون جوهرة شافية ذات قوة خارقة في معبد في هاراجوكو، وهو المكان الذي ابتكر فيه المراهقون اليابانيون الرائعون كل ثقافة ثانوية مهمة ظهرت في الأعوام العشرة الماضية. يطاردهم رهبان أشرار، والياكوزا (المافيا اليابانية)، وكائنات فضائية، ومفتشو ضرائب، وآباء، وذكاء اصطناعي خبيث. يحل هؤلاء الأعداء رسائل اللاعبين المشفرة التي يلزم علينا فكها، ويستخدمونها للتوصل إلى أدلة تؤدي بدورها إلى مزيد من الرسائل المشفرة والأدلة.

تخيل أنك تقضي أفضل فترة بعد الظهيرة على الإطلاق في التجول بشوارع مدينة ما، متفحصًا غريبي الأطوار، والإعلانات العجيبة التي توزَّع باليد، ومجانين الشوارع، والمحال غير التقليدية. هذا فضلًا عن مطاردة تتطلب منك البحث في أغانٍ وأفلام قديمة عجيبة، وثقافة مراهقين من جميع أنحاء العالم، ومن كل الأزمان والأماكن. وهي مسابقة يحصل الفريق الفائز بها — والمكون من أربعة أفراد — على جائزة رائعة؛ وهي قضاء عشرة أيام في طوكيو، يتنزهون فيها على جسر هاراجوكو، ويستمتعون بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في منطقة أكيهابارا، ويشترون جميع منتجات الطعام التي تحمل صورة شخصية «الفتى أسترو» الكرتونية، غير أنه يُعرَف باسم «الفتى أتوم» في اليابان.

تلك هي لعبة «هاراجوكو فان مادنس». وعندما تحل لغزًا أو اثنين، لن يمكنك التراجع بعد ذلك أبدًا.

«لا، لن أفعل. لا، لا تطلب حتى ذلك ثانيةً.»

«أنا بحاجة إليك يا دي. أنت أفضل رفاقي. أقسم لك بأنني سأحرص على دخولنا وخروجنا دون أن يعلم أحد. أنت تعلم أن ذلك بإمكاني، أليس كذلك؟»

«أعلم أنه بإمكانك.»

«إذن، ستأتي؟»

«كلا!»

«بالله عليك يا داريل! لن تندم إذا مت قبل أن تحضر مزيدًا من الحصص في المدرسة.»

«ولن أندم إذا مت قبل أن أقضي مزيدًا من الوقت في لعب إحدى ألعاب الواقع البديل أيضًا.»

«نعم، لكنك قد تندم إذا لم تقضِ مزيدًا من الوقت مع فانيسا باك، أليس كذلك؟»

كانت فان أحد أعضاء فريقي، وقد التحقت بمدرسة خاصة للفتيات في منطقة إيست باي، لكنني كنت أعلم أنها ستهرب لتنضم إليَّ وتنفذ المهمة معي. كان داريل معجبًا بها لسنوات، حتى قبل أن تتبدى مفاتنها العديدة بوصولها مرحلة البلوغ. وقع داريل في حب عقلها. أمر محزن حقًّا!

«أيها الحقير!»

«ستأتي؟»

نظر إليَّ، وهزَّ رأسه، ثم أومأ بها موافقًا. غمزت بعيني له، ثم بدأت الاتصال بباقي أعضاء الفريق.

•••

لم أكن دائمًا ولِعًا بألعاب الواقع البديل، فلدي سر خطير، وهو أنني اعتدت على ألعاب تقمص الأدوار في إطار طبيعي. ويعكس هذا الاسم طبيعة هذه الألعاب بالضبط؛ ففيها يجري اللاعب في الأرجاء مرتديًا أزياء التمثيل، ويتحدث بلكنة غريبة، متظاهرًا بأنه جاسوس عظيم أو مصاص دماء أو فارس من القرون الوسطى. وهي تشبه لعبة «الإمساك بالعلم» مع بعض ملامح لعب الأدوار الدرامية وألعاب محاربي التنين، وأفضلها تلك التي لعبناها في مخيمات الكشافة خارج المدينة في سنوما أو شبه الجزيرة. وكان من الممكن أن تصير هذه الملاحم، التي تستمر ثلاثة أيام، خطيرةً للغاية، مع رحلات السير على الأقدام نهارًا، والمعارك الملحمية باستخدام السيوف المصنوعة من الخيزران والمطاط الزبدي، وإلقاء التعاويذ السحرية برمي أكياس صغيرة مملوءة بالحبوب والصياح «كرة نارية!» وهكذا. لعبة ممتعة، وإن كانت بلهاء بعض الشيء. لكنها ليست على القدر نفسه من غرابة التحدث عما يخطط له الجني الصغير الذي تلعب به أثناء جلوسك على مائدة مملوءة بالمشروبات الغازية منخفضة السعرات، والمجسمات الصغيرة الملونة؛ وهي أكثر نشاطًا بدنيًّا من الدخول في غيبوبة وأنت ممسك بالفأرة أمام لعبة يشترك فيها عدد كبير من اللاعبين في المنزل.

كانت الألعاب المصغرة التي كنا نمارسها في الفنادق هي ما أوقعتني في مشكلات، فمع وصول أي مؤتمر للخيال العلمي إلى المدينة، كان أحد ممارسي ألعاب تقمص الأدوار في إطار طبيعي يقنع القائمين على المؤتمر بالسماح لنا بممارسة بعض من الألعاب المصغرة التي تبلغ مدتها ست ساعات في المؤتمر، متطفلين على قيمة تأجيرهم للمكان. وكان تواجد مجموعة من الشباب المتحمسين يركضون في الأرجاء مرتدين ملابس تمثيل يضفي حيوية على الحدث، وكنا نستمتع وسط أفراد حتى أكثر انحرافًا من الناحية الاجتماعية منَّا.

لكن عيب الفنادق أن زوَّارها لا يقتصرون على هواة الخيال العلمي فحسب، وإنما تضم كذلك الكثير ممن لا يمارسون هذه الألعاب. أشخاص عاديون، من ولايات تبدأ أسماؤها وتنتهي بحروف متحركة، يقضون إجازاتهم.

وفي بعض الأحيان، يسيء هؤلاء الأفراد فهم طبيعة الألعاب.

لنكتفِ بهذا القدر من الحديث في هذا الشأن، حسنًا؟

•••

انتهت الحصة بعد عشر دقائق، ولم يترك لي ذلك الكثير من الوقت للاستعداد. كانت المهمة الأولى هي التعامل مع كاميرات التعرف على المشية المزعجة. ومثلما أشرت من قبل، كانت هذه الكاميرات في البداية للتعرف على الوجوه، لكن صدر حكم بعدم دستورية استخدامها. وعلى حد علمي، لم تصل محكمة بعدُ إلى قرار بشأن ما إذا كانت كاميرات التعرف على المشية هذه قانونية أم لا. لكن إلى أن تفعل، لا مفر من التعامل معها.

المشية هي الطريقة التي تسير بها، ويبرع الناس في تحديد هذ الطريقة. عند انضمامك لرحلة تخييم المرة القادمة، لاحظ اهتزاز ضوء المصباح اليدوي أثناء اقتراب صديق آتٍ من بعيد نحوك، فمن المرجح أن تتمكن من التعرُّف عليه من حركة الضوء فقط؛ أي الطريقة المميزة التي يهتز بها إلى أعلى وأسفل، والتي يمكن أن تبعث برسالة لعقولنا بأنَّ هناك شخصًا يقترب منَّا.

يلتقط برنامج التعرف على المشية صورًا لحركتك، ويحاول عزلك في الصور كصورة ظلية، ثم مطابقة هذه الصورة الظلية بقاعدة بيانات لمعرفة ما إذا كانت هذه القاعدة ستتعرف على هويتك أم لا. إنه نوع من معرفات القياس الحيوي، مثل بصمات الأصابع، أو مسح شبكية العين، لكنه ينطوي على تناقضات تفوق بكثير هذه المعرفات الأخرى. ويحدث «تناقض» القياس الحيوي عندما يتطابق القياس مع أكثر من شخص واحد؛ فلا يشترك أحد معك في بصمة إصبعك، أما المشية فيشاركك فيها كثيرون.

ليس تمامًا، بالطبع، فمشيتك بحذافيرها تنفرد بها وحدك، ولا أحد غيرك يشترك معك فيها. بيد أن المشكلة تتمثل في التغيرات التي تطرأ على هذه المشية وفقًا لمدى شعورك بالإرهاق، ومما تتكون الأرضية التي تمشي عليها، وما إذا كنت قد أجهدت كاحلك أثناء لعب كرة السلة، أو استبدلت حذاءك مؤخرًا؛ ومن ثَمَّ، يشوش النظام بشكل ما صورتك الجانبية، باحثًا عن أفراد يسيرون مثلك.

يتشابه الكثير من الناس معك في مشيتهم، أضف إلى ذلك أنه من السهل عليك تغيير الطريقة التي تسير بها، وأبسط مثال على ذلك أن تخلع إحدى فردتي الحذاء. في هذه الحالة، ستسير بالطبع مثلما تفعل دائمًا عند خلع إحدى فردتي حذائك، وبالتالي ستكشف الكاميرات في النهاية عن هويتك. ولهذا، أُفضِّل إضفاء بعض العشوائية على الأسلوب الذي أتبعه في خداع تقنية التعرف على المشية؛ فأضع حفنة من الحصى في كل فردة حذاء. وسيلة فعالة ورخيصة، ولا تبدو فيها خطوتان متماثلتين. هذا إلى جانب حصولك على تدليك رائع للقدمين بتطبيق علم المنعكسات (إنني أمزح! فعلم المنعكسات على القدر نفسه من الفائدة العلمية كتقنية التعرف على المشية).

اعتادت الكاميرات إصدار إنذار في كل مرة يدخل فيها شخص لا تتعرف عليه إلى حرم المدرسة.

لكن ذلك لم يُجدِ نفعًا.

فكان الإنذار يصدر كل عشر دقائق؛ عند مجيء ساعي البريد، وعند وصول أحد أولياء الأمور، وعند ذهاب العمال لإصلاح ملعب كرة السلة، وعند ارتداء أحد الطلاب حذاءً جديدًا.

ومن ثم، فإنها تحاول حاليًّا تعقُّب من يوجد أين ومتى. وإذا خرج شخص ما من بوابات المدرسة أثناء الحصص المدرسية، تُفحَص مشيته لمعرفة ما إذا كانت تطابق مشية أيٍّ من الطلاب. وإن كان الأمر كذلك، يصدُر الإنذار على الفور!

تطوِّق الممرات المغطاة بالحصى مدرسة شافيز الثانوية، وأحب دائمًا الاحتفاظ بحفنتين من هذا الحصى في حقيبة الظهر الخاصة بي، كإجراء احتياطي. مرَّرت لداريل في هدوء عشرًا أو خمس عشرة حصاة صغيرة مستدقة الأطراف، ووضعناها في حذاءينا.

أوشكت الحصة على الانتهاء، وأدركت حينها أنني لم أتحقق بعدُ من موقع لعبة «هاراجوكو فان مادنس» الإلكتروني لمعرفة مكان الدليل التالي! فقد كان تركيزي بالكامل منصبًّا على الهروب، ولم أزعج نفسي باكتشاف المكان الذي سنهرب إليه.

توجهت إلى الكمبيوتر المدرسي المحمول الخاص بي، وضغطت على لوحة المفاتيح. كان مزودًا ببرنامج تصفح الويب الذي علينا استخدامه، وهو إصدار مؤمَّن مزود ببرنامج تجسس من برنامج التصفح «إنترنت إكسبلورر»، ذلك البرنامج الحقير الكثير الأعطال الذي تنتجه شركة مايكروسوفت، والذي لا يستخدمه أحد دون الأربعين عامًا طوعًا.

كانت لدي نسخة من برنامج التصفح «فايرفوكس» على محرك اليو إس بي المُدمَج في ساعة اليد الخاصة بي، لكن ذلك لم يكن كافيًا؛ فقد كان نظام تشغيل الكمبيوتر المدرسي المحمول هو «فيستا فور سكولز»، وهو نظام تشغيل عتيق مصمم لإيهام الإداريين بالمدارس بأنهم يتحكمون في البرامج التي يمكن للطلاب تشغيلها.

لكن نظام التشغيل «فيستا فور سكولز» هو في حد ذاته أسوأ أعدائه؛ فيوجد الكثير من البرامج التي لا يرغب هذا النظام في أن تتمكن من إغلاقها، مثل برامج رصد ضغطات لوحة المفاتيح، وبرامج الرقابة. وهذه البرامج تعمل في وضع خاص يجعلها غير مرئية للنظام، ولا يمكنك التخلص منها لأنك لا تعرف بوجودها في المقام الأول.

أي برنامج يبدأ اسمه ﺑ $SYS$ يكون غير مرئي لنظام التشغيل، فلا يظهر في قوائم محرك الأقراص الصلبة، ولا في أداة مراقبة العمليات؛ لذا، حملَتْ نسخة «الفايرفوكس» التي كنت أستخدمها اسم $SYS$Firefox. وبتشغيلي إياها صارت غير مرئية لنظام ويندوز، وبالتالي لبرامج التجسس الموجودة بالشبكة.

صار يعمل على الجهاز الآن برنامج تصفح ويب مستقل، ولزم الحصول على اتصال شبكة مستقل أيضًا؛ فشبكة المدرسة كانت تسجل كل نقرة داخل النظام وخارجه، ما يعد أمرًا سيئًا إذا كنت تخطط لتصفح موقع «هاراجوكو فان مادنس» الإلكتروني للحصول على بعض المتعة بعيدًا عن المنهج الدراسي.

وحلُّ هذه المشكلة شيء بارع اسمه «تور» (أو مُوجِّه الاتصال المجهول). وموجه الاتصال المجهول هو موقع على الإنترنت يتلقى طلبات الوصول لصفحات معينة على الويب، ثم يمررها إلى موجِّهات أخرى من النوع نفسه، وهكذا، حتى يقرر أحد هذه الموجهات أخيرًا الوصول إلى الصفحة وتمريرها عبر الموجهات إلى أن تصل إليك. والانتقال بين موجهات الاتصال المجهول مشفر، ما يعني أن المدرسة لا يمكنها رؤية ما تطلبه، والموجهات لا يمكنها معرفة هوية من تعمل له. ويوجد العديد من العقد هنا؛ فمَن وضع هذا البرنامج هو المكتب الأمريكي للأبحاث البحرية لمساعدة العاملين به في الإفلات من برامج الرقابة في دول مثل سوريا والصين. ومعنى ذلك أن تصميمه يتلاءم تمامًا مع التشغيل في حدود مدرسة ثانوية أمريكية عادية.

ينجح «تور» لأن المدرسة لديها لائحة سوداء محدودة من العناوين الإلكترونية المحظورة على الطلاب زيارتها، وعناوين العقد تتغير باستمرار؛ ومن ثم ما من سبيل أمام المدرسة لتعقبها كلها. حوَّلني كلٌّ من برنامج «فايرفوكس» و«تور» إلى الرجل الخفي الذي لا يتأثر بتجسس مجلس التعليم، ويتحقق بحرية من موقع لعبة «هاراجوكو فان مادنس»، ويتعرف على ما يستجد به.

ها هو ذا دليل جديد. ومثل جميع أدلة «هاراجوكو فان مادنس»، ينطوي هذا الدليل على مكون مادي، وآخر على الإنترنت، وثالث ذهني. المكون الموجود على الإنترنت هو لغز ينبغي لك حله، ويتطلب البحث عن أجوبة لمجموعة من الأسئلة الغامضة. تضمنت هذه المجموعة عددًا من الأسئلة حول الحبكات الدرامية في الدوجنشي؛ وهي كتب القصص المصورة التي يرسمها هواة المانجا؛ وهي القصص المصورة اليابانية. ويمكن أن تصل الدوجنشي في حجمها لحجم القصص المصورة التي تستلهم أفكارها منها، غير أنها أكثر غرابة منها، مع وجود روايات متداخلة، وفي بعض الأحيان أحداث وأغانٍ سخيفة حقًّا، والعديد من قصص الحب بالطبع؛ فيحب الجميع رؤية شخصياتهم المفضلة في الألعاب وقد وقعوا في الحب.

سيلزم عليَّ حل هذه الألغاز في وقت لاحق، عندما أعود إلى المنزل، فمن الأيسر حلها برفقة الفريق بالكامل، مع تنزيل العديد من ملفات الدوجنشي، وتصفحها سريعًا بحثًا عن أجوبة للألغاز.

كنت قد انتهيت لتوي من تجميع الأدلة كلها في سجل القصاصات حينما دق الجرس، وشرعنا في الهروب. دسست خفيةً الحصى في جانب حذائي البوت القصير، كان حذاءً أستراليًّا من طراز «بلاندستونز» يصل ارتفاعه إلى الكاحل، رائع في الركض والتسلق، وتصميمُه الخالي من الأربطة الذي يساعد في ارتدائه وخلعه يجعله ملائمًا مع أجهزة الكشف عن المعادن المنتشرة في كل مكان الآن.

لزم علينا أيضًا، بالطبع، تجنب المراقبة المادية، بيد أن ذلك يصير أيسر في كل مرة يضيفون فيها طبقة جديدة من أساليب التجسس المادي؛ فكل الأجراس والصفارات تمنح هيئة المدرسين الحبيبة شعورًا خاطئًا تمامًا بالأمان. أسرعنا بين الجموع التي ملأت الأروقة، متوجهين إلى المخرج الجانبي المفضل لدي. كنا قد تجاوزنا نصف الطريق عندما قال داريل بصوت خفيض: «اللعنة! لقد نسيت. معي في الحقيبة كتاب من المكتبة.»

قلت له وأنا أسحبه إلى أول دورة مياه نمر بها: «أتمزح؟!» كتب المكتبة أمر سيئ؛ فكل كتاب منها مزود بشريحة لتحديد الهوية باستخدام الموجات اللاسلكية، وتكون هذه الشريحة ملصقة بتجليد الكتاب، ما يتيح لأمناء المكتبة التحقق من الكتب بتمريرها على جهاز قارئ لهذه الشرائح، ويسمح لأرفف المكتبة بالتنبيه عندما تكون أحد الكتب الموجودة عليه في غير أماكنها.

لكنها تسمح كذلك للمدرسة باقتفاء أثرك على الدوام، وهي واحدة من الثغرات القانونية؛ فلا تسمح المحاكم للمدارس بتعقب «الطلاب» باستخدام شرائح تحديد الهوية باستخدام الموجات اللاسلكية، لكن بإمكان المدارس تعقب «كتب المكتبة»، واستخدام السجلات المدرسية لإخبارها مَن على الأرجح يحمل أيًّا من كتب المكتبة.

كنت أحمل في حقيبتي محفظة فاراداي؛ وهي محفظة صغيرة محشوة بشبكة من الأسلاك النحاسية التي تحجب بفاعلية الطاقة اللاسلكية، مبطلةً مفعول شرائح تحديد الهوية باستخدام الموجات اللاسلكية. بيد أن هذا النوع من المحافظ صُمِّم لإبطال مفعول بطاقات الهوية وأجهزة الإرسال/الاستقبال المستخدمة في أكشاك تحصيل الرسوم، وليس لكتب من قبيل …

قلت ممتعضًا: «مقدمة في الفيزياء؟» كان الكتاب بحجم القاموس.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤