المقدمة

لما بحثنا في الكتب العربية لكتابة مذكرتنا عن أفرع النيل في العصر العربي، انفتح أمامنا باب آخَر للكلام في موضوع الخراج والمساحة المزروعة في مصر في عصورها المختلفة، فوطَّنَّا النفس على كتابة مذكرة أخرى في هذا الموضوع لشدة ارتباطه بموضوع النيل، غير أننا وجدنا الخراج مندمجًا في الإيرادات في الغالب؛ فحاولنا في مذكرتنا هذه أن نذكر كلَّ واحد منهما على حدة بقدر الإمكان. وقسَّمنا الكلام إلى ثلاثة أقسام، وهي:
  • (١)

    الإيرادات، أو ارتفاع البلاد (حسب تعبير الكتب العربية).

  • (٢)

    الإتاوة، أو ما يُرسَل إلى الدول الفاتحة.

  • (٣)

    الخراج والمساحة المفروض عليها.

والنقود التي كانت معتبَرة في ذلك هي:
  • (أ)

    التالان في بعض العصور التي قبل الإسلام.

  • (ب)

    الدينار في العهد الإسلامي.

أما التالان فكان من الذهب والفضة والبرونز، ولكن اتفقت كلمة المؤرخين على أن المراد به هنا ما كان من الفضة، وقدَّرُوه بمبلغ ٥٦٠٠ فرنك (٢١٦ جنيهًا مصريًّا).

وأما الدينار فمن الذهب فقط، وهو يساوي ١٥ فرنكًا و٨٠ سنتيمًا، على تقدير صمويل برنارد في كتاب «وصف مصر» عبارة عن ٦٠٩ مليمات، وعلى تقدير الذهبي وعلي مبارك يساوي ٥٩١ مليمًا، فمتوسط التقديرين ٦٠٠ مليم أو ٦٠ قرشًا، وسنقدره بذلك.

والفروق الشاسعة التي ربما يلاحظها القارئ في عبارات المؤرخين عن المبالغ الدالة على الإيرادات مبنية على ما نرى، على أن بعضهم يذكرها بدون حذف المصروفات منها، والبعض الآخَر يذكر الباقي فقط بعد حذفها، وهذا هو السبب أيضًا في أن أرقام الإيرادات قد لا تختلف في كثير من الأحيان عن أرقام الإتاوة في عباراتهم، على أن من أهم الأسباب في اختلاف إيراد مصر أنها بلد زراعي مرتبط بالنيل في ثروته، وهو مختلف الفيضان، زِدْ على ذلك اختلاف إيراداتها بحسب اتساع رقعتها بالفتوحات في إفريقية وآسيا تارة، وضِيقها تارةً أخرى.

وأكثر مؤرخي العرب يستعملون كلمة «خراج» وهم يعنون الإيرادات؛ مع أن هذه الكلمة بالمعنى الحقيقي لها تدل على ما يجبى عن الأرض المزروعة (أموال الأطيان)، فاضطررنا مرات كثيرة أن ندمج في قسم الإيرادات مبالغ ذُكِرت تحت هذه التسمية.

والتواريخ المذكورة تحت أسماء الحكام هي تواريخ وفياتهم، اللهم إلا إذا وُجِد ما يدل على شيء آخَر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤