نماذج الشعراء ووحدة الحب

ساءلتِ عن غزلي وعن إيمائي
فيما دعوتُ «نماذج الشعراء»
فلمَ السؤال وذاك صوتك شاهد
حقًّا على عرفانك المترائي؟!
هل كان لي غزل سواك، وصورة
إلاَّك، في تصويريَ الوضاء؟
من يرسم الزهر النضير مهفهفًا
فبذهنه نفح لروض نائي
وأنا كذلك في نواك تغزلا
وإن اتصلتُ بغادة هيفاء
كل الفواتن ما مثلن لخاطري
إلا مظاهر سحرك المشَّاء
عودي إذن إن أنت دنت لغيرة
تعد المنى في الجنة الفيحاء!
وإذا أبيت فسامحي معبودةً
نظري ببعد الشمس للأضواء
وأنا الموحد في العبادة دائمًا
وأراك يا أملي صباحَ مساء
مثل الجمال إذا خطرن لناظري
مثلت فيهن الجمال إزائي
ما كان إشراكًا بحبك بل غدا
صوفيةَ المتبتل المتنائي
للفن أحكام إذا خالفتها
لم يحل لي شعر بحلو بهاء
نال المصورُ من نماذج فنه
ما شاء في بُعد عن الرقباء
والشاعر الرسام يحرم غالبًا
مثلًا تعبر عن عزيز سناء
ويُساءَلُ الشعراء عند سكوتهم
باسم الملاحة عن نظيم وفاء
وهم الذين يحارَبون لحبهم
ما شاق في خُلق وفي أشياء!
فتدلَّلي ما شئت، لكن جانبي
هجري، أُصغِ لك فرحتي وبكائي
ويحل جمالك حسن ما أنا ناظم
ويَصِرْ دلالك رقتي وروائي
هيهات ينضب لي معين صبابة
في حين وجداني وفي إملائي
ليس العذاب بما ينبه مهجةً
يقظى على السراء والضراء
طبعت على الحب الصميم وغردت
بالشعر في شغف وفي استحياء
فحياتها شعر وإن هي صاحبت
يأسًا وإن هي عُللت برجاء
ما كانت الأحداث مبعث شدوها
بل كان صوت النور لا الظلماء
شعر التحرق ليس غير رجائها
في حالي النعماء والبأساء
غنيت سجيتها بألحان الهوى
فدعي الهوى ينطق بكل جلاء
هيهات يجديه فراقك باعثًا
للشعر حين سناك خير نداء
لا تُسقميه بطول بُعدك، إنه
مهما أجاد يفته حسن أداء
هذا شعور لا أقاس بغيره
من صدق إحساسي بلا إخفاء
وعليَّ فرض مدافع عن رِفقتي
في الفن والحرمان والأعباء!
حرموا النماذج ثم ليم عزوفهم
عن نظم شعر الحب والنعماء!
ولَوَ انَّهم نظموا لجاء صناعة
كصناعة النجار والبناء!
لا خير في نقش الحياة بريشة
بيد الغبين يُرَدُّ دون ضياء!

•••

فتبسمت وتنهدت ودعت إلى
تحديثها عن سيرة الشهداء
فسألت: من هم؟ وارتبكت لوردة
في خدها ولوعدها بلقائي
قالت: أظنك قد نسيتَ حقوقهم
فتعال نبحث فتنة الشعراء!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤