الفصل الثالث

في الأعلام١ النصرانية

إن أعلام الأشخاص في الأمم القديمة من أصدق الشواهد على معتقداتها، فلذلك أَرَدْنا أن نُفرِد بابًا خاصًّا للأعلام النصرانية التي نَجِد آثارها في جهات العرب قبل الإسلام، فلعلها تزيدنا علمًا بما كان للدِّين المسيحي من النُّفوذ في الجزيرة العربية.

ومما يَنبَغِي التَّنِبيه إليه بادئَ بَدْء أن الأعلام التي ذكرها قدماء الكتبة قبل المسيح للعرب، والتي ورد ذكرها لهم في آثار الآشوريين ثم اليونان ثم الرومان لا تفيدنا شيئًا بالإطلاق على توحيدهم، بل كثيرٌ منها على خلاف ذلك يُوقِفُنا على عبادتهم للأوثان، وخصوصًا للشمس والقمر والكواكب، كما أثبتنا ذلك في مقدمة القسم الأول من كتابنا هذا، وكذلك يُسْتدَل من تلك الأسماء أن العرب كانوا يُعظِّمون مواليد الطبيعة من جماد ونبات وحيوان، فكثرة الأعلام الدالَّة على هذه المواليد لا يمكن تعليلها إلا بالقول: إن العرب أَلَّهُوا الطبيعة في مَظاهِرها من القُوَّة والجمال والحياة فرأَوا فيها تَجلِّيَّات معبوداتهم.

ومما يولي العجب أننا لا نجد بين هذه الأعلام القديمة السابقة لعهد المسيح اسمًا واحدًا يثبت لنا ما زعمه بعض كتبة العرب بعد الإسلام حيث قالوا بلا سند: إن العرب كانوا مُوحِّدِين وإنهم أخذوا التوحيد عن إبراهيم الخليل وعن إسماعيل ابنه ثم تَوارثوه بتوالي الأعصار، فالأعلام الواردة في الآثار القديمة تنفي هذا الزعم حتى إن اسم إسماعيل أبي العرب عينه لم يرو لأحد منهم في تلك الكتابات وعلى خلاف ذلك أننا نجد في تلك الأعلام ما لا يدع شُبهًا في شرك العرب كبقية الأمم.

هذا إلى عهد المسيح، وليس الأمر كذلك بعد ظهور النصرانية، فإننا إذا اسْتَقْرَيْنا الأعلام العربية التي رواها أقدم كتبة العرب عن تاريخهم المتوسط بين عهد السيد المسيح إلى ظهور الإسلام أمكننا أن نبين من تعدادها أن النصرانية كانت نفذت في بلاد العرب، وأن تلك الأسماء إنما دخلَتْ بينهم بانتشار الدين المسيحي.

ولعل البعضَ يَرون أن عدد هذه الأعلام قليل بالنسبة إلى ما ذكرناه عن شيوع الدين النصراني بين العرب في الجاهلية، فجوابنا على ذلك: أولًا أن العَرب النصارى تَبِعوا غالبًا في أسمائهم عادات قبائلهم القديمة دون أن يَمتازوا بأسماء جديدة لم يألفوها في سابق الأجيال.

ثانيًا: أن منهم مَن كان له أكثر من اسم واحد كما هي عادة كثيرين من نصارى الشرق في بلادنا، فكانوا بالمعمودية يُسَمُّون أولادهم باسم يدل على نصرانيتهم، وأما في المعاملات العادية فكانوا يُطلِقون عليهم اسمًا آخَر مألوفًا كمالك وصالح وحبيب وسعد.

ثالثًا: لا بل نعرف من شهادة تاريخهم أن بعض النصارى في جزيرة العرب تَسمَّوا بأسماء وثنية كانت جرت في الاستعمال ونُسِيَ معناها الأصلي كعبد المَدَان، ومنهم بَنُو عبد المَدَان النصارى في نجران، وكعبد القَيْس الذي ينتسب إليه بنو عَبْد القيس النصارى الذين ذَكرنَاهم قبلًا، وهكذا جَرى أيضًا لنصارى اليونان والرومان والسريان فإنهم بعد تَنصُّرهم تَسمَّوا بأسماء كان أصلها وثنيًّا مشيرًا إلى مُعبوداتهم؛ كمر كوريوس، وديونوسيوس، وباخوس، ومرطيوس، لكن تلك الأسماء كانت فَقدَت بالاستعمال مَعانِيَها الوثنية.

فإذا أدركتَ ما سبق فنقول: إن الأعلام نصرانية بين العرب على خمسة أشكال، فمنها ما استعاروه من الأسفار المُقدَّسة، ومنها ما أشاروا فيه إلى الاسم الكريم، ومنها ما خُصَّ بالنصارى دون غيرهم، ومنها ما كان تعريبًا لأسماء نصرانية، ومنها أخيرًا ما دل على بعض الصفات الموافقة لأحوال النصارى:

(١) الأعلام النصرانية المستعارة من الأسفار المقدَّسة

هذه الأعلام مُشترَكة في بلاد العرب بين النصارى واليهود، ونحن نَضْرِب الصَّفْح عن أسماء اليهود لخروج ذلك عن غَرضِنا، فنذكرُ أسماء سواهم ممن ينتمون غالبًا إلى القبائل التي أثبتنا نصرانيتها وذلك على ترتيب حروف المعجم:

«آدَمُ»٢ تَسمَّى بعضهم في الجاهلية باسم أبي البشر، منهم «آدم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب». قال ابن دريد في الاشتقاق (ص٤٤): «قُتِل في الجاهلية وهو الذي وَضَع النبي دمه يوم فتح مكة». ومنهم آدَم مولى بَلْعَنبر، ذكره أبو تمام في الحماسة، ولعله آدَم بن شدقم العنبري الذي روى له ياقوت شعرًا في معجم البلدان (٣: ٣٧٣).
«إبراهيم» قال التبريزي في شرح الحماسة (١: ١٧٥ ed. Freytag): قال أبو العلاء: إبراهيمُ اسم قديم ليس بعربي، وقد تَكلَّمتْ به العرب على وجوه، فقالوا: إبراهيم، وهو المشهور، وإبراهام، وقد قُرِئ به، وإبْراهِم على حذف الياء، وإبْرَهَم، وذكر هناك اسم شاعر قديم دعاه «إبراهيم بن كُنَيف النَّبْهاني»، وممن تسمى بإبراهيم: إبراهيم بن أيوب بن محروف٣ عم الشاعر النصراني عدي بن زيد (التاج، ١: ١٥١)، ومنهم قوم من الصحابة ذكرهم ابن الأثير في أُسْد الغابة في معرفة الصحابة (ج١، ص٤٠–٤٤) عُرِفوا باسم إبراهيم تَسمَّوا به في الجاهلية كإبراهيم الأشهلي، وإبراهيم بن الحارث بن خالد التَّيْمي القرشي المهاجر، وكأبي رافع إبراهيم القبطي، قال: إنه «كان مولى رسول الله »، وإبراهيم بن عباد الأوسي الذي شهد موقعة أحد، وإبراهيم بن قيس بن مَعدِي كَرِب الكندي ممن وفَدوا على نبي المسلمين، وإبراهيم النجار قال: «إنه صَنَع المنبر لرسول الله.» وقد جاء اسم إبراهيم على صورة أخرى، وهو اسم أَبْرَهة، ذكره العرب للحبشة وأشهر من دُعِي به أبرهة الذي حارَب ذا نُؤاس وتمَلَّك على اليمن، وبه سُمِّي قَبْلُه أَبرهة ذُو المَنار أحد ملوك اليمن ابن الرائش الذي أشار إليه الشاعر في وصف نوب الدهر (حماسة البحتري، ٨٣):
وأَصَبْنَ أبرهة الذي سَجدَتْ له
صُمُّ الفُيول صَوامتًا لم تَنطقِ

«إدريس» ليس هذا الاسم على لفظه في الأسفار المُقدَّسة، والعرب يزعمون أنه أحد الآباء الأولين، قال في تاج العروس (٤: ١٤٩): «هو خنوخ أو أحنوح المذكور في التوراة.» وقد تَسمَّى به أحد النصارى الوافدين على محمد رسول الإسلام كما رواه ابن الأثير في أُسْد الغابة (١: ٤٤ و٥٧).

«أرميا» راهب في طور سيناء، مات شهيدًا قتله البلاميون سنة ٤٧٣، وتذكاره في ١٤ كانون الأول.

«إسحاق» دُعِيَ باسم إسحاق أحد شعراء الحماسة في أبي تمام (ص١٤٠)، وهو إسحاق بن خَلَف، وذكر ابن الأثير من الصحابيين (١: ٦٨) إسحاق الغَنَوي، وممن اشتهر باسم إسحاق بين نصارى العرب راهب استشهد في طور سينا قُتِل مع رهبان آخرين في سنة ٤٧٣، وتذكاره واقع في السِّنْكِسارين الغربي والشرقي في ١٤ كانون الثاني، ويدعونُه إسحاق سلائيل.

«إسرائيل» لم نجده بين الأعلام السابقة للإسلام، وسُمِّي به بعد الإسلام قَليلون كإسرائيل بن يونس الراوي، ذكره الطبري غير مرة في تاريخه، وإسرائيل بن السَّمَيْدع، ذكره ياقوت في معجمه (١: ٤٨٢)، وإسرائيل بن روح (٢: ٣٣).

«إسماعيل» أقدم ما نعرف ممن تسموا بهذا الاسم شهيد نصراني كان أرسله ملك العجم سنة ٣٦٢ للمسيح سفيرًا إلى يليانوس الجاحِد القيصر الروماني ليبرم معه عهد الصلح، وكان إسماعيل هذا مع اثنين آخَرَين نصرانيين مثله اسمهما مانويل (أو عَمانويل) وسابيل، فعَرَض عليهم يليانوس جحود دينهم فأبوا فأمر بقتلهم فماتوا شهداء إيمانهم، وعيدُهم واقع في الكنيسة في ١٨ حزيران (راجع: أعمال البولنديين، Acta Sanctorum, vol., IV Jun., pp. 231–246)، وسمي بهذا الاسم أيضًا رجلان من الصحابة إسماعيل الزَّبَدي ورجل آخر، ذكرهما ابن الأثير في أُسْد الغابة (ج١، ص٧٩-٨٠).

«أشعيا» هو اسم أحد الرهبان في طور سيناء المستشهدين سنة ٤٧٣م.

«إلياس» ورد هذا الاسم لأحد أجداد نبي المسلمين، وهو إلياس بن مُضَر بن نِزار بن مَعَدِّ بن عدنان، راجع كتاب الاشتقاق لابن دريد (ص٢٠)، وقد زعموا أن الاسم مُشتَق من يئس، والصواب أن الاسم عبراني الأصل، وبه سمي النبي إلياس الشهير، وبه سمي بعد الإسلام إلياس بن حبيب الفهري عامل إفريقية (اطلب: تاريخ اليعقوبي، ٢: ٤٦٤)، ومن المحتمل أن اسم «إياس» الشائع عند العرب هو صورة مختلفة لاسم إلياس، وبهذا الاسم عرف أحد النصارى، وهو إياس بن قَبِيصة النصراني، وقد ذكرنا في شعراء النصرانية (ص٩٣) شيئًا من شعره. وكان أحد سادة قومه، وابنه إياس كان عاملًا لكسرى أنوشروان على الحيرة، وممن عرف بين عرب النصارى باسم إلياس راهب استشهد في طور سينا سنة ٣٨٠م تذكاره في ٢٠ تشرين الثاني، وكذلك إلياس بطريرك أورشليم (٤٨٠–٥١٨) القديس كان مولده في جزيرة العرب.

«أيوب» هو اسم بعض العرب في الجاهلية منهم أيوب بن محروف، وهو جد الشاعر النصراني عدي بن زيد، قال أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني (٢: ١٨): «كان أيوب هذا فيما زعم ابن الأعرابي أول من سُمِّي من العرب أيوب»، وذكره في تاج العروس (١: ١٥١) مع ابنه إبراهيم عَمِّ الشاعر عدي بن زيد، وروى قول ابن الكلبي فيهما قال: «ولا أعرف في الجاهلية من العرب أيوب وإبراهيم غير هذين، وإنما سُمِّيَا بهذين الاسمين للنصرانية.» وقد ذكر ابن الأثير في أسد الغابة (١: ١٦٢) رجلين من الأنصار دُعِيَا بأيوب، ولا شك أن هذا الاسم كان اسمهما في الجاهلية، وهما «أيوب بن بشير الأنصاري، وأيوب بن مكرز»، وقد ذكر البحتري في حماسته (اطلب: طبعتنا، ص٢٦٠ و٢٦١) مقاطيع من الشعر لشاعر دعاه عبيد بن أيوب، وكذلك ورد اسم أيوب في شعر النابغة حيث قال (شعراء النصرانية، ص٦٥٥):

مُستَشْعِرينَ قَد أَلفْوَا في دِيارهمُ
دُعاءَ سُوعٍ ودعميٍّ وأيوبِ

يريد أن بني قُعَيْن دَعوا إلى الحرب هذه الأحياء الثلاثة، قال الشارح: «وهم أحياءٌ من اليمن من غَسَّان وهم نصارى وقيل: هم رهبان.»

«بنيامين» هو أحد شهداء طور سينا سنة ٤٧٣م.

«حَنَّة»٤ هذا الاسم ورد للذكور والإناث فهو كحَنَّان ويُوحَنَّا، أما للإناث فهو كاسم حَنَّة أم صموئيل، ومن الأول حَنَّة والد عَمْرو الصحابي الأنصاري وأبو حَنَّة البدري، ذكرهما في تاج العروس (٩: ١٨٥)، وأما من الثاني فحَنَّة بنت هاشم بن عبد مناف القرشي عم محمد، ذكرها اليعقوبي في تاريخه (١: ٢٨١ و٢٨٣).

«حوَّاء» ذكر ابن الأثير في أُسْد الغابة (٥: ٤٢٩) أربع نسوة من الأنصاريات عُرِفن باسم حواء فتسَمَّيْن به في عهد الجاهلية؛ وهن: حوَّاء بنت السَّكَن أم بجيد الحارثية زوجة قيس بن الخَطِيم الشاعر الذي قُتل قبل الهجرة، وحَوَّاء بنتُ رافع بن امرئ القيس، وحوَّاء بنت زيد بن السَّكن، وكُلُّهن من بني عَبْد الأشهل، والرابعة حواءُ بنت زيد بن سنان زوجة قيس بن شَمَّاس، وقد اختلفوا في نسبتهن وعددهن.

«حَيقار» هو من الأسماء الكتابية ورد في سفر طوبيا في الترجمة اليونانية (١: ٢٣)، وفي تاريخ الطبري (١: ٧٤٥) أن أحد بني مَعَدِّ بن عدنان الذين خرجوا مع اليمنيين إلى الريف كان يدعى بالحَيْقار بن الحيق.

«داؤُد»٥ هو أحد أعلام النصرانية المتواترة في الجاهلية، وأقدم مَن عُرِف به أحد ملوك الضَّجاعِمَة الذين سبقوا غَسَّان وتَنصَّرُوا مع بني سَلِيح واسمه «داود اللثق»، قال ابن دريد في الاشتقاق (ص٣١٩): «هو الذي يضاف إليه دَيْر داود بالشام، وقد ملك زمانًا.» وقد روى الكلبي في الجمهرة نسبه فقال: «هو داود بن هبولة أخي هبالة بن عمرو بن عوف بن ضجعم.» ويروى اسم داؤود على صورة دؤاد، قال الأسود بن يعفر (حماسة البحتري، ص٨٣) يصف منازل آل محرق:
أرضٌ تَخيَّرها لِطيبِ مَقِيلها
كعبُ بنُ مامةَ وابنُ أُمِّ دؤادِ

ومِن مشاهير شُعراء بني إيادٍ النَّصارى في الجاهلية «أبو دؤاد الإيادي» اطْلبْ شعره في حماسة البحتري (ص٨٧)، وقد ذُكِر هناك (ص١٤٤) شاعرٌ آخَر دُعِي داؤد وهو داؤد بن حَمَل الهمذاني، ومن موالي الأنصار داود بن بلاد (ذكره في أُسْد الغابة، ٢: ١٢٩).

«زكريا» دُعِي بهذا الاسم أحد بني خزاعة، وهو زكريا بن علقمة الخزاعي، ذكره ابن الأثير في أُسْد الغابة (٢: ٢٠٥) وقال: إنه دُعِي أيضًا كرزًا، وذكر في الأغاني (١٩: ١٢) زكريا بن ثباة الثَّقِيفي.

«سليمان» ذكر اليعقوبي في تاريخه (١: ٢٩٩) بين حُكَّام العرب في الجاهلية سليمان بن نوفل ممن حكموهم لشرفهم وصدقهم ورئاستهم، وذكر البحتري بين قدماء الشعراء (في حماسته، ص٢٢٦) سليمان بن المهاجر العدوي، وروى أبو تمام (ص٤٣٥) شعرًا لسليمان بن قَتَّة، وذكروا بين الأنصار عِدَّة رجال دُعُوا باسم سُليمان كسليمان الليثي بن أكيمة، وسليمان بن أبي حثمة القرشي، وسُلَيمان بن صُرَد الخزاعي، وسُلَيمان بن عمرو بن حديدة الذي قُتِل يوم أحد، وسُلَيمان بن مسهر، وسُلَيمان بن هاشم بن عُتْبة القرشي (اطلب: أُسْد الغابة، ٢: ٣٥٠–٣٥٢)، ولعل الذين تَسمَّوا في الجاهلية بسليم وسلَّام وسَلمان٦ وسالم أشاروا بأسمائهم إلى سليمان، والدليل عليه ما ورد من الشعر في سُليمان الحكيم بتَغيير صورة اسمه فدعاه الأسود بن يعفر سلَّامًا، قال (التاج، ٨: ٣٤٤):
ودعا بِمحكمةٍ أمينٌ سَكَّها
مِن نَسْج داود أبِي سلَّامِ

ومثله للحطيئة:

فيه الرِّماح وفيه كل سَابِغة
جلَّاء مُحْكمَة من نسج سلَّامِ

ودعاه النابغة سُليمًا فقال ناسبًا إليه نسج الدروع (ديوانه، ص٩٩):

وكلُّ صَموتٍ نَثلةٍ تُبَّعِيَّةٍ
ونسجُ سُلَيمٍ كلَّ قَضَّاءَ ذائلِ
«سِمْعان» من المحتمل أن يكون هذا الاسم كتابيًّا أو نصرانيًّا محضًا، وقد دُعِي به قوم في الجاهلية منهم سِمعان بن عمرو بن قريط سيد بني كلاب الذي كتب إليه رسول المسلمين يدعوه إلى الإسلام فرَقَع دَلْوَه بالكتاب كما ذكر ابن سعد (ص١٩-٢٠، ed. Wellhausen)، ثم خافَ وأَسْلَم، وذكر أبو حاتم سهل السجستاني في كتاب المُعَمَّرين (ص٥٤، ed. Goldziher) سمعان بن هُبَيرة قال: «هو أبو السَّمَّال الأسدي، عاش ١٦٧ سنة»، وقالوا: إنه كان في الرِّدَّة، وفي أُسْد الغابة لابن الأثير (٢: ٣٥٥) صحابيان كان اسمهما سمعان، وهما سمعان بن خالد الكلابي، وسمعان بن عمرو بن حجر، ولعل الأول منهما هو الذي ذكره ابن سعد، واسم سمعان ورَدَ أيضًا على صورة شمْعُون كما سترى (راجع ياقوت، معجم البلدان، ٢: ٦٧٢).
«السموءل» وهو سموئيل وصموئيل وشموئيل أيضًا، وقد أثبتنا في ديوان السموءل ما يرجح كون السموءل بن عادياء نصرانيًّا، وعليه يكون الاسمُ شاع أيضًا بين النصارى، وقد ذكر ابن هشام في سيرة الرسول حَبرًا من اليهود يدعى سموئيل بن زيد (ص٣٥٢ و٣٩٨، ed. Wüstenfeld).

«عِمْران» ومثله «عَمْرو» اسمان شائعان بين عرب الجاهلية ولعلهم استعاروهما من عَمْرام وعُمري الواردين في التوراة فعَمْرام هو أبو موسى وهارون ومريم (عدد ٣: ١٧)، وروي في القرآن عمران فجعله كأبي العذراء مريم (٣: ٣١؛ و٦٦: ١٢)، وعُمْري اسم لأحد ملوك إسرائيل ولبعض أبناء إسرائيل. وممن اشتهروا باسم عمرو في الجاهلية عمرو بن كلثوم التغلبي الشاعر النصراني الشهير، وعمرو بن قميئة، وعمرو بن الأهتم التميمي وغيرهم، واشتهر باسم عمران عمران بن مُرَّة بن الحارث، وعمران بن الحصين الصحابي.

«مريم» تَعدَّدت نساء العرب المدعوات بمريم نذكرهن في الباب الثالث.

«موسى» دُعِي به بعض العرب قبل الإسلام كموسى بن الحارث (سيرة الرسول، ص٢١١)، وأبي موسى الأشعري (ابن سعد، ٧٠)، وموسى بن جابر الحنفي أحد شعراء الحماسة، قال في خزانة الأدب ولُب لباب لسان العرب (١: ١٤٦): «هو أحد شعراء بني حنيفة المكثرين، يقال له: ابن الفريعة، وهي أمه، ويقال: كان نصرانيًّا.» وكان اسم رسول الغَسَّانيين موسى وهو مُنَصِّرُهم في القرن الرابع كما مر في القسم الأول، وكذلك أحد المُستشهدِين من نُسَّاك العرب في جبل سينا سنة ٤٧٣م كان يدعى موسى.

«لُوط» ذكر ابن سعد في الوفادات (ص١٩، ed. Wellhausen) في جُمْلة الرواة المعاصرين لنبي المسلمين «لوط بن يحيى الأزدي».

«النعمان» أقدم مَن ذكره التاريخ بهذا الاسم النعمان بن بنيامين بن يعقوب (تكوين ٤٦: ٢١) وبه عرف قائد ملك سورية الذي أبرأه إليا النبي، وقد شاع بعد ذلك بين العرب ولعلهم استعاروه من الأسفار المُقدَّسة.

«نوح» سمي باسم نوح أحد نصارى ربيعة، وهو نوح بن مجلد، وَرَد ذكره في أُسْد الغابة (٥: ٤٥)، وذكر في الأغاني (٢١: ٩٠) رجلًا دعاه بابن نوح كان في أوائل الإسلام.

«هارون» لم يَحضُرنا اسم أحد من الجاهلية دُعِي بهارون، ولعل هارون بن النعمان بن الأسلت الأوسي (الأغاني ١٥: ١٦١) الذي كان في أوائل الإسلام سُمِّي به قبل الإسلام.

«يعقوب» كان من شهداء طور سينا سنة ٤٧٣م المُسمَّى يعقوب، وذكر ابن الأثير (أُسْد الغابة، ٥: ١٢٧) بهذا الاسم من أهل الجاهلية الذين أسلموا: يعقوب بن أوس، ويعقوب بن الحصين، ويعقوب بن زَمْعة، ويعقوب القبطي، وذكر في الأغاني (٤: ٦٤) من جملة المُغَنِّين في أول عهد الإسلام يعقوب بن الهَبَّار.

«يوسف» عرف بهذا الاسم أحد شهداء المدائن سنة ٣٥٠م (Acta Sanctorm, III Apr., p. 19)، ومن المدعوين به يوسف بن الحكم الثقفي، وكان في أول ظهور الإسلام، وذكر ابن الأثير (٥: ١٣٢) يوسف الفهري من جملة الصحابة.
«يونس» هو اسم يونان النبي، وذكروا بين الأنصار يونس بن شداد الأزدي، ويونس المظفري الأوسي (أُسْد الغابة، ٥: ١٣٢)، فالاسم سبق الإسلام، والدليل عليه أيضًا أسماء رهبان كانوا في جزيرة العرب وعرفوا باسم يونس (Jonas). ثم إن هذا الاسم إذا شددت النون يُراد به اسم يُوحَنَّا النصراني على لفظ اليونانية ’Ίωϰννης كما سنبين.

(٢) الأعلام المتضمنة للاسم الكريم أو لبعض صفاته

هو الصنف الثاني من الأعلام النصرانية وما تختص به هذه الأعلام أنها تحتوي على الاسم الكريم بلفظه أو ببعض صفاته الإلهية.

فمن ذلك الأسماء التي تختم بإيل، ورد في تاج العروس (٧: ٢١٨): «قال الأصمعي في معنى جبريل وميكائيل: معنى إيل الربوبية فأضيف جبر وميكا إليه، فكأن معناه عبد إيل ورجل إيل، وقال الليث: هو بالعبرانية وهو اسم من أسماء الله تعالى.» وقد مر في ذكرنا للملائكة ما ورد في الشعر الجاهلي من ذكر جبريل وميكائيل وإسرافيل وما أشبهها، وأما هل دعي أحد في الجاهلية بهذه الأسماء فلم يحضرنا من ذلك شيء إلا جبريل بن ناشرة المعافري أحد رُفْقَة عمرو بن العاص (اطلب: معجم البلدان، لياقوت، ٣: ٨٩٦).

ولا يبعد أن اسم «جَبْر» الشائع في الجاهلية كان مقتصرًا عن «جبريل» كجبر بن عتيك، وجبر بن عبد الله القبطي، وجبر الكندي، كانوا في أول الإسلام، وقد سبقت أسماؤهم الإسلام (اطلب: أسد الغابة، لابن الأثير، ١: ٢٦٥–٢٦٧)، ويدخل في هذا الباب أسماء عبرانية ورد ذكرها في الفصل السابق في جملة الأعلام المنقولة عن الأسفار المُقدَّسة كإسرائيل وإسماعيل.

ومنها «شراحيل»٧ أحد الأسماء الشائعة في الجاهلية كشراحيل بن مالك بن ذبيان من أشراف العرب، وشراحيل بن مُرَّة الهمداني، وشراحيل بن زرعة الحضرمي (تاج العروس، ٧: ٣٨٩)، وشراحيل بن عبد قيس البلوي (حماسة البحتري، ص١٩٦)، وبني شراحيل بن الشيطان بن حارث (اشتقاق ابن دريد، ص٢٣٤)، وغيرهم أيضًا، والاسم آرامي معناه «أطلق الإله».
ومنها «شرحبيل» شاع أيضًا في الجاهلية كشرحبيل بن السمط (اشتقاق ابن دريد، ص٢١٨)، وشرحبيل ذي رعين الحميري (ص٣٠٧)، وشرحبيل بن حسنة، وشرحبيل بن عبد الله من الصحابة المهاجرين إلى الحبشة (سيرة الرسول، ص٢١٣)، وشرحبيل بن غيلان (ص٩١٥) وغيرهم، ولعل هذا الاسم هو كالاسم الآرامي شمربل عرف به أحد شهداء النصرانية في مدينة الرُّهَا، ودعي به أحد جَثالقة الكلدان.

ومنها «شَمْويل»، ولا نعرف نصرانيًّا دعي به في الجاهلية، وقد ذكر ابن هشام من يهود قريظة الذين أسلموا (ص٣٥٢) شمويل بن زيد، وعزال بن شمويل، والاسم عبراني معناه عظم الله، وقد سبق أن اسم «السموءل» هو كشموئيل أو صموئيل.

ومنها «شَمْعَلة»، وهو اسم بعض شعراء النصارى أخَصُّهم شَمْعَلة بن فائد، وشَمْعَلة بن الأخضر الضبي (تاج العروس، ٧: ٣٩٩، وحماسة أبي تمام، ٢٨٢ و٦٤٠)،٨ وذكر ابن سعد بين الوافدين على محمد المُسمَّى شمعلة، وفي الأغاني (١٠: ٩٩) شمعلة بن عامر شاعر نصراني حمله بعض خلفاء بني أمية على الإسلام، فلم يسلم «فغضب فأَمَر به فقطعت بضعة من فخذه وشويت بالنار وأُطْعِمَها.» ويقال: شَمْعل أيضًا (كامل المبرد، ed. Wright, p. 524)، وعلى رَأْيِنا أن الاسم تَعِريب إسماعيل ومعناه «سَمِع الرَّب».

ومنها «شَهْمِيل»، وقيل: شَهْمِيل أبو بطن من العرب، وهو أخو العَتِيك بن الأسد بن عمران بن عمرو مزيقيا، ولعل معناه «عزَّ الرب وجلَّ».

ومن هذه الأسماء ما أضيف إلى اسم الله، وقد مر الكلام في هذا الاسم وأصله، فمن ذلك «أحسن الله»، ورد في كتاب الوفادات لابن سعد (ص٦٩، Wellhausen Skizzen,)، «وأنس الله» (ص٦٦، Ibid؛ وتاريخ الطبري، ج١، ص٢٢١٩)، «وأوس الله» بمعنى عطاء الله (تاج العروس، ٤: ١٠٢-١٠٣)، و«تَيْم الله» بطن من بني بكر بن وائل وبطن من النمر بن القاسط (التاج، ٨: ٢١٦)، و«وَهْب الله» في الكتابات الحورانية وغيرها (Journ. As., 1882, pp. 8–10).

فهذه الأسماء بإضافتها إلى الاسم الكريم تدل على توحيده تعالى الذي دخل كما سبق إلى بلاد العرب على يد دعاة النصرانية خصوصًا.

وأشهر منها اسم «عبد الله» الذي كان يعم كل أنحاء جزيرة العرب، وهذا الاسم ورَد على صورتين، إما بإضمار الاسم الكريم وإما بالتصريح به، وكلاهما قد تسمى به نصارى كثيرون في الجاهلية.

فأمَّا الصورة الأولى فقد جاء على صورة «عَبْد» كعبد بن حنيف أحد بني لِحْيان من لَخْم باني دَيْر الأكَيْراح (معجم المستعجم، ص٣٧٣)، وكطَرَفة بن العبد الشاعر الشهير، وعلى صورة «عَبْدَة وعَبَدَة» كعَبْدَة بن الطبيب (الأغاني، ١٨: ١٦٣)، وعلقمة بن عَبَدَة، وكلاهما من فحول الشعراء.

وعلى صورة «عَبْدان» اسم رجل من أهل البحرين (التاج، ٢: ٤١١)، وعلى صورة «عُبَيد وعَبِيد» كعُبَيد بن الأبرص الشاعر الشهير (الأغاني، ١٩: ٨٤)، وعُبَيد بن عُوَيْج القرشي (الأغاني، ٦: ٦٠)، وعُبَيد بن أوس الظفري، وعُبَيد بن رفاعة الزرقي (أُسْد الغابة، لابن الأثير، ٣: ٣٤٦–٣٤٨)، وعلى صورة «عُبَيدة» كعُبَيدة بن عبد المطلب (اشتقاق ابن دريد، ص٥٤)، وعلى صورة «عابد» كعابد بن عبد الله بن مخزوم (تاج العروس، ٢: ٤١٤)، وقد مر أن «العباد قبائل شتى من العرب اجتمعوا بالحيرة على النصرانية» (ابن دريد، ص٧)، وقد وردت أيضًا على صورة «عُبَادة» كعُبادة بن عقيل (ابن دريد، ص١٨٢)، وصورة «عَبُّود»، روي في التاج (٢: ٤١٣) اسم رجل يُدعَى عَبُّودًا آمن بالأنبياء، وعلى صورة «عبَّاد» كعَبَّاد بن عمرو بن كلثوم الشاعر النصراني (الأغاني، ٩: ١٨٣)، وكالحارث بن عَبَّاد سيد بني بكر في حرب البسوس (شعراء النصرانية، ص٢٧٠)، وعلى صورة «عُبَادى»، قال في التاج (٨: ٤١٤) إنه «اسم نصراني»، وعلى صورة «عَبْدُون» المنسوب إليه دَيْر عَبْدُون (مستعجم البكري، ٤٧٤).

أما المضاف إلى الاسم الكريم «فعبد الله»،٩ وهو اسم كثر من تسمى به من أهل الجاهلية حتى بلغوا المئين كعبد الله بن جدعان سيد قريش وممدوح أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت (الأغاني، ٨: ٢–٦)، وعبد الله أبي رسول الإسلام، وكالشَّاعِرَين عبد الله بن رواحة (الأغاني، ٤: ٤–٧)، وعبد الله بن الزِّبَعْرى (أُسْد الغابة، ٣: ١٥٩)، وعبد الله بن غَطفان (التاج، ٧: ٢٣٩) … إلخ، وقد جاء على صورة التصغير (عُبَيد الله)، كعُبَيد الله بن الحُر الجُعْفي الفارس الشاعر (ابن دُريد، ٢٤٣، وحماسة البحتري، ص١٠٣)، وعبيد الله بن عبد المدان (حماسة البحتري، ص١٣٧)، وكذلك اختصروه «بعَبْدَل» كعبدل بن حارِث العِجلي، وعَبْدَل بن حنظلة أحد شرفاء العرب (التاج، ٢: ٤١٤).
وقد أضافوا العبد إلى الأسماء الحسنى الدالة على الإله الحق فقالوا: «عبد الواحد»، كعبد الواحد بن مَنيع السعدي (حماسة أبي تمام، ص٣٠٣، ed. Freytag).
وقالوا: «عبد الرحمن»١٠ كعبد الرحمن بن رَواحة من الصحابة (ابن دريد، ٢٦٨)، وعبد الرحمن بن كعب (فيه ٢٧١)، وعبد الرحمن بن ربعي (حماسة البحتري، ص٣٣)، وغيرهم كثيرون، روى ابن دريد في الاشتقاق عن ابن الكلبي (ص٣٦) أن «الرحمن صفة منفردة لله تبارك وتعالى اسمه لا يوصف بها غيره … وقال ابن الكلبي: وقد سمَّت العرب في الجاهلية عبد الرحمن» وروي للشَّنْفَرى في الرحمن:
لقد لطَمتْ تلك الفتاة هَجِينها
ألا بَترَ الرحمنُ ربي يمينَها

وأقدم الآثار التي ورد فيها اسم الرحمن الكتابة الحِمْيَرية التي رُقِمتْ على سد مأرب سنة ٥٤٢-٥٤٣ للمسيح بأمر أَبرهَة ملك الحبش، ففي أولها ما تعريبه «بقوة ونعمة ورحمة الرحمن ومسيحه وروحه القدوس.» (راجع [الباب الخامس، من الجزء الأول])، وعليه قد ثبت أن اسم الرحمن اسم نصراني وإليه انتسب الذين دعوا باسم عبد الرحمن، ومثله «الرحيم»، كعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي (حماسة أبي تمام، ص٤٩ و٥٤).

وقد أضافوا العبد إلى أسماء حسنى غيرها كالأعلى من صفاته تعالى فقالوا: «عبد الأعلى» كعبد الأعلى بن صامتٍ العبدي (حماسة البحتري، ص٢٠٣)، وكذلك أضافوا إلى المَلِك فقالوا: «عبد الملك»، كعبد الملك المذكور آنفًا، وعبد الملك بن أُكَيدر صاحب دَوْمة الجندل النصراني السابق ذكره، وعبد الملك بن علقمة الثقفي (أُسْد الغابة، ٣: ٣٣٢)، وأضافوا إلى المَنَّان فقالوا: «عبد المَنَّان»، منهم عبد المَنَّان بن عبد المسيح المُتلَمِّس الشاعر النصراني (الأغاني، ١١: ١٨٧)، وإلى الحَميد فقالوا: «عبد الحميد»، منهم عبد الحميد بن حفص بن المغيرة المخزومي (أُسْد الغابة، ٣: ٢٧٦).

فهذه الأسماء كلها تشير إلى توحيد أصحابها في الجاهلية، وقد سبق القول: إن اعتقاد الإله الواحد في الجاهلية دخل خصوصًا بواسطة الدين المسيحي.

ويوجد أسماء أخرى لنصارى من العرب يشير ظاهرها إلى الوثنية، وإنما سقطت عن معناها الأول كما حدث عند اليونان والرومان بعد تَنصُّرهم، فمن ذلك «عبد قيس»، و«امرؤ القيس» تَسمَّى بها النصارى كما مر وإن كان اسم قيس يدل على بعض أوثانهم القديمة، وكذلك «المَدان» من أوثان حمير كما قالوا، وكان بنو عبد المَدَان في اليمن من أشراف نصارى نجران، ومثله «كلال»، وإليه نُسِب عبد كلال أحد ملوك حِمْيَر المُتَنَصِّرين كما سبق، ومثله أيضًا «العَزيز» كان من أصنام بعض قبائل العرب، وبه عُرِف عبد العزيز بن سيف بن ذي يزن الحِمْيَري، وذكر في تاج العروس (٢: ٤١٢) خمسة من نصارى الحيرة في جملتهم عبد عمرو، وعبد ياليل، وقالوا: إن ياليل اسم صنم.١١

ومثله «يغوث» تسمى به عبد يغوث الحارثي سيد بَنِي مَذْحِج (الأغاني، ١٢: ١٥٣).

هذا ما حضر لنا من أسماء أهل الجاهلية الدالَّة على دين التوحيد والمحتوية لصفاته تعالى، ولا شك أنها دخلتْ بينهم بتأثير النصرانية.

(٣) الأعلام النصرانية المحضة

هو الصنف الثالث من الأعلام النصرانية التي شاعت بين عرب الجاهلية، وهذه الأعلام يُستدَلُّ من مجرد منطوقها أنها لنصارى ليست لسواهم، وها نحن نروي ما لقينا منها على ترتيب حروف المعجم:

«أَبْجَر» قد دُعِي بعض نصارى العرب بهذا الاسم كأبجر بن جابر سيد بني عِجْل النصارى (الأغاني، ١٠: ٢٧)، والعرب يشتقونه من «بجر»، أي عظم بطنه، ولعل الأصلح اشتقاقه من السريانية، ومعناه فيها الأعرج وبه عرف ملوك الرُّهَا الأباجرة.

«إسطفانوس» قال ياقوت في معجم البلدان (٣: ١٠٨) في وصف سكة إصطفانوس: إنها موضع في البصرة، وإنها «أضيفت إلى كاتبٍ نَصراني من أهل البحرين.»

«أَفريم» هو اسم نصراني يشار به إلى ملفان السريان القديس أفرام الكبير، وقد عرف به أفريم أسقف الحيرة الذي ذكرَتْه هند الكبرى في كتابتها التي أوردناها في الجزء الأول (ص٩١).

«إيشوع» و«يشوع» ورد في الاسم الإضافي عبد يشوع كما سترى … وجاء مفردًا أيضًا لبعض أساقفة العراق كإيشوع برنون (كتاب المجدل، لماري بن سليمان، ص٧٥).

«إيليا» هو اسم إلياس الذي مر ذكره، ولعله على هذه الصورة شاع بين النصارى خصوصًا، وممن تسمى به إيليا أسقف نجران الذي ذكره ياقوت في معجم البلدان (٢: ٣٨)، وإيليا الكشكراني (المجدل، ٣٨).

«بولس» جاء في أعمال شهداء نجران أن ذا نؤاس لما دخل نجران غِيلةً وقَتَل أهلها نبش قبر أسقفها «بولس» المتوفَّى قبل ذلك بسنتين فأحرق رممه.

«جرجس» شهيد النصرانية المعروف، وبهذا الاسم عُرِف جرجس أسقف العرب الكاتب السرياني الشهير، وكان أسقفًا على بني طي في أواسط القرن السابع (Duval: Littérature Syriaque, p. 377).
«جُرَيْج»١٢ وقيل: «جَرِيج» عُرِف به جريج الراهب (الطبري، ١: ٣٨٣؛ وسيرة الرسول، ٤٠٧)، وعبد الملك بن جُرَيْج، وشَبَث بن قيس بن جُرَيج (تاج العروس، ٢: ١٥)، وورد جُرَيْج بين أعلام اليمنيين (الاشتقاق، لابن دريد، ٣٢٩)، والاسم على رأينا شبيه بجرجس أو مُشتَقٌّ منه (اطلب: المُلحقات بتاريخ الطبري، Add. DLXXXIII)، وقد ورَد عند العرب على صورة جُرْجُه، قال في التاج (٢: ١٥): «بنو جُرْجَه المكيون.» ولعل بعض هذه الأسماء العربية مُشتقَّة عن اسم القديس جرجنسيوس رسول عَرَب اليمن وأسقف الحِمْيَريين (راجع [القسم الأول، الباب الخامس]).
«رُومان» عُرِف بهذا الاسم عند العرب بنو رُومان بطن من بني طي (ابن دريد في الاشتقاق، ٢٢٨)، وكان لنبي المسلمين مَولًى يُدْعَى رومان الرومي، ذكره في التاج (٨: ٣٢٠)، وذكر معه صحابيًّا يُدْعى رومان بن نعجة من الصحابة، وأم رومان بنت عَوَيمِر الكنانية هي والدة عائشة زوجة نبي الإسلام، وكذلك ذكر ابن سعد (ص١٩) في كتاب الوفود يزيد بن رومان، ولا نشك في أن هذا الاسم تعريب رومانوس أحد مشاهير القديسين في حدود العرب، وقد جاء على لفظه الأعجمي في تاريخ الطبري (١: ٢٢٠٢) حيث ذكر حروب المسلمين لنصارى الأنبار، فقال: إن قُضاعة كان عليها رئيسًا «رومانوس بن وَبَرة»، وكذلك ياقوت في معجم البلدان (٢: ٣٧٩)، ذكر «ابن رومانوس الكلبي»،١٣ وقال هناك: إنه «كان أخا النعمان».
«سَرْجِس»١٤ اسم شهيد عظيم استشهد مع القديس بكُّس أو باخوس على عهد مكسيميانوس المغتصب في أوائل القرن الرابع، وقد عرف العرب النصارى أمره، وكان على اسمه عدة أديرة (راجع: معجم البلدان، ٢: ٦٦٧، ومعجم ما استعجم، للبكري، ص٣٧٤). لا بل تسمى باسمه بعض نصارى العرب، فقد ذكر الطبري (١: ١٨١٢) راويًا كان في بدء الإسلام دعاه موسى بن سرجس، وكذلك ذكر للزبير غلامًا باسم سرجس (١: ٣١٨٥)، وقد روى عبد المسيح بن إسحاق الكِنْدي في رده على الهاشمي (طبعة لندن، سنة ١٨٨٠م، ص٧٢) أن الذي تردَّد على محمد نبي الإسلام كان اسمه سرجيوس، ولقبه بُحيرا معناه العالم، وهو الذي أشار إليه في القرآن في سورة النحل (عدد ١٠٥) حيث قال عن المكيين: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ، ولعل اسم سرجون صورة أخرى من هذا العَلَم، وقد عُرِف في دمشق يوم فتح العرب «سرجون بن منصور الرومي»١٥ الذي دعاه الطبري (٢: ٢٠٥ و٢٢٨) «كاتب معاوية وصاحب أَمْره»، وهو أبو القديس يُوحنَّا الدمشقي الذي عُرِف بابن سرجون أو سُمِّي بِجَدِّه ابن منصور وعنده كان ينزل الأخطل (الأغاني، ٧: ١٧٤)، وقد ذُكِرَ في الأغاني (١٤: ٩٤؛ و١٦: ٢٢) كَنَدِيم النعمان بن المنذر المُسمَّى «سرجون بن نوفل».
«سمعان»١٦ و«شمعون» قلنا سابقًا (راجع [القسم الثاني، الفصل الثالث، الأعلام النصرانية المستعارة من الأسفار المقدسة]) إنه من المحتمل أن يكون أيضًا هذا الاسم نصرانيًّا محضًا، وذلك إما إشارة إلى القديس سمعان بطرس ويقال: شمعون الصفا هامة الرسل أو إلى سمعان العمودي الشهير بين العرب، وممن يضاف إلى مَن ذكرنا سابقًا «أوس بن سمعان» الصحابي (أُسْد الغابة، ٢: ١٤٦)، وأبو ريحانة شمعون بن يزيد الأزدي (التاج، ٥: ٤٠٣؛ وأُسْد الغابة، ٣: ٤)، وشمعون اسم لأساقفة وحُبَساء، اشتهروا قبل الإسلام في العراق وجهات العرب؛ كشمعون أسقف الأنبار في أيام الملك أنو شروان (تاريخ ماري بن سليمان، ed. Gismondi, 53)، وشمعون أسقف الحيرة (فيه، ص٥٦)، وشمعون بن صباعي الشهيد أسقف المدائن (ص١٦).١٧
«شمَّاس»١٨ قد كثر هذا الاسم في الجاهلية وبه عُرِف بطن من تميم «بنو شَمَّاس»، ومنهم قيس بن شماس، ذكره في الحماسة، وشمَّاس بن عثمان بن الشريد الذي قُتل يوم أحد (الاشتقاق، لابن دريد، ص٦٤) وغيرهم أيضًا، والبعض يشتَقُّون هذا الاسم من شِماس الفَرَس؛ أي جموحه، ومن المحتَمل أن أصل هذا الاسم من السريانية بمعنى خادم الدين، والله أعلم.١٩
«عبد المسيح»٢٠ هو أدل الأسماء العربية على نصرانية الذين تَسمَّوا به وعددهم بين العرب ليس بقليل، وأقدمهم عبد المسيح بن باقية بن جُرْهُم سادس ملوك جُرْهُم على مكة الذي ذكرناه في القسم الأول من كتابنا [الفصل الأول، الباب العاشر]، ومنهم عبد المسيح بن عسلة الذي روينا شعره في شعراء النصرانية (ص٢٥٤) نقلًا عن المفضليات، ومنهم عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغساني، كان سيد أهل الحيرة وأحد المُعمَّرين، قال أبو حاتم السجستاني في كتاب المُعمَّرين (ص٣٨، ed. Goldziher): إنه «أدرك الإسلام فلم يُسلِم وكان منزله في الحيرة وكان شريفًا في الجاهلية.» وذكر له ياقوت في معجم البلدان (٢: ٦٧٧) دَيرًا بناه عرف باسمه كان بظاهر الحيرة وفيه وجد قبره وكان عليه مكتوبًا:
حَلبْتُ الدَّهر أشطُرُه حَياتي
ونِلتُ من المُنَى فوق المزيد
فكافحتُ الأمور وكافَحَتْني
فلم أَخضَع لمعضلة كَئودِ
وكدتُ أنال في الشرف الثُّريَّا
ولكنْ لا سبيل إلى الخلودِ

ولعبد المسيح هذا شعر روي في كتب الأدب سنجمعه إن شاء الله، وممن دُعوا باسم عبد المسيح الشاعر الجاهلي الشهير بالمُتَلَمِّس واسمه عبد المسيح بن جرير (راجع: شعراء النصرانية، ص٣٣٠)، ومنهم عبد المسيح بن الدَّيَّان من سادة نجران، قال الأعشى يمدحه وآله (شعراء النصرانية، ٣٨٢):

وكعبةُ نَجران حَتمٌ عليك
حتى تُناخِي بأبوابها
نَزورُ يزيدًا وعبدَ المسيح
وقيسًا وهم خير أربابها

وذكر ياقوت (٤: ٧٥٦) بين سادة نجران عبد المسيح بن دارس بن عدي بن معقل، وقال هناك: إن كعبة نجران كانت له وهي قُبَّة من أَدَم وثلاثمائة جلد يؤمن فيها الخلق ويرفد المسترفد وتُقْضَى حاجة كل طالب (قال): وكانت على نهر بنجران، ومن وفود نجران على نبي المسلمين أحد أساقفتهم يدعى العاقب، قال ابن سعد في كتاب الوفود (ص٧٦): إنه كان من كندة، وإن اسمه عبد المسيح، ومنهم أيضًا «عبد المسيح بن المؤهب» الذي روى له البحتري شعرًا في حماسته (اطلب: الصفحة ١٩٦، من طبعتنا)، هذا فضلًا عن أساقفة بهذا الاسم تَولَّوا رعية كنائس العراق، ورَدَ ذِكرُهم في تواريخ النصرانية وكان بينهم رجال من أصل عربي.

«عبد ياسوع»٢١ ذكر صاحب التاج (٢: ٤١٢) هذا الاسم لأحد عرب الحيرة المعروفين بالعباد، وأشهر منه «عبد يشوع» أو «عبد إيشوع» على اللفظ السرياني، وبه عُرِف في جهات العراق قبل الإسلام عدة أساقفة ورهبان كعبد إيشوع الحبيس، ذكره ابن ماري في المجدل (ص٢١)، وعبد إيشوع الميشاني صاحب العمر (ص٢٨)، وعبد يشوع القناني رسول العرب «فيه».

«عدي» هو اسم شاع في الجاهلية وتَسمَّى به كثير من نصارى العرب كعدي بن زيد الشاعر النصراني الشهير (شعراء النصرانية، ص٤٣٩)، وعدي بن حنظلة (تاريخ الطبري، ٢: ١٠١٦)، وعدي بن أوس بن مارينا (فيه أيضًا ١: ١٠١٨)، وعدي بن حاتم الطائي (١: ١٧٠٦–١٧١٠)، وعلى ظَنِّنَا أن هذا الاسم أعجمي أصله أدي أو عدي كان أحد تلامذة المسيح ومُبشِّرًا لإيمانه بين الكلدان والعرب، وقد أفاض المُؤرِّخُون في ذِكْره.

«عيسى» هو اسم السيد المسيح في القرآن، ومن العجب العجاب أننا لم نجد ذكرًا لهذا الاسم بين أعلام العرب في الجاهلية، ولعل رسول الإسلام أخذه على هذه الصورة من يهود يثرب الذين رَوَوْه كذلك بغضًا بالنصارى وإشارة إلى عيسو.

«فراسية» ورد هذا العلم في مروج الذهب للمسعودي (ed, Barbier de Meynard, III, 200)، فقال هناك: إن المنذر بن امرئ القيس ملك الحيرة كانت أمه «الفراسيَّة» بنت مالك بن المنذر من آل نصر، وهذا الاسم نصراني بَحْت كما نَبَّه إليه الطابع (ص٤٥٠)، وهو تصحيف «أوفراسية (Euphrasie)» اسم عدة شهيدات نصرانيات.

«فيليبُّس» اسم أحد رسل السيد المسيح، وهو اسم فيليبُّس العربي أول القياصرة المُتَنَصِّرين (راجع [القسم الأول، الباب الثاني]).

«فيميون» هو اسم الراهب السائح الذي دخل نجران ونصَّرَها كما روينا في القسم الأول [الباب الخامس]، والاسم أعجمي لا محالة لعله مُعرَّب من اليونان Εΰφημος، أي البليغ والحسن النطق.
«قس» اسم معرب من السريانية وهو فيها ، أي الشيخ يدل خصوصًا على الكاهن النصراني وبه دُعي خطيب العرب أسقف نجران «قس بن ساعدة الإيادي» (اطلب: شعراء النصرانية، ص٢١١)، ومن إياد أيضًا كان المسمى الخس بن حابس أبو هند بنت الخس الإيادية (التاج، ٤: ١٣٧) الشهيرة بفصاحتها، وعلى ظننا أن «الخُس» هنا كالقُس.

«ماري» هو اسم التلميذ الذي دعا إلى الإيمان بالمسيح في جهات العراق وأنشأ على ما يقال كرسي المدائن، وبهذا الاسم عُرِف قبل الإسلام ماري الفارسي أسقف بيت أردشير (اطلب: المكتبة الشرقية، للسمعاني، ج٣، ص١٧١).

«مارية» هو اسم مَرْيَم على لفظه اليوناني، واختصت به نساء النصارى على هذه الصورة مشيرات به إلى العذراء الطاهرة، منهن «مارية بنت الحارث» الكندية قرينة المنذر ملك الحيرة ووالدة ابنه الأسود (الأغاني، ٢: ٣٢)، ومنهن مارية بنت الأرقم بن ثعلبة من ملوك بني جَفْنة الغسانيين (التاج، ١٠: ٣٤١)، وابنها الحارث الأعرج الذي فيه قال حسان:

أولادُ جَفنةَ حول قَبْرِ أبيهم
قَبر ابن ماريةَ الكريمِ المفضلِ
ومنهن مارية بنت ظالم بن وهب أخت هند الهنود امرأة حجر الكندي، وأم عمرو بن الحارث صاحبة القرطين اللذين بحسنهما يُضْرَب المثل: «خذ ولو بقرطي مارية.» (أمثال الميداني ١: ٢٠٤)، ومنهن «مارية ابنة حنظلة»٢٢ أم جابر بن أبجر سيد بني عِجْل النصاري (الطبري، ١: ١٠٣٣)، و«مارية بنت الصباح الشيبانية» من بني هند (الأغاني، ٦: ١٧٨-١٧٩) وابنها قيس بن شراحيل الذي فيه قال الحارث بن حلزة يشير إلى الصلح بين بكر وتغلب بعد حرب البسوس:
فَهلَّا سعيتَ لصُلْح الصديق
كصلحِ ابن مارية الأقصمِ

ومنهن «مارية أمة هند ابنة النعمان» (الأغاني، ٢: ٣٢)، ومنهن أيضًا «مارية القبطية» ابنة شمعون التي أهداها صاحب مصر المقوقس إلى نبي المسلمين فَولدَت له ابنه إبراهيم (تهذيب الأسماء، للنووي، ص٨٥٣)، وذكر ابن عبد البر النَّمري القرطبي في كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب (ج٢، ص٧٨٣) أَمَتَيْن لمحمد اسمهما «مارية».

وممن دُعِينَ بهذا الاسم مارية الدارمية أم بني زرارة (فرائد اللآل، ٢: ٣١٤).

«مرقس»٢٣ هو اسم أحد الإنجيليين وتلميذ بطرس زعيم الرُّسل، وبه عُرف أحد شعراء الحماسة (حماسة أبي تمام، ص٢٩٧، ed. Freytag)، وقد ضبط هناك بفتح القاف مرقس، (قال): واسمه عبد الرحمن المعني أحد بني مَعْن بن عتود.
«مريم» هذه صورة أخرى لاسم مريم العذراء، وفيه إشارة أيضًا إلى مريم أخت موسى، وممن تَسمَّى بمريم بين العرب مريم ابنة عثمان من زوجته نائلة ابنة الفرافصة النصرانية (الطبري، ١: ٣٠٥٦)، وله ابنة أخرى بهذا الاسم من أم عمرو (فيه)، كذلك ذكروا «مريم ابنة إياس الأنصارية» (الاستيعاب، ٢: ٧٨٢)، وقد تَكنَّى بأبي مريم٢٤ عدة من العرب منهم أحد بني حنيفة «أبو مريم الذي قَتلَ زيدَ بن الخطاب.» (الاشتقاق، ٢٠٩)، و(أبو مريم البلوي) (تاريخ الطبري، ١: ٢٣٨٥)، وقد ورد الاسم على صورة مريام كأبي مريام الأسقف (الطبري، ١: ٢٥٨٤-٢٥٨٥).

«مَرينة» أو «مَرينا» اسم نصراني لإحدى الصالحات، وكان في الحيرة «قوم من أهل الحيرة يقال لهم: بنو مرينا ينتسبون إلى لخم وكانوا أشرافًا.» (الأغاني، ٢: ١٢)، وقد عدَّهم في محل آخر (٨: ٦٤) من «العباديين».

«ميكال» هو اسم ميخائيل الملاك الذي مر، وقد ورد في تاج العروس (٩: ١١٩) اسم جد البيت الميكالي بنيسابور فدعاه «ميكال بن عبد الواحد»، ورقَّى نسبه إلى ملوك الفُرس.٢٥
«هِرْمز»٢٦ أو «هرمزد» أحد شهداء النصرانية في العراق، وبه تَسمَّى بعض نصارى العرب كهرمز أسقف مدينة عَمَّان الذي حضر المجمع الخلقيدوني وأثبت أعماله بإمضائه.

«هُود» أحد الأنبياء على ما يقال أُرْسِل إلى العرب، ومن المُحتمَل أنه اسم نصراني، وأنه صحف عن يهوذا أحد رسل السيد المسيح الذي يذكره القدماء كداعي العرب إلى النصرانية، ولعل اسم «هوذة» صورة أخرى لهذا الاسم عُرف به هوذة بن علي ذو التاج أحد بني حنيفة النصارى الذي ذكرناه سابقًا.

«الهَيجُمانة» كذا دعاها المسعودي في مروج الذهب (٣: ١٩٩ و٤٥١)، وسماها الطبري (١: ٨٨٢) الحَيْجُمانة، وهي أم ملك الحيرة النعمان بن امرئ القيس، وقال الطبري: إنها كانت ابنة عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل، واسمها أعجمي يوافق اليونانية Η’ϒουμένη، ومعناها الرئيسة والسيدة.
«يُحنَّه» اسم نصراني شهير، وقد اشتهر به ملك أَيْلة «يُحنَّه بن رؤبة» الذي كتب إليه رسول الإسلام يدعوه إلى طاعته (راجع: كتاب الوفود، لابن سعد، ٢٧: ١٧، ed. Wellhausen,)، وكتبه الطبري (١: ٢٣٧٤) «يَوحَنَّه بن رؤبة»، وورد في التاج (٩: ١٨٥) اسم «حَنَّة» كوالد عمرو الصحابي، وهي صورة أخرى للاسم ذاته.
«يونس» مر بك أنه تعريب اسم يونان النبي، ولا شك في أنه اسم يوحَنَّا على لفظه اليوناني فشأنه أن يُحرَّك يُونِّس Ίωάννης، لا سيما إذا كان المتسمون به من النصارى، وتجد في تاريخ نصارى العراق ممن دعوا بهذا الاسم وهم يكتبونه يُوانيس (راجع: تاريخ ماري بن سليمان، ص٧٦ و٨٣ و٩٩)، وقد ذكر ياقوت (٢: ٧١٠) بين أديار مصر «دير يُحَنِّس» وهو أقرب إلى الأصل.

(٤) الأعلام النصرانية الوصفية والمعدول بها والمُعرَّبة

هو الضرب الأخير من الأسماء التي تَسمَّى بها بعض نصارى العرب في الجاهلية، فمنها ما هو صفة مَحْضَة كصفات شائعة في زماننا، مثل نجيب وأنيس إلا أنها أدل على أحوال النصارى ومعتقداتهم، ومنها ما عدل به عن منعوت نصراني أو نُقِل معناه إلى العربية، ولا نطرق هذا الباب إلا بكل حذر لئلَّا ينسبنا القارئ إلى المُبالَغة، ولعل غيرنا يتسع فيه.

«امرؤ القيس» لا بِدْعَ أن بعض نصارى الجاهلية دُعُوا بهذا الاسم، ولعل أقدمهم هو امرؤ القيس المعروف بالبدء الذي ذكر ابن الكلبي وابن خلدون (راجع [الجزء الأول، الفصل الأول، الباب السابع]) أنه أول مَن تَنصَّر من ملوك آل نصر في العراق، ومنهم امرؤ القيس الشاعر الكِندي الذي أثبتنا نصرانيته في مقالة سابقة ردًّا على حضرة الأب أنستاس (المشرق، ٨، ١٩٠٥م، ٩٩–١٠٠٦)، ولعل سائلًا يسأل: وما أصل هذا الاسم؟ قد أجاب الكاتب المُتفنِّن جُرجِي أفندي زيدان في «كتاب العرب قبل الإسلام» (ص١٦٦) أن هذا العَلم أحد الأسماء «التي اقتبسها العرب من الأمم المجاورة لهم كاليونان والسريان، وقد حَرَّفوها»، (قال): «فامرؤ القيس مثلًا نظنه تحريف ماركوس (مرقس)، وربما تعمدوا تحريفه ليكون له صبغة عربية … ويؤيد ذلك أن هذا الاسم (امرؤ القيس) لم يكن معروفًا عند العرب قبل النصرانية أو قبل مُجاورَتِهم اليونان.» هذا رأي رصيفنا جُرجِي أفندي ويا ليته صحيح، لكنه لا يقنعنا، والمُرجَّح ما يقوله المستشرقون أن الاسم مركب من «امرؤ» و«قيس»، أي رَجُل قيس أو عابد قيس من معبودات العرب القديمة، وقد بقي الاسم مع سقوط معناه الوثني، والله أعلم.

«بَحير أو بَحيرا» على رأينا أن هذين الاسمين بمعنى واحد، وأنهما من السريانية ، ومعناه الرجل الحاذق والعالم، والأغلب أنه لقب، وقد عرف بهذا الاسم بحيرا الراهب الذي اجتمع بمحمد صاحب الشريعة الإسلامية، وكان اسمه سرجيوس كما قلنا، وذكر في أُسْد الغابة لابن الأثير (١: ١٦٧) رجلًا آخر شآميًّا بهذا الاسم قدم على رسول المسلمين مع سبعة آخرين، وكذلك اسم بَحير كان شائعًا في الجاهلية، ذكر في تاج العروس (٣: ٢٩) أربعة من الصحابيين بهذا الاسم أشهرهم بَحير بن أبي ربيعة المُسمَّى عبد الله، وبحير الأنماري.

«بشر وبشير» كلا الاسمين كان شائعًا في الجاهلية، وكثر في القبائل التي مر بيان نصرانيتها كبشر بن الحارث الصحابي، وبشر بن المُعلَّى سيد بني عبد القيس النصارى المعروف بجارود (الاشتقاق، لابن دريد، ١٨٦)، وبشر بن أبي خازم الأسدي الشاعر، وبشير الكعبي أحد بني الحارث بن كعب أصحاب نجران النصارى (أُسْد الغابة، ١: ٢٩٣)، وعلى رأينا أن في هذا الاسم إشارة إلى اسم البشارة أو أنه استعير من الآرامية بهذا المعنى فاتخذه النصارى في الجاهلية كما يدعون اليوم باسم بشارة وبشير.

«البَعِيث» هو اسم بعض أهل الجاهلية النصارى، أخصهم بعيث بن حريث الحنفي، وبعيث بن رزام التغلبي، وأشهر منها بعيث اليشكري الشاعر، واسمه خداش بن بشير من بني مجاشع، واسم أمه وردة، قالوا: إنه دُعِي بعيثًا لقوله:

تَبعَّث مِنِّي ما تَبعَّث بعد ما
أُمِرَّتْ قواي واستمرَّ عزيمي
وعندنا أن لهذا الاسم علاقة مع البَعث؛ أي المنبعث من الموت كما دعا نصارى الغرب بهذا المعنى Anastase، ونذكر أن الأب أنستاس الكرملي أَتحفَنا في المشرق بمقالة تحت إمضاء «البَعيث الخضري»، وهو تَعْريب اسم حضرته الكريم.

«توبة» هو اسم يشعر بزهد النصارى تسمى به في الجاهلية أو في أوائل الإسلام توبة بن عمران الأسدي (ياقوت، ٣: ١٠٥)، وتوبة السلولي واسمه عبد الملك (فيه، ١: ٥٨٧)، وتوبة بن الحمير الخفاجي الشاعر (الأغاني، ١٠: ٦٧).

«ثابت» شاع هذا الاسم في أواخر عهد الجاهلية، ولا سيما بين القبائل المُتَنَصِّرة من تَنوخ، وعَبْد قيس، وتميم، وثعلبة وغيرها، ولعله أحد الأسماء المنقولة عن الأعلام النصرانية الأجنبية كمثل Constans اللاتينية، أو Firmus.
«جابر» مما دُعِي به بعض النصارى في الجاهلية كالشاعر التغلبي جابر بن حُنَي (شعراء النصرانية، ص١٨٨)، وجابر بن شمعون٢٧ أسقف الحيرة في أيام النعمان بن المنذر (الأغاني، ٢: ٢٦)، لعله من الأسماء المستعارة من أوصاف اللاهوت كجبر وجبار وجبرئيل كما مر.
«الحارث»٢٨ أحد الأعلام التي استحبها النصارى في الجاهلية فتَسمَّى به مُلوكهم الغسانيون وكثيرون من أساقفتهم الذين وقعوا على أعمال المجامع بهذا الاسم منقولًا إلى اللاتينية Aretas، ومن رؤساء قبائلهم كالحارث بن كعب الذي ذَكَرْنا وصيته إلى أبنائه (ص١٢٨) أو كصاحب نجران المستشهد على عهد ذي نواس (ص٦٠)، واشتهر أيضًا الحارث بن عَبَّاد شاعر بني بكر وسيدهم (شعراء النصرانية، ص٢٧٠)، والحارث بن حِلِّزَة البكري (شعراء النصرانية، ص٤١٦)، وأبو الحارث الأسقف أحد وفود اليمنيين على محمد في السنة ٩ للهجرة (الطبري)، أما أصل هذا الاسم فليس بثابت، وقد زعم الكاتب الأديب جُرجِي أفندي زيدان في كتابه «العرب قبل الإسلام» (ص١٦٦) أنه مُعرَّب من اليونانية (قال): «فالحارث يجوز أن يكون ترجمة جيورجيوس اليونانية، ومعناها العامل بالأرض.» وفي قوله نظر لأن هذا الاسم سبق عهد النصرانية وبه عُرِف ملوك من النَّبَط.
«حَبيب» هو عند النصارى لقب للرسول يُوحَنَّا بن زبدي؛ لأن السيد المسيح خصَّه بمحبته بين تلاميذه.٢٩ وعلى ظننا أن النصارى الذين سُمُّوا به أشاروا إلى ذاك الرسول، ومنهم مَن ذكروا في جملة الصحابة (راجع: أُسْد الغابة، لابن الأثير، ١: ٣٦٨–٣٧٥)، ومن شهداء النصارى في مدينة الرُّهَا على عهد ديوقلطيانوس المُسمَّى بحبيب استشهد مع كورياس وشامونا (BHO, p. 84)، وعُرِف به شهيدان آخَران في صور وفي العراق في أيام سابور، وبينهم واحد نُسِبَ إليه دير حبيب (ياقوت، ٢: ٦٥٣).

«حكيم» من المحتمل أن الذين دعوا في الجاهلية باسم حكيم كحَكيم بن حزام بن خُوَيْلد (اشتقاق ابن دريد، ٥٨)، وحكيم بن قَبيصة بن ضرار التغلبي (حماسة أبي تمام، ص٧٩٢؛ وحماسة البحتري، ص٦١)، وحَكيم بن جبلة العبدي من بني عبد القيس (أُسْد الغابة، ١: ٣٩)، وغيرهم إنما أُشِير بأسمائهم إلى سليمان الحكيم.

«خالد» هو أيضًا أحد الأسماء التي تُشْعِر باعتقاد النصرانية بالآخَرة وخلودها، فلا عجب أن يكون النصارى دعوا به أولادهم في الجاهلية كخالد بن سنان العبسي النبي الذي كان يدعو قومه إلى النصرانية (راجع [الفصل الثاني: في قبائل العرب المنتصرة])، وخالد بن عمرو الشيباني (حماسة البحتري، ص٣٦)، وخالد بن حِق الشيباني (سيرة الرسول، ٤٦)، ومن المحتمل أيضًا أنهم عربوا ذلك من أعلام نصرانية يونانية άΐδιος، أو رومانية Perennis, Perpetuus, f. Perpetua، ومثل خالد تسميتهم بخالدة وخُلدة وخُوَيْلد وخليدة وخَلَّاد (أُسْد الغابة، ١: ١١٩–١٢٢ و١٢٧).
«الخِضْر» هذا الاسم الذي اختلف فيه المسلمون أيَّ اختلاف فقالوا: إنه النبي إلياس أو النبي اليشاع أو النبي إدريس أو القديس جرجس وجعلوه من غلمان موسى في شرحهم على سورة الكهف لم نَجِدْ له أثرًا بين أعلام الجاهلية، ولو كان قديمًا لدُعِي به أحد النصارى أو اليهود قبل الإسلام، وقد زعم البعض أنه تعريب Horus.

«الخليل» اسم إبراهيم أبي المؤمنين الذي اصطفاه الله وأحبه، ورَدَ هذا الاسم في شعر ورقة بن نوفل الراهب النصراني (اطلب: شعراء النصرانية، ص٦١٨):

تُلاقِي خليلَ الله فيها ولم تَكُن
من الناس جبَّارًا إلى النار هاويا
فأصبحتَ في دارٍ كريمٍ مقامُها
تُعَلَّل فيها بالكرامة لاهيا

وجاء في القرآن في سورة النساء (٤: ١٢٤): وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا. وسبقه السموءل فقال (راجع: ديوانه الذي طبعناه، ص٣٠):

فهذا خَليلٌ صَيَّر الناس حوله
رياحين جَنَّات الغُصونِ الذَّوابلِ
«سَعد وسَعيد وأَسْعَد» دُعِي بهذه الأسماء بعض نصارى العرب في الجاهلية كسَعد بن مالك أبي المُرقَّش الذي دفع ابنه إلى أحد نصارى الحيرة ليعلمه الخط (الأغاني، ٥: ١٩١)، وسعد بن الضباب صاحب امرئ القيس (٨: ٧١)، وسعد الذي نُسِب إليه دَيْر سعد (ياقوت، ٢: ٦٦٩)، وأسعد بن زرارة (أُسْد الغابة، ١: ٧١)، فلا يبعد أن النصارى اتَّخَذُوا هذه الأسماء مُعرَّبة عن لغات الشعوب المُجاوِرة كاسم الشهيد Felix مثلًا، وإلى هذا الباب يَعُود اسم سعدان وبه سُمِّي «سعدان بن عبد يسوع» المذكور في الأغاني (٢٠: ١٢٨) في حروب قيس وتغلب.
«سالم» نجد هذا الاسم لأحد أساقفة بلاد العرب الذي حضر المجمع الخلقيدوني، ووقَّع على أعماله في اليونانية Σωλήμος (راجع: الشرق المسيحي، Lequien: Oriens Christanus, II, 866).

«سنان» أحد أعلام نصارى العرب، وقد عرف به الشهيد القديس سنان رفيق القديس عبدون في استشهاده على عهد يوليانوس الجاحد.

«صالح» هذا الاسم سَبَق الإسلام، ومُؤرِّخُو العرب يَزعُمون أن نبيًّا بهذا الاسم أُرْسِل إلى قوم ثمود يدعوهم إلى الله وإلى نَبْذِ عِبادة الأصنام واجترح الآيات تأييدًا لدعوته فأبى أكثرهم أن يَرْعَوُوا عن غَيِّهم فضَرَبَهم ضربة عظيمة وأهلكهم إلا الذين آمنوا فتوَجَّه بهم إلى مكة، وليس بالمستبعد أن النبي المذكور أحد دعاة النصرانية الذين سبق لنا ذكرهم، وما يؤكده كتبة العرب (راجع: سيرة الرسول، لابن هشام، ص٢١، ed. Wüstenfeld) أن فيميون الذي دعا أهل نجران إلى النصرانية صحبه في دعوته ولزمه رجل اسمه صالح من عرب الشام، وذكر في أُسْد الغابة (٣: ٩) مولًى لرسول المسلمين يدعى صالحًا كان أصله من نصارى الحبش، وكذلك ذكر ابن دريد في الاشتقاق (ص٥٨) صالح بن عبد الله قال: «قتل بقُدَيد وكان صالحًا دَيِّنًا.» فهذا الاسم على ما نرى مستعار من اعتقاد نصراني أو هو مُعرَّب عن اسم أجنبي نحو Justus، أو Innocens، أو Pius.
«صَخْر» أحد أعلام الجاهلية المستفيضة فهو بمثابة كيفا السريانية، وPetrus اللاتينية، والصفا العربية، وهو الاسم الذي ميز به السيد المسيح هامة رسله؛ إذ جعله كصَفاة عليها تُبْنَى بِيعَتُه، وليس لدينا برهان قاطع على أن العرب أرادوا باسم صخر الإشارة إلى القديس بطرس كما زعم جرجي أفندي زيدان (في كتاب العرب قبل الإسلام، ص١٦٦)، حيث قال: إن العرب تَرْجَموا الأسماء اليونانية فتسموا بها، وضرب مثلًا على ذلك اسم الحارث كما مر، واسم «صخر»، فقال: إنه «ترجمة بطرس.»
«مالك» نظن أن هذا الاسم بين نصارى الجاهلية إما مُعَرَّب عن اليونانية، وإما مشير إلى أحد أولياء النصارى، والدليل على الأول ما رويناه سابقًا [الفصل الأول، الباب السابع] عن أحد أمراء العرب الوافدين على القديس سمعان العمودي سماه الكاتب Basilicus؛ أي مالكًا، والدليل على الثاني اسم رجلين من نُسَّاك النصارى اشتهرا باسم Malchus فيما بين النهرين والعراق (BHO, pp. 131-132).
«مُحَمَّد»٣٠ مر في الفصول السابقة [الفصل الأول، الباب العاشر، افادات وإصلاحات] أن اسم محمد من أعلام زمن الجاهلية، وأن النصارى عُرِفُوا به كمُحمَّد بن سفيان بن مجاشع أحد أساقفة تميم، وكذلك محمد بن حمران من نصارى مَذْحِج، ومحمد بن خُزاعِي من ذكوان، ومحمد أحد بني سليم (Sprenger I, 161)، وهذا الاسم يشبه بمعناه عدة أسماء يونانية لرجال اشتهروا في بلاد العرب أخصهم أوتيميوس رسول العرب، وأودوكسيوس أحد الشهداء الأولين، فمن المحتمل أن يكون عُرِّب من بعضها.
«منصور» نجد هذا الاسم بين أعلام الجاهلية، منهم في بني إياد النصارى؛ منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن إياد، ومن بني ربيعة منصور بن جعونة، قال ابن دريد في الاشتقاق (ص١٨٠): «كان شريفًا بالشام سيدًا.» ومن قُضاعة منصور بن جمهور من رجال كَلْب، واشتهر في دمشق ابن منصور في عهد بني أمية، وهو القِدِّيس العلامة يُوحَنَّا الدمشقي، وليس بالمستبعد أن يكون هذا الاسم مُعرَّبًا من اسم يوناني مثل Nicon, Nicolas، أو لاتيني مثل Vincent, Victor.

(٥) الأعلام النصرانية الجغرافية

نضيف إلى أعلام الأشخاص النصرانية الأعلام الجغرافية التي تدل على مَعرفة العرب لمَزارات النصارى وإكرامهم لها.

«أُوريشَلِم»٣١ عاصمة اليهود قبل المسيح أَضحتْ بعده مدينة مُقدَّسة يكرمها النصارى ويَتبَرَّكون بزيارتها، والعرب لم يدعوها بعد الإسلام بهذا الاسم وإنما جاءت على هذا اللفظ القديم في شعر الأعشى، قال (معجم البلدان، ١: ٤٠٢؛ واللسان، ٥: ٩٦):
وطَوَّفتُ٣٢ للمالِ آفاقَه
عُمانَ فَحِمْصَ فأُريشَلِمْ
أتيتُ النجاشيَّ في داره
وأرضَ النَّبيطِ وأرضَ العَجمْ

ورَوَوا: أُوريسَلِم وأُوراسَلَمْ، وذكروا حديثًا لعطاء (اللسان، ٥: ٩٦): «أَبْشِري أُورَى شَلَّم براكب الحمار.» قالوا: يريد بيت المقدس، وهذا الحديث منقول عن نُبوَّة زكريا في السيد المسيح ودخوله إلى أورشليم (مَتَّى، ٢١: ٥): «قولوا لابنة صهيون هو ذا ملكك يأتيك وديعًا راكبًا على أتان وجحش ابن أتان.»

«إيلياء» هو اسم آخَر لبيت المقدس لكنه روماني الأصل، دعاه به أدريانوس الملك بعد محاربته لليهود في القرن الثاني للمسيح فخَرَّب بقايا المدينة اليهودية وشَيَّد هيكلًا للمُشْتَري ودعا المدينة لذلك Ælia Capitolina، وروى ياقوت أن معنى إيلياء: بيت الله، والصواب أنها مُشْتَقَّة من اسم أسرة القيصر أدريانس المدعوة إيليا، وأنشد في معجم البلدان (١: ٤٢٤) لبعض الأعراب يصف بَعِيرَه وسيره الحثيث في جهات فلسطين:٣٣
فلو أن طيرًا كُلِّفَت مثل سَيره
إلى واسط من إيليا لكَلَّتِ
سمَى بالمهاري من فلسطين بعدما
دنا الفيء من شمس النهار فَولَّتِ
فما غاب ذاك اليوم حتى أناخَها
بميسان قد حُلَّت عُراها وكَلَّتِ

وكذلك دعاها الفرزدق بهذا الاسم فقال (ياقوت، ١: ٤٢٤):

وبَيتان بيتُ الله نحن وُلاتُه
وقَصْر بأعلى إيلياء مشرفُ

«سدوم» مدينة ورَد ذِكْرُها في سفر التكوين عاقَب الله أهلها لمآثمهم، وقد عرف العرب في الجاهلية أمرها فقال عمرو بن دراك العبدي (في التاج، ٨: ٣٣٥؛ واللسان، ١٥: ١٧٧):

وإنِّي وإن قَطعتُ حبالَ قيس
وخالفتُ المُرونَ على تميمِ
لَأعظمُ فَجْرةً من أبي رِغالٍ
وأَجْوَرُ في الحكومة من سَدومِ٣٤

وقال أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت (صحاح الجوهري، ٢: ٢٩٧):

كذلك قومُ لوط حين أَمْسَوا٣٥
كعَصْف في سَدُومِهمُ رَميمِ

«سِينا» قال ياقوت (٣: ٢٢٠): «موضع بالشام يضاف إليه الطور فيقال: طور سيناء، وهو الجبل الذي كَلَّم الله تعالى عليه موسى بن عمران عليه السلام ونُودِي فيه.» وورد هذا الاسم في القرآن قال في سورة المؤمنين (٢٣: ٢٠): وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ . وربما دُعِي بالطور دون إضافة كقوله (في سورة مريم، ١٩: ٥٣): وَنَادَيْنَاهُ (أي موسى) مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا، ومثله قوله عن رؤيا موسى للعوسجة (سورة القصص، ٢٨: ٢٩): آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا.

«صِهْيون»:٣٦ إحدى تلال القدس الشريف التي احتلها الملك داود ويراد بها مجازًا مدينة القدس أو إحدى كنائسها، وقد ورد الاسم في شعر الأعشى، قال يمدح يزيد، وعبد المسيح ابني الديَّان، وقيل: يمدح السَّيدَ والعاقب أسقفي نجران (ياقوت، ٣: ٤٣٨):
ألا سَيِّدَي نجران لا يُوصَيْنكما
بنجران فيما نابَها واعتراكما
فإنْ تَفعلَا خيرًا وتَرْتَديا به
فإنكما أهل لذاك كِلاكُما
وإن تَكْفِيَا نجران أمْرَ عظيمةٍ
فقَبْلَكما ما سادها أَبواكُما
وإن أحلَبتْ صهيون يومًا عليكما
فإنَّ رَحا الحرب الدَّكُوك رَحاكُما
(القُدْس والمَقْدِس ويقال بيت المَقْدِس)٣٧ من أسماء مدينة القدس الشريف، قال مروان بن الحكم يتهدد الفرزدق (الأغاني، ٢١: ١٩٧):
قُل لِلفَرَزْدَق والسَّفَاهةُ كَاسْمِها
إنْ كنتَ تاركَ ما نَهيتُكَ فاجلسِ
ودَعِ المدينةَ إنها مذمومةٌ
واقْصِد لمكَّةَ أو لبيتِ المَقدسِ

روى في التاج (٤: ١٢٣) لشاعر يخاطب ناقته:

لا نومَ حتى تهبطي أرضَ العُدُسْ
وتَشربي من خَير ماء بِقُدُسْ
وورد في شعر العجاج (ص٨٠، ed. Ahlwardt):
ضَراغمٌ تَنفي بأَخذ هَمْسِ
عن باحةِ البطحاء كُلَّ جَرْسِ
حتى تَزولَ هَضباتُ قُدْسِ

وقد مر بك [القسم الثاني، الجزء الأول، مفردات نصارى العرب الدالة على رؤسائهم ورهبانهم] أنهم كانوا يدعون بالمُقَدِّس الزائر لبيت المَقْدِس ويتباركون بثوبه كما أشار إلى ذلك امرؤ القيس في وصف كلاب تنهش الثور:

فَأدرَكْنَه يأخذُنْ بالساق والنَّسا
كَمَا شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوبَ المُقَدِّسِ
١  وممن صرَّحوا بذكر الأعلام النصرانية بين عرب الجاهلية المستشرق رينان في المجلة الآسيوية قال: “L’Arabie antéislamique offer aussi beaucoup de noms chrétiens”. (Journ As., 1850, p. 248).
٢  وفي البيان والتبيين للجاحظ (١: ٧٥) رجز لآدم مولى العنبر، وكان اسم امرأته أم أيوب.
٣  ويروى ابن مجروف، قال ابن الكلبي (ياقوت، ٤: ٢٢٢): «لا أعرف في الجاهلية مَن اسمه إبراهيم بن أيوب غيرهما، وإنما سُمِّيَا بذلك للنصرانية.» فقوله: «للنصرانية» فصواب، أما قوله: «إنه لم يعرف غيرهما» فيرده ذكر الذين عددناهم هنا، وإبراهيم بن أيوب هذا ينتهي نسبه إلى تميم، ومن نسله مقاتل بن حسان الذي يُنسب إليه قصر مقاتل الذي كان بين عين تمر والشام.
٤  وذكر في نقائض جرير (ص٩٤٣) «حنة بنت نَهْشَل بن دارم كانت أُمها ماوية بنت حُوَيِّ بن سفيان بن مجاشع، وأم قيس بن حسان بن عمرو بن مرثد.»
٥  وممن عرف باسم داؤد في الجاهلية داؤد بن عروة بن مسعود الذي تزوج حبيبة ابنة عبيد الله بن جحش الذي ارتد عن الإسلام وتَنصَّر (الطبري، ٢: ٢٤٤٥)، وورد في نقائض جرير في حديث يوم تياس (ص١٠٢١) ذكر داؤد أحد بني ذؤيب، أما داؤد بن هبولة فهو الذي قتله ثعلبة بن عامر الأكبر المعروف بالفاتك قتله يوم القَرنتَيْن فقال:
نحن الألى أَوْدتْ ظُباتُ سيوفِنا
داؤدَ بَيْن القرنَتَيْن بحاربِ
ثم راجع: أخبار أبي دؤاد الإيادي في الأغاني (١٥: ٩٦).
٦  اشتهر بهذا الاسم في الجاهلية وفي أوائل الإسلام سلمان الفارسي، قال الشيخ أبو الحسن النيسابوري في كتاب أسباب النزول «إن سلمان كان من أهل جنديسابور ومن رهبان النساطرة، وإن في أصحابه نزلت الآية: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى … فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (سورة البقرة، عدد ٦٢)»، وكذلك سلمان العجلي من نصارى عجل (أغاني، ١٢: ١٢).
ومما فاتنا من الأعلام الكتابية اسم «سارة»، وهي زوجة إبراهيم الخليل، دُعِيَت باسمها سارة مولاة قريش (الفاسي، أخبار البلد الحرام، ص١٤٦)، وقد جاء اسم سارة في شعر جرير كما سبق (النقائض، ص٩٩٤).
ومما ورد من الأسماء الكتابية عند العرب اسم أليشع راهب عربي الأصل، ذكره ابن ماري في المجدل (ص٤٩).
٧  ومن النصارى الذين دعوا بهذا الاسم شراحيل شيخ حَرَّان الذي أقام في تلك المدينة مشهدًا لإكرام القديس يوحنا المعمدان (راجع المتن، [الباب الثاني من الفصل الأول]).
٨  ورد ذكره في نقائض جرير والفرزدق (ص٢٣٦) قال: إنه ابن هبيرة بن المنذر بن ضرار، كان شاعرًا رُوِيتْ له أبيات في يوم الشقائق يوم قُتل بسطام بن قيس، راجع أيضًا كتاب البيان والتبيين للجاحظ (٢: ٧٩).
٩  ومن النصارى الذين دُعوا بهذا الاسم في الجاهلية عبد الله بن دارم، وهو جد حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم (نقائض جرير، ص٨٠٩)، وكان اسم والد الشاعر حاتم الطائي عبد الله، وقد جاء في أعمال مجمع أفسس سنة ٤٣١م اسم عبد الله أحد أساقفة العرب الذين وَقَّعوا على تلك الأعمال، كان أسقفًا على خلصة (Elusa)، وإنما تصحف اسمه باللاتينية Ampela، أما في اليونانية Θεόδουλος فيبين صحة اسمه عبد الله، وممَّن سُمِّي بهذا الاسم مصغرًا عُبَيد الله بن سمعان التغلبي، ذكره القالي في أماليه (٣: ٦٥) وروى له قوله:
وَعدتَ وَلم تُنجزِ وقِدْمًا وعدْتَنِي
فأخلفْتَنِي وتلكَ إحدى الأزامعِ
(قال): الأزامع الواحد أَزْمَع، وهي الدواهي.
١٠  ومثله «عبد الحَنَّان»، وهو اسم ابن المُتلَمِّس الشاعر النصراني كما ورد في إحدى نُسَخ الشعر والشعراء لابن قتيبة، ودعاه في الأغاني (٢١: ١٨٧) «عبد المَنَّان» قال: «وكان للمتلمس ابن يقال له: عبد المَنَّان أدرك الإسلام، وكان شاعرًا وهلك في بُصرى ولا عقب له.»
١١  راجع: كتاب فلهوزن (Welhausen: Reste arabischen Heidentums, 2 ed., p. 4).
١٢  ورد في صحيح البخاري (٣: ١٠٠) قصة رواها محمد عن جريج ناسكٍ من بني إسرائيل كان في صومعة اتهمته امرأة بالزِّنَا فبَرَّره طفلها الصغير وهو في المهد، ودل على الزاني بها.
١٣  قال ياقوت (٢: ٣٧٩): إنه أخو النعمان لأمه، أمهما رومانوس، وروى له قوله:
ما فَلاحِي بعد الأُلَى عَمَّرُوا
الحيرةَ ما إن أرى لهم مِن باق
ولهم كان كلُّ مَن ضرب العيـ
ـن بنجدٍ إلى تخوم العراقِ
١٤  جاء في نقائض جرير والفرزدق (ص٨١٩-٨٢٠) ذكر أبي كعب المسمى سرجس كان خازنًا للحجاج، وكذلك الأزرقي في تاريخ مكة (ص٤٣٥) ذكر خبرًا عن المهاجرين رفَعَه إلى نافع بن سرجس.
١٥  قال الطبري في تاريخه (٢: ٨٣٦): «كان يكتب لمعاوية على ديوان الخراج سرجون بن منصور الرومي.»
١٦  وقد ورد هذا الاسم على صورة أخرى، ذكر ابن الأثير في أُسْد الغابة (٢: ٣٨٢) رجلًا اسمه سيمونه البلقاوي من أهل بلقاء نصراني وشماس، كان في أيام نبي المسلمين، قال عنه: إنه أسلم وعاش ١٢٠ سنة، وإنه حمَل قمحًا للمدينة وابتاع منها تمرًا، وممن عُرف بسمعان عبد الله بن سمعان التغلبي، ذكره صاحب اللسان (١٥: ٢١٩)، ولعله عبيد الله بن سمعان السابق، ذكره (ص٤٧٣).
١٧  وهنا يجوز إقحام اسم آخَر لأحد شهداء النصارى بين العرب، نريد به القديس عبدون، كان أرسله ملك العجم سفيرًا إلى القيصر يوليانوس الجاحد مع رفيق له يدعى سنانًا، وكانا نصرانيين فعَرَض عليهما يوليانوس جحود دينهما فأبَيَا؛ فقتلهما، وعِيدُهما في الكلندار الروماني في ٣٠ تموز.
١٨  قال ياقوت (٢: ٣١٧): إن محلة بغداد المعروفة بالشَّماسِيَّة منسوبة إلى أحد شَمَّاسي النصارى، ولعل شَمَّاسِيَّة دمشق (التاج، ٤: ٤٢١) منسوبة إليه أيضًا.
١٩  ممَّن فاتَنا ذكره هنا اسم «صلوبا»، وهو اسم نصراني محض، جاء في معجم البلدان في باب بانقيا من نواحي الكوفة (١: ٤٨٤) أن صاحبها «بصبهرى بن صلوبا، صالَح العرب عند ظهورهم في العراق على ألف درهم وطيلسان.»
٢٠  وممن عُرِف بالجاهلية باسم عبد المسيح رجل ورد اسمه في عهد مَلِكهم عبد كلال، وذكر في الأغاني (٢٠: ١٢٨) عبد الحرث بن عبد المسيح الأوسي، قُتِل في مرج راهط في حرب قيس وتغلب.
٢١  وممن عُرِف بهذا الاسم عبد ياسوع بن كرب بن سعد التغلبي، جاء ذكره في شعر القطامي (ص٧٦، من ديوانه):
وقد كنتَ تُدعَى عبد ياسوع مَرَّةً
وأخلفتَ والإخلافُ من سيئ الذِّكْرِ
ورد في الأغاني في ترجمة القطامي (٢٠: ١٢٨) اسمه سعدان بن عبد المسيح الذي قُتل في مرج راهط (ص٢٥٠).
٢٢  هي ابنة حنظلة بن ثعلبة بن سيار أم عشرة أحدهم جابر العِجْلي، حضرت واقعة ذي قار، وقطع أبوها وضينَها (نقائض جرير، ص٦٤٣).
٢٣  ذكره المبرد في الكامل (ص٥٦٣)، وقال: إنه في طيئ، وإن اسمه عبد الرحمن، وقد روى له أبو تمام في حماسته شعرًا من الرجز (ص٦٩٧-٢٩٨)، ولعل اسم المُرقَّش الشاعر تصحيف اسم مرقس.
٢٤  وقد روى في الأغاني (٢٠: ١١٧) أن الشاعر عبد الله بن أبي معقل الخزرجي في أيام بني أمية دعَا ابنة ابنته بِاسم مريم، وكذلك دعا بهذا الاسم ابنة ابنه مسكين. أما كُنْيَة أبي مريم فعُرِف بها كثيرون منهم مَن ذكرهم ابن الأثير في أُسْد الغابة (٥: ٢٩٥) كأبي مريم الجُهَني عمرو بن مرة، وكأبي مريم الخَصِيِّ يُعَد في الشاميين، وأبي مريم السَّكُوني، وأبي مريم السَّلُولي مالك بن ربيعة، وأبي مريم الغَسَّاني، وأبي مريم الكندي، وذكر أبو بشر محمد الدولابي في كتابه الكنى والأسماء (١: ٥٣) أبا مريم الأزدي، وأبا مريم الحنفي الذي كان مع مسيلمة، وأبا مريم إياس بن صبيح، وأبا مريم إياس بن جعفر بن الصَّلْت وغيرهم أيضًا.
٢٥  وفي باب النون يجوز أن نذكر اسمًا آخر نصرانيًّا وهو اسم نَسطاس أو أَنسطاس، وجاء في التاج «نَسطاس قال (٤: ٢٥٨) نسطاس بالكسر أهمله الجوهري، وهو علم، ونسطاس بالرومية العالم بالطب (كذا) نقله الصاغاني، وعبيد بن نسطاس العامري البكائي الكوفي مُحدِّث.» وذكر في الأغاني (٤: ٤٢؛ و٦: ١٠٣) نسطاس مولى صفوان بن أمية، وكذلك ذكر (٧: ١٧٥) «أبا نسطوس والأخطل».
٢٦  ممن عُرِف بهذا الاسم النصراني رجلان من الصحابة هُرْمز القبطي (أُسْد الغابة، لابن الأثير، ١: ٤١) كان مولى لنبي المسلمين، تُوفِّي سنة ٤٠ للهجرة، ثم هُرْمُز الفارسي (٥٨٥م)، ومثلهما هرماس وهو أبو جدير هرماس بن زياد الباهلي (٥: ٥٧).
٢٧  كان أسقفًا على الحيرة، وهو من أسرة أوس بن قلَّام الذي كان حاكمًا على تلك المدينة.
٢٨  ومن النصارى المعروفين بهذا الاسم الحارث بن عبد الملك بن ربيعة ذو الرمحين المخزومي القرشي، وكان اسمه بُجَيرًا، فلما أسلم سماه رسول الإسلام عبد الله، وكانت أمه نصرانية وهي ابنة أبرهة الحبشي، ماتت على نصرانيتها والصليب في رقبتها فجَنَّزها أهل دينها (راجع: تاريخ دمشق، لابن عساكر، ٣: ٤٤٨).
٢٩  وفي شرح المفسرين للقرآن يدعونه «حبيبًا النجَّار»، وقالوا: إن ما ورد في سورة يس إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ يراد به حَبيب النجار (أي يُوحَنَّا الحبيب) ويعقوب وسمعان بطرس.
٣٠  وكما دعي بعض النصارى في الجاهلية باسم محمد كذلك تَسمَّوا بأحمد، والدليل عليه أبيات رواها أبو تمام في الحماسة لوضاح بن إسماعيل بن عبد كُلَال بن داود بن أبي أحمد يخاطب بها العجاج، فعبد كُلَال، وداود اسمان نصرانيان فلا شك أن اسم أحمد نصراني أيضًا.
٣١  روي في اللسان (١٥: ٢١٨) لابن خالويه «أنه جاء لبيت المقدس عدة أسماء منها شَلْم وشَلَم وشَلِم وشَلَّم وأوريشَلم (بيت الأعشى) ويقال: إيليا، وبيت المقدس، وبيت المكياش، وبيت الضرب، وصلمون (كذا).»
٣٢  ويروى: وقَدْ طُفتُ.
٣٣  ذكر في التاج (٥: ١٩٩) لعدي بن الرَّقَّاع قوله:
فكأنِّي مِن ذِكْرِهم خالَطَتْنِي
من فلسطينَ جَلْسُ خَمرٍ عُقارُ
٣٤  يريد بأبي رِغال أحد مُلوك الطائف الذي دلَّ الحبشة على الكعبة يوم أتوا ليخربوها، ويُروَى: لأعظم صفقة من شيخ مَهْو.
٣٥  روى ياقوت (٣: ٥٩): حين أَضْحَوا.
٣٦  قال في التاج (١٠: ٢١٧): «صهيون يراد بها الروم.» ونسب هذا القول إلى ياقوت، والصواب أن ياقوت روى ذلك عن أبي عمرو وأصلحه بقوله: «قلت: هو موضع معروف بالبيت المقدس محلة فيها كنيسة صهيون.» (معجم البلدان، ٣: ٤٣٨).
٣٧  ومما ورد في بيت المقدس قول المعلى بن المطرف (الأغاني، ٤: ٣٥٤):
يا صاحِ إني قد حَججتُ
وزرتُ بيتَ المَقْدِس
ومن الأمكنة التي في لفظها إشارة نصرانية «أسقف» قال ياقوت (١: ٢٥٢) هو موضع بالبادية كان به يوم من أيامهم، وأنشد لعنترة:
فإن يكُ عِزٌّ في قُضاعة ثابتٌ
فإن لنا في رَحْرَحَان وأسقُفِ
فلا يبعد أن يكون اسم هذا المكان مستعارًا من اسم أحد أساقفة العرب النصارى.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤