شبكة الويب الدولية

روبا باي

هل سمعتَ من قبل عن شبكة الويب الدولية؟ لا؟ حسنًا، لا عليك.

والآن، هل سمعت من قبل بالإنترنت؟ نعم؟ عظيم!

ولكن ما هي الإنترنت؟ هل قلت: «لستُ متأكدًا تمامًا، ولكن ما أعرفه هو أن لها علاقةً بأجهزة الكمبيوتر»؟ هذا صحيح؛ الإنترنت بالفعل هكذا. ولكن هذا لا يُشكِّل الجواب الكامل عن السؤال.

ما الجواب الكامل إذن؟ حسنًا، نحتاج إلى مُختص للإجابة عن هذا السؤال. بالمناسبة، أنا أعرف تمامًا مثل هذا الشخص! إنه عادة ما يكون موجودًا بالقُرب من جهاز كمبيوتر، ولذلك دعونا الآن نذهب مباشرة إلى الكمبيوتر.

مرحبًا يا نيتيكوتي! معي مجموعة من الأطفال يرغبون في لقائك! اخرجي إلينا، اخرجي إلينا، أين أنتِ؟

ها هي! هيا يا أطفال تقدَّموا وحيُّوها معي! ولا يغُرَّنَّكم لطفُها وحجمها؛ فهي تحتفظ بالكثير من المعلومات في رأسها الصغير!

«حسنًا، يا نيتيكوتي، هذا ما يريد الجميع هنا أن يعرفوه؛ ما هي الإنترنت؟»

أوه، هذا سؤال كبير. دعوني أرَ كيف يُمكنني تبسيط الإجابة عنه.

الإنترنت عبارة عن مجموعة كبيرة جدًّا جدًّا من أجهزة الكمبيوتر من مختلِف أنحاء العالَم مُرتبطة فيما بينها. وكلمة Internet هي اختصار ﻟ INTERconnected NETworks.

ويُمكن لهذه الأجهزة أن تكون أجهزةَ كمبيوتر ضخمةً (كتلك التي تستخدمها مراكز الأبحاث أو حكومات الدول)، أو أجهزة كمبيوتر مكتبية (كتلك الموجودة في البنوك ومراكز الكمبيوتر)، أو أجهزة كمبيوتر محمولة (كتلك التي يحملها الناس في حقائبَ على أكتافهم أينما ذهبوا)، أو هواتف محمولة (كتلك التي تطنُّ بصوتٍ عالٍ ومُزعج في قاعات السينما)، أو حتى مُشغلات الموسيقى الصغيرة ذات السماعات الصغيرة التي تُثبَّت في الآذان، وتبدو وكأنها نبتت من الداخل.

وترتبط جميع هذه الأجهزة بعضها ببعض إما عبر كابلاتٍ وأسلاك ظاهرة تمتدُّ فوق الأرض أو تحتها، أو حتى في أعماق البحار (وذلك في حالة أجهزة الكمبيوتر الكبيرة)؛ وإما عبر إشاراتٍ لاسلكية (وذلك في حالة أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والهواتف المحمولة، ومُشغلات الموسيقى).

وهكذا كما ترون لا حاجة لأن تجلسوا في مكانٍ ما وتوصلوا جهاز الكمبيوتر خاصتكم بمأخذٍ كهربائي لكي تدخلوا على الإنترنت؛ فبإمكانكم الاتصالُ بالعالَم عبر الإنترنت حتى وأنتم تتنقَّلون من مكانٍ إلى آخر.

«إذن هذه هي الإنترنت. لقد اعتقدنا أن الإنترنت هي للحديث مع الأصدقاء، وتنزيل أغاني الأفلام، وحجز بطاقات السينما، والبحث عن معلوماتٍ للمشاريع الدراسية، ومعرفة رقم هاتف مُستشفًى ما!»

الإنترنت في الحقيقة ليست هذه الأشياء. إنَّ كل هذا يُشكل جزءًا من شيء سحري بالفعل؛ شيء يُدعى شبكة الويب الدولية World Wide Web؛ دعونا نُسمِّها بشكلٍ مُختصر W3. وهي عبارة عن مجموعةٍ كبيرة جدًّا جدًّا مما يُطلَق عليه «الصفحات» (إذ يُوجَد اليوم حوالي ٤٠ مليار صفحة عامة على شبكة الويب)!

يُمكن للصفحة الواحدة أن تحتويَ على معلوماتٍ في شكل كلمات، وأرقام، وصور فوتوغرافية، وأغانٍ، ومقاطع فيديو، وغير ذلك. ومجموعة الصفحات هذه موضوعة على الإنترنت، في ملايين أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة ومشغلات الموسيقى هذه. إذن الإنترنت هي شبكة تضمُّ شبكاتٍ عديدةً مؤلَّفة من أجهزة كمبيوتر، سواءٌ أكانت عاديةً أم محمولة أم لَوحية، وهواتف محمولة. أما شبكة الويب الدولية، فعبارة عن مجموعة من الصفحات المرتبطة مع بعضها البعض والموضوعة على الإنترنت.

وهكذا يُمكن القولُ إن شبكةَ الويب الدوليةَ ليست هي الإنترنت، ولكنها تُشكِّل جزءًا منها؛ لكنه الجزء الأكثر إثارة. وإذا ما قُمنا بتصوُّر الإنترنت كمطعم، فتكون عندئذٍ شبكة الويب الدولية هي الطبقَ الأشهر في قائمة الطعام. وتُسمَّى الملعقة التي تُساعدكم في الحصول على الطعام الموجود بهذا الطبق، وتناوُلِ الأجزاء التي ترغبونها منه ﺑ «متصفح الويب».

«أوه! لقد جعَلتِنا يا نيتيكوتي نشعر بالجوع الآن! ولكن من فضلك أخبرينا بالمزيد حول ما يجعل شبكة الويب شهيرةً إلى هذه الدرجة الكبيرة.»

سأفعل ذلك بكل تأكيد! تُعتبر شبكة الويب في الحقيقة مصدرًا كبيرًا للإثارة؛ لكونها تتضمن التالي:
  • البريد الإلكتروني: يُمكن للمُستخدِم إرسالُ رسالةٍ إلى أي شخصٍ في أي مكان في العالَم، وسيستلمها المُرسَل إليه في أقلَّ من دقيقة! إن إرسال نفس هذه الرسالة في البريد العادي إلى شخصٍ ما في أمريكا، على سبيل المثال، يستغرق ١٥ يومًا على الأقل. ويُكلف أيضًا الكثير من المال في الوقت نفسِه، في حين أن استخدام البريد الإلكتروني مجَّاني بالكامل!
  • البحث: تُمكِّن هذه الميزةُ المُستخدِمَ من إيجاد معلومات مفيدة — أو غير ذلك — حول ملايين المواضيع المختلفة.

    قد تُريدون على سبيل المثال أن تعرفوا الدول التي يمرُّ بها نهر الجانج، أو ترون كيف يبدو شكل تمثال الحرية. أو ربما تريدون أن تسمعوا إحدى الأغنيات السينمائية لمُطربك المفضَّل، أو تُشاهدوا حلقة فاتتكم مُشاهدتُها من مسلسلٍ ما. وقد ترغبون في أن تعرفوا نتائجَ بطولة العالم للكريكيت للرجال، أو ما إذا كانت لا تزال هناك تذاكرُ سفر متوفرة لرحلة القطار من مومباي إلى بونه ليوم الغد.

    وإذا أراد شخصٌ ما في أي مكانٍ في العالم، مُتصل جهاز الكمبيوتر الخاص به بشبكة الإنترنت، أن يُشارك مع العالم هذه المعلومات ويقومَ بوضعها على شبكة الويب، فسيكون في مقدوركم أن تجدوها؛ على الفور! وبشكلٍ مجاني!

    «ولكن، يا نيتيكوتي، كيف يُمكنك العثور على الصفحة التي تُريدينها من بين مليارات الصفحات الموجودة على الويب؟»

    هذا سهل جدًّا! لكل صفحةٍ من الصفحات الموجودة على الويب «عنوان» فريد يُساعد متصفح الويب الخاص بي في العثور عليها تمامًا مثلما يساعد عنوانُ المنزل ساعيَ البريد على العثور على المنزل المطلوب لإيصال البريد. وهكذا إذا كنتُ أعرف عنوان الصفحة فيُمكنني العثور عليها على الفور وبمنتهى السهولة.

    لكن ماذا في حال عدم معرفة عنوان الصفحة؟ لا يُوجَد مشكلة! يُمكنني استخدام خدمةٍ مدهشة تُسمَّى «مُحرك البحث» الموجود على الويب أيضًا لمساعدتي في ذلك.

  • المشاركة: تُساعد هذه الميزةُ المُستخدِمَ على مشاركة ما يريد مع الآخرين في العالَم؛ على سبيل المثال، أغنية يُحبها، أو صورة كلبه، أو طريقة مبتكرة لحل مسألة رياضيات عويصة، أو أفكاره الخاصة للمحافظة على نظافة الشوارع. لا أحد يملك الإنترنت أو الويب، كما أنه لا تملك الحكوماتُ أي سُلطة عليه، وهكذا لا يحتاج المُستخدِم إلى أي إذنٍ أو موافقة قبل أن يقوم بتبادل المعلومات مع الآخرين.

    فكِّروا كم سيكون هذا مَدْعاةً للراحة والسرور! لديكم حتى الآن كتبٌ وأفلام وتلفزيون وصحف تُعطيكم معلوماتٍ عديدة، و«تتحدث» إليكم، ولكنكم لا تستطيعون أن تردُّوا وتتحدَّثوا إليها. الآن تغيَّر كل هذا مع الويب؛ فتستطيعون الآن أن تستمعوا وأن تُبدوا رأيكم أيضًا. وليس من المهم هنا أن يكون المستخدِم شخصًا هامًّا أو بالغًا للقيام بذلك. هذا هو بالضبط ما يجعل شبكة الويب رائعةً حقًّا؛ إنه حقًّا نظام مجاني ومفتوح وديموقراطي؛ فهو يمنح الفرصة لجميع المُتصلين بالإنترنت لقول ما يريدون.

«هذا عظيم ورائع حقًّا! والآن، يا نيتيكوتي، لدينا سؤال مختلف كليًّا؛ لقد عرَفْنا أن W3 يعني شبكة الويب الدولية، ولكن لماذا توصف بالشبكة؟ أليست الإنترنت هي بالفعل شبكة؟»

هذا سؤال جيد! أنت مُحقٌّ في قولك إن الإنترنت هي شبكة (لأن جميع أجهزة الكمبيوتر هذه مرتبطة بعضها ببعض)، ولكن هذا ينطبق على الويب أيضًا. دعني أوضح المسألة أكثر.

هل تذكرون مليارات الصفحات التي تتكوَّن منها الويب؟ إن هذه الصفحات كلَّها تكون مُرتبطة بشكلٍ «تشعُّبي» بعضها ببعضٍ أيضًا!! وهذا يعني أنك تستطيع الانتقال من صفحةٍ إلى أخرى بلا نهاية! هل فهمتم الآن كيف أن الويب هي شبكة أيضًا؛ مصدر كبير جدًّا جدًّا في متناول جميع سكان العالم للاستمتاع والحصول على مختلِف أنواع المعرفة والترفيه والمعلومات؟

«نعم، لقد فهمنا ذلك حقًّا! الآن يتعين علينا أن نعرف من هو صاحب هذا العقل الخارق الذي جاء بمثل هذه الفكرة الرائعة؟»

اعتقدتُ أنكم لن تسألوا أبدًا مثل هذا السؤال! لأن الإجابة عليه تتطلب العودة إلى الوراء لفترة ٢٠ سنة، إلى مركز أبحاث نووي في سويسرا يُسمَّى اختصارًا سيرن. كان العديد من العلماء هناك، وعبر مراكز أبحاث أخرى في أوروبا، يعملون على مشاريع مشتركة، ولم يكن هناك طريقةٌ سريعة وسهلة في ذلك الوقت لكي يَطَّلعوا على نتائج أعمالهم البحثية المشتركة. وكان عليهم في الواقع أن يذهبوا بأنفسِهم إلى مراكز الأبحاث الخاصة بكلٍّ منهم، أو أن يستخدِموا خدمات مراكز البريد ويرسلوا المندوبين لتحقيق هذا الغرض.

شعر أحد العلماء في مركز سيرن السويسري، ويُدعى تيم برنرز لي، بالضيق الشديد من تواصُله مع العلماء الآخرين بهذه الطريقة، وقرَّر أن يُحاول التوصُّل إلى طريقةٍ أفضل وأسرع للتواصُل مع العلماء الآخرين، وتبادُل المعلومات معهم. فجاء بفكرةٍ عظيمة مبتكرة للقيام بذلك تُسمَّى «النص التشعُّبي»؛ وهي طريقة لربط المعلومات الموجودة على أجهزة الكمبيوتر مع بعضها.

وجرى تطبيق الفكرة بشكل جيد بالفعل في مركز سيرن، وكان الكل بحقٍّ سعيدًا لذلك. وبعدها جاء تيم برنرز لي بفكرة عظيمة ثانية.

شعر تيم بأن اختراعه يُمكن أن يُفيد الآخرين أيضًا، وأنه سيكون تصرُّفًا يتَّسِم بالأنانية لو اقتصر استخدامُه فقط على مركز سيرن. فقام بمناقشة الأمر مع إدارة المركز، وأقنعهم بالسماح له بمشاركة فكرة النص التشعُّبي بشكلٍ مجاني مع العلماء الآخرين في مختلِف أرجاء العالم. وبدأ تيم في مشاركة فكرته، وحثَّ الجميعَ على العمل في الوقت نفسِه على تطوير الفكرة، أو إضافة أي ميزاتٍ أُخرى كما يرغبون.

وهكذا أصبحت فكرة الوصول إلى المعلومات ومشاركتها بشكلٍ فوري من أي مكان في العالَم فكرةً قوية جدًّا وجذابة للغاية؛ بحيث جعلَت الكثيرين يبدَءون في استخدام النص التشعُّبي.

وبما أنه في مقدور أي شخصٍ استخدامُ أفكاره لتحسين عمل الإنترنت، فقد شعر الجميع في مختلف أنحاء العالم بأنهم «يملكون» الإنترنت. وهذا شيء رائع بالفعل.

وبحلول العام ١٩٩٣، حدثت طفرة في استخدام الويب حيث بدأ الملايين في استخدامها. واليوم يُوجَد أكثر من مليارَي شخص يستخدمون الويب بطريقةٍ أو بأخرى؛ ويُشكِّل هذا الرقم ثلث سكان العالم تقريبًا!

«حسنًا، كانت ستكون الحياة مختلفة كثيرًا اليوم لو كان تيم برنرز لي قد قرَّر ألا يكون كريمًا جدًّا، أليس هذا صحيحًا؟»

بكل تأكيد! ألا تعتقدون أنه يتعين علينا أن نشكره شكرًا جزيلًا هو والويب معًا؟

«نعم! بالتأكيد يا نيتيكوتي!»

هل أنتم جاهزون؟ هيا اشكروا معي تيم برنرز لي والويب!

«شكرًاااااااا!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤