الفصل الثامن عشر

هانو يتناول العشاء

كان الفندق الصغير الذي يُقيم فيه هانو يقع عند حافة ساحة كينكونس الشاسعة وعلى الجهة المقابلة من النصب التذكاري الأبيض الضخم للجيرونديين. كان الطابق الأرضي منه عبارةً عن مطعم، وقد جلس هانو والسيد ريكاردو بجانب نافذة مفتوحة. وفي الخارج، كان ثمة بعض طاولات ذات أسطح رخامية ومقاعد حديدية مصفوفة على الرصيف تحت مظلة، ولكن لم يكن يجلس إلى إحداها سوى رجلين يشربان مشروبًا مُقبِّلًا، وكانا بعيدين عن نطاق السمع.

قال هانو بعد أن طلب وجبة عشاء: «دعونا نحذو حذوهما. نبيذ فيرموت سيكون رائعًا، على ما أعتقد. نعم، أعدك بأننا سنستمتع بطعامنا هنا.»

فتح علبةً جديدة ذات لون أزرق فاتح من سجائر ماريلاند وأشعل واحدةً من أنابيب التبغ السوداء تلك في استمتاع. ربما لم يكن هانو رائعًا كما كان يعتقد مساعده مورو دائمًا، والسيد ريكاردو في بعض الأحيان. ولكنه كان يمتلك خصلةً لا يمكن لأحد أن يكون عظيمًا من دونها. كان قادرًا على التخلص من جميع مخاوفه بمجرد أن تُتاح له مدة راحة من عمله ولو قصيرة. بمجرد أن حان وقت الراحة، أغلق كتابه، وبدأ يلهو. اضطجع في جِلسته يريح ذهنه ويغسله وسط هذه النجمة الخماسية الشاسعة من الأشجار والنهر الذي صبغته أشعة الشمس باللون الأحمر. ولكن لم يكن السيد ريكاردو يملك ذهنًا محترفًا. كان يجب أن يظل مشغولًا طَوال الوقت، وكان النهر بما يحويه من سفن ضخمة متناثرة يُذكِّره بالمناطق الريفية التي تقع خارج المدينة، ويضع أمام عينَيه سلةً من الخيزران تتأرجح برفق متجهةً نحو ضفة مكسوة بالعشب.

صاح ريكاردو: «يجب أن تُخبرني إلى أين سنذهب الليلة بعد العشاء. لم أعد أحتمل عدم معرفة ما يحدث حولي.»

أفاق هانو من شرود ذهنه ببطء شديد، وكرَّر بدهشة كبيرة: «أين سنذهب الليلة؟» ونظر إلى ريكاردو قلقًا، ومدَّ يده وتحسَّس نبضات قلبه. وقال: «أنت تسألني عن ذلك الآن بعدما بدأ كل هذا الغموض في التكشُّف؟ لا وجهة لنا إلا لمكان واحد فقط.»

قال السيد ريكاردو عابسًا وهو يبعد يده: «يمكنك أن تحتفظ بالسر لنفسك إذا أردت، وأُحب أن أحتفظ بنبضي لنفسي.»

تعجَّب المحقق مستخدمًا تلك العادة المقيتة بأن يتحدث عن نفسه بضمير الغائب: «كان هانو مخطئًا. كان يجدر بهانو أن يدرك أنه يجب أن يفخر باستضافة السيد ريكاردو. ولكنه كان بدلًا من ذلك، يتصرف مثل القط مع فأر … هذا ليس جيدًا … أليس كذلك!» رأى علامات الاستياء تتجمع على جبين السيد ريكاردو بسبب استخدامه لتشبيه مستفز كهذا، فسارع بالانتقال إلى موضوع آخر: «سأخبرك إلى أين سنذهب. سنذهب إلى قصر ميراندول ونقاطع الفيكونت بينما هو منكب على كتابة مقال شائق حول الطقوس الباطنية لجماعة الوردة الصليبية، لقراءته على مسامع الشابات في بوردو. ثم سنطلب منه بكل أدب أن يرينا الغرفة العلوية التي كانت الأنوار مضاءةً فيها في ساعة متأخرة منذ ليلتين.»

تسبَّب صوت هانو في فتح نافذة صغيرة داخل ذهن صديقه أكثر ممَّا فعلت كلماته. ورأى مجددًا ذلك الصف الطويل من الأنوار التي تلمع عبر الأراضي الريفية النائمة. ماذا كان يحدث في تلك الغرفة الكبيرة؟ ما الطقس الغريب الذي كان يُجرى فيها؟ بدأت أجزاء صغيرة من الأحجية تتضح بالنسبة إليه أيضًا؛ سرقة رداء القس وإعادته، صمت القس الغريب والمُتعمَّد، وزيارة هانو هذا الصباح إلى قصر رئيس الأساقفة.

فصاح: «هل تعتقد أن …؟» وجلس يُحدِّق في وجه صديقه الذي اعتقد أنه على وشك أن يخرج بكشف رهيب.

أومأ هانو برأسه، وقال: «أيًّا كان ما حدث منذ ليلتين، فقد حدث في تلك الغرفة العلوية الطويلة.»

«هل تقصد قتل إيفيلين ديفينيش؟»

«نعم».

«لا، أنا لا أصدق ذلك!»

عبس هانو وبدت الشراسة في ملامح وجهه. ورفع يده ثم تركها تسقط جواره. وصاح في إحباط مفاجئ: «بالنسبة إلى ذلك، لا يمكنني أن أخبرك بأكثر مما يمكنك أن تخبر به نفسك. فأنا لا أعرف أكثر من ذلك! أنا لا أفهم!» ثم جلس مثبتًا عينَيه الحزينتين على مفرش الطاولة وقَسَمات وجهه تختلج. ثم بعد بضع لحظات، مال نحو الأمام وهمس: «على كلٍّ منا أن يدعو الله سرًّا أن تخبرنا جويس ويبل الشجاعة بكل ما نُريد أن نعرفه بلسانها قبل أن يطلع الصبح.»

ثم تراجع بسرعة عندما اقترب صاحب المطعم من الطاولة حاملًا أطباقه الصغيرة المليئة بالفجل والزيتون الأسود. ثم قال: «هيا! لنأكل! لن نكون قادرين على فعل شيء ما لم نأكل.»

قالها ناصحًا بصدق. كان الطعام شهيًّا في مطعم «العصفور الذهبي» الصغير، على الرغم من أن النادل الوحيد كان هو نفسه صاحب المطعم مرتديًا بدلةً من الصوف، وكانت كل خطوة يخطوها تُسمع بوضوح على الألواح الخشبية العارية. أدرك السيد ريكاردو أنه لم يأكل شيئًا طَوال اليوم سوى غداء خفيف في مطعم «شابون فين»، بينما بدا هانو وكأنه لم يأكل شيئًا منذ عام كامل.

قال السيد ريكاردو، وكان فمه ممتلئًا للأسف: «هذا الطبق من كركند الكاردينال لذيذ للغاية.» كان قد بدأ ينظر إلى مغامرة الليلة بنظرة أكثر إشراقًا وتفاؤلًا.

وافقه هانو قائلًا: «إنه ليس سيئًا. كما أن هناك طبق البط المطهو مع السلطة سيأتي بعده.»

قال ريكاردو: «رائع.»

أحضر صاحب المطعم إلى الطاولة زجاجةً سوداء في مهد من القش، ووضعها برفق كما لو كانت طفلًا رضيعًا، وهو مربيه الحنون. فقال هانو: «كنت أعتقد أنه سيكون ملائمًا تلك الليلة بالذات من بين جميع الليالي الأخرى أن نشرب زجاجةً من نبيذ ميراندول المعتق. إنه فرز ثانٍ بلا ريب، ولكن طبقًا للكثير من الحكام، كان يجدر به أن يُصنَّف فرزًا أوَّل. ما رأيك؟»

نعم، كان هذا دورَ السيد ريكاردو في الحكم. وأصبحت الكرة الآن في ملعبه. نبيذ ميدوك الأحمر! إنه لم يكن يسافر مرةً كل عام من بوردو إلى أركاشون سدًى! وضع هانو ملء ملعقة مائدة من النبيذ في كأسه أولًا ثم ملأ كأس السيد ريكاردو. ابتسم السيد ريكاردو. أخلاق طيبة، ونبيذ جيد؛ هل ثمة انسجام مُحبَّب أكثر من ذلك؟ رفع كأسه ليمر النور عبره. وكان لون النبيذ أحمر وصافيًا كالياقوت. ثم أنزله أمام أنفه وشم عبقه في استمتاع. وقال: «ممتاز.» ثم بدأ يرتشف منه في تلذُّذ، وصاح وهو يشرب مُجدَّدًا: «رائع!» شعر وكأنه يسبح إلى أعلى بين سُحب وردية. وستُسوَّى مسألة سوفلاك اليسيرة تلك سريعًا. فقال: «نبيذ ليشربه صديقان وسط صمت مبهج على جانب ميدان تاريخي في فرنسا الجميلة.»

كان من المؤسف أنه يتعيَّن عليه إنهاء جملته الأدبية تلك بابتذال مقيت مثل «فرنسا الجميلة». ولكن، كانت هذه طريقته، وتقبَّل هانو المجاملة بشكل شخصي كما لو كان هو فرنسا الجميلة نفسها. وكانت هذه طريقةَ هانو أيضًا. فقال مُعلِّقًا: «إن قبو النبيذ هنا لا بأس به.» شرب ريكاردو مجددًا. وبعد الكثير من تدوير النبيذ على لسانه، وضع الزجاجة بقوة كادت تكسر قاعدتها.

وأعلن قائلًا: «إنه إنتاج عام ١٩٩٣»؛ وانحنى هانو في إعجاب بحاسة تذوُّق صديقه المرهَفة. فكَّر ريكاردو مُدَلِّيًا ساقيه تحت الطاولة، أنه مع وجود مُحقِّق فرنسا العظيم، ومعه صديقه الذي يستطيع أن يُحدِّد على الفور أن النبيذ من نوع كلاريه إنتاج عام ١٩٩٣ لمساعدته، فمن الأفضل اعتبار أن جريمة سوفلاك قد حُلَّت، وأن الجناة أوشكوا على الدخول في قفص الاتهام.

فقال وهو ينحني نحو الأمام بمكر ويرفع كأسه التي أعاد مَلأها: «في صحة الأرملة تشيشول.»

ردَّ عليه هانو: «صدقت. في صحة الأرملة تشيشول!»

ولكن لم تجعله العبارة يشعر بأي بهجة. بل أعادته إلى المزاج السيئ. ثم دخل في نَوبة من احتقار الذات لم يعتدها في نفسه. وقال: «أعتبر نفسي رجلًا ذا أخلاق عالية، وأنت أيضًا.»

عارضه السيد ريكاردو قائلًا: «لا أتفق معك في أني أعتبر نفسي رجلًا ذا أخلاق عالية.»

قال هانو: «أنا لم أُعبِّر عمَّا أقصد جيدًا. كنت أقصد أنك تعتقد أني رجل ذو أخلاق عالية.»

أجاب السيد ريكاردو بعد التفكير لوهلة: «لم أعد واثقًا بذلك طَوال الوقت.»

«لا؟ ثمة أوقات نتصرف فيها بطرق سيئة لا تُعبِّر عن ذواتنا الحقيقية. ولكنك تتعافى من ذلك بسرعة كبيرة للغاية يا صديقي. ربما تبدو مُتشكِّكًا لدقيقة ثم أفعل شيئًا يسيرًا وتقول على الفور — أوه، بارتياح كبير! — «يا لهانو هذا! يا له من عبقري! ولكن، برغم ذلك»» وهزَّ كتفيه «ثمة مرات كثيرة عندما أعادتني حادثة يسيرة إلى الطريق القويم. الحوادث اليسيرة … نعم … إنها تقع. أن تعرفها فور رؤيتها، وتقتنصها، وتستخدمها؛ فهذه نصف مهارتي. ولكن عليك أن تظل يقظًا بالطبع لتتمكَّن من رؤيتها.»

كان هذا مبدأَ هانو القديم الذي قصَّه مرات كثيرة. إن المصادفة أكثر الآلهة حبًّا، ولكنها الأكثر غيرةً أيضًا. إنها تتطلب ذهنًا حاضرًا ويدًا حديدية. وتُظهر وجهها لجزء من الثانية فقط، ما يكفي من وقت لتهمس برسالتها فحسب، ثم تتراكم الغيوم مجددًا. وثمة عيب في أذنك إذا لم تتمكَّن من سماع الكلمات سريعًا.

«إليك جين كوريسو مثالًا. إنك تعرف شيئًا عن أولئك النساء بالطبع؛ فأنت رجل عاركتَ الحياة. قلة منهن متزوجات، وكثير منهن يضعن أموالهن في أماكن آمنة، ولكنَّ بقيتهن، عندما يذبل شبابهن» وأعطى إشارةً بيده كما لو أنه يُلقي حجرًا في بركة «لا يتبقَّى لهن أصدقاء يسألون عنهن. وبعض النساء الأخريات اللاتي تراهن حول أحد الملاهي الليلية في الثانية صباحًا، قد يقلن في لا مبالاة: «فيفي الصغيرة! لم أرها منذ شهر. هذا غريب.» ولكن هذا كل ما سيقلنه عن الأمر. لقد ضاعت فيفي الصغيرة في الظلمة الخارجية. ولن يهتم أحد بأمرها. وستموت في البالوعات، وربما ماتت حقًّا. هل أنا محق؟»

قال الرجل الخبير بأمور الحياة: «نعم.»

واصل هانو حديثه قائلًا: «حسنًا إذن. نجت جين كوريسو من حالة نسيان مماثلة بفضل ظرف واحد فقط. والداها، وكانا قرويَّين مسنَّين يملكان مزرعةً بالقرب من فونتينبلو وعاشا لسنوات على إعانات من جين. كان يصلهما كل موسم المزيد من المال لشراء مزيد من الأراضي وضمها إلى المزرعة، وكان جين وعشيقها يأتيانهما كل عام في زيارة مهيبة. فكانا يصلان في سيارتهما، ويتناولان الغداء في غرفة الجلوس ذات أغطية المقاعد المزركشة، وبعد الغداء يجلسان خارج المنزل في الشرفة بينما يمر بهما كل من أفراد العائلة واحدًا تلو الآخر ويحصل على بعض الإطراء ومبلغ من المال. آه، لا يجدر بك أن تندهش يا صديقي! عائلة كوريسو ليست الوحيدة على هذه الشاكلة. صدقني!»

ثم مر عام كامل من دون إعانات. وتوقفت الزيارات المهيبة. وخيَّم الرعب على عائلة كوريسو. هل أدارت جين ظهرها لأقاربها المساكين؟ لا، جين فتاة طيبة. كُتب لها خطاب بكثير من اللهاث والكثير من ارتعاش الأصابع الواهنة. ولكنه أُعيد إلى مُرسله عبر مكتب بريد الخطابات غير القابلة للتسليم. لقد أبحر أميرها الصغير عائدًا إلى موطنه في الشرق. واختفت جين كوريسو؛ وكذلك أموالها ومجوهراتها.

استطرد هانو قائلًا: «وصلت الآن إلى الحقيقة الواقعة الوحيدة. كتبت جين كوريسو وصيةً قسمت فيها ممتلكاتها بين أفراد عائلتها، واحتفظت بهذه الوصية في المكتب المصنوع من خشب شجر الجوز في الغرفة ذات أغطية المقاعد المزركشة. كان يجب الحفاظ على هذا الكنز. أليس كذلك! يجب فعل شيء ما. وعليه، ذهب وفدٌ من عائلة كوريسو مكون من الأب وأحد أبنائه، وطرق أبواب جهاز الأمن العام. وتوليت أنا القضية، واعتقدت أنها ستكون سهلة. كانت جين فتاة بغاء حريصة، ولكي تتجنَّب الأخطاء والمشكلات، ذكرت في وصيتها بالتحديد، وبكل وضوح، قِطَع المجوهرات التي يجب أن يحصل عليها كلٌّ من أفراد عائلتها. لقد أعطاك دومينيك بوشيت تلميحًا عن نوعية الخطوات التي يجدر بنا أن نُقدِم عليها، ولكننا لم نسمعه يقوله صراحة. لو أن محتالًا تمكَّن من وضع يده على هذه المجوهرات، لتكتم على وجودها تمامًا. ولكن بعد مدة، وصلتنا معلومات عن جين نفسها. كانت قد أتت إلى بوردو خلال الشتاء. فتتبَّعناها، ولكنها اختفت مجددًا. أخبرتك بالأمس أني كنت في بوردو لأتولى مسألةً أخرى غير مسألة قصر سوفلاك. كانت جين كوريسو شغلي الشاغل، وكانت أول معلومة تصلني عنها تلك المعلومة التي أعطانيها دومينيك بوشيت الليلة. ولكني عرفت معلومات أخرى. على سبيل المثال، اختفت ثلاث نساء من البلدة، بنص العبارة، غير جين كوريسو، في بوردو خلال السنة الفائتة.»

خفض صوته أثناء حديثه ومال نحو الأمام وأخرج رأسه من النافذة ليتأكد من أن أحدًا لن يمكنه سماع ما يقول.

صاح السيد ريكاردو: «ثلاث نساء؟!»

أجابه هانو وهو يومئ برأسه: «نعم. ثلاث نساء من النوعية التي وصفتُها لك. نساء لن يلتفت أحد إلى غيابهن. وإني أتساءل عما إذا كانت الأرملة تشيشول قد ذهبت إلى شقة السيد بوشيت في الليل لتبيع له أيًّا من ممتلكاتهن بثمن بخس.»

اضطجع السيد ريكاردو في جلسته واختفى كامل الانتعاش الذي اكتسبه من وجبة العشاء. اختفاء النساء الثلاث، الزيارات الخفية التي قامت بها المرأة ذات الاسم الشرير لتاجر الأحجار الكريمة تحت ستار الليل، التأكيد على أن مجوهرات جين كوريسو قد عُرضت عليه ليشتريها؛ جميع هذه الحقائق أعطت حيازتها لعِقد إيفيلين ديفينيش معنًى رهيبًا للغاية.

قال السيد ريكاردو: «هذا العِقد لم يُسرَق. فقد اشتراه بوشيت قبل تسعة أيام من مقتل إيفيلين ديفينيش. وربما كانت لتكتشف اختفاءه إن كان سُرق. لقد تخلَّت عنه بمحض إرادتها في عصر ذلك اليوم عندما التقيتها في كهف المومياوات. لقد باعته مقابل المال، إذن؛ نعم، مقابل المال.» وظهرت أمام عينَيه مجددًا غرفة الاستقبال في قصر سوفلاك ونظرة الكراهية التي طلَّت من عينَي إيفيلين ديفينيش عندما انحنى روبن ويبستر فوق مقعد جويس ويبل. ولكن حينئذٍ؛ عاد مجددًا إلى دوامة الفكر القديمة. كانت إيفيلين ديفينيش من دفعت الثمن!

figure
لم تتمكَّن عينا السيدة ديفينيش من إخفاء كراهيتها عندما رأت جويس تتحدَّث مع ويبستر.

نظر السيد ريكاردو عبر الطاولة إلى هانو الذي كان يُدخِّن سيجارًا يحمل سوادًا مثل سواد سجائره.

وقال: «أنت تعتقد أن جويس ويبل موجودة في قصر ميراندول.»

لم يُجِب هانو عن هذا السؤال.

«لقد شككت في ذلك عندما حرصت على إخبار الجميع بأن الشرطة تُحاصر المنطقة بأكملها.»

لم يُقِر هانو بذلك تمامًا، ولكنه قال: «كنت آخذ احتياطاتي. فليس من المسموح لي أن أفعل أكثر من ذلك. وستتذكر أيضًا أني تفوَّهت بتحذير آخر.»

«عن جريمة القتل الثانية؛ نعم. ولكن اليائسين لا يأبهون بالتحذيرات.»

رد عليه هانو بتأنٍّ يدل على أنه يسعى إلى إقناع نفسه أكثر من إقناع صديقه. قال: «ميراندول يعرف أني أشك في منزله. لقد زرته لكي أريه أني أشك فيه حقًّا. وتحدَّثت عن آثار إطارات السيارات لأريه أني أشك فيه. وأسقطت القناع على الطريق لأريه أني أشك فيه. ودلَّت يداه المرتعشتان على أنه أدرك أني أشك فيه. ولن يجرءوا على ارتكاب جريمة أخرى في هذا المنزل بعد الآن. إذا كانت هذه الشابة هناك، فسيحاولون تهريبها منه. وسيفعلون ذلك الليلة.»

صاح ريكاردو: «سيأخذونها إلى النهر»، رمقه هانو بنظرة غريبة للغاية، واقشعرَّ جسده.

كانت هذه الحركة التي تدل على الخوف قويةً وغريبة بالنسبة إلى هذا الرجل بالذات، الأمر الذي أفزع ريكاردو. فصاح وهو ينهض: «علينا أن نذهب على الفور. إننا نُهدر دقائق ثمينةً على الطعام الشهي»، وأزاح الأكواب الفارغة التي كانت تحتوي على الشمبانيا الفاخرة جانبًا في اشمئزاز.

قال هانو في جدية: «أنت مخطئ يا صديقي.» بدا وكأنه يحاول أن يجد تبريرًا لموقفه، فقال: «الساعة لم تدق الثامنة بعد. وإذا ما ركبنا سيارتك وانطلقنا الآن، فسنصل إلى قصر ميراندول قبل التاسعة والنصف. وهذا وقت مبكر للغاية! وستكون المنطقة لا تزال مستيقظة. وحينئذٍ، سنكون قد حذَّرناهم من أننا نتعقَّبهم.»

كانا يتحدثان بصيغة «الجمع»، ولم يجرؤ ريكاردو على ذكر أسماء بسبب احترامه لمهنته الذي يملأ وجدانه، ولم يطعن في أحد لم يتأكد بعدُ من أنه مذنب. أدرك ريكاردو أن هانو لم يذكر السبب الحقيقي لتأخُّرهم، وأشعل سيجارةً أخرى. وكان الغسق يتحوَّل سريعًا إلى ظلام. أنار السائق أنوار السيارة تحت أشجار الليمون الضخمة التي تحف الطريق، وتعجب السيد ريكاردو بشدة من صبر صديقه.

ثم طرأت على ذهنه عقبة من المؤكد أن تُفسد جميع خططهما. بالأمس، أوضح هانو للفيكونت دو ميراندول أنه يشك في منزله الأبيض الطويل. ولكن لم يكن قادرًا على فعل المزيد. واعترف بذلك.

فسأل قائلًا: «لم تكن لديك أي صلاحية لدخول المنزل بالأمس، أليس كذلك؟»

قال هانو: «على الإطلاق!»

«هل تعتقد أن دو ميراندول الذي لم يكن من المُرجَّح أن يسمح لك بدخول المنزل بالأمس، سيسمح لك بدخوله الليلة؟»

رد عليه هانو: «على الإطلاق.»

«ولكن هل تمتلك الصلاحية لدخوله الآن؟»

«نعم، حتى وإن لم أكن أملكها، سأدَّعي أني أملكها.»

«أليس في ذلك خطر عليك؟»

«وهي مخاطرة قررت واعيًا أن أُقدِم عليها.»

«منذ متى؟»

«منذ أن عرفت أن الفيكونت كاساندر دي ميراندول يطلي بوابته بنفسه.»

كان يجدر بالسيد ريكاردو أن يرتضي بهذا التفسير الذي يبدو له أنه ليس تفسيرًا من الأساس. وأغلق هانو فمه كأنه محارة. لم ينطق بأي إجابة على أي تخمين، ولا أي تعليق على أي فرضية. كل ما فعله هو أن جلس يُدخِّن دون انقطاع، وكان يشعل السيجار من سابقه، كان يجلس هادئًا مطمئن البال كما لو كان رجلًا يستمتع في هدوء بهضم وجبة عشاء دسمة. هل كان يبدو هكذا ظاهريًّا فقط؟ لا، ليس تمامًا. ولولا الدرس الذي تعلَّمه في اليوم السابق، لكان السيد ريكاردو أطلق فيضًا من اللوم، والرجاء، والانتقاد، والوعيد دفعةً واحدة عبر الطاولة. على الرغم من أن هانو كان يدخِّن بلا توقف، وكان طرف سيجاره المشتعل يتوهَّج ويخفت بإيقاع منتظم كالآلة، فإن يديه كانتا ترتعشان من وقتٍ لآخر مثلما ارتعشت يدا دي ميراندول عندما انحنى عند بوابته.

ثم قفز واقفًا فجأة، وكشفت تلك الحركة العَفْوية عن كامل اضطرابه.

وقال: «هذا الرجل قادم من أجلي.»

كان هناك شرطي بلدية يُقبل بخطوات حثيثة من جهة شارع كور ٣٠ يوليو. أطل هانو برأسه من النافذة، فتوجَّه الشرطي نحوه مباشرة.

وقال: «هل أنت السيد هانو؟»

«نعم. أعطني إياه!»

سلَّم الشرطي الرسالة إليه عبر النافذة. مزَّق هانو الظرف وقرأ الخطاب، بينما ظل السيد ريكاردو يدرس تغير تعبيرات وجهه. كانت الرسالة طويلةً رغم أنها كُتبت على عجل، وتحوَّلت تعبيرات وجه هانو، التي بدأت بخيبة الأمل، إلى الملل، ثم إلى الحيرة وانتهت بالضحك. لم يشعر السيد ريكاردو في حياته من قبلُ بدهشة مماثلة. كان هانو يضحك بصوتٍ عالٍ؛ ذلك الرجل الذي كان يرتجف منذ ١٠ دقائق. كان يضحك في سعادة وسرور. كان فرحًا ومبتهجًا. بدت القهقهة العالية التي سمعها السيد ريكاردو غريبةً وغير معتادة. ثم أدرك ذاهلًا أنه لم يسمع أي ضحكات على مدار اليومين الماضيين حتى هذه اللحظة.

فصاح قائلًا: «وصلتك أخبار جيدة أخيرًا.»

هزَّ هانو كتفيه. وقال: «إنها ليست من نوعية الأخبار التي قد تُرسلها إلى المنزل.»

سأله ريكاردو في حيرة: «أي منزل؟»

ردَّ هانو: «منزلك بالطبع يا صديقي.»

أطرق جوليوس ريكاردو ولمع الفهم في ذهنه. فقال في استسلام: «فهمت. أنت تعني أنها ليست من نوعية الأخبار التي أُراسل منزلي بشأنها.»

استفسر هانو لائمًا: «أعني؟ هذا ما قلت.»

«أوه، حسنًا! أنت قلت ذلك! هل يمكنني أن أسمعها منك الآن؟»

«بالطبع! لقد وصل زائر آخر من لندن. وهو أيضًا قرأ الجريدة المسائية. فعبر بحر الشمال على متن قارب في الليل ولحق بقطار الجنوب السريع من باريس. ولكن تأخر القطار. حسنًا، سيراسل جريدة «تايمز» بهذا الشأن. ثم استقل سيارةً من المحطة إلى مبنى المحافظة. ولكن، أين المحافظ؟ تقول الصحف إن هانو يتولى القضية. حسنًا إذن! أين هانو؟ اللعنة، أين الجميع؟ أُكرِّر لك، هذا الشاب سُيبلي بلاءً حسنًا في مجال التجارة.»

صاح جوليوس ريكاردو: «برايس كارتر. هل وصل؟»

«نعم، فارس الخطابات الحارة. أوه! لا أزال أنفخ في أصابعي عندما أتذكَّرها؛ حسنًا! لقد احتلَّ مبنى محافظة بوردو. إنهم لن يجرءوا على إخباره بأن هانو يتناول عشاءه. لا، سوف يدمِّر كل شيء إن فعلوا. لا! ولكن، اللعنة، مورو رجل ذكي. لقد أخبره بأن هانو يعمل متنكِّرًا. صه! وقد أفلح ذلك إلى حدٍّ ما. هانو يضع لحيةً مستعارة! يا لها من نعمة! عاد هانو ليكون قائد التشيكا مجددًا! ومن ثم، أرسله مورو إلى فندقك الفاخر في كور دو لينتندانس ووعده بأن يحصل على رسالة مني إذا لم يدمر المدينة عن بكرة أبيها. آه، علينا أن نُرسل له رسالةً قصيرة.» ثم نادى مالك المطعم: «جورج، أحضر بعض الحبر! ماذا أكتب في الرسالة يا صديقي؟ ما رأيك في جرعة ضئيلة من المماطلة؟» قالها وانتهى مرحه وجلس واجمًا يومئ لصديقه.

«ليس من السهل اختلاق تلك الجرعة الضئيلة من المماطلة …»

وبعد ذلك كتب على ورقة ثم مزَّقها. وقال: «هذا يعد بالكثير.» ثم كتب مرةً ثانية ومزَّق هذه الورقة أيضًا. وقال: «هذا لا يعد بأي شيء على الإطلاق، ولقد وصل إلى هنا حقًّا.» ابتسم آسفًا وحك رأسه، وبدأ يكتب مجددًا. ثم قال: «هكذا! ثم أضع خطًّا تحت هذه الكلمات. هكذا! اسمع؛ لقد كتبت ما يلي:

«سآتي لك في وقتٍ ما قبل أن يطلع الصبح. وحتى أفعل، أنصحك بأن تُغيِّر ملابسك وتحلق لحيتك. — هانو.»

ووضعت خطًّا تحت تغيير الملابس وحلاقة اللحية. ما رأيك؟» واضطجع في جلسته ينتظر نظرات الإعجاب وهو يُعدِّل جميع تجاعيد صدريته.

وافقه ريكاردو في لطف: «ليس سيئًا.»

قال هانو ببساطة: «بل جيد جدًّا.» ثم وضع الخطاب في مظروف وأغلقه، وكتب عليه عنوان المرسل إليه وسلمه إلى شرطي البلدية. وقال: «إنها لفتة جميلة. أن يُهرع هذا الشاب عابرًا إنجلترا وفرنسا لكي يرهب محافظ بوردو. أين ذلك الكسول هانو؟ لماذا لا يراسلني ليخبرني بما يجري؟ اللعنة! نعم، إنها لفتة جميلة، أؤكد لك ذلك»؛ ثم أشعل مرةً أخرى سيجاره الذي انطفأ بينما كان يختلق تلك الجرعة الضئيلة من المماطلة، ثم أردف: «أؤكد لك أننا سنحتاج إلى جميع اللفتات الجميلة التي يُمكننا أن نعثر عليها عندما يحين وقت قص تلك القصة الكئيبة المريعة من بدايتها إلى نهايتها.»

ثم عاد إلى صمته مجددًا. كان النهر قد تحوَّل إلى اللون الرمادي. وتحوَّل الغسق إلى ليل. تألَّقت الأضواء الحمراء والخضراء على الأعمدة الشامخة في ساحة كينكونس قرب رصيف الميناء مبرزةً أهميتها. وتحت أشجار الليمون، لمعت أنوار مصابيح سيارة ريكاردو. ووجَّه هانو بصره نحوها لمرة أو مرتين. وكاد يُقرِّر ألَّا ينتظر أكثر من ذلك. ولكنه كان يكبح جماح نفسه في كل مرة. وقال بصوتٍ خفيض: «يجب أن أكون على حق»؛ لم تكن يداه وحدها هي التي ترتجف هذه المرة، بل صوته أيضًا. لم يره ريكاردو من قبلُ والقلق يُمزِّقه لهذه الدرجة أو التوتر يغمره بالكامل هكذا. أثقلت كاهليه وطأةُ الشعور بالمسئولية وجعلته يُبدِّل من وضعية قدميه على الأرض، ثم يضرب الطاولة بقبضته. تلعثم قائلًا: «قلت منذ البداية إنني أخشى هذه المسألة»، ثم أطلق صيحة ارتياح ودفع مقعده إلى الخلف وخرج عدوًا إلى الرصيف. كان ثمة رجل يعدو نحوه، رجل قصير، وبدين، وعريض، إنه مورو.

قال السيد ريكاردو: «أخيرًا!» ثم لوَّح إلى سائقه الذي هبط من مقعده وفتح باب السيارة الفارهة. خلع ريكاردو قبعته. وقال: «يمكننا أن نتحرك الآن»، ثم أسرع نحو السيارة. ولكنه نظر خلفه وذُهل عندما رأى الرجلين، الرئيس ومساعده، برأسيهما المتقاربين، يسيران ببطء في الشارع المظلم. كان باب السيارة مفتوحًا، ومُحرِّكها يعمل، والليل خيَّم، وكان قصر ميراندول على مسافة ٥٠ كيلومترًا؛ ولكنهما كانا لا يزالان يثرثران. كان من الممكن أن يصرخ ريكاردو مُوبِّخًا.

ولكنه صاح في مرارة مناجيًا العالم بذراعين بسطهما تمامًا: «رائع! عظيم! هل تعتقدان أني عديم الإحساس …؟»

ولكن قُطعت مناجاته. فقد استدار هانو وعدا نحوه ومن خلفه مورو.

وقال بصوتٍ كالفحيح: «هيا بسرعة!» وكان صوته مشبوبًا بالحماسة.

ودفع ريكاردو بقوة إلى داخل السيارة وقفز داخلها بعده. جلس مورو في المقعد المجاور للسائق وتحركت السيارة من تحت الأشجار. وعند بداية الميدان، استدارت نحو اليسار. وشعر السيد ريكاردو بضيق شديد.

وقال: «لقد أخطأ السائق. علينا أن نستدير ناحية اليمين إلى طريق ميدوك»، ومدَّ يده أمام هانو ليمسك ببوق السيارة الداخلي. ولكن كان هانو قد أمسكه قبله.

وقال: «إنه على صواب. طُلب منه أن يستدير ناحية اليمين إلى طريق جريجوار.»

انزلقت السيارة من دون ضوضاء أو جهد منحدرةً على الشارع الطويل المستقيم تاركةً أنوار المدينة المُكدَّسة معًا خلفها، ودخلت إلى طرق أضيق باردة ومظلمة وتحفُّها منازل مهجورة. ثم استدارت نحو اليمين ثم نحو اليسار. وظهرت أمامها مساحة أرض شاسعة. عند أحد جانبيها تقف كنيسة ضخمة متشحة بالسواد. وفي منتصفها، يُرى برج ضخم يشق السماء وكأنه رمح عملاق، وقِمته تختفي في الظلام. توقفت السيارة بجانب هذا البرج.

همس السيد ريكاردو: «هذا برج سان ميشيل.»

قال هانو: «هيا أسرع! لا يمكننا أن نُضيع لحظةً واحدة.»

عند البقعة نفسها التي وقف عندها ريكاردو مترددًا عند مدخل كهف المومياوات، الأمر الذي بدا له وكأنه قد حدث منذ عصور، اقتربت فرقة البحث هذه.

قال هانو لاهثًا: «ابقوا قريبين مني، ولا ينبس أحدكم ببنت شفة.»

figure
لم يبرح الحارس مكانه.

وعبر الميدان نحو ناصية شارع صغير. كان هناك حارس يقف بجانب مصباح سقط نوره على عتاده. لم يبرح الحارس مكانه. دخل هانو وجماعته الشارع. كان شارعًا قصيرًا ومستقيمًا. وكانت أنوار رصيف الميناء ظاهرةً عند طرفه الآخر. ولكن كانت المنازل في هذا الشارع قذرة، وحالكة، وسوداء، وترتفع لأدوار عالية بدا لهم معها أنهم يسيرون داخل مغارة. ظهر فجأةً رجلان كما لو أنهما نبتا من أحجار أحد الأسوار، واقتربا منهم من الخلف.

همس هانو قائلًا: «لا يُصدر أي منكم صوتًا.»

عند منتصف الشارع، ظهر رجلان آخران خرجا من ممر مسقوف ضخم. وقال أحدهما: «إنه هنا.»

همس هانو قائلًا: «الباب.» فقد كان الباب المزدوج الضخم مغلقًا.

قال الرجل: «لقد فتحناه عندما رأينا أنوار سيارتكم.» وانفتح الباب بمجرد أن لمسه الرجل. مروا عبر الباب الواحد تلو الآخر، وانغلق الباب من خلفهم برفق وأُقفل مزلاجه. وجدوا أنفسهم في ظلام دامس. في الماضي في عصر ازدهار مدينة بوردو، عندما كان الملك يعقد بلاطه في هذا المنزل، وكان السيد دي تورني يستدعي أعظم فناني أوروبا ليستعيد جماله، وكان هذا المنزل في شارع جريجوار محل إقامة بعض التجار الأثرياء. أما الآن، فقد انحدرت به الحال، فالطرف البعيد من ممره المسقوف مبني بالطوب، وأصبح الشارع سيئ السمعة، وأصبح المنزل قذرًا وقديمًا، وتشبَّعت جدرانه القذرة بالرطوبة.

وقف السيد ريكاردو في الظلام وقلبه يدق داخل صدره بعنف. كان يتوق للإثارة والانفعال. ولكن ها هو الآن يرتجف بسببهما مثل ورقة شجر في مهب الريح. سمع صوتًا خافتًا أشبه بتلامس مفتاحين، ثم همسة من هانو تقول: «صه!» وفي لمح البصر، أظهر ضوء المصباح الكهربائي الرفيع مكان ثقب مفتاح باب المنزل، ورأى رجلًا ينحني أمامه، ثم انفتح الباب.

همس هانو همسةً خافتة لدرجة أن الرجل المجاور لريكاردو لم يكن ليسمعها إذ قال: «أمامك درجة سلم.» ثم شعر ريكاردو بمن يمسك بذراعه بقوة ويرفعها عندما وصل إلى درجة السلم. ودل الهواء، الدافئ الخانق الثقيل، على أنه داخل رواق. وسمع صوت هانو مرةً أخرى يهمس في أذنه: «لقد أصبحنا داخل منزل الأرملة تشيشول!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥