أحمد كارلو … كارلو أحمد

أعدَّ «أحمد» الحقيبة للانفجار في خلال دقيقةٍ واحدة … ثم قفز خارجًا من باب الحجرة … وعلى الباب وجد نفسه داخلًا الغرفة … أي وجد «كارلو» الحقيقي داخلًا … كان هو «كارلو» الأصلي وخلفه أحد الرجال … وذُهل «كارلو» … وذهل الرجل … وذهل كل مَن في الغرفة …

وفي لحظات الذهول هذه وجه «أحمد» ضربةً قوية إلى وجه «كارلو»، وقبل أن يسقط على الأرض كان يحمله على كتفه … ويُخرج مُسدسه، ويطلق الرصاص على الأضواء في كل مكانٍ أمامه … واختار بابًا جانبيًّا فتحه وأسرع يجري في دهاليز القصر … عندما سمع انفجار الحقيبة …

اشتعلت النيران في جانبٍ من القصر … وكان «أحمد» قد وصل إلى الباب الخارجي … ولم يكد يقفز إلى الحديقة حتى سمع صوت مجموعة من الكلاب المُتوحِّشة تنطلق ناحيته … فأطلق ناحيتها بضع طلقات … وأخذ يجري وهو يحمل «كارلو» وسمع انفجارًا ثانيًا في القصر …

لقد وصلت النيران إلى الحقيبة الثانية …

وسمع صوت طلقات تُدوِّي حوله … وألقى نفسه على الأرض ومعه حمله الثقيل … وأحس بأقدام المطارِدين تتَّجِه نحوه، عندما دوَّت طلقاتٌ قادمة من قرب السور …

وسمع أصوات أقدام المُطارِدين تتعثر … وعرف أن الشياطين يقومون بحمايته … ثم شاهد على ضوء وهج النيران البعيدة شخصًا يزحف في اتجاهه … وأعد مُسدسه للإطلاق … ولكنه سمع صوت البومة وعرف أن «عثمان» قادمٌ لمُساعدته … ودوَّى انفجارٌ ثالث وأصبح القصر كله شعلة من النيران المُتَّقِدة …

قام «عثمان» و«أحمد» بسحب «كارلو» إلى خارج السور … وقفز الجميع إلى السيارة … ولكن في نفس الوقت انطلقت أيضًا سيارتان خلفهم.

أدارت «إلهام» السيارة، وضغطت على البنزين بكل قوتها … فانطلقت السيارة كالعاصفة في الليل البارد الذي لم تكن تُضيئه إلا نيران القصر المشتعل … وخلفهم انطلقت السيارتان بنفس السرعة …

وصلوا إلى كوبري وظلت «إلهام» تقود السيارة بنفس السرعة وخلفها السيارتان … دون أن تُطلقا الرصاص مما أثار دهشة الشياطين … وظلت «إلهام» تقود السيارة حتى منتصف الكوبري … ثم هدأت السرعة لحظاتٍ ودارت بالسيارة دورةً واسعة، وعادت في الاتجاه المضاد …

ونظر «أحمد» خلفه … لقد حاولت السيارة الأولى القيام بنفس المناورة، ولكنها اصطدمت بحديد الكوبري وانقلبت، بينما استطاعت السيارة الثانية أن تقوم بالمناورة وتنطلق في أعقاب الشياطين.

كان الكوبري خاليًا من السيارات في هذه الساعة المتأخرة من الليل … وطلب «أحمد» أن ينتقل إلى المقعد الخلفي …

كان «كارلو» قد استيقظ وأخذ يتأوَّه من أثر الضربة … وينظر حوله، في دهشةٍ وذهول …

قال «أحمد»: إننا أصدقاء.

كارلو: أصدقاء من أنتم؟

أحمد: إننا من طرف السنيور «بنيتو» والدك.

صاح «كارلو»: اتركوني … أرجوكم … إنني لا أستطيع أن أواجهه.

أحمد: اهدأ يا صديقي … إنه يبحث عنك … وأمك لا تكفُّ عن البكاء من أجلك.

وقفز «عثمان» مكان «أحمد» … وأمسك «أحمد» بمسدسه … كانت السيارة الخلفية تقترب بسرعة … وطلب «أحمد» من «إلهام» أن تدور بالسيارة إلى اليسار … بحيث يستطيع أن يرى السيارة المطاردة من جانبها … كان يعرف أن زجاج هذه السيارات ضد الرصاص … وعليه أن يُطلق رصاصته … إما على السائق إذا كان الزجاج مفتوحًا … وإما على إطارات السيارة …

وانحرفت «إلهام» بالسيارة إلى اليسار …

ولِحُسن الحظ كان زجاج السيارة المطاردة مفتوحًا عند الباب الخلفي … وثبَّتَ «أحمد» يده، ثم أطلق ثلاث رصاصات مُتتالية … واحدة على الزجاج المفتوح … واثنتَين على إطار السيارة الأمامي، وانحرفت السيارة بشدةٍ ثم عادت إلى الاعتدال …

ولكنها دارت حول نفسها، وأخذت تتدحرج على الأرض الزَّلِقة …

وانطلقت «إلهام» بأقصى سُرعتها تقطع شوارع الضاحية في اتجاه المدينة النائمة … ولاحظ الشياطين أن عددًا كبيرًا من سيارات الشرطة والإطفاء كانت تسير مُسرعة في اتجاه القصر الذي دمَّرَته النيران …

قالت «إلهام»: إلى أين؟

أحمد: إلى فيلا السنيور «بنيتو».

صاح «كارلو»: أرجوكم … إنني لا أستطيع العودة … لقد ضِعتُ إلى الأبد!

أحمد: دعك من هذا الكلام الصبياني … هل كلفتك العصابة بأية مهمة؟

كارلو: لا … كنتُ أتمرن فقط.

أحمد: إذن أنت لم تَضِع … على العكس … إنك تستطيع أن تُدلي بمعلوماتٍ إلى الشرطة، إنها بالتأكيد معلوماتٌ ثمينة … وسوف تكون موضع تقدير.

كارلو: إنك لا تعرف شيئًا … لو نطقت بكلمةٍ واحدة فسوف أُقتَل!

أحمد: أعرف … لقد أقسمت على «ألاومرتا» أو قانون «المافيا»؛ قانون الصمت والكتمان.

كارلو: كيف عرفت؟

أحمد: هذه مسائل بسيطة … لا تخشَ شيئًا … إن بعض زعماء المافيا الكبار اعترفوا … في حماية الشرطة وستكون أنت في حمايتنا أيضًا.

وصلت السيارة إلى فيلا السنيور «بنيتو» … كان الجو باردًا … والليل قد أوغل … ولكن «أحمد» لم يتردَّد في دقِّ جرس الباب مرارًا، حتى سمع أصواتًا تصدر من داخل الفيلا … ثم ظهر السنيور «بنيتو» في ملابس النوم … كان مندهشًا وخائفًا … ولكن ما كاد يرى «أحمد» مُتنكرًا حتى صاح: «كارلو»!

قال «أحمد»: إنني لست «كارلو»، ولكن «كارلو» معنا.

بدت الدهشة على وجه السنيور «بنيتو»، وتقدم «كارلو» الابن من أبيه … وظهرت الأم … وكانت لحظة لقاء مُؤثرة بين الثلاثة …

انسحب «أحمد» … وصاح السنيور «بنيتو»: تفضلوا … تعالوا …!

أحمد: ليس الآن … لا تدع «كارلو» يخرج … سوف نزوركم غدًا.

ودارت السيارة مُبتعدة بالشياطين …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤