في قبائل العرب المُتَنَصِّرة
- (١)
«الأزد» اسم عام يشمل القبائل الحِمْيَريَة نسبة إلى الأَزْد بن غوث بن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ، ونَصرانِيَّتهم مُثْبتة بنصرانيَّة القبائل المتفرعة منهم، وهي القبائل التي خرجت بعد انفجار سد مأرب فسكنت في أنحاء الجزيرة وسيأتي ذكرها.
- (٢) «امرؤ القيس» بنو امرئ القيس من بني زيد مناة بن تميم، وممن صرَح بنصرانيَتهم ابن واضح المعروف باليعقوبي في تاريخه (ج١، ص٢٩٨) ed. Houtsma، قال: «وتنصَّر من بني تميم بنو امرئ القيس بن زيد مناة.» وإلى نصرانية بني امرئ القيس يشير ذو الرمة الشاعر حيث يقول:ولكنَّ أهلَ امرئ القيس مَعْشرٌيحلُّ لهم أكلُ الخنازير والخمرُ
- (٣) «الأوس» روينا في الباب العاشر من فصلنا الأوَّل «ص١٠٨» أقوال الكتبة في نصرانية الأوس٢ بعد احتلالهم في مدينة يثرب وأنهم المشار إليهم بأهل الكتاب أي النصارى.
- (٤) «إياد»٣ من أقدم القبائل العربية المُتَنَصِّرة، نقل السيوطي في المُزْهِر (١: ١٠٥) قول أبي نصر الفارابي في القبائل العربية التي لم يؤخذ عنها اللسان العربي لفساد لحق بلغتها: «ولم يُؤْخَذ — اللسان العربي — لا من قُضاعة وغسَّان وإياد لمجاورتهم أهل الشام وأكثرهم نصارى يقرَءُون بالعبرانية»، يريد اللغة الآرامية التي شاعت بين العبرانيين بعد جلاء بابل، وقال البكري في معجم ما استعجم (ص٤٨) ed. Wüstenfeld: «دانت إياد لغسان وتَنصَّرُوا.» وقال ابن دريد في الاشتقاق (ص١٠٥، id): «إياد قدم خروجهم من اليمن، فصاروا إلى السواد فألحَت عليهم الفرس في الغارة فدخلوا الروم فَتنَصَّروا.»
- (٥)
«بكر» بن وائل قبيلة كبيرة أخت تغلب وقرينتها في القوة والدين كانت ساكنة في الجزيرة وإليها نُسبت ديار بكر، أمَا نصرانِيَّتها فثابتة من كل الوجوه لا يُشك فيها، قال صاحب سيرة الرسول المعروفة بالحلبية (٣: ٩٥): «من قبائل العرب المُتنَصِّرة؛ بكر، وتغلب، ولخم، وبَهْراء، وجذام.»
- (٦)
«بَلِي» بَلِيُّ بن عمرو إخوة بَهْراء قُضاعة مثلهم، كانوا نصارى وحارَبوا مع بَهْراء ونصارى العرب جيوش المسلمين كما ذكر الطبري (١: ٢٤٧٤).
- (٧) «بَهْراء»٤ فرع من قُضاعة اشتهروا بالنصرانيَة كما رأيت آنفًا بنص السيرة الحلبية،٥ وقال اليعقوبي في تاريخه (١: ٢٩٨): «تَنصَّر … من ربيعة تغلب ومن اليمن طيئ، ومَذْحِج، والبَهْراء، وسليح، وتنوخ، وغسَّان، ولخم.» وجاء في كتاب البلدان للإصطخري (طبعة ليدن، ص١٤، ed. de Goeje): «أن بعض العرب تَنصَّر ودان بدين الروم؛ مثل تغلب من ربيعة بأرض الجزيرة، وغَسَّان وبَهْراء وتنوخ من اليمن بأرض الشام.» وجاء في ترجمة أبي العلاء المَعَرِّي لابن خلكان: «تَنُوخ إحدى القبائل الثلاث التي هي نصارى العرب؛ وهم بَهْراء وتنوخ وتغلب.» ومثله الفيروزآبادي حيث قال: «كانت النصرانية في ربيعة وقُضاعة وبَهْراء وتنوخ وتغلب وبعض طيئ»، وسبق الطبري (ج١، ٢٠٨١) كل هؤلاء، فجعل بَهْراء في عداد نصارى العرب أنصار الروم، فترى أن نصرانية بَهْراء شائعة في التاريخ.
- (٨) «تغلب» بن وائل٦ هي القبيلة المعدية الشهيرة وشقيقة بكر، كانت بلغت في الجاهلية مقامًا قَلَّما أدركَتْه قبيلة عربية أخرى، قال عمرو الشيباني يصف شرف تغلب: «كانت تغلب بن وائل من أشد الناس في الجاهلية، وقالوا: لو أبطأ الإسلام قليلًا لأكَلَت بنو تغلب الناس.»٧ وكانت تغلب مع شدتها عريقة في الدين، قال عمرو بن كلثوم التغلبي في معلقته يفتخر بشرف ودين نساء قومه:ظَعائنُ من بني جُشم بن بكرجَمَعْنَ بميسم شرفًا ودينًا
أمَا هذا الدين فكان دين النصرانيَة كما هو مشهور، والشواهد على ذلك لا تُحصى كما رأيت آنفًا من نصوص اليعقوبي والإصطخري والفيروزآبادي وابن خلكان، وزِدْ عليها قول ابن حوقل في المسالك والممالك (ص١٨): «نزلوا — أي العرب — على خفارة فارس والروم حتى إن بعضهم تَنصَّر ودان بدين النصرانية؛ مثل تغلب من ربيعة بأرض الجزيرة، وغَسَّان، وبَهْراء، وتنوخ من اليمن بأرض الشام.» وتجد في الباب الثامن من الفصل السابق شواهد أخرى تؤيد الأمر ولا تدع ريبًا لمستريب، قال جابر بن حُنَيٍّ يَرُدُّ على بَهْراء (اطلب: شعراء النصرانية، ص١٩٠):
وقد زَعمتْ بَهْراءُ أنَّ رِماحَنارماحُ نصارى لا تَخوضُ إلى الدمِبل لدينا أدلَّة واضحة على ثبوت النصرانية في تَغْلِب حتى القرن الثالث والرابع بعد الإسلام، وجاء في سراج الملوك للطرطوشي (ص٣٦، من طبعة مصر، ١٢٩٩ﻫ)، أن بني تغلب دخلوا على عمر بن عبد العزيز فأعلنوا بنصرانيتهم.
- (٩) «تميم»٨ وهو ابن مُرَّة بن أد من بني مُضَر العدنانيين وكانوا عدة قبائل ودَخلَت النصرانية في كثير منها كبني امرئ القيس، وبني شيبان، وبني أيوب بن قَلَّام الذي منهم كان الشاعر النصراني الشهير عدي بن زيد، وجاء في التذكرة الحمدونية (ص١٧ و١٨، من نسخة برلين) في وصاة الحرث بن كعب لبنيه أنه «بقي على دين عيسى بن مريم مع تميم بن مُر وأسد بن خزيمة» فجعل النصرانية في قبائل تميم بنسبتها إلى رأسهم وشيخهم تميم بن مُر.
ولمَّا وفد بنو تميم على محمد كان أحد زعمائهم الزِّبْرِقان بن بدر، وممَّا افتخر به البِيَعُ التي كان يُشَيِّدُها قومه، كما روى ابن هشام في سيرة الرسول (ص٩٣٥):
نحن الكرامُ ولا حيٌّ يُعادلنامنَّا الملوك وفينا تُنْصَب البِيَعُومن تميم في الجاهلية كان أسقف نصراني يُدعى محمدًا وهو محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم التميمي.٩ - (١٠)
- (١١) «ثعلبة» بنو ثعلبة ثلاثة أَبطن من طيئ، وهم: ثعلبة بن ذُهل، وثعلبة بن رومان، وثعلبة بن جدعاء، يقال لهم: ثعالب طيئ، ورد في الباب الثامن من الفصل السابق ذِكْر أساقفتهم، وقد عَرَف كتبة اليونان والرومان والسريان نصرانيتهم فذكروهم غير مرة ويجعلونهم من الطائعين الخاضعين للروم
.١٢ وأخبر الأبشيهي صاحب كتاب المُستَطْرَف (ج١، ص ١٣٥)، قال: «رُوي أن بني ثعلبة دخلوا على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهُ فقالوا: يا أمير المؤمنين إنَّا قوم من العرب افرض لنا، قال: نصارى؟ قالوا: نصارى، قال: ادعوا إليَّ حجَّامًا، ففعلوا فجزَّ نواصيهم.» ويوجد غير هؤلاء أيضًا عُرِفُوا ببني ثعلبة أشهرهم بنو ثعلبة بن شيبان من بطون تميم.
- (١٢)
«جُذام» بن مالك بن نصر قبيلة يمنيَة من الأَزْد، كانت تَدين بالنصرانيَة قال صاحب السيرة الحلبية (٣: ٩٥): «من قبائل العرب المُتَنَصِّرة؛ بكر، ولخم، وجُذام»، وكذلك الفارابي في المُزْهِر (١: ١٠٥)، يجعل جُذام من النصارى الذين «يقرَءُون بالعبرانية»، وفي الفتوحات الإسلامية للبلاذري (٥٩ و١٣٥) وفي الطبري (١: ١٧٠٢) وفي تاريخ ابن بطريق (طبعتنا، ج٢، ص١٣)، ترى جذامًا في جملة قبائل العرب المُتَنَصِّرة التي تُحارِب جيوش المسلمين مع غسان وكلب ولخم.
- (١٣) «جَرْم»١٣ بن ريان هم من قبائل قُضاعة ونصرانيتهم ثابتة كنصرانية قُضاعة، وقد مر بك في الباب الثامن من الفصل الأول، ذِكْر أسقف لبني جَرْم، وكانت النصرانيَة في جَرْم منذ زمن قديم؛ فإن السريان ذكروا ديرًا ابتناه الرُّهْبان في ديار جَرْم منذ أواسط القرن الرابع،١٤ وقد روى قزما الرَّحَّالة الهندي في سَفَره إلى الهند أن بين الدائنين بالنصرانيَة في زمانه؛ أي القرن السادس للمسيح كان النبط وبنو جرم.١٥
- (١٤)
«جُرْهم» نقلنا في جملة آثار النصرانية في مكة ما رواه كَتبَة العرب عن دين بني جُرْهم وعن مَلِكهم عبد المسيح وأسقفهم في مكة، فَلْيُراجع.
- (١٥) «الحَدَّاء والسِّمْط»١٦ فروع من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم، كانوا يسكنون الحيرة ويدينون بدين أهلها، قال طُخَيم بن أبي الطَّخماء الأسدي يمدحهم (الكامل للمبرَد، ص٢٦، ed. Wright):بنو السِّمْط والحَدَّاء كلُّ سَمَيْدعٍلهُ في العروق الصالحات عروقُوإني وإن كانوا نصارى أُحِبُّهمويرتاحُ قلبي نحوهم ويتوقُ
- (١٦) «الحارث بن كعب» قبيلة يمنيَّة كبيرة تنتسب إلى مَذْحِج إلى كهلان احتلَّت نَجران ونواحيها وتَنصَّرَت وحَسُنت نصرانيتها، ويظهر أن الحارث بن كعب جد هذه القبيلة مات نصرانيًّا، فإننا قد وجدنا في النسخة الخَطِّيَّة من التذكرة الحمدونية (Ms. Berlin, Ahlwardt, nos 8359 et 60 ff. 17) ما حرفهُ:١٧«أوصى١٨ الحرث بن كعب بنيه فقال: يا بَنِيَّ قد أتت عليَّ مائة وستون سنة ما صافحَتْ يميني يمينَ غادِر، ولا قَنعَت نفسي بخلَّة فاجر، ولا بُحتُ لصديق بسرٍّ، ولا طرحتُ عندي مومسة قناعًا، ولا بَقِي على دِين عيسى ابن مريم أحد غيري، وغير تميم بن مُرٍّ، وأسد بن خزيمة، فموتوا على شريعتي واحفظوا وصيتي، وإلَهَكم فاتَّقُوا يكفكم المهمَّ من أموركم ويصلح لكم أعمالكم وإياكم والمعصية، لِئلَّا يحل بكم الدمار وتوحش منكم الديار … فإن لزوم الخَطِيَّة تُعْقِب البَلِيَّة.»»
وهناك حاشية رواها ابن حمدون: «إن النصارى في العرب كثير، وبني الحرث بن كعب كلهم نصارى.»
وكانت نجران تحت حكم بني الحارث لمَا قصدَها ذو نُؤاس مَلِك حِمْيَر اليهودي فافتتحها وامتحن أهلها بأخاديد النار، فمات منهم عدد دَثْر مُفضِّلِين الموت الأحمر على جُحود الدِّين، وبعد ظَفَر الحبش بذي نؤاس عاد بنو الحارث بن كعب إلى إمرة نجران، وكان من أشرافهم بنو عبد المدان بن الديان الذين شادُوا كعبة نجران وكنيستها المعروفة بالقُلَيْس التي أفاض الكتبة في وصف محاسنها كما رأيت في الباب المختص بنصرانية أهل اليمن، وبقي بنو الحارث بن كعب على نصرانيتهم بعد ظهور الإسلام كما يؤخذ من كتاب الوفادات لابن سعد (Wellhausen Skízzen, IV, 8)، حيث صالحهم نبي المسلمين على شروط عدَدها هناك ولم ينبذوا دينهم، وممَّا رأيناه في أحد مخطوطات مكتبة قديمة في حَلَب منسوبًا إلى شاعر من بني الحارث الأبيات الآتية المشيرة إلى دينهم القويم:ألا إنَّنا من مَعْشَر سَبقتْ لهمأيادي من الحسنى فعُوفوا من الجهلولم ينظروا يومًا إلى ذات مَحْرمٍولا عرفوا إلَّا التَّقيَّة في الفِعلِوفينا من التوحيد والعقل شاهدٌعرفناهُ والتوحيدُ يُعْرَف بالعقلِنُعايِن من فوق السموات كلهامُعايَنة الأشخاص بالجَوْهر المجليونعلمُ ما كنَا ومن أين بَدْؤُناوما نحن بالتصوير في عالم الشَّكْلِوإنَا وإن كنَّا على مَرْكَبة الثَّرَىفأرماحنا في عالم النور تَستَعْلِيوما صعدتْ لم تَخْتبِرْه وإنمارأت ذاتها بالنور في العالِم العَقْليفلم تَرْضَ بالدنيا مُقامًا فآثرتحقيقةَ مَمثولٍ وجلَّت عن المثلِ - (١٧)
«حْمْيَر» أخبار تنصُّرها مرت في باب النصرانية في اليمن فعليك بها، وزِدْ على نصوصنا قول الفيروزآبادي: «إن كثيرًا من ملوك اليمن والحيرة تَنصَّرُوا.»
- (١٨) «حَنيفة»١٩ بنو حَنيفة٢٠ بطن كبير من بكر بن وائل كانوا يسكنون اليمامة، وقد مر ذِكْر تَنصُّرِهم في أثناء ذكر «النصرانية في حضرموت وعُمان واليمامة والبحرين»، وفَنَّدْنا هناك ما روي عن عبادتهم لصنم من عَجين، بل وجدنا في ذلك الهجو دليلًا على نصرانيتهم لإشارته إلى القربان الأقدس، ومثلهُ قول الآخر:أكلَت ربَّها حنيفةُ من جُوعٍ قديمٍ ومن إعوازِومن حَنيفة كان هَوْذَة بن علي المعروف بذي التاج ملك اليمامة الذي مر ذِكْره، ومنهم كان مُسْيلمة بن حبيب الذي ناصَب محمدًا وتَبِعَهُ أهل اليمامة واسْتَفْحَل أمره وكاد يَظْهَر على الإسلام لولا خالد بن الوليد الذي غلبه وقتله، وممَّا يدل على نصرانية بني حنيفة ما ذكره ابن سعد في كتاب الوفادات (Wellhausen, p. 46). حيث روى خبر وفودهم على محمد إلى أن قال: «أعطاهم رسول الله إداوة من ماء فيه فَضْل طَهُوره فقال: إذا قدمتم بلدكم اكسروا بِيعَتكم وانْضَحُوا مكانها بهذا الماء واتَّخِذُوا مكانها مسجدًا ففعلوا.» ثم يذكر أن «راهب البِيعَة هرَب فكان آخر العهد به.» فذِكْرُه لبِيعَة بني حنيفة وراهبها دليل ساطع على نصرانيتهم.
- (١٩) «الخَزْرَج» بنو الخزرج٢١ كبَنِي الأوس كانوا يسكنون المدينة ويُعَدُّون من أهل الكتاب؛ أي النصارى (يُراجَع ما سبق عن النصرانية في المدينة).
- (٢٠)
«ربيعة» هو اسم يُطْلَق على القبائل العديدة المنتسبة إلى رَبيعة بن نِزَار، وهي أكبر قِسْم من القبائل العدنانية الأربع، أعني أَنْمَار وإياد ورَبِيعَة ومُضَر، وقد انتشرت النصرانية في ربيعة حتى أوشكت تشمل كل بطونها وفروعها، فترى من ثم كتبة العرب إذا ذكروا النصرانية في الجاهلية، جعلوها خصوصًا في ربيعة، قال الفيروزآبادي: «وكانت النصرانية في ربيعة.» وشهد بذلك قبله ابن قتيبة في المعارف (ص٣٠٥، من طبعة مصر)، وابن رسته في الأعلاق النفيسة (ص٢١٧)، والقاضي ابن صاعد في كتاب طبقات الأمم (ص٤٣، من طبعتنا) وغيرهم كثيرون، فقولهم: «إن النصرانية كانت في ربيعة.» بإطلاقه يدل على أن هذا الدين كان الغالب عليهم على اختلاف قبائلهم، ويؤيد ذلك ما رويناه عن نصرانية أعظم قبائل ربيعة؛ كبكر، وتغلب، وامرئ القيس، وحنيفة، وشيبان إلخ، فناهيك بذلك شاهدًا على شيوع النصرانية بين العرب.
- (٢١) «السَّكاسِك والسَّكون» قال ابن دريد في الاشتقاق (ص ٢٢١): «ومن قبائلهم السَّكاسِك والسَّكُون قبيلتان عظيمتان، وهما ابنا أشرس بن ثور بن كندي.»٢٢ ومما يؤيد تَنصُّرَهما أنهما كانتَا في دَوْمة الجندل التي مرَ ذكر نصرانيتها ونصرانية صاحبها أُكَيدر السَّكَوني، وقد صرح ابن خلدون في تاريخهِ (٢: ٢٤٩) بنصرانية السَّكُون قال: «وكان لقُضاعة مُلْك آخر في كلب بن وَبرة يتداولونه مع السَّكُون من كندة، فكانت لكلب دَوْمة الجندل وتَبوك ودخلوا في دين النصرانية وجاء الإسلام والدولة في دَوْمة الجندل لأُكَيدر بن عبد الملك بن السَّكون.» وكان السَّكون والسَّكاسِك يسكنون أيضًا في حضرموت مُحالفِين لبني الحرث بن كعب أهل نجران كما أخبر الطبري، ولمَا ظهر الأسود العَنْسي محارِبًا لمحمد نبي الإسلام كان السَّكُون والسَّكاسك من أنصاره.٢٣ وكذلك نراهم يحاربون خالدًا مع بني كلب وغسَّان وبَهْراء وكلهم من نصارى العرب.
- (٢٢) «سَلِيح»٢٤ هي القبيلة العربية التي سبَقَت الغَسَّانيين في الشام ودانَت بالنصرانية، قال المُطهَّر المَقْدِسي في كتاب البدء المنسوب لأبي زيد البلخي (éd. Huart, III, p. 208): «وأول مَن دخل الشام سَلِيح وهم من غَسَّان، ويقال: من قُضاعة فدانت بالنصرانية، وملَّك عليها مِلِكُ الروم رجلًا، يقال له: النعمان بن عمرو بن مالك.» وقال المسعودي في مروج الذهب (طبعة باريس، ٣: ٢١٦): «ورَدَتْ سَلِيح الشام فتغلبت على تَنُوخ وتَنصَّرَت فمَلَّكَها الروم على العرب الذين بالشام.» وكذلك ابن واضح اليعقوبي في تاريخه (١: ٢٩٨): «تَنصَّر … من اليمن طيئ ومَذْحِج وبَهْراء وسَلِيح وتَنُوخ وغَسَّان ولَخْم.» وسبقهم الطبري في تاريخه (١: ٢٠٨١) فجعل سَلِيحًا مع قبائل نصارى العرب المحاربين مع الروم، وبنو سَلِيح يُدْعَون أيضًا بالضَّجَاعم أو الضَّجَاعِمة، نسبة إلى أحد أجدادهم قال في التاج (٨: ٣٧٣): «ضَجْعَم أبو بطن من العرب وهو ضَجْعَم بن سعد بن عمرو المُلقَّب بسَلِيح بن حلوان بن عمران.» وقد ذكر الطبري (١: ٢٠٦٥) الضَّجاعِم مع قبائل النصارى المحارِبَة لخالد بن الوليد، ومن ملوك الضَّجاعِم في الشام داود بن هَبُّولة المعروف باللَّثِق وكان نصرانيًّا،٢٥ وقال ابن دريد في الاشتقاق (ص٣١٩): «يضاف إليهِ دَيْر داود في الشام.»
- (٢٣) «شَيْبان»٢٦ حي من بكر بن وائل … قال في التاج (١: ٣٢٨): «هما شَيْبانان: أحدهما شَيْبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، والآخَر شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة بن عكابة إلخ، وهما قبيلتان عظيمتان على بطون وأفخاذ.» ونصرانية القبيلتين شائعة كنصرانية جذرهما بكر بن وائل، وكان مُقام بني شيبان في بلاد الجزيرة المعروفة بديار بكر قريبًا من دجلة حيث انتشرت النصرانية انتشارًا تامًّا، وبنو شيبان يُعْرَفون غالبًا ببني ثعلبة في تواريخ الروم والسريان (راجع ما قلناه عن ثعلبة)، ومن شيبان كان حارث بن عَبَّاد سيد شيبان في حرب البَسوس وقِرْن المُهَلْهِل، ومنهم بِسْطام بن قيس أحد فرسان العرب المشهورين وسيد شيبان في يومَي غَبيط ومحطط اللذين ذكرهما ابن عبد ربه في العقد الفريد «٣: ٨٨-٨٩»، وابن الأثير في تاريخه «١: ٢٥٠»، وقد صرَّح ابن عبد ربه هناك بنصرانِيَّة بِسْطام ويدعوه أيضًا حنيفًا، فيثبت ما قلناه عن نصرانية الحُنَفاء، ومنهم أيضًا نابغة بني شيبان الشاعر الأموي الشهير له ديوان لم يُطْبَع حتى الآن، وقد ذكر أبو الفرج في الأغاني (٦: ١٥١) نصرانيتهُ، وكذلك هانئ بن قبيصة٢٧ قال ابن دريد في الاشتقاق (ص٢١٦): «كان شريفًا عظيم القدر وكان نصرانيًّا وأدرك الإسلام فلم يُسلم ومات بالكوفة.»
- (٢٤) «ضُبَيْعة»٢٨ كانوا إخوة بني شيبان ويُعْرَفون مثلهم بالثَّعالِب يشاركونهم بكل أحوالهم، وهم نازلون في ديارهم ويدينون بدينهم، ومنهم كان الشاعر الجاهلي الشهير طرفة بن العبد صاحب المُعلَّقة.
- (٢٥) «طيئ»٢٩ من أكبر قبائل العرب وأطولها باعًا وأرقاها حضارةً وأثبتها على خطوب الزمان،٣٠ أصْلُهم من اليمن يُنْسَبون إلى طَيِّئ بن أُدَد بن كَهْلان، وكانت ديارهم في نجد حيث الجَبَلان المعروفان بجَبَلَي طَيِّئ وهُما أجَا وسَلْمَى، وكانوا يسكنون في أطراف اليمامة في نواحي تَيْماء، وكانوا يَدِينون أولًا بالوثنية، وقد ذكروا لهم صنمًا كانوا يعبدونه يُسمَّى الفُلُس أو الفَلْس لم يتفقوا في تعريفه، وما لا يُنكر أن النصرانية كانت كثيرة الانتشار بينهم، قال ابن واضح اليعقوبي (١: ٢٩٨): «تنصَّر من أحياء العرب … من اليمن طَيِّئ ومَذْحِج وبَهْراء وسَليح وتَنُوخ وغَسَّان ولَخْم»، فجعل طيئًا في مقدمة القبائل المُتَنَصِّرة، وقد أخبر ابن العبري في تاريخه الكنسي (Barhebræi Chronicon Eccl., III, 100) أن «أحودما» المفريان سنة ٨٧٠ لليونان (أي ٥٥٩ للمسيح) تَنقَّل بين العرب الطائيين ورَدَّ كثيرًا منهم، وكان اسم الطائيين عند السريان يَعُم كل العرب لكنهم يُخصِّصون بهِ بني طيئ أيضًا ويذكرون نصرانيتهم، ومن آثار النصرانيَة في طيئ أديرة للرُّهْبان في أنحائهم، مَرَّ لنا ذِكْرُها، كدَيْر عمرو في جبال طيئ (ياقوت، ٢: ٦٨٢)، وكدَيْر الثَّعالِب لبطون من طيئ قريبًا من بغداد (٢: ٦٥٠)، ومن مآثر النصارى الطائيين أن قومًا منهم وضعوا الخَطَّ العربي، كما شهد على ذلك قدماء الكتبة (راجع: المشرق، ٤: ١٩٠١، ص٢٧٨)، وقد صرَح مؤَلِّفو العرب بنصرانية كثيرين من الطائيين كحنظلة الطائي باني دَيْر حنظلة (ياقوت، ٢: ٦٥٥) الذي بسببه تَنصَّر النعمان صاحب الغريين، وكإياس بن قبيصة بن أبي عَفْراء الذي ملك مدة بالحيرة، وكأبي زُبيد الشاعر النصراني وكعَدِي بن حاتم الطائي سيد بَنِي طيِّئ، قال ابن سعد في وفادات العرب (Skizzen, IV, 51): «عدي بن حاتم كان على النصرانية.» ومثله ياقوت (٣: ٩١٣)، والمستشرقون اليوم مجمعون على نصرانية طَيِّئ، وقد مر بك قول الرَّحَّالة بلغراف (ص١٢٢)، وكذلك العلَامة فلهوسن٣١ خصَ طَيِّئًا بالعلائق القديمة مع النصرانية، وختم قوله بهذه الألفاظ: «لو لم يظهر الإسلام لأَضْحَت بعد زمن قليل بلاد شمالي العرب من البحر الأحمر إلى خليج العَجَم كلها نصرانيَة.»٣٢
- (٢٦)
«عَامِلة» قبيلة ينتسبون إلى عَامِلة بن سبأ من بَنِي قحطان، وقد سَكنوا العراق ثم انتقلوا إلى جهات الشام وإليهم تنتسب جبال عَامِلة، وكانوا يدينون بالنصرانية كجميع عرب الشام، وقد ذكر البلاذري بني عاملة في فتوح البلدان (ص٥٩) في جملة العرب المُتَنَصِّرين الذين حارَبوا في تبوك رسول الإسلام سنة ٩ للهجرة مع الروم ولخم وجُذام، وكذلك الطبري في تاريخه (ج١، ص٢٣٤٦)، نظَم عاملة في جملة أحلاف الروم، قال في تاريخ سنة ١٤: «لمَّا أصافت الروم سار هِرَقل في الروم حتى نزل أنطاكية ومعه من المُستعرِبة؛ لخم وجذام وبلقين وبَلِيٌّ وعامِلة، وتلك القبائل من قُضَاعة وغَسَّان بشر كثير.»
- (٢٧) «العباد» قال ابن خلكان (éd. de Slane, 98): «العباد عدة بطون من قبائل شتى، نزلوا الحيرة وكانوا نصارى يُنسب إليهم خلق كثير منهم، عدي بن زيد العبادي الشاعر.» وقد روى هشام بن الكلبي (اطلب: تاريخ ابن خلدون، ٢: ١٦٩-١٧٠) عن نصارى العرب في العراق ما نصهُ:
«وكانت بيوتهم على ريف العراق ينزلون الحيرة وكانوا ثلاث فرق: الأولى تنوخ ومنهم قُضاعة … وكانوا يسكنون بيوت الشعر والوبر ويضعونها غَرْبِيَّ الفرات بين الأنبار والحيرة وما فوقها، فأَنِفُوا من الإقامة في مملكة أردشير وخرجوا إلى البَرِّيَّة، والثانية العباد الذين كانوا يسكنون الحيرة وأوطنوها، والثالثة الأجلاف الذين نزلوا بهم من غير نسبهم ولم يكونوا من تَنوخ النَّاكثين من طاعة الفرس ولا من العباد الذين دانوا بهم، فمَلَك هؤلاء الأحلاف الحيرة والأنبار وكان منهم عمرو بن عَدِي وقومه.»
أمَا تسميتهم بالعباد٣٣ فإنَ أبا الفرج في الأغاني (١١: ١٦٢) علَلها بكونهم قاتلوا سابور ملك العجم واتَخذوا كشعارهم «يا آل عباد الله فسُمُّوا العباد.» - (٢٨) «عَبْد الدَّار» كانوا فرعًا من لَخْم وسكنوا مدة مكة وكانت لهم فيها الرِّفَادة والسِّقاية، ثم لحقوا بعرب العراق وتَنصَّروا وسكنوا الشام وجبال فلسطين.٣٤
- (٢٩) «عَبْد القَيْس»٣٥ هي قبيلة من ربيعة كانت ساكنة في تيماء وبُصْرى وبلاد البحرين، وكانت النصرانية غالبة عليها ووفدَتْ على محمد سنة ٨ للهجرة مع سيدها بشر بن عمرو المعروف بالجارود وكان نصرانيًّا،٣٦ ومن هذه القبيلة كان بَحِيرا الراهب٣٧ النسطوري.٣٨ قال الخفاجي في نسيم الرياض وشرحه على الشفاء (ج٢، ص٢٣): «بَحِيرا اسمه جرجس، ويقال: جرجيس بياء كان من عبد القيس نصارى تيماء أو بُصْرى»، ومنهم الرئاب بن البراء الشَّنِّي،٣٩ قال ابن دريد في الاشتقاق (ص١٩٧): «وكان «الرئاب» على دين عيسى — عليه السلام — وكانوا سمعوا في الجاهلية مناديًا ينادي: ألا إن خير الناس رئاب الشَّنِّي.»
- (٣٠) «عَبْس وذُبْيان» هما ابنا بَغيض بن غَطَفان من قبائل مُضَر.٤٠ ليس لدينا شواهد صريحة على نصرانيتهما، وإنما يُسْتدَل عليها ببعض الدلائل فمن ذلك تنصُّر قيس بن زهير بن جذيمة العبسي سيد بني عبس في أيام داحس والغبراء، قال ابن الأثير في تاريخه (١: ٢٤٢-٢٤٣) إنه تاب إلى ربه «فَتنصَّر وساح في الأرض حتى انتهى إلى عمان فترَّهب به.» وكذلك الربيع بن زياد أحد أعيان بني عبس كان منادمًا لملك الحيرة النعمان بن المنذر مع سرجون بن توفيل «ويروى نوفل» وكان النعمان نصرانيًّا، وسرجون أيضًا نصراني رومي٤١ فلا يُحْتَمل أن يكون الربيع بن زياد من عبدة الأصنام، وأدل من ذلك على النصرانيَة في عبس ظهور رجل بينهم من بني مَخْزُوم بن عبس يدعونه خالد بن سنان٤٢ ويذكرون أنه كان نبيًّا، قال ابن دريد في الاشتقاق (ص١٧٠): «ذُكِر عن النبي ﷺ أنه قال «عن خالد بن سنان»: ذاك نبي ضَيَّعه قومه.» قال العصامي في كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي:٤٣ «رُوِي أن خالد بن سنان كان في زمن كسرى أنوشروان وأنه كان يدعو الناس إلى دين عِيسى وكان بأرض بني عبس، وأطفأ النار التي كانت تخرج من بئر هناك وتَحْرِق من لقِيَتْه من عابر سبيل.» وذكر العصامي في الكتاب عينِه نبيًّا آخر لبني عبس اسمه حنظلة بن صفوان (ص٦٩)، قال: إنه دعا قومه إلى الله تعالى وصنع المعجزات ثم قتله قومه.
أمَّا ذُبْيان فشَقِيقة عبس ولا يبعد أنها دانت بالنصرانية، وما لا يُنْكَر أن شاعرها الكبير النابغة الذُّبْياني كان نصرانيًّا بشهادة تاج العروس (١: ٣٣٧) نقلًا عن الصغاني والأصمعي، قال في بيان معاني الصليب: «والصَّلِيب العلَم، قال النابغة:
ظَلَّت أقاطيع أنعامٍ مُؤبَّلةٍلدى صليبٍ على الزَّوْراء مَنصوبِ… وقيل: سَمَّى النابغةُ العَلم صليبًا لأنه كان نصرانيًّا.»
- (٣١) «عِجل» قبيلة كبيرة من بكر بن وائل وهم عِجل بن لُجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وهم إخوة بني حَنيفة وكلهم نصارى كما سبق فتبعتهم عِجْل في دينهم، وعِجْل إحدى قبائل النصارى التي ظفرت بالعجم يوم ذي قار٤٤ وكان سيدهم حنظلة بن ثعلبة بن سيَّار العِجْلي، وكان على شيبان هانئ بن قَبيصة النصراني (الاشتقاق، لابن دريد، ص٢١٦)، وقد روى أبو الريحان البيروني في كتاب الآثار الباقية (ed. Sachau, p. 314) «أن العَذارى النصرانيات من العرب صُمن شكرًا لله، حيث انتصرت العرب من العجم يوم ذي قار فنُصِروا عليهم.» ثم نُسِب إليه صوم العذارى الواقع يوم الاثنين بعد عيد الدِّنْح ويدوم ثلاثة أيام، وبَقِيَت عِجْل على نصرانيتها حتى بعد ظهور الإسلام فحارَبَت خالد بن الوليد وجيوش المسلمين تحت قيادة جابر بن بُجير، وعبد الأسود النصرانيين، كما روى الطبري (ج١، ص٢٠٣٢-٢٠٣٣)؛ وابن خلدون (ج٢، «تتمة» ٨٠) وقال كلاهما هناك: إن عبد الأسود وجابر كانَا سائرَين في نصارى العرب «من عِجْل وتيم اللات وضبيعة»، ولم يَعْدِل بنو عِجْل عن نصرانيتهم إلى أيام بنى أمية والدليل على ذلك أن الطبري صرَّح بنصرانية سيد بني عِجْل أبجر بن جابر (الطبري ج١، ص٣٤٦٠)، وبقي ابنه حجَّار على دينه، كما يشهد عليه هجاء قاله فيه الشاعر عبد الله بن الزبير وكان حجَّار من أشراف أهل الكوفة ودونك الشعر (الأغاني، ١٣: ٤٦-٤٧):سليلَ النَّصارى سُدتَ عجلًا ومَن يَكُنكذلك أهلٌ أن يَسود بني عِجْلولكنهم كانوا لئامًا فَسُدْتَهمومِثْلُك مَن سَاد اللئامَ بلا عَقلِوكيفَ بِعْجِلٍ إن دنَا الفِصْح واغتدَتْعليك بنو عِجْل ومِرْجَلُكم يغليوعندك قسيس النصارى وصُلْبُهاوغانية صهباء مثل جَنَى النَّحلِ
فغاظ هذا الشاعر بني عِجل لمَا تهدَّدوه بالقتل لهجوه سيدهم فقال:
تُهَدِّدُني عِجلٌ وما خِلْتُ أنَّنيخلاةٌ لِعِجْل والصَّلِيب لها بعلُيريد إكرام بَنِي عِجْل للصليب على مألوف عادة النصارى.
ومما يثبت نصرانية بني عجل، قول الأبيرد الشاعر (الأغاني، ١٢: ١٣):
تُحيَّا المسلمون إذا تَلاقَواوعِجْل ما تُحَيَّا بالسلامِومثله تعييره لهم شرب الخمر:
ولكنها هانتْ وحُرِّم شُربُهافمالَت بنو عِجْل لما هو أكْفَرَاراجع أيضًا: كتاب معاوية (Lammens: Mo’awia, pp. 436–438). - (٣٢)
«عُقيل» بَطْن من كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من غَطَفان، كان يسكنون اليمامة وكان أهل اليمامة — كما سبق — من أتباع النصرانية، وقد خَصُّوا بالذِّكْر عقيلًا وذَكَروا لهم أساقفة، ولمَّا ظهر الإسلام دانوا به مدة حتى وفاة محمد ثم ارتدُّوا إلى دينهم فاضطر أبو بكر الصِّدِّيق إلى أن يرسل إليهم بعثة لمحاربتهم وكان قسم من بني عقيل يسكنون أيضًا في الجزيرة عند نهر خابور مع نصارى تغلب وبكر (راجع [الباب الثامن من الفصل الأول]).
- (٣٣) «غَسَّان» لا حاجة إلى الإطالة في ذكر نصرانية غَسَّان، وقد مر لنا كلام مُسهَب في ذلك، وليس بين كتبة العرب من يعدد القبائل المُتَنَصِّرة إلَّا ذكر في مقدمتها، أو في جملتها قبيلة غَسَّان كالإصطخري في مسالك الممالك (ص١٤)، واليعقوبي في تاريخه (١: ٢٩٨)، وابن سعد في كتاب الوفادات (ed. Wellhausen, Skizzen, IV, 7)، والسيوطي في المُزْهِر، والفيروزآبادي في مقدمة المحيط.٤٥ واشتهر منهم بنو جَفْنة ملوكهم الذين امتدحهم النابغة الذبياني بحُسْن الدِّين فقال:مَحَلَّتُهُم ذات الإله ودينهمقويمٌ فما يرجون غير العواقبِ
ومن شواهدنا على نصرانية غسان قول ابن رسته في كتاب الأعلاق النفيسة، ص١٢٧، وقد ذكر النابغة الذبياني في شعره (شعراء النصرانية، ص٦٥٥) ثلاثة أحياء من غسان فقال:
مُستشعِرِين قدْ ألْفَوا في دِيارهمُدُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِقال الشارح: «هم أحياء من اليمن من غسان وهم نصارى، وقيل: هم رهبان.» راجع أيضًا في نصرانية غسان Duchesne: Églises séparées, pp. 340–342. - (٣٤) «فَرَسان» هي قبيلة من تغلب وإليهم نُسبت جزائر فَرَسان، قال ابن الحائك في كتاب الإكليل:٤٦ «من جزائر اليمن جزائر فَرَسان، وفرَسان قبيلة من تغلب كانوا قديمًا نصارى ولهم في جزائر فرسان كنائس قد خربت وفيهم بأس … ويحملون التجار إلى بلد الحبش ولهم في السَّنَة سفرة وينضم إليهم كثير من الناس، ونُسَّاب حِمْيَر يقولون: إنَّهم من حِمْيَر.» وفي تاج العروس (٤: ٣٠٦)، «أن فَرَسان لقب عمران بن عمرو … بن تغلب قيل: لُقِّب به لجبل بالشام اجتاز فيه وسكن ولده به ثم ارتحلوا باليمن ونزلوا هذه الجزيرة فعُرِفَت بهم فلَمَّا أَجدبَت نزلوا إلى وادي مَوْزَع فَغَلَبوا عليهم وسكنوا هنالك، ومن الفَرَسانيين جماعة يقال لهم: التَّغالب يسكنون الربع اليماني من زَبِيد.»
- (٣٥)
«قُرَيْش» أتَيْنا في مَطاوي كلامنا عن مكة بذكر آثار النصرانية في مكَة بين قريش مع الشواهد على ذلك، فَلْيُراجَع.
- (٣٦) «قُضَاعة»٤٧ أشَرْنا مرارًا إلى نصرانية هذه القبيلة التي كانت تُعَد من أمهات القبائل وإلى نصرانية بطونها كجَرم بن ريَّان، وسَلِيح، وكَلْب بن وَبْرَة، وتَيْم اللات، وممن صرَّحوا بدينها النصراني ابن واضح اليعقوبي في تاريخه، قال (١: ٢٣٤): «كانت قُضاعة أول من قدم الشام من العرب … فدخلوا في دين النصرانية فملَّكَهم ملك الروم على من ببلاد الشام من العرب.» وقد مر قول الفارابي (اطلب: المُزْهر، ١: ١٠٥) عن نصرانية قُضاعة، ومثلهما الفيروزآبادي حيث قال: «كانت النصرانية في ربيعة وقُضاعة وبَهْراء وتَنُوخ وبعض طيئ.» وقد أفادنا ياقوت في معجم البلدان (٢: ٦٥٨) أنَ دَير خِنْدف في نواحي خوزستان قد بَنَتْه ليلى القُضَاعية المعروفة بخِنْدِف أم ولد إلياس بن مُضَر.٤٨
- (٣٧) «الْقَيْن»٤٩ أو بَلْقَين هم بطن من قُضاعة بنو الْقَيْن بن جسر بن الأسد بن وبرة، ومن الشواهد على نصرانيتهم ما رواه الطبري في تاريخه (١: ٢٣٤٧) عن هِرَقْل أنَّه سنة ١٤ للهجرة سار لمُقاتَلة المسلمين في اليرموك وكان معه من القبائل النصرانية المُستعرِبة «لخم وجُذام وبَلقين وبَلِي وعامِلَة وتلك القبائل من قُضاعة.» وكانت هذه القبائل حارَبَت مع الروم سابقًا في تبوك سنة ٧ للهجرة.٥٠
- (٣٨) «كَلْب»٥١ بن وبرة قَبيلٌ عظيم من قُضاعة يقسم إلى عدة بطون، وهم من أعرق العرب في النصرانية وأقدَمهم عهدًا فيها، كما رأيت في تاريخ الشام والجزيرة،٥٢ وقد عُرِفَت قبيلة كلب بشَرَفِها وعِزِّها، ومن أمرائها النصارى زهير بن جناب أحد المعمرين، ومنهم بَحْدَل بن أنيف النصراني حمو معاوية بن سفيان كان له كنيسة في دمشق، ومنهم دَحية بن خليفة قال ابن دريد (في الاشتقاق، ٣١٦): «هو الذي كان جبريل — عليه السلام — ينزل في صورته (كذا).» ومنهم نائلة بنت الفرافصة النصرانية زوجة عثمان، وقد دعت ابنةً لها بمريم، وبقيت كَلْب مدة على نصرانيتها بعد الإسلام إلَا بعضهم وفي المُقْتَضَب لياقوت:٥٣ أسلَمَت كلب غير مُدَرِه كانوا نصارى.» وفي سيرة الرسول، لابن هشام (ص٢٨٢)، «أن محمدًا دعا إلى الإسلام قومًا من كلب يُعْرَفون ببني عبد الله فلم يَقْبَلوا منه، وكانت كلب تسكن بقاع الشام حتى نُسِبَت إليها.» قال ياقوت في معجم البلدان (١: ٦٩٩):«البقاع … يقال له: بقاع كلب قريب من دمشق وهو أرض واسعة بين بعلبك وحمص ودمشق فيها قرًى كثيرة ومياه غزيرة نَمِيرة، وأكثر شُرْب هذه الضِّيَاع من عين تخرج من جبل، يقال لهذه العين: عين الجر، وبالبِقَاع هذه قبر إلياس النبي — عليه السلام.»٥٤
- (٣٩) «كندة»٥٥ سبق الكلام عن كندة ونصرانية أهلها في أثناء كلامنا عن النصرانية في الحجاز ونَجْد، وقد روى ابن هشام عن ابن اسحاق في سيرة الرسول ثباتهم على دينهم بعد ظهور نبي المسلمين، قال (ص٢٨٢): «أتى «النبي» كندة في منازلهم وفيهم سيد لهم يقال له: مُليح فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه فأبوا عليه.» ومن رِجَال كندة عبد المسيح عَاقِبُ نجران في أول الإسلام والعَاقِب عندهم دون السَّيِّد، ومنهم أيضًا حُجَيَّة بن المضرب الشاعر، الذي أدرك الإسلام ومات على نصرانيته كما روى في الأغاني (٢١: ١٦).
- (٤٠)
«لَخْم» أحد أحياء اليمن الكبرى الشهيرة بنصرانيتها، قال صاحب السيرة الحلبية (٣: ٩٥): «ومن القبائل المُتَنَصِّرة بكر ولَخْم وجُذام»، وكذلك اليعقوبي (١: ٢٩٨) جعل لخمًا من جملة القبائل النصرانية في اليمن، ومثلهما السيوطي في المزهر (١: ١٠٥)، وبقيت لَخْم على دينها زمنًا بعد الإسلام، فتراها محارِبة لجيوش المسلمين مع جُذام وعاملة وغسَّان (اطلب: فتوح البلدان، للبلاذري، ص٥٩؛ وتاريخ الطبري، ج١، ص٢٠٨١) ومن لَخْم كان ملوك الحيرة الذين روينا أخبارهم وذكرنا تَنَصُّر كثيرين منهم، ومن لخم كان بنو عدي بن الذميل النصارى الأشراف الذين ذكر ابن دريد في الاشتقاق (ص٢٢٦) بِيعَتهم في الحيرة.
ومن اللَّخْمِيِّين بنو صالح الذين اختارهم يوستنيان ملك الرُّوم لحراسة دَيْر طُور سينا، كما ذكر ابن بطريق في تاريخه (راجع طبعتنا، ص٢٠٤)، وذكر كتبة العرب عدة أديرة وبيعًا بناها اللخميون كدَيْر عَلْقمة، ودَيْر حنظلة اللخمي، وبِيعَة عَدِي بن الدُّميك «لعلَها الذميل» اللخمي (ياقوت، ١: ٧٩٦).٥٦ - (٤١)
«مازن» بطن من الأزد كانوا في العراق يدينون بالنصرانية، وقد ذكر لهم البلاذري في فتوحاته (ص٢٨١) بِيعَة فقال: «وبِيعَة بني مازن بالحيرة لقوم من الأزد من بني عمرو بن مازن وهم من غَسَّان.»
- (٤٢) «مَذْحِج»٥٧ قبيلة يمنية تنتسب إلى مَذْحِج وهو مالك بن أَزْد بن أُدَد بن كهلان ذكرها ابن واضح اليعقوبي في تاريخه (١: ٢٩٨)، مع القبائل المُتَنَصِّرة، فقال: «تَنصَّر من اليمن طيئ ومَذْحِج، إلخ.» وكانت مَذْحِج تسكن في جهات الموصل (ص٩٤) ومن مَذْحِج كان بنو الحارث بن كعب أهل نجران المشهورون برسوخ قدمهم في الدين النصراني.
- (٤٣)
- (٤٤)
«مَهَرة» حي عظيم من قُضاعة ونصارى مثلهم ينتسبون إلى مهرة بن حيدان وكانوا يسكنون اليمن مع الحِمْيَريين وكان أميرهم عند ظهور الإسلام الحارث بن عبد كُلَال وفد على نبي المسلمين كما روى الطبري (ج١، ص١٧١٧) مع ملوك حمير.
- (٤٥)
«ناجية» هم بنو ناجية بن عِقال قوم الفرزدق ينتهي نَسبُهم إلى تميم، ولنا على نصرانيتهم في الجاهلية شاهد باهر فيما رواه الطبري في تاريخ سنة ٣٨ (ج١، ص ٣٤٣٤-٣٤٣٥) حيث حدث عن ابن الطفيل ما حرفه:
«قال: كنتُ في الجيش الذي بعثهم علي بن أبي طالب إلى بنى ناجية فقال: فانتهينا إليهم فوجدناهم على ثلاث فِرَق، فقال أميرنا لفرقة منهم: ما أنتم؟ قالوا: نحن قوم نصارى لم نَرَ دينًا أفضل من ديننا فثبتنا عليه، فقال لهم: اعْتَزِلوا، وقال للفرقة الأخرى: ما أنتم؟ قالوا: كنَا نصارى فاسلمنا فثبتنا على إسلامنا فقال لهم: اعتزلوا، ثم قالوا للفرقة الأخرى الثالثة: ما أنتم؟ قالوا: نحن قوم كنا نصارى فأسلمنا فلم نر دينًا هو أفضل من ديننا الأول فقال لهم: أَسْلِموا، فأَبَوا فقال لأصحابه إذا مَسحتُ رأسي ثلاث مرات فشدوا عليهم فاقْتُلوا المُقاتِلة واسْبُوا الذرية فجيء بالذرية إلى علي، فجاء مصقلة بن هبيرة فاشتراهم بمائتي ألف، فجاء بمائة ألف فلم يقبلها علي فانطلق بالدراهم وعمد إليهم فأعتقهم ولحق بمعاوية فقيل لعلي: ألا تأخذ الذرية؟ فقال: لا، فلم يعرض لهم.»
- (٤٦) «النَّبَط»٦٠ سواء عُدَّ النبط من العرب أو من عنصر آخر، لا شك أنهم اختلطوا بالعرب في أنحاء شتى من بادية الشام وأرياف العراق وتخوم مصر … وتَدَيُّنُهم بالنصرانية قديم تشهد عليه عدة شواهد لكتبة السريان واليونان والعرب رويناها في الفصل الأول الباب الثالث، وقد صرح بذلك قزمَا الرَّحَّالة الهندي في القرن السادس للمسيح وغيره كثيرون، وكان لهم كنائس يطيفون بها في مناسكهم، وإليها أشار متمم النويري يصف ناقته:بمُجِدَّة عَنسٍ كأن سَراتَهافدَنٌ تُطيف به النَّبِيط مُرفَّع
- (٤٧) «النَّخَع» بطن من مَذْحِج السابق ذِكْرُهم، كانوا نصارى يَسكُنون نواحي نجران، ومنهم كان بنو عبد المَدَان بن عُلة بن سعد العَشِيرة وهو مَذْحِج من سادة اليمن، وكان زُرارة النَّخَعي من أشرافهم وفرسانهم، قال ابن سعد في الوفادات (ed. Wellhausen, Skizzen, IV, 69): «هو زُرارة بن قيس بن الحرث بن عدَّاء وكان نصرانيًّا.» وجاء مثل ذلك في أُسْد الغابة لابن الأثير (ج٢، ص٢٠٢).
- (٤٨)
«النَّمِر بن قاسط» حي من ربيعة نزلوا في الجزيرة مع بني تغلب وبني بكر، وقد سبق في ذكر تاريخ عرب الجزيرة أنَهم دانوا كلهم بالنصرانية وفي المعارف لابن قتيبة «أن تَنَوخ ونَمِر وكَلْب ثلاثتهم إخوة.» وفي فتوح البلدان للبلاذري (ص٢٤٧) أن بني النَّمِر بن قاسط حارَبوا خالد بن الوليد في عين تمر مع تغلب وإياد والقبائل العربية المُتَنَصِّرة، وكانوا سنة ١١ للهجرة حارَبوا المسلمين في البحرين مع شيبان وتغلب (الطبري، ج١، ص١٩٧٣).
- (٤٩)
«يَشكُر» فرع من بني بكر كانوا يدينون بالنصرانية كإخوتهم من بكر، وكانوا من جملة العرب الذين حاربوا العجم يوم ذي قار، وكانوا محالِفِين للخميين ويحاربون معهم وكفى بذلك دليلًا على دينهم.
هذا ما أمكنَّا جمعه من آثار النصرانية في قبائل العرب ولو سمح لنا الوقت بمراجعة كثير ممَا لدينا من المطبوعات والمخطوطات لوجدنا أدلَة غير التي ذكرنا، ولا بد هنا من تنبيه القراء إلى أمر مهم وهو أن قدماء الكتبة، ما كانوا غالبًا لِيَكتَرِثوا بذكر أديان قبائل العرب لا سيما قبل الإسلام، فيطلقون عليهم اسم الجاهلية أو اسم المشركين دون الإفراز بين النصارى وغيرهم، وكانوا لا يرون في نصرانيتهم أمرًا غريبًا على خلاف اليهود فإنهم إذا ذكروا قبيلة يهودية عرفوا دينها سواء أرادوا بذلك تعييرها، أو قصدوا بيان أصلها الأجنبي.
«تم الجزء الأول، ويليه الجزء الثاني في الآداب النصرانية بين عرب الجاهلية.»
⋆ وكان محمد بن حمران من نصارى مَذْحِج وكان معاصرًا لامرئ القيس، وهو الذي سمَّاه امرُؤُ القيس بالشويعر، أمَا محمد بن خزاعي فكان من بني ذكوان بطن من سُلَيم قَدم على أبرهة ملك اليمن فَتنصَّر ومات على دينه (Sprenger: Mohammad, I, 161).
وقد أحصى ابن بري منهم كما ترى سبعة، وقد جعلهم غيره ثلاثة فقط كابن قتيبة في المعارف، وابن خلكان في تراجم الأعيان، والسهيلي في الروض، وابن فورك في الأصول (مواسم الأدب للبيتي، ٢: ١٠٨)، وهم محمد بن سفيان جد الفرزدق التميمي، ومحمد بن أحيحة بن الجلاح أخو عبد المطلب بن هاشم لأمه، ومحمد بن عمران بن ربيعة، وجاء في كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (Ms de Gotha, ff. 355, ZDMG, 1884, p. 389) أنهم ستة: «محمد بن سفيان، ومحمد بن الحرماز، ومحمد الشويعر بن حمران الجعفي، ومحمد بن عقبة بن أحيحة بن جلاح الأوسي، ومحمد بن مالك التميمي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري»، أما سبرنغر في سيرة محمد (A. Sprenger I, 161)، فإنه بلغ عدد المُسَمَّيْن بمحمد في الجاهلية عشرة، أولهم محمد الخزاعي السلمي الذي رحل إلى أبرهة ملك الحبشة في اليمن وتنصَّر، ثم محمد بن سفيان أسقف بني تميم، ثم محمد الهمداني، ومحمد الأسيدي، ومحمد العكيمي، ومحمد بن أسامة السعدي، ومحمد بن لجلج، ومحمد بن حارث، ومحمد بن عمر بن مغفل، ومحمد بن أحيحة بن الجلاح.
ابتَنَى سنة ٣٢٠م يوحنا الكشكراني ديرًا في ديار بني جَرْم (اطلب: أخبار فطاركة كرسي المشرق، لماري بن سليمان، ص٣٦)، وقد بقيت آثار النصرانية في جَرْم بعد الإسلام، ومما أخبره المقريزي أن بني طيئ وجَرْم وثعلبة حالَفوا الفرنج لما قَدِموا إلى الشام وفتحوا القدس وسواحل الشام (Mémoires de Quatremére II, 190-1).
«وكان بنو عبد المَدَان بَنَوْه مُربَّعًا مستوي الأضلاع والأقطار مرتفعًا عن الأرض يُصعد إليه بدرجة على مثال بناء الكعبة فكانوا يحجونه هم وطوائف من العرب ممن يحل الأشهر الحرم ولا يحج الكعبة ويحجه خثعم قاطبة.»
فبقوله: إن بني خثعم كانوا يحجون دير نجران أوضح بنوع صريح نصرانيتهم، وبنو خثعم كانوا ينتسبون إلى خثعم بن أنمار بن نزار بن معد بن عدنان، وكانوا يسكنون في البحرين وفي اليمن مع عبد القيس، وبَجِيلة وحارَبوا سابور ملك الفرس مع إياد (C. De Perceval: Hist. des Arabes, II, 48-49).
ومن قيس عيلان كانت بنو سليم بن منصور بن عكرمة، وقد سبق أن ابن رسته في الأعلاق النفيسة (ص٣٠٩) ينظمهم بين نصارى العرب مع طيئ وتميم، ومثلهم بنو عامر بن صعصعة (Cfr. Journ. As., 5e S., v. 18551, p. 371).
«وكان لقُضاعة مُلْك آخر في كلب بن وبرة يتداولونه مع السَّكُون من كندة، فكانت لكلب دَوْمة الجندل وتَبوك ودخلوا في دين النصرانية، وجاء الإسلام والدولة في دَوْمة الجندل لأُكَيدر بن عبد الله بن السَّكُون، ويقال: إنه كندي من ذرية الملوك الذين ولَّاهم التبابعة على كلب فأسرَه خالد بن الوليد … وبقيت بنو كلب الآن في خلق عظيم على خليج القسطنطينية منهم مسلمون ومنهم مُتَنَصِّرون.»
ومن نصارى كلب امرؤ القيس بن أصبغ، كان زعيم قومه عند ظهور الإسلام، وثبت على دينه عند دعوة محمد (اطلب: أُسْد الغابة، لابن الأثير، ١: ١١٥).