٤ قصائد صغيرة

(١) ذاكرة النسيان

كم اتسعت المسافة بيننا وبين نفسنا.
لم تعد نفسنا هي نفسنا،
أصبحنا نحمل نفوسًا أخرى،
وعقولًا أخرى،
وأسماءً لا تدل علينا،
ونحن نساء ولسنا رجالًا،
فلماذا يخاطبوننا بصيغة المذكر؟
ولماذا نحمل فوق أجسادنا أسماء ذكور؟
يقولون ابنة فلان أو حرم فلان أو أم فلان،
ويطلبون منا أن نشكرهم ونشعر بالفخر،
والرجل منهم إن حمل اسم أمه يشعر بالعار،
وإن حمل اسم زوجته يموت من الخزي،
فماذا نفعل نحن النساء يا نساء؟
ألا نعود إلى أنفسنا؟
نتذكر أسماءنا وتاريخنا،
ونستعيد ذاكرة نسياننا.
القاهرة ١٩٨٢

(٢) متى أشك في نفسي؟

رأيتهم يتنافسون لمصافحة المسئول الكبير،
يدوسون على أقدام بعضهم البعض،
يسيل لعابهم بكلام معسول،
أو مسموم.
يعملون في الحكومة والمعارضة وكل شيء،
يجلسون في الصفوف الأمامية،
يقبضون الماهية والعمولة والحوافز،
يحصدون الجوائز؛
في الأدب والعلم والدراسات السياسية والاجتماعية،
رجال ونساء ينطقون الفصحى بلكنة أمريكية،
يعيشون خارج الوطن وداخله،
يحملون لقب مفكرين أو مثقفين أو غير ذلك،
ويسألونني أين أنت يا أنت؟
وأقول لهم لن أحصل أبدًا على جائزة،
وإن حصلت عليها في يوم؛
فسوف أبدأ الشك
في نفسي.
القاهرة ١٩٩٨

(٣) النَّفقة للرَّجل

سمعت زوجها يهددها بالطلاق،
أو يصفعها على وجهها مهددًا
بقطع النفقة.
وهي تتمسح عند قدميه مثل قطة جائعة
من أجل النفقة،
يفرض عليها الطاعة مقابل الإنفاق،
وتدوخ السبع دوخات.
السبع سنين؛
لتحصل على الملاليم.
وجاءني الزوج يحمل الهدايا والمهر،
أعدتها كلها إليه، وقلت:
الهدية رشوة والمهر إهانة.
وجاءني الزوج الثاني يهددني بالدخول في بيت الطاعة،
كانت نكتة ضحك لها الجميع،
وقلت له خلعتك عني حسب قانون الخُلع،
ولتذهب أنت إلى المحكمة إن شئت
وتطلب النفقة.
القاهرة ٢٠٠٠

(٤) سأمشي حتى النهاية

سأمشي حتى النهاية،
لن أتوقف أبدًا في منتصف الطريق،
ولن أعود أدراجي إلى الوراء
لأقول نعم.
إلى آخر المدى سأمشي،
مرفوعة الرأس،
لا أخشى قطعها،
لن أفقد بموتي
إلا الأغلال،
وإن اختفى اسمي في التاريخ،
وإن أهالوا عليَّ التراب،
فهناك مَن يحملون بصمتي،
وكلمتي وصورتي؛
لأنني امرأة لم تلد عيالًا
ترسلهم إلى الحرب
ليموتوا؛
بل ولدت كبارًا عاشوا
رغم الحروب،
ونساءً مبدعات،
غيرن العالم
والتاريخ.
القاهرة ١٩٩٨

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤