الجد وحفيده

figure
وحي صورة دمينيكو Domenico (١٤٤٩–١٤٩٤م) المودعة بمتحف اللوفر، وهي مثال لفن المدرسة الفلورنسية.
يتناجيان: فذاكَ جدٌّ رامقٌ١
بحفيده ما غاب عنه ولاحا
يلقى بعينيه طفولة أمه
ويراقب الآتي به وضَّاحا٢
وكأنه الكنز العزيز يحوطه
وبروحه يستودع الأرواحا
صحب السنين لياليًا، فإذا رنا
لصغيره يتوسم٣ الإصباحا
لم تترك الدنيا له من لذة
إلاه، أو أعطت سواه رباحا٤
وهو القَنوع به، يود لوَ انَّه
يحيا سياجًا حوله ورماحا
عركته أحداث الزمان، وهمه
أن لا يذوق حفيده الأتراحا
ويفيض من عينيه فرط حنانه
وتحول٥ طلعة نفسه٦ مصباحا

•••

وترى الصغير يخصه بعبادة
كالطير ألَّه في أبيه جناحا
هذي اليد الحاني به في لمسها
تلك العباءة بلَّغته طماحا!٧
ما كان أسعد منه بين تأمل
في حضن ذاك الجد حين أباحا
يرنو إلى الوجه الحزين كأنما
بهمومه يتأمل الأفراحا!
وكأنما هو معقل لرجائه
ويرى العسير متى رآه متاحا!٨
ويرى الصباحة في المحبة وحدها
ومن المحبة ما يفوق الراحا
ويرى تورم أنفه حُسنًا له!
والطفل كان خياله فضَّاحا٩
صور الأمور قوامها بعيوننا
ونفوسنا مشدوهة١٠ وصحاحا
فإذا رغبن فأي قبح مخجل؟!
وإذا أبين فأيُّ عطرٍ فاحا؟!
١  رامق: مطيل النظر.
٢  وضاحًا: بسامًا.
٣  يتوسم: يتعرف.
٤  الرباح: الربح.
٥  تحول: تتحول.
٦  كناية عن وجهه.
٧  الطماح: الكبر والفخر.
٨  متاحًا: مهيأ.
٩  فضاحًا: متغلبًا عليه ومفشيًا روح طفولته.
١٠  مشدوهة: مشدوخة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤