قوميات

هيكل إدفو

… … … … …
… … … … …
يا دار بطليموس حسبك رفعةً
وصيانة بين البِنَى وجمالا
حرص الزمان عليك وهو موكَّل
بالشامخات يحيلها أطلالا
أبقاك في فك الزمان مصونة
جيلان يبنيك الملوك وصالا
لم يبصروا بك موضعًا لزيادة
إلا استزادوه علًا وكمالا
غدروا ذوي القربى ودكُّوا دورهم
وتلاحقوا عمَّا إليك وخالا
واستنزلوا الأرباب فيك ليشهدوا
بين العباد ثوابتًا ونزالا!
وضعوك أم رفعوك لما صوروا
فيك السلاح أسنة ونبالا!
وتقحَّموا الحرمَ الجليلَ أم ابتغوا
زلفى لديه وقوةً ونوالا؟
ضلَّ الذين تطاولوا فتوهموا
أنَّ الأوائل دونهم أفعالا
حسبوا المعابد أرضها وسماءها
كونين من حكم الطبيعة حالا
هبطت من الملأ العليِّ فأصبحت
فيها الذئاب الضاريات سخالا
ننسى العداوةَ والصداقةَ والهوى
فيها وننسى الخوف والآمالا
كذبوا فما تغني الأنام عبادةٌ
تذر القلوب فوارغًا أغفالا
لا ربَّ إلا من يمالئ شعبه
عند الكريهة إن جفا أو مالا
لا تعبدنَّ إذا أردت سيادةً
ربًّا يُعين الصيد والأنذالا
واعبد إلهًا يصطفيك بعونه
ويذيق خصمك ذلة ونكالا
من ظن أن ولاته كعداته
عند الإله فكيف يسعد حالا؟

•••

الناس يغتالُ القويُّ ضعيفَهم
والدهر يغتال الفتى المغتالا
قهار كل القاهرين تقاصرت
عنه مكائدُ من طغى واحتالا
ذهبوا فما هوت الكواكب بعدهم
أسفًا وما نقص الثرى مثقالا
مَلَكَ الفراعنةُ الحماة وخلفوا
للملك أعلامًا بمصرَ طوالا
وخلا الأكاسرة البغاة كأنهم
عبروا بمدرجة الزمان رمالا
ومضى البطالسة الكماة وهذه
مصرٌ يزيد شبابُها إقبالا
تتقوضُ الأوطان وهي كدأبها
من عهد نوح تربةً ورجالا
عهدٌ على الله القدير وذمة
ألا تضيم لها الكوارث آلا
فتجنبوا فيها القنوطَ وأجزلوا
قسط البنين معارفًا وخصالا
إنا لنرجوها ونوقن أنه
ما كان يومًا لا يكون محالا
وستستقل فلا تقولوا إنها
صمدَ الهوانُ بها فلا استقلالا

تمثال رمسيس

رمسيسُ أينَ جنودك البُسَلاءُ
ومواكبٌ لك في البلاد وضاءُ؟
وبشائرٌ بك كلما طال المدى
وتقدَّمتْ بإيابك الأنباء
والجيش حولك كالغمائم فوقهم
للمُلْكِ والفتح المبين لواء
متهللين غداة أطفأ شوقهم
نيلٌ أتوه وهم إليك ظماء
فنيَ الجنودُ فهم أمامك عِثْيَرٌ
سافٍ وأنت جلامدٌ صماء
متخير الصحراء دار إقامة
إن الليوثَ ديارُها الصحراء
وتكنَّفتك من الخلود مسافةٌ
لا يستبيحُ ذمارَها الأحياءُ
… … … … …
… … … … …
رمسيس أية صخرةٍ بين الصفا
قد شرَّفتها هذه السيماء
رجحت بها التبر السبيك نفاسةً
ما التبر والذكر المقيم سواء
حفظت سماتك بيننا وتطلَّعت
تبغي علاك فعازها الأجواء
وشكت مواقفه الزمان ولم يكن
يعروك أنت بموقفٍ إعياء

إلى متطوعي مشروع القرش

… … … … …
… … … … …
يا فتيةَ القرشِ وروَّادَهُ
على سواء المنهج الواضحِ
خذوا هباتِ الجودِ حتى إذا
فرغتم من فيضها النافح
طوفوا على الدور ولا تتركوا
بابًا قد استعصى على فاتح
وحاصروا الراكب في ركبه
واسطوا على السانح والبارح
وراقبوا الجوَّ ولا تتقوا
غوصًا وراء الغائص السابح
وعلِّموا من ضن بالقرش أن
يخجل من عدوانه الفاضح
فمن أبى قرشًا على أمةٍ
فذاك كالجاني وكالجارح

عيد الاستقلال السوري

ألقيت هذه القصيدة في احتفال أقامه إخواننا السوريون لذكرى عيد الاستقلال في سنة ١٩٣٠.

ربعَ الشآمِ أعامرٌ أم خالِ
اليوم عيدُك عيدُ الاستقلالِ
إني لأرجع بالسؤال أطيله
لو يملك الشهداءُ رجعَ سؤالي
سكتوا وأقفرت المنازل منهمُ
إلا منازل من صُوًى ورمال
بوركت من وطنٍ يُجلُّ شهيده
في حيثما ألقى عصا الترحال
وطنٍ تضيق الأرض عن أبنائه
وإليه موئلهم مع الآمال
يستبدلون الخافقين ببضعة
منه وما قنعوا بالاستبدال
ذهبوا بأفئدةٍ تفرَّق شملُها
شيعًا وما فيهم فؤادٌ سالِ

•••

يرتاد راحلهم وخلف ركابه
حُلُمٌ يبت به مع الحُلَّال
يصحو على «الشاغور» من لبنانه
وينام من «بردى» على السلسال
وتهزه من «عشتروت» خميلةٌ
تلتفُّ بين جداول ودوالِ
وتليه من وادي العرائش نسمةٌ
سكرى الضُّحى رفَّافةُ الآصالِ
أنَّى استقرَّ وحيثُ سار هفا به
همسٌ من الجبل الأشمِّ العالي
أين السلوُّ ولا سلوَّ لعابر
فيه فكيف بمولد وفصال؟
هذي مواطنكم وتلك قلوبكم
وُشِجَتْ على الأهواء والأهوال
ما في المدامع من شعار كنيسة
يوم الحنين ولا شعار هلال
فيم اختلافُ مصفَّدين تضمهم
قبل الوفاء سلاسلُ الأغلال
أمنازعون على السماء وأرضكم
نهبٌ لكلِّ منازع ومُوال؟
كونوا ولا نصحٌ لجيل نبوةٍ
في العالمين هداية الأجيال
من بعلبكَّ خذوا المثالَ لرأيكم
يوم الخلاف وتلك خير مثال
فيها لموسى والمسيح وأحمدٍ
أثرٌ وللوثَن القديم البالي

•••

أنتم بنو ماضٍ على أحزانه
نعم البشير لكم بالاستقبال
ماضٍ بأمثال التجارب حافلٍ
ومن التجارب حكمة الأمثال

النشيد القومي

قد رفعنا العلمْ
للعلا والفِدى
في ضمان السماء
حَيِّ أرضَ الهرم
حَيِّ مهدَ الهدى
حيِّ أمَّ البقاء

•••

كم بَنت للبنين
مصر أمُّ البناةْ
من عريق الجدودْ

•••

أمة الخالدين
من يهبها الحياةْ
وهبته الخلود

•••

تحت أصفى سماء
فوق أغنى صَعيد
شعبُ مصرٍ مقيم

•••

قد حوى ما يشاء
من زمانٍ مجيد
ومكانٍ كريم

•••

نيلنا خير ماء
كوثرٌ من نعيم
فاض بالسَّلسبيل

•••

في العروق الدِّماء
شعلةٌ من حميم
للعدوِّ الدخيل

•••

إنْ يكُن أمسُنا
في حمى الأوَّلينْ
فَلْنَعِشْ للغدِ

•••

لا ترى شمسنا
غيرَ فتحٍ مبينْ
ما يَدُمْ يزددِ

•••

فارخصي يا نفوس
كلُّ غالٍ يهونْ
كلُّ شيءٍ حسنْ

•••

إن رَفَعنا الرءوسْ
فليكُن ما يكونْ
ولتعِش يا وطَنْ

يوم الجهاد

أجل هو يوم الفدى والذِّمَمْ
ويوم الجهاد ويوم القسمْ
ويوم الذين دعوا أمة
ونادَوا بدعوتها في الأمم
ويومٌ له غَدُهُ المُرْتَجَى
ويومٌ له سرُّه في القدم
هنا حرمٌ في جوار الزما
نِ فحيوا الزمان وحيوا الحرم
هنا فليقم عهدَهُ من أقامَ
ويعزم على أمره مَنْ عَزَمْ
ويستقبل الهول من راضَهُ
ويرتد من خافه فانهزم
تعزُّ الصفوفُ بنبذ الجبا
نِ كعزتها بشجاعٍ هَجَمْ
وتُحمى الحقوقُ بدفع الضعيـ
ـفِ كدفعكَ عن حوضِها مَنْ ظلم
فليست تصانُ الحقوقُ التي
حمى جانبيها ضعاف الهمم
وهيهات تعلو لنا شوكةٌ
بشكوى الذليل ونجوى السأم
إذا كرمت أمةٌ لم تكن
كرامتها من هبات الكرم
إذا استرحمت أمةٌ خصمَها
فلا رَحِمَتْها عوادي النقم

•••

كفى لعبًا أيها الهازلو
نَ فقد ملأَ الخطبُ مصرًا وَطَم
لئن أسأمتكُم كبارُ الأمو
رِ لقد أسأمتنا صغارُ اللمم
وقد أسأمتنا رعاةٌ تسا
قُ فأين الرعاة وأين الغنم؟
أأصنام باغين تبغونها
وأنتم تذلون ذل الخدم؟

•••

أأطلب حريةً للعبيد
وأُلقي بحرِّيتي عن رغم؟!
فماذا أقول لهذا الجبين
وما عابَهُ عائبٌ أو وصَمْ؟
وماذا أقول لهذي اليميـ
ـنِ وإنِّي بها قد صنعت الصنم؟
معاذ الفتوة أنَّى لكم
على رصدٍ ساهرٌ لم ينم
هو الحق ما دام قلبي معي
وما دام في اليد هذا القلم

عيد بنك مصر

ألقيت في الاحتفال بمضي خمس عشرة سنة على إنشاء بنك مصر.

بلغتَ الشبابَ فَعِشْ وازددِ
وأوحِ التهانئ للمنشدِ
نما بك جَدُّكَ في المعجزا
تِ فيا لكَ من معجزٍ مفرد!
أفي السن كاليافع المرتجى
وفي المجد كالهرم المخلد؟
وما هرم الصخر في مجده
نظيرك يا هرم العسجد
وما بنيةٌ حرةٌ في الرضا
تقامُ كبنيةِ مستعبد
بنو مصر في كل عهدٍ لهم
بناءٌ على سُنَّةِ الموعد
فحينًا معابدُ فوق الذرى
وحينًا مصارفُ كالمعبد
بهذا وهذا نجاري الزما
نَ ونسبقُ في شوطه الأبعد
وندرك في يومنا أمسنا
ونرفعُ شأويْهما في الغد

•••

… … … … …
… … … … …
فيما قائمين على (حصن مصـ
ـرَ) سعدتم برضوانِها الأسعد
إذا قيل (بنك) فقد قيلَ حصن
نجا بالعتادِ وبالمُعتد
ومن قال يا أمتي وفِّري
فقد قال يا أمتي جندي
هنيئًا لكم قادةً ذادةً
يصولون صولة مستشهد
هنيئًا لكم (حربكم) إنه
من الحرب في وصفها الأحمد
لكم راية النصر مرفوعة
على ساحة الزمن السرمد
تعود لكم كل أعيادكم
بأجملَ مما به تبتدي

دار العمال

ألقيت في دار العمال عند افتتاحها في صيف سنة ١٩٣٥.

حَيِّ «دار العمال» بالإقبال
وترقَّبْ لها بلوغ الكمال
وانتظر رافعي الدعائم حتى
يرفعوا بينهم عزيز المثال
رفعوا أمس ما علا من صروحٍ
ولهم في غدٍ صروحٌ عوال
ولهم في غد من الأمر قسطٌ
من يكن مؤمنًا به لا يغالي
أيها العاملون لبيكم اليو
م ولبيكم غدًا في المجال
نعم جيش السلام أنتم إذا ما
جرد البغي جيشه لاغتيال
لكم العدة التي ما استطاعت
أمةٌ قطُّ تركَها في نزال
ولكم أذرعٌ شدادٌ وأيدٍ
من حديدٍ وأظهُرٌ من جبال
ولكم في اتحادكم رأسُ مالٍ
إن فقدتم ذخائر الأموال
ولكم صيحةٌ يهاب صداها
سادةٌ في نفوسِهم كالموالي
فابلغوا بالوئام والصبر ما لا
يبلغ المرجفون بالأهوال
لا يسخِّركم المسخِّرُ جهلًا
وانبذوا كلَّ عاطلٍ مكسالِ

•••

… … … … …
… … … … …
أيها المنقذونَ بِنْيَةَ مصرٍ
من فتور ومن ضَنَى أو كلال
أنتمُ الكفُّ والذراعُ وأنتم
قوةٌ في يمنها والشمال
حظُّكم حظُّها من العلم والصـ
ـحة والبأس والحجى والخصال
كلما نالها نصيبٌ من الخيـ
ـر فأنتم لكم نصيبٌ تال
أعجبُ الناسِ عاملٌ في بلادٍ
صاح فيها: ما للبلاد وما لي؟
لا تقولوا العمال حَسْبُ وأنتم
في بلادٍ تموج بالعمَّالِ
إن مصرًا تنالُ من غاصبيها
أجرَ بخسٍ وخدعةٍ ومطال
وهي أرضٌ للواغلين عليها
سطوةٌ أشعبية الإيغال
كل من في جوانب النيل عانٍ
مستغل الجهود والآمال
كلهم غارسٌ لآخر يجني
ثمر الماء والثرى والرجال
وإذا ما تفرقوا طبقات
جمعتهم جوامع الأغلال
وإذا قيل موسرٌ وفقيرٌ
فقصاراهما إلى استغلال
حقِّقُوا الأمرَ ما قضيةُ مصرٍ
بعدُ إلا قضيةُ العمال

عيد الجهاد

(٣١ نوفمبر) بعد ربع قرن
جددوا آل مصرَ عيدَ الجهادِ
بجهادٍ على المدَى في ازديادِ
إنما قُدِّر الجهادُ عليكم
يوم كان استقلال هذي البلاد
والذي أوجب الحراك على الأيـ
ـدي انطلاقُ الأيدي من الأصفاد
ليسَ كُلُّ الأعياد ندحة لهوٍ
قد تكونُ الأعيادُ لاستعداد
وقضايا السلام أطول عهدًا
من قضايا الخصام بين الأعادي
قادنا معشرٌ فلما تولَّوا
أسلمونا أمانة القوَّاد
ما إخالُ الروَّاد قد سرَّحونا
بعدهم نحن معشر الأجناد
سبقونا ممهدين وقالوا
دونكم فانهضوا بغير وقاد
قد حملنا وديعةَ الأجداد
فاحملوها أنتم إلى الأحفاد

•••

صدِّقوني فربَّ صدق نذيرٍ
حاطَ قومًا من صادق الإيعاد
لغدٌ فارقبوه أحوج منا
لاجتهادٍ في أمرنا واتحاد
قد بدا حولنا مدى الحرب فينا
ومدى السلم حولنا غيرُ باد
إنما الهولُ في غدٍ فاتقوه
واستعِدُّوا له بأطيبِ زاد
ما الوغى والسيوفُ مشتجراتٌ
كالوغى والسيوفُ في الأغماد
من حروبٍ على اللسان صراحٍ
وحروبٍ مكنونةٍ في الفؤاد

•••

وأباطيل فتنةٍ وضلالٍ
وعقابيل محنةٍ وفساد
كم تلاقون في غدٍ من دعاوى
صبغوا لونها بكل حداد
ووباء الأخلاق من كل فجٍّ
وبلاء الأرزاق في كل واد
قسم للحطام في غير عدلٍ
وادِّخار له بغير سداد
بين كظَّانَ أثقلت جانبيه
تُخَمٌ جمة وجوعانُ صاد
إن وقيتم بلادكم من أذاها
فانعموا بعدها بعقبى الجهاد

عيد النيروز

أهلًا بنيروز وليد
أهلًا بميلادٍ سعيدْ
يومٌ جديدٌ قلتُ بل
عهدٌ على مصر جديد
عهدٌ تصان كرامةٌ
فيه وتتبعها جهود
لا تستذل ولا تسا
م على الهوى سومَ العبيد
وغدًا ستنقشع الغيو
مُ فلا بروق ولا رعود
ما كان غير الصالحيـ
ـن لهم قرار في الوجود

•••

مصر الكنانة كعبةٌ
قرت على حصن وطيد
لا تلبث الأصنام فيـ
ـها أن تنكس أو تميد
كم ذا أراد بها الأذى
باغ وكاد لها حسود
يمضي يعدد ما يريد
والله يفعل ما يريد
حوض له من قومه
ورد وما أحلى الورود
إن لم يذد أبناؤه
عنه فمن عنه يذوذ؟
سمرٌ وسودٌ أين مِنْ
صبغيهما حمر الجلود
شتان ما هم في الأصو
لِ وفي المهود وفي اللحود

•••

يا صحبةَ التوفيقِ وُفِّـ
ـقتم إلى النهج السديد
حييتمُ النيلَ المبا
ركَ واحتفيتم بالصعيد
عيد الوفاء إذا استعيـ
ـدَ فَمِنْ وفاءِ المستعيد
عيدٌ له في ذمة التا
ريخ توفيقٌ حميد
عيد الأوائل والأوا
خر والخمائل والورود
العالَميةُ وصفُه الـ
ـمعهودُ في كل العهود
من فارس عنوانه
وصداه في الدنيا بعيد
كم صان مصريون ذكـ
ـراهُ وحياهُ هنود
وترنَّمت فيه العرو
بةُ بالقصيد وبالنشيد
ما بين شعر البحتر
يِّ وبين نثر ابن العميد
أمم يؤلف بينها
من حيث فرَّقها الجدود
ما أحوجَ الدنيا إذا اخـ
ـتلفت إلى عيدٍ وحيد

•••

في كل عام تحتفو
نَ بمولد اليوم الجديد
بالنيل غير مقسمٍ
فرد له ملك فريد
ملكٌ على دين الإخا
ء ونعمة العيش الرغيد
لا راغم فيه يسا
د وكل من فيه يسود
وتراه ضاع وظنُّه
ألا يضيعَ ولا يبيد

•••

يا مصرُ يا بنتَ الخلود
يا معقل المجد التليد
أين الذين جَزَوْكِ جا
زيةَ الخيانةِ والكنود؟
من كل مسخ هازل
في زيِّ جبارٍ عنيد
يحكي الأسود تَجَبُّرًا
وكذاك عربدة القرود
طاغٍ عليك ومنك لا
منه الصوالج والبنود
وكأنما في جوفه
نارٌ تلظَّى بالوقود
أبدًا تنادي كلما
أطعمتها هل من مزيد
لا نصح يجدي في هدا
يته ولا عتبٌ يفيد
أين القرار به وأين
اليوم موكبه المجيد؟!
ولَّى وولَّى صحبه
لا غائبين ولا شهود
من كلِّ مغلوبٍ على
كمدٍ ومنبوذٍ شريد
الله أقوى قوةً
من كل شيطانٍ مريد
كم ذا استعزَّ ببأسه
فأَذَلَّهُ البأسُ الشديد
بأس الجنود العامليـ
ـن يقودهم ربُّ الجنود

•••

النيل أقبل من بعيد
وكأنه حبل الوريد
متدفقٌ بين السدو
د ولا حدود ولا قيود
فيضٌ من السودان مو
رده وقبلته رشيد
متجددٌ في كل عا
مٍ عند موعده يعود

الفالوجة

… … … … …
… … … … …
أجل هي مصر التي نعهدُ
إذا نفدَ الدهر لا تنفدُ
لها موردٌ من حماةِ الذِّما
ر يسعفه أبدًا مورد
فلله مصر وما جددتْ
وأبناءُ مصر وما جددوا
إذا ما ارتضى الموتَ أبطالُها
فرضوانُهم أنَّهَا تخلدُ
أعادوا لها سيرة الأوليـ
ـن والعود من مثلهم أحمد
تحنُّ الرمالُ التي خضَّبوها
وينبض في جوفها الجلمد
فكم لعليٍّ وكم لصلا
حٍ جنودٌ بساحتها استشهدوا
وكم قبل ذاك لرمسيسها
كُماةٌ على صخرها وُسِّدوا
معودةٌ أن تجيبَ الدعا
ءَ إذا ما دعا المجد والسؤددُ
… … … … …
… … … … …
بيومٍ مجيدٍ، لأمس مجيد
وإنَّ غدًا بعده أمجد

•••

بنو مصر لله ما جاهدوا
وفي الحق والخير ما أعتدوا
أولو البأس لكنهم عصبةٌ
إذا ما اعتدى البأس لم يعتدوا
ومنهم لكل ضعيفٍ حمًى
وفيهم لكل أخ منجد
أغاثوا العروبة في محنةٍ
رماها بها الزمن الأنكد

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤