إلى أرواح الشهداء

في ذمة الله تلك الأنفس الأبية التي استشهدت في معترك الشرف تحت نقع المجد والفخار دفاعًا عن الحرية والاستقلال.

وفي جنة الخلد تلاقي جزاءها الأوفى من نعيم أبدي، وذلك أجر الشهداء الأبرار في سبيل الله والوطن.

ورضوان الله وأبرك تحياته على الأرواح الطاهرة الذكية التي أودت بها أيدي الهمجية الحديثة، والتعصب الذميم، والاستعمار الأثيم.

على أن تلك الأنفس والأرواح الكريمة — التي طاحت في المعمعان أو انتزعتها من أجسادها براثن العدوان — لم تذهب إلى ربها راضية مرضيًّا عنها إلا لتلتمس منه إمداد إخوتها المجاهدين، الذائدين عن الوطن والدين، بتأييده ونصره الذي وعد به عباده المتقين الصابرين.

وكأنما أرادت القدرة الإلهية من الأزل أن تنبت من دماء الضحايا غراس الحرية والاستقلال فأنبتت تربة الأناضول الخصبة في الحال شعبًا جديدًا هز راية المجد والظفر بيمينه في وجوه أعدائه العديدين المتكالبين عليه.

فسقيًا لتلك البطحاء التي أخرجت من جوفها قومًا لا يعرفون خور العزيمة ولا يتطرق اليأس إلى قلوبهم.

إن أرضًا لها هذه الميزة لجدير بأبنائها البررة الشجعان أن يفدوا استقلالها بالنفس والنفيس.

أولئك قوم بَلَوْا حلو الحياة ومرها فلم تغرهم الظواهر، ولم تستهو ألبابهم الكلم السواحر. بل أدركوا أن الحرية والاستقلال لا ينالان بكثرة الأقوال؛ فعمدوا إلى الإقدام واعتمدوا على الحسام.

فإلى أرواح أولئك الشهداء الأتقياء أقدم هذه الأوراق تخليدًا لذكراهم العبقة المجيدة أنشودة الحرية والاستقلال التي يجب أن تترنم بها ألسنة المشارقة أجمعين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤