الفصل التاسع والعشرون

التَّعليم في السُّودان

كان التَّعليم في السُّودان في عهد محمد علي إسلاميًّا دينيًّا، كما كان الحال في مصر، فكان في جميع أنحاء السُّودان «الخلاوي»، وهي المكاتب التي يعلم فيها «الفقهاء والعرفاء١ مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، على أنَّه كان في السُّودان منذ الفتح العربي وقيام المماليك والسلطنات الإسلامية في سنار ودارفور وغيرهما — علماء محترمون مطَّلعون على طائفة من كتب الفقه الإسلامي والحديث والأدب والمذاهب، وكانوا أهل ذكاء، وكانت أكثر كتبهم مأخوذة عن مؤلفات علماء المغرب الأقصى وتونس، إذ كان بين ممالك أفريقية الشمالية والسُّودان صلات تجارية، استتبعت هجرة نفر من العلماء والكُتَّاب، وقد كان للأزهر الشريف شهرة ذائعة في العالم الإسلامي، وطالما ساعد بعض ملوك السُّودان وأعيانهم طلبة العلم في تحصيله بالجامع الأزهر، وفي تكريم نفر من طلبته وعلمائه ممن قذفت بهم الأقدار إلى السُّودان. وكان للصوفية شأن وأيُّ شأن.

وكان علماء السُّودان يعطون الدروس في دورهم، وكان طلبتهم قليلين جدًّا ودراستهم غير منتظمة.

ولما فتح محمد علي السُّودان، ظهرت فيه المدنية، وبدأت بإنشاء المعسكرات ومدينة الخرطوم وبإقامة دور الحكومة، وبتجنيد العبيد، واستلزمت هذه المدنية التي أنشأها المصريون إنشاءً وابتدعوها ابتداعًا في أثناء حكمداري السُّودان. إنشاء المدرسة الابتدائية بالخرطوم، وكان ناظرها رفاعة رافع بك الطهطاوي،٢ فعرف السُّودان المدارس النظامية، وتلقَّى الكثير من أبنائه العلم في مدارس مصر، إلى أن قامت الثَّورة المَهديَّة فجعلت التَّعليم وقفًا على حفظ القرآن الكريم ورواتب المهدي، وأغفلت كتب الفقه وسواها.

ولمَّا استُعيد السُّودان، بدت الحاجة مُلحَّة وقوية إلى إعادة التَّعليم المدني، على أن الحكومة السُّودانية رأت أن يكون التَّعليم مقصورًا على تلبية حاجة السُّودان إلى صغار الموظفين من كتَبَة ومترجمين وصُنَّاع بمصالح السكك الحديدية. مع بقاء «الخلاوي» المنتشرة في جميع أنحاء السُّودان لتعليم مبادئ القراءة والكتابة والحساب.

منذ سنة ١٨٩٩ بدأت الحكومة السُّودانية الجديدة بفتح بضع مدارس أولية وابتدائية. وفي سنة ١٩٠٢ فتحت كلية غوردون في الخرطوم تخليدًا لذكرى غوردون، وكان ذلك تنفيذًا لفكرة اللُّورد كتشنر، وقد أريد منها أن تكون «مدرسة ثانوية متوسطة»، وهي نوع خاص من المدارس، فهي ليست كلية بالمعنى المعروف في نظام الكليات، وهي ليست مدرسة ثانوية إلى الحدِّ الذي نفهمه من الدراسة الثانوية. ثمَّ زادت الحكومة عدد المدارس الأولية والابتدائية في العواصم والمحافظات والمراكز.

ويبلغ عدد الخلاوي «كتاتيب السُّودان» ١٥٠٠، وعدد تلاميذها ٦٠٠٠٠، وهي ليست في مستوى واحد. ومنذ سنة ١٩٣٢ رُئي تزويد معلمي «الخلاوي» بتعليم أرقى، ومدهم بالمساعدات المالية.

وهناك «كتاتيب أميرية» عددها ٨٧، ويتراوح تلاميذها بين ثمانية آلاف وتسعة آلاف. ويدخلها التلميذ إذا كان سنه يتراوح بين سنتين وثمانٍ، ويُعلَّم فيها القرآن ودروس دينية مع القراءة والكتابة والحساب ومبادئ في الجغرافيا والتاريخ والصحة والزراعة والأعمال اليدوية.

ويرى سير هارولد ماكميكل٣ أن تظل الكتاتيب الأميرية أساسًا لنظام التَّعليم في السُّودان، وأنه يجب تطورها بحيث تلبِّي حاجات الحياة في القرى والمراكز بإدخال الدروس الزراعية والصناعات والحرف المحلية، مع رفع مستواها أيضًا لتخريج مستخدمين للإدارة الأهليَّة،٤ وجعل المدارس الابتدائية والمعلمين لتخريج معلمي الكتاتيب، وتُسمَّى أيضًا «المدارس الأولية». وقد جعلت مدة الدراسة في مدرسة المعلمين الأولية أربع سنوات، ويرأسها ناظر إنكليزي.
وقد بلغ عدد المدارس الابتدائية حتَّى سنة ١٩٣٣ عشرة، وتلاميذها ١٠٩٤، وهي منشأة في أكبر مدن السُّودان الشمالي. ويدخلها التلاميذ الذين يتراوح سنهم بين ١٠ و١٣ سنة ممن تخرجوا من الكتاتيب الأميرية. ويُقبل تلاميذها مجانًا أو بأجور منخفضة أو بأجور كاملة على حسب الأحوال. والغرض الأساسي من إنشاء المدارس الابتدائية هو إعداد طلبة للالتحاق بكلية غوردون. ولكن زاد عدد المتخرِّجين على عدد الكلية الجائز التحاقهم بالكلية؛ فاتجهت الفكرة إلى تغيير مناهج التَّعليم في المدارس الابتدائية. لكي يستطيع خريجوها الاستخدام في الوظائف المحلية الصغيرة أو الاحتراف بالتجارة. إلى جانب المهمة الأصلية في إعداد طلبة لكلية غوردون.
figure
صورة شهادة العالمية في المعهد العلمي بأم درمان.

(١) كلية غوردون والمدارس الفنية

مدة الدراسة أربع سنوات: وفي السنتين الأخيرتين يتخصَّص الطلبة في أقسام: قسمٌ للمعلمين. وثانٍ للمترجمين، وثالث للمحاسبين، ورابع للمكتبة، وخامس للطلبة الذين يلتحقون بمدرسة كتشنر الطبية، وسادس قسم خاص للهندسة، وسابع قسم للقضاة، وقسم ثامن للتجارة.

وقد بلغ عدد الطلبة ٥٥٥ في سنة ١٩٣٠، و٤٧٦ في سنة ١٩٣٣، وثلاثة أخماسهم من أبناء مديريتي الخرطوم والنيل الأزرق. ويدفع بعضهم أجورًا كاملة، والبعض الآخر أجورًا مخفضة. ويتعلَّم فريق ثالث مجانًا.

والغرض الأساسي للتعليم بالكلية هو إعداد موظفين للحكومة في الأنواع المختلفة، وقد بقي هذا الغرض منذ إنشائها حتَّى ظهور تقرير ملنر. حيث أوصى بتغيير نظام التَّعليم وجعله لا مركزيًّا في السُّودان،٥ أي بإنشاء مدارس فنية في كلِّ مديرية بحسب حاجتها. فتوجد مدرسة صناعية من سنة ١٩٠٧ في أم درمان، وقد أدمجت في سنة ١٩٢٢ في الورش الصِّناعيَّة لكلية غوردون، وفي سنة ١٩٣٣ كان عدد طلبتها ٢٠٦ تخرجوا من الكتاتيب الأميرية ثمَّ تعلموا في قسم الورش النجارة وصنع الطوب والبناء. ومدة الدراسة أربع سنوات، والغرض منها تلبية حاجة المدن والقرى من هذه الحرف. أما الورش التَّعليميَّة في عطبرة فقد أنشئت في سنة ١٩٢٤ على أثر إغلاق القسم الميكانيكي لورش كلية غوردون. ويتلقى التلاميذ في عطبرة البرادة والحدادة ليشتغلوا في الورش الهندسية الميكانيكية لمصلحة سكك حديد السُّودان التي تُشرف على المدرسة الصِّناعيَّة بعطبرة. وقد بلغ عدد تلاميذها ٧١ في سنة ١٩٣٣، وهم يتعلمون مجانًا.
أما تاريخ فتح كلية غوردون، فذلك أنَّه بعد استعادة السُّودان وعودة اللُّورد كتشنر أوف خرطوم إلى لندن دعا سعادته مواطنيه للاكتتاب لإنشاء كلية غوردون بالخرطوم. فبلغ الاكتتاب في إنكلترا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا ورأس الرجا الصالح والهند ومصر ١٢٤ ألف جنيه تقريبًا. ووضع الحجر الأساسي للكلية في ٥ يناير سنة ١٨٩٩ بحفلة رسمية برياسة كتشنر باشا.
figure
طالب خريج من كلية غوردون وبمدرسة كتشنر الطبية.

(٢) مدرسة حقوق الخرطوم المؤسسة سنة ١٩٣٥

أُسِّست هذه المدرسة في هذا العام — ١٩٣٥ — وهذه لائحتها:

لائحة (امتحان ومصاريف) مدرسة الحقوق سنة ١٩٣٥

«تشريع نمرة ١٧ سنة ١٩٣٥»

عملًا بالسلطات المخولة للجنة الدراسات القضائية بالمادة ٤ (٢) من أمر مدرسة حقوق الخرطوم سنة ١٩٣٥ قد وضعت اللائحة الآتية:

(١) تُسمَّى هذه اللائحة (امتحان ومصاريف) مدرسة الحقوق سنة ١٩٣٥، ويعمل بها على الفور.

(٢) تعقد لجنة الدراسات القضائية الامتحانات الآتية:
  • (أ)

    امتحان الدخول للحقوق.

  • (ب)

    الامتحان الوسط في القانون.

  • (جـ)

    الامتحان النهائي في القانون.

  • (د)

    الامتحان الإضافي.

(٣) يكون امتحان الدخول للحقوق بكيفية تظهر مقدرة الطلبة في اللغتين الإنكليزيَّة والعربية كتابةً وحديثًا، وفي المعلومات العمومية، ويعقد هذا الامتحان في شهر نوفمبر من كلِّ سنة كالمطلوب.

(٤-١) يعمل الامتحان الوسط على قسمين: القسم الأول يشتمل على امتحان كتابي وشفهي في الفقه المدني وقانون العقود، ويعقد هذا في شهر إبريل من كلِّ سنة، والقسم الثَّاني يشتمل على امتحان كتابي وشفهي في قانون الأخطاء (المسئولية المدنية)، والقانون الجنائي، ويعقد في شهر ديسمبر من كلِّ سنة.

(٤-٢) الطلبة الذين يلحقون في شهر نوفمبر من أية سنة يمتحنون في قسمي الامتحانات الوسطى في شهر إبريل وديسمبر على التوالي من السنة التَّالية، على أنه يجوز للجنة الدراسات القضائية بسبب مرض الطالب أو بسبب قهري أن تؤجل امتحانه في أحد القسمين أو فيهما معًا إلى سنة أخرى.

(٥-١) يعقد الامتحان النهائي في القانون في شهر ديسمبر من كلِّ سنة عند الطلب، ويشتمل على امتحان كتابي وشفهي في المواضع الآتية:
  • (أ)

    مواضع الامتحانات الوسطى.

  • (ب)

    قانون الأثبات.

  • (جـ)

    قانون التحقيق المدني والجنائي.

  • (د)

    قانون الأراضي.

  • (هـ)

    القانون التجاري.

(٥-٢) الطلبة الذين يلحقون في نوفمبر من أية سنة يمتحنون الامتحان النهائي في شهر ديسمبر من السنة التي تتلو السنة التَّالية لسنة دخولهم، على أنه يجوز للجنة بسبب مرض الطالب أو لسبب قهري أن تؤجل امتحانه النهائي لسنة أخرى.

(٦-١) يعقد الامتحان الإضافي في شهر إبريل من كلِّ سنة، ويشتمل هذا الامتحان على امتحان كتابي وشفهي بالعربي في قانون ونظام المحاكم الشرعية السُّودانية.

(٦-٢) لكل شخص اجتاز الامتحان النهائي أن يجلس في أي وقت للامتحان الإضافي.

(٧-١) لا يسمح لأي طالب أن يمتحن في أي قسم من قسمي الامتحان الوسط أو الامتحان النهائي أكثر من مرة واحدة.

(٧-٢) كلُّ طالب لا يؤدي أي قسم من قسمي الامتحان الوسط أو الامتحان النهائي في المدة المحدودة بهذه اللائحة يفصل من مدرسة الحقوق.
figure
طالب ثانوي سوداني من طلبة كلية غوردون وهم يلبسون الجلاليب البيضاء والعمائم.
(٨) يدفع الطلبة الرسوم المبيَّنة في الخانة الثَّانية من الجدول الآتي بالنسبة إلى المسائل المبيَّنة في الخانة الأولى من الجدول المذكور، ويُستثنَى من ذلك الموظف في حكومة السُّودان المنتدب للالتحاق بمدرسة الحقوق؛ فإنَّه لا يلحق كطالب ولا يدفع مصاريف.
الجدول
الخانة الأولى الخانة الثَّانية (جنيه)
الانضمام ١٠
الامتحان الوسط ١ عن كلِّ قسم
الامتحان النهائي ٢
الامتحان الإضافي ٢

(٢-١) أمر مدرسة حقوق الخرطوم سنة ١٩٣٥

أمر بتعيين لجنة الدراسات القضائية
(إعلان قانوني نمرة ٦٠ سنة ١٩٣٥)

عملًا بالسلطات المخوَّلة بالمادة ٣ (٢) من أمر مدرسة حقوق الخرطوم سنة ١٩٣٥ قد عيّن سعادة السكرتير القضائي بهذا جناب المستر س. س. ج. كمنجز ليكون مدير الدراسات القضائية والمذكورين بعد أعضاء لجنة الدراسات القضائية ابتداءً من اليوم الأول من شهر يونية سنة ١٩٣٥:
  • جناب المستر ا. ج. ت. فلمنج ساندس نائب قاضي المحكمة العليا.

  • صاحب الفضيلة الشيخ أحمد السيد الفيل مفتي السُّودان ونائب قاضي القضاة.

  • جناب المستر ا. ج. كلاكستون المحامي (بارستر).

مذكرة إيضاحية

أمر مدرسة حقوق الخرطوم سنة ١٩٣٥

إنَّ الغرض من هذا التَّشريع هو فتح سبيل لعمل لم يكن مفتوحًا قبل عمليًّا للمتعلمين من أبناء السُّودان.

هناك حاجة محدودة لمحامين خبيرين بإجراءات المحاكم ومادة القانون. وبإنشاء هذه المدرسة ستكون فرصة للوطنيين السُّودانيين لسد هذه الحاجة.

إنَّ مقدار ومجال العمل الذي تسمح به محاكم السُّودان للمحترفين بالأعمال القضائية لمحدود جدًّا بحكم الضرورة. بينما قد يكون عدد الطامحين للاشتغال بها كبيرًا جدًّا؛ لذا فإنَّ مستوى امتحان الدخول لمدرسة الحقوق سيكون عاليًا. على أنَّ الناجحين فيه الذين يبرهنون بعد على ضعفهم أو عدم لياقتهم سوف يخرجون من المدرسة بلا تردُّد.

يُسند أمر إدارة المدرسة إلى لجنة يرأسها مدير الدراسات القضائية.

لأيِّ شخص يسكن السُّودان عادة أن يتقدم للسكرتير القضائي لترشيحه كطالب لمدرسة الحقوق، وللسكرتير القضائي أن يقبل الطلب أو يرفضه بالنسبة لأخلاق الطالب وعدد المحامين العاملين وعدد الطلبة المرشحين، وقراره في ذلك يكون بمحض اختياره ونهائيًّا لا يُستأنف.

مدَّة الدراسة سنتان وربع تقريبًا يعقد في خلالها ثلاثة امتحانات — امتحان دخول وامتحان وسط وامتحان نهائي. وبعد تأدية الامتحان النِّهائي يجوز عمل امتحان إضافي في القضاء الشرعي. لا يسمح لأي طالب بالامتحان في أي قسم من أقسام الامتحانين الوسط أو النهائي أكثر من مرة واحدة. كما أن عدم اجتيازها في المدة المقررة يوجب فصل الطالب من مدرسة الحقوق.

سيوضع نظام للدراسة تحت الملاحظة، ويعمل به داخل حجرة مطالعة ومكتبة في بناء المصلحة القضائية. وستُلقى محاضرات مخصوصة من وقت إلى آخر. وقبيل انتهاء الدراسة يحضر الطلبة جلسات المحاكم للاسترشاد.

تمنح لجنة الدراسات القضائية شهادات (دبلومات) للطلبة الملحقين الذين يمضون الامتحان النهائي.

مع مراعاة نصوص قانون المحاماة الذي سيصدر قريبًا، تخوِّل هذه الشهادة لحاملها المرافعة أمام المحاكم المدنية والجنائية المصرح للمحامي بالمرافعة أمامها قانونًا في السُّودان.

يسمح لحاملي الشهادة الذين يمضون الامتحان الإضافي بالمرافعة أمام المحاكم الشرعية.

الرسوم الواجب دفعها عند الالتحاق ١٠ جنيهات مصرية و٢ جنيه بالنسبة لكل من الامتحانات اللاحقة.

يُعقد أول امتحان دخول في نوفمبر سنة ١٩٣٥.

ويراد استعمال هذه المدرسة أيضًا كمحل لتدريب نخبة من موظفي الحكومة الذين برهنوا على أهليتهم لإعداد قضاة وطنيين مدرَّبين، ويكون انتخابهم بواسطة السكرتير القضائي.

(٢-٢) بيان رسمي عن مدرسة حقوق الخرطوم

أذيع البيان الرَّسمي التَّالي:
إنَّ الاهتمام الذي أُبدِيَ لإعلان فتح مدرسة حقوق الخرطوم كان داعية لسرورنا، وإنَّا لنأمل أن تظل المدرسة موضع العناية الخالصة والانتقاد المثمر. وإجابة على ما يتساءلون عنه نقدم الإيضاحات الآتية:
  • (١)

    إنَّ السنتين والربع ليستا بالمدة القصيرة إذا لوحظ أن الطلبة ستقتصر دروسهم أثناءها على دراسة القانون فقط. على أننا وإن كنا نعلم بأن مستوى الدروس سيكون عاليًا — ولكنا رغم ذلك نثق أن الطلبة الأكفاء لن يقتصر تحصيلهم بفضل المثابرة والاجتهاد على معرفة فرع القانون المعمول به في السُّودان فحسب، بل إنهم سيتأسَّسون في فهم المبادئ القانونية تأسيسًا يُعينهم إعانة موثوقًا بها على المضي في تفهُّم كلِّ فرع من فروع القوانين الأخرى.

  • (٢)

    يقدم طالبو الجلوس في امتحان الدخول طلباتهم إلى سعادة السكرتير القضائي قبل أول يوم من شهر سبتمبر موضحًا بها العمر والجنسية والتعليم. ويحتمل أن يستعرض مقدمو الطلبات ويسألوا عن كلّ ما تبدو له أهمية. وعلى طالبي الالتحاق من موظفي الحكومة أن يوضحوا جليًّا عمَّا إذا كانوا يودون الالتحاق للإعداد للمحاماة أو ليكونوا موظفين ملحقين للتأهل للوظائف القضائية، وسيستولي الموظفون الملحقون للتأهل للوظائف القضائية على مرتباتهم الاعتيادية مدة الدراسة، ولكن الموظفين الذين يودون التَّأهل للمحاماة عليهم أن يستقيلوا من وظائفهم متعرضين بذلك لعدم استخدامهم مرة أخرى إذا ما فشلوا. على أن ذلك لن يثبِّط من همم ذوي الإقدام والجرأة الذين يعلمون أن كلَّ ما ينتج عن ذلك من مجازفة أو إنكار للذات يهون أمام الفرصة التي ستتيح لهم الانضواء في سلك تلك المهنة الهامة الشريفة الحرة.

  • (٣)

    على كلِّ الطلبة أن يقوموا بإعداد مساكن لهم محليًّا مدة الدراسة، على أنه ستُعدُّ غرفة للدراسة وأخرى للمكتبة في بناء المصلحة القضائية. وعلى الطلبة الذين يدرسون للمحاماة أن يدفعوا المصاريف المبيَّنة باللائحة، والتي تشمل رسوم الدروس وحق استعمال المكتبة. ومن المرجح أن طلبة المدرسة بقسميها سيلزمهم شراء بعض الكتب من مواردهم الخاصة. ولن تتعدى قيمة تلك الكتب خمسة جنيهات سنويًّا.

أحمد السيد الفيل — س. س. ج. كمنجز
الخرطوم في ٣٠ يولية سنة ١٩٣٥.

(٢-٣) رأي مجلة الفجر

وجاء في مجلة الفجر ما يلي:

علَّقنا في العدد الحادي والعشرين من هذه المجلة على الإشاعة التي كانت تدور حول فتح قسم في المصلحة القضائية لتدريب وتعليم بعض العمال القضائيين ليكونوا قضاة جزئيين، وتمنينا على الحكومة أن تجعل منها نواة حسنة لمدرسة حقوق، ثمَّ كتبنا في افتتاحية العدد الثَّاني والعشرين عن التَّعليم وقلنا: إنَّ مدرسة للحقوق أصبح وجودها مهمًّا لمستقبل هذه البلاد، وما كاد العدد تتلقفه الأيدي إلَّا واطلعنا على ملحق التَّشريع لغازيتة الحكومة السُّودانية نمرة ٦١٤ بتاريخ ١٥ يونية سنة ١٩٣٥، وفيه مذكرة إيضاحية بأمر مدرسة حقوق الخرطوم سنة ١٩٣٥، وبعد قراءة الأمر ومراجعته مراجعة دقيقة خرجنا بهذه الفكرة التي نثبتها فيما يلي، ونلفت إليها نظر أصحاب الشأن:

أن دراسة الحقوق بلا شك تستوجب معرفة حسنة للغة الإنكليزيَّة التي سيُدرس بها القانون؛ ولهذا لن يتقدم لهذه المدرسة وينجح فيها إلَّا الخريجون الذين اشتغلوا في الوظائف الحكومية زمنًا ليس بالقصير، واستفادوا من تجاربهم واطلاعهم الشخصي، ووسَّعوا دائرة معلوماتهم. وهؤلاء لن يكون في وسعهم أن يتركوا وظائفهم ليلتحقوا بهذه المدرسة والمستقبل غير مضمون. أمَّا الطالب الذي يتخرج من الكلية فلا يمكنه الالتحاق بهذه المدرسة لأول وهلة، وإذا التحق بها فلن ينجح نجاحًا يبشِّر باستمرار المدرسة. وأمَّا عن الذين تنتدبهم الحكومة ليدرسوا ويكونوا قضاة جزئيين أو جنائيين فهؤلاء — كما تدل الاتجاهات — سيكونون من العمال القضائيين، وهم لا تسمح لهم معرفتهم باللغة الإنكليزيَّة أن ينجحوا في هذه الدروس. وعندنا أن خير حل لذلك أن تختار الحكومة خيرة موظفيها من الشبان العارفين باللغة الإنكليزيَّة، والذين لهم ميل لدراسة القانون فتبتدئ بهم المدرسة وتُخرِّج بعضهم كمحامين ينفصلون عن خدمة الحكومة بعد انتهاء عهد الدراسة، والبعض الآخر كقضاة جزئيين أو جنائيين، وبعد دفعة أو دفعتين ترجع إلى هذا النِّظام الذي سنته في قانونها الحالي، حيث يكون الناس قد استعدت أذهانهم والشباب قد بدأ يعد نفسه لدخول مثل هذه المدرسة، والكلية قد حسَّنت برامجها وتخرَّج فيها شباب صالح. ا.ﻫ.

(٣) فكرة إنشاء جامعة سودانيَّة

والمقول: إنَّ إنشاء مدرسة كتشنر الطبية ومدرسة حقوق الخرطوم هو توطئة لإنشاء جامعة سودانية، تُضَمُّ إليها المدرستان، وتُرفع درجة بعض أقسام كلية غوردون — كالهندسة والزراعة — لتكون كليات عالية في الجامعة المنشودة.

(٤) المدرسة الحربية

كان بالسُّودان مدرسة حربية في الخرطوم ألغيت سنة ١٩٢٤. وفي هذا العام انتخب للمدرسة الحربية المتنقلة تسعة من خريجي كلية غوردون الذين قدموا للالتحاق بهذه المدرسة بعد أن اجتازوا امتحان الدخول، وهم حضرات الأفندية: محمد طلعت أفندي، فريد حسن أفندي، بشير نصر عمر أفندي، إبراهيم العوض عمر أفندي، محمد إبراهيم محمد أفندي، نمر نصر أحمد، عبد الله حامد أحمد أفندي، عبد الوهاب خير الله أحمد أفندي، أبو بكر أحمد رضا أفندي فريد.

وقد التحقوا بقسم الحملة ابتداءً من ١٦ يونية سنة ١٩٣٥، وفيما بعد يوزعون على وحدات قوة دفاع السُّودان الأخرى للدرس والتمرين، ثمَّ يعينون ضباطًا في قوة دفاع السُّودان. وهي ليست مدرسة، ولكنَّه نوع من التَّعليم الحربي الوقتي الذي لم يوضع له نظام بعد.

(٥) تعليم البنات

أمَّا تعليم البنات فهو في بدايته. ويبلغ عدد المدارس الأولية للبنات ٢٢ مدرسة في المدن الكبيرة على النيل. ويبلغ عدد تلميذاتها ٢٠٥٩، وهن يتعلمن القراءة والكتابة والحساب وحفظ القرآن والدروس الدينية، وقد جعل التَّعليم عمليًّا يبعث على الاعتماد على النفس ومعرفة التدبير المنزلي. والتعليم لهن مجانًا، وقد أُنشئت كلية للمعلمات في أم درمان، وبلغ عدد تلميذاتها ٥٧، وأكثر خريجاتها قد تزوجن، وقد أنشأ فضيلة الشيخ بابكر بدري — المفتش بمعارف السُّودان سابقًا — مدرسة الأحفاد بأم درمان. وهي أول مدرسة للبنات.

وكلما انتشر تعليم الذكور في بلد، بدت الرغبة ملحَّة في تعليم البنات والحاجة إلى مدارس أخرى.

وقد أنشئت في الماضي مدرسة لنواب المآمير ولضباط البوليس وللبوستة والتلغراف، وأقسام للصيدلة، وللمساعدين بالمعامل، وللمفتشين الصحيين، وأقسام صيفية للمسَّاحين والعدادين، ودروس للصبية في جراجات الحكومة وورشها.

(٦) بعثات علمية

وقد رأت مصلحة المعارف انتخاب بعض خريجي كلية غوردون وإرسالهم في بعثة إلى الجامعة الأمريكية ببيروت للحصول على دبلومتها بعد دراسة مدتها ثلاث سنوات أو أربع. وتعلم الشاب السُّوداني الغيور الأستاذ الدرديري أحمد إسماعيل في الجامعة المصريَّة وفي جامعة ليدز بإنكلترا، ونال شهادتها في القانون، وعاد في شهر أغسطس سنة ١٩٣٥، وأقيمت له حفلة تكريم بالنادي السُّوداني بميدان سليمان باشا رقم ٣.

(٧) في جنوب السُّودان

وفي جنوبي السُّودان، حيث يسكن الزنوج — وهم لا دين لهم — رغبت الحكومة السُّودانية في إنشاء مدارس لتعليمهم.

ولقد بدأت الإرساليات التبشيرية المسيحية بتعليمهم. وفي سنة ١٩٢٢ عينت الحكومة لها إعانات سنوية صغيرة لمساعدتها. وفي سنة ١٩٢٦ زادت مبالغ هذه الإعانات لمساعدة الإرساليات على توسيع التَّعليم وفي مهمتها الصحية. وقد رأت الحكومة أن تشرف على تعليم الإرساليات، وأن تتحقق من أنه يخدم الأغراض السياسية والإدارية التي تطلبها.٦
وقد كان تعدد اللغات واللهجات وعدم ضبطها وعدم سابق وجود قواعد لها مشكلة المشاكل في سبيل تعليم أبناء جنوبي السُّودان؛٧ ولذلك عقد مؤتمر لغوي في «الرجاف» في إبريل سنة ١٩٢٨ تحت رعاية سكرتارية المعارف والصحة، وقد حضر المؤتمر ممثلون عن حكومات السُّودان وأوغندة والكونغو البلجيكية والجمعيات التبشيرية في هذه الأقطار. وقد كانت مهمة المؤتمر علاج مشكلة تعدد اللغات، وقد انتهى المؤتمر إلى اختيار مجموعة من اللغات الرئيسية، وتهذيبها وضبط تهجئتها وإملائها وتوحيدها، ووضع كتب بمتونها وأجروميتها. وقد عقدت مؤتمرات أخرى غير رسمية لتحقيق هذا الغرض والتقدم فيه بعد مؤتمر سنة ١٩٢٨.

وقد بلغ عدد الذين تلقَّوا التَّعليم العصري في الخرطوم وأم درمان وبعض المدن الرئيسية ١٢٠٠٠، منهم ١٣٠٠ من كلية غوردون، و٢٥٠٠ من المدارس الابتدائية، وعدد يتراوح بين ٤٠٠ و٥٠٠ من ضباط حاليين وسابقين، وعدد يتراوح بين ٧٠٠٠ و٨٠٠٠ تاجر.

وقد جعلت اللغة الإنكليزيَّة أساسية وسائدة في كلية غوردون وفي المكاتبات الرَّسمية.

كلية المعلمين الأولية مركزها الآن في «كلية بخت الرضا» تابعة لمركز الدويم بمديرية النِّيل الأبيض.

(٨) المعهد العلمي بأم درمان

إلى سنة ١٩١٢ كان المرحوم العلامة أبو القاسم أحمد هاشم قاضيًا شرعيًّا لمديرية النِّيل الأزرق. وفي يناير سنة ١٩١٢ عُيِّن «شيخًا للعلماء» خلفًا للمرحوم الشيخ محمد البدوي الذي كان في عهده تدريس العلوم الدينية في منازل العلماء وعددهم عشرة.

رأى فضيلة الشيخ أبو القاسم أن يكون التدريس في معهد أم درمان، الذي كان مكانه عندئذ في الفضاء الواقع بين جامع أم درمان الحالي وبين مكاتب إدارة المعهد، وكان محل الجامع الحالي دكاكين. فطلب فضيلته من الحكومة أن تعطي أصحاب الدكاكين تعويضًا، وأن توقف الأرض لبناء الجامع، وأن يستعمل بناء الجامع القديم فناءً للمعهد ومكاتب.

وافقت الحكومة على رأي فضيلته، وفتح اكتتاب من أهالي السُّودان، وجمع نحو ١٦ ألف جنيه، وعاونت الحكومة في بناء الجامع بتخصيص جزء من عوائد الأسواق لبنائه. وسمِّي «المعهد العلمي بأم درمان»، وبدئ التدريس بالسنة الأولى طبقًا لبرنامج الجامع الأزهر، وتلقى فضيلته لوائح الأزهر من صاحبي الفضيلة الشيخ محمد شاكر وكيل الأزهر عندئذ وقاضي قضاة السُّودان سابقًا، والشيخ محمد هارون وكيل مشيخة الإسكندرية وقاضي قضاة السُّودان، وساعده فضيلة مفتي السُّودان يومئذ شقيقه الشيخ الطيب أحمد هاشم مفتي السُّودان، وهو أول مفتٍ في السُّودان سابقًا، وقبس منها لائحة للمعهد العلمي، وعرضاها على فضيلة الشيخ محمد مصطفى المراغي قاضي قضاة السُّودان فوافق على إصدارها، وصدَّقت عليها الحكومة في سنة ١٩١٣.

وفي سنة ١٩٢٠ عُقد أول امتحان للشهادة الأهليَّة لمن أتموا السنة الرابعة الثانوية، وفي سنة ١٩٢٤ عقد أول امتحان لشهادة العالمية فنجح ثلاثة طلاب من تسعة، عين اثنان في وظيفة «عامل قضائي» التي تعادل في مصر وظيفة «موظف قضائي»، والثالث عين مدرسًا بالمعهد، ويبلغ عدد حاملي شهادة العالمية من خريجيه ٤٩ عالمًا.

في سنة ١٩٣٢ أحيل فضيلة الشيخ أبو القاسم إلى المعاش، وعيِّن فضيلة الشيخ أحمد محمد أبو دقن المفتش بالمحاكم الشرعية شيخًا لعلماء السُّودان ورئيسًا للمعهد.

وأذاع فضيلة الشيخ أبو القاسم سنة ١٩١٣ نداءً للتبرع لإنشاء مكتبة للمعهد العلمي، فلبى سمو الأمير محمد علي النداء وألَّف لجنة اشترت أكثر من ألفي مجلد في جميع العلوم الدينية والعربية وغيرها وأرسلتها إلى فضيلته، وكانت النواة الأولى للمكتبة.

وفي سنة ١٩٢٢ زار فضيلته الأزهر الشريف؛ فاطلع على نظام التدريس في إدارته ونظام الامتحان، وعدَّل اللائحة على مقتضى النِّظام الجديد، وزار دار الكتب المصرية. ومنذ ذلك توالي الدار إرسال هدايا من الكتب الجديدة المطبوعة في مطبعتها.

وستنشأ قريبًا دار يستخدم ريعها في مساعدة فقراء الطلبة. وقد تبرعت لجنة سمو الأمير عمر طوسون بألف جنيه في إقامة البناء.

ويدفع سموه ثلاثين جنيهًا سنويًّا إلى المعهد منذ سنة ١٩٢٩.

ويجلس الطلبة القرفصاء عند التدريس، وليس للمعهد أروقة ولا بيوت للطلبة، ويسكن طلبة أم درمان في منازل ذويهم، ويسكن الطلبة الغرباء، وهم فقراء عادة في منازل كبار العلماء والتجار والأعيان الذين خصصوا في منازلهم أماكن خاصة للضيافة.

وطلبة المعهد أكثرهم من سُكَّان أم درمان، ثمَّ من النِّيل الأبيض، ودنقلا، والنيل الأزرق، وكردفان، ومن مصوع وإريترية ونيجيريا والحبشة وسائر مديريات السُّودان.

(٩) أشهر العلماء قديمًا وحديثًا

هم أصحاب الفضيلة الشيوخ:

القاضي السلاوي عالم أزهري تولى القضاء في الفتح الأول،٨ ومحمد الجد شيخ المهدي وعالم جليل، وحسيب الأزهري عالم جليل تخرج على يده كثير، والأمين محمد الضرير مميز العلماء سابقًا وعالم جليل اشتهر بالتقوى، وإبراهيم عبد الدافع عالم شهير وله استغاثة مشهورة، وولد يفادي عالم أفاد كثير وتخرج على يده علماء قديمًا، وأحمد ولد عيسى حضر على الشيخ الدردير الشهير بمصر وأفاد كثيرًا، وإبراهيم أحمد ولد عيسى ابن المذكور قبله، وولد عدلان صاحب كتاب زبد العقائد، وإسماعيل الولي الكردفاني مؤسِّس الطريقة الإسماعيلية بالسودان، وسيد أحمد الأزهري أول سوداني درس بالأزهر الشريف، وهو ابن الشيخ إسماعيل الولي الكردفاني، والسيد البكري الولي إسماعيل والسيد الباقر الولي إسماعيل ولدا الشيخ إسماعيل مؤسِّس الطريقة الإسماعيلية، ومحمد عربي أحمد، وبشير النعمة عالم أزهري جليل، وأول من حضر على السيد جمال الدين الأفغاني، ومعه علي محمد البوشي الأزهري الحناوي، والشيخ الأستاذ الإمام محمد عبده، وعلي محمد البوشي الأزهري عالم جليل حضر على السيد جمال الدين الأفغاني مع صاحبيه المذكورين، وانفصل عنه لأنَّ الشيخ عليش كان ولي أمره، وطلب إليه التَّخصص في علوم الشريعة، فكان فذًّا في علم الميراث والحساب والأصول بالسودان، وحسين الزهراء عالم أزهري، وقد اشتهر أمره في المهدية، والقاضي أحمد الأزرق عالم اشتهر أمره في المهدية، ومكي أبو حراز عالم اشتهر أمره في المهدية، والدرديري الدولابي، وإبراهيم شريف عالم وشاعر اشتهر بكردفان، وحسن دوليب، ومحمد عبد الماجد، والصاوي عبد الماجد، وأحمد وديدي، وأحمد عبد العاطي درس مع الشرنوبي بمصر، وعمر الأزهري عالم أزهري جليل، ومحمد البدوي عالم جليل وشيخ علماء السُّودان في أول هذه الحكومة، ومضوي الأزهري عالم جليل، والنذير خالد عالم جليل انتفع به العلماء بالمعهد العلمي، وكان أظهرهم في جامع أم درمان حتَّى توفاه الله، وأبو القاسم أحمد هاشم شيخ العلماء بالسُّودان، وقد كان مقربًا لدى الخليفة عبد الله بالمهدية، ثمَّ تولى القضاء في السُّودان في هذه الحكومة، ثمَّ اختير لوظيفة شيخ المعهد العلمي بأم درمان، والحاج أحمد المجذوب وحامد محمد أحمد، ودفع الله أحمد، والطيب أحمد هاشم مفتي السُّودان سابقًا، وكان مقربًا عند الخليفة عبد الله زمن المهدية، ومحمد البناء مفتش بالمحاكم الشرعية سابقًا، ومحمد الأمين الضرير عالم ورع كان مدرسًا بالمعهد بأم درمان، والظاهر المجذوب بالمعهد، ومحمد الجزولي بالمعهد، والعاقب الأزهري كان مدرسًا بالمعهد، والسيد محمد السيد الباقر الولي إسماعيل أحد كبار العلماء بالمعهد العلمي، وإبراهيم الإمام أحد كبار العلماء بالمعهد العلمي، وإبراهيم الإمام، وإبراهيم أبو النور، وعوض الكريم، والزين تناد، ومحيي الدين عيسى دوليب، وعثمان العمرابي، ومحمد الصالحي عنان، وموسى محمد الجزولي، وصالح علي، وعلي بخيت، ومجذوب مدثر بالمعهد بأم درمان، والحسن الأمين إمام جامع الخرطوم سابقًا، وأحمد سوركن رئيس مدارس الإرشاد بجاوة ومؤسسها ورئيس جمعية المسلمين، وأحمد العاقب ناظر مدرسة أم درمان الابتدائية الأهليَّة، وأحمد محمد أبو دقن شيخ العلماء بالسُّودان اليوم، ومفتش بالمحاكم الشرعية سابقًا، والحلي المريومابي، وعبد الرحيم العمرابي ناظر مدرسة ابتدائية بالمعارف سابقًا، والأمين أبو قرين، وإبراهيم يعقوب، وآدم علي مدرس بجامع ود مدني، ومحمد الطيب قمر الدين مدرس بكوستي، وعبد الرحمن دفع الله، وعمر الأمين مدرس بكوستي، وعلي الصالحي بالأبيض، وهاشم خوجلي بمكوار سنار، وعثمان محمد الخير قاضٍ شرعي سابقًا، وأبو زيد محمد الأمين بعطبرا، وعلي محمد، ومصطفى البكري.

(١٠) الثَّقافة في السُّودان

إذا جاز لنا أن نقول إن الإسلام دين يحمل رسالة العلم إلى الوجود ويجعل من العلوم والمعارف أداة يتوصل بها إلى توحيد الله تعالى وتمجيده والإحساس بما يحيط بالإنسان من الخلق — الذي هو دليل الصانع — إحساسًا يمتزج بالعواطف والمشاعر، ويسمو بالروح إلى مداركها العليا وعنصرها الذي تصبو إليه — جاز لنا أن نقول: إن الأمة التي تدين بهذا الدين لا بدَّ لها من آداب تتفرع عن توحيده وتشريعه، واكتناه أسراره، وفهم مصطلحاته، ونشر تعاليمه، وضبط معاملاته، وتعرف روحانيته السامية: فهو دين ناهض بذاته لا يتصور الخمول في جانبه إلَّا إذا كان عارضًا أو معارضًا. وإذا علمنا تلك اللغة المجيدة أعني لغة القرآن المعجز قد وسعت جميع ما تضمنه هذا الدين الحنيف الخالد، وترجمت جميع ما أوحاه العقل البشري إلى الأمم البائدة والمعاصرة لها ممَّا ضاقت عنه بعض لغاتها، فأملته درسًا واحدًا على الوجود، كان بمثابة النواة لمدنيتنا الحاضرة، وكان حلقة الاتِّصال بين الماضي والمستقبل كما يشهد بذلك التَّاريخ الذي لا يكذب. أقول: إذا علمنا ذلك تضاعف يقيننا بأن الأمة العربية المسلمة أينما وجدت وحيثما ارتحلت لا يمكن أن تتسفَّل أو تنحدر إلى مستوى الهمجية المرذولة، ولا يمكن أن تكون بغير آداب محترمة؛ ففي قانون الشرع وقاموس الكتاب الذي لا يأتيه الباطل أعظم ذخيرة لآدابها ومعارفها.

وإذا علمنا إلى جنب ذلك أيضًا أنَّ الإسلام بطبيعته المذكورة وحيويته المدهشة قد عهدت فيه القدرة التامة على نسخ كافة ما يعترضه واكتساحه وتحويل الجنسيات المتباينة إلى جنس واحد واللغات إلى لغة واحدة، لا سيما إذا كان وافدًا على البلاد التي يدخلها بأشخاصه العاربة أو المستعربة، سهل علينا أن نتصوَّر ذلك الفتح العظيم الذي جعل من السُّودان وطنًا له حين انحدرت سيوله بعد تكاثفها وتدافعها من أسافل النِّيل إلى أعاليه. هنالك يجد التَّاريخ والمؤرخ مجالًا فسيحًا لأنْ يقول كلمته في أن القبائل الضاربة في مصر هي أصول القبائل التي احتلت السُّودان حتَّى بلغت قبيل الثَّورة المَهديَّة نحو ١٢ مليون نفس، فنزلت في سهوله ووهاده وهضابه وشعابه حتَّى طغت على عناصره الأولى، فلم يبق منها إلَّا الأثر بعد العين، اللهم إلَّا في مناطق الاستواء، حيث لا يلائم العربي الجو ولا يطيق طبيعة البلاد ومستنقعاتها، وحيث لا تجد أنعامه الجفاف اللازم لحياتها، فإنَّه وقف هنالك حائرًا في وقت كان العالم فيه كله حائرًا متبلدًا. ولكن مع ذلك خرجت رسالة الدين واللغة من بين فكَّيه، وصارت تخترق الغابات والكهوف وتصعد إلى القمم، فلا يكاد يجهل قاطنوها كلمة لا إله إلَّا الله محمد رسول الله — وهي كلُّ شيء في معناها ومبناها.

أقول: إذا استبقنا ذلك كله لم نشكَّ في أن السُّودان منذ الفتح الإسلامي تجاوبت في جهاته الأربع آداب الإسلام وعلوم الإسلام ولغة الإسلام، ولم يخل من العلماء والشعراء والكتاب، ولكن بعدت الشُّقة بينه وبين البلاد التي كانت تحفظ تاريخها وتاريخ من جاورها لتوفر أسباب الكتابة وأدواتها فيها، فحالت بينه وبينها هذه العقبة، والتواء النِّيل في الصحراء العظيمة، واعتراض الشلالات لمجراه، وصعوبة الترحل إلَّا على الدواب، وأخصها الجمال التي لا يحسن ركوبها سوى أعراب البادية؛ فمن هنا قضى تقادم العهد على بعض تاريخه العلمي، وصار شيئًا غامضًا نتلمَّسه في معاهد الصلاح وقبور الأولياء، فلا نجد منه إلَّا أثرًا غير حميد؛ فقد طغت نعرة الدين وغلبته أرباب الطرق على كثير من الآداب والمعارف، وإن كان في وجود آثار الصالحين دليل على أنهم إنَّما اقتطفوا تلك الثمار وتبلغوا بها إلى مجالس الأنس وحظيرة القدس، ولم يبق بين أيدينا إلَّا ما يُحكى أو يُروى. وفي الحكاية والرواية ما قد يمسخ أو يشوه جمال الحقائق حيث يكون للحظ والتَّخمين المرتبة الأولى في التزيين والتقبيح. على أن هناك حسنة ملموسة في طي هذه العزلة. فإنَّ في تفرد لغة قوية غنية بمفرداتها، زاخرة ببلاغتها — أصل استمدادها من الصحراء الواسعة والحياة الحرة والأجواء الطلقة أعظم عامل على بقاء جوهرها سليمًا من الدخيل في زمن كثُرت فيه الأخلاط، وتشعَّبت فيه اللغات، وانحطَّت فيه الأمم الإسلامية لاشتغالها عن العلوم بالقشور حتَّى صار الزجل شعرها والسجع المبتذل رسائلها ونثرها — فقد بقيت اللغة العربية في السُّودان حافظة لجوهرها ومادتها وإن دخل اللحن عليها، فإنَّه لا فرار من أمر لم تخل منه الجزيرة نفسها — أقول بقيت كذلك حتَّى حدثت النهضة المصريَّة المباركة وكان فتح محمد علي للسُّودان، فلم يلبث أن تشبَّث السُّودان بعلوم مصر وأخذ منها حظه؛ فدبَّت في اللغة روح الحياة، ونشطت من عقالها على يد أساتذة المدرسة الحديثة، وما زالت تنمو وتصفو حتَّى جاء الفتح الثَّاني بعد ثورة المَهديَّة التي كانت بمثابة فترة في عالم الآداب والعلوم؛ فأسَّست كلية غوردون بالخرطوم والمدارس الأولية التَّابعة لها في بعض جهات القطر السُّوداني، وسارت المعارف في نظام الدراسة على أحدث الأوضاع وفاقًا لما يجري في المعارف المصريَّة، وانتخب لذلك مدرسون أكْفاء من المصريين والإنكليز لتأسيس التَّعليم على قواعد صحيحة، فدرج التَّعليم على أكفِّهم وترعرع في أحضانهم حتَّى أينع وازدهر ونبت نباتًا حسنًا في عقولٍ ظهر أنها من أخصب العقول وأقواها مداركَ وأسرعها إنتاجًا — وفي أثناء ذلك كان العلم الأزهري يتدرج في القطر ويسير إلى جنب التَّعليم المدرسي حتَّى انتظم بفضل وجود معهد أم درمان الذي كان الزمن العامل في تكوينه؛ فتوحدت صفوفه بمعونة الله وتوفيقه، وأمدَّته الحكومة بالمعونة التي لا تُنكر؛ فأخذ يحتذي مثال الأزهر الشريف ويترسَّم خطاه حتَّى أصبح — بحمد الله — معهدًا يصحُّ أن يُشار إليه، وتخرَّج منه عدد غير يسير من العلماء والمتعلمين — ومن هؤلاء وأولئك المتعلمين تكوَّنت ثروة البلاد العلمية والأدبية، وصار أبناؤها يقذونها بنفائس العلم وعرائس الفكر، وينادون بالإصلاح الذي شغل بال العالم والمتعلم عن التَّحبير والتَّصنيف، شأن كلِّ أمة لا تزال في مهد الطفولة، ولولا ذلك لسمع الناس عنهم ولقرؤوا لهم أطيب الخبر وأفضل الأثر — وهنا لا يفوتنا أن نقول: إن ما أخرجته المطابع المصريَّة من الكتب القديمة والحديثة وما كتبه الكتَّاب في المجلات والجرائد اليومية وغيرها كان بمثابة المنهل العذب لأبناء السُّودان جميعًا؛ حيث إنهم أولوها عنايتهم، وجعلوها رائدهم، ونظروا فيها نظرة ناقد غيور ومتعلم بصير؛ فلا تكاد تخفى عليهم منها خافية. وقد ساعدهم على ذلك لغة التخاطب التي هي بمنزلة لغة التَّاليف عند سواهم من غير أبناء هذا الوادي، حتَّى إنك تستطيع أن تقرأ الكتاب اللغوي بين الأميين؛ فتراهم يشاركونك في فهم مفرداتها وجملها وشواردها مشاركة دراية واسعة وإحاطة شاملة ونشوة من لذة البيان — وهنا نلمس السرَّ في أنَّ السُّوداني لا يعاني في تحصيل الثَّقافة إلَّا فهم المصطلحات وما هو من قبيل الفنِّ الخالص — هذا ولا يخفى أن دراسة اللغة الإنكليزيَّة في كلية غوردون والمدارس الابتدائية وبعض مدارس الإرساليات على يد أساتذة إنكليز وتلامذتهم قد أدخل على الثَّقافة السُّودانية مسحة من الآداب الغربية التي نرجو أن يكون نصيب البلاد منها واقفًا عند حدِّ ما تستسيغه على يد أبنائها البررة، والزمن كفيلٌ وحده بتحقيق الأماني وإفشاء الحقائق وإظهار الدقائق.

(١١) الأزهر والسُّودان

أسلفنا الكلام على علاقة السُّودان بالأزهر، واهتمام ملوك الفونج ودارفور بعلماء الأزهر وطلبته وبعثاته. ولا يزال مواطنونا السُّودانيون ينهلون من الأزهر العلم الديني، ولهم أروقة. ومعهد أم درمان العلمي — كما قدمنا — قد جعل وفاقًا لمناهج الأزهر القديمة؛ لذا كان لزامًا علينا الكلام عن الأزهر تعريفًا لإخواننا السُّودانيين ولقرائنا.

جاء في «كتاب الأزهر تأليف محب الدين الخطيب سنة ١٣٤٥ﻫ»، قال في الفصل الثالث تحت عنوان «صفة الأزهر»:

الأزهر مسجد إسلامي قديم، ومعهد علمي عظيم، ما زال أعيان المسلمين وأمراؤهم — ولا يزالون — يتعهدونه بالعناية والتوسيع والإصلاح — منذ نحو ألف سنة — على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.

وقال:

وهو في شكله الحاضر بناءٌ واسعٌ قائمٌ على أرض مساحتها ٢٦٣٢٣ ذراعًا (١٢ ألف متر مربع)، يحيط به سور مربع فيه ثمانية أبواب: في الجانب الغربي الخارج إلى ميدان الأزهر باب المزينين والباب العباسي. وفي الجانب الجنوبي باب المغاربة وباب الشوام وباب الصعايدة، وفي الجانب الشَّرقي باب الحرمين — وهو مقفل — وباب الشربة، وفي الجانب الشَّمالي باب الجوهرية. وتسمو فوق هذه الأسوار والأبواب خمس مآذن؛ ثلاث في داخل باب المزينين: أحدهما الأقبغاوية، والثانية مئذنة قايتباي، والثالثة مئذنة قانصوه الغوري. وواحدة بجانب باب الصعايدة، وأخرى بباب الشربة، وكلتاهما من إنشاء كتخدا. ولا يؤذِّن على تلك المآذن غالبًا إلَّا العميان تفاديًا من وقوع أنظار المؤذنين على المنازل، وهي عادة حسنة جارية في أكثر المدن المصرية. والغالب أن أذان الأزهر ينبني عليه أذان أكثر منارات القاهرة.

وقال تحت عنوان «أولية الأزهر»:
اختلَّ أمر مصر بعد موت كافور الإخشيدي (١٠ جمادى الأولى سنة ٣٥٧ﻫ)، فكتب جماعة من أعيانها ورجال الدولة فيها إلى أبي تميم المعز لدين الله معد الفاطمي أمير المغرب، يطلبون منه عسكرًا ليسلموا إليه إدارة البلاد المصرية. فجهَّزَ المعز جيشًا سار من القيروان — يوم الجمعة ١٤ ربيع الأول سنة ٣٥٨ — بقيادة أبي الحسن جوهر بن عبد الله. وفي يوم ١٧ شعبان سنة ٣٥٨ تم للقائد الفاطمي جوهر فتح مملكة مصر، وكانت قاعدتها «الفسطاط»،٩ فأنشأ جوهر شمالها — حيث كانت مضروبة خيام جيشه — مدينة أخرى دعاها «المنصورية»١٠ وابتدأ البناء بمسجد المدينة الجديدة — وهو «الأزهر» — يوم السبت ٢٢ جمادى الأولى سنة ٣٥٩ﻫ.

وتمَّ بناء الأزهر — وما حوله من قصور الخلافة وبيوت كبار رجال الدولة — في نحو ثلاثين شهرًا. وأول جمعة صلاها الفاطميون في مسجدهم الجديد «الأزهر» كانت يوم ٦ رمضان سنة ٣٦١ﻫ.

وفي زمن الحاكم بأمر الله زُيِّن الأزهر بقناديل من الفضة تعلق فيه في شهر رمضان. وكان الأزهر ومناراته ينار بالمصابيح أيام الخلفاء الفاطميين بزينة باهرة في المواسم. وفي قصر الخلافة منظرة مخصوصة تُطِلُّ على الأزهر، يشاهد منها الخليفة تلك الزينة واسمها «منظرة الجامع الأزهر».

وكان في محراب الأزهر منطقة فضة بقيت إلى زمن السُّلطان صلاح الدين، والمنبر الأصلي القديم الذي أُنشئ للأزهر في بداية تأسيسه نقل فيما بعد إلى الجامع الحاكمي.

وكان الخلفاء الفاطميون يخطبون بأنفسهم على منبر الجامع الأزهر.

وجدد الحاكم بأمر الله الأزهر، وهو أول من وقف الأوقاف عليه.

وفي سنة ٤٢٧ﻫ تولى الخلافة الفاطمية المستنصر بالله معد بن الظاهر لإعزاز دين الله، وفي مدة خلافته جدد الجامع الأزهر. ثمَّ اقتفى أثره حفيده المنصور أبو علي الآمر بأحكام الله الذي تولى الخلافة سنة ٤٩٥؛ فأحدث في الأزهر تجديدًا.

ثم تولى سنة ٥٢٤ أبو الميمون الحافظ لدين الله عبد المجيد؛ فجدد في الأزهر أبنية، وأنشأ فيه «مقصورة فاطمة الزهراء»، وهي مقصورة لطيفة تجاور الباب الغربي الذي في مقدمة الجامع بداخل الرواقات.

وقال تحت عنوان «الأزهر بعد الفاطميين»:

وكان للأمير بدر الدين بيلبك الخازندار الظاهري يد محمودة في هذا التجديد.

وفي سنة ٧٠٢ داهمت الشَّرق الأدنى زلزلة عنيفة خرَّبَتْ قسمًا عظيمًا من بلاد مصر والشام، وأخرجت المياه من الآبار إلى سطح الأرض، وفاضت البحار إلى اليابسة فأغرقت خلقًا كثيرًا، وأصابت الزلزلة «الأزهر» وسائر مساجد القاهرة بأذاها، فتقاسم الأمراء عمارتها، وأخذ الأمير سلار — من رجال دولة المماليك البحرية — على نفسه عمارة الأزهر الشريف وتجديده.

وفي سنة ٧٠٩ انتهى الأمير علاء الدين طيبرس الخازندار — نقيب الجيوش — من إنشاء مدرسته التي هي مخزن «دار الكتب الأزهرية».

وفي سنة ٧٢٥ جدَّد الأزهر القاضي نجم الدين محمد بن حسين الأسعردي محتسب القاهرة.

وفي سنة ٧٤٠ انتهى الأمير آقغا علاء الدين الواحدي من إنشاء مدرسته المتصلة بالمدرسة الطيبرسية «مخزن المكتبة الأزهرية».

وفي سنة ٧٦١ جدده الأمير الطواشي سعد الدين بشير الجامدار الناصري.

وفي سنة ٧٨٤ تولى النَّظر على الأزهر الأمير بهادر الطواشي.

وفي سنة ٨١٨ بلغ عدد المجاورين في الأزهر ٧٥٠ رجلًا.

وفي شوال سنة ٨٢٧ ابتُدئ بعمل الصهريج وسط الجامع، فوجد هناك آثار فَسقِيَّة ماء.

وفي مدة الملك الأشرف أبي الناصر قايتباي المحمودي «٨٧٢–٩٠١» أحدث الملك تجديدًا في الأزهر.

وفي سنة ٩٠٠ أنفق الخوجا مصطفى بن محمود بن رستم خمسة عشر ألف دينار من ماله على عمارة الجامع الأزهر.

وفي سنة ٩٠٤ رتب الملك الظاهر أبو سعيد قانصوه — خال الناصر بن قايتباي — الخبز والخريزة١١ في الأزهر أيام رمضان.

وفي عام ٩٢٣ زاره السُّلطان سليم العثماني، وصلى فيه الجمعة، وتصدق بمبلغ كبير.

وفي سنة ١٠٠٤ أحدث الشريف محمد باشا والي مصر تجديدًا في الأزهر، ورتب للطلبة طعامًا يطبخ لفقرائهم كلَّ يوم.

وفي سنة ١٠١٤ عمَّر حسن باشا والي مصر مقام الحنفية أحسن عمارة وبلَّطه.

وفي سنة ١١٠٥ وقف عليه محمد باي ابن مراد باي حاكم ولاية تونس أوقافًا، ثمَّ جدد سقف الجامع الأزهر الأمير إسماعيل بك القاسمي المتوفى سنة ١١٣٦.

وفي سنة ١١٤٨ أنشأ الأمير عثمان كتخدا زاوية العميان، وعمَّر رواق الأتراك ورحبته المسقوفة ورواق السليمانية «الأفغانيين»، وزاد في رواق الشوام، ورتب لذلك مرتبات من وقفه.

وفي سنة ١١٦١ تقلد ولاية مصر أحمد باشا كور، وتتلمذ للشيخ حسن الجبرتي «والد الشيخ عبد الرحمن صاحب التاريخ».

وفي سنة ١١٦٧ أنشأ الأمير عبد الرحمن كتخدا الزيادة التي زادها على الأزهر.» وقال «في صحيفة ٢٣ عن رواق السنارية ما يأتي»:

«وفي ١٢٢٠ أنشأ محمد علي باشا جدُّ الأسرة المالكة «رواق السنارية بالتماس الشيخ محمد وداعة السناري، فاشترى عزيز مصر ريعًا كان في مكان هذا الرواق، وبناه ووقف عليه.

ووقفت الأميرة زينب هانم كريمة العزيز محمد علي أوقافًا على الأزهر كان ريعها عشرين ألف جنيه، وهو الآن أعظم من ذلك.

(١١-١) أروقة الأزهر

وجاء في «كتاب «رسالة الأزهر سنة ١٣٢١» تأليف حضرة صاحب العزة مصطفى بيرم بك في صحيفة (١٧)» عن أروقة الأزهر ما يلي:
«ثانيًا أروقة الأقاليم الإسلامية الأجنبية عن مصر — وهاك بيانها:
رواق الحرمين الشريفين لسكان الحجاز
رواق الشوام لأهل الشام
رواق الجاوة لأهل جزيرة جاوة وما جاورها
رواق السليمانية لأهل أفغانستان
رواق المغاربة وبه أقسام: قسم للمراكشيين، وآخر للجزائريين، وآخر للتونسيين، وآخر للطرابلسيين
رواق الأتراك للترك
رواق اليمن لأهل اليمن وحضرموت
رواق الأكراد للأكراد
رواق الهنود لأهل الهند
رواق البغدادية لأهل بغداد وما جاورها
رواق الجبرت وهو للأحباش المسلمين
رواق البرابرة وهم سُكَّان أعالي الصعيد ما بين مصر والسُّودان
رواق السنارية لأهل سنار من السُّودان
رواق الدكارنة البرناوية لأهل برنو من السُّودان
رواق دكارنة صليح لأهل صليح من السُّودان. ا.ﻫ.»

(١١-٢) رواق السنارية

في عام ١٢٥٣ هجرية حضر إلى الأزهر الشريف لطلب العلم سناري يدعى محمد علي وداعة. فوجد بالأزهر ستة من السنارية قد سبقوه إليه.

وفي سنة ١٢٥٧ﻫ قدم هؤلاء الطلبة إلى المغفور له محمد علي باشا الكبير طلبًا يطلبون منه ترتيب خبز لهم. فوافق على ذلك في سنة ١٢٥٨ﻫ.

وفي عام ١٢٦٦ﻫ. وافق المغفور له محمد علي باشا على بناء رواق خاص بالسنارية في الأزهر الشريف. وفعلًا تمَّ إنشاء ذلك الرواق الحالي.

وقد زاد الخديوي إسماعيل باشا الخبز الذي يأخذونه من الأزهر. ويوجد الآن من الطلبة السناريين ٣٧ طالبًا، والذين حصلوا على شهادة العالمية من هؤلاء ستة بعضهم يشتغل بالتدريس بالمعهد الأزهري والبعض الآخر يشتغل بالمحاماة الشرعية. وطلبة رواق السنارية ينتمون إلى سبع عواصم مديريات وهي: الأبيض والدويم والخرطوم والدامر وكسلا ومدني وسنجه. ويرجع أصلهم إلى عرب الحجاز؛ فمنهم من ينتمي إلى الأشراف، ومنهم العباسيون، ومنهم جهينة، والقسم الأخير يعد الأكثرية.

ويرجع الفضل إلى هذا الرواق في نشر العلم والعرفان بين أهالي السُّودان.

والشيخ الحالي لهذا الرواق هو الشيخ بشير أحمد عبد الجبار، ولأهل هذا الرواق بالجامع الأزهر الشريف حصة قدرها الربع من وقف المرحومة الست برلنته هانم حرم المرحوم محمد شريف باشا الكبير مشروط صرف ريعها في ثمن خبز، وقد بلغ ريع تلك الحصة عن سنة ١٩٣٣–١٩٣٤ المالية نحو ٢٨٥ جنيهًا مصريًّا.

ولهم أيضًا حصة من وقف المرحوم حيدر أغا الحبشي يصرف ريعها نقدًا لشيخ الرواق وطلبته، بلغ ريعها عن سنة ١٩٣٣–١٩٣٤ المالية نحو ١٥ جنيهًا.

وموقوف أيضًا على هذا الرواق دكان تبلغ أجرتها سنويًّا نحو ستة جنيهات.
  • رواق برنو: يبلغ عدد طلبة هذا الرواق نحو ١٦ طالبًا بينهم اثنان من العلماء الحاصلين على شهادة العالمية، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ سعيد محمد مالك شيخ هذا الرواق.
  • رواق صليح: يبلغ عدد طلبة هذا الرواق نحو ١٢ طالبًا حسب إحصاء سنة ١٩٣٥م، وشيخ هذا الرواق هو الشيخ آدم بحر.

أوقاف هذين الرواقين: لطلاب رواقي (برنو وصليح) أوقاف خاصة بهم.

فقد وقف المرحوم محمد سرور أغا ١٥ فدانًا، على أن يصرف ريعها بعد وفاته في ثمن خبز لطلبة العلم السُّودانيين برواقي برنو وبرجو بالأزهر.

كما وقف المرحوم المذكور رواقين لسكنى طائفة من مجاوري الرواقين المذكورين ومنزلًا آخر يُصرف ريعه في ثمن خبز للطلاب القاطنين بالرواقين.
  • رواق الجبرت: يحتوي رواق الجبرت على أربعة أقسام من الطلبة: كلُّ قسم تابع لدولة من الدول. فمنهم التابع للدولة الإيطالية وعددهم ٢٣ بينهم ٦ من العلماء، وقسم آخر تابع للإمبراطورية الحبشية يبلغ عدد طلبته ١٣ بينهم اثنان من العلماء. وقسم ثالث من الصوماليين التابعين للحكومة الإنكليزيَّة وعدد طلبته ٦. والقسم الرابع من الصوماليين التابعين للحكومة الإيطالية ويبلغ عددهم نحو ٩ منهم عالم. وعلى رأس هؤلاء الطلبة شيخ الرواق فضيلة الشيخ محمد نور بكر من العلماء. وهذا حسب إحصاء ١٩٣٥.

    ولطلبة هذا الرواق حصة من وقف المرحوم حيدر أغا الحبشي يصرف ريعها لهم نقدًا، وقد بلغ هذا الريع عن سنة ١٩٣٣–١٩٣٤ المالية نحو خمسة عشر جنيهًا.

  • رواق البرابرة (دنقلة): يبلغ عدد طلبة هذا الرواق — حسب إحصاء سنة ١٩٣٥م — ٢٢ طالبًا على رأسهم شيخ الرواق، وهو الشيخ محمد وحش.

    وليس لطلبة هذا الرواق أوقاف خاصة بهم.

  • رواق دارفور: يبلغ عدد طلبة هذا الرواق حسب إحصاء سنة ١٩٣٥: خمسة من الطلاب على رأسهم شيخ الرواق، وهو الشيخ سليمان إبراهيم.

    وليس لطلبة هذا الرواق أوقاف خاصة بهم.

ولمشايخ الأروقة مرتبات شهرية تصرفها لهم المشيخة من ميزانيتها.

ولكل من هذه الأروقة مساكن خاصة بطلابها على حساب مشيخة الأزهر، وهي مجهَّزة بالماء والنور.

على أن هناك أوقافًا عامَّة تشمل جميع طلاب العلم بالأزهر الشريف.

(١١-٣) طلبة السُّودان بالقسم العام بالأزهر

  • شيخ السنارية: الشيخ بشير أحمد عبد الجبار. عدد الطلبة حسب إحصاء سنة ١٩٣٥م: ٣٢.

  • شيخ البرابرة (دنقلة): الشيخ محمد وحش. عدد الطلبة حسب إحصاء سنة ١٩٣٥م: ٢٢.

  • شيخ دارفو: الشيخ سليمان إبراهيم. عدد الطلبة حسب إحصاء سنة ١٩٣٥م: ٥.

  • شيخ صليح: الشيخ آدم بحر. عدد الطلبة حسب إحصاء سنة ١٩٣٥م: ١٢.

  • الحاصلون على شهادة العالمية المصريَّة غير نظامية من سنة ١٣٤٩ﻫ سنة ١٩٣٠م إلى سنة ١٣٥٣ﻫ: عدد ٣.

  • الحاصلون على شهادة العالمية الخاصَّة بالغرباء من سنة ١٣٤٩ﻫ إلى سنة ١٣٥٢ﻫ: عدد ٦.

  • شيخ رواق البرناوية: الشيخ سعيد محمد مالك.

  • شيخ رواق الجبرت: الشيخ محمد نور بكر. ولهؤلاء المشايخ مرتبات شهرية تصرفها لهم المشيخة من ميزانيتها.

(١١-٤) أوقاف أروقة السُّودان

فضلًا عمَّا بينَّا من الأوقاف فيما تقدم نذكر ما يلي:

رواق الجبرت: شيخ الرواق — الشيخ محمد نور بكر.

أوقاف الرواق: لأهل هذا الرواق حصة من وقف المرحوم حيدر أغا الحبشي، يصرف ريعها لهم نقدًا، وقد بلغ ريعها سنة ١٩٣٣–سنة ١٩٣٤ المالية نحو ١٥ جنيهًا.

ووقف للسيدة حفيظة الألفية حصة لم يصرف ريعها بعد. ووقف آخر لأحد السُّودانيين، وهو الحاج رفعت أغا السُّوداني، حصة من أطيانه تؤول إليهم من بعد وفاته.

أوقاف رواق السنارية بالجامع الأزهر: لأهل رواق السنارية بالجامع الأزهر حصة قدرها الربع من وقف المرحومة الست فاطمة برلنته هانم حرم المرحوم محمد شريف باشا الكبير مشروط صرف ريعها في ثمن خبز، وقد بلغ ريع تلك الحصة عن سنة ١٩٣٣م حوالي ٢٨٥ جنيهًا. ولرواق السنارية حصة من وقف المرحوم حيدر أغا الحبشي يصرف ريعها نقدًا لشيخ الرَّواق وطلبته، وبلغ ريعها سنة ١٩٣٣ نحو ١٥ جنيهًا.

وموقوف على هذا الرواق دكان تبلغ أجرته سنويًّا نحو ٨ جنيهات.

أوقاف رواقي برنو وبرجو (البرناوية وصليح) وقف المرحوم محمد سرور أغا خمسة عشر فدانًا على أن يصرف ريعها بعد وفاته في ثمن خبز لطلبة العلم السُّودانيين برواقي برنو وبرجو. كما وقف المرحوم المذكور رواقين لسكنى طائفة من مجاوري الرواقين المذكورين ومنزلًا آخر يصرف ريعه في ثمن خبز للطلاب الساكنين بالرواقين.

(١١-٥) شيوخ الأزهر

وقد أحصى فضيلة الشيخ محمد علي القاضي الطحاوي المراقب بالجامعة الأزهرية ٣٥ شيخًا للأزهر في ٣٥٤ عامًا.

كان الأزهر إلى أواخر القرن الحادي عشر الهجري يتولى أمره مُتَوَلٍّ من قبل حاكم مصر، وأول من تولى منصب المشيخة الجليلة:
  • (١)

    الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخراشي المشهور بالخراشي المالكي، وبقي فيها إلى أن انتقل إلى رحمة الله يوم الأحد ٢٧ ذي الحجة سنة ١١٠١ﻫ.

  • (٢)

    المغفور له الشيخ إبراهيم بن محمد البرماوي الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي سنة ١١٠٦ﻫ.

  • (٣)

    المغفور له الشيخ محمد النشرتي المالكي. وبقي فيها إلى أن توفي أواخر ذي الحجة سنة ١١٤٠ﻫ.

  • (٤)

    المغفور له الشيخ عبد الباقي القلِّيني المالكي. وبقي فيها إلى أن توفي.

  • (٥)

    المغفور له الشيخ محمد شنن الجداوي المالكي. وبقي فيها إلى أن توفي سنة ١١٤٣ﻫ.

  • (٦)

    المغفور له الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي المالكي. وبقي فيها إلى أن توفي سنة ١١٤٧، وهو آخر من تولاها من السادة المالكية حتَّى عادت إليهم في العقد الثَّاني من القرن الرابع عشر.

  • (٧)

    المغفور له الشيخ عبد الله بن محمد الشبراوي الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي أواخر سنة ١١٧١ﻫ.

  • (٨)

    المغفور له الشيخ محمد بن سالم الحفني الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي أواخر ربيع الأول سنة ١١٨١ﻫ.

  • (٩)

    المغفور له الشيخ عبد الرؤوف بن محمد السجيني الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي في منتصف شوال سنة ١١٨٢ﻫ.

  • (١٠)

    المغفور له الشيخ أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري الحنفي المالكي الشافعي الحنبلي، وبقي فيها إلى أن توفي أوائل رجب سنة ١١٩٢ﻫ.

  • (١١)

    المغفور له الشيخ أبو الصلاح أحمد بن موسى العروسي الشافعي، وبقي فيها إلى أن توفي أواخر شعبان سنة ١٢٠٨ﻫ.

  • (١٢)

    المغفور له الشيخ عبد الله بن حجازي الشرقاوي الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي أوائل شوال ١٢٢٧ﻫ.

  • (١٣)

    المغفور له الشيخ محمد بن علي الشنواني الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي أواخر محرم سنة ١٢٣٣ﻫ.

  • (١٤)

    المغفور له الشيخ محمد العروسي الشافعي بن الشيخ أحمد العروسي (الحادي عشر)، وبقي فيها إلى أن توفي ١٢٤٥ﻫ.

  • (١٥)

    المغفور له الشيخ أحمد بن علي الدمهوجي الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي يوم عرفة سنة ١٢٤٦ﻫ.

  • (١٦)

    المغفور له الشيخ حسن بن محمد العطار الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي أواخر ذي الحجة سنة ١٢٥٠ﻫ.

  • (١٧)

    المغفور له الشيخ حسن القويسني الشافعي الضرير. وبقي فيها إلى أن توفي في ذي القعدة سنة ١٢٥٤ﻫ.

  • (١٨)

    المغفور له الشيخ أحمد بن عبد الجواد الصائم السفطي الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي في شعبان سنة ١٢٦٣ﻫ.

  • (١٩)

    المغفور له الشيخ إبراهيم بن محمد الباجوري الشافعي. وبقي فيها إلى أن توفي في أواخر ذي القعدة سنة ١٢٧٧ﻫ (إلا أنه قبل وفاته ضعف عن القيام بأعمال المشيخة، فأجمع الأمر على إقامة أربعة من العلماء يقومون مقامه، وصدر الأمر بذلك من والي مصر المرحوم سعيد باشا في محرم سنة ١٢٧٥ﻫ بانتخاب الشيخ إسماعيل الحلبي الحنفي، والشيخ مصطفى الصاوي الشافعي، والشيخ خليفة الفشني الشافعي، والشيخ أحمد كبوه العدوي المالكي. وبعد وفاة الشيخ الباجوري ظل المنصب شاغرًا يُديره من بقي من هؤلاء الوكلاء وهما: الشيخ خليفة الفشني المتوفى يوم السبت ١٧ محرم سنة ١٢٩٣ﻫ، والشيخ أحمد كبوه العدوي المتوفى في ١٦ ذي القعدة سنة ١٣٢١ﻫ، وبقي الأمر كذلك إلى سنة ١٢٨١ﻫ.

  • (٢٠)

    وتقلدها في سنة ١٢٨١ﻫ المغفور له الشيخ مصطفى العروسي الشافعي، كما تولاها أبوه وجده من قبل. وبقي فيها إلى أن أقيل في شوال سنة ١٢٨٧ﻫ.

  • (٢١)

    المغفور له الشيخ محمد المهدي العباسي الحنفي، وهو أول من تولاها من السادة الحنفية. وقد بقي فيها إلى أن أقيل منها في ١٣ محرم سنة ١٢٩٩ﻫ «نزولًا على إرادة العرابيين».

  • (٢٢)

    المغفور له الشيخ محمد الإنبابي الشافعي. وبقي فيها إلى أن استقال منها في ذي القعدة سنة ١٢٩٩ﻫ.

  • (٢٣)

    المغفور له الشيخ محمد المهدي العباسي الحنفي «مرة ثانية»، وبقي فيها إلى أن استقال منها موفور الكرامة عزيز النفس والجانب في أوائل ربيع الثَّاني سنة ١٣٠٤ﻫ.

  • (٢٤)

    المغفور له الشيخ محمد الإنبابي الشافعي «مرة ثانية». وبقي فيها إلى أن استقال منها في ٢٥ ذي الحجة سنة ١٣١٢، وقبلت استقالته في ٢ محرم سنة ١٣١٣ﻫ.

  • (٢٥)

    المغفور له الشيخ حسونة النواوي الحنفي، وقد بقي فيها إلى أن أقيل منها في أواخر محرم سنة ١٣١٧ﻫ «بسبب الزوبعة المعروفة في مجلس شورى القوانين؛ ممَّا يشهد للمغفور له بعزة النفس والمحافظة على الكرامة التي كان يرى — قدَّس الله روحه — أنَّها ليست ملكًا له، بل هي ملك لأهل العلم أجمع».

  • (٢٦)

    وتقلدها بعده ابن عمه المغفور له الشيخ عبد الرحمن القطب النواوي الحنفي، وبقي فيها إلى أن انتقل إلى رضوان الله في ٢٥ صفر سنة ١٣١٧.

  • (٢٧)

    المغفور له الشيخ سليم البشري المالكي. وبقي فيها إلى أن أقيل منها في أوائل ذي الحجة سنة ١٣٢٠، بسبب «حادث مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) مع الخديوي السَّابق عباس حلمي».

  • (٢٨)

    المغفور له السيد علي محمد الببلاوي المالكي، وقد بقي فيها إلى أن استقال منها في أوائل محرم سنة ١٣٢٣ﻫ صيانةً لكرامته وضنًّا بها من أن تُمسَّ بسوء.

  • (٢٩)

    وتقلَّدها بعده في ١٣ محرم سنة ١٣٢٣ﻫ المغفور له الشيخ عبد الرحمن الشربيني الشافعي، وبقي فيها إلى أن استقال منها في ذي الحجة سنة ١٣٢٤ﻫ.

  • (٣٠)

    المغفور له الشيخ حسونة النواوي الحنفي «مرة ثانية»، وبقي فيها إلى أن استقال منها بشمم وإباء وعزة نفس في ربيع الأول سنة ١٣٢٧ﻫ.

  • (٣١)
    المغفور له الشيخ سليم البشري المالكي «مرَّة ثانية»، وقد بقي فيها إلى أن انتقل إلى رضوان الله في أوائل ذي الحجة سنة ١٣٣٥ﻫ.١٢
  • (٣٢)

    المغفور له الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي المالكي، وقد بقي فيها إلى أن انتقل إلى رضوان الله في منتصف محرم سنة ١٣٤٦ﻫ «وقد ظلت الوظيفة شاغرة أكثر من عشرة أشهر».

  • (٣٣)

    وتقلَّدها ابن مجدتها فضيلة الأستاذ الكبير الشيخ محمد مصطفى المراغي الحنفي في ذي القعدة سنة ١٣٤٦ﻫ، وبقي فيها إلى أن استقال منها مرفوع الرأس وافر الكرامة في نهاية ربيع الثَّاني سنة ١٣٤٨ﻫ.

  • (٣٤)

    وتقلدها بعده الشيخ محمد الأحمدي الظواهري الشافعي، وبقي على الأزهر مدة خمس سنين وسبعة أشهر إلَّا أيامًا، حيث استقال من المشيخة مساء الجمعة ٢٣ محرم سنة ١٣٥٤ﻫ كنتيجة لإضراب الأزهريين ومطالبتهم بإعادة فضيلة الشيخ المراغي شيخًا للجامع الأزهر. وقد أعيد فضيلته للمشيخة، ولا يزال بها.

(١٢) السودانيون بالجيش المصري

هذا بيان أسماء حضرات الضبَّاط السُّودانيين الذين عادوا من السُّودان بعد حوادثه سنة ١٩٢٤، وبعد نزول الجيش المصري من السُّودان، وهم الذين رفضوا حلف يمين الولاء لحاكم السُّودان العام، وتمسكوا بولائهم لحضرة صاحب الجلالة مليك البلاد — وهم الذين أعيدوا للخدمة بوزارة الداخلية في أغسطس سنة ١٩٢٧، وظلوا بها حتَّى الآن، وهم:

حضرات البكباشيين إبراهيم عبد الرحمن مفتش خفر مديرية أصوان، وخضر علي أُحيل للاستيداع في أول يونيو ١٩٣٥، ومحمد صالح جبريل مفتش خفر مديرية جرجا، وعبد الله النجومي أفندي، وهو نجل الزعيم الكبير بالسُّودان المرحوم عبد الرحمن ولد النجومي الذي حاول الوصول للقطر المصري في عهد عبد الله التَّعايشي ملك السُّودان وقتئذ، وقد قتل النجومي في بلدة توشكى بعد معركة مع قوات الجيش المصري — ضابط بسبورتات بالإسكندرية، وفرج الله محمد أفندي قومندان بلوك خفر الإسكندرية، والصاغ زين العابدين عبد السلام أفندي قومندان هجَّانة بوليس المينا واليوزباشية: عبد الدايم محمد أفندي قومندان هجانة بوليس الجيزة، وسيف عبد الكريم أفندي ضابط مرور مديرية جرجا، وإبراهيم فرج علام أفندي ضابط مرور مديرية المنيا، واليوزباشي عبد العزيز عبد الحي أفندي ضابط مرور مديرية القليوبية، وعبد الله أفندي مرجان ببلوكات خفر الأقاليم بمصر، والملازمان الأولان عبد الحميد أفندي فرج الله ضابط خفر بالسكة الحديد بالمنيا، والسيد أفندي شحاته ضابط خفر بالأقاليم بمصر.

هوامش

(١) المقصود من فقيه ويدعى في السُّودان «فقي أو فكي»: هو الذي يعرف بالعامية المصرية «الفقي»، وهو معلم حفظ القرآن الكريم في «الكتاتيب».
(٢) راجع صورته وترجمة حياته في الجزء الأول من هذا الكتاب.
(٣) ص٢٦٠ من كتابه الإنكليزي المصري طبعة لندن.
(٤) المقصود بالإدارة الأهلية هو النظام الجديد المنشئ لمحاكم أهلية تشبه محاكم الأخطاط في مصر سابقًا، ويرأسها نظار القبائل.
(٥) راجع الباب الخاص بالسودان في تقرير ملنر سنة ١٩٢١
(٦) راجع ص٢٦٦ من كتاب السُّودان الإنجليزي المصري بالإنجليزية تأليف ماكميكل.
(٧) كان تعليم أبناء الجنوب في عهد الحكم المصري في الكتاتيب باللغة العربية، التي سرعان ما كانوا يتعلمونها ويدخلون الإسلام في غير إكراه، بل بمجرد اجتماعهم ببعض المسلمين ورؤيتهم وهم يصلون أو يتعلمون.
(٨) فتح محمد علي للسودان.
(٩) هي مصر القديمة الآن.
(١٠) ولما حضر المعز الفاطمي من المغرب إلى مصر بعد أربع سنوات سماها «القاهرة المعزية».
(١١) عصيدة باللحم.
(١٢) يلحظ أن شيوخ الأزهر كانوا يستمرون في المشيخة حتى وفاتهم. ولكن في العهد الأخير كثرت إقالتهم واستقالتهم. وإني أعلل ذلك بسبب تدخل السياسة بالأزهر في العهد الأخير.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤