الفصل السابع

عصر الفرنسيين

من سنة ١٢١٣ﻫ/١٧٩٨م إلى ١٢١٦ﻫ/١٨٠١م
وصلت الحملة الفرنسية إلى مصر، وكانت ماليتها أحط ما كانت في أي عصر من تاريخها، ولم يحدث في غضون المدة القصيرة التي قضتها الحملة بها أي تقدم مالي، بل زاد الحالة سوءًا ما قوبلت به من المناوأة المستمرة من أعدائها. وإليك ما جاء في التاريخ العلمي والحربي للحملة الفرنسية في مصر ج٤ ص٩٢:
شرع بونابارت يعمل بما يوحيه إليه حبه للتجديد والإصلاح، وقد كانت القوانين التي سنَّهَا الأتراك في مصر غير ملائمة ولا محكمة، حتى إن معظم الناس كانوا يفلتون من دفع الضرائب العمومية، والمماليك الذين اعتادوا إذلال الشعب وإرهاقه ما كان يضيرهم هذا الإخلال بالنظام. أما بونابارت وهو كما كان غازيًا كان مشرِّعًا، فقد عُني بوضع هذا النظام؛ لأنه لا يمكنه أن يكون كأولئك الهمج القساة، فعزم أن يُطبِّق على مصر بمعاونة مسيو بوسيلج Poussielgue المدير العام للمالية بعضَ قوانين حكومة فرنسا المالية، وأول مجهود بذله في هذا السبيل إنشاء مصلحة للأملاك الأميرية والتسجيل، كان من أعضائها مسيو طليان Tallien العضو بالجمعية الوطنية الفرنسية سابقًا، وباليانو Pagliano، ومجلون Magallon، وملطي، ومصطفى أفندي. وقد توافرت في هذه المصلحة كفاءة الفرنسيين والمصريين معًا، وهي التي أعدت الخطط التي جُبِيت على مقتضاها الضرائب الجديدة التي سُمِّيت بوسوم التسجيل، وإن كانت في الحقيقة والواقع ضرائب على العقار.

وقضت أوامر بونابارت بألَّا يكون عقد أي عقار معتمدًا صحيحًا إلا إذا أُجرِي تسجيله ودُفِعت عنه الرسوم المقررة، وأن العقارات التي يمضي عليها زمن معين ولم تُسجَّل تصبح من أملاك الحكومة.

وقد أصدر قوانين أخرى بضرائب مماثلة لرسوم التسجيل فرضها على الوصايا والهبات بين الأحياء، وعلى المبادلات وعقود البيع ونقل الملكية وبيع الأملاك المشاعة بطريق المزايدة عليها، وعلى المحاضر وحقوق الاستثمار وعقود الإيجارات وعقود الزواج وعقود الضمان وعقود التوكيلات، وأجوزة السفر والتسجيل الشرعي والاتفاقات التجارية والإعلان بالأحكام … إلخ.

وبواسطة هذه السلسلة الطويلة من الضرائب لم يَبْقَ شيء في مصر إلا ووقع تحت طائلتها اللهم إلا النزر اليسير. وكانت الرغبة في فرض الضرائب هي الروح المسيطر في هذه القوانين التي يلوح أنها كانت النواة لوضع قواعد واسعة المدى اتُّخِذَت فيما بعدُ أساسًا للقوانين الإمبراطورية. ولقد فُرِض على أهالي مصر جميعهم دفع هذه الضرائب، لكنها كانت تنقص نقصًا نسبيًّا في المدن التي تقل أهمية عن غيرها. ا.ﻫ.

وهذه النظامات التي وُضِعت لتنمية الإيرادات قوبلت من الشعب بأشد الكراهة، ووقعت عنده وقعًا سيئًا، وهذا هو الحال دوامًا في كل شيء يدخله فاتح أجنبي في بلد مغلوب على أمره مهما يكن فيه من الفوائد. ولاشتغال الفرنسيين بتدعيم مركزهم في مصر وقِصَر المدة التي أقاموها بها، لم يتمكنوا من تنفيذ كثير من هذه النظامات المالية، حتى إن الذي نفذوه منها لم يُنفَّذ بطريقة جدية.

وإليك ما وصل إلينا من الروايات بشأن الإيرادات الاعتيادية التي جباها الفرنسيون من القطر المصري: نقل جومار jomard عن إستيف (لمحة منصف ص٦) أن إيرادات مصر في سنة ١٧٩٩م كانت كالآتي:
نوع الإيرادات قيمتها بالفرنكات قيمتها بالجنيهات المصرية
الجملة ٣٥٥٠٢٨٥١ ١٣٦٩٥١٩
الخراج نقدًا وعينًا ٢٢٥٤٣٣٩٩ ٨٦٩٦١٣
رسوم تسجيل ٢٠٠٥٣٠٦ ٧٧٣٧٨
أملاك أميرية ٤٩٦٢٩٧ ١٩١١٣
رسوم الجمارك ١٦٨٥٨٣٨ ٦٥٠٣٤
رسوم إيجار الأراضي ٣٢٥٦٧٥٠ ١٢٥٦٢٩
عوائد مدفوعة من مشايخ البلاد ٢٢٨٠٣٥٧ ٨٧٩٦٥
ضرائب على أصحاب الحرف والصنائع ٥٣٣٧٩٤ ٢٠٥٩١
مسكوكات ٢٦٨٤٩٣٩ ١٠٣٥٧٢
رسوم دمغة الذهب والفضة ١٦١٧١ ٦٢٤
وذكر رينيه Reynier (مصر بعد واقعة هليوبوليس ص١٣٤) إيرادات مصر في سنة ١٨٠٠م بوجه التقريب، وهي آخِر سنة تولَّى فيها الإدارة القائد مينو Menou، وكان مراد بك في ذاك الوقت يحتل القسم الأكبر من الوجه القبلي، فامتنع بسبب ذلك تحصيل ضرائب منه، وهبطت من جهة أخرى إيرادات الجمارك بسبب الحصار الذي كان مضروبًا على القُطْر.

وها هي مبالغ الإيرادت التي ذكرها:

نوع الإيرادات قيمتها بالفرنكات قيمتها بالجنيهات المصرية
الجملة ٢١٠٠٠٠٠٠ ٨١٠٠٧٥
الضرائب العقارية ١٢٠٠٠٠٠٠ ٤٦٢٩٠٠
ضرائب غير مقررة ٣٠٠٠٠٠٠ ١١٥٧٢٥
ضرائب على أرباب الحرف والصنائع ٢٠٠٠٠٠٠ ٧٧١٥٠
مسكوكات ٥٠٠٠٠٠ ١٩٢٨٧
رسوم جمارك ١٠٠٠٠٠٠ ٣٨٥٧٥
أملاك أميرية ١٥٠٠٠٠٠ ٥٧٨٦٣
ضرائب الملاك وجزية مراد بك ١٠٠٠٠٠٠ ٣٨٥٧٥

وعدا هذه المبالغ جبى الفرنسيون من مصر غرامات حربية كان مبلغها جسيمًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤