الفصل العاشر
غادرت إيدي المنزل في الظلام. كان من الخطر، بسبب ضعف بصرها، أن تجري قبل شروق الشمس. غير أنه لم يكن أمامها خيار آخر لأن الشمس لا تشرق إلا في الساعة الثامنة صباحًا في هذا الوقت من العام؛ ويبدو في بعض الأيام أنها لا ترغب في الشروق أصلًا. كان «ضروريًّا» أن تجري. فالجري هو الشيء الوحيد الذي يحافظ على صحتها العقلية. ولهذا نهضت، وعقدت رباط حذائها، وارتدت على جبينها مصباح الرأس، وانطلقت في الظلام عبر الأشجار، حيث تشابكت خيوط الضباب على الأغصان السوداء، معلقة مثل الأشباح.
عندما عادت إلى المنزل، كانت أطرافها تؤلمها بشدة، وكانت على وشك الاستعداد للاستحمام عندما رن هاتفها. شعرت برغبة في تجاهله؛ فالمكالمات الهاتفية لا تحمل أبدًا أخبارًا جيدة هذه الأيام. لكنها عندما رأت اسم لارا على الشاشة، ارتفعت معنوياتها. فأجابت الهاتف. واستمعت إلى لارا وهي تثرثر. قالت إنها كانت شديدة الانشغال في زيارتها الأخيرة إلى لندن؛ إذ كانت تسرع من اجتماع إلى آخر، ثم إلى مصفف شعرها المفضَّل لصبغه، ثم إلى طبيب العيون للحصول على عدسات لاصقة جديدة. وكان هناك أيضًا المزيد من الاجتماعات، وربما كانت ستخرج في موعد غرامي لاحقًا، على الرغم من أنها لم تكن متأكدة من أنها منجذبة إليه.
حاولت إيدي الرد بالمثل. حاولت أن تكون لطيفة، لكنها وجدت أنها لا تستطيع ذلك. شعرت بالخجل عندما سمعت نفسها تنطلق في خطاب من رثاء الذات حول مدى شعورها بالوحدة، ومدى شعورها بالإنهاك. وصفت كيف أنها لا تستطيع التركيز في الكتب، وكيف أن مشاهدة التليفزيون جعلتها أكثر بؤسًا. فأيًّا كان ما تشاهده، سواء كان كوميديا أو دراما أو فيلمًا وثائقيًّا عن الحياة البرية، كانت تجد نفسها راغبة في التوجه إلى جيك لمناقشته معه، مثلما كانت تفعل دائمًا.
جاء صوت لارا دافئًا بشكلٍ مطمئن. «هل تعرفين ما تحتاجين إليه يا إيدي؟ تحتاجين إلى رفيق. عليكِ أن تتبني كلبًا. هناك مأوًى في …»
قالت إيدي: «أنا لست من محبِّي الكلاب.»
«حسنًا، لديهم قطط أيضًا. لا يمكنك الركض مع قطة، بالطبع، لكنها يمكن أن تسري عنك.»
«أنا لا أحب الحيوانات.»
«حسنًا.» بدت لارا محبطة.
«عدم حبي للحيوانات لا يجعلني شخصًا سيئًا.»
ضحكت لارا. «بالطبع لا! اسمعي، كنت أحاول فقط التفكير في شيء قد يبهجك …»
ردَّت إيدي: «كنت أفكر في أن أجرِّب أحد البودكاستات الخاصة بك. حسنًا، إحدى قصصك. لقد تلقيت رسالة البريد الإلكتروني التسويقية الخاصة بعملك منذ بضعة أيام — بالأمس في الواقع — وكنت أظن أنَّ الاستماع إلى شيء ما قد يساعدني على النوم.»
«أجل، هذه القصص ممتازة لذلك. بأمانة، الكثير من الأشخاص أخبروني عن مدى تأثيرها المهدئ، كأن شخصًا ما يقرأ لك قصة ما قبل النوم. توجد قصة … ما اسمها … أجل، «الفرصة الرئيسية». إنها كوميديا رومانسية، مضحكة وتبعث البهجة في النفس. جربي الاستماع إليها.»
في تلك الليلة، بعد تناولها العشاء المكوَّن من الفاصوليا والخبز المحمص، أخذت إيدي حمامًا دافئًا، ورشت عطر اللافندر على وسادتها، وأوصلت هاتفها بمكبر الصوت الموجود في غرفة النوم، ثم ضغطت على الرابط الخاص بالقصة التي أوصت بها لارا. في الحادية عشرة والربع، أطفأت النور وسحبت اللحاف فوقها، مسرورة بوجود شيء آخر غير الأمواج والنوارس تستمع إليه. كانت القصة مضحكة، وكان صوت القارئ مرخيًا للأعصاب. لم تدرِ بعد ذلك إلا وهي تتقلَّب وتنظر إلى الساعة الموجودة على الطاولة بجانب سريرها، وكانت الساعة تشير إلى الخامسة صباحًا تقريبًا.
لقد نامت!
كان هذا بالنسبة إليها أشبه بالمعجزة.