مقدمة

إن سيرة أحمد عرابي — زعيم الثورة العرابيَّة — قد اختلف فيها الرواة والمؤرِّخون، والكُتاب والمؤلفون، بين قادح ومادح، وأنصار وخصوم، وقد عَرَضت لها في كتاب «الثورة العرابيَّة والاحتلال الإنجليزي»، ولكنها متناثرة بين فصوله وأبحاثه، فرأيت أن أضع كتابًا خاصًّا عن هذه السيرة، وهو الذي أقدِّمه اليوم.١

والمنهج الذي اتبعته في الترجمة لعرابي هو أن أذكر ما له وما عليه؛ لأن تاريخه ليس كله محاسن، ولا كله مآخذ، بل تجتمع فيه المحاسن والأضداد، وخير التراجم ما يتناول شخصية المترجَم من نواحيها المختلفة والمتباينة أحيانًا.

تولَّى عرابي زعامة الجيش وزعامة الأُمة في فترة من أهم فترات التاريخ المصري الحديث، فهو جدير بأن يوفى حقه من الدراسة والتدوين.

figure
أحمد عرابي باشا وزير الحربية.

وعندي أن لسيرته منذ تولى الزعامة مرحلتين، فالأولى هي المرحلة الموفقة في تاريخ الثورة العرابيَّة، إذ ظفرت فيها الأمة بالنظام الدستوري وتقرير حقوقها السياسية، وكان لعرابي الفضل الأول في هذا الظفر القومي، وتبدأ المرحلة الثانية من تنحية شريف باشا عن رياسة الوزارة في فبراير سنة ١٨٨٢، فأخذت الثورة تتعثَّر في خطاها، ولو أن عرابي أبقى على وزارة شريف باشا لكان من المرجَّح أن تستمر الثورة على صراطها المستقيم، وتتغلب على ما اعترضها من العقبات والعراقيل، ولكن الجد العاثر سار بها في طريق محفوف بالأشواك والعثرات.

لقد تحريت الحقائق في تدوين هذه السيرة، بحيث أرجو أن تكون في جملتها صورة حية صادقة للزعيم أحمد عرابي.

يناير سنة ١٩٥٢
١  صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في يناير سنة ١٩٥٢، وقد صادرها رجال العهد البائد. فلما أُفرج عنها بعد قيام الثورة، نفدت جميع النسخ خلال بضعة أيام، ثم صدرت بعد ذلك الطبعة الثانية التي نفدت كذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤