الإنْسَان في عُلُوم النَّفْس والأخلاق

أوسع المذاهب الأخلاقية تحتويه فكرة الحيوان الاجتماعي التي عبر عنها أرسطو بقوله: «إن الإنسان مدني بالطبع.» وجعلته نموذجًا وحيدًا في الكون حين وصفته بأنه «حيوان ناطق»، ثم وصفته بأنه حيوان اجتماعي تلازم فيه صفة النطق صفة الاجتماع.

فليس بين الأحياء على وجه الأرض حيوان يوصف بالنطق وبالفطرة الاجتماعية غير الإنسان.

واسم «الإنسان» وحده باللغة العربية يغني عن مذهب؛ لأنه اسم يعتبر هذا الكائن الوحيد أساسًا للألفة الاجتماعية حين تُنسب لغيره. وقد لعب الشعراء بما في الكلمة من الجناس اللفظي فقال أبو تمام:

لا تنسين تلك العهود فإنما
سميتَ إنسانًا لأنك ناسي

وقال غيره:

وما سمِّي الإنسان إلا لنسيه
ولا القلب إلا أنه يتقلبُ

ولكن المقابلة بين الكلمات قديمًا وحديثًا تبين لنا عن أصل هذا المعنى؛ فالمكان الأنيس هو الذي يسكنه الناس، والحيوان الأنيس هو الذي يألف الإنسان في مسكنه، وغير ذلك من الأمكنة أو الخلائق فهو المكان الموحش، وسكانه هم الوحوش.

ويسري هذا المعنى إلى اللهجات البدوية الحديثة، فيطلق أهل البادية في الصحراء الغربية اسم «العشرية» على الشاطئ المأهول، ويطلقون اسم الخلاء على ما وراء ذلك من رمال الصحراء التي لا تُزرع ولا ترعى، ولا يسكنها الإنسان ولا الحيوان في عشرة طويلة.

إن الحضارة الأوروبية — منذ عهد الفلسفة الإغريقية — لم تهتدِ إلى مذهب محيط «بالإنسان الأخلاقي» أوسع من هذا المذهب، ولا أقرب منه إلى لباب المذاهب الأخرى التي ظهرت بعده في هذه الحضارة.

أما الحضارة العربية فصفة الإنسان في لغتها وتفكيرها ألصق به من أن تكون مذهبًا تقابله مذاهب أخرى في معناه أو غير معناه. إن صفة الإنسان في هذه الحضارة العربية هي اسمه الذي لا ينفك عنه، وما من عجب أن «تنبت» هذه الصفة من البادية حيث يتضح الفاصل بين خصائص الإنس وخصائص الوحشة غاية الاتضاح.

وتكاد كل حضارة كبيرة أن تمتاز بطابعها في تعريف الإنسان الأخلاقي، أو الإنسان صاحب الضمير الذي يُناط به الحساب، ويُوصف بالحميد أو بالذميم من الأعمال والعادات.

فالإنسان في الحضارة الإنسانية هو ظاهر وباطن كالوجود الذي خلق فيه، وظاهره تحكمه قوانين السلوك العملي، ويقاس بالمقاييس الاجتماعية وبكل ما ترتبط به مصالح المجموع Pluralistie، وتسمى هذه القوانين بآداب الميامزا Miamsa، ويظن أنها وفدت إلى الهند مع الشعوب الفاتحة التي جاءتها «بأدب العمل والحركة»، فتميزت فلسفتها بهذا الطابع بين فلسفات الانزواء والهرب من الحياة.
وباطن الإنسان يستقبل باطن الوجود، ويسمون فلسفته بالسانيسا Sannyasa، أي فلسفة التجرد من المادة، وطلب الخلاص من لعنة الولادة والموت بإنكار الجسد، وقمع الشهوات الدنيوية، والعزوف عن صغائر الحاجات وكبائرها على السواء. ويوشك أن يكون كل مذهب «فصامي» على هذا النحو مستمدًّا في النهاية من أصوله الهندية، وإن كانت نهاية المذهب إلى «اليوجا» التي تجعل الجسد والطبيعة كلها تبعًا للرياضة الروحية.
وحضارة الصين تميز الإنسان بالمعرفة، وتوافق الحضارة الأوروبية التي جعلته «حيوانًا ناطقًا» اجتماعيًّا، كما توافق تعريفه العلمي الذي يعني أنه مخلوق مميز، ومخلوق صاحب ذوق وإحساس Homo Sapiens على حد اسمه المأخوذ من اللاتينية.
ولكن المعرفة في مذاهب الصين وهي «الزن» Zen ليست علومًا منفصلة المقدمات والنتائج، مشروحة القضايا والبراهين، وإنما هي حالة كحالة الرشد الذي يبلغه الشيخ المحنك بالنسبة لغرارة الطفولة، قوامها القدرة على مقابلة الحوادث والأشياء مقابلة التصرف الرشيد، لأسباب قد تُعرف عند الشرح والتفصيل، وتعرف لها براهينها وأسانيدها بالمعاني والكلمات، ولكنها حاضرة قبل ذلك حضورًا ساكنًا رصينًا في الذهن بغير معانٍ أو كلمات، وشعارها عند الحكماء «إن من يعرف لا يتكلم، ومن يتكلم لا يعرف».

وهذا «الإنسان في مذاهب الحضارات الكبرى مقبول بتعريفاته وصفاته في جميع الديانات والعقائد الروحية، ففي وسع العالم الديني أن يقول بصفة جامعة من هذه الصفات دون أن يعرض لمناقشتها، أو يناقض اعتقادها الديني بتفسيرها على معنًى من مختلف معانيها، وفي وسع العالم المادي أن يفسر صفات الإنسان على حسب هذه التعريفات، دون أن يلتمس لها مرجعًا وراء المادة والطبيعة محالًا إلى عالم الغيب، أو ملموسًا مدركًا في عالم الشهادة.

ففي وسع كل قائل بمذهب من هذه المذاهب أن يعلل أخلاق الإنسان جميعًا بتنازع البقاء مع أبناء نوعه، أو مع الطبيعة وعناصرها.

وفي وسعه أن يعلل الأخلاق الإنسانية جميعًا بغريزة حفظ النوع على سعتها، أو بالغريزة الجنسية في نطاقها المحدود بعلاقات الجنسين.

وفي وسعه أن يعلل تلك الأخلاق بطلب القوة والسيادة، أو بطلب الأمن والدعة، أو باستيحاء الطبيعة وتصوير الإنسان كل ما يحسُّه في خلده بصور الأحلام ومخلوقات الخيال.

وإنما يبرز خلاف الرأي بين الدينيين والماديين حين يبحثون في الملكات الفكرية التي تناط بها الأخلاق في كل تعريف من هذه التعريفات: هل تناط بحياة روحية من مصدر وراء الطبيعة والمادة، أو هي منوطة فيه بوظائف الحياة الجسدية التي لا فرق بينه وبين الحيوان فيها غير فرق الدرجة و«الكيفية»؟

مثال رأي الماديين يقول به ريدلي Ridley صاحب كتاب الإنسان في حكم العلم Man, The Verdict of Science، ويستند فيه إلى آراء جماعة من علماء الكيمياء الحية وعلماء البيولوجي وعلماء الاجتماع، ويوجزه في بضعة أسطر فيقول: «إن الإنسان — وإن كان قد أبان عن قوى عقلية نفسية تعلو كثيرًا على قوة يبين عنها كائن حي سواه — لا يزال نوعًا حيوانيًّا له قرابته بالخلائق السفلى، ولم يرَ الإغريق الأقدمون داعيًا إلى فصل الإنسان عن جمهرة الكائنات الحية التي كانوا يشاهدونها حولهم، وقد أدخله أرسطو في نطاق برنامجه الحيوي مع سائر الحيوان والنبات.»

وجاء لينوس (١٧٠٧–١٧٧٨) بعد قرون عدة فنشر كتابه عن نظام الطبيعة سنة (١٧٣٥)، وعدَّ فيه نوع الإنسان بين أنواع الحيوان، وقد عدَّه في طبعة الكتاب الأولى بين ذوات الأربع من القردة والدب الرسيف … وبوفون الفرنسي معاصر لينوس وضع الإنسان في المملكة الحيوانية، واجترأ على أن يحتمل نسبته مع القرد إلى أصل واحد، وكان هذا أكثر مما يُطاق في عرف السلطة الدينية الفرنسية، فخيروه بين النبذ وبين تعديل رأيه. وهو تخيير لم يتعرض له لينوس في البلاد السويدية.

وقد وضع الإنسان وضعه المحكم في تعريف «الزولوجيين»، فجعلوه بين أعلى الأحياء، وهي ذوات الفقاريات، وجعلوه بين هذه في ذروتها، وهي الحيوانات اللبون، وأعلاها بعد ذلك طبقة الأوائل التي تشمل القردة والنسانيس. وهم يقسمون الأوائل أقسامًا؛ أعلاها القسم البشري Homo، وهو القسم الذي كان ينتمي إليه بعض الأحياء ممن بقيت آثارهم في حفائر الطبقات الأرضية، ولكن الإنسان الحديث وحده هو الذي يصدق عليه اسم البشر الناطق، أو الحيوان العارف.

•••

فالماديون من البيولوجيين والزولوجيين والترولوجيين يرون أن الارتفاع بالإنسان إلى ذروته المتفردة في تقسيمات الحيوان كافٍ لفهم الفارق الكبير بينه وبين الأوائل Primates، وبين هذه الأوائل وما دونها من أقسام الفقاريات وما دون الفقاريات، ولا حاجة — مع هذا الفارق في الدرجة — إلى فارق آخر من عالم وراء المادة والطبيعة، وهو فارق الروح.

وقد اشتهر في أواسط القرن العشرين علماء بيولوجيون من رجال الدين المسيحيين يسلمون كل درجة من درجات هذا التقسيم، ولكنهم يقولون: إن الفارق لا يُفهم إلا على وجه واحد، وهو أن الفوارق جميعًا بين درجات الأحياء إنما ينتهي إلى التدرج بينها في الاستعداد للعقل والوجدان، وإن أرفع درجة يرتقي إليها الحيوان الأعجم لا تمنع أن تكون إعدادًا للبنية الحيوانية أن تتلقى ما فوق ذلك من ملكات العقل والوجدان.

وأشهر القائلين بهذا الرأي الأب بيير تيلهارد دي شاردين Pierre Telilhard de chardin البيولوجي المتخصص لدراسة علم الحياة والحفريات، وأحد الذين أسهموا في كشف إنسان بكين، وألقوا الدروس العلمية في المعاهد الكبرى، ومنها معهد اليسوعيين العالمي بالقاهرة، وكتابه «ظاهرة الإنسان» The Phenomenon of Man أحد الكتب العلمية الفلسفية التي عدت في أواسط القرن العشرين بعض معالم الطريق في اتجاه الفكر الحديث.

وقد سلم فيه تقسيمات علم الحياة وعلم الأحياء حرفًا حرفًا، ثم عقَّب عليها سائلًا: «إذا كانت قصة الحياة لا تعدو أن تكون حركة إلى الوعي وراء نقاب من تركيب الأجهزة العضوية، فالنتيجة اللازمة حتمًا عند بلوغ التركيب غايته المقاربة للإنسان: أن يتمثل هذا الاقتراب في ابتداء ظاهرة الأهبة السيكولوجية، وبزوغ ظاهرة الذكاء، ومن ثم يلقى الضوء على «المفارقة الآدمية» نفسها؛ لأننا قد نشعر بالحيرة إذا لاحظنا قلة الفارق التشريحي بين الكائن البشري وبين مَن دونه من البشريات، على الرغم من سموه العقلي في بعض مظاهره؛ فإنه فارق يقل حتى نكاد نتخطاه على الأقل من جانب أصوله، ولكن أليس هذا بعينه ما ينبغي أن ينتظر؟»

ويُجلو هذا الرأي بالأمثلة المحسوسة عالم آخر متدين، هو الأستاذ روسل هاريسون الذي يقول في كتابه عن مصير الإنسان: «إننا لا نعرف الموسيقى إذا عرفنا كل دقيقة وجليلة من الأخشاب والمعادن والأوتار التي تدخل في تركيب العود والقيثار والبيان. وبعض علماء الحياة يراقبون تعذية الحيوان، ويلاحظون أن العواطف تتأثر ببعض الأغذية فتنتقص أو تزيد. لاحظوا أن الفأرة التي يقل المنجنيز في غذائها تهمل صغارها ولا تعطف عليهم. وإنه لحسن منهم أن يلاحظوا هذا ويصلوا منه إلى زيادة حصة الحيوان من ذلك الغذاء، ولكنهم إذا جاوزوا ذلك فقالوا: إن عاطفة الأمومة هي مقدار معلوم من المنجنيز فهم مخطئون، وخطؤهم في هذا الرأي كخطأ القائل: إن نغمات الموسيقى أخشاب وأوتار.»

ويتبدل منحى الاستدلال المنطقي والعلمي، إذن، بهذا التفسير لمذهب النشوء القائل بارتقاء الحيوان، والتشابه بين كل درجة من درجاته وما دونها وما فوقها في الاستعداد لأهبة العقل والوجدان، فلا بد أن يحدث ذلك للوصول إلى الجهاز الحيواني الصالح للنهوض بمطالب الروح والوجدان. وينقلب الأمر على الماديين فيصبح المادي وهو المسئول أن يقول للمعترضين عليه من رجال الدين: لماذا يكون معيار التقدم زيادة الوعي على درجات تناسب الترقي في تركيب البنية العضوية؟ وكيف يتأتى هذا الانتظام في الأداة وفي النتيجة إن لم يكن هنالك طريق مرسوم لغاية مقدورة؟

ومن العلماء غير الدينيين من أقنعته هذه الحجة بعض الإقناع، ووافقت مذهبه في اقتباس «الديانة» من العلم، أو «الديانة بلا وحي» كما يُسمُّونها في اصطلاحهم المتفق عليه Religion Without Revelation، فقال علم من أعلامهم، وهو السير جوليان هكسلي، في تقديمه لكتاب ظاهرة الإنسان: «إننا معشر بني آدم نحتوي في أنفسنا كل ما في الأرض من الإمكانات الهائلة، وفي مقدورنا أن نزيد ما يتحقق منها على شريطة الازدياد من العلم والمحبة.»
وتكاد هذه الأسطر أن تكون نسخة معنوية من كلمات الختام التي انتهى إليها السير جوليان هكسلي في كتابه «قناني جديدة لخمرة جديدة»؛ إذ يقول:

إن صورة الإنسانية المتطورة أعانتني على أن أرى — من وجهة المبدأ على الأقل — أن الدين والعلم قد يتفقان، وقد هدتني إلى مخارج من العطف والفكر يحق لنا أن نطلق عليها اسم الدين، ولكنها كانت لولا ذلك خليقة أن تكبت وتترك نسيًا منسيًّا؛ فهي بهذه المثابة تعلمنا كيف يُسهم العلم في تقدم الدين. وقد قرر جدي في مقالة عن اللاأدرية كلامًا في هذا الصدد كأنه غني بذاته عن البرهان، فقال: إن كل إنسان ينبغي أن يعطي سببًا للإيمان الذي يؤمن به، وإن عقيدتي لهي الإيمان بالإمكانات الإنسانية، وأرجو أن أكون قد وفقت إلى شرح أسبابها.

على أننا نجترئ بأحدث الأقوال التي انتهى إليها غلاة الماديين بيانًا لمزية العقل في الحيوان الناطق، فلا نحسب أنهم قد استطاعوا أن يدعوا له مزية أقل من مزية الروح في ارتباطها بالحياة، أو بالمؤثرات الحيوية على وظائف البنية الإنسانية على الخصوص، وربما كان تعويلهم على دلالة الجهاز العصبي في الحيوان عامة، وفي الإنسان خاصة، أشد من تعويل العلماء المتدينين على دلالة الارتقاء إلى الملكات الروحية بمقدار الارتقاء في التراكيب الجسدية.

فالأستاذ بافلوف المشهور بتجاربه الجسدية النفسية يقول: «كلما أحكم كيان الجهاز العصبي في بنية الحيوان كان أقرب إلى التركز، وكان أقدر على المزيد من التأثر بوظائفه العليا على التوزيع والتنظيم في أعمال البنية كلها.»

وقد أثبت زملاء بافلوف وتلاميذه أن بقاء الحياة بعد توقف نبض القلب مرهون بسلامة المخ، الذي يحتفظ بسلامته بعد توقف النبض بنحو ست دقائق، وأن الوعي الإنساني له أثره حتى في تأثير السموم القاتلة، جاء في كتاب «مسالك العلم» الذي طُبع في موسكو سنة ١٩٥٦:
من العقاقير السامة القوية التسميم مادة البوتاسيوم سيانيد، وهي سريعة الفعل تقتل على الأثر بمقاديرها الكبيرة، وتسمم جميع الخلايا؛ لأن الخلايا تحت تأثيرها لا تتشرب الأكسجين ولا تتنفس، وإذا حقنت به عروق قطة ماتت على الأثر كأنها أصيبت بصاعقة. وقد حُقنت به اثنتا عشرة قطة فماتت ست منها خلال بضع ثوانٍ، ولكن الست الباقية لم تتأثر كأنما حقنت بماء، وهي الست التي خُدِّرت بالأثير المعقم أثناء الحقن.١

إلا أن سلطان الوعي على الإنسان قد بلغ درجته العليا، ويقول بافلوف فيما رواه عنه الكتاب نفسه: «عندما بلغ تطور العالم الحيواني منزلة الإنسان نشأت إضافة هامة جدًّا في جهاز النظم العصبية العليا؛ ففي الحيوان تتمثل وقائع العالم — على الأعم الأغلب — بما تحدثه من المنبهات التي تصل إلى المخ، فتبعث التنبيه إلى حواس النظر والسمع وسائر الحواس الحيوانية. وهذه أيضًا هي المنبهات التي تصل إلينا عن طريق المؤثرات والأحاسيس والخواطر من العالم الطبيعي، أو العالم الاجتماعي الذي يحيط بنا، ما عدا المؤثرات التي ينفرد بها الإنسان، وتؤدي له وظيفة التَّنَبُّه لذلك التنبيه.»

ولا يدعى «للحيوان الناطق» ولا للحيوان ذي الروح مزية أكبر من هذه المزية، فهي تكاد أن تقرر للروح سلطانًا على الجسد كسلطان «اليوجا» المعروف عند نُسَّاك الهند، وتكاد أن تجعل الأخلاق جميعًا مسائل عقلية تملك التأثير الأكبر — إن لم نقل التأثير المطلق — في كيان الإنسان، وفيما هو أهل له من أهبة العقل والوجدان.

١  Paths of Science by L. Friedland.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤