الباب الرابع

من المقالة الثانية: في الأرتماطيقي

وهو خمسة فصول

الفصل الأول: في الكَمية المفردة. الفصل الثاني: في الكَمية المضافة. الفصل الثالث: في الأعداد المسطَّحة والمجَسَّمة. الفصل الرابع: في العِيَارات. الفصل الخامس: في حساب الهند وحساب الجُمَّل ومبادئ الجَبْر والْمُقابَلَة.

الفصل الأول: في الكمية المفردة

الأرتماطيقي: علم العدد. العدد: هو الكَثْرَة المرَكَّبة من الآحاد، فالواحد إذًا ليس بالعدد وإنما هو ركن العدد.١ العدد الزَّوْج: ينقسم قسمين مما يلي الوَحْدانيات، كالأربعة والستة. والعدد الفَرْد: الذي لا ينقسم إلى قسمين مما يلي الوَحْدانيات، كالثلاثة والخمسة. زَوْج الزَّوْج: الذي يمكن أن يُنصَّف دائمًا حتى ينتهيَ إلى الواحد، كأربعة وستين نصفها اثنان وثلاثون، ونصف اثنين وثلاثين ستة عشر، ونصف ستة عشر ثمانية، ونصف ثمانية أربعة، ونصف أربعة اثنان، ونصف اثنين واحد. وزَوْج الفَرْد: ما ينقسم قسمين مما يلي الوَحْدانيات مرة واحدة، ويكون نصفاه فَرْدَيْنِ، كالعشَرة. زوجُ الزَّوْج والفَرْد: الذي نصفه زوج، وينقسم أكثر من مرة واحدة قسمين مما يلي الوحدانيات، إلا أنه لا ينتهي إلى الوحدانية، كالاثني عشر ينقسم إلى ستة ثم إلى ثلاثة. الفرد منه أول غير مركب، وهو الذي لا يَعُدُّه عددٌ غير الواحد، كالثلاثة والخمسة والسبعة. ومعنى قولنا: لا يَعُدُّه عَدَد، أي لا ينقسم على عدد، أي ليس له نصف ولا ثلث ولا غيره من الأجزاء إلا الجزء الذي هو سَمِيُّه، كالثلث للثلاثة، والخُمس للخمسة. ومنه: ثانٍ مركب، وهو الفرد الذي يَعُدُّه عددٌ أول، كالتسعة يعدُّها ثلاثة، أي تنقسم على ثلاثة. ومنه: ثانٍ مركب عند انفراده، وأول عند القياس، كالتسعة هي عدد ثانٍ مركب، فإذا أضيفت إلى خمسة وعشرين لم يوجد عدد يعدُّهما معًا. كما يوجد للتسعة إذا أضيفت إلى خمسة عشر عدد يعدهما، وهو ثلاثة، أعني أن كل واحد منهما ينقسم على ثلاثة وله ثلث. العدد التامُّ من أقسام الزوج، هو الذي يعدل مبلغ أجزائه على جملته، مثل ستة نصفها وثلثها وسدسها ستة. العدد الزائد من أقسامه، هو الذي يزيد مبلغ أجزائه على جملته، مثل اثني عشر، نصفها وثلثها وربعها وسدسها وجزؤها، من اثني عشر ستة عشر. العدد الناقص، هو الذي ينقص مبلغ أجزائه عن جملته، مثل عشرة، نصفها وخمسها وعشرها ثمانية. العددان المتحابَّان، هما اللذان إذا جُمعت أجزاء كل واحد منهما تساوي مجموعاهما.٢

الفصل الثاني: في الكمية المضافة

الكَمِّيَّة المفردة التي تقدَّم ذِكْرها وذكر أقسامها في الفصل الأول. فأما الكَمِّيَّة المضافة، فهي قسمان: أحدهما: المعادل، كالخمسة والخمسة، والعشرة والعشرة، وهذا القسم لا ينقسم إلى أقسام أُخر. والثاني: هو المضاف، ومنه الكبير، وهو خمسة أنواع: أولها: المضاعَف، مثل الأربعة هي ضعف الاثنين، والستة ثلاثة أمثالها. وثانيها: الزائد جزءًا، كالثلاثة تُقاس إلى الاثنين؛ فإنها تزيد على الاثنين نصف الاثنين. وثالثها: الزائد أجزاء كالخمسة إذا قِيست إلى الثلاثة زادت عليها ثلثي الثلاثة وهما جزآن. ورابعها: المضاعَف الزائد جزءًا، كالسبعة إذا قِيست إلى الثلاثة، فإن فيها ضعف الثلاثة وثلثها. وخامسها: المضاعَف الزائد أجزاء، كالثمانية إذا قِيست إلى ثلاثة، فإن فيها ضعف الثلاثة وثلثيها. ومنه الصغير، وهو خمسة أنواع أيضًا، وأقسامه على عكس ما ذكرتُه من هذه الأمثلة في الأعداد المذكورة بأعيانها، وهي التي تحت المضاعف، والذي تحت المضاعف الزائد جزءًا، والذي تحت المضاعف الزائد أجزاء. ولهذه الأقسام العشرة أقسام أُخر مشتركة الأسماء تحت كل نوع منها، كالمضاعَف الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي إلى ما لا نهاية له، وكذلك المضاعف الزائد جزءًا الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي إلى ما لا نهاية له، وكذلك سائر الأقسام الباقية.

الفصل الثالث: في الأعداد المسطَّحة والمجسَّمة

الواحد بمنزلة النقطة لأنه لا ينقسم. الاثنان بمنزلة الخط لأنهما لا ينقسمان إلا مرة واحدة، كما أن الخط لا ينقسم إلا طولًا. الثلاثة بمنزلة السطح. الأعداد الطبيعية، هي المتوالية توالي الطبيعة، وهي: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة إلى ما لا نهاية له. والأعداد المسطَّحة، منها: مثلثة، وهي مثل: واحد، ثلاثة، ستة عشرة، وتتولد من مجموع الأعداد الطبيعية. ومنها: مربعة، وهي مثل: واحد، أربعة، تسعة، وتتولد من جميع المثلثات بعضها إلى بعض، وكل مثلثين متواليين منهما مربع واحد، وتتولد أيضًا من مجموع الأفراد الطبيعية، وهي المتخَطِّية اثنين اثنين. ومنها: مُخَمَّسة، وهي: واحد، خمسة، اثنا عشر، وتتولد من جميع الأعداد المتخطِّية على نظم الطبيعيِّ ثلاثة ثلاثة. المسدَّسات، تتولد من المتخطِّية أربعة أربعة، وكذلك ما بعدها من السطوح على هذا القياس، وكلٌّ منها بنقصان اثنين من ضلعه. الأعداد المجسَّمة المخروطة، وتسمى: المذَنَّبة، تتولَّد من الأعداد السطحية إذا تراكم بعضها على بعض. ومنها: مثلَّثة القواعد، وهي: واحد، أربعة، عشرة، عشرون، وتتولد من تراكم المثلثات. ومنها: مربَّعة القواعد، وهي: واحد، خمسة، أربعة عشر، ثلاثون، فتتولد من تراكم المربعات، وكذلك ما بعدها على هذا القياس. المحذوفة من هذه المخروطات كلها، ما كان ابتداؤه من دون الواحد إذا روكِمَ من الأعداد السطحية. الأعداد المجسمة المتوازية المتساوية الأضلاع دون السطوح، منها: المثلثة، وهي: واحد، ستة، ثمانية عشر، أربعون. ومنها: المربعة، وهي المكعَّبة، وهي: واحد، ثمانية، سبعة وعشرون، أربعة وستون. ومنها: المخمسة، وهي: واحد، عشرة، ستة وثلاثون، ثمانية وأربعون. والمثلثة من هذه المجسمة تتولد من المثلثة السطحية؛ لأن الستة ضعف الثلاثة، وثمانية عشر ثلاثة أمثال الستة، والأربعون أربعة أمثال العشرة، وعلى هذا القياس غيره من المجسمات. هذه المجسمات إذا كان سُمك أحدها مثل ضلع من أضلاعه فإنه يُسَمَّى الهوهوي، وإذا زاد سُمكه على ضلعه أو نقص سُمي الغَيْرِيَّ الطول. العدد الدوائري: ما كان بدؤه ونهايته شيئًا واحدًا، مثل خمسة وعشرين؛ لأنها من ضرب خمسة في خمسة، وانتهاؤها خمسة، أعني الخمسة المنضمَّة إلى عشرين، وكذلك ستة وثلاثون ابتداؤها وانتهاؤها ستة. العدد الكُرِّيُّ: ما كان ابتداؤه ونهايته ووسطه شيئًا واحدًا، مثل مِائة وخمسة وعشرين؛ لأنك تضرب خمسة في خمسة تكون خمسة وعشرين، ثم في خمسة تكون مِائة وخمسة وعشرين، ففي بدئها ووسطها ونهايتها خمسة. فأما الستة فلا تحفظ هذا الترتيب، فوسطها وبدؤها ونهايتها ستة ولكن ليست مع نهايتها ثلاثين، كما أن وسطها ستة وثلاثون، وكذلك مِائتان وستة عشر بدؤها ووسطها ونهايتها ستة.

الفصل الرابع: في العيارات

النسبة: أن تنسب العدد إلى آخر، فتقول: هو نصفه، أو ثلثه، أو ضعفه، أو نحو ذلك. العِيَار، يشبه النِّسَب، وأقل ما يكون العيار في نسبتين: إحداهما: عيار الأخرى، والنسبتان أقل ما تكونان في ثلاثة أعداد، فتكون نسبة الأول مثلًا إلى الثاني كعبًا، ونسبة الثاني إلى الثالث كعبين. الأعداد التي تعير بها النسب تسمى: الحدود، والحدود تكون حاشيتين وواسطة، وربما كان فيها واسطتان أو أكثر إذا كانت الأعداد أكثر من ثلاثة. ما كان له واسطتان من العيارات يُسَمَّى: العِيَار الجِرْمِيُّ. العِيَارات عشرة، أولها: الحِسْباني، وأعداده ثلاثة: اثنان وواحد، على نظم الأعداد الطبيعية، وهو مختلف النِّسَب متساوي التفاضل. والثاني: العِيَار الْمِسَاحيُّ، وأعداده: أربعة، اثنان، واحد، متساوي النِّسَب مختلف التفاضل. والثالث: العيار التَّأْلِيفيُّ، وهو المنسوب إلى تأليف الألحان، وأعداده ستة، أربعة، ثلاثة. والرابع: مقابِلُ التأليفي، وأعداده: ستة، خمسة، ثلاثة. والخامس: مقابل الْمِسَاحيِّ، وأعداده: خمسة، أربعة، اثنان. والسادس: مقابل الحِسْباني، وأعداده: ستة، أربعة، واحد. والسابع، أعداده: تسعة، ثمانية، ستة. والثامن، أعداده: تسعة، سبعة، ستة. والتاسع، أعداده: سبعة، ستة، أربعة. والعاشر، أعداده: ثمانية، خمسة، ثلاثة. فهذه جميع العِيَارات.

الفصل الخامس: في وجوه الحسابات

حساب الهند قِوَامه تِسْعُ صُوَرٍ يُكتفى بها في الدلالة على الأعداد إلى ما لا نهاية له. وأسماء مراتبها أربعة، وهي: الآحاد، والعشَرات، والْمِئُونَ، والأُلوف. فالواحد يقوم مقام العشرة، ومقام مِائة، ومقام ألف، ومقام عشرة آلاف، ومِائة ألف، وألف ألف، إلى ما لا نهاية له من العُقود. ويقوم الاثنان مقام العشرين، ومقام الْمِائتين، ومقام الألفين، والعشرين ألفًا، والمِائتي ألف، والألفي ألف، وكذلك سائر العقود على هذا القياس، أعني الثلاثة مقام الثلاثين، والثلاثمِائة، والثلاثة آلاف، والثلاثين ألفًا، والثلاثمِائة ألف، والثلاثة آلاف ألف. وإنما يُعرف ذلك بمراتب الوضع على ما في هذا الجدول، وهذه صورتها:

آحاد عشرات مئون ألوف
١ ١٠ ١٠٠ ١٠٠٠
٢ ٢٠ ٢٠٠ ٢٠٠٠
٣ ٣٠ ٣٠٠ ٣٠٠٠
٤ ٤٠ ٤٠٠ ٤٠٠٠
٥ ٥٠ ٥٠٠ ٥٠٠٠
٦ ٦٠ ٦٠٠ ٦٠٠٠
٧ ٧٠ ٧٠٠ ٧٠٠٠
٨ ٨٠ ٨٠٠ ٨٠٠٠
٩ ٩٠ ٩٠٠ ٩٠٠٠
وهذه الدوائر الصغار تُسمى الأصفار، تُوضع لحفظ المراتب في المواضع التي ليس فيها أعداد، فإذا جاوزت الأعداد الألوف صُيِّرَتْ مرتبة الألوف مرتبة الآحاد، ثم ما يليها مرتبة العشرات، ثم مرتبة الْمِئينَ، ثم مرتبة الألوف، فإذا زادت صُيِّرَتْ مرتبة الألف ألف مرتبة الآحاد، على هذا القياس إلى ما لا نهاية له. مثال ذلك هذه الصور التسع إذا لم توجد على الانفراد، بل اعتُبرت مراتبها على ما وُضعت عليه هذه الصورة: ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦، ٧، ٨، ٩، كان ذلك تسع مِائة ألف ألف،٣ وثمانين ألف ألف، وسبعة آلاف ألف، وستمائة ألف، وأربعة وخمسين ألفًا وثلاثمائة وإحدى وعشرين؛ لأن الواحد كان في المرتبة الأولى فكان واحدًا، وصورة الاثنين كانت في المرتبة الثانية فكانت عشرين، وصورة الثلاثة في المرتبة الثالثة فكانت ثلاثمائة، وصورة الأربعة في المرتبة الرابعة فكانت أربعة آلاف، وكذلك سائرها على هذا القياس.
حروف حِسَاب الجُمَّل، وهي: أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت، ثخذ، ضظغ. هذا على ما يستعمله المنجمون والحُسَّاب،٤ فأما على ما تعرفه العرب: فأبوجاد، هواز، حطي، كلمون، سعفص، قرشات، ويزعمون أنها أسماء ملوك كانوا للعرب العاربة،٥ وقد وضعت الحروف على نحو ما يستعمله المنجمون في جدول، ووضعت عدد كل حرف منها بإزائه.

وهذا هو الجدول:

آحاد عشرات مئون ألوف
أ و ى س ق خ غ
واحد ستة عشرة ستون مِائة ستمِائة ألف
ب ز ك ع ر ذ
اثنان سبعة عشرون سبعون مائتان سبعمائة
ج ح ل ف ش ض
ثلاثة ثمانية ثلاثون ثمانون ثلاثمائة ثمانمائة
د ط م ص ت ظ
أربعة تسعة أربعون تسعون أربعمائة تسعمائة
ن ث
خمسة خمسون خمسمائة

فإذا ركَّبت منها اثنين أو ثلاثة، فإن سبيلَك أن تُقَدِّم الأكثر وتؤخِّر الأقل، مثال ذلك: يب، اثنا عشر، وكذلك قكج، مِائة وثلاثة وعشرون. وقد يُكتب بهذه الحروف كما يُكتب حساب الهند، وهو أن تُكتب بتسعة أحرف منها من الألف إلى الطاء. وتُوضع هذه العلامة في المواضع الخالية مكان الصفر في حساب الهند كي يُحفظ بها الترتيب فقط. الضَّرْب: تضعيف أحد العددين بآحاد الآخر، مِثْل أن تضرب ثلاثة في أربعة فتبلغ اثني عشر، فكأنك أضعفت الأربعة ثلاث مرات أو أضعفت الثلاثة أربع مرات، فكان معنى قولك: ثلاثة في أربعة: ثلاثة أربع مرات. قال الخليل: مَبْلَغ ما يجتمع من الضَّرْب هو الجذاء، تقول: جُذَاء عشرة في عشرة: مِائة، وجُذَاء ثلاثة في أربعة: اثنا عشر. قال: ويُسمون جملة هذا الحساب البُرْجان. القسمة: أخذ حصة الواحد من المقسوم عليهم من المقسوم، كأنك تقسم عشرين درهمًا على خمسة نفر، فحصة الواحد من المقسوم عليهم، وهم النفر، من الدراهم أربعة، وهذا المال هو المقسوم، والرجال هم المقسوم عليهم، وما يخرج من القسمة فهو القِسم، بكسر القاف. الجَذْر: كل ما تضربه في نفسه. والمال: كل ما يجتمع من ضرب عدد في نفسه، مثل ثلاثة في ثلاثة: تسعة، فالثلاثة: الجَذْر، والتسعة: المال. الجَذْر المطلَق، هو المنطوق به، وهو ما يُعرف به حقيقة مقداره، ويمكن أن يُنطق به وهو مثل جَذْر المِائة وهو عشرة، وجَذْر تسعة وهو ثلاثة، وجَذْر أربعة وهو اثنان. والجَذْر الأَصَم: الذي لا سبيل إلى علم حقيقته بالعدد، مثل جَذْر اثنين، أو جَذْر ثلاثة، أو جَذْر عشرة، وقد يُؤخذ بالتقريب ولا تدرَك حقيقته. وحُكي أنَّ من تسبيح براهمة الهند: سبحانَ عالم الجذور الصُّمُّ. ذو الاسمين: ما لا يمكن أن يُنطق به بلفظ واحد، مثل قولك: جَذْر عشرين وجَذْر عشرة معًا، أو جَذْر العشرين إلا جَذْر عشرة. الْمُكَعَّب: هو المال إذا ضُرب في ضلعه، أي جَذْره، فالْمَبْلَغ هو المكَعَّب، وذلك الجَذْر هو الكَعْب، مثال ذلك: ثلاثة في ثلاثة: تسعة، وتسعة في ثلاثة: سبعة وعشرون، فسبعة وعشرون هو المكَعَّب وكَعْبه ثلاثة. مال المال، هو المال إذا ضُرب في نفسه، فإن المجتمع هو مال المال، وكذلك إذا ضُرب المكعب في كعبه صار مال المال. مثال ذلك: التسعة، هو مال لأنه مربع، فإذا ضربته في نفسه صار واحدًا وثمانين، وكذلك سبعة وعشرون هو مكعَّب، وإذا ضربته في كَعْبه وهو ثلاثة صار واحدًا وثمانين. المال إذا ضُرب في المكَعَّب سُمِّيَ: مال كعب، فإذا ضُرب مال المال في المكعب سُمي: الْمَبْلَغ. كَعْب كعب الشيء، في كلام أهل الجَبْر والمقابَلَة: هو الجَذْر المجهول. الجَبْر والمقابَلَة: صناعة من صناعات الحساب وتدبير حَسَن لاستخراج المسائل العويصة في الوصايا والمواريث والمعاملات والمطارَحات، وسُميت بهذا الاسم لِما يقع فيها من جَبْر النقصانات والاستثناءات، ومن المقابلة بالتشبيهات وإلقائها. مثال ذلك أن يقع في المسألة مال إلا ثلاثة أجذاره يعدل جذرًا؛ فجبره أن تقول: مال يعدل أربعة أجذار، وذلك ستة عشر؛ لأنك تممت المال وزدت عليه ما كان مستثنى منه فصار مالًا تامًّا، ثم احتجت أن تزيده مثل ذلك المستثنى على معادِله فصار المعادِل أربعة أجذار. وأما مثال المقابلة فمثل أن يقع في المسألة مال وجذران تعدل خمسة أجذار فتلقي الجَذْرين اللذين مع المال وتلقي مثل ذلك من معادلِه فيحصل مال يعدِل ثلاثة أجذار وذلك تسعة. حساب الخطأين أيضًا من تدابير الحساب لاستخراج مسائل الوصايا ونحوها، يُسَمَّى ذلك لأنه يؤخذ عدد ما يُستعمل فيه شرائط المسألة، فإن خرجت وإلا حُفظ مقدار ما وقع فيها من الخطأ وأُخذ عدد آخر وعُمل به مثل ذلك، فإن خرجت وإلا حُفظ مقدار الخطأ الثاني، ثم يُستخرج من هذين الخطأين حقيقة الصواب. ومن حسبانات الفقهاء تدبير الحَشْو، ويُسَمَّى: التَّتِمَّة، وحساب الدرهم والدينار، وحساب الديباج، ويقع في هذه كلها إما اعتياض، وإما اختلال واختلاف، وأحسنها وأجمعها الذي لا يختلف في حال هو حساب الجَبْر والمقابَلَة.

١  قالوا في العدد إنه نصف مجموع طرَفيه القريبين أو البعيدين كالثلاثة قبلها اثنان وبعدها أربعة فالجملة ستة نصفها ثلاثة، بخلاف الواحد فإنه له ما بعده وهو الاثنان وليس له ما قبله فليس بعدد بل هو كما قال ركن العدد.
٢  وفي علم حساب الأوفاق أن عدد «٢٢٠» مع عدد «٢٨٤» عددان متحابَّان، فمن أتى بلَوْزَة ذاتِ تَوْأَمَيْنِ فكتب على أحدهما «٢٢٠» وكتب على الثاني «٢٨٤» وأكل هو أحد التوأمين وأطعم الثاني لواحد من الناس حصل بينهما حب ووفاق.
٣  مِائة ألف ألف هو المليون في اصطلاح علم الحساب اليوم وهو كلمة إفرنجية لم تكن معلومة من قبل لعلماء الحساب من العربية.
٤  فيستعملونه لحساب الأوفاق كالصلح بين الزوجين وحصول الحب بين اثنين، وللتفرقة بين المتحابين، ولمعرفة الغالب والمغلوب من المتداعِيَيْنِ، ومعرفة من يموت أولًا من أحد الزوجين، وغير ذلك مما هو مذكور في كُتبه الخاصة به كشمس المعارف الكبرى، وكتاب أبي مَعْشَر الفلَكيِّ وكله خُرافات للتأثير على عُقول البسطاء من الرجال والنساء.
٥  أذكر هنا شيئًا عن الكلام على معاني أبجد ملخصًا مما كتبته في كتابي المسمى صرف اللسان إلى نحو علم المعاني والبيان، وهو كتاب تكلم على الصرف والنحو واللغة والمعاني والبيان والبديع بأسلوب أدبي غير ما هو متَّبع في التأليف بهذه العلوم، فأقول: ذكر أبو الحجاج يوسُف بن محمد الْبَلَوِيُّ (المتوفَّى سنة ٦٠٥) في كتابه المسمَّى ألف باء، أنه رُوي عن عبد الله بن عَمْرِو بْنِ العاصِ وعن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ أن أول مِنْ وَضَعَ الكتابَ العربي قومٌ من الأوائل نزلوا في عَدْنانَ بْنِ أُدِّ بْنِ أُدَدَ أسماؤهم: أبجد، وهوز، وحطي، وكلمن، وسعفص، وقرشت، ووجدوا أحرفًا ليست من أسمائهم فسمَّوها الروادف وهي: ثخذ ضظغ. ا.ﻫ. ورُوي أنهم كانوا مُلوكَ مَدْيَن وأن كلمن رئيسهم وأنهم هلكوا يوم الظلة وهم قوم شعيب عليه السلام، فقالت أخت كلمن ترثيه:
كَلَمُنْ هَدَّمَ رُكْنِي
هُلْكُهُ وسْطَ المَحَلَّهْ
سَيِّدُ القَوْمِ أتاهُ الْـ
ـحَتْفُ نارًا وسْطَ ظُلَّهْ
جُعِلَتْ نارًا عليهمْ
دَارُهمْ كالمُضْمَحِلَّةْ
ا.ﻫ. من القاموس. وقال رجل من أهل مدين يرثيهم:
مُلُوكُ بنِي حُطِّي وهَوَّازُ منهُمُ
وسَعْفاصُ مِنْ أَهْلِ المكارمِ والفَخْرِ
هُم صَبَّحُوا أَهْلَ الحجازِ بغارةٍ
كمِثْلِ شُعاعِ الشَّمْس أَو مَطْلَع الفَجْرِ
وذكر أبو عمرو المقرئ في كتاب المحْكَم بسنَده إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: لكل شيء تفسير عَلِمَه من عَلِمَهُ وجَهِلَهُ من جَهِلَهُ، ثم فسَّر: (أباجاد) أبى آدَمُ الطاعة وجدَّ في أكل الشجرة، (وهواز) زل فهوَى من السماء إلى الأرض، (وحطي) حُطت عنه خطاياه، (وكلمن) أكل من الشجرة ومُنَّ عليه بالتوبة، (وسعفص) عصى فأُخرج من النعيم إلى النكد، (وقرشت) أقر بالذنب فأمِن العقوبة. ا.ﻫ. وروى الجعبري عن ابن عباس أيضًا أن هذه الكلمات الست مكتوبة بالنور على صفحات العرش، وعنه أيضًا أنه قال: كان قوم ينظرون في النُّجوم يكتبون أباجاد أولئك لا خَلاق لهم. وقال جعفر بن غياث وهو يحدِّث إن أباجاد أسماء الشياطين ألقَوْها على ألسنة العرب في الجاهلية فكتبوها. قال الكمال أحسن الله تعالى إليه، وهو صاحب هذا التعليق: وقد أُولع معلمو الصِّبْيانِ بتعليمها للأطفال في الكتاتيب لجمعها جميع حروف المعجم من غير أن يعرفوا معناها، مع أنه يُكره تعليمهم إياها لاختلاف الأقوال فيها. ا.ﻫ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤