عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ

كان عدي بن حاتم شريفًا في قومه، يأخذ المرباع — ربع الغنائم — على عادة سادات العرب، فلما سمع بقدوم جيش المسلمين إلى بلاده لحق بالشام ليبقى على دين النصرانية مع أهله وترك أخته سفانة — ومعناها الدرة، فلم يأخذها معه، وجيء بها إلى النبي سبية مع السرية التي أرسلها لهدم «الفلس» — صنم طيء — والإغارة عليها، فقامت إليه تذكر أباها، وما كان له من أعمال مشكورة، وتسأله أن يمن عليها ففعل، فأسلمت وكساها ثم حملها وأعطاها مالًا، فذهبت إلى أخيها وأشارت عليه بالدخول في دين الله، فجاء وأسلم.

إلى الله فارغب يا عديَّ بن حاتم
ودع دين من يبغي العمى غير نادم
إلى الله فارغب واتبع دينه الذي
يدين به المبعوث من آل هاشم
خرجت حذار القتل من آل طيِّءٍ
وما أنت من بلوى القتيل بسالم
كفى النفس قتلًا أن تضلَّ حياتها
وتذهب حيرى في مدبِّ الأراقم
أما ضقت ذرعًا إذ علمت من العمى
مكانك أم أنت امرؤ غير عالم
عديُّ استمع أنباء أختك واستعن
برأي يُجَلِّي ظلمة الشك حازم
صغا قلبه فاختارها خطةً هدى
تجنِّب من يختارها كل لائم
وسارت مطاياه تؤمُّ محمدًا
وِضاء الحوايا والخطى والمناسم
فأنزله في داره وأحلَّه
محلًّا تمنَّى مثله كل قادم
وقال له إني لأعلم بالذي
تدين به فاشهد تكن غير آثم
ألم تأخذ المرباع وهو مُحرَّم
كدأب الألى سنُّوه من كل ظالم؟
فقال بلى إني إلى الله تائب
وإني رأيت الحق ضربة لازم
لأنت رسول الله ما فيك مِرْية
لمن يمتري والحق بادي المعالم
تداركت بالإسلام نفسي فأصبحتْ
بعافية من دائها المتفاقم
هو العصمة الكبرى إذا لم تفز بها
نفوس البرايا خانها كل عاصم

•••

تأمَّلْ عديٌّ ما يقول محمد
ونبهْ من القوم العدى كل نائم
سيبسط دين الله في الأرض ظله
ويحكم من ساداتها كل حاكم
وسوف يفيض المال في كل موطن
وأرض فما من آخذ أو مُزاحم
وتخرج ذات الخدر ما إن تروعها
إساءة جانٍ أو مضرَّة جارم
فتُقبِلُ من بصرى إلى البيت ما لها
على الضعف والٍ من حماة المحارم
هو الله فاعرف يا عديُّ سبيله
ودعْ خطرات الوهم من كل واهم

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤