الفصل الرابع عشر

تحذير الفأر

جذب سفينة عبر البحر عمل شاق، وعليه بدأت عصافير الجنة بعد ساعة أو اثنتين تشعر بالتعب، وكلت أجنحتها، ولهثت، وأشارت إلى الدكتور دوليتل بأنها بحاجة إلى الراحة، وأخبرته بأنها ستجذب السفينة إلى جزيرة قريبة حيث سيخبئونها على الشاطئ ويستريحون.

وعندما بلغ الطبيب والحيوانات الشاطئ بمأمن، أبلغ الطبيب الحيوانات أن بإمكانها أن تترجل من السفينة، إذ أدرك أنها تريد أن تمدد ساقيها، وأعلمها بأنه سيذهب ليبحث عن بعض الماء.

وأثناء مغادرة السفينة، لاحظ الدكتور دوليتل مئات الجرذان تصعد إلى ظهر السفينة من الطابق السفلي لها. كانت هذه الجرذان بدورها تاركة السفينة.

زحف من بين الجرذان جرذ أسود كبير متجهًا إلى الدكتور دوليتل، وسعل عدة مرات ثم توقف برهة لينظف شاربه، ثم تحدث.

قال بخجل: «معذرة أيها الطبيب، لكن عليك أن تعلم أن كل السفن على متنها جرذان.»

فقال الدكتور دوليتل: «أجل، سمعت هذا من قبل.»

– «لا شك أيضًا أنك قد سمعت أن الجرذان تغادر السفن الموشكة على الغرق.»

– «سمعت بهذا أيضًا.»

فقال الفأر: «أردت فقط أن أعلمك بأننا سنغادر هذه السفينة. لكن قبل هذا وددت أن أخبرك أن هذه السفينة ليست آمنة؛ فجانباها ليسا قويين، وألواحها فسدت. لن تصمد هذه السفينة يومًا واحدًا آخر.»

فسأل الطبيب: «لكن كيف أدركت هذا؟»

فأجاب الفأر: «نحن ندرك هذا دائمًا؛ نشعر بخدر في أطراف ذيولنا. إنه الشعور نفسه الذي يصيبك عندما تتخدر قدمك، جميعنا شعرنا بذلك هذا الصباح. حسبت في البداية أنني أصبت بالتهاب المفاصل من جديد، وأخبرت أخي بذلك فقال إنه يشعر الشعور نفسه، وأجمعنا على أن المشكلة تكمن في السفينة. عليك ألا تبحر عليها مجددًا، الآن علي أن أغادر؛ فعلينا أن نبحث عن مكان جيد نسكن فيه على الجزيرة. وداعًا!»

لوح الدكتور دوليتل بيده مودعًا الجرذ وهو يهرع إلى السفينة وصاح: «أشكرك على إخبارنا.»

غادر الطبيب وحيواناته السفينة، وحملوا معهم أوعية لملئها بالماء، وعجلوا في سيرهم على الشاطئ لئلا يزعجوا عصافير الجنة التي أخذت تستريح.

قال الدكتور دوليتل متعجبًا: «ترى ما اسم هذه الجزيرة؟ يوجد الكثير من الطيور هنا.»

قالت داب داب: «هذه هي طيور الكناري. ألا تسمع غناءها؟»

فصاح الطبيب: «آه. بلى أسمعه. ما أسخفني! ترى هل يستطيعون أن يدلونا على مكان نعثر فيه على الماء.»

فنادى على طيور الكناري التي سرها أن تساعده؛ كانت قد سمعت عنه من الطيور الأخرى، فأعطته جولة حول الجزيرة وصحبته هو وحيواناته إلى شلالاتها وحقولها الخضراء، وإلى نبع مياه عذب ملأ منه هو والحيوانات دلاءهم بالماء، وشعر الجميع بسعادة بالغة.

فضل البوشميبوليو الأعشاب الخضراء كثيرًا على التفاح المجفف الذي كان يأكله على السفينة. أما جاب جاب فتسنى له أن يحفر الأرض بحثًا عن الجذور اللذيذة، وأحب الجميع وادي قصب السكر البري الذي وجدوه بجانب النبع.

لكن فجأة طار اثنان من عصافير الجنة في لهفة إليهم.

قالا: «حضرة الطبيب! وصل القراصنة إلى الشاطئ. وجميعهم على متن سفينتكم الآن.»

سأل الدكتور دوليتل: «كل القراصنة على متن سفينتنا؟»

فأجاب عصفورا الجنة: «أجل، إنهم يسرقون كل شيء! لقد رأيناهم جميعًا وهم يهبطون إلى الطابق السفلي من السفينة.»

قالت داب داب: «إن كانوا جميعًا على متن سفينتنا، فهذا يعني أن سفينتهم خاوية!»

قال الدكتور دوليتل: «أنت محقة! هذه فكرة رائعة!»

قالت جاب جاب: «فكرة! لم أسمع أحدًا يقول فكرة. عم تتحدث؟»

أجابه الدكتور دوليتل: «آسف يا جاب جاب. ليس هناك وقت لشرح كل شيء. علينا أن نسرع!»

وجمع جميع حيواناته، وودعوا عصافير الكناري سريعًا، ثم هرعوا إلى الشاطئ.

وجدوا سفينة القراصنة ذات الشراع الأحمر راسية في الماء، وليس على متنها أحد كما أخبرهم عصفورا الجنة، فأخبر الدكتور دوليتل حيواناته بأن تسير بهدوء وتتسلل جميعًا إلى سفينة القراصنة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤