عَبَّاد بْن بِشر (رَضِيَ اللهُ عَنْه)

كان عباد بن بشر (رضي الله عنه) لا يفارق قبة الرسول الكريم ساعة من الليل، فهو يبيت طائفًا حولها يحرسها من الأعداء، وكان بالخندق ثلمة يتفقدها بالليل مرة بعد أخرى ويقول: «ما أخشى أن يؤتى المسلمون إلا منها»، وقال مرة: «ليت رجلًا صالحًا يحرس هذه الثلمة الليلة»، فسمع صوت السلاح، فقال: «من هذا؟»، قال سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه): أنا يا رسول الله، جئت أحرسك، قال: «عليك هذه الثلمة فاحرسها»، وطافت خيل المشركين بالخندق، فبعث عباد بن بشر وأصحابه في وجوههم، ورماهم المسلمون بالنبل فانقشعوا.

من ينم عن لهذم أو مخذم
فابن بشر ساهر لم ينم
يحرس القبة ما فيها سوى
حارس الجيش وحامي العلم
هبَّ يدعو يا ابن بشر خلِّني
إنها الخيل أراها ترتمي
كل لحم من جنودي ودم
فهو لحمي يا ابن بشر ودمي
خلِّني واذهب إلى القوم الألى
قذفونا بالرعيل المقدم
إمض في صحبك إني ها هنا
في حمى الله الأجلِّ الأعظم
إحرسوا الخندق وارموا دونه
لا تخافوا كل غاوٍ مجرم
أدرِكوا سعدًا وكونوا مثله
إن رمى في الله سهمًا أو رُمِي
حارس الثلمة يُلقي حولها
صخرة من عزمه لم تُثلم
أدركوه واهزموها قوة
لن تنالوا النصر ما لم تُهزم
انصروا الله وصونوا دينه
إن خير الدين دين المسلم
هو إن طمَّ على الأرض الأذى
رحمة الأرض ومحيا الأمم
وإذا ما أظلمت أرجاؤها
فهو نور الله ماحي الظلم

•••

ذهب الصحب كرامًا ورَمَوْا
بيد الله الأعز الأكرم
يذهب السهم سديدًا راشدًا
فهو ملء العين أو ملء الفم
وهو في النحر قضاء آخذ
نافذ في كل سدٍّ محكم

•••

عادت الخيل سراعًا وبها
من جنود الله مثل اللمم
وتوَلَّى الجند في زلزلة
تصدع الفيلق إن لم تهدم

•••

حارت الأحزاب ماذا تنتوي
وبمن فيما دهاها تحتمي
خذلتها في الوغى آلهة
لو هوى الوادي بها لم تعلم
تطلب الغوث وما من سامع
أي غوث يرتجى من صنم؟
يا زعيم القوم أيقن واستفق
إنه الحق الذي لم تزعم
يا زعيم القوم هل من نادم؟
إنما يهلك من لم يندم
نهض القوم برأيٍ مُبصر
ودهتكم عثرة الرأي العم
إستفيقوا وانبذوا أربابكم
أو فذوقوا البأس مُرَّ المطعم
إنكم ممن كرهتم دينهم
بين نابَيْ كل صِلٍّ أرقم

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤