الفصل الأول

من القلعة إلى المجلس العسكري

خطابي الأول

معتقل القلعة في ١٩٥٩/١/٢٣م

زوجتي الحبيبة:

أبعث إليكِ بأشواقي وقبلاتي الحارة من داخل أسوار معتقل القلعة الذي مضى علينا فيه ثلاثة وعشرون يومًا. إن هذا هو نفس المكان الذي كان المستعمرون الإنجليز يعتقلون فيه الوطنيين من المصريين عام ۱۹۱۹م، فما أغربها من مفارقة أن نكون نحن هنا، وبأمر حكومة وطنية!

هذه هي رسالتي الثانية إليكِ، الأولى أرسلتها عن طريق ليلى، وأرجو أن تكون قد وصلتكِ وأن تكوني قد أرسلتِ ردَّكِ عليها عن طريق ليلى أيضًا. حامل هذا الخطاب أحد معارفنا الجدد، وقد عرض عليَّ أن يحمل إليك أي رسالة شخصية فوافقتُ، وأعتقد أنه مخلِص في خدمته لأنه كان يزورني في مكتبي بجريدة «المساء» ومعه قصائده يرجو نشرها.

وأود قبل أن أستطرد أن أذكر لكِ ما نسيتُ أن أخبركِ به في خطابي الماضي فقد كنت قد اشتريت لكِ قبل اعتقالي هدية متواضعة بمناسبة عيد ميلادك في أول يناير. وهي شراب نايلون موجود في المكتبة بمنزلنا داخل بعض الصحف العادية. أرجوك أن تأخذيه تذكار حبي الكبير.

أحوالي الصحية عادية، وأظن أن وزني قد زاد بعض الشيء والسبب طبعًا مفهوم؛ فعلى الرغم من سوء الأكل بالمقارنة بالخارج فإننا محاصرون في مكان ضيق جدًّا، عبارة عن صفين من الغرف المتقابلة (زنازين) لا يفصل بينها غير دهليز ضيق. ونحن نقضي معظم النهار وطول الليل في هذه الزنازين ولا نتريَّض إلا لمامًا، والحرَّاس يقفون أمام الزنازين طول النهار في محاولات فاشلة لمنعنا من الاتصال بعضنا ببعض أو الحديث عبر الفتحات.

ومع ذلك فإنني أتابع مقالاتك في «المساء» بحماس وإعجاب من هنا، وأرجو مواصلة الكتابة. أعجبني على وجه الخصوص مقالك عن كاسترو. أرجوك أن تسألي رئيس التحرير١ إن كان في مقدوره التوسط من أجل الزيارات والكتب، فالكتب تساعد على قتل الوقت. أما عن الزيارات فأنا أحلم باليوم الذي سأراك فيه ولو لخمس دقائق! بلغني أن إخوتي قلقون عليَّ وأكون شاكرًا لو اتصلتِ بهم وهونتِ الأمرَ عليهم، وأكون شاكرًا لو سألتِ عن أخبار منى ووفاء.٢

أما عن التحقيق معي، فالحقيقة أن النيابة لم تظهر غير مرة واحدة والأسئلة كانت عادية تمامًا: ما رأيك في الحكومة؟ … حكومة وطنية! ما رأيك في الوحدة بين مصر وسوريا؟ إنني أؤيد الوحدة غير أني أخشى على مستقبلها لأنها ولدت غير ديمقراطية وأعتقد أن فكرة إلغاء الأحزاب الوطنية في سوريا خاطئة. لقد كنت أفضِّل أن تكون الوحدة فيدرالية وليست اندماجية، على الأقل لفترة من الزمن. وقد أحلت وكيل النيابة على بيان الكتاب والأدباء إلى الرئيس عبد الناصر بمناسبة الوحدة، الذي كان ضمن المضبوطات التي وجدها البوليس بمنزلنا.

هذه هي كل الأسئلة تقريبًا، ثم اختفت النيابة بعد ذلك، ولسنا نعرف إن كانت هناك قضية تُعَد لنا أمام محكمة عسكرية، أم أن الموضوع سوف يقتصر على الاعتقال فحسب، وإن كنا نرجح الاحتمال الأول على الأقل لبعض المعتقلين.

إنني ما زلت أحتفظ بابتسامتي ومرحي الذي تعودت أنت عليه، والروح المعنوية هنا عالية، والناس يغنون ليلَ نهار، وأنا أحاول أن أعود من جديد إلى هواية نظم الشعر بعد أن هجرتُه أكثر من عشرة أعوام … وإلى لعب الشطرنج!

أرجو أن تبحثي عن طريق لنشر ترجمتي لمسرحية «شبح مقاتل» للكاتب الأيرلندي أوكازي٣ في أي بلد عربي، وأن تتصرفي في مقالي عن لقاء ويلز وستالين، وأن تكتبي لي عن كل شيء. إنني متفائل دائمًا يا حبيبتي بأننا سوف نلتقي في الحرية، وأننا سنعيش معًا حياةً طويلة وسعيدة. فأنا أومن — مثل ناظم حكمت — بأن أجمل الأنهار لم نرَها بعد، وأن أجمل الكتب لم نقرأها بعد، وأجمل أطفالنا لم نُرزق به بعد، وأجمل أيام حياتنا لم تأتِ بعد، ما زالت هذه الكلمات التي أرسلها ناظم حكمت إلى زوجته في السجن ترن في أذني، وأحس أنها الكلمات التي أود أن أقولها لكِ. ولقد قلت لكِ في خطابي الأول إنني لا أنام قبل أن أستحضر صورتك أمامي وأرسل لكِ على البُعد قُبلتي التي عوَّدتك عليها قبل زواجنا. هل تذكرين؟
إنني لا أخشى الوحدة في زنزانتي، ولكني أخشى عليكِ من الوحدة لأنني أعلم كم تكرهينها. هل عادت عمتك٤ إلى شقتنا بعد اعتقالي؟ وماذا حدث للشقة … هل أخليتِها كما كنا ننوي أن نفعل؟

آسف … لا بد أن أختم خطابي، فالرسول يتعجل استلامه والناس ينادونني هنا لأن طابورًا قد بدأ، فإلى اللقاء يا حبيبتي.

ملحوظة: أرجو أن تكتبي لي عن الوردة الحمراء٥ التي كنتُ قد أهديتُها لكِ وما زلتِ تحتفظين بها.

خطابي الثاني

معتقل القلعة في ١٩٥٩/١/٣٠م

زوجتي الحبيبة:

هذه هي رسالتي الرابعة، وقد وصلتني منك رسالتان وإن كنت أتوقع الثالثة غدًا. الساعة الآن الثالثة بعد الظهر، وقد تحسنت أحوالنا في المعتقل نوعًا ما، وأنا أجلس وحيدًا في الزنزانة وإن كنتُ أشعر أنني لست وحدي!

يا حمامتي الجميلة … أنت دائمًا معي في القلب والفكر والخيال، أعيش على ذكرياتي معك … الكلمة الباسمة والعيون الضاحكة واللمسة الرهيفة والقبلة المذيبة وأنفاسك البريئة وأنت نائمة في السرير كالملاك الطاهر! ومنذ أفتح عيني في الصباح حتى أنام ألقى خيالك كل دقيقة، فإذا نمت عدتِ إليَّ في الأحلام.

خطابك الثاني أثارتني كلماته، وقد قرأته عدة مرات قبل أن أنام، ولم تضايقني كلماته الملتهبة كما خشيت، بل على العكس هذا هو شعوري كذلك.

إنكِ تسألين عن حياتي هنا وصحتي، وسأقول لكِ في صراحة كل شيء … عن الناحية الصحية من الطبيعي أن تتقدم صحتي عمومًا للراحة الطويلة هنا بعد إرهاق العمل المتواصل في صحيفة «المساء» قبل اعتقالي فضلًا عن أنني لا أدخِّن الآن. والزملاء يلاحظون هنا أن وزني قد زاد بعض الشيء. ولكن آلام «البواسير» قد عادت منذ أكثر من عشرة أيام، وهي تنزف دمًا كل يوم. ونحن نحاول إقناع الطبيب بنقلي إلى مستشفى قصر العيني٦ لإجراء العملية، وسأعرف بعد يومين نتيجة المسعى.

أما عن حياتي هنا فنحن نقوم من النوم الساعة السابعة صباحًا حين تفتح الزنازين، ويقدم لنا المعتقل طعامًا لا يُقارَن طبعًا بأي طعام في الخارج من ناحية النوع أو حتى الكميات. وجبة الغداء خصوصًا سيئة رغم أن بها خضارًا وأرزًا ولحمة وبرتقالة؛ لأن اللحم غير قابل للأكل والأرز مليء بالحصى وشبه مسلوق، وفي العشاء يقدمون لنا جبنًا وحلاوة طحينية. هذا هو الطعام، ولقد حاولنا أن نشتري بنقودنا بعض الخضراوات أو الفاكهة الطازجة ولكنهم رفضوا دائمًا؛ بناءً على تعليمات المباحث العامة باستثناء مرة واحدة.

ومع ذلك فإدارة المعتقل معقولة في معاملتها لنا حتى الآن، ولا غبار عليها وقد تخلَّت تدريجيًّا عن التشدد السخيف الذي مارسته في الأيام الأولى بهدف ألا نتصل ببعضنا البعض. أما المباحث العامة فهي التي تتشدد دائمًا معنا وتتعمد الإساءة إلينا.

ومن ناحية الملابس فإنني أتولى غسل ملابسي بنفسي في الماء البارد ونشرها. صحيح أن هناك رجلًا مكلفًا بهذه المهمة، ولكنه قذر في غسل الملابس إلى أبعد الحدود. ولذا، فأنا لا أرسل إليه ملابسي وأفضِّل أن أفعل ذلك بنفسي، طبعًا ستضحكين على قيامي بغسل ملابسي بنفسي، ولكن هذه خبرة مفيدة حتى أساعدك عندما نفتقد الخادمة!

ونحن ننام هنا على أسرَّة، ولكل واحد منا ثلاث بطاطين، وهي كافية رغم أن البرد قارس على قمة المقطم في فصل الشتاء. وليس في الحمامات ماء ساخن للاستحمام، وإنما هناك «دش» للماء البارد. وقد قمت بالاستحمام ثلاث مرات حتى الآن على قسوة ذلك. ولكن كثيرًا من المعتقلين فضلوا عدم الاستحمام حتى يأتي الماء الساخن الموعود، وكانت النتيجة انتشار القمل والحشرات! تصوري أنني وجدت ثلاث قملات على بيجامتي منذ أيام!

ومع ذلك فلست أريد أن تخرجي بصورة متشائمة عن الحياة هنا. فرغم كل المتاعب نضحك ونلعب وننكت ونثق أننا سوف ننتصر في نهاية الأمر. إن موقفنا القانوني هو أننا معتقلون بأمر الحاكم العسكري ولسنا محبوسين على ذمة قضية. وأعتقد أن احتمال تدبير قضية ضدنا هو احتمال ضئيل اليوم، وخصوصًا بعد كلام خروشوف الذي قرأناه باهتمام عظيم. إن الظروف العالمية والعربية في صفنا تمامًا، ونحن نرقب الموقف في ثقة، ولو تأخر الإفراج عنا.

فرحت بأنباء وصول «الأنتريه» الذي كنا قد تعاقدنا على شرائه قبل اعتقالي، وأرجو أن يكون قد حاز إعجابك، وأرجوك يا حبوبة أن تشتري لكِ ملابس شتوية جديدة … أرجوكِ أن تفعلي وأن تشتري البوتاجاز كما انتوينا. فأنا أريد أن يكون بيتنا جميلًا، وأن تكوني أنتِ أجمل ما فيه! ولا تنسي أن تعلقي النجف — الذي كان هدية الأصدقاء لنا في زواجنا — في الأنتريه وغرفة المكتب، وأن تجلسي إلى مكتبي عندما تكتبين مقالاتك … وأن تذكريني!

هل تذكرين جلساتنا في غرفة المكتب نناقش القضايا السياسية والفكرية ونحن نشرب القهوة أو الشاي؟ لقد حُرمت من الاثنين هنا.

ربما يتأخر خطابي القادم إليك لأن الرسول سوف يتغيَّر، فلا داعي للقلق إذا تأخرت. وأخيرًا ماذا أقول لكِ في الختام؟ أرجوكِ أن ترسلي صورتك، وألا تنسي موعدنا — على البعد — الساعة العاشرة مساءً، وأن تسلِّمي على كل أهلي، وأن تبعثي لي بأخبار مُنى ووفاء.

كامل

خطابي الثالث

معتقل القلعة في ٥ فبراير سنة ١٩٥٩م

زوجتي الحبيبة:

قرأت خطابك عدة مرات قبل أن أمزقه. فنحن هنا لا نستطيع الاحتفاظ بالخطابات مدة طويلة نظرًا لاحتمالات التفتيش من جانب الإدارة. وأعترف لكِ أنني رغم الجهد لم أستطع مقاومة سقوط دمعة من عيني وأنا أقرؤه للمرة الأخيرة قبل تمزيقه. إن هذا لم يحدث لي من قبل، فأنا أمقت الدموع لأي كان، وخصوصًا في مثل هذه الظروف.

إنكِ تقولين إنك تشعرين بأحاسيس الإنسانة العاشقة، فماذا أقول لكِ حتى تدركي ما أنا فيه؟ إنني أذكرك فأذكر كلَّ ما قرأته في «نشيد الأنشاد» من غزل رفيع هو أقرب إلى التصوف، هذا هو نفس شعوري نحوك فأنا أحس عندما أكتب إليك أنني أدخل معبدًا للصلاة، وأستعيد في ذاكرتي جملًا صغيرة مما كتب ناظم حكمت إلى زوجته من داخل السجن. فأحس بدموعي على وشك الإفلات. وهذا الشعور المقدس هو أجمل ما أعيش عليه وأعظم ما يشجعني على احتمال ما مضى وما قد يأتي به الغد عن طيب خاطر!

تمنيت لو انهدمت الجدران بيننا وأخذتُك بين ذراعي كما كنت أفعل واحتضنتك بقوة كما كنت أفعل، وبكيت بين ذراعَيك وعلى صدرك كما كنت أفعل!

تمنيت لو كان بإمكاني أن أفعل كل هذا، ولكن هذا محال الآن. وأنا أعيش بأمل اليوم الذي سوف يصبح فيه هذا ممكنًا.

أريد أن أطيل يا حبيبتي … ولكننا نعيش تحت ضغط التفتيش المفاجئ دائمًا. ولقد ساءت معاملة الإدارة لنا بناءً على تعليمات المباحث العامة. ولذلك فأنا مضطر إلى الإيجاز رغم كراهيتي لذلك. المهم، لا ترسلي لي شيئًا من مأكولات أو خلافه، ولا تنسي عيد ميلاد منى الذي اقترب، ولا تنسي طبعًا موعدنا على البعد الساعة العاشرة مساء!

وأرجوك ألا يساورك القلق على صحتي، فليس المهم أن دمًا ينزف مني، هذا لا يقلقني ولكن أنت يا حمامتي التي تقلقيني بوحدتك وإهمالك لنفسك. لا بد من العناية بنفسك، ولا بد من بعض الفسح المعقولة. إن هذا سوف يسرني. وسوف أحس كأنني معك في كل دقيقة.

ختامًا أنا دائمًا في انتظار خطاباتك فلا تتأخري.

كامل

خطابي الرابع

سجن الواحات الخارجية في ٢ أبريل سنة ١٩٥٩م

زوجتي الحبيبة:

أبعث إليك بأشواقي وقبلاتي، وكذلك لمنى ووفاء وإخوتي، وخصوصًا سعاد التي لم تتح لي الظروف رؤيتها بعد عودتها من الخارج.

ها أنا ذا أكتب إليك من سجن الواحات الخارجية بعد أن نقلنا من معتقل القلعة يوم ۲۱ مارس فوصلنا الواحات بعد رحلة مجهدة دامت أكثر من أربع وعشرين ساعة بالقطار.

لقد كانت الرحلة كلها مهانة لإنسانية جميع المعتقلين … تصوري أننا رُبطنا من أذرعنا في جنزير حديدي واحد بحجة أنه ضمان ضد الهرب خلال الرحلة! ولكن الأسوأ والأبشع كان في انتظارنا عند وصولنا إلى السجن … هناك فوجئنا بوجود فرقة اللواء إسماعيل همت المتخصصة في إرهاب المسجونين والبطش بهم، ولم نكد نصل إلى باب السجن حتى وجدنا المدافع الرشاشة مصوبة إلى صدورنا دون أن يصدر منا ما يدعو إلى ذلك! ولقد اختار همت عددًا قليلًا من المعتقلين لجلدهم على «العروسة» التي كانت مُعَدَّة في فناء السجن، ويبدو أن الهدف الحقيقي هو إشاعة جو الفزع والرعب بيننا، ومع ذلك يجب أن أعترف أن إدارة السجن ذاتها غير راغبة في هذه المعاملة، ولقد أفهمنا ضبَّاط السجن صراحةً أنهم مضطرون إلى مجاراة هذا الجو إلى حين عودة اللواء همت من القاهرة. والحمد لله أنه عاد في صباح اليوم التالي لوصولنا!

لقد أبلغنا مأمور السجن التعليمات وأرجو مراعاتها بدقة … بالنسبة للخطابات، لقد سمحوا لكل واحد منا بخطاب كل أسبوعَين، ولكنكم تستطيعون إرسال أي عدد من الخطابات. وقد فهمنا أنه مسموح لكل واحد منا باستلام طرد واحد شهريًّا، فيما عدا طرود المناسبات كالأعياد وخلافه. وتُسلَّم طرود الملابس إلى الشئون العامة بمصلحة السجون، أما طرود المأكولات والأدوية والكتب فترسل عن طريق المباحث العامة. أرجوك ألا ترسلي أي سجاير لأنني أقلعت عن التدخين. أما من ناحية العملية الجراحية التي أُجريَت لي في قصر العيني فلا داعي للقلق لأنني أصبحت طبيعيًّا تمامًا من هذه الناحية.

إنني في حاجة إلى ملابس صيفية مثل شورت وصندل وفانلات صيفية وبعض القمصان الخفيفة، إلى جانب بعض الأدوية ضد الدوسنتاريا وبعض الفيتامينات، والمأكولات المحفوظة نظرًا لسوء الحالة الغذائية هنا. وحبذا لو أرسلتِ مضربًا ضد الذباب ونظارة سوداء.

ما زال وضعي القانوني كما كان في القلعة، وهو أنني معتقل سياسي في سجن الواحات الخارجة … الجديد أن وجودنا هنا أعطانا الفرصة لتجديد علاقات قديمة مع عدد من الكتاب الفنانين التقدميين المحكوم عليهم بأحكام منذ أعوام ١٩٥٣-١٩٥٤م، ومنهم الصحفي صلاح حافظ والرسام داود عزيز، وغيرهما كثير.

إنني دائم التفكير فيكِ يا حبوبة، وما زلت أستعيد في خيالي ابتسامتك الجميلة، وحديثك العذب، وضحكات عينيك، وآخر مرة التقينا فيها في مستشفى قصر العيني.٧ وأرجو أن تثقي أنني سأعود إليك يومًا وسأحمل لكِ في جيبي كل قطع الشيكولاتة التي كنتِ تحبينها، وستملأ ضحكاتي أرجاء المنزل كما عودتك دائمًا.

لست أدري ما هي أخبار منى ووفاء … هل يزورهما محمد أخي يا ترى؟ وماذا تعرف منى بالدقة عن غيابي؟ هل ما زلتم تقولون لها إنني مسافر إلى سوريا أم أنها تعرف الحقيقة؟ إنني أحبذ أن تقولوا لها الحقيقة ولو تدريجيًّا. لقد أرسلت لها خطابًا من معتقل القلعة، وسوف أحاول أن أرسل لها خطابًا آخر من هنا. ما زلتُ في انتظار أن أسمع محمد أخي أنه يراهما ويرعاهما بقدر ظروفه في فترة غيابي.

وأخيرًا أرجو أن تقدمي باسمي واسمك طلبًا إلى نقابة الصحفيين تطلبين فيه إعانة شهرية لنا نحن الاثنين. أرجوك ألا تخجلي من ذلك، فهذا حقنا. لقد كان جديرًا بالنقابة أن تقف موقفًا حازمًا من فصلي وفصلك من «المساء»، وهو فصل تعسفي أصبحنا نحن الاثنان بعده بلا مورد نعيش عليه! ما أروع هذا الفصل من مكافأة على مواقفنا الوطنية وعلى استقالتي من وظيفتي كمدرس بجامعة لندن عام ١٩٥٦م؛ احتجاجًا على العدوان البريطاني الغاشم على بلادنا!

أخيرًا أرجو ألا يتسرَّب القلق عليَّ إلى نفسك، فأنا أقضي معظم وقتي مع الصديق محمود العالم ومن معنا في الفرقة نضحك ونشيع روح المرح في قلوب كل من حولنا، وأحاول أحيانًا أن أستعيد بعض المسائل الرياضية القديمة التي تركتها منذ عملي في الصحافة وأطيل التفكير فيها بلا ورق أو قلم لأنهما من المحرَّمات هنا. أرجو أن يسمحوا لنا بالكتب حتى تكون المسألة أكثر جدية وأعود إلى أبحاثي العلمية من جديد.

سلامي إلى كل إخوتي وخصوصًا سعاد وحبي العميق لها. إنها تعلم كم أحبها وكم أنا مشتاق إلى كلمة منها. لك ولمنى ووفاء أحر قبلاتي.

كامل

خطابي الخامس

معتقل القلعة في مايو سنة ١٩٥٩م

زوجتي الحبيبة:

ألف قبلة وسلام، وشكرًا لكِ على خطابك الذي أدخل السرور على قلبي. إنك لا تتصورين كم فرحت بخطابك، وكنت حتى الأمس لا أصدق أنكِ بخير. منذ عودتي إلى القلعة من سجن الواحات والإشاعات تطاردني عنك وعن اعتقالك، وعن أخي محمد بل وعن زوجته! ولقد كنت أحيانًا أصدِّق وأحيانًا لا أصدق، وبقيت في هذه الحالة التعيسة حتى جاء خطابك.

يا حبوبة أنتِ ببساطة لا تتصورين كم أحبك، وبالتالي كم أكون قلقًا عندما أسمع أن شيئًا ما قد وقع لكِ. قد أتحمَّل أشياء كثيرة في هدوء، بل أفعل ذلك منذ اعتقالي، فالحياة القاسية في الواحات لا تهزني قيد أنملة، وصدقيني عندما أقول لك ذلك مخلصًا، إن الحياة في الواحات سيئة، والطعام المكون من العسل الأسود صباحًا والفول النابت ظهرًا، ثم العسل الأسود مساءً سيئ للغاية. ولقد عشنا هناك في زنازين طَوال اليوم إلا نصف ساعة نخرج فيها لقضاء الحاجة وليس لدينا كتب أو أية وسيلة تسلية، وكنا ننام على «الأبراش» على الأرض، بالرغم من أننا معتقلون سياسيون، ولسنا مجرمين أو قتلة!

ها أنا ذا أصارحك بكل شيء من الواحات، ولكن صدقيني وأنا أقول ذلك مخلصًا، إن هذا لا يهز أحدنا، فالابتسامة على الشفاه هي هي، والضحكات هي هي، والآمال في المستقبل لم تتغير. لقد استُقبلنا أسوأ استقبال لدى وصولنا إلى الواحات، وصُوِّبت المدافع الرشاشة إلى صدورنا بهدف الإرهاب. ولكن كل هذا لا يؤثر في المعنويات، وما زالت الضحكات تعلو في غرف السجن كالعادة، فنحن نعرف أننا ندفع ثمنًا كبيرًا لمعركةٍ طويلة ومريرة، غير أننا واثقون أننا منتصرون في النهاية مهما طال الوقت. ومن يضحك أخيرًا يضحك كثيرًا!

إن كل هذا أتحمله في صبر وهدوء، ولكنَّ هناك شيئًا واحدًا أعترف أنه يسيء إلى أعصابي كثيرًا … هو أن أسمع خبرًا سيئًا عنكِ!

يا حبيبتي الجميلة … إنني أدخل كل يوم محراب حبك أتعبَّد فيه وأحس أن أنفاسك قريبة مني، وأن قلبي قريب من قلبك، وأنني قريب من الوردة الحمراء التي أهديتك إياها منذ أكثر من عام. ولستُ أحب أن أسمع أنك تذرفين دمعة واحدة من أجلي … يكفيني أن حبك لي باقٍ على الزمن، وأنك الأمل الذي أعيش له من الناحية الشخصية.

إنك تسألين عن موقفي القانوني … حتى الآن ما زال موقفي كما هو، فأنا معتقل بأمر من الحاكم العسكري ولستُ على ذمة النيابة. وقد أحضرت إلى هنا لكي تسألني النيابة بعض أسئلة سخيفة لا تقدِّم ولا تؤخِّر عن زياراتي الصحفية إلى سوريا والأردن … حتى النيابة يبدو عليها أنها غير مقتنعة بما تفعل، ولا يبدو أنَّ هناك حماسًا لقضية عاجلة، إن كان من الواضح لي الآن أن هناك قضية على أي حال … أعتقد أن مصيرنا مرتبط بتطور الموقف السياسي الحالي، وأعتقد أن الأوضاع الحالية لا يمكن أن تطول وأنها لا بد أن تُحسَم بشكلٍ أو بآخر خلال أسابيع.

حبوبة …

إنك لم تحدثيني عن حياتك أنتِ! أين تسكنين وكيف تعيشين وأنتِ مفصولة بلا مورد؟ لماذا لا تقولين كلمة عن ذلك؟ أرجوكِ أن تجيبيني!

لستُ أدري كم سأظل هنا … ربما أسبوعًا أو أسبوعين أو أكثر، ولكن يبدو أننا سنعود للواحات مرة أخرى، فهنا لا يوجد غير أربعة عشر معتقلًا، منهم الصديق محمود العالم. في الفيوم ٤٠٠ معتقل، وفي الواحات ۲۰۰، وفي سجن القناطر حوالي ١٥٠ كما يقال.

ولقد وقعَت في الفيوم حوادث اعتداءات مؤسفة بالضرب على عددٍ من المعتقلين، منهم: الدكتور فايق فريد، والدكتور عبد الرازق حسن. أما في الواحات فما زال الاحترام متبادلًا ولم تقع حادثة واحدة، ويبدو أن حوادث الفيوم سببها سوء تصرُّف الإدارة وشراسة البوليس المحلي هناك.

إنني أقضي وقتًا طويلًا في محاولات لنظم الشعر بالعامية، وقد انتهيتُ من نظم موال طويل بعنوان «موال علشان عايد». والمجال لا يتسع هنا لكتابته لطوله، وسأحاول ذلك في خطابٍ مقبل، أما منى فقد نظمت عنها قصيدة بعنوان «السندباد».

سرَّني أن عَلاقتك بإخوتي تتوطد، وأرجوك تدعيم هذه العلاقة وأن تعتبريهم أهلك حتى يُفرج عني. سلامي لهم واحدًا واحدًا وواحدةً واحدة. وقولي لسعاد أن تُقبِّل منى ووفاء نيابةً عني ألفَ قُبلة. لكِ قبلاتي الحارة وأشواقي.

كامل

خطابي السادس

سجن مصر يونيو سنة ١٩٥٩م

زوجتي الحبيبة:

مضت أيام منذ زيارتك٨ لي في السجن! ومع ذلك أشعر أني ما زلت في حلم لم أُفِق منه بعد. هل حقًّا رأيتك وقبلتك؟ أصحيح أن يدي لامست يدك وأنني تحدثت معك؟ أكاد لا أصدق أن هذا قد حدث حقًّا! لقد جئت كالنسيم وكالنسيم ودعتِني وأنا شبه مذهول لطول البُعد والفراق.

أكتب إليك هذا الخطاب وقد أرخى الليل سُدولَه على كل شيء، وأنا أتقلب في سريري لا يغمض لي جفن … أفكر في كل ما حدث في الزيارة وأسترجع كل كلمة سمعتها منكِ وأستعرض كل كلمة قلتُها لكِ وأستعيد في ذاكرتي كل ما يتعلق بك أثناء الزيارة: الفستان الجميل، تسريحة الشعر، الوردة الحمراء التي كانت في يدك، ثم الدبلة فأفرح وأبتسم وأضحك ثم أعود لأعيش مع آلام قلبي! إنني أعيش في عالم كامل خلقه حبي لك، عالم من الأفكار والآمال والعواطف والآلام.

ومن قبل تحملت — إبَّان حُكم الملك السابق فاروق — حياة المعتقل نحو سنتين دون همٍّ أو قلق أو عواطف حقيقية. ولكن شتان بيني هذه المرة وبيني في المرة الماضية. والفرق هو أنتِ يا حبيبتي فأنتِ أملُ آمالي، وأنا أعيش على أملٍ شخصي واحد يا حبوبة … أن أعود إليك على حصان أبيض جميل كما وعدتك من قبل؛ لآخذك معي وأضمك إلى صدري، ولن نفترق بعد ذلك مهما كانت الظروف. وإلى أن أراكِ مرة أخرى أجد عزائي يا حبيبتي في شِعري وقصائدي الموجهة إليك. في العيد نظمت قصيدة «العيد في الزنزانة»، وهي حزينة ولكنها صادرة من القلب، ثم كتبت بعد ذلك «الزنابق البيضاء»، وأرجو أن أكمل ديوانًا كاملًا عنكِ، وأن أطبعه في المستقبل وأقدِّمه لكِ هدية قلبي، تمامًا كما فعل الشاعر الفرنسي أراجون عندما طبع «عيون إلزا». كم كنت أود أن أرسل لك شيئًا من هذه القصائد لولا أنها طويلة وأعدكِ أني سوف أرسلها في فرصة مناسبة.

لقد سرني ما أحسسته من علاقة متينة بينك وبين أختي سعاد. إنها إنسانة عظيمة، وأنا أحبها حبًّا جمًّا، وأعرف أنها مخلصة لي تمامًا. إنني أعرف أن هذا موقف كل شقيقاتي وأخي محمد، وأرجوك أن توثِّقي علاقتك بهم إلى أقصى حد. إن هذا سوف يمنحني عزاءً كبيرًا وأنا بعيد عنك.

أسمع هنا أغاني الإذاعة وأتمتع بالأغنية التي تحبينها «قد العمر يطول يا حبيبي، قد العمر يطول … حاستناك على طول يا حبيبي … حاستناك على طول …»، وأسمع كل الأغاني الأخرى التي تبعث الدفء في قلبي، كما أقرأ روايات وقصصًا قصيرة للكاتب الأمريكي «إرسكين كولدويل» وهي قصص ممتازة تدور حول الحب الإنساني العظيم، وكلها تذكِّرني بك. كما أحاول أن أشغل نفسي بإعطاء دروس في الرياضيات للصديق محمد سيد أحمد، وأجد في هذا العمل نوعًا من المتعة لي في هذه الظروف.

زوجتي الحبيبة:

لقد تحملتُ مشاق حياتي هنا في صبر تؤازرني في ذلك ثقتي في حبك، وأنا على استعداد لتحمُّل أضعاف هذا ما دمتُ أشعر أن قلبك قريب من قلبي، وأنفاسك قريبة من أنفاسي … يا أجمل أغنية عرفتها حياتي. أنت شجاعة يا حبيبتي، ولكل ليل صباح فلا تَيْئسي أبدًا.

أبدًا سأظل أحلم بك، بالحصان الأبيض والزنابق البيضاء، حتى أضمك إلى صدري ضمة لا فراق بعدها.

أقبِّلك وأضمك بقوة.

كامل

خطابي السابع

سجن الإسكندرية أكتوبر سنة ١٩٥٩م

زوجتي الحبيبة:

منذ ترحيلنا من سجن مصر إلى سجن الإسكندرية استعدادًا لتقديمنا إلى المحاكمة العسكرية أمام المجلس العسكري، مرَّت بنا أحداث عديدة في السجن. والحقيقة أننا وُدِّعنا وداعًا غريبًا ونحن نغادر سجن مصر؛ فأصرَّ مأمور السجن شوقي القطشة على استفزازنا دون سببٍ واضح. ويبدو أن هذا كان نوعًا من التمهيد لما كان في انتظارنا في سجن الحضرة بالإسكندرية.

فعند وصولنا إلى هناك، وجدنا كل مصلحة السجون في انتظارنا، وعلى رأسهم مدير سجن الحضرة اللواء الحلواني. ولقد عرفت الحلواني عام ١٩٤٨م وهو ضابط صغير عندما قضيت في هذا السجن بضعة أسابيع، وكان آنذاك آية في الدماثة والخلق الطيب. ولذا أدهشتني شراسته هذه المرة، وإصراره على استفزازنا في فناء السجن ونحن لم ندخل العنابر بعد. ولقد وقع مني حذاء كنت أحمله في يدي بعد أن مزَّقه الحرَّاس، فإذا به يثور ثورةً عارمة لهذا السبب التافه، ويصيح بي وكأنه يتذكرني: «طول عمرك مُتعِب».

على أي حال لقد صممنا — نحن الواحد والستين المقدَّمين للمجلس العسكري — على تفويت هذه الفرصة عليهم، وتصرَّفنا في هدوء ولباقة، ومرَّت العاصفة بسلام.

ومن يدري … فربما كان الموضوع كله مجرد استعراض عضلات، ولم يكن الاعتداء علينا مقصودًا، خصوصًا أننا سنمثل أمام المحكمة بعد أيام، وسوف يضع الاعتداء علينا هيئة المحكمة في موقف مُخجِل يَصعُب أن تتصرف فيه.

إنني لا أخفيك تشاؤمي من هيئة المحكمة … فما معنى أن يُقدَّم سياسيون إلى مجلس عسكري يرأسه مدير سلاح المدفعية إلا إذا كان البطش بهؤلاء السياسيين مقصودًا؟

وما هي الجريمة التي ارتكبناها والتي تتصل بالناحية العسكرية؟ وأين هو القضاء المدني يا تُرى؟ هل هو في إجازة أم ماذا؟!

ويبدو أن ما بدا من المحكمة خلال الجلسات حتى اليوم يدعم هذا التشاؤم، ولكننا صمَّمنا على أن نفضح هذه المحاكمة الهزلية، وأن نُعلِن رأينا السياسي في وضوح مهما كانت النتائج. وقد تمَّ هذا إلى حد كبير؛ مما أدى إلى توتر الجو بين المحكمة وبيننا، كما لم ندخر جهدًا في فضح رئيس نيابة أمن الدولة علي نور الدين، خلال الجلسات، مما أدى إلى انسحابه بعد دقائق من بَدء مرافعته.

ولقد ساعد على تعقُّد الموقف بالنسبة لنا تدهور الموقف في العراق بعد انقلاب الشواف الفاشل ولجوء الحكومة العراقية إلى إعدام عددٍ من الضباط العراقيين، وانقلاب القوى الوطنية بعضها ضد بعض في بغداد. ولا شك أنَّ كل هذا سيكون له انعكاسه السيئ على أحوالنا، وهو ما كنا نرجو ألا يحدث، وكنا دائمًا نشدِّد على أن المستفيد الوحيد من صراع القُوى الوطنية بعضها ضد البعض هو الاستعمار. ولكن يبدو أن صيحاتنا قد ذهبَت هباءً، وأننا سوف نحصد ثمار سياسة لم نوافق عليها في يومٍ من الأيام!

لن أحدثك طويلًا عمَّا أخبرَتني به سعاد أختي في الجلسة بخصوص موضوع المكافأة التي صُرفت لي بمناسبة فصلي من عملي «المساء» وإصرارك ألا تمدي يدك إلى مليم من هذه المكافأة. إنني في غاية التأثُّر من موقفك النبيل في هذه المسألة. وهو موقف لا يصدر إلا عن إنسانة عظيمة كبيرة القلب مثلك. لقد قال الصديق محمود العالم في إحدى الجلسات «إنك تعيشين معنا في الزنزانة»، وهو كلام لا مبالغة فيه … وقال لكِ أيضًا «أنتِ بطلة» عندما عرَف مني ما عرَف من تاريخ حياتك وظروفك العائلية، وهو أيضًا كلام لا مبالغة فيه، وأنا سعيدٌ أن أجد من يشاركني رأيي فيك. إن وجود محمود العالم معي في زنزانة واحدة يخفِّف عني كثيرًا؛ فهو صديق عظيم يعرف للصداقة معناها، وأنا أحس أنه أقرب الزملاء إلى قلبي وأني أقرب الناس إلى قلبه … وفي هذا عزاءٌ وأي عزاء.

لا تنسي أن تأخذي من المحامي كل الوثائق التي أعطيتِها له خلال إعداد دفاعه، وأن تمري على الدكتور الشافعي لأخذ نسخة من رسالة الدكتوراه التي كان قد استعارها مني.

لا أعلم متى يصلك هذا الخطاب … ربما يصلك في ذكرى يوم قراننا ٥ نوفمبر.

في هذه المناسبة أرسل لك خالص حبي وامتناني للسعادة التي غمرَت حياتي بهذا القِران. سوف أحاول أن أرسل لكِ برقيةً من السجن يوم ٤ نوفمبر إن كان هذا ممكنًا.

سلامي وتحياتي إلى السيدة الجليلة عمتك، ودادة ناعسة، وخالتك اعتماد، ولك أحر قُبلاتي.

كامل
١  الأستاذ خالد محيي الدين رئيس تحرير «المساء» آنذاك.
٢  منى ووفاء: هما ابنتاي من زواجي الأول.
٣  كانت ترجمة هذه المسرحية وكتابة مقال «لقاء بين ستالين وويلز» سنة ۱۹۳۲م، هما آخر ما أنجزتُه قبل اعتقالي فجر ١-١-١٩٥٩م. وكنت أنوي نشر الترجمة في بغداد، والمقال في بيروت، ولكن الوقت لم يتسع لإرسالهما.
٤  سوف يرد ذكر عمة زوجتي كثيرًا في هذا الكتاب … هي السيدة فهيمة ثابت، إحدى المناضلات البارزات في ثورة ۱۹۱۹، ارتبطت دائمًا بالزعيم سعد زغلول وزوجته صفية زغلول، وتطوعت لمرافقة أم المصريين عند نفيها مع زوجها إلى جبل طارق.
وعلى المستوى الشخصي فإن السيدة فهيمة ثابت هي الأم الحقيقية لزوجتي؛ إذ إنها تولت تربيتها ورعايتها منذ الصغر، وكانت زوجتي تحس دائمًا بأنها مدينة لعمتها بكل شيء.
٥  كان إهدائي لها هذه الوردة الحمراء أول إشارة لحبي، وقد ظلت هذه الوردة في صندوق زجاجي صغير في دولاب زوجتي حتى اليوم!
٦  تم فعلًا نقلي إلى مستشفى قصر العيني في فبراير ١٩٥٩م حيث أجريت العملية.
٧  نُقلت في فبراير سنة ١٩٥٩م إلى مستشفى قصر العيني حيث أُجريَت لي عملية البواسير، وبقيت هناك ثلاثة أسابيع زارتني فيها زوجتي عدة مرات، وبعض هذه الزيارات تمت بتصريح رسمي من المباحث، والبعض الآخر تم بشكل ودي بمساعدة أطباء قصر العيني.
٨  تمت هذه الزيارة في يونيو سنة ۱۹٥٩م، بإذن من نيابة أمن الدولة بعد أن تقرر تقديمي مع آخرين إلى المحاكمة بتهمة العمل على قلب نظام الحكم، وبناءً على هذا القرار نقلت من معتقل القلعة إلى سجن مصر حيث بقيت على ذمة القضية عدة شهور.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥