الفصل السابع والعشرون

الحالة الاقتصادية في السُّودان

زادت الحركة التِّجاريَّة في السُّودان فجأة عقب نشوب الحرب سنة ١٩١٤. وعندئذ كان مشروع ريِّ الجزيرة قد نهض ولم يبقَ عليه إلَّا القيام ببعض التَّجارب في جوار «واد مدني». وقد قسم قرض الحكومة السُّودانية الذي صدر به القانون سنة ١٩١٣، وأريد تنفيذه في سنة ١٩١٤ إلى ما يلي: مليوني جنيه، ما يلزم من الأعمال لتحقيق ريِّ سهل الجزيرة، و٨٠٠ ألف جنيه لمد السكك الحديدية، ٢٠٠ ألف جنيه لأعمال ريٍّ أخرى وللطوارئ.

ولكن هذا القرض الذي أريد الاكتتاب به في لندن، قد منعت الحرب الشروع فيه والحصول عليه، إلى أن كان شهر أغسطس سنة ١٩١٩، فرأت وزارة المالية البريطانية أن تزيد مبلغ القرض من ثلاثة ملايين إلى ستة ملايين. ولكنَّه لم يكن كافيًا، وفي ١٧ أكتوبر سنة ١٩١٩ أُبرم اتِّفاق مع «نقابة السُّودان الزراعية» “Sudan Plantations Syndicate” وقد واصلت النقابة المذكورة في أثناء الحرب تجاربها في نواحي الزيداب بمديرية بربر، وفي مزارع الطيبة وبركات بالجزيرة، على أن تقوم الحكومة السُّودانية بنفقات الترع الرئيسية، وأن تقوم النقابة بإنشاء الترع الصغرى تحت إشراف الحكومة، مع تمويل المستأجرين وبيع المحصول، على أن تقسم الأرباح الناتجة من بيع محصول القطن بين المستأجر والحكومة والنقابة بنسبة ٤٠٪ للأول و٣٥٪ للحكومة و٢٥٪ للنقابة. أما المحاصيل الأخرى فتكون كلها للمستأجر. وبمقتضى الأمر الصَّادر في أكتوبر سنة ١٩٢١ الخاص بأرض الجزيرة خول للحكومة الحق في استئجار الأراضي التي لها ملَّاك وطنيون مسجلون لمدة أربعين سنة، وتكون أجرة الفدان عشرة قروش، على أن يكون للملاك الحق الأول في زراعة قطع كلٌّ منها تبلغ ٣٠ فدانًا كلما كانت أقرب إلى أملاكهم الأصلية. أما الأراضي التي كان محتاجًا إليها لأعمال مستديمة. فقد اشتريت من أصحابها.

(١) لجنة التحقيق في مشروعات الرَّي

في سنة ١٩٢٠ ثار نزاع مشهود في صدد تنفيذ مشروعات الرَّي الكبرى في مصر والسُّودان، وقام مهندسان إنكليزيان كبيران «ويلكوكس وكندي باشا» يعارضان في برنامج هذه المشروعات. وقد كان لهذا ضجة كبيرة استيقظ لها الرأي العام المصري، وطلب وقف المشروعات. فاضطرت وزارة الأشغال إلى تأليف لجنة للتحقيق تألَّفت من مهندسين من الهند والولايات المتحدة وكامبردج لإعطاء رأيها في صدد تنظيم توزيع ماء النِّيل لمصلحة مصر والسُّودان، وقد شملت المشروعات: خزَّان سنار، وخزَّان جبل الأولياء وقناطر نجع حمادي في الوجه القبلي، والقيام بأعمال صيانة عند منطقة السدود. وخزانات تخزين في البحيرات الكبرى.

(٢) ميزانية الحكومة

ورد في التَّقرير المرفوع من الفيكونت كتشنر إلى السير إدوارد جراي وزير خارجية إنكلترا يومئذ عن المالية والإدارة والحالة العمومية في السُّودان سنة ١٩١٢ ما يلي:

ويظهر نمو إيرادات السُّودان من الجدول التَّالي الحاوي الإيرادات التي حصلت منذ سنة ١٨٩٨.
السنة الإيرادات ج.م
١٨٩٨ ٣٥٠٠٠
١٨٩٩ ١٢٧٠٠٠
١٩٠٠ ١٥٧٠٠٠
١٩٠١ ٢٤٢٠٠٠
١٩٠٢ ٢٧٠٠٠٠
١٩٠٣ ٤٦٣٠٠٠
١٩٠٤ ٥٧٦٠٠٠
١٩٠٥ ٦٦٥٠٠٠
١٩٠٦ ٨١٨٠٠٠
١٩٠٧ ٩٧٦٠٠٠
١٩٠٨ ٩٧٩٠٠٠
١٩٠٩ ١٠٤٣٠٠٠
١٩١٠ ١١٧١٠٠٠
١٩١١ ١٣١١٠٠٠
١٩١٢ (المنتظرة) ١٤٢٤٠٠٠
وبلغ جملة الإيراد من الأطيان والعشور، أي أموال الأطيان التي تُروى بماء المطر ١٤١٤٠٠ج.م.
إيرادات سنة ١٩١٣ ١٦٣١٠٠٠
مصروفات سنة ١٩١٣ ١٦٣١٠٠٠

والسبب في نقص الإيرادات والمصروفات هو الاتِّفاق الذي تمَّ بين الحكومة السُّودانية والحكومة المصريَّة على العلاقات المالية التي كانت بينهما، فقد تقرَّر في هذا الاتِّفاق أن تُلغى الإعانة التي تدفعها الحكومة المصريَّة للحكومة السُّودانية، وأن تدفع الحكومة المصريَّة للسُّودان رسوم الجمارك التي تُؤخذ في مصر.

(٢-١) إيرادات الحكومة ومصروفاتها

  • (١)

    الإيرادات: في سنة ١٩٣٣ بلغت هذه الإيرادات ٣٦٣١٥٥٢ جنيهًا مصريًّا: من ذلك ٦١٨٠٠٥ج من المديريات و٦٩٦٤٣٧ من المصالح، و٧٥٠٥٤٩ من الإدارات المركزية العامَّة، و٤٤٧٢٥٥ من السكك الحديدية، و٣٦٩٣٠٦ جنيهات من الري، و٧٥٠٠٠٠ الاعتماد الذي تدفعه مصر لقوة الدفاع عن السُّودان.

    وقد بلغت الإيرادات ٤١٧٧٨٠٩ في سنة ١٩٢٧، و٤٦٨٠١٨٨ في سنة ١٩٢٨، و٤٨٣٥٠٠٣ جنيهات في سنة ١٩٢٩، و٤٦٩٣٦٢٣ ج في سنة ١٩٣٠، و٤٣٩٨٦١٨ جنيهًا في سنة ١٩٣١، و٣٨٥٣٧٩٨ ج في سنة ١٩٣٢، و٣٦٣١٥٥٢ في سنة ١٩٣٣.

  • (٢)

    المصروفات: وبلغت المصروفات سنة ١٩٣٣ مبلغ ٣٦٢١٩٥٧ جنيهًا مصريًّا.

(٢-٢) الحساب الختامي لحكومة السُّودان ١٩٣٤

صدر الحساب الختامي لحكومة السُّودان عن السنة المنتهية في ديسمبر سنة ١٩٣٤. وقد بلغت جملة الإيرادات ٣٧٧٤٩١١ج. و١٥٤م. والمصروفات ٣٧٤٩٤٧٧ج. و٢٤م. يوفر ٢٥٤٢٣ج. و١٣٠م. أضيفت لمال الاحتياطي العام فبلغت جملته ٣٦١٨٣٥ج و٦٥٤م. هذا بخلاف أموال الاحتياطي المخصصة التي تبلغ جملتها ١٨٠٥٠٤٠ج و٧٨٢م. والباقي من مال الاحتياطي المخصص للسلفيات البالغ قدره ٩٢٠٤٩ج و٦٦٥م. وتدلُّ أرقام الحساب الختامي على أن مركز الحكومة المالي متين يبعث على الطمأنينة، ويصحُّ أن يؤخذ كدليل قاطع على انكشاف الأزمة المالية، فلديها مبلغ ٦٩٥٣٤٤ج. و٨٤٩م نقدية في الخزَّانات وطرف البنك، ومبلغ ٢٨٤٢٨١٩ج. و٣٥٨م. سندات دين الحكومة البريطانية والمصرية، هذا بخلاف مال تعويضات خزَّان جبل الأولياء الذي بلغ بأرباحه حتَّى آخر العام الماضي مبلغ ٧٧٨٥٥٢ج و٤١٤م. منها مبلغ ٧٧٧١٩٣ج و٨٠م. موظفة في سندات، والباقي محفوظ في البنك الأهلي المصري. ا.ﻫ.

(٢-٣) مذكرة الحكومة عن ميزانية ١٩٣٤–١٩٣٥

ميزانية سنة ١٩٣٤

كان من أثر اضطراد التَّحسين في الميزان التِّجاري في سنة ١٩٣٤ أن زاد دخل الحكومة في جميع أبواب الإيرادات إلَّا في ما يخصُّ أسهمها في محصول القطن في توكر والجزيرة، حيث كان العجز ظاهرًا ظهورًا ملموسًا.

وقد بلغ صافي الدخل في الميزانية ٣٧٧٤٩١١ جنيهًا، وذلك بعد خصم مبلغ ٣٦٩١٣٧ جنيهًا لسد العجز في حساب القطن، وكان المقدر للإيرادات مبلغ ٣٨١٢٠٠٠ جنيهًا، وبلغت المصروفات الفعلية ٣٧٤٩٤٨٨، وكان مقدرًا لها ٣٨٠٩١١٤، وبهذا بلغ الوفر في الميزانية ٢٥٤٢٣ جنيهًا أضيفت للمال الاحتياطي.

وقد بدئ في خلال سنة ١٩٣٤ بتخطيط قنالات إضافية في المساحات المروية في أراضي الجزيرة. وينتظر أن تُزاد مساحات الأراضي المزروعة قطنًا نحو ٨٠٠٠ فدان حتَّى شهر يولية سنة ١٩٣٦.

وكذلك أنشئت ثلاثة محالج صغيرة في مديرية كردفان لتلافي الحاجة التي أوجبها الاتساع السريع في زراعة القطن المطرية في منطقة جبال النوبة، حيث زاد المحصول من ٣٣٥٦٦ قنطارًا كبيرًا في ١٩٣٢–١٩٣٣ إلى ٨٦٨٠٠ في ١٩٣٣–١٩٣٤، ويقدَّر محصول ١٩٣٤–١٩٣٥ بما يزيد على ١٣٣٠٠٠ قنطار كبير.

وأقيمت في مديرية الفونج فابريقة لنشر الخشب لإمداد السكة الحديد السُّودانية بما تحتاج إليه من الفلنكات، وأجريت تخفيضات هامَّة في كثير من أجور النَّقل في السكك الحديدية وفي أسعار السكر وأجور التليفونات، وخفضت ضرائب مباشرة كثيرة في المراكز التي ظلت الأحوال الاقتصادية فيها رديئة. ومع هذا فقد دفعت الضرائب بسهولة وختمت السنة بمتأخرات قليلة.

ميزانية سنة ١٩٣٥:

بعد الاستعداد لسداد زيادة قدرها ١٧٨٧٣ جنيهًا تمَّ تعادل الميزانية على مبلغ ٤٠٣٥١٥٠ جنيهًا.

وقد وضعت زيادات معتدلة ودقيقة في تقديرات أغلب أبواب الإيرادات، وظلت الضرائب تناسب مقدرة البلاد على احتمالها. وفي ناحية المصروفات وضعت نفقات الإدارة عند أقل منسوب تقضي به الضرورة. ولكن زيدت المبالغ المرصودة للإنفاق على الوسائل التي وضعت لزيادة الإنتاج والدخل، وتجديد ما يستهلك من الماكينات، وزيدت الأموال المرصودة للتعليم والأعمال الطبية. وأعيدت الاستقطاعات التي كانت أخذت من مرتبات الوظائف الصغيرة وجزء من تخفيضات مرتبات الوظائف الأخرى.

والأسس العامَّة التي بنيت عليها الميزانية تدل على أن الحكومة مع حرصها على الاحتفاظ بنفقات الإدارة الاعتيادية تتَّخذ من الوسائل الفعالة ما من شأنه أن يُعجِّل إعادة الانتعاش إلى كيان البلاد الاقتصادي. ا.ﻫ.

وجاء في خطاب السر إدوارد كوك — محافظ البنك الأهلي المصري بالقاهرة — في اجتماع الجمعية العمومية السنوية ما يلي:

كانت آثار الكساد في السُّودان أشد وقعًا منها في القطر الشقيق؛ نظرًا لضآلة موارده الطبيعية وقلة الأموال المدخرة فيه، فلقد انحطت قدرة الأفراد على الشراء بغتةً وإلى حدٍّ كبير. وعجز التُّجار عن احتمال خسائرهم، واختلَّ توازن ميزانية الحكومة، التي يتوقف. الجزء الأكبر من إيراداتها على ما تجنيه من أرباح مشروعاتها التِّجاريَّة اختلالًا خطيرًا. ولكن هذه الصعاب قوبلت بهمَّة وشجاعة، وأنقصت المصروفات في كلِّ ناحية بمجرد أن تبيَّنت الحكومة أن الآمال التي نيطت بها برامج الإدارة لن تتحقق لسنين متعددة.

هذه السِّياسة السليمة، وإن كانت محافظة، آتت ثمارها، وعادت بها ميزانية الحكومة إلى حالتها من التَّوازن، وانتعشت الحياة الاقتصادية بالتَّحسن الطارئ على التجارة العالمية، فارتفعت أثمان أغلب البضائع السُّودانية، وزادت الصادرات بما يزيد على ٤٠ في المائة قياسًا بسنة ١٩٣٣، كما زادت تجارة السُّودان الخارجية في مجموعها نحو الثلث. وتدل زيادة استهلاك السكر والشاي على نحو قدرة الأفراد على الشراء: واستطاعت الحكومة، بعد أن أصبحت ماليتها في حالة أبعث على الرضى، أن تقوم بشتى الإصلاحات، وأجرت من تخفيض نفقات النَّقل المائي وعلى سكك الحديد، ما يدلُّ على شعورها بضرورة تخفيض نفقات النَّقل؛ كي تستطيع الحاصلات السُّودانية أن تصمد للمنافسة في الأسواق التجارية. ا.ﻫ.

(٣) تجارة السُّودان

(٣-١) الصَّادرات

نبيِّن في الجدول التَّالي قيمة صادرات السُّودان إلى البلاد الأخرى:
اسم المملكة سنة ١٩٣٢ (جنيه مصري) سنة ١٩٣٣ (جنيه مصري) النسبة المئوية
بريطانيا العُظمى ٢٦٦٧٠٩٩ ١٥٧٤٩٩٨ ٦٠٫٥
مصر ٢٢٨٣٢٠ ٢٩١٣٥٣ ١١٫٢
الهند الإنكليزية ٣٦٨٥١١ ١٦٥٩٧٤ ٦٫٤
الولايات المتحدة ١٠٣٢٢٢ ٩٤٤٥٢ ٤٫٤
فرنسا ١٠١٥٨٨ ١٢٩٧٦٦ ٥
ألمانيا ٦٤٠١٢ ٦٥٧٠٠ ٢٫٥
إيطاليا ٩١٠٨٢ ٥٦٩٤٢ ٢٫٢
بلجيكا ٣٠٦٢٠ ٣٦٨٩٦ ١٫٤
هولاندا ٢٥٦٤٨ ٢١٠٦٧ ٠٫٨
اليابان ١٨٧٩٥ ٣١٤٢٢ ١٫٢
أستراليا ١٥٩١٨ ٨٣٣٩ ٠٫٣
بلاد أخرى ٨٢٧١٣ ١٠٨٤٨٥ ٤٫١
المجموع ٣٧٩٧٥٢٨ ٢٦٠٥٣٩٤ ١٠٠

(٣-٢) الواردات

اسم المملكة الموردة سنة ١٩٣٢ (جنيه مصري) سنة ١٩٣٣ النسبة المئوية
بريطانيا العُظمى ٧٥١٧٥٣ ٨٥٩٩٠٨ ٢٧٫٢
مصر ٤٦٠٤٤٢ ٥٨٤٢٧١ ١٨٫٥
اليابان ٤٢٣١٥٥ ٥٥٨٨٣٧ ١٧٫٧
الهند البريطانية وعدن ٢٣٢٢٣٦ ١٧٩٥٢٠ ٥٫٧
الحبشة ١٧١٤٨٤ ١٥٤٨٦٢ ٤٫٩
أستراليا ٩٥٠٤٦ ٨٢٢٩١ ٢٫٦
بلجيكا ١٤٤٦٤٢ ٦٧٥٧٩ ٢٫١
اتحاد جنوبي أفريقيا ٤٤٦١٠ ٥٣٠٢٧ ١٫٧
كنيا ٤٥٥٩٣ ٥٢٦٧٤ ١٫٧
يافا ٦٨٠٨٠ ٥٢١٠٨ ١٫٦
جزر الهند الشرقية ٣٧٠١٣ ٥١٦٨٦ ١٫٦
الصين ٢٧٣٠١ ٤٥٤٠٩ ١٫٤
فرنسا ٥٣٨٦١ ٤١٥٨٨ ١٫٣
إيطاليا ٤١٩٦٨ ٤٠٠١٥ ١٫٣
ألمانيا ٣٤٩٥٢ ٣٤٦١٣ ١٫١
الولايات المتحدة ٣٤١٩٦ ٣٠٤٩٦ ١
هولندا ٥٢١٨٨ ٨٥٩٩ ٠٫٣
بلاد أخرى ٣٣٦١٢٤ ٢٦٢٨٦٠ ٨٫٣
المجموع ٣٠٥٤٦٤٤ ٣١٦٠٦١٩ ١٠٠

إيرادات السكك الحديدية

بلغت هذه الإيرادات في سنة ١٩٣٣ مبلغ ١٧٣٧١٤٢ جنيهًا، وبلغت الأرباح ٥٢٠٢٤٢ جنيهًا مقابل ٦١٢٧٠٤ جنيهات في سنة ١٩٣٢.

إيراد البريد والتلغراف

بلغت هذه الإيرادات ١٠٢٠٧٤ جنيهًا في سنة ١٩٣٣.

(٣-٣) الغرفة التِّجاريَّة وخطاب المستر كنتوميخالوس

بالسودان غرفة تجارية وحيدة هي الغرفة التِّجاريَّة السُّودانية بالخرطوم، وقد عقدت اجتماعها السَّنوي يوم ١٢ إبريل سنة ١٩٣٥، وألقى مسيو كونتوميخالوس رئيسها السَّابق الخطاب التَّالي:

أيها السادة

لي الشرف بأن ألقي خطابي السَّنوي للمرة الثَّانية كرئيس للغرفة التِّجاريَّة، وإنَّ من دواعي السرور أن نرى هذا العدد العظيم في اجتماعنا السَّنوي؛ ممَّا يدلُّ على اهتمامكم بأعمال الغرفة وتقديركم لمجهودات اللجنة:

إنَّ الحساب السَّنوي لحالة الغرفة يدلُّ على تقدم ظاهر، حيث لدينا الآن رصيد نقدي مبلغ ٨١٤ج ثمانمائة وأربعة عشر جنيهًا مصريًّ،ا ومتأخرات عند الأعضاء مبلغ ١٦ جنيهًا ستة عشر جنيهًا مصريًّا، كما أنه قد وصلتنا اشتراكات عن السنة القادمة مبلغ ١٨ جنيهًا ثمانية عشر جنيهًا مصريًّا. ونتيجة أعمال السنة كانت بزيادة الإيرادات على المصروفات بمبلغ ستين جنيهًا مصريًّا.

إنَّ أعضاء الغرفة التِّجاريَّة قد بلغوا الآن ٤٠٣ أعضاء منهم ٢٨٦ عضوًا في السُّودان و٧٢ عضوًا في مصر والخارج و٤٦ عضوًا شرفيًّا. ومع أن هذه النتيجة مرضية جدًّا؛ فإني لا أزال أنتظر من التُّجار الذين لا زالوا خارج الغرفة أن ينضموا إليها بأول فرصة.

في خلال السنة الماضية كانت لجنة الغرفة منهمكة في جملة محادثات مع اللَّجنة الاقتصادية في مواضيع كانت تطلب اهتمامها الخاص، وإنه يسرني أن أشكر رؤساء وأعضاء اللَّجنة الاقتصادية لمساعدتهم القيِّمة في هذا الصدد، وإن المسائل التي نجحت الغرفة في الحصول عليها في بحر السنة تتلخَّص فيما يأتي:
  • أولًا: إلغاء عوائد الحنظل والسنمكي الخلوية والمزروعة، وقد كان هذا من الضروري بمكان بالنسبة لحالة هذين الصنفين.
  • ثانيًا: تخفيض ناولون الأذرة في المحطات قبلي أبو حجار ومصاريف تخزين هذا الصنف في حلفا.
  • ثالثًا: تخفيض ناولون الفاصوليا واللوبيا من محطات خط دنقلة.
  • رابعًا: إلغاء عوائد توريد الصمغ في أستراليا بمساعدة الغرفة التِّجاريَّة في سيدني وفي ملبورن اللتين نقدم لهما تشكُّراتنا.
  • خامسًا: توحيد العوائد على القرض مدة ١٢ شهرًا ابتداءً من أول يناير بدلًا من تحديد هذه العوائد شهريًّا، وذلك بمساعدة اللَّجنة الاقتصادية.

لقد شُكِّلت لجنة فرعية لدرس مشتريات الحكومة من الخارج، وقد قدمت هذه اللَّجنة تقريرًا عن ذلك من اللَّجنة الاقتصادية. ولنا الأمل بأن نتحصَّل على مساعدة الحكومة في هذا الشأن، وقد بحثت اللَّجنة بالاشتراك مع اللَّجنة الاقتصادية تشجيع الأهالي لتقشير الفول السُّوداني، ولكن بالنسبة للمصاريف الباهظة التي تطلبها هذه العملية وُجد أنَّ الأوفق عدم الاستمرار في هذا الموضوع في الوقت الحاضر.

وقد اجتهدت الغرفة لإيجاد أسواق جديدة للشطَّة، ولكن لم تحصل على نتيجة من ذلك. وقد طلبنا من سعادة السكرتير القضائي الموافقة على نشر الكمبيالات التي يعمل عليها برتستو، ولكن الحكومة لم توافق على طلبنا، والموضوع لا زال تحت النظر.

وقد حصلت مباحثات لتعميم البيع بالمزاد لجميع الحاصلات في جميع المديريات بما فيها جميع الفونج، وكذلك توحيد جميع الحاصلات في الوزن، ومنع تصدير الأذرة والسمسم إلَّا بعد الغربلة بماكينات الغربال، وهذه المواضيع جميعها لا زالت تحت النظر.

بموافقة صاحب المعالي الحاكم العام تألفت لجنة مشتركة مكونة من مدير اللَّجنة الاقتصادية وموظف من مصلحة الزراعة من جانب الحكومة، ورئيس وسكرتير الغرفة التِّجاريَّة من جانبنا مع إمكان ضم أعضاء آخرين يُستدعى حضورهم وقت النَّظر في أي موضوع يهم التجارة، ولنا الأمل بأنَّ هذه اللَّجنة المشتركة ستأتي بفوائد عظيمة لصالح تجارة السُّودان.

هذا ملخص الأعمال التي قامت بها اللَّجنة في هذه السنة.

•••

ومن أعظم حوادث هذه السنة زيارة فخامة المندوب السَّامي لأول مرة للسُّودان، ونؤمِّل أنَّ فخامته كان مسرورًا ممَّا شاهده من تقدم هذه البلاد.

وحادث آخر له أهمية، وهو زيارة البعثة التِّجاريَّة المصريَّة التي من نتائجها الكبيرة زيادة التعارف بين البلدين، وبهذه المناسبة أودُّ أن أشكر مرة أخرى معالي الحاكم العام وجميع موظفي حكومة السُّودان لحسن اهتمامهم بالبعثة؛ ممَّا جعل زيارتها للسُّودان ذات فائدة عظيمة. لا يمكن أن نقول بأن التجارة ستحصل على نتائج سريعة من وراء زيارة البعثة وتعارف التُّجار في القطرين؛ حيث هذا يتطلب جهودًا متواصلة حتَّى يصل إلى زيادة العلاقات التِّجاريَّة بيننا، ولكن يمكن أن أقول بأن زيارة البعثة قد أتت بفوائد من جهة العلاقات بين البلدين. وفي خلال زيارتي الأخيرة لمصر وجدت أن أصدقاءنا المصريين أصبحوا أكثر فهمًا من قبل، ويقدرون الصعوبات التي أمامنا، وهذا نفسه يعدُّ خطوة إلى الأمام لتحسين العلاقات الودِّية التي هي واجبة بيننا. والنتيجة الأولى التي ظهرت من زيارة البعثة هي تأليف لجنة دائمة مكوَّنة من أحسن العناصر التِّجاريَّة والزراعية، والتي ستكون على اتِّصال مع لجنة هذه الغرفة للنظر فيما يهمُّ تجارة البلدين.

وعند إتمام تأليف اللَّجنة الجديدة لهذه الغرفة سيكون أول اهتمامها الاتِّصال باللجنة الدائمة في مصر لتقرير خطة مشتركة للعمل في المستقبل. وليس من شك بأن هذا سيعود بفوائد جمَّة على القُطرين.

وفي ديسمبر القادم١ سيقام معرض زراعي صناعي في مصر، وقد قبلت الغرفة الاشتراك في هذا المعرض. واللَّجنة الجديدة سيكون عليها الاستعداد من الآن كي تكون معروضات السُّودان ظاهرة بمظهر لائق، وأنا متأكد بأنَّه يمكننا الاعتماد على مساعدة الحكومة في ذلك.

كذلك نؤمل بأن أكبر عدد ممكن من تجار هذه البلاد يغتنمون هذه الفرصة لزيارة المعرض ومشاهدة التَّقدُّم العظيم الذي حصلت عليه مصر في السنين الأخيرة صناعيًّا وتجاريًّا، ويتبادلون الآراء مع التُّجار المصريين للوصول إلى الغرض التي تسعى إليه وهو زيادة العلاقات بيننا وبين مصر.

وسيقام في هذه السنة مؤتمر دولي للغرف التِّجاريَّة في باريس.٢ وكما كانت لي فرصة حضور مؤتمر فينا في العام الماضي نؤمل أن نتمكَّن من الحضور في مؤتمر باريس، وأن البعض منكم أيضًا يغتنم هذه الفرصة للاجتماع برجال الأعمال في الأقطار الأخرى.

إحصائية تجارة البلاد:

بلغ مجموع وارداتنا في سنة ١٩٣٤ مبلغ ٣٧٤٤٣١٣ جنيهًا مصريًّا يقابله مبلغ ٢٩٩٩٤٧٩ جنيهًا مصريًّا في سنة ١٩٣٣، ومجموع صادراتنا مبلغ ٣٨٢١٤١٥ جنيهًا يقابله مبلغ ٢٥٨٧٤٢٣ جنيهًا مصريًّا في سنة ١٩٣٣، أو بزيادة مبلغ ٧٤٤٨٣٤ جنيهًا مصريًّا، ومبلغ ١٢٣٣٩٩٢ جنيهًا مصريًّا في الصادرات والواردات. من المبالغ المذكورة أعلاه زادت واردات الحكومة مبلغ ٢٢٥٨٨٣ جنيهًا مصريًّا، ووردات الجمهور مبلغ ٥١٩٠٠١ جنيه مصري. وبدون شك إنها نتيجة حسنة بالرَّغم من أنَّ هذه الأرقام لا زالت أقل من أرقام بعض سنين مضت.

كانت إنكلترا أول البلاد في الواردات والصادرات، فقد استوردنا منها بمبلغ ٩٧٢٦٨٨ جنيهًا مصريًّا، وصدرنا إليها بمبلغ ٢٫٠٨٤١١٦ جنيهًا مصريًّا، أو بمعدل ٢٦٪ من جميع وارداتنا، و٥٤٪ من جملة صادراتنا، وكانت مصر ثانية البلاد بهذا المعنى، فقد استوردنا منها بمبلغ ٨٧١٤٠٥ جنيهات، وصدرنا إليها بمبلغ ٧٨٣٧٩٨ أو معدل ٢٣٪ في الوارد و٢٠٪ في الصادر.

أما علاقاتنا بالبلاد الأخرى فلم تتغير كثيرًا ما عدا اليابان، فقد بلغ الوارد منها للسُّودان مبلغ ٧٥٤٦٧٨ جنيهًا، أو معدل ٢٠٪ من جملة وارداتنا، بينما من وارداتنا لم تأخذ اليابان إلَّا بمبلغ ٥٠٤٦٩ جنيهًا أو من جملة الصَّادر، وقد ذكرتُ لكم هذا في خطابي الماضي، وتحدثت بذلك في فرص أخرى، ولكن يظهر أنَّه لا يوجد دواء لهذه الحالة لسبب بعض معاهدات مرتبط بها السُّودان، وبهذه الفرصة نتوجه إلى الحكومة بالرجاء أن تسعى بأول فرصة بتغيير هذه الحالة، حيث لا أجد مبررًا لأن ندفع لليابان هذه المبالغ العظيمة بينما اليابان لا تهتم بأن تزيد مقدار صادراتنا إليها. إنَّ حالة التَّقدُّم في تجارتنا في العام الماضي لا زالت في استمرار في الربع الأول من هذه السنة، ولنا الأمل في أن تكون نتيجة سنة ١٩٣٥ كلها كذلك.

إنَّ إنكلترا لا زالت أحسن عميل لنا. ولكن للأسف وبالرَّغم عن كلِّ ما بذلناه لا زالت بعض صادراتنا تدفع ١٠٪ جمركًا هناك. وقد ذكرت ذلك في تقريري الماضي، كما أنِّي ذكرت بأنَّنا ننتظر من إنكلترا مساعدتنا في أوجه أخرى، وذلك بإعادة النَّظر في قرض الجزيرة وفائدته، وقد بحث هذا الموضوع أشخاص ذوو نفوذ في إنكلترا. وقال صديقنا السير جيمس كري في مقال نشره في مجلة الجمعية الأفريقية، بينما كان يبحث في حالة التَّعليم في هذه البلاد ذكر نفس الموضوع. وهذا نصُّ ما نشره السير كري: «منذ سنة ١٩٠٠، وفي مختلف الظروف، حصل السُّودان على مساعدات ضئيلة من إنكلترا إلَّا ما كان بمعدل فائدة ٦٪، وبحكم الظروف السياسية لقد حُرم السُّودان من مساعدات مصر، كما أنه لم يكن له نصيب من الأفضلية التي منحت للبلاد الأخرى التابعة للإمبراطورية البريطانية، والتي كان يجب أن تُمنح للسُّودان بالرَّغم عن الظروف السياسية.»

أظن أن جميعكم موافقون معي أن السُّودان — ولو لم يكن بنفس الحالة التي تربط البلاد الأخرى بالإمبراطورية — ما كان يجب أن يُحرم من الفوائد التي حصلت عليها البلاد التي ترفع العلم البريطاني وحده.

السكرتير المالي:

في خلال السنة ترك هذه البلاد السكرتير المالي الذي استلم مالية البلاد في وقت الضائقة، والحقيقة أن المستر فاس يوم حضر لهذه البلاد قابلته حالة صعبة جدًّا. وقد تمكَّن بالرَّغم عن ذلك من موازنة الميزانية، وقد ترك لخلفه حالة أحسن، وإن لم تكن أقل صعوبة. إن تعيين المستر رجمان كسكرتير مالي للسُّودان قد قوبل باغتباط وارتياح في جميع الدوائر. وإنه تعيين في غاية التوفيق بالنسبة لمعرفته للبلاد وأهلها، وبكل تأكيد سيكون كأحسن سكرتير مالي حصلت عليه هذه البلاد، وإني أقدم للمستر رجمان تهاني جميع أفراد الهيئة التجارية. وصحيح أن السكرتير المالي تعين حين بدأت البلاد تنتعش، ولكن الحالة لا زالت تطلب عناية خاصة.

وقد كان أول أعمال السكرتير المالي أن صدَّق على ما يلزم للحكومة من المصروفات الضرورية لإدارة الأعمال وعلى منشآت جديدة ذات فائدة. وبهذه الفرصة أؤمِّل أن وقت النَّظر في أي مشروع جديد يُسهِّل السكرتير المالي للهيئة التِّجاريَّة الاشتراك فيه، وإنِّي أؤمِّل أن جنابه يجيب طلب العموم بأن يعيد للتجارة ما أُخذ منها بإلغاء احتكار السكر الذي كان من الأمور الاستثنائية التي قررت الحكومة العمل بها بعد الحرب.

•••

كما تعلمون أن ميزانية سنة ١٩٣٤ قد تعادلت، ولكن النتيجة النهائية قد زادت على الأرقام التي كان قدَّرها سلفًا المستر رجمان، وفي التَّقرير النهائي للإيرادات يظهر أن إيرادات المديريات قد بلغت ٦٠٠٠٠٠ جنيه، وقد كان مقدرًا لها ٥٥٨٠٠٠ جنيه. وإيراد المصالح ٨٦٨٠٠٠ جنيه، وقد كان مقدرًا لها ٧٣٥٠٠٠ جنيه. وأهم زيادة في الإيراد كانت كالآتي:

من الجمارك مبلغ ٨٧٠٠٠ جنيه، ومن مصلحة الزراعة والغابات مبلغ ٣١٥٠٠ جنيه. وعلى العموم فكل مصلحة قد زادت إيراداتها عمَّا قدِّر لها.

كما أنَّ إيراد المصالح العامَّة قد بلغ ٢٢٧٤٠٠٠ جنيه، وقد كان مقدرًا بمبلغ ٢٠٢٥٠٠٠، وزيادة السكر كانت ٥٦٤٤٠ بالرَّغم من تخفيض سعر البيع. ومن عوائد الصمغ ٧٧٨٢٠ جنيهًا، ومن السكة الحديد ١٠٠٠٠٠ جنيه، والمصلحة الوحيدة التي حصل فيها عجز كبير هي مصلحة الري السُّوداني التي قُدِّر إيرادها بمبلغ ٤٨٠٠٠٠، ولم يبلغ اﻟ ٣٨٩٠٠٠ جنيه، وهذه من سوء رداءة محصول الجزيرة في العام الماضي.

وقد كانت النتيجة العامَّة لسنة ١٩٣٤ أنَّه بعد إضافة مبلغ ٣٦٩٠٠٠ جنيه لحساب احتياطي القطن كانت الزيادة في الإيراد عن المصروف مبلغ ٢٥٠٠٠ جنيه يعادلها مبلغ ٩٥٠٠ جنيه في السنة التي قبلها، والتي أضيف إليها أيضًا مبلغ ١٤٥٠٠٠ جنيه لحساب الاحتياطي، وأن هذه النتيجة تستدعي شكر جميع من ساهموا في الحصول عليها.

وأما لسنة ١٩٣٥ فقد قدر السكرتير المالي أرقام الإيراد والمصروف بتحفُّظٍ كبير؛ ممَّا يجعلنا نتفاءل خيرًا بأن النتيجة النهائية ستكون أيضًا بزيادة الإيرادات على المصروفات.

كانت ميزانية سنة ١٩٣٤ مقدرة بمبلغ ٢٨١٢٠٠٠ جنيه للإيراد، و٣٨٠٩١١٤ للمصروف، أي بزيادة ٢٨٨٦ جنيهًا. أما ميزانية سنة ١٩٣٥ فقد قدرت بمبلغ ٤٠٣٥٠٠٠ للإيراد، ومبلغ ٤٠١٧٠٠٠ للمصروف بزيادة ١٧٨٧٣ للإيراد. على أن المصروف الذي زاد بمبلغ ٢٠٠٠٠٠٠ عن سنة ١٩٣٤ للإنشاءات جديدة كزيادة زراعة القطن في الجزيرة ومحالج القطن في كردفان وأعمال أخرى لفائدة البلاد.

وبالنسبة لحالة محصول القطن في الجزيرة هذه السنة، وحيث إنَّ السكرتير المالي لم يقدر لهذا الباب إلَّا نفس أرقام سنة ١٩٣٤، فالأمل عظيم بأن الميزانية ستترك زيادة كبيرة في الإيراد؛ ممَّا سيُمكِّن السكرتير المالي من عمل جملة تخفيضات لصالح التجارة.

وإنِّي أهنئ السكة الحديد على التعريفة الجديدة التي جاءت نتيجة عمل طويل، والتي سهَّلت على التاجر عملية النولون لأي صنف بدلًا من الطريق المعقد القديم، ولا يسعني إلَّا أن ألفت نظر هذه المصلحة لبعض النولونات العالية، وخصوصًا نولون القطن، والزيادة الإضافية على بعض الأصناف، والتي يجب إعادة النَّظر فيها، خصوصًا أنها وُضعت أيام الحرب. أمَّا الآن مع رخص الفحم والأدوات والزيادة العظيمة في إيراد السكة الحديد، فهذه النولونات ليس لها ما يبررها.

الجزيرة:

مما يسرُّنا جميعًا أن حالة محصول القطن هذا العام بعد أعوام عديدة سيعطي أكثر ممَّا قُدِّر له، فجملة ما ننتظر من الفدان من زراعة الشركة الزراعية وشركة كسلا ستكون أربعة ونصف قنطار. إنَّ إدارة شركة كسلا تستحق الشكر العظيم؛ فقد قاربت أن تصل إلى رقم قياسي لإنتاج فدان القطن خمسة ونصف قنطار.

كذلك الشركة الزراعية وخبراء الحكومة يستحقون كلَّ الشكر للنتائج القيمة التي تحصَّلوا عليها في زراعتهم الواسعة بالتَّغلب على الآفات والحشرات.

جارٍ العمل الآن على زيادة مساحة القطن في الجزيرة. ومنتظر أن تبلغ المساحة المزروعة في يوليو سنة ١٩٣٧ مائتي ألف فدان أو ثمانمائة ألف فدان كمساحة إجمالية من مشروع. وهي غاية ما يمكن ريُّه بواسطة الجداول الرئيسية الموجودة.

إنَّ الحالة في الجزيرة — والتي ذكرتها في خطاباتي الماضية — لا زالت موجودة بالرَّغم من أنَّها تحسَّنت بزيادة محصول هذا العام، ولا أرى طريقة لتغيير الحالة إلَّا إعادة النَّظر في شروط المشروع بأكمله حتَّى يصبح ذا فائدة أكبر للمزارعين.

إنَّه ليس لي أن أشير إلى إدارة الشركة الزراعية التي لها خبرة طويلة من مدة سنين عديدة … لا نملُّ أيَّ بحث. إلَّا أننا — معشر رجال الأعمال — لنا طريقتنا في بحث الأمور والوصول لتكوين فكرة لها على الغالب صلاحيتها.

إنَّ الزراعة الحالية التي تسير على أساس المناوبة كلَّ أربعة سنوات تكلِّف مصاريف زائدة للمحافظة على جداول في مساحة ثمانمائة ألف فدان لزرع مائتي ألف فقط قطنًا، وقد يجوز أن المناوبة كلَّ أربعة سنين تكون ضرورية لبعض الأطيان. ولكن ليس لكل المساحة، ولو أُعيدَ النَّظر في هذا الموضوع، وتعادلت المناوبة لثلاث سنين لأمكن زرع مائتين وخمسين ألف فدان بدون أي زيادة تُذكر في المصاريف.

نعم إنَّ تقدم الحالة التِّجاريَّة والزراعية تسمح لنا بأن ننظر إلى المستقبل بثقة أكبر. ولكن لا زالت أمامنا جملة مصاعب للتَّغلب عليها، إلَّا أنكم توافقونني بأنَّ لنا الآن أن ننتظر بتحقيق آمالنا أن يكون المستقبل أحسن من الماضي.

إنَّ أحسن ظواهر الحالة هو الاهتمام والنشاط الذي بذله معالي الحاكم العام وحضرات معاونيه الذين ينظرون إلى الهيئة التِّجاريَّة بروح التعاون. وباختباري الطويل أقدر أن أؤكِّد لكم بأن العلاقات بين الحكومة والهيئة التِّجاريَّة لم تكن في وقت من الأوقات أحسن منها الآن. ولزامٌ علينا أن نتقدم بالشكر لمعالي الحاكم العام للخطة الحكيمة التي وضعها في هذا الشأن.

وبهذه المناسبة. ولو أنَّه ما زال أمامنا عمل طويل حتَّى نصل إلى الدرجة التي يُمكننا فيها — نحن التُّجار — أن نقول بأنَّنا حصلنا على كلِّ ما يلزمنا من معاضدة الحكومة فيما يمكننا عمله في محيطنا التجاري، أقول بالرَّغم عن ذلك: إنِّي أنتظر نتائج مجهوداتنا، وإنه يمكننا أن ننظر إلى الهيئة الحكومية بثقة متبادلة.

إنَّ أول أعمال معالي الحاكم العام كانت إعادة تأليف اللَّجنة الاقتصادية التي تُؤلَّف من رؤساء المصالح الكبرى الآن، والتي تنظر في أهم المسائل، وتعرض توصياتها رأسًا على معالي الحاكم العام للتصديق، وبعد ذلك تصبح هذه المسائل تحت التنفيذ بحسب ما تسمح به الحالة المالية، وإن هذه الطريقة في العمل تمكِّن معاليه من الإلمام بجميع أمور البلاد، كما أن اتصال معاليه بجميع من في البلاد سببٌ آخر مهمٌّ يساعده للسير بالبلاد إلى الأمام، وقبل أن أختم تقريري أودُّ أن أطلب منكم الموافقة على إرسال برقية لمعالي الحاكم العام معبرين باحترام عن تقديرنا العظيم لمعاليه، ونتمنى له الصحة الكاملة لكي يقود هذه البلاد إلى طريق النجاح.٣

أيها السادة

أشكركم لاستماعكم إلى تقريري الطويل، وإنَّا نعتمد دائمًا على تأييدكم لجمهورنا لتنمية مصالحنا المشتركة، ولتعود بالخير لهذه البلاد. ا.ﻫ.

(٣-٤) الانتخابات في غرفة التجارة — بيان رسمي

عقدت غرفة التجارة السُّودانية جلستها في منتصف الساعة الخامسة من مساء يوم الجمعة ١٢ إبريل سنة ١٩٣٥ عند موعدها المحدد. وقد كان العدد الذي أمَّها في هذا اليوم كبيرًا جدًّا، وقد افتتحت الجلسة بتلاوة تقرير الرئيس الذي ألقاه هو بنفسه باللغة الإنكليزيَّة، وكان خطابًا جامعًا شاملًا لكل أعمال الغرفة متتبعًا في إجمال سير الحركة الاقتصادية في البلاد، ذاكرًا الانتعاش الذي بدأ، معرِّجًا على كثير من النقط ذات الاتِّصال بأعمال التجارة، ثمَّ تحدث عن زيارة البعثة الاقتصادية المصريَّة للسُّودان والمباحثات التي دارت بينهما وبين رجال الغرفة وما اتفق عليه معها وما بقي معلقًا للدراسات المقبلة. وبعد أن جلس جنابه نهض جناب المستر جورج توتنجي، فقرأ تعريب هذا الخطاب، ثمَّ اقترح جناب الرئيس أن تُرسل برقية لحضرة صاحب المعالي الحاكم العام، وتلا صورتها؛ فنال الاقتراح الموافقة الإجماعية، وكانت البرقية تتضمَّن شكر الهيئة التِّجاريَّة مجتمعة لمعاليه على ما نالت من معونة منه ومن رجال حكومته في بحر السنة المنصرمة في جميع المرافق الحيوية، مقدمة لمعاليه أطيب التمنيات والإخلاص، ثمَّ نهض جناب الرئيس مرة أخرى، فذكر أنه في اجتماع العام الماضي كان قد اقترح أن تكون مدة اللَّجنة سنتين بدلًا من الانتخابات السنوية، ولكن رُئي بعد انفضاض هذا الاجتماع أن هذا الاقتراح لا يمكن تنفيذه؛ لأنَّه يخالف قانون الغرفة الذي ينصُّ على أن كلَّ اقتراح لا يتَّفق مع القانون يجب أن يقدم به طلب من ١٥ عضوًا يوقعون عليه ويكون موجودًا بين يدي اللَّجنة قبل الاجتماع العام بزمن لا يقل عن ١٥ يومًا.

ولمَّا كان ذلك الاقتراح لم يحز هذه الصفة، فقد أُوقف تنفيذه، ثمَّ قدم البعض طلبًا حائزًا لهذه الصفة من كلِّ الوجوه يطلب فيه مقدموه إعادة النَّظر في بعض مواد القانون بسبب تطور الحالة التِّجاريَّة وصلة التُّجار بالغرفة، فوافق الحاضرون عليه، وقد أعلن جنابه أن اللَّجنة عندما تدرس مشروع القانون وتضع تلك التعديلات تعقد جمعية عمومية للنظر فيها، ومتى أقرتها يصير القانون المعدل دستورًا للغرفة — ومن ثمَّ وزعت بطاقات الانتخابات على المجتمعين، وهي بطاقات تشتمل على أسماء المرشحين ومتروك بها فراغ لمن يشاء أن يضع اسم منتخب آخر غير المرشح، والبطاقة مشتملة على ٤٢ اسمًا، فما على المنتخب إلَّا أن يشطب على الأسماء التي لا يرشحها للعضوية ويبقي ١٤ اسمًا، بشرط ألَّا يزيد عدد المنتخبين من أي جالية عن ٥ أعضاء، وألَّا ينتخب من محل تجاري واحد أكثر من شخص واحد، وبعد أن يفرغ الناخب من انتخابه يضع بطاقته في الصندوق المعد لذلك.

وفي أثناء عملية فرز الأصوات تدفق المجتمعون في حديقة الدار يتناولون المرطبات والمحادثات حتَّى ظهرت النتيجة على اللوحة، فكانت كالآتي: المستر جورج توتنجي ١٠٢ صوت. المستر ألفريد كفوري ١٠٠ صوت. المستر ويكر ٨٩ صوتًا. المستر أزمرليان ٨٧ صوتًا. المستر سميث ٨٥ صوتًا. الشيخ محمد مدني يحيى ٨٣ صوتًا. المستر ويليامز ٧٨ صوتًا. مصطفى أفندي أبو العلا ٧٧ صوتًا. المستر كونتوميخالوس ٧٠ صوتًا. الشيخ أحمد حسن عبد المنعم ٦٩ صوتًا. المسيو تسكارغلو ٦١ صوتًا. الشيخ السيد أحمد سوار الذهب ٦٠ صوتًا. عبد المنعم أفندي محمد ٥٥ صوتًا. المستر جورج مرهج ٤٦ صوتًا. ا.ﻫ.

(٣-٥) تجارة مصر مع السُّودان

تستورد مصر من السُّودان نحو ٩٥ في المائة من حاصلاته (بعد استبعاد القطن والصمغ؛ إذْ لا حاجة لنا بهما)، والواردات لمصر من السُّودان سنة ١٩٣٤ هي:
الواردات جنيهًا مصريًّا
السمسم ٩٦٤٢٨
الفول السُّوداني ٣٨٧٤٣
الذرة العويجة ٣٥٤٦٣٤
الماشية ٣٦٢١١
الغنم ١٤١٠٠
الجلود ١٢٢١٩
البلح ٤٢٩٤٣
السمك المجفف ٨٢٢٥
الفحم البلدي ١١
الفاصوليا الناشفة ٤١٩٥٥
الشطة ١٩٥٥٧
لب البطيخ ٣٣٣٩٥
الذرة ٢٣١٦٦
المسلي ٢٥٣٩٥
القرض ٤٢٠٥
والصادرات من مصر للسُّودان في السنة عينها هي:
الصادرات جنيهًا مصريًّا
السكر ٢٢٦٠٦٧
تبغ وسجاير ١٠٨٢٤٧
دقيق القمح ٥٢
بضائع قطنية ١٤٤٧٦٤
الأرز ١٧٦٥
حبوب أخرى وخضروات وفواكه ٢٣٨٤٥
صابون ٢٧٥٦٧
أحذية ومراكيب وشباشب ٣٤٥٣
سبرتو وغاز ٧١٧

وقد بلغت قيمة الواردات لمصر من السُّودان سنة ١٩٣٤ مبلغ ٧٨٣٧٩٨ جنيهًا.

وبلغت قيمة صادرات البضائع المصريَّة للسُّودان مبلغ ٦٨٧١٢٣ جنيهًا، أي بنسبة ٢٠٫٤ في المائة بالتوالي من مجموع تجارة السُّودان، حيث بلغت قيمة الصادرات في سنة ١٩٣٤ — ٣٨٤٨٦٧٩ جنيهًا، وبلغت الواردات إلى السُّودان ٣٩٤٥١٤٩ جنيهًا.

وتُعدُّ مصر العميلة الثَّانية للسُّودان بعد إنكلترا.

المبادلات التِّجاريَّة بين مصر والسُّودان

عقدت لجنة البعثة الاقتصادية المصريَّة إلى السُّودان بعد عودتها اجتماعًا بمكتب مدير التجارة والصناعة الغرض منه وضع نتائج مباحث البعثة المصريَّة موضع التنفيذ، وإجراء ما يلزم للاتصال بالهيئات المختصَّة من المصالح الحكومية، وتمهيدًا لهذا الإجراء أُذيع تقرير اشتمل على بيان هذه العلاقات كالآتي:

أنَّ واردات السُّودان من مصر سنة ١٩٢٠ إلى سنة ١٩٢٤ كانت ٣٫٥ في المائة بالنسبة لمجموع وارداته.

ومن سنة ١٩٢٥ إلى ١٩٢٩ كانت ١٠٫٥ في المائة، وفي سنة ١٩٣٠ كانت ٨٫٥ في المائة، وفي ١٩٣١ كانت ١٥ في المائة، وفي سنة ١٩٣٢ كانت ٦ في المائة، وفي سنة ١٩٣٣ كانت ١١ في المائة، وفي سنة ١٩٣٤ بلغت ٢٢ في المائة.

الصادرات من مصر إلى السُّودان:

وأهم صادرات مصر إلى السُّودان السكر، والمنسوجات المصنوعة من القطن والحرير الصناعي، والأقمشة القطنية المصبوغة، والسجاير، والأتربة، والأحجار، والجير والأسمنت، والصابون، والحلويات، والحديد والظهر والفولاذ، وبذرة القطن، والنحاس، والورق.

ولوحظ أن صادرات السكر والمنسوجات القطنية المخلوطة بالحرير الصناعي زادت زيادة كبيرة، ويبلغ المصدر منها مقدار ربع صادرات مصر للسُّودان.

وكذا زادت صادرات الجير والأسمنت في هذه السنة زيادة كبيرة بسبب بناء خزَّان جبل الأولياء.

الواردات من السُّودان لمصر:

تستورد مصر من السُّودان: الذرة. السمسم. الفول السُّوداني. لب البطيخ. الحيوانات الحية. البقول. المسلي. البلح. التوابل «الشطة». الجلود. الأسماك المملحة: «فسيخ وملوحة». فول جاف.

وفي سنة ١٩٣٢ صدَّر السُّودان لمصر من الذرة ما قيمته ١٣ ألف جنيه، ولكن ما صدرته في السنة الماضية (١٩٣٤) بلغ ٤٠٠ ألف جنيه.

وتنقسم واردات السُّودان إلى أهليَّة وحكومية. وقد نمت الواردات الأهليَّة حتَّى وصلت إلى ٨٠ في المائة بعد أن كانت ٥٣ في المائة.

وقد أصبح الميزان التِّجاري في صالح السُّودان في سنة ١٩٣٤، بعد أن كان في صالح مصر قبل ذلك.

الأرز المصري:

لاحظت البعثة أن السُّودان يستورد من الأرز ما قيمته ١١٤٤٩ جنيهًا مصريًّا كله من الهند سوى ١٨٠٩ جنيهات من مصر، وذلك بسبب غلاء أجور نقله بالسكة الحديد وشركة البواخر الخديوية، وقد طُلب من حكومة السُّودان والشركة تنزيل أجور النَّقل، كما طُلب من الحكومة المصريَّة إعفاء الأرز المصدر للسُّودان من الضرائب.

الأحذية:

وقامت اللَّجنة ببحث للوقوف على الأذواق السُّودانية لصنع الأحذية التي تلائمها.

وعن المصنوعات القطنية كالفانلات والشرابات ستُعرض بالغرفة التِّجاريَّة السُّودانية ليعرفها السُّودانيون ١٨٥٠٠ جنيه. ورُئي أنَّ السُّودان يستورد فواكه بقيمة يخص مصر منها ٣٤٠٠ جنيه. فاقترحت اللَّجنة تخفيض أجور نقلها بالسكة الحديد بين مصر والسُّودان.

الجمارك:

يغلب في نظام الجمارك أن تعريفته ١٠٪.

غلاء السكك الحديدية

يرجع غلاء أجور السكك الحديدية في السُّودان إلى غلاء الفحم والوقود وقلة الركاب والحركة، ولا يمكن اتصال السكك الحديدية السُّودانية بالسكك الحديدية المصريَّة؛ لأنَّ الخط الحديدي السُّوداني أضيق، ولكن يمكن وصل الخط السُّوداني إلى الحدود السُّودانية، ويقابله الخط المصري، وينقل الركَّاب من قطار إلى آخر.

عدد الموظفين

بلغ عدد الموظفين في سنة ١٩٣٣ — ٤٧٥٧ منهم ٢٩٨٧ موظفًا سودانيون، والباقون بين إنكليز ومصريين وسوريين وغيرهم.

(٤) الحالة الاقتصادية لمديرية دارفور

وصف الأديب يوسف عمر التني حالة دارفور فيما يلي:

تمتد مديرية دارفور من صحراء ليبيا شمالًا إلى حدود مديرية بحر الغزال جنوبًا، وتُحدُّ غربًا بوادي كجا الذي يفصلها من مقاطعة واداي التي تكون الآن جزءًا من أفريقية الاستوائية الفرنسية، وتُحدُّ شرقًا بمديرية كردفان عند حلة الشريف كباشي — هذه المنطقة كثيرة الجبال والتلال، خصوصًا في الشَّرق والشمال والغرب، وقليل منها في الجنوب كجبال الداجو وغيرها، ولا يكاد يوجد بها مكان متناسب إلَّا نادرًا، وأرضها رملية وكثيرة الأودية والأشجار — مناخها حسن جدًّا في الشَّرق والوسط والشمال ورديء في الجنوب، ومتوسط في الغرب، ويبلغ عدد سكانها نحو ٧١٥٥٤٣ نسمة، ومساحتها ١٤٤١٠٠ ميل مربع. وتبعد الفاشر عن الأبيض بمقدار ٣٩٦ ميلًا، وهي مسيرة ثلاثة أو أربع أيام بالسيارات.

سمِّي هذا الإقليم دارفور مع وجود القبائل الكثيرة فيه؛ لأنَّ الفور هم أسبق القبائل إليه. وقد ينقسم السُّكان هنالك إلى عرب وفور وغيرهم من قبائل السود الأخرى. أمَّا العرب فمنهم الزيادية والمسيرية، الرزيقات، بني هلبا وغيرهم. أمَّا السود فمنهم الفور وغيرهم. كانت دارفور تحت سيطرة ملوك من التنجر آخرهم السُّلطان شاودورثيت، ثمَّ آل الملك إلى العباسيين أولاد أحمد المعقور، وأولهم السُّلطان سليمان سلنج، وآخرهم المرحوم السُّلطان علي دينار لغاية سنة ١٩١٦، ومن ذلك التَّاريخ صارت دارفور تحت نفوذ الحكومة الحاضرة ومن أكبر مديريات السُّودان.

ولدارفور مكانتها التاريخية وعظمتها الخالدة؛ فقد كانت مهجر التُّجار ومحطَّ آمالهم ومفتاح السعادة، وإن التاجر لا يُرفع ذكرُه إلَّا إذا تردد إليها وقطع درب الأربعين يوم كانت التجارة تتمركز في مدينة كوبي التي ضربتها المَهديَّة على يد المرحوم السيد محمد زنقل، وأتى إليها بالثَّمين الغالي، وعاد منها بالجواري والغلمان وريش النعام وسن الفيل يوم كانت أغلى من الذهب الأحمر.

(٤-١) الثروة الطبيعية

المحصولات الزراعية

لا شكَّ أنَّ الموارد الطبيعية لإقليم من الأقاليم هي في طليعة الدوافع لنهوضه الاقتصادي. وأهم موارد دارفور الطبيعية هي الزراعة. وتقدم زراعة التمباك ود عماري بدارفور على رأس محصولاتها التي تجلب إليها النقود، وإن الأحوال الجوية هنالك ملائمة لنمو التمباك، ويعلق الأهالي أهمية عظمى على هذا المحصول في إنعاش ثروتهم، وإذا ولَّينا وجوهنا شطر دارفور في البحث عن زراعة التمباك ود عماري ومعه أنواع المحصولات الأخرى وجدنا أنَّه الشاطئ الذي ترسو لديه سفينة بحثنا، فزراعته هنالك من الكثرة حيث تشغل بال كلَّ فرد من السُّكان باستمرار، حيث لتجارته أهمية خاصة في داخلية البلاد (السودان)، ويظهر لنا أن أسعاره هي التي تقرر مستوى الأسعار لباقي أنواع محصولاتهم الزراعية الأخرى، فإذا كان سعر التمباك منخفضًا فمن المعتاد أن يكون هنالك كساد عام. ولكن إذا كان التمباك متمسِّكًا ومرتفع السعر أو إذا كان ثمنه في مستوى معتدل، فهذا التَّمسك يكون مصحوبًا غالبًا بميل مشابه له في أسعار المحاصيل الأخرى التي تبدو أنها تتأثر بتأثيره.

وحقيقة التمباك ما هو إلَّا الوحيد من محاصيل دارفور الزراعية الهامة. وهي المورد الوحيد لهذا الصنف الذي يستهلك القطر منه كميَّات وافرة بمبالغ طائلة تقدر بألوف الجنيهات سنويًّا. ويزرع التمباك ود عماري بكميات غير محدودة في طوبلة على مسيرة يوم إلى الجنوب الغربي من مدينة الفاشر ووادي بيرة ووادي شقرة بغرب الفاشر ووادي الملم جنوب الفاشر، وفي جهات نيالا وزالنجي وغيرها. أما المحل الرئيسي لزراعته بدارفور فهو طريلة. ويباع هذا المحصول على نظام المزاد العلني تحت إشراف الحكومة بسوق الفاشر. ولقد أحدث هذا النِّظام فائدة كبرى في إنعاش هذا الصنف منذ بداية من أوائل سنة ١٩٣١. وقد حصَّل سعر القنطار منه في عام سنة ١٩٣٢ نحو ثلاثة جنيهات أو أكثر بسوق الفاشر، مع العلم أنَّه في نفس السوق كان يساوي ٢٥ قرشًا القنطار في أوائل سنة ١٩٣٠، وتُصدَّر منه كميَّات كبيرة سنويًّا، وقد بلغ ما دخل جيوب الأهالي من ثمن التمباك في عام سنة ١٩٣٢ نحو ٢٠٠٠٠ جنيه مصري.

والتمباك هو من أهم مرافق الثروة بدارفور في الوقت الحاضر، ويعد أول صادراتها من المنتوجات الزراعية.

ويستعمل التمباك ود عماري (للنشوق) السعوط الذي يعد من أقدم الطرق التي ابتدعها الناس لاستعمال التبغ في غير هذه البلاد، وأن استنشاق السعوط كان معروفًا منذ القرن الخامس عشر حيث قد كتب العالم كورتز (Cortes) أنه رأى هنودًا في المكسيك يسحقون أوراق التبغ، ويتنشقون المسحوق كما يتنشق الناس اليوم السعوط — ومن المكسيك انتقلت بدعة السعوط إلى فرنسا أولًا في الوقت الذي كان فيه الفرنسيون يستعملون أوراق التبغ للتدخين فقط، وانتشر من فرنسا إلى سائر أنحاء العالم، لا سيما الجزر البريطانية.

كثير من تجار التمباك المعسرين بالفاشر يشترون أحيانًا بلات وزن عشرة من تجار الجملة بأثمان عالية بمواعيد، وبسبب اضطرارهم قد يرهقهم الدائنون بأرباحهم الباهظة — وهم يقذفون بهذه البلات إلى السوق ويبيعونها بخسارة تكاد تكون فادحة، وأملهم في ذلك أن يشتروا التمباك ويستعوضوا منه هذه الخسارة مع الربح. وبالطبع لا يكون ذلك إلَّا إذا ارتفع السعر وصادفت الحالة حظًّا وافرًا — وإنَّهم ربما ينسون تدهور سعر التمباك فجأة وتحل عليهم مواعيد الكمبيالات؛ ففي ذلك الحين لا خلاص لهم إلَّا عرض تمباكهم للبيع بخسارة، وبلا شك ينتج من ذلك انحلال في ميزان التمباك التجاري بزيادة العرض على الطلب، وزيادة على ذلك سيبقى عليهم دين وزن عشرة عندما تصادفهم الخسارة في السلعتين؛ ولذا نلفت نظر التُّجار هنالك الذين يهمهم هذا الشأن لتجنُّب هذا المسلك السيِّئ الذي ربما قضى على اسمهم تجاريًّا.

ومن منتوجات دارفور الزراعية الشطَّة التي تُصدَّر للمقايضة بالنقود أيضًا، حيث تجود بها الطبيعة بمحصول وافر في تلك الأصقاع. وهي تُزرع بنطاق واسع في شمال دارفور وبجبل مُرَّة وكاسي وزانجي. وشطَّة جبل مرَّة كبيرة الحجم. أمَّا نوع كاسي وزالنجي صغيرة جدًّا، وتُسمَّى بالدنقاية وحرارتها شديدة وهي أشبه بشطة القبانيب ورشاد، وتصدر الشطة من دارفور إلى أسواق كردفان بكميات كبيرة — ولا يفوتني أن أذكر أن مركز الجنينة بدار المساليت مورد كبير للشطة، وترد إليها من دارتاما الواقعة في المقاطعة الفرنسية.

ومن محصولاتها الغنائية الزراعية الأذرة والدخن، وتزرع الأولى فيها على قدر حاجة البلاد الداخلية بكثرة والغذاء الرئيسي للسكان هو الدخن، ويستخلصون من هذا النوع دقيقًا أبيض ناصع البياض أشبه «بالكورنفلور»، ويسمونه بالجير، ويستعمل هذا الصنف عصيدة لطعام الفطار، ويمكن استعماله أيضًا كحلو بدلًا من استعمال الكورنفلور. ويعملون منه ما يكون كالأرز. وعند تقديمه للطعام لا يمكن تمييزه من الأرز مطلقًا — ويزرع هنالك الماريق أيضًا. هذا المحصول غير قابل للتصدير، وذلك راجع إلى عدم التَّوسع في زراعته، وعدم تقدم المواصلات بسبب بعد الشقة، وعدم إمكان نقله إلى محل آخر للتجارة.

ومن محصولات دارفور الطبيعية الرئيسية الصمغ العربي الذي ينمو نموًّا طبيعيًّا بكثرة في شرقها بدار برتي حول أم كدادة والطويشة. ويباع هذا المحصول بسوق النهود بكردفان بكميات كبيرة.

وقد تصدر من صمغ دارفور الذي بيع في سوق كردفان ٣٠٤ أطنان في سنة ١٩٣٤، وهذه أصغر كمية في السبعة سنوات الماضية كالبيان التَّالي:
سنة طن
١٩٢٨ ٩٧٣
١٩٢٩ ٨٤٤
١٩٣٠ ١٥٠٥
١٩٣١ ١٣٢٥
١٩٣٢ ٤١١
١٩٣٣ ٣٢٠
١٩٣٤ ٣٠٤

ويزرع القمح في الأودية، فينجح نجاحًا باهرًا في الحجم والكمية، خصوصًا في خور تندلني ببندر الفاشر — أما الخضر فحدِّث عنها ولا حرج. وهي تنمو بشكل يفوق ما يزرع عندنا في نواحي الخرطوم بالسواقي والشواديف، وقد يصدرون الطماطم الحمراء بكميات كبيرة بعد تجفيفها على الشمس إلى أسواق كردفان لاستعمالها صلصة.

الماشية

أريد بالمواشي هنا ذوات الخف والظلف كالإبل والبقر والغنم. ومن المعروف أن الناس اعتادوا تربية الحيوانات الأليفة منذ عهد طويل بغرض الانتفاع بألبانها ولحومها وأوبارها وأصوافها وغير ذلك — وتكثر أنواع هذه الماشية بدارفور، والبقر أكثر ما يقتنى في جنوب دارفور عند عرب الرزيقات وغيرهم. وهي تصدر بكميات غير محدودة لأسواق مديرية كردفان بالنهود والأبيض، وتصديرها يعدُّ أول مصادر الرزق بتلك الناحية — أمَّا الإبل فتكثر في الشَّمال عند عرب الزيادية وأم جلول والماهرية. وهي تستخدم في النَّقل محليًّا ما بين الأبيض والفاشر وواداي، ولكن الفائدة التي تعود على الأهلين من جراء هذا النَّقل تكاد لا تذكر بسبب مزاحمة السيارات، لها في هذه الآونة الأخيرة منذ بضع سنوات مضت — وتوجد سوق رائجة للإبل بالقطر المصري، وقد دلت التَّجارب على نجاح باهر في تصريف الإبل السُّودانية بأثمان مناسبة ذات فائدة للمصدِّرين — وتوجد أيضًا الأغنام بكثرة بدار الميدوب ودار زغاوة. وأغنام الميدوب تصدر لسوق أم درمان، والأغنام الزغاوية تصدر لأسواق كردفان. وهما أقل في القيمة من الأغنام الأخرى، وهما من ذات الفراء الأسود، وتستعمل جلودها بالسُّودان كفراء للصلاة.

المنتوجات الحيوانية

إن ما يُصدَّر من المنتوجات الحيوانية بدارفور يكاد ينحصر في الجلود فقط، وتجارة هذا الصنف واسعة النطاق وذات أهمية اقتصادية كبرى، خصوصًا في أسواق ما وراء البحار — والجلود السُّودانية عمومًا لا ينقصها إلَّا القليل من الجودة، وهذا النقص يُعزى إلى حدٍّ بعيد للإهمال في عمليتي السلخ والتجفيف. فإنَّ كمية كبيرة من الجلود تنزل إلى المرتبة الثَّانية لهذا السبب. فتكون النتيجة هبوطها في القيمة المالية، وهذا كله يعزى لجهل أهالي البلاد بطرق تحضيرها على الطريقة المستحدثة. وممَّا يسرني ذكره بهذا الصدد أن المصلحة البيطرية باذلة قصارى جهدها لإدخال الطرق المستحدثة للسلخ والتجفيف حتَّى تنمو تجارة هذا الصنف وتعود على البلاد بالخير العميم.

والسودان وإن كان معروفًا في أسواق العالم كمصدر للجلود، فهو لا يهتم بصنعها والإنتاج فيها كما تفعل الأمم الأوربيَّة المتمدينة، بل إنك لتجد هذا الاهتمام بالمصنوعات الجلدية حتَّى بين الأمم غير الأوربيَّة أو الأمم الشرقية. وبالرَّغم من النَّشاط الذي أبدته مصر في الأعوام الأخيرة في إنتاجها من المصنوعات الجلدية، فإنَّ هذا النَّشاط لم يبعث في نفس السُّوداني حتَّى اليوم فكرة الاستفادة بجلود بلاده التي يستغلها غيرنا من الأمم — وكل ما نعرفه من المصنوعات الجلدية اليدوية، هو ما تداولناه عن أجدادنا وأجداد أجدادنا في هذه البلاد، وأهم ما نصنعه هو أحذيتنا القومية (المراكيب) التي تُزاحمها الآن الأحذية اليابانية وخلافها مزاحمة مهلكة كان واجبًا لتوقي خطرها القوة الكافية لدفعنا إلى تحسين منتوجاتنا الجلدية.

ولم نستحدث من مصنوعاتنا الجلدية غير مصنوعات دارفور التي تشمل المقاعد والشنط المكتبية. وهذه وإن كانت جميلة الصنع إلَّا أنها لم تتسع دائرة استعمالها عن هذا القطر إلَّا نادرًا، وهذا ما يجعلها قليلة القيمة التجارية، وإن مركز الصناعة الجلدية بالسُّودان هو دارفور، وتقوم الجنينة عاصمة المساليت على رأس مدن دارفور في صناعة المراكيب التي تشبه الجزم الكشف، وتفضل عند كثير من الوطنيين على الجزم نفسها، ويا حبذا لو أقبل مواطنونا الكرام على استعمالها بدلًا من استعمال الجزم اليابانية التي لو نظرت إليها نظرة الفاحص المدقِّق لوجدتها لا تساوي شيئًا تجاه هذه المراكيب الوطنية التي لصناعتها جاذبية الطرافة في اللون والشكل.

وأهل الجنينة أيضًا يجيدون الدباغة والصبغة إجادة فائقة، خصوصًا دباغة جلود الأغنام ذات الفراء. وبهذه المناسبة أذكر أن جلود أغنام السُّودان ذات الفراء جلود دقيقة النسيج وخفيفة؛ فإنها تُخرج أحسن أنواع (الأجلاسيه)، وتستعمل بنطاق واسع في صناعة القفازات ذات الدرجة الأولى، وكثير من المصنوعات الجلدية الدقيقة وأحسن أنواع (الكموش)، ولهذه الجلود سوق رائجة ممتازة في أمريكا التي تصدر إليها من هذا النوع نحو طنًّا في سنة ١٩٣٤ من مجموع صادراتنا الجلدية البالغ قدرها ١١٦٨ طنًّا.

وتستعمل الجلود بدارفور في صناعة الشباشب وأشياء أخرى يطول شرحها نذكر منها الستاير الجلدية التي تُصنع على شكل الرهط العربي الذي يستعمله الفتيات السُّودانيات منذ العصور السحيقة، ولقد وجد هذا الرهط في قبور قدماء المصريين واستعمالها كستاير ما يفي بالغرض المطلوب تمامًا، ولها أهمية كبرى للوقاية من الذباب وما شاكله من الحشرات المنزلية — كما أذكر أيضًا صناعة فرايات سروج الخيل وأكياس المخدات — وإن المصنوعات الجلدية اليدوية بدارفور يعتمد عليها الأهالي كمورد ثانٍ قوي يوازي التمباك في إنماء ثروتهم.

وتستعمل الجلود بالخارج في العدد الكثير من حاجات البشر اليومية، وهي عماد صناعة الأحذية (الجزم وما شاكلها) وشنط الملابس والمحافظ بأنواعها — وسروج الخيل، ومقاعد السيارات، وأشياء أخرى كثيرة — ووظيفة الجسم الطبيعية أن يكسو جسم الحيوان من تأثير العوامل الجوية، ولا شك أنه يختلف من حيث كثافته بحسب نوع الحيوان وجسمه وطقس البلاد التي يعيش فيها، كما يختلف باختلاف أجزاء الجسم. فجلود الفيلة مثلًا التي تعيش في الفيافي والقفار أكثر سُمكًا من جلود الأبقار التي تعيش في القرى والمزارع، وجلود البقر الإناث تختلف عن جلود الثيران، كما أن جلود الضأن تختلف عن جلود الماعز وهلم جرّا. وبطن الجلد يختلف عن ظاهره، وإن أمتن أنواع الجلود وأحسنها هي جلود العجول التي تعيش على الألبان فقط. ومن هنا يُعلم لنا أن لغذاء الحيوان تأثيرًا عظيمًا في نوع جلده من حيث الجودة.

سبق أن ذكرت أن الجلود السُّودانية — بصفة عامة — لا ينقصها إلَّا القليل من الجودة، وها هي أسباب التَّلف فيها:

تنقسم أسباب تلف الجلود عندنا إلى قسمين، وكلاهما يسبب ضررًا عظيمًا للجلود حتَّى تفقد ميزتها؛ فتقل قيمتها في السوق: أما القسم الأول فهو ما يتعلَّق بطريقة السَّلخ، وليست طريقة السَّلخ بالعملية السهلة التي يستطيع أن يزاولها كلُّ من استطاع أن يمسك السكين ويمر بها على جسد الحيوان فيفصله عن جسده دون مراعاة لما ينتج من وراء ذلك من أخطاء ربما أتلفت الجلد. فعملية السلخ عملية منظمة لها قوانينها، ولها تدريبها الخاص، ولها طرقها المضمونة التي لا تنتج ما يسبب تلفًا للجلد، وأول شروط السَّلخ هو أن تكون المُدْية حادَّة لدرجة أنَّها تزيل الشعر من جسد الإنسان إذا جربها عليه لأنَّ السكين غير الحادَّة هي التي تسبب الخروق التي تشين الجلد وتقلِّل من قيمته — كما أنَّ السكين الحادَّة وحدها دون السالخ الماهر هي — أيضًا — خطر على سلامة الجلد، فلا بدَّ أن يكون العامل ماهرًا والسكين حادة، وبذلك تضمن سلامة الجلد من الخروق، وتبعد العيوب عنه. أمَّا القسم الثَّاني فهو ما يتعلَّق بعمليتي التَّطبيق والتنشيف. ومن العمليتين تتسبب أخطار عظيمة تؤدي بقيمة الجلد إلى المرتبة الدنيا — أما عملية التَّطبيق فتتداول عندنا دون مراعاة لما يعلق بالجلد من لحوم أو دهن يسببان عفونة في الجلد بعد تطبيقه بأيام، وبذلك يفقد جودته، كما أن كثيرًا من الجزَّارين يعمدون إلى مسح الجلد بالتراب أو الأوساخ، ثمَّ يطبقونه، وأملهم في ذلك أن يزيدوا وزن الجلد، ولكنهم ينسون أن هذه العملية تشين الجلد؛ فالتاجر الذي يشتريه لا يبقى عنده يومين أو ثلاثة إلَّا ويفقد قيمته — ومما يسبب أيضًا ضررًا بليغًا بالجلد وضعه في الشمس مدة طويلة قبل إجراء عملية مسحه بالملح.

ومما تقدم نفهم أن طريقة استغلال الجلود غير صالحة، ولكن هذه المعضلة تعالج كثيرًا إذا أوجدنا في السُّودان المدابغ الفنية ذات العدد والآلات المنظمة، ولعل بعض المتموِّلين الوطنيين أو ملجأ القرش يفكر في هذه الناحية تفكيرًا جديًّا يجعلهم يستفيدون من هذه الدباغة في ترويج الأحذية الوطنية، وقطع خط الرجعة على الجزم اليابانية، ومن المهم قبل المدبغة تعليم بعض الطلبة هذا الفن بالخارج. ويمكن التَّعليم في مصر أو الشام بدون كبير زمن أو نفقة تذكر.

المسلي

من منتوجات دارفور الحيوانية المسلي، وهي تعد في مقدمة أقاليمنا في تصدير المسلي، ولكن الذي يؤسف له أن مسلي دارفور لا يتمتع بسمعة حسنة بين الأوساط التِّجاريَّة في السُّودان. وسبب ذلك عدم إنضاجه بالطريقة التي تضمن له استمرار الطلب والرَّواج في الأسواق عند المستهلكين. وسبق لي أن بيَّنت ذلك فيما قلته عن كيف نروِّج محصولاتنا في الأسواق العالمية — فهأنا أُكرِّر طلبي مرة أخرى على تجار المسلي هنالك أن يُعطوا هذه السلعة ما تستحق من عناية في الإنضاج والنظافة وعدم التلويث بما يشين سمعة مسليهم حتَّى يحصلوا على الفائدة المنشودة ويشيدوا اسمًا حسنًا لمسلي دارفور عند جميع المستهلكين.

صناعة الأحذية الفاشرية

ليست مدينة الفاشر بالمدينة الزراعية بحيث تكفي لشغل جميع سكانها بالزراعة فقط؛ لذا فقد تحوَّل فريق من سكانها شطر صناعة الأحذية الفاشرية المعروفة بالمراكيب الفاشرية التي يستعملها السواد الأعظم من الشعب الوطني، وهي تكاد تكون في مقدمة أحذيتنا القومية من حيث شهرتها بين الأوساط السُّودانية — وكثير من العائلات هنالك يعيشون على هذه الصناعة؛ إذ هي المورد الوحيد لكسبهم — وتشتهر المراكيب الفاشرية بمتانتها وجودة صنعها، وشكلها بديع. وهي تقي الأقدام تمامًا من تأثير الرطوبة وحرارة الشمس المحرقة، وهي الواقية أيضًا للحافي من أضرار الأحجار والشَّوك وغير ذلك من الأعشاب المُضرَّة — ولا شكَّ أن استعمال الحذاء المتقن بالمعنى الصحيح هو الذي يُكسب الإنسان صحة بدنية وذهنية — وأن استعمال النوع الرديء الرَّث الذي لا يقي من تأثير الحر أو البرد مثل الجزم اليابانية وما شاكلها التي اتخذناها في هذا الزمن لباسًا قوميًّا تقريبًا، فهي في الحقيقة رمز للشخصية البائسة التَّعسة؛ فإنَّ لبسها في الحرِّ يُسبِّب البلهارسيا وفي البرد تُسبِّب أمراض الأسنان — ولا يفوتني أن أذكر أنَّ كثيرًا من الأمراض مصدرها استعمال مثل هذه الأحذية التي تُسبِّب عفونة في الأرجل — وربما ظنَّ البعض أنَّها رخيصة، ولكن عندما تقارن ثمنها بالزمن الذي تعيشه وعدم فائدتها الصحية، نجدها أغلى ثمنًا من المراكيب الفاشرية — ومثال ذلك المركوب الفاشري المتوسط لا يزيد على مبلغ ١٥٠ مليمًا في سوق الخرطوم، وهو يعيش أكثر ممَّا تعيش ثلاث جزم يابانية سعر ٧ قروش مثلًا، ويمتاز عليها بالوقاية التَّامة للرِجْل من تأثير العوامل الجوية مثل الحرِّ والبرودة — ولمَّا لم يكن لوسائل تشجيع الصناعات الوطنية حدٌّ أو نهاية، وجب علينا أن نفضلها على الأجنبية ولو كانت أغلى في الثمن، وبذلك نضمن عدم تلاشي صناعاتنا كما يفعل غيرنا من الأمم من طرق التشجيع لحماية صناعاتها بما يُلائم طبائع أهلها.

وإن تشجيعنا للمصنوعات الوطنية سيخلق عملًا واسعًا للأيدي في صناعة كهذه يمكن أن يشتغل فيها أضعاف عدد المشتغلين بها الآن، وبذلك نكون أسدينا أجلَّ الخدمات لوطننا المحبوب.

(٤-٢) الخيول في دارفور

قد يصحُّ لنا أن ندرج الخيول تحت المنتوجات الحيوانية بالرَّغم من أن المتعارف بيننا أن يُطلق هذا الاسم على ما ينتجه الحيوان المقتول لا على الحيوان نفسه — وعلى هذا الاعتبار نتحدث عن الخيول في دارفور كحلقة من هذه السلسلة التي بدأناها.

تشتهر دارفور بخيولها النادرة المثال بهذا القُطر، ولكن نسلها ليس بالجيد لو قُورن بخيول نجد والعراق والحجاز أو الخيول الأجنبية عمومًا؛ ولذا فكَّر أولو الأمر في استجلاب الفحول منذ سنين مضت وأرسلوها لتلك المقاطعة، وقد أتت التَّجارب بنتائج حسنة حتَّى استغنت بها الآن حكومة السُّودان وعشاق الخيل عن الجياد الأخرى ما عدا السُّودانية والدارفورية. ومعظم طلبات الحكومة تستورد سنويًّا من جنوب دارفور عندما تقام المعارض السنوية للخيول بتلك الناحية.

ربما ذهب بنا حسن الظن بأن يكون قطرنا من مصدرات الخيل للخارج، وفي هذا من الفوائد الاقتصادية ما فيه؛ إذ تبقى أموال البلاد في داخلها وتُجلب أموال أخرى من الخارج، فتزداد مقدرة الشراء وتسري في حركة الأخذ والعطاء روح ربما أفادت أسواق المحصولات الأخرى والواردات فائدة تذكر.

منذ المحاولات الأولى التي عملت لحصر الخيل وتحسين تربيتها في دارفور من سنين مضت قبل التَّقدُّم بالمشروع الحكومي قد أزيلت بنجاح باهر كثير من الصعوبات الاقتصادية والحيوية، كما أن معارضة الأهالي في إدخال الطرق الحديثة قد أزيلت.

إن النجاح الباهر الذي لازم المشروع يعزى — إلى حد بعيد — إلى المساعدات التي قدمها كثير من الموظفين في دارفور بإذاعتهم ونشرهم المعلومات الخاصَّة بتحسين طرق تربية الخيل التي أدخلها الكبتن أودس بك المفتش البيطري بتلك المديرية سابقًا.

وإن المشتريات الكثيرة بجنوب دارفور تُدخل مبالغ طائلة إلى جيوب أصحاب الخيول، وتساعدهم في تسديد ضرائبهم وقضاء لوازمهم الضرورية، وخصوصًا في الزمن الذي كانت التجارة فيه متأخرة. ومما هو جدير بالذكر أن حكومة إيطاليا قد اشترت كمية من خيول دارفور لحكومة أريتريا في المعرض الماضي.

(٤-٣) دارفور في الصناعة الحديثة

يُخيَّل إليَّ أن سيكون لهذه المديرية القديمة شأنٌ وأي شأن في التَّاريخ الصناعي في هذا القطر: فهي منذ زمان بعيد تتمتع بشهرتها كمديرية مؤهلة للصناعات اليدوية الدقيقة. وها هي قد بدأت في طورها الحديث تساهم مساهمة لا بدَّ أنها ستغدو فعَّالة في الحركة الاقتصادية في البلاد — وستكون دعامة من أقوى دعامات صرحنا الاقتصادي القادم، كما ستكون خير قدوة لغيرها من المديريات في استغلال كلِّ مواردها الخام استغلالًا صناعيًّا ما وجدت إلى ذلك سبيلًا.

والمثال الذي نسوقه لك اليوم ونحدثك عنه في هذا المقال هو صناعة الدبارة التي أصبحت ذات شأن في الأوساط التِّجاريَّة المحليَّة، وهي واحدة من أمثلة عدة لدخول دارفور في الصناعة الحديثة. وأوَّل ما عرفت دبارة دارفور في سنة ١٩٣١ بطريق المصادفة. إذ حصل أن انتبه حضرة عثمان أفندي محمد خير مساعد حكيم شفخانة زالنجي إلى تلك الخيوط الجميلة التي يصنعها بعض مرضاه من الأهلين، فلفت إليها أنظار ولاة الأمور الذين أعطوها ما تستحق من احتفال وعناية. وفي مقدمة هؤلاء جناب المستر ساندسون الذي كان نائبًا لمعتمد زالنجي في ذلك الحين — لقد فكر المستر ساندسون المذكور لاتخاذ أنجع الوسائل التي تكفل استغلال هذه الصناعة استغلالًا يعود على الأهلين بالنفع العميم حتَّى أبرز هذه الصناعة بجهوده الجبارة إلى حيز الوجود — وهو لا يألو جهدًا في تحسينها وإعلاء شأنها حتَّى أصبحت تستعمل في دواوين الحكومة. ولقد جرَّبت استعمالها بعض الشركات.

وفي الجنينة يوجد مصنع للدبارة، وهو مصنع شقيق لمصنع زالنجي، وإن هذين المصنعين يؤذنان بأنهما سوف يحلَّان مكانًا جليلًا في صناعة الدبارة بالسُّودان — وهذه الصناعة تشرف عليها الآن الحكومة. وأصبحت صناعة الجنينة تزاحم صناعة زالنجي، وذلك بفضل الجهود العظيمة التي بذلها المستر ساندسون عندما نقل إليها كمساعد للمعتمد هنالك — ولقد استطاع المستر ساندسون أن يحصل على آلات حديثة لصناعة الدبارة والخيش بالجنينة. وينتظر أن يكون لمصنوعاتها شأن كبير كما تدل التَّجارب على ذلك — كما ينتظر الحصول على نفس الآلات لزالنجي.

ممَّ تُصنع الدُّبارة؟

تصنع الدُّبارة بزالنجي قبيلة الفور من اللحاء الداخلي من ذلك النبات البري المعروف عندهم بالكوكنج «كركديه». ويقوم بهذه الصناعة الرجال، ويستعمل المحصول محليًّا في صناعة الشرك لدجاج الوادي وغيره من صغار الحيوانات التي تُؤكل.

يُجمع هذا اللحاء، ثمَّ يُغلى في محلول من الماء والأملاح النباتية يُسمَّى بالكمبو، ثمَّ يترك لينشف قليلًا، ثمَّ يصنع وهو رطب، ويمكن خزن هذا اللحاء وهو خام لمدة غير محدودة دون أن يطرأ عليه انحلال أو فساد قبل استعماله. ولكن لقد وُجِد أن أحسن النتائج إنَّما هي وليدة استعمال اللحاء وغليه بالكمبو وهو في حالة رطوبته الطبيعية. وليس هناك ضرورة ما تستدعي استعمال هذا اللحاء بعد تلك العملية مباشرة، بل يمكن أن يخزن لمدة شهور حتَّى يجيء أوان العمل ويتوفر هذا اللحاء لجامعيه في شهري أكتوبر ونوفمبر من كلِّ سنة.

وتُصنَع الدبارة بالجنينة من نبات (التنجت) كما يُسمِّيه المساليت والأرنجة، ويسمَّى بالعربي (لوبيا الغزلان)، وهو نبات من فصيلة الفاصولية يزرع في الأراضي الرملية بواسطة (تامة وارنجة). وهم يأكلون الورق والثمر، ويصنعون من لحاء جذوره الدبارة — كما تصنع أيضًا هنالك من نبات آخر يسمونه (نيادو) بالمسلاتي وبالعربي ملوخية الرهد. وهذا النبات ينبت على ضفاف الوديان في زالنجي ودار مساليت، ويكثر في دار مساليت ودار قمر، وتصنع أيضًا من ألياف أخرى مثل السيال وخلافه، وإن هذه الصناعة بزالنجي والجنينة تعتبر العمود الفقري لنمو مرافق الثروة بهما، حيث البلاد تحتاج لهذا الصنف بكثرة حكومةً وشعبًا. فالأمل عظيم أن نرى الدبارة الدارفوراوية قريبًا تزاحم الدبارة الطليانية مزاحمة مهلكة، وذلك من الميسور جدًّا إذا عُمِلت الدعاية الكافية وعُرِض الصنف في المحلات التِّجاريَّة الكبيرة. ولعل بعض تجارنا الوطنيين يفكر في احتكار الصنف ونشره في الوسط التجاري. ا.ﻫ.

إلغاء باقي السبعة ونصف في المائة

انتهزت الحكومة السُّودانية فرصة عيد اليوبيل الفضي لجلالة الملك جورج الخامس في هذا العام، فألغت الثلاثة في المائة التي كانت باقية من استقطاع السبعة ونصف في المائة، والتي دعا لخصمها من مرتبات المستخدمين استحكام الضائقة في السنين السالفة — فانتهزت الحكومة هذه الفرصة وأصدرت منشورًا بذلك.

وعندما أُذيع هذا المنشور قيل بأنَّ في النية صرف نصف ما استقطع من مرتبات المستخدمين وبأنَّ الصرف سيكون لشهر واحد ممَّا خصم.

تقرير بوليس مديرية الخرطوم

نشرت هيئة البوليس لمديرية الخرطوم تقريرها عن سنة ١٩٣٤، وقد قارن التَّقرير بين الجرائم في سنة ١٩٣٣ و٣٤، فكانت في الأولى أقل منها في الثَّانية. ويعلل التَّقرير هذه الزيادة لاستحداث مشاريع كبيرة في الخرطوم وبعض نواحيه كمشروع خزَّان جبل الأولياء وغيره من المنشآت. على أن التَّعليل يبدو غريبًا لأول وهلة؛ إذ المعلوم أن إيجاد المشاريع الكبيرة ممَّا يساعد على تخفيف الجرائم التي كثيرًا ما تدعو إليها البطالة وقلة العمل. وإنشاء مثل هذه المشاريع بطبيعتها داعية للعمل ومخففة لوطأة العوز الذي من أجله تُرتكَب الجرائم. وقد تزول هذه الغرابة إذا نظرنا إلى البطالة وانتشارها في أنحاء البلاد قبل بروز هذه المشاريع. ونظرنا من ناحية أخرى إلى تَعطُّش الناس إلى العمل وتكاثرهم في بقعة محدودة كمنطقة خزَّان جبل الأولياء مثلًا. وقد وفد الناس إليها من كلِّ صوب، وهؤلاء الناس خليط من جميع الأجناس، وفيهم من يحمل طبيعة الإجرام بأنواعه، وفيهم من فشل في الالتحاق بأي عمل.

(٥) بريد السُّودان وأعالي النيل

يقوم البريد للسُّودان من القاهرة عن طريق النِّيل (الشلال وحلفا) مرتين في الأسبوع في يومي الاثنين والخميس.

المراسلات العادية يجب تسليمها قبل الساعة ٦٫٣٠ مساءً.

والموصى عليها يجب تسليمها قبل الساعة ٥٫٣٠ مساءً.

أما الطُّرود فقبل الساعة الثالثة بعد الظهر.

ويقوم قطار بالبريد بين الخرطوم وسنار في أيام الأحد والخميس. ويستمر في سيره إلى كوستي والأبيض.

أما البواخر النيلية فتسير من الخرطوم إلى الجنوب بالكيفية الآتية:
  • (أ)

    مرة واحدة في كلِّ شهر لمشرع الرق (بحر الغزال) عندما يكون نهر الجور مغلقًا أمام الملاحة (من أكتوبر–يونية من كلِّ سنة).

  • (ب)

    مرة واحدة في كلِّ أسبوعين لمشرع الرق وواو عندما يكون نهر الجور صالحًا للملاحة (يولية–سبتمبر) من كلِّ سنة.

  • (جـ)

    مرة واحدة في كلِّ أسبوعين إلى جوبا في الصيف ومرة واحدة كلَّ أسبوع في الشتاء (يناير–مارس) تقريبًا.

  • (د)
    مرة كلَّ شهر إلى جمبيلا طول السنة؛ لأنَّ الطريق غير منتظمة.
    figure
    صاحب السعادة السير ستيوارت سايمز حاكم السُّودان العام.
تعريفة أجور المراسلات المتبادلة في داخلية القطر المصري وللخارج
أنواع المراسلات المراسلات المتبادلة في داخلية القطر المصري وصادرة إلى السُّودان المراسلات الصادرة إلى البُلدان الخارجية الداخلة في أنحاء البريد العام
مراسلات ٥ مليمات عن كلِّ ٣٠ جرامًا أو كسورها ٢٠ مليمًا لغاية ٢٠ جرامًا و١٣ مليمًا عن كلِّ ٢٠ جرامًا أو كسورها زيادة عن الأولى
تذاكر بريد مفردة ٣ مليمات عن كلِّ تذكرة ١٣ مليمًا عن كلِّ تذكرة
تذاكر بريد خالصة الرد ٦ مليمات عن كلِّ تذكرة ٢٦ مليمًا عن كلِّ تذكرة
جرائد ومطبوعات دورية ١ مليم عن كلِّ عدد أو نسخة
المطبوعات غير الدورية. الجرائد والمطبوعات الدورية المنشأة في البلاد الخارجية الجاري تداولها داخل القطر ٢ مليم عن كلِّ ٥٠ جرامًا أو كسرها لغاية ٢٠٠٠ جرام ٤ مليمات عن كلِّ ٥٠ جرامًا أو كسورها لغاية ٢٠٠٠ جرام
أوراق الزيارة ٢ مليم عن كلِّ ٥٠ جرامًا أو كسرها لغاية ٢٠٠٠ جرام ٤ مليمات عن كلِّ ٥٠ جرامًا أو كسورها لغاية ٢٠٠٠ جرام
أوراق الأشغال ٢ مليم (أقل رسم عن أوراق الأشغال مليمان) ٤ مليمات عن كل ٥٠ جرامًا أو كسورها، وأقل رسم يحصل عن أوراق الأشغال هو ٢٠ مليمًا
عينات ٢ مليم عن كلِّ ٥٠ جرامًا أو كسورها لغاية ٥٠٠٠ جرام، وأقل رسم مليمان ٤ مليمات عن كلِّ ٥٠ جرامًا أو كسورها لغاية ٥٠٠ جرام. وأقل رسم هو ٨ مليمات

(٥-١) التلغرافات المرسلة إلى السُّودان

التلغرافات التي تتبادل مع السُّودان على نوعين:
  • الأول: (تلغرافات مستعجلة)، وأجرتها مائة وعشرون مليمًا عن التلغراف المركب من ست كلمات وأقل من ست كلمات، وما زاد على ذلك فباعتبار عشرين مليمًا عن كلِّ كلمة زيادة.
  • الثاني: (تلغرافات عادية)، وأجرتها ستون مليمًا عن التلغراف المركب من ست كلمات أو أقل، وما زاد عن ذلك فباعتبار عشرة مليمات عن كلِّ كلمة زيادة. وينتظر تخفيض هذه الأجرة.
مكاتب تلغراف السُّودان هي الآتي بيان أسمائها بعد، وهي مستعدة لقبول التلغرافات باللغات العربية والأفرنجية:
أبو حمد — سودان الأضية النهود الدويم
أبو زبد الأبيض الجبلين كوستي نيل أبيض الروصيرص
أبو نعامة — سنجه الجنينة الرنك
أتبره الحصيحيصة الرهد
أرصفة بورسودان الخرطوم الزيداب
أرقو — سودان الخرطوم البحري السعاتة الأبيض
أركويت (يفتح في فصل الصيف) الحندق السوكي
أرومه الدامر الفاشر
أكوبو الدبة القضارف
أوونج الدلنج سودان القطينة الدويم
الأبيض الدم جمد النهود الكاملين
الكوه الدويم تومبي بور قلابات
الليري تلدوي جبينت قلع النحل
المسلمية جبل الأولياء كابوتا
الناصر سودان جبل الحلة — النهود كادقلي
النهود جبل دوليب ملكال كاكا — سودان
أم درمان جمبيلا كدوك — ملكال
أم روابه جوبا كرمة النزل
أم كدادة الفاشر حاج عبد الله بركات كريمة
باره — سودان خشم القربة — كسلا كسلا
بربر دلقو كنجور بور أعالي النيل
بريد منقلة بور دار عقيل — سنجه كرمك
بريد منقلة جوبا دنقلة — سودان كوستي — نيل أبيض
بركات رشاد مروى
بور أعالي النيل رفاعة مشروع الرق — واو
بورت سودان رمبيك ملكال
بورت سودان اللاسلكي زالنجي ملوت كاكا
تالي بور سنار موت ديد
تلودي سنجة نيالا
تندلتي سنكات واد بنده النهود
ننجاسي السوق مروى سواكن وادي حلفا
توريت شندي واو
توكر طابية الجنينة ود النايل سنجه
تونجا ملكال عبرى ود مدني

(٥-٢) فيما يتعلَّق بالتلغرافات الخارجية

قانون التلغرافات التي لخارج مصر هو نفس المتبع في داخلية القطر ما عدا الأحوال الآتية:

التعريفةُ

أجرة التلغرافات التي تُرسل إلى البلاد الخارجية تُحصَّل بواقع الكلمة الواحدة البسيطة حسب التَّعاريف الموجودة بمكاتب التلغراف، وتختلف قيمة أجرة الكلمة باختلاف البلاد المرسل إليها، وباختلاف الطرق التي تتبعها التلغرافات.

والتعريفة المذكورة هي عن أجرة الكلمة الواحدة من أي مكتب من مكاتب الوجه البحري. أما التلغرافات التي تصدر من الوجه القبلي فتُضاف ستة مليمات لكل كلمة على القيمة الموضَّحة بالتعريفة إذا كانت البرقية «عادة» وثلاثة مليمات إذا كانت البرقية «مؤجَّلة».

التلغرافات المستعجلة

أجرة التلغرافات الخارجية المستعجلة هي صنف أجرة التلغرافات الخارجية العادية.

لا تقبل تلغرافات بواقع المستعجل إلى بعض ممالك وارد بيانها بدليل التلغراف.

تلغرافات الحكومة لخارج القطر المصري تتحصَّل أجرتها بواقع الأجرة العادية حتَّى لو كتبت عليها كلمة «مستعجل»، ويجب على مكتب التصدير أن يشطب هذه الكلمة عند المحاسبة.

التلغرافات المؤجلة المعنونة لبعض بلاد أجنبية

تقبل التلغرافات المحررة بلغة واضحة المعنى بنصف الأجرة العادية لبعض البلاد الأجنبية عن طريق الإيسترن أو أي طريق آخر من الطرق المبينة بالتعريفة ودليل التلغراف. وهذه التلغرافات يجب أن تكون محررة باللغة الفرنسية، أو الإنكليزيَّة، أو العربية (بحروف لاتينية)، أو الإيطالية، أو بلغة البلد المرسلة إليه أو المتصدرة منه، ويمكن الاستعلام عن الشروط الأخرى لقبول هذه التلغرافات من مكاتب التلغراف.

التلغرافات الجفرية والاصطلاحية

التلغرافات المحررة بلغات سرية (جفرية كانت أو اصطلاحية) تقبل لجميع الممالك الخارجية ما عدا بعض ممالك مبيَّنة بدليل التلغراف، والتلغرافات المحررة بلغات سرية المتصدرة من الحكومة أو الوكلاء السياسيين تقبلها جميع الممالك.

التلغرافات التي تصدر عن طريق حلفا

تقبل مصلحة التلغراف الأخبار التلغرافية التي برسم الجهات الآتية عن طريق حلفا باللغات والتعريفة الموضحة أدناه
عن الكلمة الواحدة
من الوجه البحري (مليم) من الوجه القبلي (مليم)
الأريترة باللغة الأفرنجية فقط طريق حلفا وكسلا ٢٩ ٢٣
الحبشة باللغة الأفرنجية فقط طريق حلفا وكسلا ٣٧ ٣١
السومال الإيطالي أو بنادير باللغة الأفرنجية فقط طريق حلفا وكسلا ٣٥ ٢٩
كزيمابو باللغة الأفرنجية فقط طريق حلفا وكسلا ٣٥ ٢٩
عدن باللغة الأفرنجية فقط طريق حلفا وكسلا ٦٧ ٦١
جيبوتي باللغة الأفرنجية فقط طريق حلفا وبورسودان ولاسلكي عدن ١١٣ ١٠٧
بيريم باللغة الأفرنجية فقط طريق حلفا وكسلا ٦٧ ٦١
الصومال الإنكليزي:
بربره باللغة الأفرنجية فقط طريق حلفا وكسلا ٩١ ٨٥
الحجاز:
الطائف وبحره ومكة باللغة العربية والأفرنجية طريق حلفا وبورسعيد ٧٦ ٧٠
جدة باللغة العربية والأفرنجية طريق حلفا وبورسعيد ٧٠ ٦٤
باقي الجهات الأخرى باللغة العربية والأفرنجية طريق حلفا وبورسعيد ١١١ ١٠٥

(٦) نقل حسابات صندوق التوفير بين القطر المصري والسُّودان

يمكن نقل حسابات صندوق التوفير بين القطر المصري والسُّودان، وكذلك يمكن استرداد المبالغ المودعة في صندوق توفير أحد القطرين من القطر الآخر، كما يجوز الاسترداد بالتلغراف.

ويؤخذ عن كلِّ عملية من هذا النوع رسمٌ قدره خمسة مليمات عن كلِّ جنيهين أو كسورهما.

هوامش

(١) تأجل المعرض من ديسمبر ١٩٣٥ إلى فبراير ١٩٣٦.
(٢) حضر كونتو ميخلوس هذا المؤتمر.
(٣) أرسلت البرقية ووردت منه برقية شكر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤