المتقربون

الأشخاص

  • أورستيس.
  • بولاديس.
  • الجوقة: تتألف من آباء.
  • إلكترا: بواب.
  • كلوتيمنسترا.
  • جوليس: مرضع أورستيس.
  • إيجستوس.
  • ضابط من القصر.
  • أرجيون.

تقع القصة في أرجيوس بين قصر أجاممنون وقبره.

أورستيس واقف إلى قبر أبيه يدعوه ويستعين الآلهة على الانتقام له فيرى نساء قد أقبلن يحملن أنواعًا من القربان، ويعرف فيهن أخته إلكترا فيستحفي ومعه بلاد، ليعلم علمهن.

الفصل الأول

المنظر الأول

(الجوقة وإلكترا)
إلكترا : قد أمرني سادة هذا القصر؛ فأنا أحمل القربان، تتوالى الضربات التي أنال بها صدري، تسيل الدماء من خدي وقد تركتْ أظافري فيهما آثار الخمش. تغذي الزفرات قلبي، وتعلن هذه الثياب الممزقة، وهذا النقاب الممزقة على صدري العاري ما يملأ نفسي من ألم.
لقد زارت آلهة الفزع — ابنة الحلم ذات الشعور المنتثرة — مستقر النساء من هذا القصر مُنذِرة بالانتقام، فملأته خوفًا وهولًا، وقطعت هذا الصمت المطلق، صمت الليل بالصياح والعويل. وأعلن الكهنة عن الآلهة أن نفوس الموتى قد ملأها السخط، فهي تتحفز للإيقاع بالقتلة.

أيتها الأرض، أيتها الأرض، إنما تتقدم إليك هذه الزوج (وهل أستطيع أن أنطق بهذا الاسم) إنما تتقدم إليك هذه الزوج بما أحمل من قربان لتتقي شر هذا النذير! قربان لا نفع فيه. فكيف تغسل ما سفكت من دم؟! يا لك من بيت تعس! … ومستقر منكود! لن تشرق لك الشمس! إن الظلمة لتحيط بك منذ قضى سيدي.

لقد قضى هذا الملك القوي لا يقهر، تملك جلالته القلوب، إن الخوف اليوم لسائدٌ متحكِّم.

إن السعيد في هذه الأرض لإله أو أكثر قوة من إله. ولكن العدل لا يلبث أن يُوقِعَ بالمجرم. يوقع به عنوة، في ضوء النهار، أو في الأصيل أو دون أستار الليل. لقد شربت الأرض الخصبة كثيرًا من الدماء، فما أسرع ما نبت فيها الانتقام، وعمَّا قريب ستتفتح أزهاره. إن الجريمة لمقترفها ينبوع آلام لا تقدر قسوتها، لا رحمة لمن ازدرى هذا المكان المقدَّس، مكان الزواج، فلو اجتمعت أنهار الأرض كلها على أن تغسل هذا الدم المسفوك — دم الزوج الشهيد — لما استطاعت أن تمحوه.

أما أنا فقد قضى عليَّ الآلهة أن أعيش، يحيط بي ما ألمَّ بوطني من نكالٍ ودمار، بعد أن نُزِعْتُ من قصر أبي وأُكرِهْتُ على حياة الأَرِقَّاء، فعليَّ أن أكظم ما يملأ قلبي من بغض، وأن أحتمل ما يأمر به الطغاة من عدلٍ أو جور. فإذا خلوت إلى نفسي، واستسلمت لما يملكني من حب الانتقام، ملكتني هذه العبرات أذرفها على موت أبي.

الفصل الثاني

تستشير إلكترا الجوقة فيما عسى أن تطلب إلى أبيها وإلى الآلهة حين تقدم القربان. فتشير عليها بالدعاء لنفسها وأخيها وأصدقائها، واستنزال السخط على كلوتيمنسترا وإيجستوس، وطلب التعجيل في الانتقام.

إلكترا : أي هرمس السفلي، إني لضارعة إليك في أن تنبئني بأن دعائي قد تقبله آلهة الجحيم — الذين يسودون حيث يقيم أبي — قبولًا حسنًا، وإن قد قبلته الأرض نفسها، هذه التي تلِد وتغذو ثم لا تلبث أن ترد كل شيء. أي ابني إني أدعوك حين أصب هذا الشراب، أقدمه إلى الموتى، ألق عليَّ وعلى أورستيس نظرة رحمة وإشفاق، ردنا إلى قصرك. فنحن الآن طريدان، قد خانتنا تلك التي منحتنا الحياة.
لقد أعطت سريرك إيجستوس شريكها في قتلك. إني لَأَمَةٌ وإن أورستيس لطريد مُعدَم، بينما يهنأ المجرم وحده بآثار مجدك وجهدك في لذةٍ دائمة وصفوٍ غير مقطوع. قُد أورستيس إلى هذا المكان وقَدِّرْ له النصر. اسمع صوتي، وا أبتاه! هبني قلبًا أعفَّ من قلب أمي، ويدين أطهر من يديها، ذلك ما أسألك لولدك.

أما أعداؤك، فاظهر لهم مسلحًا منتقمًا. تعال أذِقْهم الموت، كما أذاقوك إياه. ذلك ما أتمناه عليك، فتقبله وأصغِ إليه. لِيُعِنْكَ على ذلك آلهة الأرض والانتقام. فتقبل مع هذه الدعوات، ما أصب على قبرك من شراب. (ثم تسقي القبر وتلتفت إلى الجوقة) أما أنتن فأسمعن أنينكن، كما جرت العادة.

(فتتغنى الجوقة ألمها وتسقي القبر بدموعها ولا تلبث إلكترا أن تلاحظ خصلة من الشعر تشبه شعرها فيتقسمها الخوف والرجاء لأنها ترى فيها شعر أورستيس.)

(ثم يقبل أورستيس وبولاديس ويتعرف إلى إلكترا والجوقة فتعرفانه، فيشكون جميعًا ويبكون وينذرون ويُحذِّرون ويستنزلون سخط الآلهة والموتى على القتلة، ويستعينونهم على الانتقام. ويسأل أورستيس عن مصدر هذا القربان فتنبئه الجوقة بأن أمه رأت فيما يرى النائم كأنها ولدت حية، فلما أرادت إرضاعها، رضعت لبنًا ودمًا، فهي خائفة حذرة تتقي بهذا القربان ما ينذرها من شر. فيعلن أورستيس أنه هذه الحية وأن هذا الحلم واقع من غير شَكٍّ. ثم يدبرون أمرهم، فيوحي أورستيس إلى أخته أن تذهب إلى القصر فتخدع الناس وتعلم علمهم، وإلى الجوقة أن تصلي وتدعو الآلهة، بينما يطرق هو وصاحبه باب القصر كأنهما غريبان يحملان إلى كلوتيمنسترا موت ابنها.)

(ثم ينصرفون وتبقى الجوقة فتتغنى الحب وسوء آثاره؛ فهو الذي يحمل الإنسان على اقتراف الجرائم وتضرب لذلك الأمثال وتتعجل الانتقام.)

الفصل الثالث

يطرق أورستيس باب القصر سائلًا عن سيده، فتأتيه كلوتيمنسترا فيزعم لها أنه غريب أقبل من فكيس ينبئ بموت أورستيس، ويريد أن يعلم أيجب نقل رماده إلى أرجوس أم تركه حيث هو، فتُظهر إلكترا الجزع وتخفي كلوتيمنسترا السرور. ثم تأمر الخدم أن يضيفوا الغريبين. وبينا تتغنى الجوقة راجية معونة الآلهة مُمَنِّيَةً نفسها بالانتقام تُقبِل جوليس مرضع أورستيس فتنبئ بأنها قد أرسلت في طلب إيجستوس، وتنصح لها الجوقة أن تحمل هذا الطاغية على أن يجيء وحيدًا لا حرس له. فتطيع وتتمنى الجوقة على الآلهة النصر والثأر للقتيل المظلوم.

الفصل الرابع

يقبل إيجستوس فيعلن ما بلغه من موت أورستيس ويدخل إلى القصر، فما أسرع ما يُسمع صراخه وقد ناله سيف أورستيس ويخرج من القصر عبدٌ يتوجع معلنًا موت سيده، طارقًا باب مستقر النساء، داعيًا كلوتيمنسترا ومُنذِرًا لها بالخطر.

كلوتيمنسترا : ماذا؟ ما مصدر هذا الصياح؟
العبد : إن الذين زعموا لنا موتهم، قد قتلوا الأحياء.
كلوتيمنسترا : يا للآلهة! إني لا أفهم هذا اللغز. إن المكر ليغتالنا بعد أن أعاننا قديمًا … عليَّ بالسلاح … ما دمت مُضْطَرَّةً للدفاع عن نفسي، فلنر لمن النصر.

المنظر الاول

(الجوقة – كلوتيمنسترا – أورستيس وفي يده السيف)
أورستيس : إني لأبحث عنك، فقد نال إيجستوس جزاءه.
كلوتيمنسترا : ويلاه! إني لشقية! أيها العزيز إيجستوس، ها أنت ذا قد قضيت!
أورستيس : أكنت تحبينه؟ إذن فسيضمكما قبر واحد، ظلي أمينة له إلى الموت (ثم يمسكها ويحاول قتلها).
كلوتيمنسترا : أمسك يا بني! اذكر حرمة هذا الصدر الذي استرحت إليه أكثر من مرة، والذي تناولت منه غذاءك.
أورستيس (وقد أمسك والتفت إلى بولاديس) : أي بولاديس ماذا أصنع؟ أأستطيع أن أقتل أمي من غير أن ترتعد فرائصي!
بولاديس : أين وحي بوثو١ وأين ما قدمت من إيمان! لا تخش عدوًّا إلا الآلهة.
بولاديس (بعد صمت) : إنك لظافر، وإن نصحك لرشيد … (ثم يتحدث إلى كلوتيمنسترا وقد أخذ بيدها) اتبعيني؛ لأنحرنك إلى جانبه (ويشير إلى حيث يظن أن إيجستوس قد قُتِلَ) لقد آثرتِه حيًّا على أبي، فليجمع الموت بينك وبينه، أنت التي خادنت هذا الخائن، وعادت زوجها! …
كلوتيمنسترا : لقد غذوت طفولتك، فاستبقِ شيخوختي.
أورستيس : لقد قتلتِ أبي، أفأستطيع أن أحيا إلى جانبك؟
كلوتيمنسترا : إن القضاء يا بني، قد فعل كل شيء.
أورستيس : إن القضاء أيضًا هو الذي سيعطيك الموت.
كلوتيمنسترا : يا بني احذر أن تلعنك أمك.
أورستيس : أمي؟ … أنت التي تركتني نهب الشقاء.
كلوتيمنسترا : لم أتركك إلا إلى صديقٍ أمين.
أورستيس : لقد بِعْتِنِي، وأنا ابن رجل حر.
كلوتيمنسترا : وأين الثمن الذي تتقاضينه؟
أورستيس : الثمن! يُخجِلني أن أذكره …
كلوتيمنسترا : اذكره، ولكن اذكر أيضًا خيانة أبيك.
أورستيس : أكان لك محبوبة في هذا القصر، إن تتهمني بطلًا بعدت بينك وبينه الشُّقَّة.
كلوتيمنسترا : أي بني، إن غياب الرجل عن زوجه لمؤلم لها.
أورستيس : ولكن الزوج الغائب لا يعمل إلا لها.
كلوتيمنسترا : أي بني، إذن فأنت تريد أن تقتل أمك.
أورستيس : لست قاتلك، وإنما تقتلين نفسك.
كلوتيمنسترا : فكِّر في ذلك؛ فإن كلابًا مفترسة ستنتقم لهذه الأم.
أورستيس : ألا تنتقم هذه الكلاب لهذا الأب إن نسيته؟
كلوتيمنسترا : عبثًا ما أذرف من الدمع على حافَة القبر …
أورستيس : إن آخرة أبي قد استتبعت آخرتك.
كلوتيمنسترا : ويلاه! لقد ولدت وغذوت هذه الحية! أيها الحلم ما كنت إلا حقًّا!
أورستيس : لقد قتلت زوجًا، فسيقتلك ابن.

(ثم يجرها خارج المسرح. وتتغنى الجوقة إشفاقها على أورستيس من انتقام الآلهة.)

(تفتح أبواب القصر، ويظهر جسم كلوتيمنسترا وإيجستوس صريعين، ويأتي أورستيس ويحضر الخدم الثوب الذي ظهر فيه أجاممنون قتيلًا.)

الفصل الخامس

تتغنى الجوقة الظفر والانتصار، ويعلن أورستيس سروره ثم يأمر أن يُبسط ثوب أجاممنون فيألم الناس له، وينظر هو مرة إلى الثوب ومرة إلى أمه فيأخذه الاضطراب ويشعر بشيءٍ من الذهول، وإنه ليتساءل أأحسن في الانتقام لأبيه، أم أساء في قتل أمه إذ يأخذه الجنون. فيرى كلابًا مفترسة تطوقها الحيَّات، قد أقبلت عليه، وهي آلهة الانتقام فيخرج هائمًا على وجهه.

١  موضع في أسفل برناس كانت تقوم فيه مدينة دلف، يريد: أين وحي أبلون؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤