محفوظات

قِصَّةُ الْبازِ وَاللَّقْلَقِ
قَنَصَ الْبازُ قُبَّرَهْ
وَعَلا الْبِشْرُ مَنْظَرَهْ١
فانْبَرَى لَقْلَقٌ لَهُ،
وَرَمَى الْبازَ بِالشَّرَهْ٢
قالَ: «أَطْلِقْ سَراحَها
تَأْتِ بِرًّا وَمَأْثَرَهْ٣
صُوْتُها ساحِرٌ، فَلا
تَحْرِمِ النَّاسَ مَصْدَرَهْ
ضَعْفُها ظاهِرٌ، وَفِيـ
ـكَ صِيالٌ وَمَقْدرَهْ٤
فَاحْبُها نِعْمَةَ الْحَيا
ةِ جَمِيلًا فَتَشْكُرَهْ.»٥
•••
هَزِئَ الْبازُ قائِلًا:
«سَيَّدِي: أَلْفَ مَعْذِرَهْ!
غَيْرَ أَنِّي تَرِيبُنِي
فَعْلَةٌ مِنْكَ مُنْكَرَهْ٦
ضِفْدِعٌ – بَيْنَ مِخْلَبَيْـ
ـكَ – تُزَجِّيهِ كَالْكُرَهْ٧
ضَعْفُهُ ظاهِرٌ، وَفِيـ
ـكَ صَيالٌ وَمَقْدِرَهْ
فاحْبُهُ نِعْمَةَ الْحَيا
ةِ جَمِيلًا فَيَشْكُرَهْ
إِنَّ لِلْخَيْرِ - إنْ أرَدْ
تَ – طَرِيقًا مُيَسَّرهْ
فافْعَلِ الْخَيْرَ بادِئًا
ثًمَّ لُمْنِي عَلَى الشَّرَهْ»
•••
كَمْ خَطِيبٍ – عَلَى المَكا
رِمِ – قَدْ حَثَّ مَعْشَرَهْ٨
إنْ رَأى ناكِبًا عَنِ الْـ
خَيْرِ – فيِ النَّاسِ – عَيَّرَهْ٩
هَنَواتُ الْوَرَى، يَرا
ها ذُنُوبًا مُكَبَّرَهْ١٠
ثُمَّ يُلْفِي ذُنُوبَهُ
هَنَواتٍ مُصَغَرَهْ
•••
مِثْلُ هذا مُنافِقٌ،
جَعَلَ النُّصْحَ مَتْجَرَهُ١١
نُصْحُهُ كُلُّهُ خِدا
عٌ، وَغِشٌّ، وَثَرْثَرَهْ!١٢
١
«قَنَصَ»: صاد. و«البازُ»: نَوْعٌ مِنْ أَنواعِ الصَقرِ.
و«القُبَّرةُ»: نَوْعٌ مِنْ أنْواعِ الْعَصَافِيرِ.
٢
«انْبَرى»: انْدَفَعَ. و«اللَّقْلَقُ»: طائرٌ طوِيلُ الْعُنُقِ
والرِّجْلَيْنِ يُوصَف بِالذَّكاءِ. و«الشَّرَهُ»: شدَّةُ الْحِرْصِ
والْإِقْبالِ عَلَى الْأَكْلِ.
٣
«الْمَاثَرَةُ»: الْمَكْرُمَةُ والصُّنْعُ الْجَمِيلُ.
٤
«الصِّيالُ»: الْمُدَافَعَةَ والْمُغالَبَةُ والْقَهْرُ.
٥
«احْبُها»: أَعْطِها وامْنَحْها.
٦
«تَرِيبُنِي مِنْكَ»: تُشَكِّكُنِي فِيكَ، وَتُخَوِّفُنِي
مِنْكَ.
٧
«تُزَجِّيهِ»: تَدْفَعُهُ وتَرْمِيهِ.
٨
«حَثَّ مَعْشَرَهُ»: دَعا قَوْمَهُ وَحَضَّهُمْ.
٩
«النَّاكِبُ عَنِ الْخَيْرِ»: الْمُبْتَعِدُ عَنْهُ، الْمُتَجَنِّبُ
لَهُ.
١٠
«الْهَنَواتُ»: الْأَشْياءُ الصَّغِيرَةُ، أَي: الذُّنُوبُ
التَّافِهَةُ.
١١
«جَعَلَ النُّصْحَ مَتْجَرَهُ»: جَعَلَ الْوَعْظَ تِجارَتَهُ و
بِضاعَتَهُ.
١٢
«الثَّرْثَرَةُ»: الْكلامُ الْكثِير الَّذي لا فائِدَةَ مِنْهُ، وَلا
خَيْرَ فِيهِ.