الفصل التاسع

ساعة أخرى مع زهير١

قلت لصاحبي: أما اليوم فعِندي لك معرض من معارض الصور، لستُ أدري أَيَرُوعُكَ أَمْ لا يبلغ من نَفْسِك شيئًا؟ ولكنِّي أَعْلَمُ أَنَّه كان يروع القدماء، ويملأ نفوسهم إعجابًا وإكبارًا. ولعله هو الذي جَعَلَ زُهيرًا أُستاذ جماعة من كِبَارِ الشُّعَراء الجَاهِلِيِّينَ والإِسْلَامِيين، منهم ابنه كَعْبٌ وحفيداه عُقبة والعوَّام، ومنهم الحطيئة وتلميذه جميل، وكُثيِّر تلميذ جَمِيل، ومنهم الأخطل فيما أَعْتَقِدُ أنا، ومنهم غير هؤلاء من الشعراء الذين عاصروا زُهيرًا وسَمِعُوا مِنْهُ أو نُقِلَ إِلَيْهِم شعره، ومن الشعراء الآخرين الذين لم يُعاصِرُوه، ولكنَّ شِعْرَه انتهى إليهم من طريق الرواية والرواة.

ولست أُريد أن أُطيل عليك في المُقدمات، ولا أن أشغلك بحديثي عن حديث زُهير، وإنَّما أُريد أنْ أهجمَ بِكَ على ميدانٍ مِنْ هَذِهِ المَيَادِين التي كان زُهيرٌ يُحْسِنُ أَنْ يذهب فيها ويجيء.

وما لي لا أبدأ بهذا الفضاء الجميل الرائع العريض الذي لا حَدَّ له، أو الذي لا تستطيع العين أن تتبين له حدًّا من أي نحو نظرت فيه، فأهبط مع زُهير إلى هذا الفضاء العريض ذي الآماد البعيدة؛ فإن الهبوط إليه مستحب نافع.

ألست تَعلم أنَّ السماء قد غمرت هذا الفضاء منذ حين بمائها الغزير الذي يلمؤه الخصب والحياة، فامْتلأ هذا الفَضَاءُ خصبًا وحياةً! ولو قد رأيتَهُ لَرَأَيْتَ بَهْجَةً وَجَمَالًا، هذا النَّبَاتُ الكثير المختلف الذي ملأ الفضاء، سواء منه هذه الرُّبَى المُرتفعة، وهذه الوهود المنخفضة، وهذه السفوح بين هذه وتلك.

انظر فَإِنَّ لَكَ في هذا النظر مُتعة ولذة ورُوحًا، هذا الفَضَاءُ لَمْ يَكَدْ يَثُور فيه ما ثار من النبات فيُزينه، ويُجمله حتى عرف ذلك الإنسانُ، وعرفه الحيوان أيضًا، بل عرفه الحيوان قبل أن يعرفه الإنسان، فأسرع إليه وعاش فيه، واستمتع بهذه الرِّياض والجَنَّات وقتًا من حياته التي يملؤها الجوع والضر، إذا لم تعطف السماء على الأرض ولم تُرسل إليها مع هذا الماء شيئًا من الخصب والحياة. كثر الحيوان في هذا الفضاء، وأَمِنَ بُرْهَةً.

ولكن الإنسان لم يلبث أن عرف هذا الفضاء، ومكان هذا الخصب والنعيم فيه وإسراع هذا الحيوان إليه، فأسْرَعَ هو إليه أيضًا ليستمتع بنعيمه، ويُصيب من خيره، ويصيد مِنْ حَيَوَانِهِ.

وهَذَا زُهير في نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ قد أقبلوا هم أيضًا يلتمسون الصَّيدَ؛ فانْظُر إليهم يَهْبِطُون وَمَعَهُم فرسهم هذا الضَّخم الذي أحكم خلقه إحكامًا، وارتفع في السماء ارتفاعًا، على قوائمه المفتولة أشد الفتل، الممرة أشد إمرار؛ وهو قَوِيٌّ صلب، وهو عنيف شموس، ليس سهلًا ولا مُذَللًا، حتى إذا بلغوا من هذا الفضاء مكانًا يستقرون فيه، أقبل إليهم غُلامهم وكانوا قد أرسلوه يلتمس لهم أماكن الصيد، فبحث، ثم عاد إليهم مُحْتاطًا مُحْتالًا يَمْشِي في خفة، ويُضَائِلُ شخصه مُضَاءَلة حتى لا يَرى ولا يحس، حتى إذا انتهى إليهم، أَنْبَأهم في همس وصوت سريع بأنَّه قد رأى لهم صيدًا فيه الخير كل الخير، رأى لهم جماعة ضئيلة من حمر الوحش ترعى بعد أن عبث الصائدون بها، فأخذوا معظمها ولم يبقَ منها إلا أتن ثلاث ضامرات مُقوسات لقلة ما شربن من الماء، وكثرة ما رعين من هذا النبت الرطب، يستغنين به عن الماء، ومعهن فحلهن يراعيهن ويرعاهن.

ولم يكد الغلام يُنبئهم بمكان هذا الصيد، حتى ائتمروا فيما بينهم أيخادعونه خداعًا، ويأخذونه بالغَدْرِ والمَكْرِ أَمْ يصاولونه جهرة في غير مكر ولا ختل ولا احتيال، ثم يستقر رأيهم على الحرب المُعلنة، والمُصَاوَلة التي لا مكر فيها؛ وما حاجتهم إلى الخداع، ومعهم هذا الجواد الذي لا يفوته شيء! نعم! ولكن هذا الجواد صعب عسير، مُسرف في الشموس والجمح، كأنَّه لم يُرَضْ قبل اليوم.

ألستَ ترى إليه رافعًا رأسه في السماء مُستعصيًا على من يُريد إلجامه؟ ثم ألستَ ترى إلى هؤلاء الناس من حوله يضربونه ويُعنفون عليه في الضرب حتى أعياهم أو كاد؟ ولكنهم على كل حال أشد منه بأسًا، وأعظم منه قوة؛ فقد قهروه واضطروه إلى أن يخفض رأسه ويمكن من نفسه، وهذا صاحب اللجام قد أقبل عليه ليلجمه، ولكن انظر: إن هذا الجواد لمرتفع، وإن صاحب اللجام ليجد في بلوغ رأسه مشقة وجهدًا، إنه ليقف على أصابع رجليه مُرتفعًا في الجو ليبلغه، وها هو ذا قد انتهى إلى إلجامه، وهذا الغلام قد استطاع أن يَثِبَ إليه فيركبه، وها هو ذا يُرِيدُ أنْ يدفعه في طلب الصيد.

واسمع لزهير يوصي الغلام بما ينبغي له ليدرك من الصيد ما يُريد، هو يوصيه بالجواد خيرًا، وهو يُوصيه بأنْ يَلْتَمِسَ غرة الصيد، ولكن الغلام مَشْغُول بالجواد الشموس الصعب عن أن يسمع لزهير أو يعقل عنه، وها هو ذا قد دفع الجواد إلى أمام، وزُهير ينظر إليه وقد بَعُدَ عنه، فيرى أنه يكلف الغلام ألوانًا من المشقة، ويرى أنه مع ذلك ينصب بالغلام على الصيد كما يهوى الشؤبوب من السماء.

وهذا الغُلام يعودُ بعد حين، وقد أَصَابَ حمار الوحش، وعادَ به دَاميًا جَريحًا، وعاد بفرسه داميًا لما تناثر عليه من دم هذا الصيد؛ واقرأ هذه الأبيات التي أفسدتها إفسادًا بهذا التخليص الذي لا دقة فيه؛ فإنك واجد فيها حين تقرؤها صورًا جميلة رائعة، وألفاظًا متينة جزلة، وسَذَاجَةً مع ذلك في التعبير والتفكير لا تكلفك جهدًا ولا عناء:

وَغَيثٍ مِنَ الوسْمِيِّ حُوٍّ تِلاعُهُ
أَجابَت رَوَابِيهِ النَّجَا وهوَاطِلهْ
هَبطتُ بِمَمْسودِ النواشرِ سَابحٍ
مُمَرٍّ أَسيلِ الْخد نَهْدٍ مَراكِلُه
تمِيمٍ فلوْنَاهُ فأُكمِلَ صُنْعُهُ
فتمَّ وعَزَّتْهُ يداه وكاهِلُه
أَمِينٍ شظاهُ لم يُخَرَّقْ صِفاقُهُ
بِمَنْقَبةٍ ولمْ تُقَطَّعْ أَبَاجِلُهْ

فهو في هذه الأبيات قد عرض عليك صورتين لم يكن بد من عرضهما قبل أن يبدأ قصة الصيد؛ فأما أُولَاهُما: فصورة هذا النبات الذي ملأ الفضاء العريض مُرْتفَعَه ومُنْخَفضه.

وأما الثانية: فصورة هذا الجواد الذي أقبل به في أصحابه يَلتمسون الصيد.

وهذا الجواد كما قلتُ لك عظيم مُحكم الخلق شديد الأسر، حديث عهد بالشباب، قد فطموه منذ حين، وتعهدوه بالعِنَايَةِ والرِّعَايَةِ، فلم يحتج إلى البَيْطَار، ولم يتعرض لعلة، ولم يشكُ ألمًا ولا سقمًا، وإنما هو مرح أشد المرح، نشيط أشد النشاط.

ثم يقص عليك الشاعرُ قِصَّةَ الصيد، فاسمع له أو انظر إليه؛ فهو يتحدث إلى أذنيك باللفظ، وهو يتحدث إلى عينيك بالصور:

إِذا ما غدَوْنا نبتغِي الصيْدَ مرَّةً
متى نَرَهُ فإِننَا لا نُخَاتِلُهْ
فبَينَا نُبَغِّي الصَّيْد جاءَ غُلامُنَا
يَدِبُّ ويُخْفِي شَخْصَه ويُضَائِلهْ

انظر إلى هذا البيت الأخير، أو إلى هذا الشطر الأخير، وإلى صورة هذا الغُلام الذي جاء ينبئهم بمكان الصيد وهو حذر مُحتاط، يدب ويخفي شخصه ويُضائله؛ فأنت توافقني على أنَّها صورة قوية صادقة مُعجبة حقًّا:

فَقال شِياهٌ رَاتِعاتٌ بِقفْرَةٍ
بمسْتَأْسِدِ القُرْيان حُوٌّ مسَايلُهْ
ثلاثٌ كأَقواسِ السراء ومِسْحَلٌ
قدِ اخْضرَّ مِنْ لسِّ الغَمِيرِ جحافِلُهْ
وقَدْ خَرَّمَ الطُّرَّاد عنْهُ جحاشَهُ
فَلَمْ يَبْقَ إلا نفْسُهُ وَحَلَائِلهْ

وانظر إلى البيت الثاني من هذه الأبيات الأخيرة، فسترى فيه دقة الشاعر في التصوير، وإحاطته بما يُريد أن يصوره، فهذه الحُمر أربع، فأما ثلاث منها فإنهن ضامرات، تمتاز بهذا الضمور، وأمَّا الرابع فهو الفحل.

وانظر إلى الشطر الثاني من هذا البيت؛ فهو أبلغ في الدقة؛ لأنه يصور لك هذا الحمار وقد أكثر من رعي النبات المخضر، حتى ظهرت خضرة هذا النبات في فيه، ثم اسمع للأبيات الثلاثة كلها وحدثني أليس هكذا يكون حديث هذا الغلام الذي ذهب يبتغي الصيد لقومه ثم عاد إليهم ينبئهم بما رأى حذرًا هامسًا محتاطًا مرغبًا في وقتٍ واحد:

فبِتنَا عُراةً عِنْدَ رَأسِ جَوادِنَا
يُزاوِلنَا عَن نَفْسِهِ ونُزاوِلُهْ
فنَضرِبُهُ حتى اطْمَأَن قَذَالُهُ
وَلَمْ يطَمَئنَّ قَلْبُهُ وَخَصَائلُهْ
ومُلْجِمُنَا ما إن يَنَال قَذَالَهُ
ولا قدماهُ الأَرْض إِلا أَنَامِله
فلأْيًا بِلأْيٍ ما حملْنَا ولِيدَنَا
على ظَهْرِ محْبُوكٍ ظِماءٍ مفاصلُهْ

ففي البيتين الأولين من هذه الأبيات تصوير للجهاد العنيف بينهم وبين الفرس، وقد انتهى هذا الجهاد إلى أن خفض الجوادُ رَأْسَه، فاطمأن قذاله، ولكن قلبه لم يطمئن؛ فهو مضطرب شديد النشاط.

وفي البيت الثالث صور المُلْجِم وهو يُحاول إلجام هذا الجواد في جهدٍ ومشقة، وفي البيت الأخير صورة الغلام وقد استطاع بعد العناء الطويل الثقيل أن يركب هذا الجواد. واسمع لزُهير وهو يُوصي الغُلام:

فَقلْتُ لهُ سَدِّدْ وَأَبْصرْ طَرِيقهُ
وما هُوَ فِيهِ عنْ وصَاتي شَاغلُهْ
وقلْتُ: تعلَّمْ أَن للصيدِ غِرَّةً
وإِلا تُضَيِّعْها فإِنكَ قاتِلُهْ
فَتَبَّعَ آثارَ الشياهِ وليدُنا
كشُؤبُوبِ غَيْثٍ يَحْفِشُ الْأُكْمَ وَابلُهْ
نظرْتُ إِلْيه نَظرَةً فرَأَيْتُهُ
على كلِّ حالٍ مَرة هُوَ حامِله
يُثِرْن الْحَصَى في وَجْهِه وَهو لاحقٌ
سِرَاعٌ تَواليهِ صِيابٌ أَوائلهْ

وانظر إلى هذا البيت الأَخير الذي يصور الطرد أجمل تصوير وأبدعه، فهذه الحُمُر تُثير الحصى في وجه الجواد، ولكنه مع ذلك ماض في أثرهن، غير وانٍ في الطلب، وقد اشتد نشاطُهُ حَتَّى كَأَنَّ أَجْزَاءه تَعْدُو يتبع بعضها بعضًا، فمقدمه نشط مُسرع، ومُؤخره يتبعه في الإسراع والنَّشاط، وَلَمْ يَكُن بُدٌّ لهذا الإلحاح في الطلب من أن ينتهي إلى الظفر، وقد ظفر الغلام وجواده:

فرَدَّ عليْنَا العَيْرَ مِنْ دونِ إِلْفِه
عَلَى رَغْمِهِ يَدْمَى نَسَاهُ وفائلُهْ

فهو قد ظفر بالفحل، ولكنه لم يظفر بحلائله، وإنما فاتته هذه الأتن الضامرة، وهو على كل حال قد عاد بهذا العير داميًا جريحًا محزونًا أشد الحُزْنِ لفقد إلفه.

أما الجواد فهو بعد هذا العَدْوِ المُتَّصِل، والطلب المُلِحِّ، والجهد العنيف، قد عاد موفورًا شديد النَّشاط لا ضَعيفًا ولا مُتهالكًا.

وَرُحْنَا بِهِ يَنْضُو الْجِيادَ عَشِيةً
مُخضَّبَةً أَرْسَاغهُ وَعَوامِلُهْ

فانْظُر إليه كيفَ يَرْجِعُ مُتقدمًا غيره من الجياد، لم يفتر عَزْمُه، ولم تنكسر حِدَّتُه، وإنما يمشي مَرِحًا، قد لونت دماء الصيد قوائمه وأرساغه.

ألستَ تَرى في كل هذه القصة وما اشتملت عليه من الصور المختلفة جمالًا وروعة وسذاجة وقُدرة على استغلال الحِسِّ، واستحضار الأشياء لا حَدَّ لها؟

قال صاحبي: أما هذا فليس إلى الشك فيه من سبيل، والذي يُعجبني في هذه القصة أنَّها على ما فيها من الحَرَكَةِ وكثرة الاضطراب لا تتعب ولا تجهد، وإنَّما تعجب وتروع في يُسْرٍ ومهلٍ، كَأَنَّنَا ننظر إليها ونحن مطمئنون، كما يشهد النظارة هذه الصور المتحركة في دارٍ من دور السينما.

قُلتُ: فإني أريد أنْ أعرض عليك الآن صورة أخرى هادئة كل الهدوء، مُريحة كل الرَّاحة، فيها حركة واضطراب، ولكنها حركة يسيرة مُطَّردة مُطمئنة، تُثِيرُ في النَّفس حُزنًا خفيفًا، وحنانًا هادئًا مُطمئنًّا، ولا غرابة في ذلك، فالشَّاعِرُ قد أقبل على رَسْمِ هَذِهِ الصُّورة وهو محزون، قد امتلأ قلبه حنانًا وشوقًا؛ فهو قد كان يتبع أحباءه الظاعنين بطرفه، حتى إذا بعدوا عنه وغابوا عن عينه بكى؛ فانهمرت دموعه انهمارًا، كما ينهمر الماء من الدلو، وهذا التَّشْبِيه دعا الشاعر إلى أن يُحَقِّقه ويَسْتَوفِيه، كأنَّه وَجَدَ في تَحْقِيقِهِ واسْتِيفَائِهِ تسلية لنفسه عن هذا الحُزن، فاستطرد وأمعن في الاستطراد، وذكر لنَا أنَّ هذه الدلو التي ينهمر منها الماء كما ينهمر الدمع من عينيه لا تمتلئ مرة ولا مرتين، وإنَّما تمتلئ ثم تفرغ، ثم تمتلئ ثم تفرغ، وهكذا ما تزال تهبط فارغة، وتصعد مُمْتَلِئة، ثم تَهْبط فارغة وتصعد ممتلئة، ثم لم يرَ الشاعر بأسًا من أن يصوِّر لنا الناقة التي تستقي بهذه الدلو، ومن أن يصور لنا السائق الذي يَحْدُو من ورائها، وينذرها بالسوط إن أبطأت، ومن أن يُصور لنا هذا الرجل القائم أمَامَها الذي يتناول الدلو فيفرغها إذا امتلأت، ثم لم يرَ بأسًا من أن يصور لنا الجدول الذي يجري فيه هذا الماء الذي تصبه فيه الدلو، ثم لم يرَ بأسًا من أن يصور هذه الضفادع التي تعيش على شواطئ هذا الجدول، وفي هذه الحفرة التي تُحيطُ بالنخيل، ولم ير بأسًا من أن يُصَوِّرَ لنا فزع هذه الضفادع حين ينصب الماء فيجري في الجدول ويصب في الحفر، فهي تخرج مشفقة تخاف الغرق.

والغريبُ أنَّ القُدَماء من أَصْحَاب اللُّغة والنَّقد عابوا هذه الصورة الجميلة الأخيرة على زُهير، وأنكروها أشد الإنكار، وغلطوا شاعرنا العظيم، وزَعموا أنَّ الضفادع لا تخرج من الماء مَخافة الغَرَقِ وإنما تخرج لأنَّها تبيض على الشاطئ، كأنَّ شَاعِرَنَا إنَّما ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّحْقِيقِ العِلْمي في خصال الحيوان، مع أَنَّهُ لم يرد إلا أن هذا الماء الذي يصب في الجدول وينصب في الحفر مُتَواليًا مُتدافعًا بين حين وحين، يخيف هذه الضفادع فيدفعها إلى الشاطئ، ويخرجها من الماء.

واقرأ معي هذه الأبيات واعجب معي بلفظها الرصين، وأسلوبها الحلو، وقافيتها المتينة:

كأن عيْنَيَّ في غرْبَىْ مقَتَّلَةٍ
منَ النواضِجِ تَسْقِي جنَّة سُحُقا
تَمْطو الرِّشاءَ وتُجْرِي في ثِنَايَتِها
منَ المَحالَةِ ثَقبًا رَائدًا قَلِقا
لها مَتاعٌ وَأَعْوَان غَدوْنَ بِهِ
قِتْبٌ وغرْبٌ إذا ما أُفرغَ انْسَحقا
وَخَلْفَهَا سائقٌ يَحْدُو إِذا خشِيَتْ
منْهُ اللَّحاقَ تَمُدُّ الصُّلْبَ وَالعُنُقَا
وَقابلٌ يَتَغَنَّى كُلَّما قَدَرَتْ
عَلَى الْعَرَاقِي يَداه قائمًا دَفَقا
يُحِيلُ في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه
حَبْوَ الجَوارِي تَرَى في مائه نُطُقَا
يخرجْن مِن شَرباتٍ ماؤُها طَحِلٌ
على الجذوع يَخَفْنَ الْغَمَّ والْغَرقَا

قال صاحبي: نعم! إنَّ هَذِهِ الصُّور جميلة، ولكنَّ ألفاظ الشاعر عسيرة بعض الشيء، تحتاج إلى التفسير، وما أظنُّ أنَّ قُراءك إن نشرت لهم مثل هذا الشعر يرضون عنه إلا أن تُفَسِّر لهم غامضه.

قلتُ: فإلى أين تُريدُ أن نَمْضِي إذا فَسَّرْنا كل غامضٍ، ويسرنا كل عسير؟ أليس يحسُن أن يكون الجهد قسمة بين القُرَّاء وبيننا، عليهم بعضه، وعلينا بعضه الآخر، وأي شيء أيسر من أن يشتري القارئُ طبعة من هذه الطبعات اليسيرة التي نُشر فيها شعر زُهير مُفَسَّرًا مَشْرُوحًا، بلْ أنا لا أُذيع هذه الأحاديث إلا لأغري القراء بشراء هذه الدواوين، وإِطَالَةِ النَّظر فيها من حينٍ إلى حين.

قال صَاحِبي: فإنَّ في هَذَين البَيْتَينِ الأخيرين تَشْبِيهًا جَمِيلًا يُعْجِبُني حقًّا، وهو تشبيه هذه الضفادع التي تحبُو في الجداول والحفر بالصبيان اللاعبين، حتى إذا أَدْرَكَها المَاءُ أشفقت منه فارْتَفَعَتْ إلى جُذوع النَّخْلِ تُريد أن تتقيه اتقاء.

قلتُ: نعم، ولكن الذي يُعجبني أَنَا مِنْ هذه القِطْعَة كلها هو بنوعٍ خاص هذه الحركة الهَادِئة المُطمئنة التي تُلائم حزن الشاعر وحَنَانَه، والتي يَلُوذ بها الشاعر ليتعزَّى بها عن هذا الحزن ويستقي بها بعض هذا الحنان.

على أني أُريد أن أَعْرِض عليك الآن صُورًا أُخرى رسمها زُهير في شِعْرِهِ فَأَبْدَع وأَجَادَ، ومِنْ هَذه الصور ما هو مألوف عندَ شُعراء آخرين غير زُهير؛ فهو في بعض قصائِدِه يُريد أنْ يَرْسُم ناقته فيذهب مذهب لبيد، فيُشبهها بالنَّعامة، حَتَّى إذا أَتَمَّ هذا التشبيه وحققه، عَدَلَ عنه إلى تشبيهٍ آخر كما فعل لبيد فشبه ناقته بحمار الوحش الذي يَدْفَع حليلته أمامه يبتغي الماء ويفر بها من الفحول، وهو يذهب في هذا التَّشبيه وفي قصته مذهب لبيد كأنه يُحاكيه، أو كأنَّ لبيدًا هو الذي حاكى زهيرًا.

وَفي قصيدة أُخْرَى يُريد أنْ يُصَوِّر نَاقته فيَذهب مَذْهب طَرفة، أو مذهب الذين حملوا وصف الناقة على طرفة، فيَصِفُ أجزاء الناقة، وربما استعمل في بعض وصفه ألفاظ طرفة نفسها. وانظر إلى هذه الأبيات.

قال صاحبي: حسبُك رواية من هذا الشعر، فلستُ أشك في جماله ولا في روعته، ولكني أعلم أنك لنْ تعرض له حتى تدخل في المُوازنة بين زهير ولبيد، وبين زهير وطرفة، وحتى تبحث عمن سبق، ومن سرق، وحتى تنتهي آخر الأمر إلى مَذهبك الذي فُتِنْتَ به فُتونًا، وهو أنَّ بعض هذا الشعر مَنْحُولٌ، قد حمل على زُهير أو على لبيد أو على طرفة، فأرحني من هذا البحث، ومن هذا العناء الذي لا أحبه، ولا أجد فيه خيرًا.

قلتُ: لك ذلك، فما زلت فيما أرى ضعيف الجهد، قصير الباع، عن مثل هذا البحث العنيف الخصب، ولكنك ستسمع هذه الأبيات على كل حال؛ لأنَّها سهلة حُلوة، لا مشقة فيها ولا جهد، وهي لهذا كله تريحك من هذا الشعر العسير الذي جشمتك عسره ومشقته.

وزُهير في هذه الأبيات يُصَوِّر لهوه ولهو أصحابه في لفظ جميل يسير، وفي معانٍ مقتصدة لا غلو فيها ولا إسراف:

وَقَدْ أَغدوا عَلَى ثُبَةٍ كِرامٍ
نَشاوَى وَاجدينَ لِما نَشاءُ
لهمْ راح وراووقٌ وَمسْك
تُعَلُّ بهِ جلودُهم وماءُ
يَجرُّونَ الْبُرودَ وقَدْ تَمَشَّتْ
حُمَيَّا الْكاسِ فِيهِم وَالْغِنَاءُ
تَمَشَّى بَيْنَ قَتْلى قَدْ أُصيبَتْ
نفوسهُمُ وَلمْ تُهْرَق دِماءُ

قال صاحبي: ما أيسر هذين البيتين الأخيرين! وما أجمل يسرهما! إنهما ليصوران البهجة والمَرح أيسر تصوير وأصدقه.

وإن في البيت الأخير خاصة لجمالًا لا يخلو من غرابة؛ قلتُ: إن صحت هذه الأبيات لزُهير فعنه إذن قد أخذ الغزلون الإسلاميون، حين زعموا أنَّ عيون الحسان سِهَامٌ يُصِبْنَ العاشقين فيقتلنهم دون أن يرقن دماء ترى.

قال: فإنك تُشير إلى قول الشاعر الإسلامي:

إِذا هُنَّ سَاقَطْنَ الْحدِيثَ لِذِي الْهوَى
سِقاطَ حصى الْمرْجانِ مِنْ سِلْك ناظِمِ
رَمَيْن فَأَقْصَدْنَ الْقلوب فَلمْ نَجِدْ
دَمًا مائِرًا إِلَّا جَوًى في الْحيازِمِ

قلتُ: نعم! وإلى غيرِ هَذا الشِّعر مما نجده كثيرًا شائعًا عند أصحاب الغزل.

قال: ونت تشك في صحة هذه الأبيات لزُهير؟ قلتُ: بل أنا أشك في صحة الكثرة من أبيات هذه القصيدة، وأيُّ شَيءٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ تتبين النَّحل؟ قَالَ: حَسْبُك! فإنِّي أَكْرَهُ حَدِيث النَّحل، وأتوسل إليك ألا تشركني فيه، أو تُثْقِل به عليَّ، ولكننا مع ذلك لم نصل إلى الفن الذي تفوق فيه زهير على غيره من الشعراء الذين عاصروه، وهو فن المديح.

قلتُ: فإن أمرَ المَدْح عِنْدَ زُهَيرٍ يَسِيرٌ، أَيْسَرُ جدًّا مِمَّا تَظُنُّ، وقد فهمه القدماء على وجهه أحسن فهم وأصدقه، ولعلك تذكر أنَّ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه كان يُحِبُّ مَدْحَ زُهير لأنه كان مادحًا صادقًا لا يُضيف إلى الرَّجُل غير ما فيه، ولأنَّه كان مدحًا خليقًا أن يبقى، وأنْ يَحْفَظه الناس لصدقه، وارتفاعه عن السخف، وبعده عن الإحالة، وتوخيه هذه الخصال التي يُحبها الناس، ويحبها العرب خاصة.

فالذين يمدحُهم زُهير قوم كرام أَجْوَاد، لَا يحفلون بالمَالِ، ولَا يُؤثرون به أنفسهم، وإنما هم يهينونه، ويؤثرون به عشائرهم، يشترون به سلم العشيرة، ويَشْتَرُون به راحة الضَّمير، ويشترون به الحمد والثناء، وهم شجعان لا يؤثرون أنفسهم بالعافية، ولا يبخلون بحياتهم عند مواطن البأس، لا يَفْرَقون مهما تَكُن الملمات، ولا يُحجمون مهما يقدموا على الهول، وهم على ذلك كله ناس لا يخرجون عن طور الناس، حتى حين يُريد زُهير أن يغلو ويُلح في المدح؛ فهو مَهْمَا يَغْلُ يكره الإحالة، وينفر من أن يقول غير الحق، وانظر إلى هذا البيت؛ فَإِنَّهُ يُلَخِّصُ مَذْهَبَ زُهير في المَدْحِ أَحْسَنَ تلخيص، ويصدق فيه رأي عمر رحمه الله:

ولَوْ أَنَّ حَمْدًا يُخلِدُ النَّاسَ لَمْ تَمُتْ
وَلكِنَّ حمْدَ النَّاسِ لَيْسَ بِمُخلِدِ

وإذا لم يكن بد من أن تستعرض بعض هذا المدح، فاقرأ معي هذه الأبيات التي يمدح بها زهير حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري:

وَأَبْيضَ فَيَّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ
علَى مُعْتَفِيهِ ما تَغِبُّ فواضِلهْ
بَكَرْتُ عَلَيْهِ غُدْوَةً فَرَأَيْتهُ
قعودًا لَدَيْهِ بالصَّرِيمِ عَواذِلهْ
يُفَدِّينَهُ طوْرًا وطوْرًا يَلمْنَه
وَأَعْيا فما يدرِينَ أَيْنَ مَخاتِله
فَأَقصرْنَ مِنهُ عَن كرِيمٍ مُرَزَّإٍ
عزُومٍ عَلَى الْأَمْر الذِي هُو فاعِلُهْ
أَخي ثِقةٍ لا تُتْلِفُ الْخمْرُ مالَهُ
ولكِنه قَدْ يُهْلِكُ المالَ نائِلُهْ
تَرَاهُ إِذا ما جئْتُه مُتهلِّلًا
كأَنَّك تُعْطِيهِ الَّذِي أَنت سائِلهْ

أَجْمَل شَيءٍ في هذا الشِّعْر أنَّه وَاضِحٌ سَهْلٌ، لا يجهد سمعك إن سمعته، ولا يجهد عقلك إن وعيته، وإنما هو نَقِيٌّ نَاصِعٌ كصَفحة الشمس، وخصال الممدوح فيه، هي هذه الخصال التي يُحِبُّها الناس، ويألفها العرب، والظريف أنه قد اصطنع القصص اليسير وسيلة إلى إظهار هذه الخصال؛ فهو قد غدا على صاحبه حصن، فألفاه وقد أحاط به عواذله يلمنه، ويلححن عليه في اللوم، لكثرة ما ينفق من المال، وهن مع ذلك يُحببنه، ويؤثرنه، ويرفقن به، ويفدينه بأنفسهن، يأخذنه بالعنف حينًا، ويأخذنه بالرفق حينًا آخر، ولكنه يعييهن ويعجزهن، فلا يبلغن منه شيئًا، ولا يعرفن كيف ينتهين إلى نفسه، ليصرفنه عن هذا الإسراف، فإذا بلغ منهن العجز أقصرن عنه، وتركنه وما هو فيه من إهلاك للمال، لا في لهو ولا في عبث، ولكن في إغاثة الملهوف، وإعانة المحروب.

ثم يَمْضِي الشَّاعِرُ في مَدْحِهِ، فيصل إلى هذا البيت البديع الذي لا أعرف أبدع منه في سذاجته ويسره، وارتفاعه عن التكلف، وتصويره لطبيعة الإنسان السهلة السمحة التي لم تعقدها الفلسفة، ولم يلح عليها الترف، ولم تخرجها الحضارة عن طورها:

تَرَاه إِذا مَا جِئْتَه مُتَهَللًا
كأَنك تعطِيه الذِي أَنتَ سائِلُهْ

وصاحبه لسن فصيح، قوي الحجة، بالغ البرهان، حليم مع ذلك شديد الصفح، مُعْرِضٌ عن اللغو، مُتَفَضِّلٌ على الضعيف المغلوب:

وَذِي خَطَلٍ في القوْلِ يَحْسَبُ أَنَّه
مُصِيبٌ فَما يُلْمِمْ بِهِ فهُوَ قائِلهْ
عَبَأت لهُ حِلْمًا وَأَكْرمْتُ غَيْرَهُ
وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ وهْوَ بَادٍ مُقاتِلُهْ

وأَظُنُّ أن من الإطالة، بل من الإسراف في الإطالة، أن نَصِلَ الحديث في مدح زُهير؛ فقد قال فيه القُدَماء ما كان يُمْكِنُ أنْ يُقَال، وأيُّ القُدَمَاءِ؟ عمر بن الخطاب وجماعة من خيرة العلماء، وأَنْبَه النُّقاد.

لا يحتاج مدح زهير إلى النقد ولا إلى التقريظ، وإنما يحتاج إلى أن يقرأ ويقرأ، وأن يجد القارئ فيه هذه اللذة التي لا تفنى، والتي توجد في الشعر الصادق الذي لا إسراف فيه ولا إحالة ولا تَكَلُّف.

ولِزُهير هِجَاءٌ لَاذِعٌ عَنيف مُخيف، وأَظُنُّك قد رأيت في ديوانه قصته مع ذلك الأسدي الذي أغار على إبله فاستاقها، وأخذ معها عبدًا له يُسمى يسارًا؛ فأنشأ زُهير كافيته المشهورة التي أولها:

بان الخَلِيط وَلَمْ يأْووا لِمَنْ تَركُوا
وَزَوَّدُوك اشْتياقًا أَيَّةً سَلَكُوا

والتي يقول فيها:

يا حارِ لا أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ بِداهِيةٍ
لَمْ يلْقها سُوقَةٌ قَبْلِي وَلا ملِكُ
فارْددْ يَسارًا وَلا تعْنُفْ علَيهِ وَلَا
تَمْعَكْ بِعِرْضِكَ إِنَّ الْغادِرَ المَعكُ

فلم يلتفت الأسدي إلى هذه القصيدة، ولم يحفل بما فيها من نذير، بل أمسك يسارًا؛ فقال زُهير أبياتًا أخرى فيها هجاء مُقذع، لا سبيل إلى روايته، ولكنه على كل حال يدل على أن زهيرًا لم يكن يتجنب الإقذاع حين تدعو إليه ضرورة الحياة.

وحسبك أنه اتهم الأسديين بحب هذا العبد، وأنَّ الأسديين إنما يمسكونه عندهم إرضاء لنسائهم، فلما انتهت الأبيات إلى الأسديين طلبوا إلى صاحبهم أن يقتل هذا الغلام، ولكنَّ صَاحِبَهُم كان عاقلًا رشيدًا كريمًا، فكسا الغلام ورده إلى مولاه، وانطلق لسانُ زُهَيرٍ بِمَدْحِ هذا الأسدي والثناء عليه، وهجاء قومه والإسراف في هجائهم.

فزُهير كما رأيت، وكما ترى، قد فتح للشعراء أبوابًا في الغَزَلِ والحَنِين، وفتح لهم أبْوَابًا في الوَصْفِ والتَّصْوِيرِ، وسَنَّ لهم سُننًا في المَدْحِ والهجاء، فأيُّ غَرَابة في أن يكون إمامًا من أئمة الشعر العربي النابهين! وأي غرامة في أن يتخرج عليه هؤلاء الشعراء الذين أشرت إليهم آنفًا! وكَمْ يكون طَريفًا وقَيِّمًا أن نَدْرُس شِعْرَ هؤلاء التلاميذ الذين تعلموا على زُهير لنتبين أثره فيهم، وانتفاعهم بتأثره واتباعه!

قال صاحبي: وما يمنعنا أن نمضي بالحديث نحو كعب بن زُهير والحُطيئة؟ فهما أظهر تلاميذه، وأشدهم به اتصالًا، وأي بأس في أن ندع أصحاب المُعلقات حينًا لنعود إليهم بعد أسبوع، أو بعد أسبوعين؟ قلتُ: لا أرى بذلك بأسًا، ولا أكره أن يكون موضوع حديثنا في الأسبوع المُقبل قصيدة كعب المشهورة: «بانَتْ سُعاد».

قال: ومَنْ يَدْري لعل الاستطراد أنْ يغلب علينا فنتَّخِذَ هَذِهِ القَصِيدَة الرَّائِعَة طَرِيقًا إلى شيء مِنَ العِنَايَةِ بِشِعْر المُحْدَثين، وهل ترى بأسًا أن ننتقل من «بانت سعاد» إلى «البُردة»، ومن البُرْدَة إلى نَهْجِهَا الذي أنشأه شوقي، أو إلى ميمية البارودي؟ قلتُ: يا سيدي، لا تُسرف في التقدير، ولا تبعد في الحساب؛ فإني لا أحب ذلك ولا أميلُ إليه، وحسبنا أن نتحدث في الأسبوع المُقبل عن «بانت سعاد». قال: فإني أريد أن أُريحك وأُريح نفسي بعض الشيء من هذا الشعر القديم، ولكنِّي فيما يظهر لم أحسن الاحتيال عليك.

١  نُشرت بجريدة الجهاد في ٢٧ مارس سنة ١٩٣٥.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤