رسالة إلى وزير الصحة

(١) مسئولية وزارة الصحة

لأنك على رأس الوزارة المسئولة عن صحة الناس في بلادنا أكتب هذه الرسالة إليك بصفتك المسئول الأول عما يحدث للأطفال من آلام وجروح تحت اسم الدين أو النظافة أو منع الأمراض، ومنذ أربعين عامًا حين طالبت بمنع ختان الإناث بصفتي طبيبة أدرك مخاطر هذه العمليات الجراحية عارضني زملائي في نقابة الأطباء ووزارة الصحة، وتعرضت للهجوم والأذى الكثير من رجال الدين ووزير الصحة حينئذ، وكان لا بد من مرور أربعين عامًا حتى تتضح الحقيقة، ويصدر القرار بمنع ختان الإناث منذ عامين.

واليوم تتكرر المأساة إذ أثبتت الحقائق الطبية أن ختان الذكور عملية ضارة لا علاقة لها بالدين أو النظافة أو منع الأمراض، وقد كتبت في هذا الشأن منذ عامين، وصدرت الكتب العلمية التي تنشر هذه الحقائق باللغات الأجنبية والعربية، إلا أن الشعب المصري لا يزال يُغذى بالمعلومات الخاطئة عن طريق أجهزة الإعلام والصحافة المصرية؛ التي تنقل عن الصحف الأخرى دون دراسة، كما أن وزارة الصحة لم تتكلم في هذا الموضوع، ولم ترشد الناس إلى مخاطر هذه العمليات — رغم أن بها إدارة كبيرة مهمتها الثقافية الصحية — كما أن نقابة الأطباء لم تلعب دورها المطلوب في مثل هذه القضايا الهامة التي تتعلق بصحة الملايين من الذكور والإناث في بلادنا.

بل إن بعض الأطباء راحوا يرددون المعلومات القديمة والشائعات الجديدة التي تنشرها الصحف عن أن ختان الذكور يمنع مرض الإيدز، وهذه فكرة مغلوطة تروج لها بعض الدوائر السياسية الإسرائيلية الأمريكية، وقد وقعت بعض الصحف المصرية مؤخرًا في هذا الخطأ، وراحت تنشر هذه الأكاذيب، وتعيد نشر الأنباء الواردة إليها من الخارج والإسرائيليات القديمة والجديدة دون تفكير أو دراسة.

وفي الوقت الذي تنكر فيه إسرائيل علاقة الدين اليهودي بهذه العمليات الجراحية الضارة، فإنها تحاول أن تلصق ختان الذكور بالدين الإسلامي، كما يحاولون أيضًا ادعاء أن هذه العمليات نبعت من مصر القديمة، أو أنها نبعت من أفريقيا، وهذه كلها ادعاءات لا علاقة لها بالتاريخ الصحيح لعمليات ختان الذكور أو الإناث.

فلماذا لا تتصدى وزارة الصحة لهذا الموضوع؛ إنقاذًا لصحة الملايين من الأطفال الذكور، كما تصدت لإنقاذ صحة الملايين من الأطفال الإناث، أم إننا ننتظر أربعين عامًا أخرى حتى تُدرك وزارة الصحة هذا الخطر؟

وقد نشرت جريدة الأهرام، في ٤ يوليو ٢٠٠٠، وهي أكبر جريدة في مصر، مقالًا في صفحة ٣١، توقيع محمود القنواتي، تحت عنوان: أبحاث علمية تؤكد ختان الذكور يمنع الإصابة بالإيدز، ونشرت أعلى المقال صورة تقول فيها: هذه نقوش على الحجارة تؤكد أن قدماء المصريين مارسوا ختان الذكور، أكثر من ذلك، لم تذكر الجريدة شيئًا عن علاقة الدين اليهودي بختان الذكور، رغم أن هناك نص واضح في التوراة يؤكد على ختان الذكور مقابل أرض كنعان أو فلسطين، بل نسبت الجريدة ختان الذكور إلى الدين الإسلامي فقط، وأنه دعا إلى ختان الذكور منذ أكثر من ١٤٠٠ عام، رغم أنه لا توجد آية ولا نص واحد في القرآن يدعو إلى ختان الذكور.

بل هناك آيات تؤكد أن الله لا يخلق إلا الكامل، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (التين: ٤)، وأعظم علماء الإسلام عارضوا ختان الذكور، وقالوا إنه عادة يهودية وردت في التوراة ولا علاقة لها بالإسلام.

وقد نشرت جريدة «القاهرة» في ١٣ يونيو ٢٠٠٠ مقالًا في الصفحة الأولى تحت عنوان: أحدث مفاجأة علمية: الختان يحمي من الإصابة بالإيدز، ونشرت صحف مصرية أخرى طوال السنين الماضية مثل هذه الأنباء الخاطئة، مثلًا نشرت صحيفة عقيدتي في ٥ / ٩ / ١٩٩٥ تحت عنوان: وشهد شاهد من أهلها: الختان يمنع الإصابة بالإيدز بقلم د. أحمد شفيق، وفيه يؤكد أن الدوائر الطبية في أوروبا أفادت بأن الختان يمنع الإصابة بالإيدز، وهذا أبلغ رد على من يعارضون الختان، وغرضهم الهجوم على الإسلام الذي يؤكد عملية الختان «للإناث».

ونشرت صحيفة الأمة في ٩ / ٩ / ١٩٩٧ مقالًا تحت عنوان: الختان يحمي الأنثى من الإيدز، يقول فيه: الدوائر الطبية الغربية توصلت إلى أن الختان يحمي من الإيدز وسرطان العضو الذكر.

هكذا تنشر الصحف المصرية عن الدوائر الغربية هذه الإشاعات تحت اسم الأبحاث العلمية الجديدة، فلماذا لا تتصدى وزارة الصحة وترد على هذه الأكاذيب بالعلم الصحيح لصحة الناس وصحة عقولهم أيضًا؟

(٢) المعلومات الجديدة الصحيحة

لماذا لا تحاول وزارة الصحة الحصول على المعلومات الطبية والعلمية الجديدة، التي تؤكد على مضار عمليات الختان للذكور والإناث، وتنشرها على الناس في بلادنا من أجل نشر الوعي الصحي السليم؟!

وقد صدرت العديد من النشرات الطبية والكتب بالعربية والإنجليزية التي تناولت هذه المعلومات، ومنها الآتي:

وهناك علماء عرب يعيشون في أوروبا، ويكتبون باللغة العربية والإنجليزية في هذا الموضوع، وعلى سبيل المثال فإن الأستاذ الدكتور سامي الديب هو مسئول القسم العربي بالمعهد السويسري في جنيف، وأصدر عددًا من المؤلفات حول مضار ختان الذكور و«الإناث» آخرها الكتاب الذي صدر باللغة العربية عام ١٩٩٩، وهو كتاب من ثلاثة أجزاء كاملة في هذا الموضوع الهام.

والمطلوب الآن من وزارة الصحة و«نقابة الأطباء» في مصر أن تُشكل لجنة من الأطباء والعلماء لدراسة هذه الكتب، وتوصيلها إلى الناس والصحف وأجهزة الإعلام.

يقول الدكتور سامي الديب في كتابه (ص١٦٤) الآتي:

بعد إلقائي محاضرة في مؤتمر عن الختان عام ١٩٩٤ في الولايات المتحدة فوجئت باستلام عدة رسائل من يهود لم يسبق لي التعرف عليهم، وتبيَّن لي أن إحدى المشاركات في ذلك المؤتمر قامت بتوزيع محاضرتي عليهم دون إذني، وبين مراسلي كان رئيس التعليم الطبي في جامعة ابن غوريون الإسرائيلية، واسمه «شيمون جليك» وهو من المؤيدين لختان الذكور، وقد تبادلت معه عدة رسائل حول ختان الذكور، وإحدى تلك الرسائل تضمنت مقالًا يدَّعي أن الختان يقي من مرض الإيدز، شبكها مع ورقة كتب عليها بالإنجليزية عبارة تقول: «إذا أمر الله عمل شيء فلا يمكن لهذا العمل أن يكون مضرًّا.»

ويومًا أرسل لي «برنارد لافري» ناشط يهودي في جنيف رئيس للجنة ضد معاداة السامية، قصاصة من جريدة Nouvean Quotidien السويسرية بتاريخ ٢٣ / ٨/ ١٩٩٥ تشير إلى أن ختان الذكور يحمي من مرض الإيدز، وهذا الخبر منقول عن «هيئة الأخبار الفرنسية» التي نقلته عن «يومية الطبيب» الفرنسية، وهذه الأخيرة نقلته عن خبر صادر عن هيئة أخبار أمريكية بتاريخ ٢٣ / ٨ / ١٩٩٥، وقد أبلغت هذا الخبر إلى السيدة «ماريلين مايلوس» رئيسة منظمة Nocirc والسيد «تيم هاموند» رئيس منظمة Noharmm وهما منظمتان أمريكيتان معاديتان لختان الذكور، وقد ردت السيدة «مارلين مايلوس» بتاريخ ١ / ٩ / ١٩٩٥ ما يلي:

إن مرض الإيدز ليس سببه الغلفة؛ بل الجراثيم التي تنتقل من خلال علاقة جنسية غير سليمة، وقطع الغلفة لم تثبت فائدتها في الوقاية من الإيدز في الولايات المتحدة، حيث أكثر ضحايا هذا الداء هم من المختونين.

إن الحجج الطبية التي استعملت لتبرير واستمرار بتر الأعضاء الجنسية في الغرب كانت دائمًا تتماشى مع الأمراض المرعبة في الوقت التي استُعملت فيه تلك الحجج، وهكذا استعمل الخوف في العادة السرية في أواسط القرن التاسع عشر، ثم استعملت حجة النظافة في بداية القرن العشرين عندما وضعت نظرية الجراثيم، وفي أواسط القرن العشرين أصبحت الحجة الخوف من سرطان القضيب والرحم، وأما اليوم فهم يستخدمون حجة مرض الإيدز كوسيلة لتبرير عادة وحشية، ونحن الذين نعتبر تعسفًا ضد الأطفال التشوية الجراحي لأعضائهم دون موافقتهم، يمكننا أن نفهم المقصود من تلك الحجج، فالعار كل العار لمن يستخدم مثل هذه الحجج.

وقد رد تيم هاموند بتاريخ ٣٠ / ٨ / ١٩٩٥ ما يلي:

إن الختان لا يحمي من مرض الإيدز، والإيحاء بأنه يحمي من الإيدز يعتبر رسالة خطيرة للمختونين، تعني أنه في إمكانهم ممارسة الجنس دون اتخاذ الوسائل الكفيلة لحمايتهم من هذا المرض، وأضاف في رسالته بأنه إذا كان صحيحًا أن الختان يحمي من الإيدز، فيجب في هذه الحالة ختان كل من الذكور والإناث البالغين.

يقول د. سامي الديب في كتابه: إن ما سبق يوضح أن مؤيدي الختان بين اليهود ومن يساندهم قد وجدوا في الإيدز ضالتهم للدفاع عن ختان الذكور، فحولوا الخوف من الإيدز إلى سلاح للتأثير على الرأي العام، وقد سارعت الصحف المصرية و«العربية» ونقلت هذه الأنباء، كما نقلت في الماضي كثيرًا من الإسرائيليات دون أي تحقيق، واعتقدوا أن ختان الذكور والإناث من صحيح الإسلام، وهذا غير صحيح.

إن القرآن المرجع الأساسي للمسلمين ليس فيه آية واحدة تشير إلى ختان الذكور.

الكتاب الوحيد الذي ينص على ختان الذكور هو كتاب التوراة، في الإصحاح السابع عشر (تكوين) يعقد الإله مع النبي إبراهيم عهدًا، يقول له: «أقيم عهدي بيني وبين نسلك من بعدك عهدًا أبديًّا، أعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك لك أرض كنعان ملكًا أبديًّا، هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم، يُختن منك كل ذكر، فتختنون في لحم غرلتكم فيكون علامة عهد بيني وبينكم، فيكون عهدي في لحمكم أبديًّا … وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلتكم فتقطع تلك النفس من شعبها، إنه قد نكث عهدي.»

هذه هي الكلمات التي جاءت في التوراة، تؤكد لنا أن إله اليهود رفع شعار «الأرض مقابل الختان»، وهو شعار غريب، فما علاقة الاستيلاء على أرض الغير بالقوة المسلحة وختان الذكور؟!

وفي محاضرة لي بجامعة نيويورك العام الماضي سألت هذا السؤال فانسحبت بعض النساء اليهوديات اعتراضًا على تساؤلي، وغضبت أخريات، لكن بعض اليهوديات أيَّدن كلامي وقالت إحداهن: نعم هذا سؤال وارد تمامًا، وأعتقد أن بعض المؤيدين للصهيونية والاستيلاء على أرض فلسطين، الأرض الموعودة يؤيدون أيضًا ختان الذكور، رغم أنهم لا يختنون أطفالهم، لكن يخافون من الاعتراض على ختان الذكور، وبالتالي يسقط حق اليهود في أرض فلسطين، بسبب ترابط الوعد الإلهي بالأرض بختان الذكور.

من هنا ندرك كيف توجه كثير من القوى الإسرائيلية (والأمريكية) بعض البحوث الطبية لإثبات أن ختان الذكور يحمي من السرطان والإيدز؛ تعزيزًا للآية في التوراة وتعزيزًا للاستيلاء على أرض فلسطين.

(٣) الجدل الطبي السليم ضد الختان

لماذا لا يتابع الأطباء في بلادنا ما يدور في العالم من أبحاث علمية سليمة تؤكد مضار الختان للذكور والإناث؟! لماذا تسكت وزارة الصحة ونقابة الأطباء كأنما الأمر لا يعنيهما في شيء؟! وأرجو من وزير الصحة أن يطبع كتاب الأستاذ الدكتور سامي الديب، ويوزعه على الأطباء حتى يعرفوا أن ختان الذكور عادة ضارة بالجسم والنفس والمجتمع، وأن ملايين الرجال ليسوا مختنين وليسوا مصابين بالإيدز أو السرطان، وأن نظرية الوقاية من الأمراض بقطع الأعضاء في الطفولة نظرية مناقضة للعقل والصحة والدين الصحيح؛ لأن الله كامل لا يخلق إلا الكامل، وخلقناكم في أحسن تقويم.

يفند الأستاذ الدكتور سامي الديب نظرية الوقاية من مرض الإيدز عن طريق الختان بالأدلة العلمية (ص١٦٨) كالآتي:

في نهاية الثمانينيات ادَّعت بعض الدراسات الأفريقية الصغيرة أن هناك علاقة بين فيروس فقد المناعة والذكر الغير مختون، وقد اغتنم مؤيدو الختان هذه النظرية فقاموا بحملة دعائية بدأت برسالة بعثها طبيب يهودي اسمه «ارون فينك» إلى مجلة طبية عام ١٩٨٦: Fink: A Possible explanation for heterosexual male infection with AIDS United Press International, release date: October 29, 1986 إلا أن هذا الطبيب أوضح لصحفي بأنه لا يمكنه إثبات هذا الأمر، وهذا الطبيب هو من كبار الداعين لإجراء الختان على جميع الأطفال، وقد سبق وحاول الضغط على جمعية الطب في كاليفورنيا لكي تتبنى مثل هذا البرنامج، وقد فشلت محاولته عام ١٩٨٧، ولكن نجح في إمرارها عام ١٩٨٨ بصوت واحد من قبل ممثلي هذه الجمعية دون الرجوع إلى الهيئة العلمية، ولم تكن حجة الإيدز هي الحجة الوحيدة التي حاول إمرارها أمام تلك الجمعية لممارسة ختان الذكور بصورة روتينية، فمثلًا لم يتمكن من إمرار قرار بالختان الروتيني كوقاية من مرضين هما B-streptococcal disease وSand balanitis، وقد دعم فكرة الختان الروتيني للأطفال بحجة الوقاية من مرض الإيدز عدد من الأطباء أكثرهم، إن لم يكن كلهم، من اليهود Hodges: A short history, p. 35 نذكر منهم: Francis A. plummer, J. Neil Simonsen, Stephen Moss, Allan R. Ronald, Joan K. Kreiss.
وقد اعتمد أصحاب هذه النظرية على ملاحظة التوزيع الجغرافي للختان ومرض الإيدز، واستنتجوا أن المناطق التي تمارس الختان أقل عرضة للإصابة بهذا المرض، وقد ارتكزوا على معطيات من نهاية الخمسينيات، وكأن تلك المعطيات أكيدة ولم تتغير، إلا أنهم أهملوا عوامل طبية، مثل وجود أمراض جنسية، كما أهملوا عوامل اجتماعية، مثل العمر الذي تتم فيه العلاقة الجنسية الأولى، ووجود ختان الإناث، نظام تعدد الزوجات، وهذه العوامل قد تلعب دورًا في انتشار مرض الإيدز Van Howe: Neonatal circumcision and HIV infrection pp. 99-100.

كما أن بعضهم قام بمراقبة مجموعة معينة مثل سائقي الشاحنات، إلا أنهم لم يتأكدوا من أن هؤلاء كانوا مختونين أم لا، معتمدين في فرضياتهم على النسبة الوطنية، كما أنهم لم يأخذوا بالحسبان عوامل أخرى، وبعضهم راقب المترددين على عيادات الأمراض الجنسية مستنتجين أن من كان له غلفة كان أكثر عرضة للأمراض الجنسية، متجاهلين أن الإصابة بقرحة جنسية تلعب دورًا أكبر في انتشار الإيدز مع وجود الغلفة أو عدمه، وإحدى تلك الدراسات اعتمدت على مراقبة أشخاص غير مختونين يمارسون الجنس مع مومسات في دولة «كينيا» بأفريقيا، وقد رأت هذه الدراسات أن غير المختونين أكثر عرضة للإصابة بمرض الإيدز من المختونين، ولكن دراسة أخرى بيَّنت أن سبب ارتفاع الإصابة في هذه الحالة هو أن غير المختونين يجدون صعوبة في الزواج؛ بسبب نظرة المجتمع السلبية ضدهم، فيقومون بالبحث عن علاقة جنسية مع المومسات، مما يجعلهم أكثر عرضة لمرض الإيدز.

ويؤخذ على هذه الدراسات أنها فضلت الاعتماد على معطيات أفريقية، بدلًا من المعطيات في الولايات المتحدة التي تمارس الختان بشكل واسع، والدراسة الوحيدة التي تمت في هذا البلد حول هذا الموضوع هي تلك التي نشرها «كرايس» عام ١٩٩٢ Kreiss: Hopkins The association between circumcision وهذه الدراسة لم تأخذ في حسابها الختان إلا بالدرجة ١٤ بين العوامل الأخرى مما يبين التحيز للختان بين الباحثين وناشري المجلات العلمية، وقد نسوا أن ارتفاع عدد الإصابات بمرض الإيدز عند غير المختونين هنا قد يكون بسبب تدني الثقافة والحالة الاجتماعية بينهم، فمن المعروف أن الطبقة المتدنية لم يكن في إمكانهم ختان أولادهم، ولم يكن من السهل لهم اللجوء إلى العناية الصحية الروتينية، وهناك ارتفاع عالٍ لمرض الإيدز بين الطبقات المتدنية، وهذه الدراسة التي تريد ربط الختان بالوقاية من مرض الإيدز تفشل في القول إن انتشار هذا المرض إنما هو بسبب التصرف غير السليم في العلاقات الجنسية وتدني مستوى النظافة، وليس في شكل القضيب Fleiss: An analysis of bia, pp. 393–396.
وبعض الأبحاث حاولت إعطاء صبغة علمية لاستنتاجها، فقد كتب «جان ماركس» في مجلة Science أن وجود غلفة سليمة يخلق محيطًا حاميًا ورطبًا يساعد في بقاء الفيروس حيًّا ويساعد على دخوله، فالفيروس قصير الحياة في محيط جاف حسب قول باحث فيروس الإيدز «سيمونسون»، وهذا البحث يبين أن بالختان تصبح الحشفة أكثر قسوة، وهذا يحميها من التجرحات الصغيرة خلال العلاقات الجنسية، مما يساعد دخول فيروس الإيدز، كما أن الغلفة في حال بقائها عرضة للصدمات خلال العلاقة الجنسية Mark: Circumcision may protect against the AIDS virus.
وهذه الفكرة مرتبطة بفكرة أخرى؛ وهي أن الجلد يحتوي على خلايا المناعة تدعى Langerhans calls باسم مكتشفها، وقد ادعت دراسة قام بها الدكتور «وايس» بأن بطانة الغلفة تحتوي على قدر قليل من تلك الخلايا مما يضعف استجابتها للمضادات الحيوية، وقد اقترح إجراء الختان في الصغر كوسيلة وقائية، واعتبر إجراء الختان لهذا السبب حق من حقوق الإنسان Weiss: the distribution and density of langerhans cells, وهناك دراسة ثانية قام بها «حسين» و«لينير» في نفس الاتجاه Hussain; Lehner: Comparative investigation.
ويؤخذ على هاتين الدراستين أنهما تمتا على غلف دون موافقة أصحابها، دون استشارة اللجنة الأخلاقية في المستشفى الذي تمت فيه لعمل المراقبة الضرورية حول خلوها من المحاباة، وهاتان الدراستان تمتا على نسيج جلدي ميت، بينما كان أحرى بهما أن تتم على نسيج حي، وحجم العينات صغير لا يسمح في استنتاج سليم، وهي في حقيقتها محاولة لتأكيد موقف مسبق مؤيد للختان (كما هو واضح من الانتماء اليهودي والإسلامي لمؤلفيها) وليس دراسة موضوعية، ويضيف الناقد أن بقطع الغلفة يتم إزالة عدد كبير من خلايا المناعة، أما تأثير الختان على الحشفة وخلايا المناعة فلم يتم دراستها بعد وتتطلب بحثًا إضافيًّا، والمنطق السليم يستنتج أن قطع جزء من جلد الذكر، بالإضافة إلى مضاره الجنسية، يؤدي إلى انتقاص الوقاية، كما في الجلد في أي جزء من الإنسان، هو عضو ذو مناعة، انظر تفصيلًا حول هذه النقطة في cells; Williams: the significance and function of preputial langerhans Cold and Taylor: the prepuce pp. 40-41.
وتجدر الإشارة إلى أن الدراسات في هذا المجال تقوم على إحصائيات وحسابات معقدة تخلق انطباعًا بصرامتها ولكنها لا تخلو من النقد، وقد يؤدي التحقق منها إلى نتائج عكسية، ولا مجال هنا إلى الدخول في متاهات هذه الحسابات، ويقول الدكتور «فان هو» بعد استعراض ٣٦ دراسة من المجلات المحكمة حول علاقة الإيدز بالغلفة، بأن النتائج غير متلائمة، فهناك دراسات أجريت في العيادات التي تداوي الأمراض المنتقلة جنسيًّا (والتي يلجأ إليها عادة الطبقات الدنيا من الشعب) وتبين أن الغلفة قد تزيد خطر الإصابة بالإيدز، أما الدراسات الأخرى التي تُجرى على عينات من الناس، وهي أكثر صدقًا، فإنها تبين أن الرجال المختونين أكثر عرضة لمرض الإيدز، وبعض الدراسات لم تتمكن من إيجاد فارق بين المختونين وغير المختونين، ولكن يجب معرفة أن الولايات المتحدة تملك أعلى معدل من المختونين، وفي نفس الوقت أعلى معدل من المصابين بمرض الإيدز بين الدول المتقدمة، وهذا يبين أنه من غير الممكن الربط بين الغلفة وبين مرض الإيدز Van Howe: Does circumcision influence, p. 58; Van Howe:. Neonatal circumcision and HIV infrection, pp. 100–120.

(٤) الأرقام تثبت عكس ذلك

أعلى دولة غربية في نسبة ختان الذكور هي الولايات المتحدة، وفي هذا البلد، غالبية الرجال في سن النشاط الجنسي مختونين، ولو كانت النظرية السابقة صحيحة، فكان يجب أن تكون بين الدول الأقل انتشارًا لمرض الإيدز، ولكن الأرقام تبين أن الولايات المتحدة هي سادس أكبر دولة لانتشار الإيدز في العالم، وأعلى دولة بين الدول المتقدمة، ومؤيدو نظرية الإيدز بطبيعة الحال يتجاهلون هذه الحقيقة، ونحن نعطي عنا عدد المصابين بين ١٠٠٠٠٠ كما بينتها منظمة الصحة العالمية عام ١٩٩٥:

زمبابوي ٩٦٫٧
كونجو ٥٨٫٤
مالاوي ٤٩٫٢
كينيا ٢٤٫٨
تشاد ٢٠٫٢
الولايات المتحدة ١٦٫٠
إيطاليا ٨٫٩
سويسرا ٦٫٥
الدانمارك ٤٫٤
فرنسا ٣٫٥
هولندا ٢٫٧
ألمانيا ٢٫٢
النمسا ٢٫٠
السويد ٢٫٠
النرويج ١٫٦
فنلندا ٠٫٩
بولندا ٠٫٢
المجر ٠٫٢

ويشير معارضو الختان بأنَّ الدُّول الأوروبية المتقدمة التي فيها نسبة الإيدز عالية؛ هي تلك الدول التي تعرف نسب هجرة مسلمة عالية وعمال من الخارج.

ومما سبق يتضح أن الولايات المتحدة تعرف أعلى نسبة للختان، وفي نفس الوقت أعلى نسبة بالإصابة بمرض الإيدز بين الدول النامية، وقد قدرت منظمة الصحة العالمية أن بين ١٨٫٥ مليون مصاب بهذه الجرثومة في العالم، هناك ١٫١ مليون شمال أمريكي، بينما أوروبا الغربية لا تعد إلا ٦٠٠٠٠٠ مصاب، وقد بينت دراسة أمريكية أنه بين كل ٢٠ شخص هناك مصاب بهذا المرض عام ١٩٩٤، وقرابة كل المصابين بهذا المرض في الولايات المتحدة هم من المختونين Fleiss: An analysis of bias, pp. 393-394.
ويذكر طبيب أمريكي بأن الولايات المتحدة ٥٪ من سكان العالم، ولكنها تحتوي على ٦٥٪ من حالات الإصابة بمرض الإيدز في العالم Ritter: Say no to circumicsion, p. 33–2.

(٥) الختان قد يكون عامل انتشار للإيدز

في غياب دراسة جدية تثبت أن الختان عنصر وقاية من الإيدز، يجب علينا أن نرجع إلى البديهيات البسيطة التي يمكن أن يتقبلها العقل، دون الدوخان في أرقام وحسابات معقدة لا نهاية لها، وهذه البديهيات هي: الختان يجعل جلد الذكر أكثر شدة وخشونة وأقل رطوبة، ويترك فيه ندبًا، وبالتالي فإن المختون يكون أكثر عرضة للتجرح ودخول فيروس الإيدز في الجسم.

– المختونون أكثر ميلًا لممارسة الجنس من خلال الشرج والفم، كما أنهم أكثر ميلًا للعلاقات الجنسية الشاذة، كما رأينا سابقًا، وهذا عامل يزيد في إمكانية التجرح ودخول الفيروس.

– المختونون أكثر ميلًا إلى البحث عن عدد أكبر من شريكات العلاقة الجنسية وتعرض أكبر للفيروس.

– المختونون أقل ميلًا لاستعمال العازل، وأحد الأسباب التي تقدم لذلك هو أنه يضعف من الحساسية بسبب تغليف القضيب، والمختون يكون عامة قد فقد جزءًا من تلك الحساسية بسبب الختان وسنين احتكاك الحشفة بالملابس وتحرق ونشفان في القضيب، فإضافة طبقة أخرى على القضيب يزيد في إضعاف الحساسية، كما أن الختان يقلل من مدة المداعبة قبل الولوج، وهذا يؤدي إلى تجريح أكبر في الأنسجة Ritter: Say no to circumcision, p. 35–1; Van Howe: does circumcision influence, p. 59.
– حتى وإن قبلنا بأن الختان قد يحمي من مرض الإيدز، فإنه يجب عمل ٢٣١٤٨ ختانًا في الولايات المتحدة بتكلفة قدرها ٩٫٦ مليون دولار لكي يقي من إصابة واحدة بمرض الإيدز، وهذا يعني أننا سوف نعرض عددًا كبيرًا لمخاطر الختان الأخرى ومن بينها الوفاة لوقاية فرد واحد، وفي دول العالم الثالث مخاطر الختان أعلى مما هي عليه في الدول المتقدمة، والدراسات تبين أن وجود غلفة ليس عاملًا مهمًّا في مدى انتشار الفيروس، وإن كان عاملًا فالمخاطر الناتجة أكبر من الفوائد المرجوة Van Howe: Neonatal cirumcision and HIV infection, pp. 100–120.

القول بأن الختان يقي من الإيدز قد يفهمه البعض بأنه يعطيهم مناعة ضد هذا المرض، فلا يأخذون حرصهم منه ويمارسون الجنس بكل حرية مع أشخاص مصابين بهذا المرض.

مما سبق يتضح أن الختان، ختان الذكور والإناث، ليس للوقاية من الإيدز، لا بل قد يكون عاملًا لانتشاره، والوقاية من مرض الإيدز تكمن في حماية الفرد من التعرض للجراثيم الناقلة لهذا المرض، وتثقيف الناس على العلاقة الجنسية السليمة، وليس بقطع أجزاء سليمة من جسم الإنسان Ritter: Say no to circumcision, p. 33–2.

•••

أود أن أسأل وزير الصحة هذا السؤال:

لماذا لا تلعب وزارة الصحة دورها في نشر هذه المعلومات الهامة على الأطباء وعلى الناس، وقد رأيت أن من المهم أن أرسل هذه الرسالة إليك، وفيها أجزاء من كتاب علمي قام بنشره أستاذ عربي وليس أجنبي، وعندي نسخة واحدة من هذا الكتاب الهام.

(٦) أبحاث علمية غير سليمة

كيف يُدافع المختونون من الرجال عن أنفسهم، وكيف تدافع النساء المختونات عن أنفسهن؟ من المعروف في الطب النفسي أن الإنسان الذي يتعرض للقهر الجسدي من أي نوع؛ مثل قطع جزء من جسمه في الطفولة يشعر بالحزن العميق، يحاول أن يُنكر ما حدث له، كأنما هو المسئول عنه، قد يتحول هذا الإحساس بالنقص إلى زهو أو بعث فخر، أو على الأقل أن هذه العملية الجراحية لم تضره في شيء، بل أفادته صحيًّا أو منعت عنه الأمراض، أو أكسبته هويته الأصلية أو خصوصيته الثقافية أو قيمه الأخلاقية أو الحضارية.

وكم تتفاخر كثير من النساء بالحجاب رغم أنه أحد وسائل القهر المفروضة على بعض النساء تحت اسم الدين أو الأخلاق.

ويلعب التعليم والإعلام دورًا في التجهيل بمضار هذه العمليات التي تشوه الأجسام والعقول، ويستخدم وسيلة للتجهيل أيضًا تحت اسم البحوث والدراسات التي تُجرى أحيانًا لأهداف سياسية وليس من أجل البحث عن الحقيقة.

مثلًا لعب الإعلام الدولي والعربي دورًا في ترويج حبوب الفياجرا، استطاعت الشركات العالمية للأدوية التي تنتج هذه الحبوب أن تمول أبحاثًا علمية تثبت فعالية هذه الحبوب وقدرتها على تنشيط القوة الجنسية للرجل، واستخدمت رجالًا مشهورين في عالم السياسة أو الفن دفعت لهم الملايين من أجل أن يتحدثوا في التليفزيون عن فوائد حبوب الفياجرا، ويحكون تجاربهم الخاصة، وربما تكون هناك بعض الحقيقة فيما يقولون، وفي بعض الأبحاث العلمية، إلا أنها حقيقة جزئية، وقد تلعب الحقيقة الجزئية دورًا في تشويه الحقيقة أكثر من أي شيء آخر؛ لأنها تبدو للناس حقيقة علمية ومقنعة، ولأن الناس يفتقدون المعرفة أو النظرة الكلية للأشياء فإن هذه الحقائق الجزئية تخدعهم كثيرًا دون أن يدركوا ذلك.

منذ خمسة وثلاثين عامًا حين كتبت ضد عمليات ختان البنات في مصر هاج زملائي الأطباء غضبًا وقالوا: إن ختان البنت ضرورة صحية من أجل النظافة ومنع الأمراض، قلت لهم كيف نقطع عضوًا من الجسم من أجل النظافة؟ أليس الأفضل أن نغسله بالماء والصابون بدل من بتره بالمشرط أو الموس؟!

وكم من أبحاث طبية خرجت تثبت أن ختان البنات مفيد صحيًّا، وأنه يمنع أمراض السرطان وأمراض الزهري والسيلان، وأن المومسات المختونات أقل تعرضًا للأمراض من المومسات غير المختونات، لا تنفصل القوى المسيطرة على العلم عن القوى المسيطرة سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا وإعلاميًّا، كما أن شركات الأدوية في العالم لها سطوتها وقوتها، ويمكن أن توجه الأبحاث الطبية لخدمة أرباحها وترويج منتجاتها.

وكم من بحوث عن فوائد حبوب الفياجرا لتقوية الفحولة الجنسية عند الرجال، وقد اتضح مؤخرًا مضار هذه الحبوب على القلب، وقد تعرض بعض الرجال للموت بعد تعاطيها أو لأزمات قلبية.

وكم من بحوث عن فوائد ختان الذكور، وأنها تحمي الرجال من الإصابة بمرض السرطان، وأخيرًا الحماية من مرض الإيدز، وأنه في أحدث دراسة علمية قام بها باحثون في أستراليا أكدوا فيها أن الرجل غير المختون يكون أكثر عرضة للإصابة بمرض الإيدز، وأن عملية ختان الذكر أفضل وقاية من هذا المرض ومن أمراض أخرى تنتقل عن طريق الجنس مثل السيلان والسفلس (الزهري)، ويؤكد رئيس البحث البروفسير روجر شورت أن الختان هو أفضل وسيلة للحماية من هذه الأمراض حتى الآن، بينما البديل الوحيد المتاح للرجال غير المختونين هو وسائل الحماية الكيمائية.

وإذا كانت هناك وسائل كيمائية؛ أي أدوية وكيماويات للوقاية من الإيدز والأمراض الجنسية، فلماذا نبتر أجزاءً من أجساد الذكور بالموس أو المشرط، وهناك وسائل أخرى أفضل مثل الأدوية والكيماويات.

مثلًا هل نقطع أذن إنسان حتى لا يصاب الأذن بمرض من الأمراض أم نستخدم الأدوية والكيماويات إذا أصيب الأذن بالمرض؟!

كما أن أغلب هذه البحوث العلمية لا تأخذ في اعتبارها العوامل المتعددة التي تلعب دورًا في إصابة الرجال بالأمراض الجنسية أو الإيدز، مثلًا ربما تقل نسبة الأمراض الجنسية في الرجال المختونين؛ لأنهم ينتمون إلى ثقافة أو دين معين يمنعهم من ممارسة الجنس مع المومسات مثلًا، إذن هناك عامل غير الختان قد يحمي الرجال من الإصابة بالإيدز أو الأمراض الجنسية، مثلًا لوحظ أن النساء المختونات أقل إصابة بالأمراض الجنسية أو الإيدز من النساء غير المختونات، ويرجع ذلك إلى القيود الثقافية أو الاجتماعية التي تفرضها ثقافة معينة أو دين معين على حرية النساء الجنسية.

إن غياب عضو أو جزء من الجسم لا يمكن أن يكون له فوائد وقائية من أي مرض؛ بل العكس هو الصحيح، إن اكتمال الأعضاء أو اكتمال الجسم عنصر هام في اكتمال الصحة الجسدية والنفسية والجنسية لأي إنسان رجل أو امرأة، وكل عضو في الجسم وإن كان صغيرًا له وظيفة وفوائد — حتى الزائدة الدودية لها فائدة — يلعب دورًا في تعرضه للأمراض، مثلًا إذا عاشت امرأة داخل أربعة جدران لا تمارس الجنس إلا مع رجل واحد هو زوجها تكون أقل تعرضًا للأمراض الجنسية من غيرها التي تتمتع بحرية جنسية أكبر، وكذلك الرجل المتعدد العلاقات أكثر عرضة من الرجل الذي يسيطر على نزواته.

إن التعددية الجنسية أو الإباحية الجنسية دون ضوابط هي التي تعرض الرجال والنساء للأمراض الجنسية، ولأن هذه الإباحية أو الحرية الجنسية منتشرة بين الرجال غير المختونين فإن إصابتهم بالإيدز أو الأمراض الجنسية أكثر من الرجال المختونين، كذلك تعرض النساء غير المختونات للإيدز أكثر من غيرهن.

هذه من أهم مشاكل البحوث الطبية في العالم؛ لأن البحوث الطبية تبحث في أمور الجسد فقط، أو الأمور البيولوجية والفيزيائية، لكنها لا تبحث في أمور السلوك والعادات الثقافية والأخلاقية، هناك فصل دائم في علوم الطب بين الجسم والمحيط الاجتماعي والثقافي الذي يعيش فيه هذا الجسم، ومن هنا انفصال الأمراض الجسمية عن البيئة والثقافة والدين والأخلاق، لم نتعلم في كلية الطب أن نربط بين الجسم والعقل والنفس والمجتمع والسياسة والاقتصاد والفلسفة والدين والتاريخ والجنس، وغيرها من العوامل الهامة التي تؤثر في سلوك الرجال والنساء وبالتالي تؤثر على صحتهم وسلامتهم.

وتنشر الصحف والإعلام أخبارًا مضللة عن هذه الأبحاث الطبية، والتي تروج لها القوى السياسية الإسرائيلية الأمريكية وشركات الأدوية الكبرى في العالم، أو القوى السياسية التي تجني الأرباح من قبل هذه البحوث المضللة.

لا شك أن عمليات الختان سواء للذكور أو الإناث من العادات الضارة الموروثة منذ العبودية، ولها في عصرنا الحديث من يستفيدون منها ويكسبون الأموال، إنها واحدة من المافيات في العالم، مثل مافيا التجارة بالجنس، ومافيا ترويج حبوب الفياجرا التي تزيد من قوة الرجل الجنسية، وتمنع ما يسمى الوصول إلى سن اليأس عن الرجال.

القاهرة، ١٠ يوليو ٢٠٠٠

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤