إِسلام الحارث بن ضرار (رضي الله عنه)

جاء الحارث بن ضرار إلى المدينة يسوق إبلًا في فداء ابنته برة، ولم يكن قد علم أنها أسلمت، وتزوجت من النبي ، فلما أتى وادي العقيق رغب في بعيرين كانا من أفضل هذه الإبل، فاستبقاهما في شعب من شعاب هذا الوادي ليرجع بهما إلى دياره، ثم أقبل فقال: يا محمد، أصبتم ابنتي وإنها لكريمة لا تسبى، وهذا فداؤها، فقال له: «أين البعيران اللذان عقبتهما بالعقيق في شعب كذا وكذا؟»، قال: أشهد أنك رسول الله، ما اطلع على ذلك إلا الله.

أقبل الحارث يحدو إبله
وبهِ من طول هَمٍّ ما بِهِ
سيد القوم يريد ابنته
ويروم الذبَّ عن أحسابهِ
قال ويحي كيف تُسبَى برة
وأبو بَرَّة في أثوابهِ؟
حرةٌ من حرةٍ أنجبها
ونماها نابِهٌ من نابِهِ
إبلي سيري وأُمِّي يثربًا
واطلبي ليث الوغى في غابِهِ
شرفي آبَى عليه وابنتي
أفتدي منه ومن أصحابِهِ

•••

ساقها إلا بعيرين هما
من صفايا المال أو صُيَّابِهِ
غودرا في جانب الوادي وما
يجلب الأمر سوى أسبابهِ
قال دعها يا رعاك الله لي
واشف هذا القلب من أوصابهِ
إنها بنتي التي ربَّيتها
في حمى العزِّ وفي محرابهِ
أعطنيها وتقَبَّلْ ما معي
من فداءٍ جلَّ عن أضرابهِ
قال بل أحدثت أمرًا لم تخف
سوءَ ما يغشى الفتى من عابهِ
غاب عن ذودك ما استبقيته
لك في الوادي وفي أعشابهِ
يا أبا بَرةَ إني لأرى
موضع العودين في أنقابهِ
قال أسلمتُ وما أدنى الهدى
يا رسول الله من طُلَّابهِ
وضح الحقُّ فما من حُجَّة
لغبِيِّ القلب أو مرتابهِ
إنَّه للهِ فضلٌ ما له
غير من يؤثر من أحبابهِ
نكص الشركُ على أعقابهِ
وهوى القائمُ من أنصابهِ
يا رسول الله لا كان امرؤٌ
لم يكن دينك من آرابهِ
شرف الأخلاق من أحكامه
والتُّقَى والبِرُّ من آدابهِ
أنت نعم الصهر مجدًا وسنا
إن طلبنا المجد في أقطابهِ
جئت بالخير بشيرًا لم تزل
تصدع الأغلاق عن أبوابهِ
تلك بنتي دخلت فيه معي
ما خشينا المنع من حُجَّابهِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤