الفصل الخامس

الاستعداد لتحويل الماسونيَّة العملية إلى رمزية

وأُهملت الاجتماعات الماسونيَّة والاحتفالات السنوية وقلَّ عدد الأعضاء في المحافل ولم يبقَ إلا محفل القديس بولس وبعض المحافل مواظبة على الاجتماع.
  • سنة ١٧٠٣ب.م: فاجتمع الإخوة الماسون الغيورون في سنة ١٧٠٣ بمحفل مار بولس بلندن وتباحثوا في أمر الماسونيَّة والأسلوب الذي ينبغي اتخاذه لنهضتها وتعزيز شأنها فأقروا على تغيير موضوع الجمعية من عملي إلى رمزي؛ لكي يتيسر لهم ضم غير البنَّائين العمليين إليهم، ولأن كثيرين من غير المتعاطين صناعة البناء كانوا قد دخلوا الجمعية أعضاءَ شرف واطلعوا على أسرارها، وبعد مباحثات طويلة أقرُّوا على ما يأتي:

    إن منافع الماسونيَّة وامتيازاتها لا تقتصر من الآن فصاعدًا على البنَّائين العاملين؛ بل تمتد إلى رجال الحِرف الأخرى على شرط أن يُصادَق على دخولهم في الماسونيَّة.

    وهذا نص الجملة كما وردت بتاريخ بريستون صفحة ١٨٠:
    THAT THE PRIVILEGES OF MASONRY SHOULD NO LONGER BE RESTRICTED TO OPERATIVE MASONS, BUT EXTEND TO MEN OF VARIOUS PROFESSIONS, PROVIDED THEY WERE REGULARLY APPROVED AND INITIATED INTO THE ORDER.

    ولم يمكن تنفيذ هذا القرار بالسرعة؛ لأن الأفكار لم تكن مستعدة لقبولهِ والإخوة البنَّائين استغربوه وبعضهم قاومه وحصل انشقاق بسببهِ بين ماسون إنكلترا، وأما ماسون اسكوتلندا فبقوا زمنًا على ما كانوا عليه، وكذلك ماسون بقيَّة الممالك، ولكنهم بعد قليل اتبعوا طريقة ماسون إنكلترا فصاروا يقبلون بينهم أصحاب الحِرف الأخرى كما سيجيءُ معنا في الكلام عن الماسونيَّة الرمزية.

  • سنة ١٧٠٧ب.م: وسنة ١٧٠٧ كانت المحافل الألمانية الثلاث متمتعة بحقوقها وامتيازاتها فتحكم وتنهي الخلاف بين العملة، ولكنها لم تكن ذات أهمية يُعبأُ بها، وكان الإخوة لا يزالون يشتغلون في كنيسة القديس بولس بلندن من ٢٧ سنة مضت إلى سنة ١٧١٠، حيث انتهوا من العمل فبلغت نفقاتها نحو مليون ليرة.
  • سنة ١٧١٤ب.م: وسنة ١٧١٤ توفيت الملكة حنة فجلس على عرش المُلك جورج الأول الذي كان يُدعى لويس.

جورج الأول ملك بريطانيا العظمى وأيرلندا

وُلِد في اسنابروك بألمانيا سنة ١٦٦٠ وهو أميرٌ من عائلة هانوفر الألمانية، وأول من ملك منها وأبوه «إرنست أوغسطس» زوج «صوفيا» حفيدة جمس الأول، وكان قد حارب الفرنسويين والأتراك حينما كان في الجيش سنة ١٦٩٨، وسنة ١٧٠٠ حارب الدنيمارك وأسوج، ورفع الحصار عن توننجن، وسنة ١٧٠٧ إلى ١٧٠٩ كان متقلدًا قيادة جيوش المملكة، ولما توفيت أمه صوفيا سنة ١٧١٤ صار هو أكبر وارث شرعي لحنة ملكة إنكلترا التي عندما توفيت في شهر أوغسطس من تلك السنة جاء مع ابنهِ البكر فوصل إلى كرينويج في شهر سبتمبر فأُلبس التاج في شهر أكتوبر سنة ١٧١٤.
  • سنة ١٧١٤ب.م: وفي هذه السنة ترأَّس على محفل كلوينن الأعظم، ولم تنجح الماسونيَّة العملية مدة ملكهِ.

    وعصاه بعض الأحزاب في اسكوتلندا وشمال إنكلترا فانتصر عليهم وقبض على العصاة وعاقبهم شديد العقاب. وكان لا يعرف اللغة الإنكليزية، ولم تحبه الرعية كما ينبغي وحدث في أيامهِ جملة حروب مع إسبانيا؛ لأنها قصدت منع اتصال التجارة الإنكليزية مع مستعمراتها الأميركية، ورغبت استخلاص جبل طارق فلم تنجح بشيء.

    وكان قد رزق ولدًا من زوجتهِ صوفيا دعاه أوغسطس، وهو الذي خلفه في الملك باسم جورج الثاني، وابنة سماها صوفية دوروتس، تزوجت سنة ١٧٠٦ بفردريك وليم الأول ملك بروسيا.

    وسنة ١٧٢٧ خرج قاصدًا هانوفر، ويقال إنه جاع في أثناء الطريق فأخذ بيضتين من منزل المسافرين وأكلهما، ثم قدَّم صاحب المنزل حسابه، وإذا هو قد طلب ثمن البيضتين عشرين دينارًا، فقال له الملك: علامَ هذا الغلاءُ الفاحش، هل البيض نادر عندكم؟ فقال صاحب المنزل: كلا يا مولاي، ولكن النادر مرور الملوك بنا، فسُرَّ الملك بجوابهِ وأمر له بما طلب.

    وفي ١٠ يونيو أُصيب بنوبة في مركبتهِ وتوفي قبل أن يصل إلى اسنابروك، فدفن في هانوفر سنة ١٧٢٧.

العمل العظيم

ذكرنا فيما تقدم عن حالة الماسونيَّة والتقلبات التي طرأت عليها منذ عُرفت إلى هذا التاريخ، وقلنا إن الجمعية كانت مؤَلفة من بنائين عمليين صناعتهم البناءُ والنقش وما أشبه، وذكرنا الذين نبغوا منهم والسراة والعظماء الذين انضموا إليها أعضاءَ شرفٍ، ولخَّصنا يسيرًا من تاريخهم وتشجيعهم الجمعية والصنَّاع حتى تمكنوا من إقامة البنايات الفخيمة في جهات متعددة من العالم، ولما انحطت صناعة البناء تأخر البناءُون عن الاجتماعات وكادت الجمعية تتلاشى والمحافل الثلاثة التي بجرمانيا كانت منحطة ومثلها المحافل الأربعة التي في جهات لندن وفي اسكوتلندا وغيرها، وتوقف كثير من المحافل في بقية الممالك حتى غدت أثرًا بعد عين، فارتأى محفل مار بولس بلندن الذي كان أكبر هذه المحافل وأعظمها، أن لا يحصر أعضاء هذه الجمعية بالبنَّائين فقط، بل يجيز لغيرهم من أصحاب الحرف أن يشترك فيها أيضًا بشرط موافقة الإخوان على قبوله، كما مرَّ بنا في القاعدة المدرجة [في الباب الثاني، الفصل الخامس] من هذا الكتاب، وسنَّ لائحة لندن التي أشرنا إليها في [الباب الأول، الفصل الثامن والفصل التاسع] من هذا الكتاب ومضمونها ما ذُكر آنفًا.

  • سنة ١٧١٦ب.م: وزاد المرض على السر خريستوفور ورن، وتوالت عليهِ الأسقام فمنعته عن الاجتماع مع الإخوان، واستأثرت رحمة الله بهِ في تلك السنة (١٧١٦) بعدما خدم الإنسانية والوطن في حياتهِ أَجَلَّ خدمةٍ يسطرها له التاريخ بمِدَادِ الفخر والثناء مدى الدهر، وحزن عليهِ كل من عرف حسن سجاياه وأعماله المبرورة.

    ولما حرم الماسون احتفالاتهم وأعيادهم التي اعتادوها كل سنة ورأوا أنفسهم بغاية التأخر حركت النخوة ماسون لندن وضواحيها فاجتمعوا مرارًا متوالية اجتماعات غير رسمية، وتحادثوا مليًّا في وجوب انتخاب رئيس أعظم يُحيي الاجتماعات السالفة، ويوطد بين الإخوان دعائم المحبة والإخاء.

    وكان المنشور الذي بعثه محفل مار بولس سنة ١٧٠٣ لا يزال مهملًا، ولم يُعمل به حسب الواجب إلى سنة ١٧١٧ لمَّا اجتمع جمهور من عظماء الماسون برئاسة الأخ المحترم الفيلسوف الطبيعي الدكتور ثيوفيلوس ديزاغليه عضو الجمعية العملية الملكية الذي كان محبوبًا عند الملك جورج الثالث ومقربًا منه، واستعان هذا الأخ الفيلسوف بصديقيهِ وأخويه الماسونيين الشهيرين «جورج باين» العالم بالآثار القديمة، والدكتور «جمس أندرسون» اللذين كانا مساعدين له، فتداول الجميع في أمر إنشاء محفل أعظم باتحاد المحافل الأربع التي لم يبقَ سواها في جنوبي إنكلترا، وهي:
    • (١) محفل كوز وكريديرون Goose and Grediron، وكان يجتمع في فسحة كنيسة مار بولس.
    • (٢) محفل كرون Crown، وكان يجتمع في باركرزلين بجانب دروري لين.
    • (٣) محفل أبل تري تفرن Apple-tree Tavern، وكان يجتمع في تشارلس ستريت كفن كاردن.
    • (٤) محفل رَمر وكريبس تفرن Rummer and Grapes Tavern، كان يجتمع في كنل رو وستمنستر.
  • سنة ١٧١٧ب.م: وفي شهر فبراير سنة ١٧١٧ اجتمعت هذه المحافل مع بعض الإخوة في محفل أبل تري تفرن وانتخبوا أكبر رئيس ماسوني كان حاضرًا ليجلس على كرسي الرئاسة إلى حين انتخاب رئيس قانوني عليهم، ودعوا أنفسهم المحفل الأكبر المنتظم على هيئةٍ جديدة، وقرروا في ذلك الاجتماع وجوب تجديد العلاقات الأخوية مع سائر البنَّائين الأحرار، وأنه ينبغي أن يحيوا الاحتفالات السنوية المعتادة في ٢٤ يونيو في محفل كوز وكربديرون في دار كنيسة القديس بولس، وفي ذلك الاحتفال ينتخبون رئيسًا أعظم.

    وفي السنة الثالثة من حكم الملك جورج الأول يوم عيد مار يوحنا المعمدان في ٢٤ يونيو سنة ١٧١٧ عُقِدَت جلسة ماسونيَّة حافلة جمعت كل الإخوان الغيورين في محفل مار بولس برئاسة أكبر رئيس في أقدم محفل ماسوني، وبعد تلاوة الفروض القانونية والصلاة المعتادة باسم مهندس الكون الأعظم تُلي على الحاضرين خلاصة ما ارتآه الإخوان في مداولتهم السابقة بشأن تغيير موضوع الجمعية ووجوب انتخاب رئيس أعظم يدير شئونها حسب الواجب، وبعد تقديم أسماء كثيرين من الإخوان الأفاضل الذين يليقون لهذه الوظيفة السامية وقع الانتخاب على المستر «أنطوني ساير» فَعُيِّنَ رئيسًا أعظم وحينئذٍ ثبَّته الرئيس الذي كان جالسًا على كرسي الرئاسة حسب الأصول وهنَّأه الإخوة الحاضرون وقدموا له الطاعة من تلك الساعة فباشر هو أيضًا إتمام واجباتهِ وانتخب مشبهين للمحفل الأكبر وأمر الإخوة أعضاء الأربعة المحافل المتقدم ذكرها أن يجتمعوا للمداولة معه ومع المنبهين لترتيب أوقات الاجتماعات والنظر في أشغال الجمعية عند كل فرصة مناسبة.

    ومن الأمور التي تقررت في تلك الجلسة أن الاجتماعات الماسونيَّة التي لم يكن لها حد في ذلك الوقت تمنح لمحافل قانونية وتجتمع في أماكن خصوصية، وكل محفل يجتمع من الآن فصاعدًا ما عدا المحافل الأربعة المتقدم ذكرها يجب أن يكون معه براءة قانونية مصادق عليها من الرئيس الأعظم، وتعطى لشخص معلوم يكون قد قدَّم التماسًا بفتح محفل جديد مع آخرين (كما هو الآن) ومتى صادق الرئيس الأعظم والمحفل الأكبر تعطى له البراءة التي بدونها لا يعتبر أي محفل قانونيًّا (فنتج عن هذا القرار تجديد عدة محافل قانونية في لندن وضواحيها نالت البراءة واشتغلت بنظام)، ومما تقرر في تلك الجلسة أيضًا أنه يجب على الرؤساء والمنبهين في المحافل القانونية أن يحضروا جلسات المحفل الأكبر ويقدموا تقاريرهم السنوية عن أعمال محافلهم، وأن يرسلوا للمحفل الأكبر نسخًا من قوانينهم الداخلية، وأن يبدوا ملاحظاتهم عن كل ما يرومون إضافته أو حذفه أو تحويره حسب أحوالهم، بشرط أن لا يخالفوا الأمور الجوهرية التي قررها المحافل الأربعة ووافقوا عليها في هذه الجلسة، وهي التي بُنيت عليها هذه الجمعية من قديم الزمان ومتى صادق المحفل الأكبر على ما يُعرَض عليهِ يعتبر قاعدة للعمل يسير بموجبها إخوة ذلك المحفل.

    واحترامًا لأخوة المحافل الأربعة الذين منهم تأسس المحفل الأكبر تقرر أن يكون لهم كل الامتيازات والحقوق التي تمتعوا بها سابقًا، وأن لا قانون ولا مادة من التي يسنها المحفل الأكبر تُفقدهم شيئًا من امتيازاتهم، أو تتعدى الحدود التي وُضعت في تلك الجلسة كأحكام قاطعة.

    ولما تقررت هذه الأمور واتحد أعضاءُ المحافل الأربعة القديمة وضع فيهم بقية الأعضاء الذين كانوا قديمًا عماد العمل تمام الثقة وعدُّوهم أركان الأخوية الماسونيَّة الحديثة التي سيكون عليها المعوَّل في المستقبل.

    فاتفقت المحافل الأربعة أن تمد حمايتها على كل محفل يؤسس حديثًا ويصادق عليهِ المحفل الأكبر حسب القانون الجديد.

    وبينما كانت هذه المحافل تعمل بالموافقة مع القانون القديم كان مسموحًا لرؤسائهم ومنبهيهم أن يتمتعوا بكل امتيازات المحفل الأكبر، ما عدا التقدم في الرتب الماسونيَّة، وكان الإخوة يجتمعون في المحفل الأكبر بكل محبة وبينهم كثيرون من أعضاء المحافل الأربعة الذين لما رأوا أن الأمور جارية على أحسن ما يرام طبَّق ما يرغبون فيهِ وضعوا ثقتهم برؤسائهم وملاحظيهم لينوبوا عنهم ويفيدوهم بكل ما يحدث قبل أن يصادق عليهِ.

    ورأى هؤلاء الإخوة أنه إذا كان يمنح أعضاءُ المحافل المستجدة الحرية للحضور في اجتماعات المحفل الأكبر ربما يزيد عددهم عليهم وبكثرة الأصوات يقررون ما ينافي المبادئ التي أُسست عليها هذه الجمعية ويذهبون بالفائدة التي تنجم عنها، ولكي يتدرَّجوا إلى تغيير موضوع الجمعية القديم ويجعلوا الأسلوب الحديث قاعدة العمل والمحافل الأربعة المركزية الموجودة في إنكلترا وغيرها تابعةً للنظام الحديث على توالي الأيام قرَّروا بالاتفاق سن قوانين جديدة للأحكام الماسونيَّة لكي تسير عليها في المستقبل.

محفل يورك الأعظم

  • سنة ١٧١٧ب.م: أما محفل يورك الأعظم والمحافل التابعة له فلم تغيِّر شيئًا من نظامها القديم سنة ١٧١٧، وظلَّت مواظبة على الاجتماعات محافظةً على النسق القديم، وكذلك المحافل الماسونيَّة في أيرلندا وألمانيا وغيرهما لم تكن اجتماعاتها منتظمة ولم تتقدَّم كثيرًا، ولكن الإخوة حافظوا أشد المحافظة على نظاماتهم القديمة وطقوسهم الأصلية مع شعورهم بلزوم اتباع الخطة الجديدة التي قررها محفل مار بولس والمحافل التابعة له، وكان كثيرون من المحفل اليوركي الأعظم يظنون أن محفل مار بولس أتى شيئًا فريًّا، وأنه لا يحق له أن يحوِّر أو يغيِّر ويبدِّل في نظاماتهِ، علاوةً على ما كان متبعًا قديمًا، ولكي لا يَدَعوه ينجح اجتهدوا في إحياء اجتماعاتهم على النسق القديم وزادوا عددهم، وإنما التغيير المهم الذي حدث بمحفل مار بولس جعل كثيرين يقبلون على الانضمام تحت لواء الماسونيَّة الحديثة (الرمزية) أكثر مما يقبلون على الماسونيَّة العملية.

    وكانت الرئاسة العظمى في محفل يورك لا تزال منحصرةً في عائلة سانكلار روسلين الشهيرة، وبقي الماسون في يورك على ما تقدَّم يجتمعون اجتماعاتهم ويعيِّدون أعيادهم، ودخل بينهم جماعة من الذين لم تكن صناعتهم البناءَ، وبالاختصار إن الإخوة الذين خدموا بهذا المحفل كانوا مثالًا للفضيلة وبرهانًا على قدمية الماسونيَّة وسمو مبادئها، ولم يتبعوا القرار الذي قرَّره محفل مار بولس كما تقدم لاعتقادهم أنه منافٍ لمبادئ الجمعية الأصلية، ولم يغيروا شيئًا من مبادئهم القديمة، ولا خضعوا للمحفل الأعظم الإنكليزي السابق ذكره وظلُّوا مستقلين في أعمالهم تخضع لهم بضعة محافل إلى أن أبدلوا الماسونيَّة القديمة بالحديثة بعد بضع سنين، كما سيأتي معنا في غير هذا المكان.

    أما الماسونيَّة العملية في جرمانيا فنكتفي بالإشارة إلى ما ذكرناه عنها في [الباب الأول، الفصل الخامس] من هذا الكتاب، ففيها غنًى عن الإسهاب.

المحافل الأربعة الإنكليزية

  • سنة ١٧١٧ب.م: أما المحافل الأربعة؛ أي محفل مار بولس، ومحفل كرون، ومحفل أبل تري تفرن، ومحفل كريبس تفرن، فهذا ما جرى لها:
    • (١) محفل مار بولس تغيَّر اسمه ويدعى الآن محفل الآثار (الأنتيكة)، وكان يجتمع في دار كنيسة القديس بولس، ولا يزال إلى الوقت الحاضر يجتمع قانونيًّا يوم الأربعاء في رابع أسبوع من الأشهر الآتية، وهي: يناير وفبراير ومارس ومايو ويوليو وأكتوبر ونوفمبر، وهو في نمو عظيم ونجاح مستديم ولديه سجلات قديمة وآثار مختلفة غريبة ثمينة.
    • (٢) محفل كرون الذي كان يجتمع في باركرزلين دامت اجتماعاته نحو خمسين عامًا، وتوفي كل أعضائهِ القدماء فتلاشى.
    • (٣) محفل تري تفرن الذي كان يجتمع في تشارلس ستريت كثمن كاردن يظهر من السجلات أنه في سنة ١٧٢٢ حصل اختلاف بين أعضائهِ فنُقِل إلى نايف أكر واتبع الماسونيَّة الحديثة وتسجَّل بنمرة ١٠.
    • (٤) محفل رَمَر وكريبس تفرن الذي كان يجتمع في كَنَل رو وستمنستر نُقل إلى هورن تفرن في نيو بالس، حيث داوم اجتماعاتهِ. ولما رأى أن الماسونيَّة القديمة العملية التي حافظ عليها تكاد تتلاشى وحلَّ محلها الماسونيَّة الحديثة التي أخذت جماعة من أعضائهِ نبراسًا لها اتفق أعضاؤه أن ينضموا إلى محفل آخر حديث تحت رعاية المحفل الأكبر الإنكليزي، وكان محفل سمرست هوس من المحافل الزاهية فانضموا إليهِ.

    وهذه المحافل الأربعة حافظة كل المحافظة على ترتيبها ونظامها مدة قيامها كلها، واستعملت كل حقوقها وامتيازاتها التي خوَّلتها فكانت تقبل الماسون وتولي الرئاسة للرؤساء وتنتخب موظفين وغير ذلك من الأعمال التي كانت مستقلة عن المحفل الأكبر، وأما غيرها من المحافل فلم يكن لها هذا الحق. وامتدت الماسونيَّة بعدما تقدم امتدادًا عظيمًا لا يصدَّق وعمَّت أطراف المعمور الأربعة في خمس وعشرين سنة، وأصبحت هي وحدها القابضة على زمام الأحوال، وما لها في ذلك غاية سوى تنظيم الأعمال وتطبيقها على الشرائع الإلهية، فدخلت من إنكلترا إلى فرنسا أولًا، ثم منها إلى بَلْجِكا فهولاندا فألمانيا فأميركا فالبورتغال فإسبانيا فإيطاليا فسويسرا فاسوج فبولونيا. وفي سنة ١٧٤٠ أُنشئت المحافل العظيمة في الدنيمارك وروسيا وجزائر الأنتيل وأفريقيا والهند، ومن هناك تشعبت فعمَّت آسيا بما فيها من الجزائر والبلدان.

    فإذا كانت الماسونيَّة قد تركت البناء وشأنه ولم تعد تهتم به ولبثت محافظة على التقاليد والرموز الأولى التي أُنزلت عليها، وكفَّت عن إنشاء الكنائس وتشييد المعابد التي ترفع قلوب الشعب نحو الله وتصيرهم أبناءً صالحين، فإنها لم تكف قط عن عمل الخير وإنشاء ما هو خير من تشييد المنازل والقصور وزخرفة الحجارة وتزويقها؛ ألا وهو تهذيب الأخلاق، والأمر بعمل الخير والنهي عن إتيان الشر وارتكاب المنكر آمرة بمحبة أخوية تشمل كل أعضائها مهما تفرَّقت نزعاتهم واختلفت لغاتهم وتباينت غاياتهم، وهذا سرُّ تقدمها السريع وانخراط الجميع في عددها من رفيع ووضيع شهادة حقٍّ عمَّا لها من الأيادي البيضاء تحت القبة الزرقاء.

    وسنأتي إن شاء الله في الجزء التالي من هذا الكتاب على تاريخ الماسونيَّة الحديثة في كل مملكة من ممالك العالم، والله سبحانه ولي التوفيق.

    وهذه المحافل الأربعة حافظة كل المحافظة على ترتيبها ونظامها مدة قيامها كلها، واستعملت كل حقوقها وامتيازاتها التي خوَّلتها فكانت تقبل الماسون وتولي الرئاسة للرؤساء وتنتخب موظفين وغير ذلك من الأعمال التي كانت مستقلة عن المحفل الأكبر، وأما غيرها من المحافل فلم يكن لها هذا الحق.

    وامتدت الماسونيَّة بعدما تقدم امتدادًا عظيمًا لا يصدَّق وعمَّت أطراف المعمور الأربعة في خمس وعشرين سنة، وأصبحت هي وحدها القابضة على زمام الأحوال، وما لها في ذلك غاية سوى تنظيم الأعمال وتطبيقها على الشرائع الإلهية، فدخلت من إنكلترا إلى فرنسا أولًا، ثم منها إلى بَلْجِكا فهولاندا فألمانيا فأميركا فالبورتغال فإسبانيا فإيطاليا فسويسرا فاسوج فبولونيا. وفي سنة ١٧٤٠ أُنشئت المحافل العظيمة في الدنيمارك وروسيا وجزائر الأنتيل وأفريقيا والهند، ومن هناك تشعبت فعمَّت آسيا بما فيها من الجزائر والبلدان.

    فإذا كانت الماسونيَّة قد تركت البناء وشأنه ولم تعد تهتم به ولبثت محافظة على التقاليد والرموز الأولى التي أُنزلت عليها، وكفَّت عن إنشاء الكنائس وتشييد المعابد التي ترفع قلوب الشعب نحو الله وتصيرهم أبناءً صالحين، فإنها لم تكف قط عن عمل الخير وإنشاء ما هو خير من تشييد المنازل والقصور وزخرفة الحجارة وتزويقها؛ ألا وهو تهذيب الأخلاق، والأمر بعمل الخير والنهي عن إتيان الشر وارتكاب المنكر آمرة بمحبة أخوية تشمل كل أعضائها مهما تفرَّقت نزعاتهم واختلفت لغاتهم وتباينت غاياتهم، وهذا سرُّ تقدمها السريع وانخراط الجميع في عددها من رفيع ووضيع شهادة حقٍّ عمَّا لها من الأيادي البيضاء تحت القبة الزرقاء.

    وسنأتي إن شاء الله في الجزء التالي من هذا الكتاب على تاريخ الماسونيَّة الحديثة في كل مملكة من ممالك العالم، والله سبحانه ولي التوفيق.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤