الفصل الخامس

عصر العرب

من سنة ٢٠ﻫ/٦٤١م إلى ٩٢٢ﻫ/١٥١٦م

تمهيد الخراج

عندما تُفتَح البلاد عنوة يجوز للخليفة على مقتضى الشريعة الإسلامية أحد هذين الأمرين:
  • (١)

    وضع يده على أرضها وقسمتها بين الفاتحين.

  • (٢)

    تركها تحت أيدي أهل البلاد وتوظيف الخراج عليها.

أما إذا فتحها صُلْحًا فيجب احترام ما صالح عليه أهلها احترامًا كليًّا.

ولما فتح العرب مصر أثار هذا الفتح مسألة معرفة ما إذا كانت فُتِحت عنوةً أو صُلْحًا مبنيًّا على عهد وشروط، ونتج عن ذلك جدل بين مختلفي المؤرخين فيما بعدُ، فبعضهم يميل إلى الرأي الأول وبعضهم ينتصر للثاني، على أننا نعترف بأنه يوجد ما يدعو للانتصار لرأي كل فريق منهما.

فرأي الفريق الأول مبني على أن البلد دافَعَ عن نفسه بالقوة، ثم رجع وسلَّمَ بعهدٍ أُبرِم بين المقوقس وعمرو، وذلك حقيقة ما حصل، وبمقتضى هذا العهد التزم الأول بالنيابة عن أهل مصر أن يدفع جزية قدرها ديناران (١٢٠ قرشًا) عن كل شخص، ولكن بما أنه قامت فيما بعدُ وقائعُ حربيةٌ في ترنوط وكوم شريك وسلطيس والكريون، وكثير من المدن تم الاستيلاء عليها بقوة السلاح، مثل: سخا والخيس وسلطيس وقرطاسة ومصيل وبلهيب وإسكندرية؛ فأنصار هذا الرأي يعتبرون العهد المبرم مع المقوقس قد أصبح في حكم المُلغَى، وأن البلاد يجب أن تُعامَل بحكم المفتوحة عنوةً.

وأما أنصار الرأي الثاني فيبنونه على أن العهد قد ربط البلاد كلها، ولا يمكن أن تلغيه المقاومة فيما بعدُ، وقد نُفِّذَ الشرط الأساسي فيه وهو جباية دينارين عن كل شخص، وهذا دليل على احترام هذا العهد. أما الإسكندرية فالكل أجمعوا على أنها أُخِذت عنوةً، وأن معاملتها يصح أن تكون على هذا الاعتبار.

وقد عقد ابن عبد الحكم في كتابه «فتوح مصر» فصلين لهذه المسألة، خصَّص كلًّا منهما لكلٍّ من الرأيين السابقين، فجاء عن الرأي الأول بالصفحة ٨٨ وما بعدها تحت العنوان الآتي ما نصه:

ذِكْر مَن قال فُتِحت مصر عنوةً

وقال آخرون: بل فُتِحت مصر عنوةً بلا عهد ولا عقد. حدثنا عبد الملك بن مسلمة وعثمان بن صالح قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عمَّن سمع عبيد الله بن المغيرة بن أبي بردة يقول: سمعت سفينان بن وهب الخولاني يقول: إنَّا لما فتحنا مصر بغير عهد قام الزبير بن العوام فقال: اقسمها يا عمرو بن العاص. فقال عمرو: والله لا أقسمها. قال الزبير: والله لتقسمنها كما قسَّم رسول الله خيبر. قال عمرو: والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين. فكتب إليه عمر: أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة.١ قال ابن لهيعة: وحدثني يحيى بن ميمون، عن عبيد الله بن المغيرة، عن سفيان بن وهب بهذا إلا أنه قال: فقال عمرو: لم أكن لأُحْدِث فيهم شيئًا حتى أكتب إلى عمر بن الخطاب. فكتب إليه، فكتب إليه بهذا. قال عبد الملك في حديثه: وإن الزبير صولح على شيء أُرضِيَ به.

حدثنا عبد الملك بن مسلمة وعثمان بن صالح قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة أن مصر فُتِحت عنوةً. حدثنا عبد الملك، حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال: سمعت أشياخنا يقولون: إن مصر فُتِحت عنوةً بغير عهد ولا عقد. قال ابن أنعم: منهم أبي يحدثنا عن أبيه، وكان ممَّن شهد فتح مصر. حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن وهب عن ابن أنعم قال: سمعت أشياخنا يقولون: فُتِحت مصر عنوةً بغير عهد ولا عقد. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة أن مصر فُتِحت عنوةً. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قنان أيوب بن أبي العالية، عن أبيه، وأخبرنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن وهب، عن داود بن عبد الله الحضرمي أن أبا قنان حدثه عن أبيه أنه سمع عمرو بن العاص يقول: لقد قعدت مقعدي هذا، وما لأحد من قبط مصر عليَّ عهد ولا عقد إلا أهل أنطابلس، فإن لهم عهدًا يُوفى لهم به. قال ابن لهيعة في حديثه: إن شئت قتلت وإن شئت خمست وإن شئت بعت. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن عياض بن عبد الله الفهري، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمرو بن العاص فتح مصر بغير عقد ولا عهد، وأن عمر بن الخطاب حبس درها وصرها أن يخرج منه شيء نظرًا للإسلام وأهله. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، عن يعقوب بن مجاهد، عن زيد بن أسلم قال: كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممَّن عاهده، فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد. قال عبد الرحمن بن شريح: فلا أدري أعن زيد حدَّث أم شيء قاله. فمَن أسلم منهم فأمة ومَن أقام فذمة.

حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الملك بن جنادة كاتب حيان بن سريج من أهل مصر من موالي قريش قال: كتب حيان إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم، فسأل عمر عراك بن مالك، فقال عراك: ما سمعت لهم بعهد ولا عقد، وإنما أُخِذوا عنوةً بمنزلة العبيد. فكتب عمر إلى حيان بن سريج أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم. قال: وسمعت يحيى بن عبد الله بن بكير يقول: خرج أبو سلمة بن عبد الرحمن يريد الإسكندرية في سفينة، فاحتاج إلى رجل يقذف به، فسَخَّر رجلًا من القبط فكلم في ذلك، فقال: إنما هم بمنزلة العبيد إن احتجنا إليهم. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن الصلت بن أبي عاصم أنه قرأ كتاب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن سريج أن مصر فُتِحت عنوةً بغير عهد ولا عقد. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، عن عبيد الله بن أبي جعفر أن كاتب حيان حدَّثه أنه احتيج إلى خشب لصناعة الجزيرة، فكتب حيان إلى عمر يذكر ذلك له، وأنه وجد خشبًا عند بعض أهل الذمة، وأنه كره أن يأخذ منهم حتى يُعلمه، فكتب إليه عمر خُذْها منهم بقيمة عدل؛ فإني لم أجد لأهل مصر عهدًا أفي لهم به. حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن سريج أن مصر فُتِحت عنوةً بغير عهد ولا عقد. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن كعب بن أبي لبابة أن عمر بن عبد العزيز قال لسالم بن عبد الله: أنت تقول ليس لأهل مصر عهد؟ قال: نعم. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر بن الخطاب في رهبان يترهبون بمصر، فيموت أحدهم وليس له وارث، فكتب إليه عمر أن مَن كان منهم له عقب فادفع ميراثه إلى عقبه، ومَن لم يكن له عقب فاجعل ماله في بيت مال المسلمين، فإن ولاءه للمسلمين. حدثنا يحيى بن خلد، عن رشدين بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب أنه قال: كان فتح مصر بعضها بعهد وذمة وبعضها عنوة، فجعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه جميعًا ذمة، وحملهم على ذلك، فمضى ذلك فيهم إلى اليوم. ا.ﻫ.

وجاء عن الرأي الثاني بالصفحة ٨٤ وما بعدها تحت العنوان الآتي ما نصه:

ذِكْر مَن قال إن مصر فُتِحت بصُلْحٍ

قال: ثم رجع إلى حديث موسى بن أيوب ورشدين بن سعد، عن الحسن بن ثوبان، عن حسين بن شفي أن عَمْرًا لما فتح الإسكندرية بقي من الأساري بها ممَّن بلغ الخراج، وأحصي يومئذٍ ستمائة ألف سوى النساء والصبيان، فاختلف الناس على عمرو في قسمهم، فكان أكثر المسلمين يريدون قسمها، فقال عمرو: لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين. فكتب إليه يُعلِمه بفتحها وشأنها، وأن المسلمين طلبوا قسمها، فكتب إليه عمر: لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئًا للمسلمين، وقوة لهم على جهاد عدوهم. فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج، فكانت مصر كلها صلحًا بفريضة دينارين دينارين على كل رجل لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين، إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا الإسكندرية، فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى مَن وليَهم؛ لأن الإسكندرية فُتِحت عنوةً بغير عهد ولا عقد، ولم يكن لهم صلح ولا ذمة. حدثنا عثمان أخبرنا الليث قال: كان يزيد بن أبي حبيب يقول: مصر كلها صلح إلا الإسكندرية فإنما فُتِحت عنوةً. حدثنا عثمان بن صالح، عن بكر بن مضر، عن عبيد الله بن أبي جعفر قال: حدثني رجل ممَّن أدرك عمرو بن العاص قال: للقبط عهد عند فلان وعهد عند فلان فسمى ثلاثة نفر. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن شيخ من كبراء الجند أن عهد أهل مصر كان عند كبرائهم.

حدثنا هشام بن إسحاق العامري، عن الليث بن سعد، عن عبيد الله بن أبي جعفر قال: سألت شيخًا من القدماء عن فتح مصر، فقال: هاجرنا إلى المدينة أيام عمر بن الخطاب وأنا محتلم فشهدت فتح مصر. قلت له: فإن ناسًا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد. فقال: ما يبالي ألا يصلي مَن قال إنه ليس لهم عهد. فقلت: فهل كان لهم كتاب؟ فقال: نعم، كُتُبٌ ثلاثةٌ؛ كتاب عند طلما صاحب اخنا، وكتاب عند قزمان صاحب رشيد، وكتاب عند يحنس صاحب البرلس. قلت: كيف كان صلحهم؟ قال: دينارين على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين. قلت: فتعلم ما كان من الشروط؟ قال: نعم، ستة شروط؛ لا يخرجون من ديارهم، ولا تنزع نساؤهم، ولا كفورهم، ولا أرضيهم، ولا يزاد عليهم. وحدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب أنه حدثه عن أبي جمعة مولى عقبة قال: كتب عقبة بن عامر إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله أرضًا يسترفق فيها عند قرية عقبة، فكتب له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع، فقال له مولى له كان عنده: انظر أصلحك الله أرضًا صالحة. فقال عقبة: ليس لنا ذلك، إن في عهدهم شروطًا ستة؛ ألا يُؤخَذ من أنفسهم شيء، ولا من نسائهم، ولا من أولادهم، ولا يزاد عليهم، ويدفع عنهم موضع الخوف من عدوهم، وأنا شاهد لهم بذلك.

حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن أبي شريح عبد الرحمن بن شريح، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن أبي جمعة حبيب بن وهب قال: كتب عقبة بن عامر إلى معاوية يسأله بقيعًا في قرية يبني فيه منازل ومساكن، فأمر له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع، فقال له مواليه ومَن كان عنده: انظر إلى أرض تعجبك فاختط فيها وابتن. فقال: إنه ليس لنا ذلك، لهم في عهدهم ستة شروط، منها أن لا يُؤخَذ من أرضهم شيء، ولا يُزاد عليهم، ولا يُكلَّفوا غير طاقتهم، ولا يُؤخَذ ذراريهم، وأن يقاتل عنهم عدوهم من ورائهم. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن رجل من كبراء الجند قال: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى وردان أن زِدْ على كل رجل منهم قيراطًا، فكتب وردان إلى معاوية: كيف تزيد عليهم وفي عهدهم أن لا يُزاد عليهم شيء؟ فعزل معاوية وردان، ويُقال: إن معاوية إنما عزل وردان كما حدثنا سعيد بن عفير أن عتبة بن أبي سفيان وفد إلى معاوية في نفر من أهل مصر، وكان معاوية ولَّى عتبة الحرب ووردان الخراج وحويت بن زيد الديوان، فسأل معاوية الوفد عن عتبة، فقال عبادة بن صمل المعافري: حوت بحر يا أمير المؤمنين ووعل بر. فقال معاوية لعتبة: اسمع ما تقول فيك رعيتك. فقال: صدقوا يا أمير المؤمنين، حجبتني عن الخراج ولهم عليَّ حقوق، وأكره أن أجلس فأُسأَل فلا أفعل فأبخل. فضم إليه معاوية الخراج.

حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب وابن وهب، عن عمرو بن الحرث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عوف بن حطان أنه قال: كان لقريات من مصر منهم أم دنين وبلهيب عهدٌ، وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع بذلك كتب إلى عمرو بن العاص يأمره أن يخيرهم، فإن دخلوا في الإسلام فذلك، وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم. قال: وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح على جميع مَن فيها من الرجال من القبط ممَّن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك، ليس فيهم امرأة ولا صبي ولا شيخ، على دينارين دينارين، فأحصوا لذلك فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف.

حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن وهب قال: سمعت حيوة بن شريح قال: سمعت الحسن بن ثوبان الهمداني يقول: حدثني هشام بن أبي رقية اللخمي أن عمرو بن العاص لما فتح مصر قال لقبط مصر: إن مَن كتمني كنزًا عنده فقدرت عليه قتلته، وإن نبطيًّا من أهل الصعيد يقال له بطرس ذكر لعمرو أن عنده كنزًا، فأرسل إليه فسأله فأنكر وجحد، فحبسه في السجن وعمرو يسأل عنه هل يسمعونه يسأل عن أحد؟ فقالوا: لا، إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور. فأرسل عمرو إلى بطرس فنزع خاتمه من يده ثم كتب إلى ذلك الراهب: أن ابعث إليَّ بما عندك وختمه بخاتمه، فجاءه رسوله بقلة شأمية مختومة بالرصاص، ففتحها عمرو فوجد فيها صحيفة مكتوبًا فيها: ما لكم تحت الفسقية الكبيرة. فأرسل عمرو إلى الفسقية فحبس عنها الماء، ثم قلع البلاط الذي تحتها فوجد فيها اثنين وخمسين إردبًّا ذهبًا مضروبة، فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد، فذكر ابن أبي رقية أن القبط أخرجوا كنوزهم شفقًا أن يبغى على أحد منهم فيُقتَل كما قُتِل بطرس. حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص استحل مال قبطي من قبط مصر؛ لأنه استقر عنده أنه يظهر الروم على عورات المسلمين ويكتب إليهم بذلك، فاستخرج منه بضعة وخمسين إردبًّا دنانير.

قال: ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخلد بن حميد قال: ففتح الله أرض مصر كلها بصلح غير الإسكندرية وثلاث قريات ظاهرت الروم على المسلمين؛ سُلْطَيْس، ومَصِيل وبَلْهِيب، فإنه كان للروم جمع فظاهروا الروم على المسلمين، فلما ظهر عليها المسلمون استحلوها، وقالوا هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية، فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه عمر: أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمة للمسلمين، ويضربون عليهم الخراج، ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط كله قوة للمسلمين، ولا يجعلون فيئًا ولا عبيدًا. ففعلوا ذلك إلى اليوم. ا.ﻫ.

ويُستنتَج من تلاوة ما تقدَّمَ أن عمر بن الخطاب أبى أن يجيب مطالب أولئك الذين كانوا تحت إمرة عمرو من مصادرة الأراضي وتقسيمها بينهم، وأنه تركها لذويها وفرض عليهم الخراج.

وبما أنه لم يذكر في حكمه هذا الأسباب التي حملته على إصداره بطريقة واضحة، فقد أدى ذلك إلى حدوث الخلاف الذي سبقت الإشارة إليه بين مختلفي المؤلفين؛ إذ يرجح أنه بناه على ما له من الحق المخول له من الشريعة في اتخاذ ما تقضي به المصلحة، كما يحتمل أنه بناه على أن البلد سلَّم بموجب معاهدة، ونحن نرى أن هذه المسألة تُفسَّر بالطريقة الآتية، وهي: إن فتح العرب لمصر تم في طورين:
  • الأول: يبتدئ من وقت الإغارة عليها وينتهي بإبرام المعاهدة مع المقوقس، وكانت مصلحة الروم فيه مرتبطة بمصلحة القبط، كما كان العرب في حالة حرب مع الاثنين بلا نزاع.
  • والثاني: يبتدئ من إبرام المعاهدة مع المقوقس وينتهي بالاستيلاء على الإسكندرية، وفيه فصل العرب القبط عن الروم، فظلوا في حالة حرب مع هؤلاء، وعدوا القبط مرتبطين بالمعاهدة التي أُبرِمت مع المقوقس فكفُّوا عن قتالهم.
وما ذكره ابن عبد الحكم في كتابه بالصفحة ٧٠ وما بعدها حجة يُركَن إليها في هذا الموضوع، قال راويًا عن عثمان بن صالح:

حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر صالَحَ عن جميع مَن فيها من الرجال من القبط ممَّن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك، ليس امرأة ولا شيخ ولا صبي، فأحصوا بذلك على دينارين دينارين، فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف. قال: وحدثني عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس صالَحَ عمرو بن العاص على أن يفرض على القبط دينارين دينارين على كل رجل منهم.

ثم قال: وشرط المقوقس للروم أن يُخيَّروا، فمَن أحَبَّ منهم أن يُقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازمًا له مفترضًا عليه ممَّن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها، ومَن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج، وعلى أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلى ملك الروم يعلمه ما فعل، فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم وإلا كانوا جميعًا على ما كانوا عليه. وكتبوا به كتابًا وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتابًا يُعلِمه على وجه الأمر كله، فكتب إليه ملك الروم يُقبِّح رأيه ويعجزه ويرد عليه ما فعل، ويقول في كتابه: إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفًا وبمصر مَن بها من كثرة عدد القبط ما لا يُحصَى، فإن كان القبط كرهوا القتال وأحبوا أداء الجزية إلى العرب واختاروهم علينا، فإن عندك بمصر من الروم بالإسكندرية ومَن معك أكثر من مائة ألف معهم العدة والقوة، والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت، فعجزت عن قتالهم ورضيت أن تكون أنت ومَن معك من الروم في حال القبط أذلاء، أَلَا تقاتلهم أنت ومَن معك من الروم حتى تموت أو تظهر عليهم، فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوتكم وعلى قدر قلتهم وضعفهم كأكلة، فناهضهم القتال ولا يكون لك رأي غير ذلك. وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتابًا إلى جماعة الروم، فقال المقوقس لما أتاه كتاب ملك الروم: والله إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا، إن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا، وذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، يُقاتِل الرجل منهم وهو مستقتل يتمنى ألا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده، ويرون أن لهم أجرًا عظيمًا فيمَن قتلوا منا، ويقولون إنهم إن قُتِلوا دخلوا الجنة، وليس لهم رغبة في الدنيا ولا لذة إلَّا قدر بلغة العيش من الطعام واللباس، ونحن قوم نكره الموت ونحب الحياة ولذتها، فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم؟ واعلموا معشر الروم والله إني لا أخرج مما دخلت فيه، ولا صالحت العرب عليه، وإني لأعلم أنكم سترجعون غدًا إلى رأيي وقولي وتتمنون أن لو كنتم أطعتموني؛ وذلك أني قد عاينت ورأيت وعرفت ما لم يُعاين الملك ولم يَرَه ولم يعرفه، وَيْحَكُم أَمَا يرضى أحدكم أن يكون آمِنًا في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة؟

ثم أقبل المقوقس إلى عمرو بن العاص فقال له: إن الملك قد كره ما فعلت وعجزني وكتب إليَّ وإلى جماعة الروم أن لا نرضى بمصالحتك، وأمرهم بقتالك حتى يظفروا بك أو تظفر بهم، ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه، وإنما سلطاني على نفسي ومَن أطاعني، وقد تَمَّ صُلْح القبط فيما بينك وبينهم ولم يأتِ من قِبَلهم نقض، وأنا متِمٌّ لك على نفسي، والقبط متمُّون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاهدتهم، وأما الروم فأنا منهم بريء، وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال، قال له عمرو: ما هن؟ قال: لا تنقض بالقبط، وأدخلني معهم، وألزمني ما لزمهم، وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ما عاهدتك عليه فهم متمون لك على ما تُحب. وأما الثانية إن سألك الروم بعد اليوم أن تُصالحهم فلا تُصالحهم حتى تجعلهم فيئًا وعبيدًا فإنهم أهل ذلك؛ لأني نصحتهم فاستغشوني ونظرت لهم فاتهموني. وأما الثالثة أطلب إليك إن أنا مِتُّ أن تأمرهم يدفنوني في أبي يحنس بالإسكندرية. فأنعم له عمرو بن العاص بذلك وأجابه إلى ما طلب، على أن يضمنوا له الجسرين جميعًا، ويقيموا لهم الأنزال والضيافة والأسواق والجسور ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية، ففعلوا. وقال غير عثمان: وصارت لهم القبط أعوانًا كما جاء في الحديث. ا.ﻫ.

فيُعلَم من مطالعة ما تقدَّمَ أن المقوقس عندما أبرم المعاهدة مع عمرو حفظ حق الخيار فيها للروم فأبوها، واستمروا في محاربة العرب حتى استولى هؤلاء على الإسكندرية، وترتب على رفضهم هذا أن انفصل المقوقس ومعه القبط عن الروم، وطلب من عمرو أن يَعِدَه والقبط مرتبطين بالمعاهدة فأجابه إلى طلبه، ثم طلب منه أن يواصل الحرب مع الروم بلا مهادنة، وثبت بعد ذلك حصول هذا ثبوتًا كليًّا من تحصيل الجزية بفريضة دينارين، أيْ ١٢٠ قرشًا عن كل نفس، وهذا كان الشرط الأساسي في إبرام المعاهدة.

وقال ابن عبد الحكم أيضًا في كتابه ص٨٣:

إن أهل سُلْطيس ومصيل وبلهيب ظاهروا الروم على المسلمين في جَمْعٍ كان لهم، فلما ظهر عليهم المسلمون استحلوهم، وقالوا: هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية. ا.ﻫ.

وهذا يدل على أن استحلالهم كان لهذا السبب الخاص دون أن يكون له سبب آخَر عام.

أما مدينة الإسكندرية فقد أجمع مؤلفو العرب على أن استحلالهم كان لاعتبارها مدينة رومية صرفة لا مصرية، ولهم الحق في ذلك.

ويظهر من جهة أخرى أن هذه الطريقة التي اتبعها عمر بن الخطاب كانت مبدأ سار عليه في بلاد أخرى.

قال أبو يوسف في كتابه «الخراج ص٣٧» عن أراضي سورية والعراق:
وقد سأل بلال (بن رباح) وأصحابه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسمة ما أفاء الله عليهم من العراق والشام، وقالوا: اقسم الأرضين بين الذين افتتحوها كما تقسم غنيمة العسكر. فأبى عمر ذلك عليهم، وتلا عليهم هذه الآيات وهي:
  • (١)
    مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ.
  • (٢)
    لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ.
  • (٣)
    وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
  • (٤)
    وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ.

ثم قال عمر: قد أشرك الله الذين يأتون من بعدكم في هذا الفيء، فلو قسمته لم يَبْقَ لمن بعدكم شيء، ولئن بقيت ليبلغن الراعي بصنعاء نصيبه من هذا الفيء ودمه في وجهه.

قال أبو يوسف: وحدثني بعض مشايخنا عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد (بن أبي وقاص) حين افتتح العراق: أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر فيه أن الناس سألوك أن تقسم بينهم مغانهم وما أفاء الله عليهم، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك به إلى العسكر من كراع ومال فاقسمه بين مَن حضر من المسلمين، واترك الأرضين والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين، فإنك إن قسمتها بين مَن حضر لم يكن لمَن بعدهم شيء، وقد كنت أمرتك أن تدعو مَن لقيت إلى الإسلام قبل القتال، فمَن أجاب إلى ذلك قبل القتال فهو رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم وله سهم في الإسلام، ومَن أجاب بعد القتال وبعد الهزيمة فهو رجل من المسلمين وماله لأهل الإسلام؛ لأنهم قد أحرزوه قبل إسلامه، فهذا أمري وعهدي إليك.

قال أبو يوسف: وحدثني غير واحد من علماء أهل المدينة، قالوا: لما قَدِم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيش العراق من قبل سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه؛ شاور أصحاب محمد في تدوين الدواوين، وقد كان اتبع رأي أبي بكر في التسوية بين الناس، فلما جاء فتح العراق شاور الناس في التفضيل، ورأى أنه الرأي، فأشار عليه بذلك مَن رآه، وشاورهم في قسمة الأرضين التي أفاء الله على المسلمين من أرض العراق والشام، فتكلم قوم فيها وأرادوا أن يقسم لهم حقوقهم وما فتحوا، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: فكيف بمَن يأتي من المسلمين فيجدون الأرض بعلوجها قد اقتسمت وورثت عن الآباء وحيزت، ما هذا برأي. فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: فما الرأي؟ ما الأرض والعلوج إلا مما أفاء الله عليهم. فقال عمر: ما هو إلا كما تقول ولست أرى ذلك، والله لا يفتح بعدي بلد فيكون فيه كبير نيل، بل عسى أن يكون كلًّا على المسلمين، فإذا قسمت أرض العراق بعلوجها، وأرض الشام بعلوجها فما يسد به الثغور، وما يكون للذرية والأرامل بهذا البلد وبغيره من أهل الشام والعراق؟

فأكثروا على عمر رضي الله تعالى عنه وقالوا: أتقف ما أفاء الله علينا بأسيافنا على قوم لم يحضروا ولم يشهدوا، ولأبناء القوم ولأبناء أبنائهم ولم يحضروا؟ فكان عمر رضي الله عنه لا يزيد على أن يقول: هذا رأي. قالوا: فاستشر. قال: فاستشار المهاجرين الأولين فاختلفوا، فأما عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه فكان رأيه أن تقسم لهم حقوقهم، ورأى عثمان وعلي وطلحة وابن عمر رضي الله عنهم رأي عمر، فأرسل إلى عشرة من الأنصار: خمسة من الأوس، وخمسة من الخزرج من كبرائهم وأشرافهم، فلما اجتمعوا حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: إني لم أزعجكم إلا لأن تشتركوا في أمانتي فيما حملت من أموركم، فإني واحد كأحدكم وأنتم اليوم تقرون بالحق، خالفني مَن خالفني ووافقني مَن وافقني، ولست أريد أن تتبعوا هذا الذي هواي، معكم من الله كتاب ينطق بالحق، فوالله لئن كنت نطقت بأمر أريده ما أريد به إلا الحق. قالوا: قُلْ نسمع يا أمير المؤمنين. قال: قد سمعتم كلام هؤلاء القوم الذين زعموا أني أظلمهم حقوقهم، وإني أعوذ بالله أن أركب ظلمًا، لئن كنتُ ظلمتهم شيئًا هو لهم وأعطيته غيرهم، لقد شقيت، ولكن رأيت أنه لم يَبْقَ شيء يُفتَح بعد أرض كسرى، وقد غنمنا الله أموالهم وأرضهم وعلوجهم، فقسمت ما غنموا من أموالٍ بين أهله، وأخرجت الخُمْس فوجهته على وجهه وأنا في توجيهه، وقد رأيت أن أحبس الأرضين بعلوجها، وأضع عليهم فيها الخراج، وفي رقابهم الجزية يؤدونها فتكون فيئًا للمسلمين؛ المقاتلة والذرية، ولمَن يأتي من بعدهم، أرأيتم هذه الثغور لا بد لها من رجال يلزمونها؟ أرأيتم هذه المدن العظام كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر، لا بد لها من أن تُشحَن بالجيوش وإدرار العطاء عليهم؟ فمن أين يُعطَى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج؟ فقالوا جميعًا: الرأي رأيك، فنِعْم ما قلتَ وما رأيتَ، إن لم تشحن هذه الثغور وهذه المدن بالرجال وتجري عليهم ما يتقَوَّون به، رجع أهل الكفر إلى مدنهم. فقال: قد بان لي الأمر، فمن رجل له جزالة وعقل يضع الأرض مواضعها ويضع على العلوج ما يحتملون؟ فاجتمعوا له على عثمان بن حنيف، وقالوا: تبعثه إلى أهم ذلك، فإنَّ له بصرًا وعقلًا وتجربة.

فأسرع إليه عمر فولاه مساحة أرض السواد، فأدت جباية سواد الكوفة قبل أن يموت عمر رضي الله تعالى عنه بعام، مائة ألف ألف درهم، والدرهم يومئذٍ درهم ودانقان ونصف، وكان وزن الدرهم يومئذٍ وزن المثقال.

قال: وحدثني الليث بن سعد، عن حبيب بن أبي ثابت قال: إن أصحاب رسول الله وجماعة من المسملين أرادوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقسم الشام كما قسم رسول الله خيبر، وأنه كان أشد الناس عليه في ذلك الزبير بن العوام وبلال بن رباح، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: إذن أترك مَن بعدكم من المسلمين لا شيء لهم. ثم قال: اللهم اكفني بلالًا وأصحابه. قال: فرأى المسلمون أن الطاعون الذي أصابهم بعمواس كان عن دعوة عمر. قال: وتركهم عمر رضي الله عنه ذمة يؤدون الخراج للمسلمين.

قال: وحدثني محمد بن إسحاق، عن الزهري أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه استشار الناس في السواد حين افتتح، فرأى عامتهم أن يقسمه، وكان بلال بن رباح من أشدهم في ذلك، وكان رأي عمر رضي الله تعالى عنه أن يتركه ولا يقسمه، فقال: اللهم اكفني بلالًا وأصحابه. ومكثوا في ذلك يومين أو ثلاثة أو دون ذلك، ثم قال عمر رضي الله تعالى عنه: إني قد وجدت حجة؛ قال الله تعالى في كتابه: وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ حتى فرغ من شأن بني النضير، فهذه عامة في القرى كلها، ثم قال: مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ، ثم قال: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، ثم لم يرض حتى خلط بهم غيرهم، فقال: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، فهذا فيما بلغنا والله أعلم للأنصار خاصة، ثم لم يرض حتى خلط بهم غيرهم فقال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، فكانت هذه عامة لمَن جاء من بعدهم، فقد صار هذا الفيء بين هؤلاء جميعًا؛ فكيف نقسمه لهؤلاء ونَدَعُ مَن تخلف بعدهم بغير قسم، فأجمع على تركه وجمع خراجه.

قال أبو يوسف: والذي رأى عمر رضي الله عنه من الامتناع من قسمة الأرضين بين مَن افتتحها عندما عرفه الله ما كان في كتابه من بيان ذلك توفيقًا من الله كان له فيما صنع، وفيه كانت الخيرة لجميع المسلمين، وفيما رآه من جمع خراج ذلك وقسمته بين المسلمين عموم النفع لجماعتهم؛ لأن هذا لو لم يكن موقوفًا على الناس في الأعطيات والأرزاق لم تُشحَن الثغور ولم تقو الجيوش على السير في الجهاد، ولما أمن رجوع أهل الكفر إلى مدنهم إذا خلت من المقاتلة والمرتزقة، والله أعلم بالخير حيث كان. ا.ﻫ.

المساحة المفروض عليها الخراج

يستفاد مما دوَّنَه مؤرخو العرب أن مصر تم مسح أرضها خمس مرات في عصرهم، وهي:

المرة الأولى على يد ابن رفاعة عامل الخراج في خلافة الوليد وأخيه سليمان بن عبد الملك، حوالي سنة ٩٧ﻫ/٧١٥م (راجع كتاب فتوح مصر لابن عبد الحكم ص١٥٦).

والثانية كانت على يد ابن الحبحاب في خلافة هشام بن عبد الملك، حوالي سنة ١١٠ﻫ/٧٢٩م (راجع كتاب فضائل مصر للكندي ص٢٠١).

والثالثة كانت على يد ابن مدبر في خلافة المعتز بالله، حوالي سنة ٢٥٣ﻫ/٨٦٧م (راجع كتاب النجوم الزاهرة لأبي المحاسن ج١ ص٤٩).

والرابعة في زمن السلطان المنصور حسام الدين لاجين، في سنة ٦٩٧ﻫ/١٢٩٨م (راجع كتاب بدائع الزهور لابن إياس ج١ ص١٣٧).

والخامسة في زمن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة ٧١٥ﻫ/١٣١٥م (راجع خطط المقريزي ج١ ص٨٧ و٨٨، وكتاب بدائع الزهور ج١ ص١٥٩).

وسنتكلم عن هذه المساحات المختلفة فيما بعدُ، كل واحدة منها على حدة في الفصل الخاص بالحاكم الذي تمت في عهده.

الفدان

إن وحدة المقاييس التي كانت مستعملة في مصر لقياس الأراضي عندما فتحها العرب هي الأرور، ولكن سرعان ما رأينا مؤلِّفيهم يتكلمون عن الفدان.

فها هو ابن عبد الحكم يذكر في كتابه ص١٥٣ أن عمرو بن العاص فرض ضريبة على أرض مصر الزراعية باعتبار الفدان، وهو مقياس لم يُدخِله العرب معهم عندما فتحوا مصر؛ لأن المقياس المستعمَل في الشام والعراق كان الجريب لا الفدان.

فيلوح من ذلك أن الفدان كان مقياسًا وطنيًّا يستعمله القبط في مصر، وأن العرب أخذوه عنهم ولم يأتوا به من عندهم.

ولم تكن مساحة الفدان في الزمن الغابر مساوية لمساحته في عصرنا هذا، بل كانت أكبر منها، وإليك ما ذكره بعض المؤلفين عنها: قال ابن مماتي في كتابه «قوانين الدواوين» (ص٣٢):

اتفق أهل مصر على أن يمسحوا أرضهم بقصبة تُعرَف بالحاكمية، طولها خمسة أذرع بالنجاري، فمتى بلغ الممسوح من الأرض أربعمائة قصبة سموه فدانًا. ا.ﻫ.

وقال القلقشندي في كتابه «صبح الأعشى» (ج٣ ص٤٤٦) تحت العنوان الآتي:

أرض الزراعة

قد اصطلح أهلها على قياسها بقصبة تُعرَف بالحاكمية، كأنها حررت في زمن الحاكم بأمر الله الفاطمي فنُسِبت إليه، وطولها ستة أذرع بالهاشمي كما ذكره أبو القاسم الزجاجي في «شرح مقدمة أدب الكاتب»، وخمسة أذرع بالنجاري كما ذكره ابن مماتي في «قوانين الدواوين»، وثمانية أذرع بذراع اليد كما ذكره غيرهما، وذراع اليد ست قبضات بقبضة إنسان معتدل، كل قبضة أربعة أصابع بالخنصر والبنصر والوسطى والسبابة، كل أصبع ست شعيرات معترضات ظهرًا لبطن على ما تقدَّمَ في الكلام على الأميال. وقد تُقدَّر القصبة بباعين من رجل معتدل، وربما وقع القياس في بعض بلاد الوجه البحري منها بقصبة تُعرَف بالسندفاوية أطول من الحاكمية بقليل نسبةً إلى بلدٍ تُسمَّى سندفا بالقرب من مدينة المحلة، ثم كل أربعمائة قصبة في التكسير يعبِّر عنها بفدان، وهو أربعة وعشرون قيراطًا، كل قيراط ست عشرة قصبة في التكسير. ا.ﻫ.

ولأجل تعيين ما تساويه هذه القصبة من الأمتار يلزمنا أولًا أن نقدِّر ما يساويه الأصبع.

لقد قدَّر جومار في المذكرة العجيبة التي وضعها في الطريقة المترية عند قدماء المصريين (كتاب وصف مصر ج١ جدول ٨) مقدار الأصبع المستعمل في ذراع مقياس النيل بالروضة ﺑ ٠٫٠٢٢ من المتر، والأصبع المصري والعربي ﺑ ٠٫٠١٩ من المتر، فيكون متوسطهما ٠٫٠٢٠ من المتر لكل أصبع تقريبًا، وهذا المقدار يعادل متوسط أربعة أصابع إنسان فعلًا، وبضربه في أربعة أصابع وضرب الناتج في ست قبضات، ثم الناتج الثاني في ثمانية أذرع، يكون الناتج الأخير ٣٫٨٤ من الأمتار وهو طول القصبة، وهذا المقدار مطابق لما سيُذكَر بعد مطابقةٍ عجيبةٍ: إن المقياس المتري المحكم لهذه القصبة لم يتكلم عنه سوى جاكوتان Jacotin (كتاب وصف مصر جدول مساحة مصر ج٢ ص٥٧٣) قال:
الفدان مقياس زراعي بمصر، وتوجد أفدنة متباينة في المساحة، والفدان الآتي بيانه هو الأكثر شيوعًا في سائر أنحاء مصر والأقرب إلى الصحة، ويُعرَف بفدان الرزق، وهو عبارة عن مربع طول ضلعه ٢٠ قصبة، والقصبة مقياس طولي يُستعمَل في قياس الأراضي. ووُجِدت القصبة في عهد الخلفاء وأقرها السلطان سليم الأول، وحُفِظت بمسجد من مساجد الجيزة، وقد اعترفت بها الجميعة التي اختيرت لمسح الأراضي وعايرتها فكان طولها من الأذرع البلدية، والذراع البلدي يساوي ٠٫٥٧٧٥ من المتر، فعلى هذا الحساب يكون مقدار القصبة الطولية ٣٫٨٥ من الأمتار، والمربعة ١٤٫٨٢٢٥ من الأمتار المربعة، وبضرب هذا المقدار في ٤٠٠ ما يساويه الفدان من القصبات المربعة، يكون الناتج ٥٩٢٩ مترًا مربعًا، وهو مساحة الفدان. ا.ﻫ.

وهذه المساحة يجب اعتبارها المساحة التي ذكرها جميع المؤلفين منذ فتح العرب مصر إلى حكم محمد علي.

أما تخفيض مساحة الفدان إلى ٤٢٠٠ متر مربع أو قصبة مربعة، فقد حدث في عهد محمد علي، وها هو ما رواه بهذا الصدد مؤرخو عصره: قال مانجان في كتابه «مختصر تاريخ مصر» (ج٢ ص٣٣٨) ما ترجمته:
كانت القصبة القديمة طولها ٣٫٨٥ من الأمتار، فخفضت إلى ٣٫٦٤ من الأمتار، وأصبح الفدان الآن يساوي قصبة مربعة. ا.ﻫ.
وقال كلوت بك في كتابه «نظرة عامة حول مصر» (ج٢ ص٥٠٠):
إن مساحة الفدان قصبة مربعة، والقيمة المترية للقصبة ٣٫١٥ من الأمتار، فتكون مساحة الفدان ٤٠٨٣ مترًا مربعًا. ا.ﻫ.
وقال يعقوب أرتين باشا في كتابه «الملكية العقارية في مصر» (ص١٢٢):
إن محمد علي لما أمر بمسح الأراضي في سنة ١٨١٣م صدرت إرادته بأخذ متوسط لمساحة الفدادين الموجودة، فقُدِّرت مساحة الفدان ﺑ قصبة مربعة. ا.ﻫ.
وقال جرجس بك حنين في كتابه «الأطيان والضرائب» (ص١٠٩ و١١٠):
وُجِد الفدان في بعض البلاد بمقدار ٤٣٢ قصبة مربعة، وفي أكثر البلاد بمقدار ٤٠٠ قصبة مربعة، وفي بعض البلاد بمقدار ٣٢٤ و٣١٠ و٢٠٠ قصبة، فأراد المغفور له محمد علي باشا تقرير وحدة جديدة لأقيسة الأطيان في البلاد، فعُقِدت بأمره جميعة في سنة ١٢٥٥ﻫ/سنة ١٨٣٨م تألفت من بعض مشاهير المهندسين، وهم: لينان باشا، وأدهم باشا، وبهجت باشا، وأزهري أفندي، وإبراهيم أفندي وهبى، ومحمد بك عبد الرحمن. وقررت القصبة بمقدار ثلاثة أمتار وخمسة وخمسين جزءًا من مائة جزء من المتر، وكان قد تقرر من قبل ذلك — في وقت إجراء المساحة العمومية على أطيان بلاد القطر — اعتبار الفدان بمقدار ثلاثمائة وثلاث وثلاثين قصبة وثلث قصبة مربعة، وبذلك أصبح الفدان كما ذكرنا قبل عبارة عن مسطح من الأرض يمتد بمقدار ثمان عشرة قصبة وربع قصبة تقريبًا في كلٍّ من جهاته الأربع، وأنه وإن لم يُعلَم في الوقت الحاضر على أي أساس بنوا رأيهم في جعل مسطح الفدان بمقدار قصبة مربعة، إلا أن ذلك في الغالب كان على متوسط الأقيسة المختلفة التي كانت متداولة وهو ما يقرب إلى الحقيقة؛ لأن الخمسة المعدلات المار ذكرها التي هي ٤٣٢ و٤٠٠ و٣٢٤ و٣١٠ و٢٠٠ يتكون من جمعها ١٦٦٦، وبقسمتها على خمسة ينتج ، فعدلوا الكسر بجعله ثلثًا بدلًا من خمس لسهولة الحساب، وجعله كقاعدة راسخة في الذهن بأن كل ألف قصبة ثلاثة أفدنة، وقد أخرجت الحكومة من حكم هذه القاعدة جميع الأراضي التي في بعض جهات لم تَفِ مسطحاتها من الأصل بهذا المعدل، فأمرت بالتعويل فيها على المقاسات المثبتة في مستندات الملكية. أما تقدير طول القصبة على معدل ثلاثة أمتار وخمسة وخمسين سنتيمترًا، فواضح في أمر صدر بعد ذلك من المرحوم سعيد باشا إلى مدير الفيوم في ١٥ ذي القعدة سنة ١٢٨٧، بأنه لما طلبت جملة قصبات من جهات مختلفة، وجدت أطوالها مختلفة؛ ولذلك أخذ متوسط هذه الأطوال المختلفة فكان بمقدار ٣٥٥ سنتيمترًا، والظاهر في نفس الأمر أن القصبة بمديرية جرجا كانت بطول ٣٥٠، وبمديرية الغربية كانت بطول ٣٥٥، وطبعًا كانت في جهة أخرى بطول ٣٦٠، حتى إن المتوسط بلغ ٣٥٥، وتأيد بأمر عالٍ آخَر في ٢٨ أبريل سنة ١٨٩١ على أن ذات مقياس القصبة قد أبطلتْ نظارة المالية استعماله في أعمالها المساحية من ابتداء سنة ١٨٩٩ بمنشور في ٢٨ ديسمبر سنة ١٨٩٨، قرَّرت فيه استبدال ذلك المقياس بسلسلة حديدية تُسمَّى جنزيرًا طوله مثل طول خمس قصبات. ا.ﻫ.
فيُرَى مما تقدَّمَ أن مانجان وجرجس بك حنين وإنْ اتفقا في أن عدد قصبات الفدان ، إلا أنهما اختلفا في طول القصبة، فالأول جعله ٣٫٦٤ من الأمتار، والثاني ٣٫٥٥ من الأمتار، ومع ذلك فلا ينبغي أن يساورنا أي شك في صحة ما أبداه كلٌّ منهما.

فمانجان يتكلم بصفة شاهد عيان، وأما رواية جرجس بك حنين فهي غاية في الدقة، وليس هنالك مجال للشك في صحتها، لا سيما أن المركز الذي كان يشغله جرجس حنين بك في وزارة المالية كان يخوله أكثر من غيره أن يستقي أصح الأنباء وأصدقها في هذا الموضوع.

وقال جيرار Girard في مذكرته عن المقاييس الزراعية عند قدماء المصريين في كتاب «وصف مصر» (المجلد الأول، ص٣٥٠):

إنه علاوة على القصبة التي طولها ٣٫٨٥ من الأمتار التي كان يستعملها الأهالي فيما بينهم، كانت توجد قصبة أخرى أقصر من الأولى بثلث ذراع، طولها ٣٫٦٥ من الأمتار، وكانت تُستعمَل في المعاملات التي كانت بين الأهالي والقبط، كما كان يستعملها أيضًا مساحو الحكومة. ا.ﻫ.

ومما لا شك فيه أن مانجان يقصد القصبة الأخيرة، فإنها لما أمر محمد علي بتخفيض عدد قصبات الفدان من ٤٠٠ إلى وقتما صدرت إرادته بمسح الأراضي، أبقى طول القصبة المذكورة على حاله، وعلى ذلك تكون مساحة هذا الفدان ٤٤٤١ مترًا مربعًا.

وأما مقدار الفدان الذي ذكره كلوت بك فقد استحال علينا أن نجد ما يؤيده في أي كتاب من كتب المؤلفين الآخرين، وبما أنه ذكَرَه بصفة شاهد عيان، فلا يسعنا إلا أن ننظر بعين الاعتبار إلى مقدار ذلك الفدان وهو ٤٠٨٣ مترًا مربعًا.

خلافة عمر بن الخطاب سنة ٢٣ﻫ/٦٤٤م

إن هذا الخليفة هو ثاني الخلفاء الراشدين الأربعة الذين خلفوا النبي ، وفي عهده فتح عمرو بن العاص مصر في سنة ٢٠ﻫ/٦٤٠م.

وقد سبق القول بأن عمر رفض مصادرة أراضي مصر وتقسيهما بين المسلمين، وأمر بربط الخراج عليها، وأن عمرو بن العاص قام بتنفيذ أوامره. وهاك ما رواه ابن عبد الحكم في كتابه ص١٥٢ و١٥٣ بهذا الصدد قال:

وكان عمرو بن العاص لما استوسق له الأمر أقر قبطها على جباية الروم، وكانت جبايتهم بالتعديل إذا عمرت القرية وكثر أهلها زيد عليهم، وإنْ قل أهلها وخربت نُقِصوا، فيجتمع عرفاء كل قرية وماروتها ورؤساء أهلها فيتناظرون في العمارة والخراب، حتى إذا أقروا من القسم بالزيادة انصرفوا بتلك القسمة إلى الكور، ثم اجتمعوا هم ورؤساء القرى فوزعوا ذلك على احتمال القرى وسعة المزارع، ثم ترجع كل قرية بقسمهم فيجمعون قسمهم وخراج كل قرية وما فيها من الأرض العامرة فيبذرون، فيُخرِجون من الأرض فدادين لكنائسهم وحماماتهم ومعدياتهم من جملة الأرض، ثم يخرج منها عدد الضيافة للمسلمين ونزول السلطان، فإذا فرغوا نظروا إلى ما في كل قرية من الصناع والأجراء فقسموا عليهم بقدر احتمالهم، فإن كانت فيها جالية قسموا عليها بقدر احتمالها، وقل ما كانت تكون إلا الرجل المنتاب أو المتزوج، ثم ينظرون ما بقي من الخراج فيقسمونه بينهم على عدد الأرض، ثم يقسمون ذلك بين مَن يُريد الزرع منهم على قَدْر طاقتهم، فإن عجز أحد وشكا ضعفًا عن زرع أرضه وزَّعوا ما عجز عنه على الاحتمال، وإن كان منهم مَن يريد الزيادة أُعطِي ما عجز عنه أهل الضعف، فإن تشاحوا قسموا ذلك على عدتهم، وكانت قسمتهم على قراريط الدينار أربعة وعشرين قيراطًا يقسمون الأرض على ذلك، وكذلك روي عن النبي : إنكم ستفتحون أرضًا يُذكَر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرًا. وجعل عليهم لكل فدان نصف إردب قمح وويبتين من شعير، إلا القرط فلم يكن عليه ضريبة، والويبة يومئذٍ ستة أمداد. ا.ﻫ.

وقال أيضًا بالصفحة ١٥٤:

حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب قال: قال عمر بن عبد العزيز: أيما ذمي أسلم فإن إسلامه يحرز له نفسه وماله، وما كان من أرض فإنها من فيء الله على المسلمين. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد أن عمر بن عبد العزيز قال: أيما قوم صالحوا على جزية يعطونها، فمَن أسلم منهم كان أرضه وداره لبقيتهم. قال الليث: وكتب إليَّ يحيى بن سعيد أن ما باع القبط في جزيتهم، وما يؤخذون به من الحق الذي عليهم من عبد أو وليدة أو بعير أو بقرة أو دابة، فإن ذلك جائز عليهم جائز لمَن ابتاعه منهم غير مردود إليهم إن أيسروا، وما أكروا من أرضهم فجائز كراؤه، إلا أن يكون يضر بالجزية التي عليهم، فلعل الأرض أن ترد عليهم إن أضرت بجزيتهم. وإن كان فضلًا بعد الجزية، فإنَّا نرى كراءها جائزًا لمَن تكارها منهم. ا.ﻫ.

وقال أيضًا بالصفحة ١٥٥:

حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن محمد بن عمرو، عن ابن جريج أن رجلًا أسلم على عهد عمر بن الخطاب فقال: ضعوا الجزية عن أرضي. فقال عمر: لا، إن أرضك فُتِحت عنوة. قال عبد الملك وقال مالك بن أنس: ما باع أهل الصلح من أرضهم فهو جائز لهم، وما فُتِح عنوةً فإن ذلك لا يشتري منهم أحد ولا يجوز لهم بيع شيء مما تحت أيدهم من الأرض؛ لأن أهل الصلح مَن أسلم منهم كان أحق بأرضه وماله، وأما أهل العنوة الذين أُخِذوا عنوةً، فمَن أسلم منهم أحرز إسلامه نفسه وأرضه للمسلمين؛ لأن أهل العنوة غُلِبوا على بلادهم وصارت فيئًا للمسلمين، ولأن أهل الصلح إنما هم قوم امتنعوا ومنعوا بلادهم حتى صالحوا عليها، وليس عليهم إلا ما صالحوا عليه، ولا أرى أن يُزاد عليهم ولا يُؤخَذ منهم إلا ما فرض عمر بن الخطاب؛ لأن عمر خطب الناس فقال: قد فُرِضت لكم الفرائض وسُنَّتْ لكم السنن وتُرِكْتُم على الواضحة. قال: وأما جزية الأرض فلا علم لي ولا أدري كيف صنع فيها عمر، غير أن قد أقر الأرض فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها، فلو نزل هذا بأحد كنت أرى أن يسأل أهل البلاد أهل المعرفة منهم والأمانة كيف كان الأمر في ذلك، فإن وجد من ذلك علمًا يشفي وإلا اجتهد في ذلك هو ومَن حضره من المسلمين. ا.ﻫ.

ويُستنتَج ممَّا رواه ابن عبد الحكم أن عمرو بن العاص فرض على كل فدان مزروع حبًّا نصف إردب قمح (٣ ويبات أو ٦ كيلات)، وويبتين من الشعير (٤ كيلات)، ومجموع ذلك خمس ويبات أو عشر كيلات من الحبوب عن كل فدان مساحته ٥٩٢٩ مترًا مربعًا، أيْ ثلاث ويبات ونصف ويبة، أو سبع كيلات عن كل فدان مساحته ٤٢٠٠ متر مربع. أما الأرض المزروعة برسيمًا فلم يُفرَض عليها خراج.

ولأجل أن نعرف قيمة هذا الخراج العيني يلزمنا تقدير عدد الأفدنة التي كانت تُزرَع قمحًا وشعيرًا.

لقد سبق القول بأن عدد الأشخاص الذين فرض عليهم عمرو الجزية كان ٦٠٠٠٠٠٠ نفس، وأبَنَّا أن هذا العدد لا بد أن يكون ثلث السكان، وعلى ذلك يكون مجموعهم ١٨٠٠٠٠٠٠ نسمة، وإن كان ابن عبد الحكم قد نقل عن يحيى بن ميمون الحضرمي في كتابه «فتوح مصر» (ص٨٧) أن الإحصاء الذي عمله عمرو أسفر عن ٨٠٠٠٠٠٠ شخص فُرِضت عليهم الجزية، وعلى ذلك يكون مجموع عدد السكان ٢٤٠٠٠٠٠٠ نسمة. وسبق لنا القول أيضًا بأن مجموعًا حاشدًا كهذا لا بد له من ٦ ملايين من الأفدنة المزروعة من بينها ٤ ملايين فدان تُزرَع قمحًا وشعيرًا، وبضرب هذا العدد في ٧ كيلات خراج الفدان يكون الناتج ٢٣٣٣٣٣٣ إردبًّا، وبضرب هذا في ٣٥ قرشًا ثمن الإردب يكون الناتج ٨١٦٦٦٦ج.م تقريبًا وهو جملة الخراج، ويكون خراج الفدان الواحد من القروش.
وقال اليعقوبي في تاريخه ج٢ ص١٧٦ و١٧٧:

في هذه السنة فتح عمرو بن العاص الإسكندرية وسائر أعمال مصر، واجتباها أربعة عشر ألف ألف دينار (٨٤٠٠٠٠٠ج.م) من خراج رءوسهم، لكل رأس دينارًا، وخراج غلاتهم من كل مائة إردب إردبين. ا.ﻫ.

وبما أننا قدرنا المساحة المزروعة في هذا العصر بستة ملايين من الأفدنة، فليس يوجد ما لا يجعلنا نعتقد بأن المحصول كان كما في عصر الفراعنة ستين مليون إردب، حتى يمكن بذلك تموين عدد السكان الجسيم في ذلك العصر.

هذا، وقد ذكر المسعودي كما جاء في كتاب «الخطط التوفيقية» لعلي مبارك باشا (ج١٨ ص٥) — وقد سبق ذكر ذلك — أن عمرو بن العاص بنى مقياسًا بحلوان، وسبب بنائه لهذا المقياس أنه لما فتح مصر اتصل إلى علم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ما يلقى أهلها من الغلاء عند وقوف النيل عن الحد الذي في مقياس لهم، وأن الاستشعار يدعوهم إلى الاحتكار، ويدعو الاحتكار إلى تصاعد الأسعار بغير قحط؛ فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص يسأله عن شرح الحال، فأجابه عمرو: إني وجدت ما تُروَى به مصر حتى لا يقحط أهلها، أربعة عشر ذراعًا، والحد الذي يُروَى منه سائرها حتى يفضل عن حاجتهم ويبقى عندهم قوت سنة أخرى ستة عشر ذراعًا. ا.ﻫ.

ويُعلَم مما تقدَّمَ أنه عندما يبلغ الفيضان ستة عشر ذراعًا يكون تقدير المحصول بستين مليون إردب تقديرًا ليس فيه مغالاة، وتكون جملة الخراج باعتبار ٢٪ ١٢٠٠٠٠٠ إردب، وبضرب هذا في ٣٥ قرشًا ثمن الإردب يكون الناتج ٤٢٠٠٠٠ج.م وهو قيمة الخراج، ويكون خراج الفدان الواحد ٧ قروش.

وقال البلاذري في كتابه «فتوح البلدان» (ص٢١٤ و٢١٥):

حدثني إبراهيم بن مسلم الخوارزمي، عن عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي فراس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: اشتبه على الناس أمر مصر، فقال قوم: فُتِحت عنوةً، وقال آخرون: فُتِحت صلحًا، والثَّلَجُ في أمرها أن أبي قدمها فقاتله أهل اليونة، ففتحها قهرًا وأدخلها المسلمين، وكان الزبير أول مَن علا حصنها، فقال صاحبها لأبي: إنه قد بلغنا فعلكم بالشام ووضعكم الجزية على النصارى واليهود، وإقراركم الأرض في أيدي أهلها يعمرونها ويؤدون خراجها، فإن فعلتم بنا مثل ذلك كان أرد عليكم من قتلنا وسبينا وإجلائنا. قال: فاستشار أبي المسلمين فأشاروا عليه بأن يفعل ذلك إلا نفرًا منهم سألوا أن يقسم الأرض بينهم، فوضع على كل حالم دينارين جزية إلا أن يكون فقيرًا، وألزم كل ذي أرض مع الدينارين ثلاثة أرادب حنطة، وقسطي زيت، وقسطي عسل، وقسطي خل رزقًا للمسلمين تُجمَع في دار الرزق وتُقسم فيهم، وأحصى المسلمون فألزم جميع أهل مصر لكل رجل منهم جبة صوف، وبرنسًا أو عمامة، وسراويل، وخفين في كل عام أو عدل الجبة الصوف ثوبًا قبطيًّا، وكتب عليهم بذلك كتابًا، وشرط لهم إذا وفوا بذلك أن لا تباع نُساؤهم وأبناؤهم، ولا تُسبوا وأن تقر أموالهم وكنوزهم في أيديهم. فكتب بذلك إلى أمير المؤمنين عمر، فأجازه وصارت الأرض أرض خراج، إلا أنه لما وقع هذا الشرط والكتاب ظن بعض الناس أنها فُتِحت صلحًا. قال: ولما فرغ ملك اليونة من أمر نفسه ومَن معه في مدينته صالَحَ عن جميع أهل مصر على مثل صلح اليونة، فرضوا به وقالوا: هؤلاء الممتنعون قد رضوا وقنعوا بهذا فنحن به أقنع؛ لأننا فرش لا منعة لنا. ووضع الخراج على أرض مصر فجعل على كل جريب دينارًا وثلاثة أرادب طعامًا، وعلى رأس كل حالم دينارين، وكتب بذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ا.ﻫ.

وقد ذكر البلاذري لفظ الجريب في هذه العبارة، لكنه أخطأ في ذكره هنا، ونحن نرجح أنه خلط بين هذا والفدان؛ لأن الجريب الذي هو أقل من الفدان لم يُستعمَل في مصر قَطُّ، أما ثمن الثلاثة الأرادب التي ذكرها فهو ١٠٥ قروش على اعتبار أن ثمن الإردب ٣٥ قرشًا، وبإضافة ٦٠ قرشًا قيمة الدينار المذكور معها إلى هذه القيمة يكون الناتج ١٦٥ قرشًا، وهو مقدار الخراج عن الفدان.

ومن المحقَّق أن هذا الخراج لم يُفرَض إلا على الأطيان المزروعة قمحًا، وهذه الأطيان يمكن تقدير مساحتها بمليوني فدان، ويكون جملة خراجها ٣٣٠٠٠٠٠ج.م ومتوسط خراج الفدان الواحد ٥٥ قرشًا في المساحة المزروعة جميعها، وهي ستة ملايين فدان.

وهذا المبلغ وإن كان يبدو لنا جسيمًا، لا سيما إذا قُورِن بما ذكره المؤلفان السابق ذكرهما، إلا أننا نرى أنفسنا مضطرين أن نذكره هنا مجاراة لهذا المؤلف.

وقد تبدو قيمة هذا الخراج ضئيلة عند قياسها بالقيم التي جُبِيت فيما بعدُ، والسبب في ذلك هو أن المورد الرئيسي للإيرادات وقتما فتح العرب مصر كان الجزية، وبعد هذا الفتح أخذ الناس يدخلون في الدين الإسلامي، وأخذ هذا المورد على أثر ذلك في النضوب، فدعت الحالة إلى إيجاد موارد أخرى، وها هي مبالغ الخراج التي حصلنا عليها في عهد هذا الخليفة:

المؤلِّف الخراج المساحة المزروعة متوسط خراج الفدان
جنيهات مصرية أفدنة قروش
ابن عبد الحكم ٨١٦٦٦٦ ٦٠٠٠٠٠٠
اليعقوبي ٤٢٠٠٠٠ ٦٠٠٠٠٠٠ ٧
البلاذري ٣٣٠٠٠٠٠ ٦٠٠٠٠٠٠ ٥٥

خلافة سليمان بن عبد الملك سنة ٩٩ﻫ/٧١٧م

إن هذا الخليفة هو سابع خلفاء بني أمية بدمشق، وقد مُسِحت أرض مصر أول مرة في عصر العرب على يد ابن رفاعة الذي كان عاملًا عليها في خلافة الوليد وخلافة أخيه وهو هذا الخليفة، حوالي سنة ٩٧ﻫ/٧١٥م.

وإليك ما ذكره عنها ابن عبد الحكم في كتابه ص١٥٦ قال:

حدثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن صالح قالا: حدثنا الليث بن سعد قال: لما ولي ابن رفاعة مصر خرج ليحصي عدة أهلها وينظر في تعديل الخراج عليهم، فأقام في ذلك ستة أشهر بالصعيد حتى بلغ أسوان ومعه جماعة من الأعوان والكُتَّاب يكفونه ذلك بجد وتشمير، وثلاثة أشهر بأسفل الأرض فأحصوا من القرى أكثر من عشرة آلاف قرية، فلم يحص فيها في أصغر قرية منها أقل من خمسمائة جمجمة من الرجال الذين يُفرَض عليهم الجزية. ا.ﻫ.

ولسوء الحظ ليس لدينا غير هذه العبارة أي مستند نقف منه على نتيجة هذه المساحة حتى ولو بوجه التقريب، وما ذكرنا هذا الفصل إلا ابتغاء الإحاطة بالتاريخ الذي حصلت فيه أول عملية لمسح الأراضي في مصر بعد أن فتحها العرب.

خلافة هشام بن عبد الملك سنة ١٢٥ﻫ/٧٤٣م

هذا الخليفة هو عاشر خلفاء بني أمية بدمشق، وفي عهده مُسِحت أرض مصر على يد ابن الحبحاب عامل الخراج، وهي المساحة الثانية التي ذكرها المؤرخون في عهد حكم العرب، قال الكندي في كتابه «فضائل مصر» (ص٢٠١):

وولي خراجها (أيْ خراج مصر) ابن الحبحاب لأمير المؤمنين هشام، فخرج بنفسه فمسح أرض مصر كلها عامرها وغامرها مما يركبه النيل، فوجد فيها ثلاثين ألف ألف فدان. ا.ﻫ.

وقد جباها أربعة آلاف ألف دينار (٢٤٠٠٠٠٠ج.م).

وقال المقريزي في خططه ج١ ص٧٥:

لما ولي عبيد الله بن الحبحاب خراج مصر لهشام بن عبد الملك، خرج بنفسه فمسح أرض مصر كلها عامرها وغامرها مما يركبه النيل، فوجد فيها مائة ألف ألف فدان. ا.ﻫ.

وقال بالصفحة ٩٩:

في خلافة هشام بن عبد الملك عندما ولي الخراج عبيد الله بن الحبحاب، خرج بنفسه ومسح العامر من أراضي مصر والغامر مما يركبه ماء النيل، فوجد قانون ذلك ثلاثين ألف ألف فدان سوى ارتفاع الجرف ووسخ الأرض، فراكها كلها وعدلها غاية التعديل، فعقدت معه أربعة آلاف ألف دينار (٢٤٠٠٠٠٠ج.م)، هذا والسعر راخ والبلد بغير مكس ولا ضريبة. ا.ﻫ.

وينبغي على ما نرى تفسير المائة مليون فدان بأنها المساحة العمومية لجميع أراضي القطر، والثلاثين مليون بالجزء المزروع، ومن الصعب معرفة أي مساحة أريدت للفدان في هذا العدد الهائل، ولكن بما أن المؤلفين أوردوه فما علينا إلا أن نذكره، وبذا يصير خراج الفدان ٨ قروش.

ولو حُذِف صفر من مقدار اﻟ ٣٠٠٠٠٠٠٠ فدان التي ذكرها المقريزي في عبارته الثانية لكان الباقي معقولًا، لا سيما إذا قُوبِل هذا الباقي بالمساحة المزروعة في عهد الخلافة الآتية.

ولكن حيث إن هذا المقدار مدوَّن بالحروف لا بالأرقام، فلا نرى شيئًا يسوِّغ لنا هذا الحذف.

خلافة المأمون سنة ٢١٨ﻫ/٨٣٣م

هذا الخليفة هو سابع خلفاء بني العباس ببغداد، وفي عهده هبط مقدار المساحة إلى الحد المعقول.

قال المقريزي في خططه ج١ ص٩٩:

كان خراج مصر إذا بلغ النيل سبع عشرة ذراعًا وعشر أصابع، أربعة آلاف ألف دينار ومائتي ألف وسبعة وخمسين ألف دينار (٢٥٥٤٠٠٠ج.م)، والمقبوض عن الفدان دينارين (١٢٠ قرشًا) في خلافة المأمون وغيره. ا.ﻫ.

فيُستنتَج من هذا أن عدد الأفدنة التي كان مفروضًا عليها الخراج هو ٢١٢٨٥٠٠ فدان، مساحة كلٍّ منها ٥٩٢٩ مترًا مربعًا، وبتحويلها إلى أفدنة مساحة كلٍّ منها ٤٢٠٠ متر مربع تصير ٣٠٠٤٧٣٢ فدانًا، ويكون خراج الفدان الواحد ٨٥ قرشًا.

خلافة المعتز بالله سنة ٢٥٥ﻫ/٨٦٩م

إن هذا الخليفة هو الثالث عشر من خلفاء بني العباس ببغداد، وقد تم في أيامه على يد ابن المدبر مسح أرض مصر حوالي سنة ٢٥٣ﻫ/٨٦٧م، وهي المساحة الثالثة في عصر العرب.

وهنا نرجع مرة أخرى إلى تدوين أرقام وهمية ذكرها أيضًا مؤلفو العرب.

قال ابن وصيف شاه كما جاء في كتاب «نشق الأزهار» لابن إياس ص٣٧:

لما ولي الأمير أحمد بن طولون على مصر وجدها خرابًا، وقد انحط خراجها حتى بقي ثمانمائة ألف دينار (٤٨٠٠٠٠ج.م). ا.ﻫ.

وقال المقريزي في خططه ج١ ص٩٩:

تسلم (أحمد بن طولون) أرض مصر من أحمد بن محمد بن مدبر، وقد خربت أرض مصر حتى بقي خراجها ثمانمائة ألف دينار (٤٨٠٠٠٠ج.م). ا.ﻫ.

وقال في ص١٠٠:

وآخِر ما اعتبر حال أرض مصر فوجد مدة حرثها ستين يومًا، ومساحة أرضها مائة ألف ألف وثمانين ألف ألف فدان، يُزرَع منها في مباشرة ابن مدبر أربعة وعشرون ألف ألف فدان، وإنه لا يتم خراجها حتى يكون فيها أربعمائة ألف وثمانون ألف حراث يلزمون العمل فيها دائمًا، فإذا أقيم بها هذا القدر من العمال في الأرض تمت عمارتها وكمل خراجها، وآخِر ما كان بها مائة ألف وعشرون ألف مزارع، في الصعيد سبعون ألفًا، وفي أسفل الأرض خمسون ألفًا. ا.ﻫ.

وقال أبو المحاسن في كتابه «النجوم الزاهرة» (ج١ ص٤٩):

وقيل: إن أحمد بن المدبر المذكور اعتبر ما يصلح للزراعة بمصر فوجده أربعة وعشرين ألف ألف فدان، والباقي مستبحر وتلف من قلة الزراعة. ا.ﻫ.

وبناء على ما تقدَّمَ تكون مساحة الأرض المزروعة ٢٤ مليون فدان، وقيمة الخراج ٤٨٠٠٠٠ج.م ويكون متوسط الخراج عن الفدان الواحد قرشين.

ولو حُذِف صفر من عدد الأفدنة البالغ ٢٤٠٠٠٠٠٠ لأصبح هذا العدد معقولًا، لا سيما إذا قُوبِل بالعدد الذي في عهد الخلافة السابقة، ولكن أنَّى لنا ذلك وهو مدوَّن بالحروف لا بالأرقام.

وعلى ذلك لا يوجد ما يسوِّغ لنا هذا الحذف.

حكومة أحمد بن طولون سنة ٢٧٠ﻫ/٨٨٤م

اشتهر عهد هذا الأمير بالرفاهية واليسار اللذين حلَّا بالبلد، وزادهما اتساعًا وانتشارًا تصرفاته الحسنة وإدارته الرشيدة.

قال ابن وصيف شاه كما جاء في كتاب «بدائع الزهور» لابن إياس (ج١ ص٢٦٦):

جُبِي خراج مصر في أيام الأمير أحمد بن طولون مع وجود الرخاء أربعة آلاف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار (٢٥٨٠٠٠٠ج.م). ا.ﻫ.

حكومة الإخشيد محمد بن طغج سنة ٣٣٤ﻫ/٩٤٦م

هذا الأمير هو أول أمراء الأسرة الإخشيدية.

قال المقريزي في خططه ج١ ص٩٩:

بلغ خراج مصر في أيام الأمير أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد ألفي ألف دينار (١٢٠٠٠٠٠ج.م). ا.ﻫ.

وقال أيضًا في هذه الصفحة:

والإخشيد أول مَن عمل الرواتب بمصر، وكان كاتبه ابن كلا قد عمل تقديرًا عجز فيه المرتب عن الارتفاع مائتي ألف دينار، فقال الإخشيد: كيف نعمل؟ قال: حط من الجرايات والأرزاق، فليس هؤلاء أولى من الواجب. فقال: غدًا تجيئني ونُدبِّر هذا. فلما أتاه من الغد، قال له الإخشيد: قد فكرت فيما قلت، فإذا أصحاب الرواتب الضعفاء وفيهم المستورون وأبناء النعم، ولست آخذ هذا النقص إلا منك. فقال ابن كلا: سبحان الله! فقال: تسبيحًا. وما زال به الإخشيد حتى أخذ خطه بالقيام بذلك، فعوتب على ما صنعه، فقال: يا قوم اسمعوا إيش كان يعمل، جاءه أحمد بن محمد ابن المارداني فقال له: ما بيني وبين السلطان معاملة، ولا للإخشيد عليَّ طريق، وهذه هدية عشرة آلاف دينار للإخشيد، وألف دينار لك. فجاءني وقال: لك قبل ابن المارداني مطالبة؟ فقلت: لا. فقال: هذه ألف دينار قد جاءتك على وجه الماء. فأعطاني ألفًا، وأخذ عشرة آلاف دينار، وأهدى إليَّ محمد بن علي المارداني في وقت عشرين ألف دينار على يده فاستقللتها، فلما اجتمعنا عاتبته، فقال لي: أرسلت إليك مائة ألف دينار، ولابن كلا كاتبك عشرين ألف دينار. فأخذ المائة وأعطاني العشرين ألفًا، فذكرت قول محمد بن علي له فقال: ما أبرد هذا، حفظت لك المائة ألف لوقت حاجتك تريدها؟ خذها وأنا أعلم أنك تتلفها. ا.ﻫ.

خلافة المعز لدين الله سنة ٣٦٥ﻫ/٩٧٥م

إن هذا الخليفة هو أول الخلفاء الفاطميين بمصر، وقد أورد المؤرخون ما جباه من الخراج في ظرف سنين، وإليك ما قاله هؤلاء: قال ابن وصيف شاه كما جاء في كتاب «نشق الأزهار» لابن إياس (ص٣٧):

لما قدم جوهر القائد من الغرب في أيام الخليفة المعز الفاطمي، جبى خراج مصر في أيام الفاطميين ألف ألف ومائتي ألف دينار (٧٢٠٠٠٠ج.م)، وذلك في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. ا.ﻫ.

وأورد المقريزي في خططه ج١ ص٩٩ عن السنة نفسها قيمة أخرى هي ٣٢٠٠٠٠٠ دينار (١٩٢٠٠٠٠ج.م).

ونحن نرى أنه أخطأ بلا شك في هذا المبلغ؛ إذ إن غيره من المؤلفين ذكره بصفة متحصل عن السنين التي تلت هذه السنة، وهذا بالطبع أقرب إلى الصواب؛ لأن الفاتح عادة يجبي في أول سنة أقل مما يجبيه في السنين التالية.

وقال ابن حوقل في كتابه «المسالك والممالك» (ص١٠٧ وما بعدها):

وما لا شك فيه أنها جُبِيت (أيْ مصر) لسنة ٣٥٩ﻫ/٩٧٠م على يد أبي الحسن جوهر عبد أمير المؤمنين المعز لدين الله ثلاثة آلاف ألف دينار ومائتي ألف دينار (١٩٢٠٠٠٠ج.م)، وذلك أنهم كانوا فيما سلف من الزمان يُؤدون عن الفدان ثلاثة دنانير ونصفًا (٢١٠ قروش)، وزائدًا عن ذلك القليل إلى نقص يسير، فقبض منهم في هذه السنة المذكورة عن الفدان سبعة دنانير (٤٢٠ قرشًا)، ولذلك انعقد هذا المال بهذا الوفور. ا.ﻫ.

وعلى هذا الحساب لا بد أن يكون عدد الأفدنة التي مساحة الواحد منها ٥٩٢٩ مترًا مربعًا هو ٤٥٨١٤٣ فدانًا، وبتحويلها إلى أفدنة مساحة كل منها ٤٢٠٠ متر مربع، تصير ٦٤٦٧٤٥ فدانًا، ويكون خراج الفدان الواحد من القروش.

ويظهر أن ذلك لا يسوغ في العقل إلا بصعوبة؛ إذ إن عدد الأفدنة قليل جدًّا ووحدة الخراج مرتفعة للغاية، ومع ذلك فهذا المؤلف رزين مدقِّق، وكان من الذين عاشوا في ذلك العصر.

وذكر أبو المحاسن في كتابه «النجوم الزاهرة» (ج١ ص٤٩):

ثم جباه (أي الخراج) جوهر القائد خادم المعز العبيدي ثلاثة آلاف ألف دينار ومائتي ألف دينار (١٩٢٠٠٠٠ج.م) في سنة ستين وثلاثمائة (٩٧١م). ا.ﻫ.

ويتضح من ذلك أن خراج السنة الماضية ظل باقيًا على ما هو عليه، وإليك ملخص مبالغ الخراج في عهد هذا الخليفة:

السنة الخراج بالجنيهات المصرية المساحة بالأفدنة متوسط خراج الفدان بالقروش
سنة ٣٥٨ﻫ ٧٢٠٠٠٠
سنة ٣٥٩ﻫ ١٩٢٠٠٠٠ ٦٤٦٧٤٥
سنة ٣٦٠ﻫ ١٩٢٠٠٠٠ ٦٤٦٧٤٥

خلافة المستنصر بالله سنة ٤٨٧ﻫ/١٠٩٤م

هذا الخليفة هو خامس الخلفاء الفاطميين بمصر، وقد أورد لنا أبو صالح الأرمني في تاريخه «الكنائس» (ص١٠) وما بعدها بيانًا بخراج هذا العهد ذا فائدة عظيمة، أوضح فيه النواحي والكفور بكل كورة، لكنه مع الأسف أغفل فيه مساحة كلٍّ منها.

وقد ذكر في هذا البيان أن الخراج المؤدى عنها هو ٣٠٦١٠٠٠ دينار (١٨٣٦٦٠٠ج.م)، عدا المقدَّر عن مدينة الإسكندرية وثغر دمياط وتنيس وقفط ونقادة وبركة الحبش بظاهر مصر، ومقداره ٦٠٠٠٠ دينار (٣٦٠٠٠ج.م). ثم ذكر في ختام بيانه أن ذلك الخراج استُخْرِجَ في عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي أيام ابن الكحال القاضي، وها هي عدة النواحي والكفور نقلًا عن ذلك البيان:

الوجه البحري
الكورة أو المديرية عدد نواحيها عدد كفورها مجموعهما
المجموع ٩١٧ ٦٨١ ١٥٩٨
الشرقية ٢٩٤ ١٥٨ ٤٥٢
المرتاحية ٤٨ ٤١ ٨٩
الدقهلية ٣٩ ٣١ ٧٠
الأبوانية ٦ ٦
جزية قوسنيا ٦٨ ٦ ٧٤
الغربية ١٤٩ ١٦٥ ٣١٤
السمنودية ٩٧ ٣٢ ١٢٩
المنوفيتين ٦٩ ٣٢ ١٠١
فوه والمزاحمتين ١٠ ٣ ١٣
النستراوية ٦ ٦
رشيد والجديدية وإدكو ٣ ٣
جزيرة بني نصر ٤١ ٢٣ ٦٤
البحيرة ٨٧ ٨٩ ١٧٦
حوف رمسيس ١٠١ ١٠١
الوجه القبلي
الكورة أو المديرية عدد نواحيها عدد كفورها مجموعهما
المجموع ٣١١ ١٥٣ ٤٦٤
الجيزية ٧٠ ٢٧ ٩٧
الأطفيحية ١٣ ٤ ١٧
البوصيرية ١٣ ١ ١٤
الفيومية ٥٥ ١١ ٦٦
البهنساوية ٨٤ ٢١ ١٠٥
الأشمونين ٥٤ ٥٧ ١١١
الأسيوطية ٢٢ ٣٢ ٥٤
جملة النواحي والقرى بالوجه البحري والقبلي
الجهة عدد النواحي عدد القرى مجموعهما
الجملة ١٢٢٨ ٨٣٤ ٢٠٦٢
الوجه البحري ٩١٧ ٦٨١ ١٥٩٨
الوجه القبلي ٣١١ ١٥٣ ٤٦٤

وها هو خراج كل كورة أو مديرية نقلًا عن البيان المذكور:

الوجه البحري
الكورة أو المديرية خراجها بالدينار خراجها بالجنيه المصري
المجموع ٢٢٧٧٩٦٧ ١٣٦٦٧٨٠
الشرقية ٦٩٤١٢١ ٤١٦٤٧٣
المرتاحية ٧٠٣٥٨ ٤٢٢١٤
الدقهلية ٣٥٠٧٦١ ٢١٠٤٥٧
الأبوانية ٤٧٠٠ ٢٨٢٠
جزيرة قوسنيا ١٥٩٦٦٤ ٩٥٧٩٨
الغربية ٤٣٠٩٥٥ ٢٥٨٥٧٣
السمنودية ٢٠٠٦٥٧ ١٢٠٣٩٤
المنوفيتين ١٤٠٩٣٣ ٨٤٥٦٠
فوه والمزاحمتين ٦٠٨٠ ٣٦٤٨
النستراوية ١٤٩١٠ ٨٩٤٦
رشيد والجديدية وإدكو ٣٠٠٠ ١٨٠٠
جزيرة بني نصر ٦٢٥٠٨ ٣٧٥٠٥
البحيرة ١٣٩٣١٣ ٨٣٥٨٨
حوف رمسيس ٧ ٤
الوجه القبلي
الكورة أو المديرية خراجها بالدينار خراجها بالجنيه المصري
المجموع ٧٨٣٠٣٣ ٤٦٩٨٢٠
الجيزية ١٢٩٦٤١ ٧٧٧٨٥
الأطفيحية ٣٩٤٤٩ ٢٣٦٦٩
البوصيرية ٣٩٣٩٠ ٢٣٦٣٤
الفيومية ١٤٥١٦٢ ٨٧٠٩٧
البهنساوية ٢٣٤٨٠١ ١٤٠٨٨١
الأشمونين ١٢٧٦٧٦ ٧٦٦٠٦
الأسيوطية ٦٦٩١٤ ٤٠١٤٨
جملة الخراج بالوجهين البحري والقبلي
الجهة خراجها بالدينار خراجها بالجنيه المصري
الجملة ٣٠٦١٠٠٠ ١٨٣٦٦٠٠
الوجه البحري ٢٢٧٧٩٦٧ ١٣٦٦٧٨٠
الوجه القبلي ٧٨٣٠٣٣ ٤٦٩٨٢٠

ولم يذكر أبو صالح الأرمني في بيانه خراج كورة الأسيوطية، والمبلغ الذي تراه أمامها في الجدول السابق هو الباقي بعد طرح مجموع خراج الكور الأخرى من جملة الخراج، حيث ظهر لنا بعد مقابلتهما أنهما مختلفان.

وقد ذكر المؤلف المذكور جملة النواحي والكفور وهي ٢١٨٦، منها ١٢٩٦ ناحية و٨٩٠ كفرًا، وهذه الجملة تزيد ٦٨ ناحية و٥٦ كفرًا مجموعهما ١٢٤، على الجملة التي في الجدول السابق.

حكومة صلاح الدين الأيوبي سنة ٥٨٩ﻫ/١١٩٣م

ابتدأت حكومة هذا السلطان من سنة ٥٦٧ﻫ/١١٧١م.

قال ابن مماتي في كتابه «قوانين الدواوين» (ص٢٩): إنه في هذه السنة المذكورة كان خراج الفدان الذي مساحته ٥٩٢٩ مترًا مربعًا والمزروع قمحًا هو ثلاثة أرادب، وبضرب هذا المقدار في ٣٥ قرشًا ثمن الإردب ينتج ١٠٥ قروش، وهو خراج الفدان الواحد بالنقود، وبتحويل ذلك الفدان إلى فدان مساحته ٤٢٠٠ متر مربع يصير خراج هذا الفدان الأخير من الأرادب عينًا أو ٧٨ قرشًا نقدًا.

وأورد لنا هذا المؤلف أيضًا بيان الخراج الذي كان مربوطًا على المحاصيل على اختلاف أنواعها عن سنة ٥٧٢ﻫ/١١٧٦م.

وخراج الستة المحاصيل الأولى منها ذكر قيمته بالأرادب فقط، وقد قدرنا هذه القيمة بالنقود حسبما كانت تساوي في ذاك الوقت تقديرًا مرجحًا، وهذا هو البيان، والخراج المدون به هو عن الفدان الذي مساحته ٤٠٠ قصبة مربعة أو ٥٩٢٩ مترًا مربعًا.

الزراعة الشتوية
نوع المحصول خراج الفدان نقدًا خراجه عينًا
دينار قرش إردب
قمح ٨٧
شعير ٨٧
فول ٨٧
حمص ٧٥
جلبان ٨٧
عدس ١٠٠
كتان ٣ ١٨٠
قرط (برسيم) ١ ٦٠
بصل وثوم ٢ ١٢٠
ترمس ٧٥
الزراعة الصيفية
نوع المحصول خراج الفدان نقدًا خراجه عينًا
دينار قرش إردب
قصب شامي ١ ٦٠
قصب السكر أول سنة ٥ ٣٠٠
قصب السكر ثاني سنة ١٣٢
بطيخ ٣ ١٨٠
لوبيا ٣ ١٨٠
سمسم ١ ٦٠
قطن ١ ٦٠
قلقاس ٤ ٢٤٠
باذنجان ٣ ١٨٠
نيل (نيلة) ٣ ١٨٠
فجل ولفت ١ ٦٠
خس ٢ ١٢٠
كرنب ٢ ١٢٠
بصل ٢ ١٢٠
أشجار مختلفة
كروم ٥ ٣٠٠
قصب فارسي ٣ ١٨٠
أشجار ٧ ٤٢٠
وبتحويل خراج الفدان المذكور إلى خراج فدان مساحته من القصبات المربعة، أيْ ٤٢٠٠ متر مربع يصير الخراج كالآتي:
الزراعة الشتوية
نوع المحصول خراج الفدان نقدًا خراجه عينًا
قرش إردب
قمح ٦١
شعير ٦١
فول ٦١
حمص ٥٢
جلبان ٦١
عدس ٧٠
كتان ١٢٧
قرط (برسيم) ٤٢
بصل وثوم ٨٥
ترمس ٥٣
الزراعة الصيفية
نوع المحصول خراج الفدان نقدًا خراجه عينًا
قرش إردب
قصب شامي ٤٢
قصب السكر أول سنة (رأس) ٢١٢
قصب السكر ثاني سنة (خلفة) ٩٣
بطيخ ١٢٧
لوبيا ١٢٧
سمسم ٤٢
قطن ٤٢
قلقاس ١٦٩
باذنجان ١٢٧
نيل (نيلة) ١٢٧
فجل ولفت ٤٢
خس ٨٥
كرنب ٨٥
بصل ٨٥
أشجار مختلفة
كروم ٢١٢
قصب فارسي ١٢٧
أشجار ٢٩٦
وقال المقريزي في خططه ج١ ص٨٧:

قال القاضي الفاضل في متجددات سنة خمس وثمانين وخمسمائة (١١٨٩م) أوراق بما استقر عليه عبر البلاد من الإسكندرية إلى عيذاب إلى آخِر الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وثمانين وخمسمائة، خارجًا عن الثغور وأبواب الأموال الديوانية والأحكار والحبس ومنفلوط ومنقباط وعدة نواحٍ أوردت أسماءها، ولم يعين لها في الديوان عبرة من جملة أربعة آلاف ألف وستمائة ألف وثلاثة وخمسين ألفًا وتسعة عشر دينارًا (٢٧٩١٨١١ج.م). ا.ﻫ.

وإليك بيان المديريات وخراجها الذي ذكره:

الوجه البحري
الكورة أو المديرية الخراج
بالدينار بالجنيه المصري
المجموع ٢٧٨٢٢٧٥ ١٦٦٩٣٦٣
الشرقية والمرتاحية والدقهلية وبوش ١١٩٠٢٩٣ ٧١٤٥٥٤
البحيرة ١١٥٥٧٦ ٦٩٣٤٦
حوف رمسيس ٩٢٤٠٣ ٥٥٤٤٢
فوه والمزاحمتين ١٠١٢٥ ٦٠٧٥
النستراوية ١٥٣٠٥ ٩١٨٣
جزيرة بني نصر ١١٢٦٤٦ ٦٧٥٨٨
جزيرة قوسنيا ١٣٠٥٩٢ ٧٨٣٥٣
الغربية ٦٧٤٦٠٥ ٤٠٤٧٦٣
السمنودية ٢٤٥٤٧٩ ١٤٧٢٨٧
الدنجاوية ٤٦٢٧٤ ٢٧٧٦٤
المنوفية ١٤٨٣٤٧ ٨٩٠٠٨
الوجه القبلي
الكورة أو المديرية الخراج
بالدينار بالجنيه المصري
المجموع ١٤٩٥٢١٤ ٨٩٧١٢٨
الجيزة ١٣٥٢٠٤ ٩١٩٢٢
الأطفيحية ٥٩٧٢٨ ٣٥٨٣٧
البوصيرية ٦٠٤٦٦ ٣٦٢٨٠
الفيومية ١٥٢٦٣٤ ٩١٥٨٠
البهنسية ٣٥٢٦٣٤ ٢١١٥٨١
الواحات ٢٥٠٠٠ ١٥٠٠٠
الأشمونين ١٤٧٧٣٢ ٨٨٦٣٩
السيوطية عدا منفلوط ومنقباط ٧٢٥٠٤ ٤٣٥٠٢
الأخميمية ١٠٨٨١٢ ٦٥٢٨٧
القوصية ٣٦٢٥٠٠ ٢١٧٥٠٠
جملة خراج الوجهين البحري والقبلي
الجهة الخراج
بالدينار بالجنيه المصري
الجملة ٤٢٧٧٤٨٩ ٢٥٦٦٤٩١
الوجه البحري ٢٧٨٢٢٧٥ ١٦٦٩٣٦٣
الوجه القبلي ١٤٩٥٢١٤ ٨٩٧١٢٨

ويُرَى من هذا البيان أن جملة المبالغ التي ذُكِرت أمام كل كورة وهي ٤٢٧٧٤٨٩ دينارًا (٢٥٦٦٤٩١ج.م)، تنقص عن القيمة الإجمالية التي ذكرها بمقدار ٣٧٥٥٣٠ دينارًا (٢٢٥٣١٨ج.م).

حكومة المنصور حسام الدين لاجين سنة ٦٨٩ﻫ/١٢٩٠م

إن هذا السلطان هو الرابع عشر من دولة المماليك البحرية، وفي عهده مُسِحت أرض مصر المرة الرابعة في حكم العرب.

قال المقريزي في خططه ج١ ص٨٨:

لما أفضت السلطنة إلى المنصور لاجين راك البلاد، وذلك أن أرض مصر كانت أربعة وعشرين قيراطًا، فيختص السلطان منها بأربعة قراريط، ويختص الأجناد بعشرة قراريط، ويختص الأمراء بعشرة قراريط. وكان الأمراء يأخذون كثيرًا من إقطاعات الأجناد، فلا يصل إلى الأجناد منها شيء، ويصير ذلك الإقطاع في دواوين الأمراء، ويحتمي بها قُطَّاع الطريق، وتثور بها الفتن، ويقوم بها الهوشات، ويمنع منها الحقوق والمقررات الديوانية، وتصير مأكلة لأعوان الأمراء ومستخدميهم، ومضرة على أهل البلاد التي تجاورها، فأبطل السلطان ذلك، ورَدَّ تلك الإقطاعات على أربابها، وأخرجها بأسرها من دواوين الأمراء، وأول ما بدأ به ديوان الأمير سيف الدين منكوتمر نائب السلطنة. ا.ﻫ.

وقال ابن إياس في كتابه «بدائع الزهور» (ج١ ص١٣٧):

ثم دخلت سنة سبع وتسعين وستمائة (١٢٩٨م) وفيها راك السلطان البلاد المصرية وهو الروك الحسامي، وكان ابتداء ذلك في سادس جمادى الأولى من السنة المذكورة، وكان المتكلم في ذلك شخصًا من المباشرين يقال له التاج الطويل، فشرع في كتب قوائم بمساحة البلاد وأسمائها، وكانت البلاد المصرية مقسومة يومئذٍ على أربعة وعشرين قيراطًا، منها أربعة قراريط للسلطان، ومنها عشرة قراريط للإمراء والإطلاقات، ومنها عشرة قراريط للجند كلهم، فرسم السلطان للمباشرين بأن يكفوا الأمراء بعشرة قراريط مع الأجناد، وزاد الذين قد تشكوا من الأجناد قيراطًا، وبقي للسلطان ثلاثة عشر قيراطًا، فشكى الجند وضجوا من ذلك، وكان المتكلم في ذلك الأمير منكوتمر النائب، فصار يقابح الأمراء والجند أنحس مقابحة، وعادى سائر العسكر بسبب ذلك، فنفرت قلوبهم عن السلطان لاجين، وتمنى كل أحد زواله، وكثر الدعاء عليه من الناس، وكان مملوكه منكوتمر من سيئات الدهر أظلم خلق الله تعالى وأنحسهم، فلما كان ثامن رجب من السنة المذكورة فرقت المثالات بما تقرَّر عليه المال مع الأمراء والجند وهم غير راضين بذلك. ا.ﻫ.

ولم يذكر المقريزي ولا ابن إياس شيئًا آخر عن تفصيلات هذا الروك، غير أننا بواسطة كتاب «التحفة السنية» لابن الجيعان الذي هو عن الروك الذي بعده، أيْ روك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، أمكننا استنتاج هذه التفصيلات.

فقد ذكر ابن الجيعان في كتابه الآنِف الذكر خراج الروك السابق عن القرى التي حدث فيها تغيير دون أن يذكر مصدر ذلك، غير أنه من النص الذي نقلناه عن ابن إياس سابقًا والنص الآتي له بعدُ يُعرَف بالبداهة أن هذا الخراج يختص بالروك الحسامي.

فقد قال ابن إياس في كتابه «بدائع الزهور» (ص١٥٩) عند الكلام على حوادث سنة ٧١٥ﻫ/١٣١٥م:

إنه في هذه السنة راك الناصر محمد بن قلاوون البلاد المصرية وهو الروك الناصري بعد الروك الحسامي، فزاد عن الروك الحسامي في مواضع ونقص في مواضع. ا.ﻫ.

وإذن يكون الخراج السابق للذي ذكره ابن الجيعان هو خراج الروك الحسامي، وسيتضح فيما بعدُ أن خراج الروك الناصري ينقص عن خراج الروك الحسامي بوجه عام.

وقد تتبعنا في وضع تفصيلات الروك الحسامي الطريقة التي وضع بها الروك الناصري، أما عدد النواحي والفدادين فقد أبقيناه على ما هو عليه لعدم وجود ما يفيد حدوث تغيير فيه، خصوصًا أن المدة ما بين الاثنين قصيرة (١٧ سنة) لا يتوقع فيها حدوث تغيير كبير. وإليك بيان هذه التفصيلات:

عدد النواحي بكل كورة في الوجه البحري
الكورة أو المديرية عدد نواحيها
المجموع ١٦٣٧
ضواحي مصر ٢٦
القليوبية ٦١
الشرقية ٣٩٦
الدقهلية والمرتاحية ٢١٤
دمياط ١٤
الغربية ٤٧٧
المنوفية ١٣٣
أبيار وجزيرة بني نصر ٤٩
البحيرة ٢٣١
فوه والمزاحمتين ١٦
النستراوية ٦
الإسكندرية ١٤
عدد النواحي بكل كورة في الوجه القبلي
الكورة أو المديرية عدد نواحيها
المجموع ٦٧٩
الجيزية ١٥٤
الأطفيحية ٥٢
الفيومية ١٠٤
البهنساوية ١٥٩
الأشمونين ١٠٤
المنفلوطية ٥
الأسيوطية ٣٣
الأخميمية ٢٥
القوصية ٤٣
جملة عدد النواحي بالوجهين البحري والقبلي
الجهة عدد نواحيها
الجملة ٢٣١٦
الوجه البحري ١٦٣٧
الوجه القبلي ٦٧٩
خراج كل كورة أو مديرية في الوجه البحري
الكورة أو المديرية خراجها
بالدينار بالجنيه المصري
المجموع ٦٤٥٤٩٢٣ ٣٨٧٢٩٥٤
ضواحي مصر ١٥٧١٧٠ ٩٤٣٠٢
القليوبية ٤٤٢٤٧٤ ٢٦٥٤٨٤
الشرقية ١٣٧٣٤٩٣ ٨٢٤٠٩٦
الدقهلية والمرتاحية ٦٤٤٢٦٦ ٣٨٦٥٦٠
دمياط ٢٧٠٦٦ ١٦٢٣٩
الغربية ٢١٨٢٩٣٣ ١٣٠٩٧٦٠
المنوفية ٥٦٤٦٨٨ ٣٣٨٨١٣
أبيار وجزيرة بني نصر ١١٧٤٧٥ ٧٠٤٨٥
البحيرة ٧٥٩٤٢٨ ٤٥٥٦٥٧
فوه والمزاحمتين ٦٤٤٥٨ ٣٨٦٧٥
النستراوية ٤٠٦٨٠ ٢٤٤٠٨
الإسكندرية ٨٠٧٩٢ ٤٨٤٧٥
خراج كل كورة أو مديرية في الوجه القبلي
الكورة أو المديرية خراجها
بالدينار بالجنيه المصري
المجموع ٤٣٦١٦٦١ ٢٦١٦٩٩٦
الجيزية ٧٨٥٤٣٤ ٤٧١٢٦٠
الأطفيحية ١٤٠٧٥٢ ٨٤٤٥١
الفيومية ٥٣٣٠٢١ ٣١٩٨١٣
البهنساوية ١١٧٨٣٨٣ ٧٠٧٠٣٠
الأشمونين ٦٣٧٤٩٦ ٣٨٢٤٩٨
المنفلوطية ٦٤٣٧٥ ٣٨٦٢٥
الأسيوطية ٣٨٣٨٣٢ ٢٣٠٢٩٩
الأخميمية ١٨٨٦١٩ ١١٣١٧١
القوصية ٤٤٩٧٤٩ ٢٦٩٨٤٩
جملة الخراج بالوجهين البحري والقبلي
الجهة الخراج
بالدينار بالجنيه المصري
الجملة ١٠٨١٦٥٨٤ ٦٤٨٩٩٥٠
الوجه البحري ٦٤٥٤٩٢٣ ٣٨٧٢٩٥٤
الوجه القبلي ٤٣٦١٦٦١ ٢٦١٦٩٩٦
عدد الأفدنة بكل كورة في الوجه البحري
الكورة أو المديرية عدد أفدنتها
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
المجموع ٢٠٠١٧٤٥ ٢٨٢٥٧٦٧
ضواحي مصر ٢٠٥٩٨ ٢٩٠٧٧
القليوبية ١١٣٣٢١ ١٥٩٩٧٢
الشرقية ٥١٣٩٧٠ ٧٢٥٥٥٥
الدقهلية والمرتاحية ١٧٠٥٨٨ ٢٤٠٨١٤
دمياط ٩١٩١ ١٢٩٧٤
الغربية ٥٥٧١٧٦ ٧٨٦٥١٧
المنوفية ١٤٦٠٥٦ ٢٠٦١٨٢
أبيار وجزيرة بني نصر ١٠٠٢٢٤ ١٤١٤٨٣
البحيرة ٣١٨١٩٦ ٤٤٩١٨٧
فوه والمزاحمتين ١٢٩٢٧ ١٨٢٤٨
النستراوية ٧٣٢٦ ١٠٣٤٢
الإسكندرية ٣٢١٧٢ ٤٥٤١٦
عدد الأفدنة بكل كورة في الوجه القبلي
الكورة أو المديرية عدد أفدنتها
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
المجموع ١٦٣٤٨٩٥ ٢٣٠٧٩٢٦
الجيزية ١٦٥١٣٦ ٢٣٣١١٧
الأطفيحية ١٢٥٢١٦ ١٧٦٧٦٣
الفيومية ١٥٥٣٥٢ ٢١٩٣٠٥
البهنساوية ٣٥٧١٢٦ ٥٠٤١٤٣
الأشمونين ٢٠٩١٣٩ ٢٩٥٢٣٥
المنفلوطية ٢٢٧٩١ ٣٢١٧٣
الأسيوطية ١٣٤٤٢٢ ١٨٩٧٥٩
الأخميمية ١٢٠٦٢٠ ١٧٠٢٧٥
القوصية ٣٤٥٠٩٣ ٤٨٧١٥٦
جملة الأفدنة بالوجهين البحري والقبلي
الجبهة عدد الأفدنة
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
الجملة ٣٦٣٦٦٤٠ ٥١٣٣٦٩٣
الوجه البحري ٢٠٠١٧٤٥ ٢٨٢٥٧٦٧
الوجه القبلي ١٦٣٤٨٩٥ ٢٣٠٧٩٢٦
خراج الفدان بكل كورة في الوجه البحري
الكورة أو المديرية خراج الفدان
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
متوسط خراج الفدان ١٩٣ ١٣٧
ضواحي مصر ٤٥٨ ٣٢٤
القليوبية ٢٣٤ ١٦٠
الشرقية ١٦٠ ١١٢
الدقهلية والمرتاحية ٢٢٧
دمياط ١٢٥
الغربية ٢٣٥
المنوفية ٢٣٢ ١٦٤
أبيار وجزيرة بني نصر ٧٠ ٥٠
البحيرة ١٤٣
فوه والمزاحمتين ٢٩٩ ٢١٢
النستراوية ٣٣٣ ٢٣٧
الإسكندرية
خراج الفدان بكل كورة في الوجه القبلي
الكورة أو المديرية خراج الفدان
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
متوسط خراج الفدان ١٦٠ ١١٣
الجيزية ٢٨٥ ٢٠٢
الأطفيحية ٤٨
الفيومية ٢٠٦ ١٤٦
البهنساوية ١٩٨ ١٤٠
الأشمونين
المنفلوطية ١٧٠ ١٢٠
الأسيوطية ١٧١ ١٢١
الأخميمية
القوصية ٧٨ ٥٥
المتوسط العام لخراج الفدان بالوجهين البحري والقبلي
الكورة أو المديرية متوسط خراج الفدان
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
المتوسط العام لخراج الفدان ١٢٥
الوجه البحري ١٩٣ ١٣٧
الوجه القبلي ١٦٠ ١١٣

حكومة الناصر محمد بن قلاوون سنة ٧٤١ﻫ/١٣٤١م

تولى هذا السلطان حكم مصر ثلاث مرات في مدد ثلاث مختلفة، وإذا احتسبنا حكومته في كل مرة كان في المرة الثالثة الثامن عشر من سلاطين دولة المماليك البحرية.

وفي عهد حكومته الثالثة أمر في سنة ٧١٥ﻫ/١٣١٥م بمسح أراضي الديار المصرية، فكانت هذه هي المرة الخامسة والأخيرة التي تم فيها مسح أراضيها، والتي أخبرنا بها مؤرخو العرب.

وهذه المساحة التي تُسمَّى أحيانًا بروك ابن الجيعان نسبةً إلى اسم هذا المؤلف، وأحيانًا باسم روك الأشرف شعبان نسبةً إلى هذا السلطان الذي كان متوليًّا على مصر عام ٧٧٧ﻫ/١٣٧٥م، وهو العام الذي نوَّه عنه ابن الجيعان حيث قال: إن كتابه يصف الحالة التي كانت عليها الأقاليم في العام المذكور، هذه المساحة لم تَكُ في الحقيقة إلا روك السلطان الناصر، وهذا الروك هو الذي قال عنه المقريزي: إنه كان من عمل هذا السلطان في سنة ٧١٥ﻫ/١٣١٥م، وإنه بقي معمولًا به إلى سنة ٧٨٤ﻫ/١٣٨٢م، وعلى هذا تكون مندمجة في غضونه مدة حكم الأشرف شعبان.

قال المقريزي في خططه ج١ ص٨٨:

لما كانت الأيام الناصرية راك الناصر محمد البلاد، قال جامع السيرة الناصرية: وفي سنة خمس عشرة وسبعمائة (١٣١٥م) اختار السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون أن يروك الديار المصرية، وأن يبطل منها مكوسًا كثيرة ويفضل لخاص مملكته شيئًا كثيرًا من أراضي مصر، وكان سبب ذلك أنه اعتبر كثيرًا من أخباز المماليك والحاشية الذين كانوا للملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير والأمير سلار وسائر المماليك البرجية، فإذا هي ما بين ألف دينار إلى ثمانمائة دينار، وخشي من قطع أخباز المذكورين فولد له الرأي مع القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله ناظر الجيش أن يروك ديار مصر، ويقرر إقطاعات مما يختار، ويكتب بها مثالات سلطانية، فتقدَّمَ الفخر ناظر الجيش لدواوين الجيش بعمل أوراق بما عليه عبر النواحي ومساحتها، وعيَّن السلطان لكل إقليم من أقاليم ديار مصر أناسًا، وكتب مرسومًا للأمير بدر الدين جنكل بن البابا أن يخرج لناحية الغربية ومعه أعزل الحاجب، ومن الكُتَّاب المكين بن فرويته، وأن يخرج الأمير عز الدين أيدمر الخطيري إلى ناحية الشرقية ومعه الأمير أيتمش المحمدي، ومن الكُتَّاب أمين الدولة ابن قرموط، وأن يخرج الأمير بلبان الصرخدي والقليجي وابن طرنطاي وبيبرس الجمدار إلى ناحيتي المنوفية والبحيرة، وأن يخرج البليلي والمرتيني إلى الوجه القبلي، وندب معهم كُتَّابًا ومستوفين وقياسين فساروا إلى حيث ذكر، فكان كلٌّ منهم إذا نزل بأول عمله طلب مشايخ كل بلد ودللاءها وعدولها وقضاتها وسجلاتها التي بأيدي مقطعيها، وفحص عن متحصلها من عين وغلة وأصناف، ومقدار ما تحتوي عليه من الفدن ومزروعها وبورها، وما فيها من ترائب وبواق وخرس ومستبحر، وعبرة الناحية وما عليها لمقطعيها من غلة ودجاج وخراف وبرسيم وكشك وكعك وغير ذلك من الضيافة، فإذا حرر ذلك كله ابتدأ بقياس تلك الناحية، وضبط بالعدول والقياسين وقاضي العمل ما يظهر بالقياس الصحيح، وطلب مكلفات تلك القرية وغنداقها، وفضل ما فيها من الخاص السلطاني وبلاد الأمراء وإقطاعات الأجناد والرزق حتى ينتهي إلى آخر عمله. ثم حضروا بعد خمسة وسبعين يومًا وقد تحرر في الأوراق المحضرة حال جميع ضياع أرض مصر ومساحتها وعبرة أراضيها، وما يتحصل عن كل قرية من عين وغلة وصنف، فطلب السلطان الفخر ناظر الجيش والتقي الأسعد بن أمين الملك المعروف بكاتب سرلغي وسائر مستوفي الدولة، وألزمهم بعمل أوراق تشتمل على بلاد الخاص السلطاني التي عينها لهم وعلى إقطاعات الأمراء، وأضاف على عبرة كل بلد ما كان على فلاحيها من ضيافة لمقطعيها، وأضاف إلى العبرة ما في الأقطاع من الجوالي، وكتب مثالات للأجناد بإقطاعات على هذا الحكم، فاعتد منها بما كان يصرف في كلف حمل الغلال من النواحي إلى ساحل القاهرة وما كان عليها من المكس. ا.ﻫ.

وقد ألغى السلطان الناصر عددًا كبيرًا من الضرائب الجائرة، وبذلك خفَّف عن البلاد الأعباء الثقيلة التي كانت رازحة تحتها. وإليك ما قاله المقريزي أيضًا بالصفحة ٨٨ في هذا الصدد:

وأبطل السلطان عدة مكوس منها مكس ساحل الغلة، وكان جل متحصل الديوان، وعليه إقطاعات الأمراء والأجناد، ويتحصل منه في السنة أربعة آلاف ألف وستمائة ألف درهم، وعليه أربعمائة مقطع، لكلٍّ منهم من عشرة آلاف إلى ثلاثة آلاف، ولكلٍّ من الأمراء من أربعين ألفًا إلى عشرة آلاف، وكانت جهة عظيمة لها متحصل كثير جدًّا، وينال القبط منها منافع كثيرة لا تُحصَى، ويحل بالناس من ذلك بلاء شديد وتعب عظيم من المغارم والظلم، فإن مظالمها كانت تتعدد ما بين نواتية تسرق، وكيالين تبخس، وشادين وكُتَّاب يريد كلٌّ منهم شيئًا، وكان مقرر الإردب درهمين للسلطان، ويلحقه نصف درهم غير ما يُنهَب ويُسرَق، وكان لهذه الجهة مكان يُعرَف بخص الكيالة في ساحل بولاق، يجلس فيه شاد وستون متعممًا ما بين كُتَّاب ومستوفين وناظر، وثلاثون جنديَّا مباشرون، ولا يمكن أحدًا من الناس أن يبيع قدحًا من غلة في سائر النواحي، بل تحمل الغلات حتى تُباع في خص الكيالة ببولاق.

ومما أبطل أيضًا نصف السمسرة، وهو عبارة عن أن مَن باع شيئًا من الأشياء فإنه يعطي أجرة الدلال على ما تقرر من قديم عن كل مائة درهم درهمين، فلما ولي ناصر الدين الشيخي الوزراة قرَّر على كل دلال من دلالته درهمًا من كل درهمين، فصار الدلال يعمل معدله، ويجتهد حتى ينال عادته، وتصير الغرامة على البائع، فتضرر الناس من ذلك وأوذوا فلم يغاثوا حتى أبطل ذلك السلطان.

ومما أبطل رسوم الولاية، وكانت جهة تتعلق بالولاة والمقدمين، فيجبيها المذكورون من عرفاء الأسواق وبيوت الفواحش، ولهذه الجهة ضامن، وتحت يده عدة صبيان، وعليها جند مستقطعون وأمراء وغيرهم، وكانت تشتمل على ظلم شنيع وفساد قبيح وهتك قوم مستورين وهجم بيوت أكثر الناس.

ومما أبطل مقرر الحوائص والبغال من المدينة وسائر أعمال مصر كلها من الوجه القبلي والبحري، فكان على كلٍّ من الولاة المقدمين مقرر يحمل في كل قسط من أقساط السنة إلى بيت المال، عن ثمن حياصة ثلاثمائة درهم، وعن ثمن بغل خمسمائة درهم، وعلى هذه الجهة عدة مقطعين، ويفضل منها ما يحمل، وكان يصيب الناس من هذه الجهة ما لا يُوصَف، ويحل بهم من عسف الرقاصين ما يهون معه الموت.

ومن ذلك مقرر السجون، وهو عبارة عما يُؤخَذ من كلِّ مَن يُسجَن، فللسجَّان على حكم المقرر ستة دراهم سوى كلف أخرى، وعلى هذه الجهة عدة مقطعين، ويرغب فيها الضمان، ويتزايدون في مبلغ ضمانها لكثرة ما يتحصل منها، فإنه كان لو تخاصم رجل مع امرأته أو ابنه رفعه الوالي إلى السجن، فبمجرد ما يدخل السجن ولو لم يقم به إلا لحظة واحدة أخذ منه المقرر، وكذلك كان على سجن القضاة أيضًا.

ومن ذلك مقرر طرح الفراريج، ولها ضمان عدة في سائر نواحي أرض مصر يطرحون على الناس الفراريج، فيمر بضعفاء الناس من ذلك بلاء عظيم، وتقاسي الأرامل من العسف والظلم شيئًا كثيرًا، وكان على هذه الجهة عدة مقطعين، ولا يمكن أحدًا من الناس في جميع الأقاليم أن يشتري فروجًا فما فوقه إلا من الضامن، ومَن عثر عليه أنه اشترى أو باع فروجًا من سوى الضامن جاءه الموت من كل مكان، وما هو بميت.

ومن ذلك مقرر الفرسان، وهو عبارة عما يجبيه ولاة النواحي من سائر البلاد، فلا يُؤخَذ درهم مقرر حتى يغرم عليه صاحبه درهمين، ويقاسي الناس فيه أهوالًا صعبة.

ومن ذلك مقرر الأقصاب والمعاصر، وهو ما يجبى من مزارعي قصب السكر، ومن المعاصر ورجال المعاصر.

ومن ذلك مقرر رسوم الأفراح، ويجبى من سائر النواحي، ولهذه الجهة عدة ضمان، ولا يعرف لهذه الجهة أصل البتة، وإنما يجبى بضرائب ينال الناس فيها مع المقرر غرامات وروعات.

ومن ذلك حماية المراكب، وهي عبارة عما يُؤخَذ من كل مركب بتقرير معين يُعرَف بمقرر الحماية، وكانت هذه الجهة أشد ما ظُلِم به الناس، فيُؤخَذ من كل مَن ركب البحر للسفر حتى من السؤَّال والمكدِّين.

ومن ذلك حقوق القينات، وهو عبارة عما يجمع من الفواحش والمنكرات، فيجبيه مهتار الطشتخاناه السلطانية من أوباش الناس.

ومن ذلك شد الزعماء، وهي جهة مفردة وحقوق السودان وكشف المراكب ومقرر ما على كل جارية أو عبد حين نزولهم بالخانات لعمل الفاحشة، فيُؤخَذ من كل ذكر وأنثى مقرر معين.

ومتوفر الجراريف وهو ما يجبى من سائر النواحي، فيحمل ذلك مهندسو البلاد إلى بيت المال بإعانة الولاة لهم في تحصيل ذلك، وعلى هذه الجهة عدة مقطعين من الجند، ومقرر المشاعلية وهو عبارة عما يُؤخَذ عن كسح الأفنية وحمل ما يخرج منها من الوسخ إلى الكيمان، فكان إذا امتلأ سراب جامع أو مدرسة أو مسمط أو تربة أو منزل من منازل سائر الناس لا يمكنه، ولو بلغ من العظمة ما عسى أن يبلغ التعرض لذلك حتى يأتيه ضامن الجهة، ويقاوله على كسح ذلك بما يريد. وكان من عادة الضامن الاشتطاط في السوم وطلب أضعاف القيمة، فإن لم يرض رب المنزل بما طلب الضامن وإلا تركه وانصرف، فلا يقدر على مقاساة ترك الوسخ، ويضطر إلى سؤاله ثانيًا، فيعظم تحكمه ويشتد بأسه إلى أن يرضيه بما يختار حتى يتمكن من كسح فنائه ورفع ما هنالك من الأقذار.

ومن ذلك إبطال المباشرين من النواحي، وكانت بلاد مصر كلها من الوجهين القبلي والبحري ما من بلد صغير وكبير إلا وفيه عدة من كُتَّاب وشاد ونحو ذلك، فأبطل السلطان المباشرين، وتقدَّمَ بمنعهم من مباشرة النواحي إلا من بلد فيها مال السلطان فقط، فأراح الله سبحانه الخلق بإبطال هذه الجهات من بلاء لا يُقدَّر قدره ولا يمكن وصفه. ا.ﻫ.

وقال في ص٩١:

وما زال الأمر بمصر على ما رسمه الملك الناصر في هذا الروك إلى أن زالت دولة بني قلاوون بالملك الظاهر برقوق في شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة، فأبقى الأمر على ذلك إلا أن أشياء منه أخذت تتلاشى قليلًا قليلًا إلى أن كانت الحوادث والمحن في سنة ست وثمانمائة، حيث حدث من أنواع التغيرات وتنوع الظلم ما لم يخطر ببال أحد، وسيمر بك جمل من ذلك عند ذكر أسباب خراب إقليم مصر إن شاء الله تعالى. ا.ﻫ.

وقال ابن إياس في كتابه «بدائع الزهور» (ج١ ص١٥٩) عند الكلام على حوادث سنة ٧١٥ﻫ/١٣١٥م: إنه في هذه السنة راك السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون البلاد المصرية، وهو الروك الناصري.

وهذا الروك كان محكمًا في بابه، ولم يكن فقط أكثر استيفاء من المساحات التي سبقته في العهد العربي، بل كان عملًا متقنًا تفتخر به أي مصلحة من مصالح المساحة الحالية، غير أنه ترك فيه فراغ صغير هو إغفال ذِكْر خراج بعض النواحي ومساحتها، ومع ذلك فهذا النقص لم يكن لحسن الحظ كبيرًا؛ إذ إن خراج معظم النواحي ومساحتها قد ذُكِرا فيه، كما يتضح ذلك في البيان الآتي:

الجملة ٢٣١٩
النواحي التي ذُكِر خراجها ومساحتها ١٨٢٨
النواحي التي ذُكِرت مساحتها ولم يُذكَر خراجها ٢٣١
النواحي التي ذُكِر خراجها ولم تُذكَر مساحتها ١٩٧
النواحي التي لم يُذكَر خراجها ولا مساحتها ٦٣

وقد استطعنا أن نسد هذا الفراغ بأخذنا متوسط المساحة للنواحي التي ذكرت مساحتها في كل مديرية على حدة، وضربنا هذا المتوسط في عدد النواحي التي لم تُذكَر مساحتها.

وبما أن النواحي الأولى تكون أغلبية النواحي كلها — ٢٠٥٩ ناحية مقابل ٢٦٠ ناحية — فلا ريب عندنا أن النتيجة التي حصلنا عليها بواسطة هذه العملية لا تبعد عن الحقيقة كثيرًا.

وأما الخراج فقط سهل علينا أمره؛ إذ ذكر ابن الجيعان جملة الخراج عن الكور كلها ما عدا المنفلوطية، فاتبعنا في استخراج خراجها الطريقة التي اتبعناها في تعيين مساحة الكور التي لم تُذكَر مساحتها، وهذا السهو الذي وقع في كورة المنفلوطية لم يكن له تأثير كبير؛ لأن ابن الجيعان ذكر مساحة أربع نواحٍ من النواحي الخمس التي تتكون منها هذه الكورة وخراجها. وإليك بيان الروك المذكور:

عدد النواحي بكل كورة في الوجه البحري
الكورة أو المديرية عدد نواحيها
المجموع ١٦٣٧
ضواحي مصر ٢٦
القليوبية ٦١
الشرقية ٣٩٦
الدقهلية والمرتاحية ٢١٤
دمياط ١٤
الغربية ٤٧٧
المنوفية ١٣٣
أبيار وجزيرة بني نصر ٤٩
البحيرة ٢٣١
فوه والمزاحمتين ١٦
النستراوية ٦
الإسكندرية ١٤
عدد النواحي بكل كورة في الوجه القبلي
الكورة أو المديرية عدد نواحيها
المجموع ٦٧٩
الجيزية ١٥٤
الأطفيحية ٥٢
الفيومية ١٠٤
البهنساوية ١٥٩
الأشمونين ١٠٤
المنفلوطية ٥
الأسيوطية ٣٣
الأخميمية ٢٥
القوصية ٤٣
جملة النواحي بالوجهين البحري والقبلي
الجهة عدد نواحيها
الجملة ٢٣١٦
الوجه البحري ١٦٣٧
الوجه القبلي ٦٧٩
خراج كل كورة أو مديرية في الوجه البحري
الكورة أو المديرية خراجها
بالدينار بالجنيه المصري
المجموع ٥٩٦٣٥٥٢ ٣٥٧٨١٣١
ضواحي مصر ١٥٣٠٧٥ ٩١٨٤٥
القليوبية ٤١٩٨٥٠ ٢٥١٩١٠
الشرقية ١٤١١٨٧٥ ٨٤٧١٢٥
الدقهلية والمرتاحية ٥٩٦٠٧١ ٣٥٧٦٤٣
دمياط ١١١٠٠ ٦٦٦٠
الغربية ١٨٤٤٠٨٠ ١١٠٦٤٤٨
المنوفية ٥٧٤٦٢٩ ٣٤٤٧٧٧
أبيار وجزيرة بني نصر ١٠٠٢٣٢ ٦٠١٣٩
البحيرة ٧٤١٢٩٤ ٤٤٤٧٧٦
فوه والمزاحمتين ٥٦٨٤٦ ٣٤١٠٨
النستراوية ٤٣٥٠٠ ٢٦١٠٠
الإسكندرية ١١٠٠٠ ٥٦٠٠
خراج كل كورة أو مديرية في الوجه القبلي
الكورة أو المديرية خراجها
بالدينار بالجنيه المصري
المجموع ٣٤٦٤٧٣٧ ٢٠٧٨٨٤٢
الجيزية ٦٢٠٠٠ ٣٧٢٠٠
الأطفيحية ١٤٣٩٩٧ ٨٦٣٩٨
الفيومية ١٦٤٠٥٠ ٩٨٤٣٠
البهنساوية ١٣٠٢٦٤٢ ٧٨١٥٨٥
الأشمونين ٧٦٢٠٤٠ ٤٥٧٢٢٤
المنفلوطية ٤٧٥٠٠ ٢٨٥٠٠
الأسيوطية ٣٢٣٩٢٠ ١٩٤٣٥٢
الأخميمية ٢٤٣٩٢٥ ١٤٦٣٥٥
القوصية ٤١٤٦٦٣ ٢٤٨٧٩٨
جملة خراج الكور بالوجهين البحري والقبلي
الجهة خراجها
بالدينار بالجنيه المصري
الجملة ٩٤٢٨٢٨٩ ٥٦٥٦٩٧٣
الوجه البحري ٥٩٦٣٥٥٢ ٣٥٧٨١٣١
الوجه القبلي ٣٤٦٤٧٣٧ ٢٠٧٨٨٤٢
عدد الأفدنة بكل كورة في الوجه البحري
الكورة أو المديرية عدد أفدنتها
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
المجموع ٢٠٠١٧٤٥ ٢٨٢٥٧٦٧
ضواحي مصر ٢٠٥٩٨ ٢٩٠٧٧
القليوبية ١١٣٣٢١ ١٥٩٩٧٢
الشرقية ٥١٣٩٧٠ ٧٢٥٥٥٥
الدقهلية والمرتاحية ١٧٠٥٨٨ ٢٤٠٨١٤
دمياط ٩١٩١ ١٢٩٧٤
الغربية ٥٥٧١٧٦ ٧٨٦٥١٧
المنوفية ١٤٦٠٥٦ ٢٠٦١٨٢
أبيار وجزيرة بني نصر ١٠٠٢٢٤ ١٤١٤٨٣
البحيرة ٣١٨١٩٦ ٤٤٩١٨٧
فوه والمزاحمتين ١٢٩٢٧ ١٨٢٤٨
النستراوية ٧٣٢٦ ١٠٣٤٢
الإسكندرية ٣٢١٧٢ ٤٥٤١٦
عدد الأفدنة بكل كورة في الوجه القبلي
الكورة أو المديرية عدد أفدنتها
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
المجموع ١٦٣٤٨٩٥ ٢٣٠٧٩٢٦
الجيزية ١٦٥١٣٦ ٢٣٣١١٧
الأطفيحية ١٢٥٢١٦ ١٧٦٧٦٣
الفيومية ١٥٥٣٥٢ ٢١٩٣٠٥
البهنساوية ٣٥٧١٢٦ ٥٠٤١٤٣
الأشمونين ٢٠٩١٣٩ ٢٩٥٢٣٥
المنفلوطية ٢٢٧٩١ ٣٢١٧٣
الأسيوطية ١٣٤٤٢٢ ١٨٩٧٥٩
الأخميمية ١٢٠٦٢٠ ١٧٠٢٧٥
القوصية ٣٤٥٠٩٣ ٤٨٧١٥٦
جملة الأفدنة بالوجهين البحري والقبلي
الجهة عدد أفدنتها
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
الجملة ٣٦٣٦٦٤٠ ٥١٣٣٦٩٣
الوجه البحري ٢٠٠١٧٤٥ ٢٨٢٥٧٦٧
الوجه القبلي ١٦٣٤٨٩٥ ٢٣٠٧٩٢٦
خراج الفدان بكل كورة في الوجه البحري
الكورة أو المديرية خراج الفدان
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
متوسط خراج الفدان
ضواحي مصر ٤٤٦ ٣٣٦
القليوبية ٢٢٢
الشرقية ١٦٥
الدقهلية والمرتاحية ٢٩٥
دمياط ٥١
الغربية
المنوفية ٢٣٦ ١١٧
أبيار وجزيرة بني نصر ٦٠
البحيرة ٩٩
فوه والمزاحمتين ٢٦٤ ١٨٧
النستراوية ٣٣٦
الإسكندرية
خراج الفدان بكل كورة في الوجه القبلي
الكورة أو المديرية خراج الفدان
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
متوسط خراج الفدان ٨٩
الجيزية ٢٢٥ ١٦٠
الأطفيحية ٦٩ ٤٩
الفيومية ٦٣ ٤٥
البهنساوية ٢١٩ ١٥٥
الأشمونين ١٥٥
المنفلوطية ١٢٥ ٨٨
الأسيوطية ١٠٢
الأخميمية ١٢١ ٨٦
القوصية ٧٢ ٥١
المتوسط العام لخراج الفدان بالوجهين البحري والقبلي
الكورة أو المديرية متوسط خراج الفدان
فدان مساحته ٥٩٢٩م.م فدان مساحته ٤٢٠٠م.م
المتوسط العام لخراج الفدان ١٥٢
الوجه البحري
الوجه القبلي ٨٩
١  قال ابن الأثير في النهاية: لما فُتِحت مصر أرادوا قسمتها، فكتبوا إليه (أيْ إلى عمر رضي الله عنه)، فقال: لا حتى يغزو منها حبل الحبلة. يريد حتى يغزو منها أولاد الأولاد، ويكون عامًّا في الناس والدواب، أيْ يكثر المسلمون فيها بالتوالد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤