مشهدٌ آخر … لأطلانطسَ أخرى

وبينَ يديَّ الفَسِيلةُ … أمضِي
وخلفِي القِيامةُ
تنهشُ أمعاءَ أرضِي
آهِ يا أرضيَ الطيِّبهْ
أمضِي …
تسابقُني قافلاتُ الجَعَارِينِ
خوفًا من الحَافلاتِ التي مَرَقَتْ هَارِبهْ
والجَعارِينْ
مساكينْ
وذَوُو مَتْرَبهْ
أمضِي …
تطاردُني صرخَاتُ الدَّلافِينِ
زحفًا على الرَّملِ
كانتْ هنا قبلَ أمسِ بحارٌ
وكانتْ دِيارٌ
وكانَ انْفجارٌ
فكانَ غبارٌ
وكانَ دَوارٌ
وكنَّا — أنا والدَّلافينُ — نلهُو …
الدَّلافينْ
المساكينْ
أغرقَ الرَّملُ أروَاحَها المتعَبَهْ
.
.
.
وبينَ يديَّ الفسِيلةُ … أمضِي
وخلفِي القيامةُ
تنهشُ أمعاءَ أرضِي
ضَجيجُ القنابلِ أكثرُ سُمِّيَّةً
من أشعَّتِها النَّووِيَّهْ
سَرْمَدِيٌّ طرِيقِي
إلى قريةٍ شاعريَّهْ
كلُّ شِبرٍ: بلَدْ
كلُّ خفقَةِ قلبٍ: أبَدْ
كلُّ ذِكرَى: وَتَدْ …
يقيِّدُنِي فوقَ أَطْلانْطِسٍ تُحتَضَرْ
أمْضِي … وأمضِي …
إلى قريةٍ ليسَ يعرفُ عنها البشَرْ
في الأَسَاطِيرِ قِيلَ:
«هُنَالكَ يحنُو على الدُّودِ قلبُ الحجَرْ»
ربَّما بعدُ لمْ تعرفِ القريةُ الوِنْشَ ذا القَبْضَةِ البَاردَهْ
وماكِينَةَ القُبحِ … زَارِعَةَ الخَرَسَانَاتِ
رُبَّ غَديرٍ هناكَ سيغسِلُني
وسيغسلُ هذي الفَسِيلَةَ
حتَّى نليقَ بهِ
سنصيرُ كما الماء فيهِ
شفِيفَيْنِ
والزَّهرُ سوفَ يصيرُ كما الحُلْم فينا
سُقُوفًا بلا أَعْمِدَهْ
وسوف تصيرُ البيوتُ جُلُودًا لنا
ونصيرُ لها أَفْئِدَهْ
.
.
.
وبينَ يديَّ الفَسِيلةُ … أمضِي
خلفِي القيامةُ … تنهشُ أمعاءَ أرضِي
وحولي الفسَائِلُ تُدْهسُ
كي يصعدَ الدَّاهِسُونَ إلى تِيهِ أكوَانِهم
فتفرَّ كواكِبُها من مدَارَاتِها
أو لكي يهبطَ الدَّاهسونَ إلى تيهِ ذرَّاتِهم
فتفرَّ كهَاربُها من مدَارَاتِها
أو لكي يدْهَسَ الدَّاهسونَ فَسَائِلَهم … وفقَطْ!
– ما علينا إذا اشْتاقَتِ الرَّخَوِيَّاتُ أصدَافَها؟!
ما علينا إذا ذُبِحتْ — كي يُسَلَّ الفرَاءُ — القطَطْ؟!
واستدَارُوا … وسارُوا إلى غَدِهِم
غيرَ منتَبهينَ إلى أمْسِهِم
كانَ أمسُهُمُ الشَّرَكَ المتربِّصَّ بالغَدِ
والغدُ لا بدَّ آتْ
سوفَ تحملُني الرِّيحُ
– لا ريحَ تحملُنا
ناءَتِ الرِّيحُ بالطَّائِراتْ
سوفَ يحملُني الماءُ
– لا غَيْمَ يُمْطِرُنا
والبِحَارُ مَوَاتْ
سوفَ يحملُني الحُلْمُ
– لا حُلْمَ
بعد نُضُوبِ المعادِنِ والنِّفْطِياتْ
سوفَ أحمِلُ نفسِي إِذنْ
فلكُمْ حُلُمٌ مِنْ جَمَادٍ …
ولِي حُلُمٌ مِنْ نَبَاتْ
سوفَ أبْتَكِرُ الغَدَ
والغَدُ لا بدَّ آتْ
الغَدُ لا بدَّ آتْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤