وَفْد بني حَنيفة

جاءوا ومعهم مسيلمة الكذاب يسترونه بالثياب، سأل النبي أن يشركه في الأمر «النبوة» وكان في يده عسيب فقال: «لو سألتني هذا ما أعطيتكه»، ولما عاد إلى اليمامة ادَّعى أنه أشركه معه، وصار يهذي بما يضاهي القرآن الكريم، كقوله: لقد أنعم الله على الحبلى، فأخرج منها نسخة تسعى، من بين شغاف وحشا، وقوله: والطاحنات طحنًا، والعاجنات عجنًا، والخابزات خبزًا، والثاردات ثردًا، اللاقمات لقمًا، ووضع عنهم الصلاة، وأحل لهم الخمر والزنا، وعمل أعمالًا للبركة فكانت شؤمًا، وكتب إلى النبي يقول له: أما بعد، فإني قد أشركت في الأمر معك، وإن لنا نصف الأمر، وليس قريش قومًا يعدلون، فكتب إليه : «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين».

بني حنيفة ما أشقى مسيلمةً
وما أضلَّ الألى أمْسَوْا له تَبَعا
جئتم به في ثياب ملؤها دنس
تكاد تلفظه من هول ما صنعا
ترمي به الأرض شيطانًا وتقذفه
رجسًا مغطًّى وشرًّا جاء مبتدعا
يا ويله إذ تريه النجمَ في يده
نفس مضلَّلة هاجت له طمعا
رام النبوة شطرٌ للذي اجتمعت
فيه وشطر له يا سوء ما اخترعا
قال النبي له لو جئت تسألني
هذا العسيب الذي عاينت لامتنعا
أنا النبي وما أمري بمشترك
فاعصِ الهوى وارتدع إن كنت مرتدعا
أضلَّه غيهب للجهل مرتكم
أحاط بالقوم حينًا ثمَّت انقشعا
خفُّوا إلى الحق يرتادون منبته
وليس كالحق مرتادًا ومنتجعا
وجاء في فتنة عمياء زيَّنها
له الغرور وسوء الرأي فانخدعا
إن الفساد جميعًا والضلال معًا
إلى اليمامة في أجلاده رجعا
تلقَّفَ الناسَ يغويهم ويكذبهم
فهل رأوا مثله من كاذب برعا؟
يقول إن رسول الله أشركه
في الأمر يحمل شطرًا منه فاضطلعا
وراح يدعو إلى دين يُزيِّنه
أشقى الدعاة جميعًا من إليه دعا
ألغى الصلاة وأعطى الناس بغيتهم
من الزنا ومن السمِّ الذعاف معا
دين الفجور ومكروه الأمور ألا
لا بارك الله في الدين الذي شرعا
لو راح صاحبه يرمي به جبلًا
يعلو الجبال من الأخلاق لانصدعا
ما الطاحنات وتاءات يرددها؟
لا كان من فاجر لا يعرف الورعا
صبرًا حنيفة إن الله قاتله
ولا مردَّ لأمر الله إن وقعا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤