الفصل الأول

ملخص أعمال الماسونيَّة من سنة ٧١٥ قبل المسيح إلى سنة ٣٠ق.م

مدارس الرومانيين

  • سنة ٧١٠ إلى سنة ٧١٥ قبل المسيح: بنى الرومانيون مدارس البناء وأدخلوا إليها العلوم الرياضية والفلسفة وسُنَّت لها شرائع مخصوصة وأُقيم عليها قضاة مخصوصون، وكانت شرائعها قائمة على المذهب الديونيسي المنتشر تعليمه إذ ذاك في الشرق، فقام نوما بومبيليوس الذي ارتقى إلى سدة المُلك بحسن سيرتهِ وتقواه وأمر بإنشاء هذه المدارس وجعلها مستقلةً بذاتها ووضع لها قواعد وقوانين كثيرة، فكانت مدنيَّة ودينية في آنٍ واحد وخوَّلها حق بناء الهياكل الجميلة والمحلات العمومية والقصور الأنيقة وفصل أحكامها عن المحاكم العمومية، فكانت تفعل ما تشاءُ فتأمر وتنهى وتجزي وتعاقب من غير منازع ولا معارض، وكان لها أساتذة ومنبهون ومعاونون وكَتبة وأمناءُ خزينة ومساعدون وحفظة أختام وغيرها من الوظائف الكثيرة التي نراها حتى الآن منتشرة في الماسونيَّة الرمزية، وكان أطباؤُهم مستقلين لمعالجتهم، وكان فيها كثير من الإخوة العلماء الذين أقرَّ بفضلهم رجال الأعصر الغابرة، وكانوا يتبرَّعون بمبالغ تصرفها عليهم الجمعية شهريًّا لإعانة إخوتهم المنكوبين، وكان عدد الطالبين في كل مدرسة معدودًا، فلا يمكن تجاوزه، وكان معظم الإخوة مؤلفين من اليونان الذين هاجروا بلادهم وأتوا رومية ليذوقوا فيها حلاوة العيش بعد مرارتهِ وأدخلوا معهم أسرار جمعياتهم السرية، وأضافوا إليها أشياء عديدة، حتى إنه منذ بُنيت رومية حتى حكم قسطنطين الكبير سنة ٣٣٠ب.م، لم ينشأ هيكل ولم يُشَدْ معبد إلا ومرجع الفضل فيهِ للماسونيَّة، وهذه آثار بعض من تلك البنايات باقية حتى لا تفعل به عوامل الأيام الماضية تشهد لهم بالفضل وتدلنا صريحًا على أفعالهم المجيدة.

الماسونيَّة في أيام الرومانيين

  • سنة ٧١٠ق.م: في هذه السنة قام «نوما بومبيليوس» المصلح العظيم ومشيد المدارس الماسونيَّة، وأمرهم بتعظيم «الكابيتول» (وهو حصن رومية المنيع)، وأن يتمموا بناء الهياكل المخصصة لعبادة الشمس والقمر ورهيا وساتورن ومارس وغيرها من الآلهة الرومانية التي كان قد بدأ بإنشائها روملوس باني رومية وملك السابنين، وبعدما أنهوا هذه الأعمال أمرهم نوما بإنشاء هياكل تُكرس لعبادة إله الإيمان وإلهة الصداقة ومعبد لروملوس، وآخر لجونوس إله السلام الذي كان نوما يحبه كثيرًا. وأحاط المدينة بأسوار عظيمة وحصَّنها تحصينًا منيعًا لتكون في مأمن من الهلاك، وفي حرز حريز من هجمات الأعداء، وبعد ذلك أتمَّ بناء الهيكل الذي كان قد بدأ بهِ روملوس لعبادة المُشترِي وهو إله الآلهة عند الرومانيين تذكارًا للأعجوبة التي صنعها معه وهي أنه بعد ما كاد الجيش ينهزم إثر موقعة جرت لهم مع أعدائهم السابنين تضرع «روملوس» إلى المشترِي ليلهم أجناده قوةً وثباتًا، ونذر بأنه إذا ظفر بنى له هيكلًا في ذلك المكان عينهِ، وهكذا كان وبدأ بإنشائهِ، ولكنهم زعموا أنه خُطف إلى السماء لينتظم في صف الآلهة.
  • سنة ٦٥٠ق.م: وازداد سكان رومية في زمن تسلط إنكوس مارسيوس زيادة عظيمة فحصَّن البلاد وأنشأ الحصون والقلاع وعمل مستودعًا عظيمًا للمياه دعاه باسمهِ وأمر بإنشاء مرفأٍ لشاطئ أوستيا ليسهل التجارة وتمرُّ داخله السفن.
  • سنة ٦١٠ق.م: تسلط على رومية تاركينوس الكبيرة فأقام معابد جديدة في الكابيتول للمُشترِي إله الآلهة ومينرفا إلهة الحكمة وجونون، وأقام سورًا عظيمًا طوله ٦١٤ مترًا، وهو أول من أمر بإنشاء المراسح، وأقيمت في أيامهِ بنايات كثيرة.
  • سنة ٥٨٠ق.م: ازدادت رومية اتساعًا عما كانت عليهِ في زمن «أنكوس مارسيوس»؛ إذ أضاف إليها ملك رومية «توليوس سرفيوس» مقاطعة فيرينال التي أحاطها بالأسوار المنيعة، وأقام معابد للسعادة ولديانة إلهة القنص.
  • سنة ٥٣٠ق.م: أنجز «تاركينوس» المهيب أعمال أسلافهِ، وجعل قناة ماءٍ تحت الأرض تسير فيها المراكب ودعاها كلواكا ماكسيما. وفي ذلك العهد تمَّ بناءُ هيكل المشتري في الكابيتول والمرسح الذي كان قد بدأ بهِ سلفه، وأقام مرسحًا ثانيًا خصصه لمصارعة الشبان الرومانيين.
  • سنة ٥٠٠ق.م: تسلط «جونيوس دروسوس» وأمر ببناء هياكل جديدة أنيقة للغاية، وأنشأ معابد للإله بلاس ومينرفا.
  • سنة ٤٩٠ق.م: قام القنصلان «سمبرونيوس» و«مينوسيوس» وأمرا مدارس البنَّائين بإنشاء هيكلين للإلهة عطارد والمريخ.
  • سنة ٤٨٠ق.م: تم بناءُ هياكل لعبادة كاستور وبلوكس في زمن تسلط بوستيميوس الذي أمر أيضًا ببناء هيكلين آخرين لسيريس آلهة الخطر، وباخوس إله الخمر تذكارًا لنصرتهِ على اللاتين، وكان معبد السعادة الذي بناه في ذلك العهد أجمل الهياكل وأعظمها.
  • سنة ٣٩٦ق.م: أنشأ فوريوس كاميلوس معابد كثيرة وبنايات عديدة منها: هيكل لجونون الملكة، أقامه بعد انتصارهِ في معركة كادت تفشل فيها عساكره، وأنشئَ معبد للمشتري في زمن قنصليتهِ أيضًا.
  • سنة ٣٩٠ق.م: افتتح الغاليون رومية، وعاثوا فيها وهدموا كثيرًا من عماراتها ومعابدها الأنيقة وحرقوا بعضها.
  • سنة ٣٨٥ق.م: جدد كوينتوس ما حُرق من البنايات الجميلة في رومية، وأنشأ معابد كثيرة منها واحد لمارس إله الحرب، وآخر لسالوس إله الصحة، وثالث لإله الوفاء.
  • سنة ٣١٢ق.م: أقام القنصل أبيوس كلوديوس حاجزًا للمياه عظيمًا؛ إذ كان التيبر كثيرًا ما يفيض فيتلف ما جاوره.
  • سنة ٢٩٠ق.م: أنشأَ القنصل سبير كارفيليوس معبدًا عظيمًا لكورينيوس، وأدخل إليه الساعة الشمسية، وحارب هذا القنصل الأتركيين فانتصر عليهم وغنم منهم مغانم كثيرة عمَّر بها هيكلًا أنيقًا للسعادة وآخر لاسكولاب الشبيه بالآلهة وهو إله الطب والجراحة.
  • سنة ٢٨٥ق.م: قامت جماعة البنَّائين كما كانوا يُدعون في ذلك العهد واستوطنوا قسمًا من غاليا سيزالبين (وهي البندقية ولومبارديا الحاليَّة) إثر ما افتتحها الرومانيون، وكانت تقسم هذه الجماعة إلى أقسام عديدة، فمنها ما كان يلازم الجيش الروماني لا يفارقه في الحِلِّ والترحال فيدربون أعماله ويمهدون طرق فتوحاتهِ ويرسمون له ما احتاج إليهِ من بناء قلاعٍ وحصون وحواجز ومتاريس وما أشبه من البنايات الحربية، فكانوا له مَعينًا عظيمًا وسندًا قويًّا لفتوحاتهِ وانتصاراتهِ، وكان الجيش والعمال يشتغلون بالبناء. أما البنادقة الأصليون فينقطعون إلى اختراع الآلات المسهلة للعمل، وكانوا ينقادون لطاعة الرؤساء وقواد الجيش في المسائل الحربية المحضة، أما فيما خرج عنها فكانوا مستقلين يأتون ما أرادوه من غير منازع ولا معارض، وكان بينهم علماء أعلام يجوبون البلاد الرومانية ويبثون بين المنصورين والمفشولين روح العلم ومعرفة الحقيقة وعمل الخير والاجتناب عن الشر وإطاعة الشرائع المدنيَّة.
  • سنة ٢٨٠ق.م: قام القنصل دويليوس وأنشأ معبدًا عظيمًا كرسه لعبادة الإلهة جانيوس؛ تذكارًا لنصرتهِ في البحر على القرطجنيين وبنى أكتيليوس في السنة نفسها هيكلًا للرجاء.
  • سنة ٢٧٥ق.م: افتتح الرومان كل غاليا سيزالبين بواسطة القنصل دويليوس، وأقام بها قسمًا من جماعة البنَّائين الذين قاموا بأعمالهم بهمة لا تعرف الملل، فأعادوا البنايات العظيمة إلى رونقها الأول وجددوا ما كان قد هُدِم من البنايات العظيمة.
  • سنة ٢٥٠ق.م: احتلت الجنود الرومانية غاليا وضواحيها، وكان يصحبهم البناءُون الذين كانوا يشيدون الأبراج والحصون ويُنشئون القصور والمعالم، فصارت غاليا بعد زمن قصير زاهرة زاهية. وكان قسم آخر من الجيش الروماني يسير قاطعًا جبال الألب نحو غاليا ترانساليين وإسبانيا، فكان للبنائين الذين مهدوا الشعاب وخططوا الطرق لمسير الجيش الروماني في وعور جبال الألب المنيعة الفضل الأكبر ولولاهم ما أمكن الجيش المسير.
  • سنة ٢٢٥ق.م: وكان البناءُون الذين صحبوا الجيش نحو غاليا ترانسالبين قد أتموا أكثر من المطلوب منهم فأنشئوا كوردو في إسبانيا وأمبودوروم في إسبانيا، وكان رفقاؤُهم الذين في رومية لا يقلون عنهم نشاطًا، فبنوا هناك المحافل العظيمة وشيدوا مرسح فلامينيان الذي دُعي باسم القنصل فلامينيوس.
  • سنة ٢٢٠ق.م: هاجم أنيبال رئيس العساكر القرطجنيَّة رومية، وكاد لولا قليل يظفر بها، فأقام البناءُون هيكلًا لإلهٍ سخري جعلوه بأقبح ملامح الشناعة، وعملوا طريقًا سريًّا تحت الأرض يوصل إلى خارج رومية، وأنشئوا مرسحًا آخر بأمر القنصل فلامينيوس.
  • سنة ٢١٠ق.م: كانت المدارس البنائيَّة في زمن الحرب الثانية القرطجنيَّة بلا عمل تجريهِ، فاتجهت أنظارها نحو الولايات والأقاليم العديدة التي افتتحها الجيش الروماني فساروا يبثون فيها روح النشاط على العمل وأعادوها بمدة وجيزة إلى رونقها الأول.
  • سنة ٢٠٠ق.م: وكان الشعب الروماني قد عزم سنة ٢٠٢ق.م أن يقيم هيكلًا لمارس إله الحرب وآخر لمؤسسي رومية؛ رموس وروملوس، وفي تلك السنة تمَّ بناءُ هذين الهيكلين.
  • سنة ١٤٨ق.م: قام الجنرال ميتيللوس وأمر بإنشاء هيكل للإله المشتري إله الآلهة يكون من رخام ناصع البياض، وذلك بعد انتصارهِ العظيم على ملك مقدونية، وأقام هيكلًا آخر للإلهة جونون على نفقتهِ.
  • سنة ١٢٥ق.م: افتتحت العساكر الرومانية مقاطعة هيلفاتيا، وأقاموا بها بلدانًا عديدة منها أوغوستا بازيتيا وأوفاتيكوم (وهي أفانس الآن) التي أصبحت ذات شأن خطير.
  • سنة ١٢١ق.م: ترأس مارسيوس على مستعمرة رومانية وأنشأ بلدة ناربو مارسيوس (وهي ناربون الآن) التي أصبحت محط رحال القوات الرومانية واكتسبت شهرة عظيمة حتى زمن أوغسطس قيصر، فأخذت في التقهقر شيئًا فشيئًا.
  • سنة ١٠١ق.م: انتصر الجنرال ماريوس على القوات السيمبرية Cimbres، والطوطون Teutons انتصارًا مجيدًا، فأقام في رومية هيكلًا عظيمًا لآلهة هونور وفبرتوس Honor et Virtus تحت رئاسة موزيوس النقاش البارع.

    وكان علم النقش حتى ذلك العهد في غاية البساطة، وكان الرومانيون يكتفون بتنميق هياكلهم وزخرفتها باستجلاب الآثار القديمة التي كانوا يحرزونها من الذين ينتصرون عليهم من الشعوب خصوصًا من الآثارات اليونانية، فأخذوا من ذلك العهد يجدُّون ويجتهدون في درس ما يرونه من بدائع الصنع حتى صارت محبة الحفر عندهم شديدة للغاية، وأبدعوا فيهِ غاية الإبداع.

  • سنة ٧٩ق.م: طغى البركان فيزوف، وهو أشهر البراكين الإيتاليَّة وأعظمها فدمر مدينة أركولانيوم Herculaneum، وهي شهيرة بما فيها من بدائع الآثار التي تفنن البناءُون فيها.
    وفي ذلك الوقت طغى بركان فيزوف على مدينة بومباي Pompéi، وكانت وهي لا تقل شهرة عن أركولانيوم بالآثار البديعة والهياكل الأنيقة فذهبت ضحية للبركان فيزوف، وبقيت آثارها طويلًا مخبأة تحت الرماد والمواد البركانية إلى أن اكتُشفت مؤخرًا وظهرت شاهد عدل لما كان عليهِ البناءُون من التقدم والنجاح.
  • سنة ٧٥ق.م: أُنشئَ عدد عظيم من البلدان في غاليا ناربونيزيه، وكان هناك جيش كثير من الرومان ليدفعوا هجمات الأعداء المقيمين في ضواحي ماستيليا (مارسيليا) التي بناها الغوسيون سنة ٥٩٩ق.م، وأرنيات وهي (أرل الآن) التي بُنيت سنة ٢٠٠٠ق.م، وأقام البناءُون مدن أكوا سكستيا (إكس) ونيموسوس (نيم) التي صارت مدنًا في غاية الأهمية، وأنشئوا فيها هياكل عظيمة فصارت تضارع البلاد الرومانية عظمةً وجمالًا.
  • سنة ٦٠ق.م: افتتح يوليوس قيصر كل غاليا ترانسالبين وهي (فرنسا وبلجيكا وسويسرا الحالية) بعد حرب عشر سنوات، وقد قال عن هذه الحرب بلوتارخوس المؤرخ الشهير: إن أكثر من ثمانمائة مدينة ذهبت ضحيتها، وعدد عديد من الهياكل والمباني ذهب طمع المنتصرين، فأرسل يوليوس قيصر جماعات البنَّائين إلى غاليا يرممون ما هدمه الظالمون؛ فانتشر البناءُون في أربعة أقطار غاليا، وقاموا بهمة شمَّاء لا تعرف الملل ولا يعروها الكلل يشيدون المباني الفخيمة والهياكل الجميلة والمدن العظيمة فأنشئوا مدن تريفيري (تريف Trèves)، وريمي (ريم Reims)، وروتوماكوس (روان Rouen)، وبورديكاتا (بوردو Bordeaux)، ولوكدونم (ليون Lyon)، وتولوزا (تولوز Toulouse)، ولوتيتيا أو باريزي، وهي (باريس Paris الآن)، وكثير غير هذه من البلدان التي أصبحت ذات شأن خطير للغاية.
  • سنة ٥٥ق.م: افتتح الرومان بريطانيا تحت قيادة يوليوس قيصر الذي أرسل إليها جماعة البنَّائين ليحصنوها ويجعلوها منيعة ترد هجمات الأعداء الاسكوتسيين فسار البناءُون إليها، وأقاموا فيها كعادتهم البنايات الجميلة والهياكل الأنيقة العظيمة، وأنشئوا مدينة أيبوراكوم (وهي يورك York الآن)، الشهيرة بتاريخ الماسونيَّة.
  • سنة ٥٠ق.م: بينما كان يوليوس قيصر سائرًا بفتوحاتهِ يسود على العالم كان بومبه Pompée في رومية يشيد البنايات الكثيرة، وهو الذي أمر ببناءِ المرسح العظيم الذي يسع ثلاثين ألف نفس، وهو من الرخام الناصع البياض، وأمر أيضًا ببناء الطريق الموصل من إيتاليا إلى غاليا. ورجع في ذلك العهد يوليوس قيصر إلى رومية، وأمر ببناء هياكل عظيمة للآلهة واستدعى كل البنَّائين الذي كانوا في غاليا سيزالبين وهي إيتاليا الحالية وأرسلهم إلى أفريقيا ليجددوا بناء قرطجنة الشهيرة، وقورنت.
  • سنة ٣٧ق.م: ولما ملك الرومانيون شواطئَ نهر الرين وخافوا من هجمات أعدائهم الجرمانيين أقاموا مستعمرات عظيمة وشيدوا مدنًا كثيرة منها: كولونيا أكريبينا (كولونيا Cologne) التي أصبحت شهيرة جدًّا، وأحرزت كل الحقوق الرومانية في عهد كلوديوس قيصر.
  • سنة ٣٢ق.م: احتل الرومانيون مدينة لوتيتيا وهي باريس الحالية، وأقاموا فيها الهياكل العظيمة لعبادة الإلهة إيزيس وميترا.

أوغسطس قيصر

  • سنة ٣٠ق.م: ملك أوغسطس قيصر على الرومان، واشتهر بحبهِ للعظمة والمجد، فشمَّر عن ساعد الجِد ليجعل ملكه سعيدًا ورعاياه مغبوطين، وازدادت جماعة البنَّائين في أيامهِ ازديادًا عظيمًا، وقام قسم منهم وأنشئوا مدارس خاصة لهم لا تقبل إلا الراغبين في تعليم الحفر، وكان هؤلاء من القوم الذين اشتُهر فضلهم وعُرف حزمهم وسارت بنشاطهم الأمثال، فأصبحوا مكرمين من الجميع، وصار الرومان يدخلون في عدادهم زرافات وكلهم متيقن أنه بانتظامهِ في هذه الجمعية الفضلى ينال الشرف العظيم لما رأوا من تقدمها السريع، فأمرهم أوغسطس قيصر بتشييد الهياكل العظيمة إكرامًا للآلهة التي منحته ما لم تمنح غيره من القياصرة من سعة الملك ورغد العيش ومحبة الرعيَّة، فقام البناءُون وبدءوا عملهم ناشطين من عقال الخمول، وشيدوا المعالم والقصور بما جعل رومية في مدة قصيرة جنة الدنيا، فازدادت بهجتها بهجةً وجمالها جمالًا، ورأى ذلك أصدقاء أوغسطس قيصر، فأرادوا مجاراته على عملهِ العائد نفعه على الجميع ليكسبوا بذلك رضاه، فقام ستاتيليوس توروس وأنشأ مرسحًا عظيمًا، وماركوس فيليبوس هيكلًا أنيقًا لعبادة الإله هرقل ميزاجات ولوسيوس كارنيفوسيوس معبدًا للإله ديانا، وهلمَّ جرًّا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤