الفصل التاسع والعشرون

بعض آراء غاندي

فيما يلي بعض آراء لغاندي لا تحتاج إلى تعليق أو شرح عند الذين عرفوا أغراضه، ولكنها تنير هذه الأغراض

يقول لي بعض الناس إننا نعيش الآن في عصر الآلات: نخيط بآلة الخياطة، ونكتب بالمكتاب، وإن من الجنون أن نفكر في إحياء المغزل. ولكنهم ينسون أننا ما زلنا نستعمل الإبرة إلى جانب آلة الخياطة. وأننا ما زلنا نكتب بالقلم إلى جانب المكتاب. وليس هناك أي سبب يمنع من بقاء المغزل اليدوي إلى جانب مصانع الغزل الكبيرة، كما أن مطابخ البيوت لا تزال باقية إلى جانب المطاعم الكبيرة. بل يمكن أن تزول آلة الخياطة والمكتاب، أما إبرة الخياطة والقلم فلن يزولا.

•••

إنما يقاس النظام في إحدى الأمم بانتفاء القحط من بين عامتها، وليس بعدد الأغنياء الذي يملكون الملايين فيها.

•••

الطب هو لباب السحر. والتدجيل خير ألف مرة مما نسميه الآن مهارة طبية عالية.

•••

نحن نكابد هذه الأيام وهمًا قاتلًا حين نعتقد أن المرض لا يبرأ إلا بالعقاقير. وإلى هذا الاعتقاد يعزى كثير من الشرور في العالم. وبديهي أنه يجب أن نعمل لشفاء المرض، ولكن يجب أن نعرف أن العقاقير لا تشفي الأمراض. وليست العقاقير غير مفيدة فقط بل هي أحيانًا تضر، وذلك أن المريض الذي يتناول الأدوية والعقاقير إنما يخطئ كما يخطئ ذلك الذي يغطي الزبالة التي تتجمع في المنزل ويسترها عن العين بدلًا من أن يزيلها. فالمرض هو إنذار الطبيعة لنا بأن أقذارنا قد تجمعت في الجسم، ومن الحكمة إذن أن نتيح للطبيعة الفرصة لإزالة هذه الأقذار بدلًا من أن نغطيها بطريق العقاقير. وأولئك الذين يتناولون العقاقير يزيدون المصاعب أمام الطبيعة في الشفاء.

•••

لسنا في حاجة إلى أن نتعلم من الأجانب، فإن في أدواتنا القديمة، من المحراث والمغزل، ما يكفينا سعادة وحكمة. وعلينا أن نعود رويدًا رويدًا إلى هذه السذاجة القديمة، وعلى كل منا أن يكون قدوة حسنة في هذا العمل.

•••

إني أجد في ديني كل ما أحتاج إليه للتكشف الداخلي، لأن ديني هذا يعلمني الصلاة، ولكني أصلي أيضًا حتى يجد كل إنسان تكشفه الداخلي في دينه، وحتى يرقى المسيحي في دائرة دينه فيصير كل منا أصلح مما كان. وإني واثق أن الله سوف يسألنا عن حقيقتنا وعن أعمالنا، ولن يسألنا عن الاسم الذي تسمي به هذه الحقيقة أو هذه الأعمال.

•••

لست أستطيع أن أصف شعوري نحو الديانة الهندوكية إلا بأنه يشبه شعوري نحو زوجتي، فإنها تحركني بأقوى مما يمكن أية امرأة أخرى في العالم أن تحركني. وليس ذلك لأنها بريئة من الأخطاء، بل يمكن أن أقول إن أخطاءها تزيد على ما أعرفه منها، ولكني أشعر أن بيني وبينها رابطة لا تحل. وهذا أيضًا هو شعوري نحو الديانة الهندوكية مع كل ما فيها من أخطاء، فإني أعرف الرذائل الفاشية في المعابد الهندية الآن، ولكني أحبها على الرغم من هذه الرذائل. وأنا أرغب أشد الرغبة في الإصلاح ولكن حماستي لن تخرجني عن حظيرة الإيمان بالأصول الدينية في الهندوكية.

•••

الحقيقة الأساسية للديانة الهندوكية هي حماية البقرة، وعندي أن حماية البقرة هو أعجب الظواهر في التطور البشري، لأن البقرة تمثل جميع الأحياء التي دون الإنسان. ونحن بهذه الحماية مكلفون بأن نرى أن حياتنا وحياة الحيوان سواء، فالسبب في اختيار البقرة للتأليه في الهند واضح، لأنها رفيقة الإنسان، تدر عليه الخير ولا تقصر في إعطائه اللبن، بل هي التي جعلت الزراعة ممكنة. والبقرة قصيدة من الرحمة، فإننا نقرأ الرحمة في هذا الحيوان الأخرس مما خلقه الله. وحق هذه المرتبة الدنيا من المخلوقات علينا عظيم، لأنها خرساء، وحماية البقرة هي الهبة التي وهبتها الهندوكية للعالم، وستعيش الهندوكية ما دام هناك من يحمي البقرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤