الباب السابع

من المقالة الثانية: في الموسيقى

وهو ثلاثة فصول

الفصل الأول: في أسامي آلات هذه الصناعة وما يتبعها. الفصل الثاني: في جوامع الموسيقى المذكورة في كُتب الحكماء. الفصل الثالث: في الإيقاعات المستعملة.

الفصل الأول: في أسامي الآلات وما يتبعها

الموسيقى، معناه: تأليف الألحان، واللفظة يونانية، وسُمي المطرب ومؤلف الألحان: الموسيقور، والموسيقار. الأرغانون: آلة لليونانيين والروم، تُعمل من ثلاثة زِقَاق كبار، من جُلود الجواميس، يُضَمُّ بعضُها إلى بعض، ويُركَّب على رأس الزِّقِّ الأوسط زِقٌّ كبير، ثم يُركب على هذا الزِّقِّ أنابيب صُفْر لها ثُقب على نِسَب معلومة يخرج منها أصوات طيِّبة مُطْرِبة مُشْجِيَة على ما يريد المستعمِل. الشلياق: آلة ذات أوتار لليونانيين والروم تشبه الجُنك. واللور: هو الصَّنْج باليونانية. القِيثارة: آلة لهم تشبه الطُّنْبور. الطُّنْبور المِيزاني: هو البغدادي الطويل. العُنق: الرَّبَاب، معروف لأهل فارس وخراسان. الْمِعْزَفَة: آلة ذات أوتار لأهل العراق. الْمُسْتَق: آلة للصين تُعمل من أنابيب مركبة، واسمها بالفارسية: بيشه مشته. الناي:١ المزمار. السرناي:٢ هو الصَّفَّارَة، وكذلك اليَرَاع. شَعيرة الْمِزْمار: رأسه الذي يضيَّق به ويوسَّع. الصَّنْج، بالفارسية: جُنْك، وهو ذو الأوتار. قال الخليل: الصَّنْج عند العرب هو الذي يكون في الدُّفُوف، يُسمع له صوت كالجُلْجُل، فأما ذو الأوتار فهو دخيل مُعَرَّب، وقيل: ذو الأوتار إنما هو الوَنَج. الشهروز: آلة مُحْدَثة أبدعها حكيم بن أَحْوَصَ السُّغْدِيُّ ببغداد في سنة ثلاثمائة للهجرة. البَرْبَط: هو العُود، والكلمة فارسية، وهي بَرْبَت، أي صَدْر البَطِّ؛ لأن صورته تُشبه صَدْرَ البَط وعنقَه. أوتار العود الأربعة: أغلظها البَمُّ، والذي يليه الْمَثْلَث، بفتح الميم وتخفيف اللام، على مثال مَطْلَب، والذي يلي الْمَثْلَث: الْمَثْنَى، بفتح الميم وتخفيف النون، على تقدير: مَعْنَى ومَغْزَى، والرابع هو الزِّير، وهو أدَقُّها. الْمَلاوي: التي تُلوى بها الأوتار إذا سُوِّيَتْ. والدَّساتين هي الرِّباطات التي تُوضع الأصابع عليها، واحدها دَسْتان، والدَّسْتان٣ أيضًا اسم لكل لحن من الألحان المنسوبة إلى باربُدْ.٤ وأسامي دساتين العود تُنسب إلى الأصابع التي تُوضع عليها، فأولها: دَسْتان السَّبَّابة، ويُشد عند تُسع الوَتَر، وقد يُشد فوقَه دَسْتان أيضًا يُسَمَّى الزائد. ثم يلي دَسْتان السَّبَّابة: دَسْتان الوُسطى، وقد يُوضع أوضاعًا مختلفة، فأولهما يُسَمَّى دَسْتان الوُسطى القديمة، والثاني يُسَمَّى دَسْتان وُسطى الفُرس، والثالث يُسَمَّى دَسْتان وُسطى زَلْزَل، وزَلْزَل٥ هذا أول من شد هذا الدَّسْتان وإليه تُنسب بِركة زلزل ببغداد. فأما الوُسطى القديمة فشد دَسْتانها على قريب من الرُّبع، مما بين دَسْتان السبابة ودَسْتان البِنْصِر، ودَسْتان وُسطى الفُرس على النصف فيما بينهما على التقريب، ودَسْتان وُسطى زَلْزَل على ثلاثة أرباع ما بينهما إلى ما يلي البِنْصِر بالتقريب. وقد يُقتصر من دساتين هذه الوسطيات على واحد، وربما يُجمع بين اثنين منها. ثم يلي دَسْتان الوسطى: دَسْتان البِنْصِر، ويُشد على تُسع، ما بين دَسْتان السَّبَّابة وبين الْمُشْط. ثم يلي دَسْتان البِنْصِر: دَسْتان الخِنْصِر، ويُشد على رُبع الوَتَر. مُشط العُود: هو الشبيه بالمِسْطَرة التي يُشد عليها الأوتار من تحت أنفِ العُود، وهو مَجْمَع الأوتار من فوق. الإبريق: اسم لعُنق العود بما فيه من الآلات. عَيْنَا العُود: هما النَّقْبَتانِ اللتان على وجهه. الْمِضْراب: هو الذي يُضرب به الأوتار. الجَسُّ: هو نَقْر الأوتار بالسَّبَّابة والإبهام دون الْمِضْراب، يُشبَّه ذلك بجَسِّ العِرْق. الحَزق: هو مَدُّ الوَتَر، ونقيضه الإرخاء. والحَطُّ: نَغْمَة مُطْلِق البَمِّ عند نَغْمَة سَبَّابة المثنى، على التسوية المشهورة هي سجاحها. ونَغْمَة سبابة المثنى صياح نَغْمَة مطلق البم، وكذلك سَبَّابة البَمِّ سجاح، وبِنْصِر الْمَثْنَى صِيَاح، وكذلك كل نغمتين على هذا البعد تُسمى الثقيلة منهما سجاحًا، والحادة صِيَاحًا، وتنوب إحداهما عن الأخرى لاتفاقهما. ويُسَمَّى السجاح: الإسجاح، والصياح: الصيحة والإضعاف، والصحيح: السجاح دون الإسجاح.

الفصل الثاني: في جوامع الموسيقى

النَّغْمة: صوتٌ غير متغيِّر إلى حِدَّة ولا ثِقَل، مثل مُطْلَق البَمِّ أو غيره من الأوتار إذا نُقِرَ، أو مثل البَمِّ وغيره من الأوتار إذا وُضعت إصْبَع على أحد دَساتِينِهِ ثم نُقِرَ. والنَّغَم لِلَّحْنِ بمنزلة الحُروف للكلام، منه يتركب وإليه يَنْحَلُّ. البُعد: صوت يُبتدأ فيه بنَغْمة ويُثنَّى فيه بنَغْمة أخرى. الجَمْع: جماعة نغمات يُؤَلَّف منها لحن. مراتب حِدَّة الصوت أو ثقله تُسمى الطبقات، والعُودان يستويان على طبقة واحدة إذا حُركا معًا، وكذلك غيرهما من المعازف. البُعد ذو الكل، ويُسَمَّى أيضًا: الذي بالكل، هو الذي من مطلق البَمِّ إلى سَبَّابة الْمَثْنَى في العُود، والذي من سَبَّابة البَمِّ إلى بِنْصِر الْمَثْنَى، وكذلك ما بين كل نَغْمتين، إحداهما سجاح، والأخرى صِياح. وهو في الوتر الواحد إذا نُقر مطلقًا سجاح، وإذا زُم على نِصْفه ثم نُقر فهو صِياح لذلك المطلق. والبعد ذو الخمس، ويُسَمَّى أيضًا: الذي بالخمسة، هو مثل ما بين مطلَق البَمِّ إلى سَبَّابة الْمَثْلَث، وفي الوَتَر الواحد إذا نُقر مطلقًا ومزمومًا على ثلاثة. والبُعد ذو الأربع، ويُسَمَّى أيضًا: الذي بالأربعة، هو ما بين مطلق البَمِّ إلى خِنْصِره، وهو رُبع الوَتَر، أعني إذا نُقر مطلقًا ثم زُمَّ عند رُبْعِه ونُقِرَ، فإن ما بين النَّغْمتين هو البعد ذو الأربع، وإنما سُمي ذا أربع لأن فيه أربعَ نَغْمات، وهي: نَغْمة الْمُطْلَق، ونَغْمة السبابة، ونَغْمَة الوسطى، ونَغْمَة الخِنْصِر، أو نَغْمَة المطلق، ونَغْمَة السَّبَّابة، ونَغْمَة البِنْصِر، ونَغْمَة الخِنْصِر؛ لأنه لا يجتمع في أصل لحن نَغْمَتا الوُسطى والبِنْصِر. وسُمي البُعد ذو الخمس بذلك؛ لأن فيه خمس نَغْمات: الأربع المذكورة، وسَبَّابة الْمَثْلَث. أما نَغْمَة مطلَق الْمَثْلَث، فإنها ونَغْمَة خِنْصِر البَمِّ واحدة؛ لأن العود هكذا يُسَوَّى. البعد الطَّنِيني، والْمُدَّة، والعَوْدَة: هو ما بين المطلق والسبابة، وهو يفصل تُسع الوتر، وكذلك ما بين السبابة والبِنْصِر. والفَضْلَة والبَقِيَّة: هي بُعد ما بين البِنْصِر والخِنْصِر، أو ما بين السبابة والوسطى، أو ما بين السبابة ووُسْطَى الفَرَس، وهو نصف المدة بالتقريب. الإرخاء: هو نصف الفَضْلة بالتقريب. الأجناس، ثلاثة: أحدها: الطنيني، ويُسَمَّى: القوي والمقوي، وهو أن يقسم البعد ذو الأربع بمدة، ومدة ونصف مدة، مثل نَغْمَة المطلق، ثم السبابة، ثم البِنْصِر، ثم الخِنْصِر. الجنس الثاني: اللوى، والملون، وهو أن يُقسم البُعد ذو الأربع بنصف مدة، ونصف مدة، وثلث مدة، وثلاثة أنصاف مدة. والجنس الثالث، ويُسَمَّى التأليفي، والناظم، والراسم، وهو أن يُقسم البعد ذو الأربع برُبع مدة، ورُبع مدة ومدتين. فالأول أَفْحَلُها، يُحَرِّك النفس إلى النجدة وشدة الانبساط والطرب، ويُسَمَّى الرَّجُلِيَّ. والثاني يقف النفْسَ بين شدة الانبساط وبين الانقباض، ويحركها للكَرَم والحُرِّيَّة والجَراءة، ويُسَمَّى الخُنْثوي. والثالث يولِّد الشَّجَا والحُزن وانقباض النفْس، ويُسَمَّى النِّسْوي. النغمات التي في ضِعف ذي الكل المطلق، الذي هو من مطلق البَمِّ في العود إلى دَسْتان بِنْصِر، وتَرَ خامس يعلَّق فيه تحت الزِّير على تسوية سائر أوتاره، وهي خمس عشرة نَغْمات: أُولاها، وهي مطلق البَمِّ، تُسمى ثقيلة المفروضات، والثانية: ثقيلة الريسات، ثم واسطة الريسات، ثم حادة الريسات، ثم ثقيلة الأوساط، ثم واسطة الأوساط، ثم حادَّة الأوساط، ثم الوسطى، ثم فاصلة الوسطى، ثم ثقيلة المنفصِلات، ثم واسطة المنفصِلات، ثم حادَّة المنفصِلات، ثم ثقيلة الحادَّات، ثم واسطة الحادَّات، ثم حادَّة الحادَّات.

الفصل الثالث: في الإيقاعات المستعملة

الإيقاع: هو النقلة على النغم في أزمنة محدودة المقادير. والنسب: أصناف وأنواع. الإيقاعات العربية، أولها: الهَزَج، وهو الذي تتوالى نقراته، نقرة نقرة، وهذا رسمه: تن تن تن تن تن تن تن تن. والثاني: خفيف الرَّمَل، وهو الذي تتوالى نقراته نقرتين نقرتين خفيفتين، وهذا رسمه: تن تن تن تن تن تن تن تن. الثالث: الرَّمَل، ويُسَمَّى: ثقيل الرَّمَل، وهو الذي إيقاعه نقرة واحدة ثقيلة ثم اثنتان خفيفتان، وهذا رسمه تن تن تن تن تن تن. والرابع: الثقيل الثاني، وهو اثنتان ثقيلتان ثم واحدة خفيفة، وهذا رسمه: تن تن تن تن تن تن. والخامس: خفيف الثقيل الثاني، ويُسَمَّى الماخوري، وهو نقرتان خفيفتان ثم واحدة ثقيلة، وهذا رسمه: تن تن تن تن تن تن. السادس: الثقيل الأول، وهو ثلاث نقرات متوالية ثقال، ورسمه: تن تن تن تن تن تن. والسابع: خفيف الثقيل الأول، وهو ثلاث نقرات متوالية أخف من نقرات الثقيل الأول، وهذا رسمه: تن تن تن تن تن تن.

١  قال المنلا جلال الدين الرومي المتوفَّى سنة ٦٧٢ في مَثْنَوِيِّهِ:
شبتوازناي جون حكايت مي كند
وازجدابي هاشكايت مي كند
٢  تقول الأتراك في أمثالها:
أكلايانه سيوري سينك ساز
أكلاميانه طاوول زورتا آز
٣  ومن معاني دَسْتان أيضًا: المكر والحيلة والتزوير والكلام الخالي من الفائدة والحكايات الملفَّقة.
٤  باربُدْ، بضم الباء الثانية وتسكين الدال: اسم عازف بالعُود لكسرى أَبْرَوِيز، وأصله من قرية جهرم التابعة لشيراز. كان فريد عصره في علم الموسيقى وهو صاحب الأغاني المسجَّعَة ذات الأنواع الثلاثين التي اخترعها لكسرى أَبْرَوِيز فاشَتْهَرَتْ بالنسبة إليه.
٥  بفتح الزاءين بينهما فاء ساكنة بوزن فَدْفَد: مُغَنٍّ يُضرب الْمَثَلُ بضَرْبه العُودَ وإليه تُضاف بِركة زَلْزَل ببغداد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤