البؤس

figure
من نقش الأستاذ شعبان زكي.
لم يبق من حظ لديه ببؤسه
إلا عصابةُ رأسه البيضاء
وكأنما سخرت به وبلونه
فبياضها في ليله إيذاء!
وبدا بلمعة ناظريْه من الأسى
حرَقٌ، ومن نزف الفؤاد دماء
ويلوح مثل النبت صوَّحه الظما
فجفاه من بعد الدماء الماء
لاح العناء بوجنتيه، وورمت
شفتيه قبل هزاله الأرزاء
وغدا الكساء عليه مهزأة به
في حين لم يعمر عليه كساء
غلب الذهولُ عليه من إعيائه
وذهوله نطق له ونداء
فيلوح في عينيه لاشمئزازه
ألَقٌ، وفي اشمئزازه استهزاء
ويعضُّ فيه الجوع وهو مقاوم
جَلْدٌ، ويمنعه البكاءَ حياء
لكن تنمُّ عليه مسحة وجهه
حيث التلهُّف مُعلن مشَّاء
وترى فمًا فتح العناءُ أمامه
سُبلَ الشكاة فخانه الإدلاء
فإذا السكوت له مناحة شاعر
إن كان في بعض السكوت رياء
ألقى يد التسليم في سخط، وفي
عزف عن الدنيا، وعمَّن ساءوا
وأبى سوى مَرآه لفظة بغضهِ
للناس حين جميعهم أعداء!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤