السادسة مساءً

في المطعم المقابل لرصيفها
تجترُّ الطاولات حيرتها،
تجترح وليمةً لغيابها؛
لتدرك زمانًا قبل فوات الأمان!
تنتظر طفلتها التي اهترأت بغفلةٍ من أحلام اليقظة.
بهجتُها التي احتضنتْ بقايا الصور،
نثرتْها في مدار عينين زادتْهما النجوم تألُّقًا.
تسقط زهرة الأحزان.
تشرح صمتَها لعجوزٍ أصم.

•••

الذي كان يملؤها كل ليلة
يرتشفها على مَهْل.
دربها ينكفئ في أضلعها،
طفلتها اﻟ … ستأتي ذات عَتَمَة.
تصحو،
وليس لها سوى نشيج من عذاب،
وفنجانِ دموعٍ مندلق في الصمت.
ريح ابتدعت للمجيء
أنين الانتظار.
أنامل لم تعرف السكينة،
وخوف أثقله السراب.

•••

في ذلك الركن القَصيِّ من بيت مهجور
أتأمل تعب أقدامها المنهكة بالخوف،
كأزهار «عباد شمسٍ عمياء».
أينما يمَّمتْ أناملها
تشظَّت أحلامُها العابرة،
وكلما جفَّت في حلْقها «المهاجل»
حرث الغرباء براءتها الصامتة.

•••

تائهة في مدارات الجنون، وهذيانها الموجوع
«بذاكرةٍ مشوهةٍ»،
لمدينة تكتب بالماكياج تاريخها.
والليل المقسوم ضفتين:
ضفة لا أوَّل لها،
وضفة لا آخر لها.
وهي بَذرة في ثنايا الحجر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤