الفصل الثاني

الوقوع في الرق

تمهيد

اعلم أن للرومانيين قانونين؛ الأول: أحكامه تسري عليهم وعلى الأجانب بالسوية ويسمونه قانون الكافة، والثاني: أحكامه خاصة بهم ويسمونه القانون المدني — كالحق المخول لرئيس العائلة أن يقتل أي تابع له — وللوقوع في الرق أحكام خصوصية في كلا القانونين.

(١) الاستعباد بقانون الكافة

يقع الإنسان في الرق أولًا بالولادة، ثانيًا بالأسر.

الولادة

يتبع الرومانيون قاعتين في الرق بالولادة:
  • (١)

    كل وَلَدٌ وُلِدَ من زواج شرعي يتبع حالة أبيه في الحرية.

  • (٢)

    تعتبر حالة الأب عند مبدأ الحمل فقط، وتعتبر حالة الأم وقت الولادة، وبما أن زواج العبد عندهم غير شرعي؛ فنسله يتبع حالة أمه، ولكنهم قد خالفوا القاعدة الثانية في منفعة المولود؛ حيث قرروا أن الولد الذي لبثت أمه بعض الزمن — ولو دقيقة — حرة وقت الحمل به أو وقت الولادة يولد حرًّا.

الأَسْر

لأجل الوقوف على حقيقة الوقوع في الرق بالأسر، يلزم معرفة تمييز الأجانب.

تعتبر الرومان الأجانب قسمين:
  • (١)

    المتبربرين — كسكان الغالة وجرمانيا وقتئذٍ — وهم قوم لا تتبع الرومان نحوهم إلا قانون الأقوى، وأسراهم عبيد سواء أسروا في السلم أو في الحرب.

  • (٢)
    أجانب يسمونهم في زمن السلم بريجرين Pèrégrins وفي زمن الحرب هوستيس Hostis التي معناها «عدو»، وتتبع الرومان نحوهم قانونًا ثابتًا، ولا يؤسرون إلا في الحرب.

(٢) الاستعباد بالقانون المدني

يختلف الاستعباد بالقانون المدني باختلاف أدوار القانون الروماني؛ ففي الدور الأول كان يقع في الرق:
  • (١)

    كل روماني يرفض الخدمة العسكرية.

  • (٢)
    كل من لم يكتب اسمه في دفتر تعداد الأنفس، وهو دفتر لا يوجد إلا في رومه اسمه السنس Cens، تكتب فيه أسماء الرومانيين كل خمس سنين.
  • (٣)

    المدين الذي لم يسدِّد ما عليه من الدَّين في المدة التي عينتها المحكمة في حكمها الصادر بهذا الصدد.

  • (٤)

    اللص الذي يضبط متلبسًا بالجناية.

وفي العصر المدرسي دخلت جميع هذه الأسباب في خبر كان.

وفي عهد السلطة الملوكية كان يقع في الرق:
  • (١)

    من زنى من الرومانيات مع أحد عبيد الغير — بالرغم عن ثلاثة إنذارات من سيد العبد — تقع تحت سلطة ذلك السيد هي وجميع أموالها. ومن حملت به أو ولدته من الأولاد قبل وقوعها في الرق يبقى حرًّا.

  • (٢)

    من أتى بجريمة عقوبتها الوقوع في الرق.

  • (٣)

    كل من قابل سيده من المُعتَقين بضد ما يستحق، كأن يغل يده عن أن يعطيه الغذاء والسيد فقير.

  • (٤)
    قد يقع في بعض الأحيان أن رومانيَّيْن نصابَيْن يقيم أحدهما الآخر كسيد له لبيعه، وبعد تمام البيع وقبض الثمن يهرب المعتبر كعبد — وهو حر نصاب — ويرجع لرفيقه (الذي عمل سيده وقت البيع)؛ حيث يقاسمه في الثمن، ويأتي المشتري بعد ذلك يطالب البائع بالمبيع، فإن كان ثريًّا رد له دراهمه، وإلا فيملك المبيع — أي الحر النصاب الذي بيع باسم عبد — إلا أن ذلك يستلزم ثلاثة شروط:
    • (١)

      أن يكون المشتري جاهلًا حقيقة الأمر؛ أي عالمًا بأن المبيع عبد حقيقي والبائع سيده.

    • (٢)

      أن يكون البائع والمبيع على عكسه؛ أيْ لم يعملا ذلك إلا بقصد النصب.

    • (٣)

      أن يكون سن المبيع فوق العشرين سنة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤