خاتمة

استعرضنا الحوادث التاريخية خلال ثلاثة عشر قرنًا، ولكن استخلاص النتائج عملًا سابقًا لأوانه بالنسبة للمعلومات التي لدينا.

نلاحظ أولًا أن الأقباط، لم يعرفوا شيئًا عن العرب عند دخول العرب مصر، وقد استقبلوهم كمحررين بعد أن ضمن لهم العرب الحرية الدينية وخففوا عنهم الضرائب، وعندما اضطر العرب أن يجاوزوا الضرائب المعمول بها لشدة حاجتهم إلى المال، لم يتردد الأقباط في أن يظهروا خيبة أملهم، وكان في استطاعة العرب أن يحتفظوا بإخلاص الأقباط أو عدم إثارتهم إذا ما أضيفوا إلى قائمة ضرائبهم أسماء الرهبان — وكان عددهم بضعة آلاف — فاضطروهم — سواء عن دعوة أو هربًا من دفع الضريبة — إلى أن يختبئوا في الأديرة، لقد خسر العرب، طمعًا في بعضة دنانير يزيدون بها دخلهم، عطف الذين كانوا يؤلفون في ذلك الوقت نخبة الأمة القبطية ويؤثرون في سلوك أهل البلاد، مع أن عمرو بن العاص استطاع، نظير إعفاء رجال الإكليروس من دفع الضرائب، أن يحبط محاولة القائد البيزنطي، مانويل، غزو مصر، وذلك بدون أن يحمي مؤخرة جيوشه، في حين أن الأمويين الذين فرضوا الضرائب على الرهبان، رأوا الأقباط ينضمون إلى العباسيين.

هل كان العرب متسامحين مع الأقباط؟ من المؤكد أن العرب لم يهتموا بالمنازعات الدينية القائمة في مصر المسيحية، وعندما لاحظوا أن اليعاقبة هم الأغلبية في البلاد، لم يترددوا في نصرتهم على الملكيين ومنحهم كل ما يرغبون على حساب أعدائهم، ومع ذلك لم يرفضوا أبدًا الخدمات التي كان يعرضها عليهم الملكيون إذا رأوا فيها نفعًا مباشرًا يعود عليهم.

وعلى كل، فإن العرب بمرور الزمن ازدادوا مادية وانحرفوا عن مبادئهم، وقد حالت فتوحاتهم الواسعة دون تطبيقهم القانون بحذافيره، ذلك القانون الذي لم يكن يواجه التوسع الذي وصل إليه العرب … لقد استطاع الإسلام أن يعيش قرنًا ونصف قرن دون أن يخالف تعاليم الشريعة فيما يختص بجباية الضرائب، ولكنه لم يلبث أن اضطر إلى الدفاع عن إمبراطوريته المهددة من الخارج وعن الدسائس والثورات في الداخل، ومواجهة بذخ بلاط الخليفة في دمشق أولًا، حيث حذا الأمويون حذو البيزنطيين، وفي بغداد ثانية حيث قلد العباسيون الفرس فليس غريبًا أن يخرق الحكام أوامر النبي غير نادمين، فإنهم إذا اكتفوا بالضرائب التي فرضها القرآن، عرضوا الخزانة للإفلاس، وإذا استغنوا عن معاونة الموظفين النصارى، عرضوا الإدارة للفوضى؛ ذلك لأن العرب في أول الأمر كانوا غير مستعدين لمثل هذا العمل، بل كانوا يهتمون بصناعة الحرب أكثر من اهتمامهم بأعمال الدواوين، أضف إلى ذلك أن الأقباط في مصر استفادوا بوجه خاص من سياسة عمرو بن العاص الشخصية.

وقد يقال لنا: إن المصريين كانوا يعتنقون الإسلام، فلماذا كان العرب يستعينون بالنصارى حتى عندما كان النصارى لا يمثلون إلا أقلية صغيرة في البلاد؟ يجب أن نذكر أن الذين حكموا مصر منذ الفتح العربي لم يكونوا مصريين، بل عربًا أرسلوهم الخلفاء ليحكوا مصر باسمهم، أما الطولونيون والإخشيديون والفاطميون والأيوبيون، فقد أتوا من آسيا أو من إفريقيا الشمالية، وكان السلاطين المماليك أرقاء من الجركس وغيرهم في حين أن الحكام الأتراك لم يهتموا بالشعب على الإطلاق.

وأول من اتبع سياسة وطنية حقة هو محمد علي الكبير، أما الحكام السابقون له، فكانوا يعاملون جميع المصريين بدون تفرقة ويكتفون أحيانًا بإلقاء جزء كبير من الحمل المالي على كاهل الأقباط، ولكن الأقباط كانوا يحتفظون بأسرار المساحة وبفن تحصيل الضرائب ومسك الدفاتر، وبلغ بهم الأمر أن كونوا نقابة من المحاسبين، وكان الناس يحتقرونهم، ولكن لم يستطيعوا الاستغناء عنهم فاضطر الحكام إلى طلب معاونتهم.

زد على ذلك أن العرب كانوا يفتخرون بتفوقهم الجنسي ويتحمسون لدينهم الجديد، ويعتقدون أنهم إذا ماتوا في سبيل قضيتهم المقدسة اكتسبوا في الآخرة مكانًا ملحوظًا، وإذا خرجوا سالمين من المعركة، كان من حقهم أن يقتسموا أراضي العدو وأملاكه، ولذا لم يكن الفتح في نظر العرب سوى غارة من الغارات التي تشنها القبيلة، فإذا انتصرت تمتعت بالأسلاب ثم استأنفت غزواتها.

كان الجندي العربي يذهب إلى الحرب مدفوعًا بهذه الروح، نعم إن أصحاب الشأن أبوا أن يقسموا الأراضي المفتوحة على المحاربين كما نصت الشريعة، ورغم ذلك ظلوا يحكمون البلاد كما لو كانوا غير باقين فيها، لم يناهضوا التعليم في مصر ولكنهم لم يؤسسوا مدرسة واحدة، ولم يحاولوا قط إعادة تنظيم الإدارة، بل تركوها على ما كانت عليه أيام البيزنطيين مع إدخال بعض التعديلات الشكلية.

ولما كان الخلفاء ينظرون إلى مصر كمركز لتموين إمبراطوريتهم، وافقت الدولة على صرف تكاليف إصلاح الطرق، ولكنها لم تذهب إلى أبعد من ذلك، فلم تشرف على تنفيذ هذا الإصلاح، وكان جل أمرهم أن تدفع مصر ما عليها من الضرائب، ويقول «جروهمان»: «كان الخلفاء والولاة لا يهتمون بالإدارة إلى حد أن وجد سجلًا بأسماء دافعي الضرائب، من مسلمين ونصارى، مكتوبًا بكامله باللغة اليونانية وفي صفحته الأولى إشارة الصليب.».١

وليس غريبًا إذًا أن يتضاءل الدخل وتفتقر مصر ماديًّا، ونذكر هنا بعض الأرقام التي جمعها الأمير عمر طوسون: بلغ مجموع الخراج والجزية عشرين مليونًا عند دخول العرب مصر، حسب ما جاء على لسان الرواة العرب، وقد خفضه عمرو إلى أثني عشر مليونًا، ثم نجح عبد الله بن سعد في رفع هذا المبلغ أربعة عشر مليونًا، ولكنه هبط إلى تسعة ملايين ثم إلى خمسة ملايين في أثناء الحرب الأهلية في خلافة معاوية، وزاد فقر مصر في عصر العباسيين حتى هبط الدخل في خلافة هارون الرشيد إلى أربعة ملايين دينار، واستقر حول هذا الرقم ورفعه ابن طولون إلى خمسة ملايين، وبلغ في عهد خمارويه أربعة ملايين، ومحمد الإخشيدي مليونين، وكافور ثلاثة ملايين ونصف، والمعز لدين الله أربعة ملايين، والعزيز ثلاثة ملايين، والحاكم ثلاثة ملايين وأربعمائة ألف، والمستنصر مليونين «بما في ذلك سوريا»، والمستعلي خمسة ملايين «نتيجة حكم بدر الجمالي والأفضل شاهنشاه»، والحافظ لدين الله مليونًا ومائتي ألف، وصلاح الدين خمسة ملايين ونصف مليون، وبيبرس مليونين، وعندما وصل الفرنسيون مصر، كان يبلغ الدخل مليونًا ونصف مليون دينار.

ومن البديهي أن هذه الأرقام لم تعبر تمامًا عن درجة ازدهار البلاد؛ ذلك لأن خفض الدخل كان يتأتى أحيانًا عن تخفيف عبء الضرائب كما حدث على الأرجح في عهد ابن طولون ومحمد الإخشيدي والعزيز، ولكن هناك برهانًا قاطعًا على فقر البلاد، ألا وهو انكماش مساحة الأراضي المنزرعة، كان مساحتها في عهد عمر بن الخطاب ستة ملايين من الأفدنة، فصارت بعد انقضاء ثلاثة أرباع قرن؛ أي: في عهد هشام بن عبد الملك، ثلاثة ملايين من الأفدنة.

ولما كان الحكام في حاجة ملحة إلى المال، لم يترددوا في أن يلجئوا إلى وسائل غير شرعية، ولم يحاول ابن جبير، الذي عاصر الحروب الصليبية، أن يكتم غضبه عما كان يراه من إساءة في معاملة الحجاج ومنع الذين لا يستطيعون أداء ما عليهم من الضرائب من دخول الأراضي المقدسة، فكتب قائلًا: «بيت الله الآن بأيدي أقوام قد اتخذوه معيشة حرام وجعلوه سببًا إلى استلاب الأموال واستحقاقها من غير حل.»، ثم قال: «لا إسلام إلا ببلاد المغرب؛ لأنهم على جادة واضحة … لا عدل ولا حق ولا دين في المشرق.».٢
وفي الواقع أن الاعتبارات الدينية تفقد من قيمتها بعد أن فترت حمية الشعوب الدينية، ألم نرَ ابن جبير يلوم مسلمي الشرق لتعاملهم مع النصارى في أثناء قيام الحروب الصليبة؟ ألم نرَ البابا يهدد أكثر من مرة التجار المسيحيين في أوروبا بالحرمان؛ لأنهم كانوا يوردون أسلحة للمسلمين في الأوقات العصيبة؟ ولم يخالف «هنري لامانس» الحقيقة عندما يحدثنا عن تفضيل سياسة المصالح عن سياسة الشعور، فيقول: «إن مصر، في نظر الأمويين، لها أهمية اقتصادية فقط، فهي تنتج الحبوب وتصنع أوراق البردي وتدفع الضرائب، وهذه الاعتبارات المادية وحدها جعلت الحكام في ذلك الوقت يهتمون بها.».٣
هذه الحقائق لا بد من معرفتها إذا أردنا أن نحدد درجة تسامح العرب مع الأقباط، ومن رأينا أن نواجه هذه المشكلة على الوجه الآتي: إذا لم يكن العرب في حاجة إلى مساعدة الأقباط، وإذا لم تدفعهم المصلحة العامة إلى مراعاتهم، هل كانوا يتبعون نحوهم سياسة التسامح؟ من الواضح أن النصراني لم يكن موضع اهتمام الحكام كفرد من أفراد المجتمع، ومع ذلك خرق الحكام الشريعة وخرقوا نصائح الفقهاء وأبقوه في وظيفته؛ لأنهم كانوا في حاجة إليه، ولم يتذكروا الشريعة والفقه إلا إذا أرادوا البطش بالأقباط، سواء كان الدافع ماليًّا أو سياسيًّا، بمحض إرادتهم أو بتأثير من الرأي العام، ألم يذكر لنا المقريزي، في حوادث عام ٥٩٢ﻫ «١١٩٦م»، أن وقف الحال فيما ينفَق في دار السلطان، وفيما يُصرف إلى عياله وفيما يقتاب به أولاده … فاقتضى ذلك النظر في المكاسب الخبيثة وضمن باب المزر والخمر باثني ألف دينار، وفسح في إظهاره وبيعه في القاعات والحوانيت؛ ولم يقدر أحد على إنكار ذلك، وصار ما يؤخذ من هذا يُنفق في طعام السلطان وما يحتاج إليه٤

وما كان موقف الشعب الذي ظل على إيمانه العميق؟ في الواقع، لم يؤثر رأيه على مجرى الأحداث سوى مرة واحدة، في عهد السلطان محمد بن قلاوون؛ إذ أُكره السلطان على اضطهاد النصارى.

ولما كان موقف الولاة يحكمون باسم الخلفاء، كانت مصلحة البلاد تأتي في الدرجة الثانية، وكانت جميع الوسائل مشروعة في نظرهم لابتزاز الأموال والإثراء، وعندما حكم هؤلاء باسمهم، اهتموا في الحال بمصلحة البلاد، وتغيرت الأوضاع وأصبح الحاكم أو الوالي يبذل كل جهده في سبيل تنمية ثروة البلاد والمحافظة على مصلحة الشعب والامتناع عن اتخاذ أي إجراء يعكر صفو السلام، ثم عندما كان يضاف إلى استعداد الحكام الطيب روح تسامح حقيقية، كما هو الحال عند محمد علي وخلفائه، اختفت في الحال الاعتبارات الدينية وحلت محلها الاعتبارات الوطنية الصرفة، وكان سواد الشعب يستوحي آخر الأمر شعور الحكام أنفسهم.

بقي علينا أن نحدد موقف الأقباط خلال هذه الفترة الدقيقة من التاريخ، نستطيع أن نقارن الأقباط بهؤلاء الشعوب الذين اعتقدوا في أيامنا هذه أنهم إذا ضحوا لمصلحة الفاتح باستقلالهم الكلي أو الجزئي، ضمنوا طمأنينتهم وأملاكهم، ولكن لم يلبث أن يضيق الخناق شيئًا فشيئًا إلى أن يفقدوا كل روح مقاومة، لذلك لم يثر الأقباط إلا إذا ثار مواطنوهم المسلمون، وسرعان ما كانوا يخضعون إذا ما ترك المسلمون القتال، ولا يجوز اعتبار ثورة البشموريين استثناء ذلك؛ لأن هؤلاء القوم من أصل يوناني، كما بيناه سالفًا.

وقد امتاز العرب، سواء عن قصد أو عن غير قصد، بعدم تعجلهم للأمور، فقد ساعدت الشريعة الإسلامية الأقباط على دخولهم الإسلام وإدماجهم في المجموعة الإسلامية بفضل إعفائهم من الضرائب، أما الذين ظلوا مخلصين للمسيحية، فقد يسر لهم العرب سبل كسب العيش سواء عن ضعف أو عن عدم مبالاة؛ إذ وكلوا لهم أمر الإشراف على دخل الدولة.

وقد تمكن الأقباط، على الرغم من الاضطهادات العديدة التي تعرضوا لها، أن يعيدوا بسرعة تكوين ثروتهم، ونادرًا ما كانوا يصرحون بعدم استطاعتهم دفع ضريبة استثنائية جديدة، من العجب حقًّا أن يكتشف الأمير صرغتميش، بعد اضطهاد الأقباط وفرض الضرائب عليهم، أنهم ما زالوا يملكون أكثر من خمسة وعشرين ألف فدان، فيبادر إلى مصادرتها بدون مبرر.

لذلك لم يتردد المستشرقون بيكر وفييت وغيرهما في أن يصرحوا بأن تاريخ كنيسة مصر تحت الحكم الإسلامي ما هو إلا تاريخ خلاف حول المسألة المالية، وأن حب المال كان دائمًا من أبرز خطايا الكنيسة القبطية.

•••

والآن، وقد سردنا الحوادث بكل جرأة وبقصد خدمة الحقيقة وحدها، نتساءل كيف يبدو لنا تطور العلاقات بين المسلمين والأقباط في المستقبل، هل يجب أن ننظر إليه بعين التفاؤل أو بعين التشاؤم؟ هل يجب أن يحتمي القبطي بضمانات قانونية ليعيش بين الأغلبية؟

قد نجد أحسن رد على هذه الأسئلة في محاضر اللجنة التي كُلفت بوضع مشروع دستور مصر المستقلة، ففي عام ١٩٢٢، ارتفعت بعض الأصوات تطالب بالإبقاء على الأوضاع الخاصة التي تنص عليها لائحة عام ١٩١٣ السياسية، فقام أحد الأعضاء، وهو عبد الحميد بدوي باشا، القاضي في محكمة العدل الدولية في لاهاي في أيامنا هذه، وقال: لئن كانت الأقليات تذكر الماضي البعيد وما كان يقع عليها من المظالم والمغارم، فلقد كانت الأكثرية والأقلية تعيشان في ظل حكومة استبدادية تظلم فيها الأكثرية كما تظلم الأقلية، ولسنا نُريد أو نفكر في نظامنا الحديث أن نحيي آثار التاريخ القديم.

إن الفارق الديني أخذ يضعف حتى عندنا، ولن يطول عليه الزمن حتى ينمحي في علاقاتنا الاجتماعية وتعفى تمامًا جميع آثاره … فيجب ألا تستبقي شبح هذا الخلاف محسوسًا، ماثلًا للعيان.

هذه المسألة، أخشى منها كثيرًا في عصر قلت فيه مظاهر التفرقة الدينية، وأصبح العامل الذي يربط بين الناس في حياتهم الاجتماعية هو عامل المصلحة المشتركة بغير نظر إلى مذهب ولا دين، وإني لأتمنى أن أرى اليوم الذي يجمع كل أسباب مرافقنا حتى في الزواج والطلاق وما إلى ذلك من أحوالنا الشخصية تحت نظام واحد بحيث نعيش جميعًا في ظل حياة مدنية محكمة منظمة.

نريد سياسة قومية خالصة، لا تلتفت في طريقها النبيل إلى الأديان والمذاهب، ولكنها تتجه دائمًا إلى مصلحة الوطن.

إننا حقًّا نجتاز فترة انتقال في طريقها إلى الزوال، ويتعارض فيها تياران مختلفان: يريد بعض رجال الفكر — وقد استوحوا أحداث الماضي — اعتبار مصر كأنها لم تتطور، ويرى البعض الآخر أن المدينة الحديثة ستمحو كل أثر للماضي، ولذا لهم لم يعودوا يقبلون أن يحافظ قانون أو عرف على عقلية أصبحت في نظرهم قديمة.

لقد اختارت مصر الحديثة طريقها عندما وضعت دستور عام ١٩٢٢، فلندعها إذًا تواصل تجربتها الدقيقة، والنتائج التي سنشاهدها هي أفصح من التخمينات السابقة لأوانها.

هوامش

(١) Grohman, Apercu p. 78.
(٢) ص: ٧٨.
(٣) في المقال السابق ذكره: Un gouverneum Omayade ďegypte.
(٤) السلوك لمعرفة دول الملوك، ج١، ص١٣٤.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤