المقالة الثانية عشرة

«المرأة والرجل وهل يتساويان؟» ردٌّ١
هم في ضميرك خيَّموا أم قوَّضوا
ومُنى جفونك أقبلوا أم أعرضوا
وهمُ رِضاك من الزمان وأهله
سخطوا كما زعمت وشاتك أم رضوا

ما بال ربَّات الحِجال وذوات اللطف والدلال برَزْن من خدورهن غَضابى، وأوسعنني لومًا وعتابًا، وفتحن عليَّ حربًا أعدى من حرب البسوس، وأظلم من يومَي سعد وبوس، وما أتيت ضدهن بمُنكَر، ولا ارتكبت في حقهن ذنبًا لا يُغفر؟

أو ماذا رأين في مقالتي «المرأة والرجل وهل يتساويان؟» من قصد التحامل عليهن والإجحاف بحقوقهن، حتى نفخن في البُوق، وهِجنَ بنات جنسهن في الأقطار، وتألَّبن عليَّ جماعاتٍ متَّفِقات لأول مرة، وتربَّصن في مُناوأتي تربُّص الآساد، وعهدي بهن أنفر من الظباء، وأنا لم آتِ فيهن إلا بما قرَّره الواقع وشهد به الحال؛ انتصارًا لهن من القوم الظالمين؟

أقصَّرت في مدحهن، أم لم أُبالغ في وصف محاسنهن، أم لم أعترف بحقوقهن؟ ألستُ القائل فيهن: «وبرَوا لها أقلامًا أقوَمَ من قدود الهِيف إذا أخجلت سُمْر القنا، وطعنوا بها طعناتٍ أوقع من لحاظهن إذا رنَّت سهامها في القلوب.» أفلا يُعجَبن بهذا الإطراء؟ أولست القائل أيضًا: «ولا يبخسها هو (أي الرجل) حقًّا اعترف لها به مقامها في الهيئة الاجتماعية، مُتقاسمَين الأعمال كلٌّ منهما في دائرته غير مُتطاول إلى دائرة سواه؛ وبذلك يتمُّ نظام العائلة البشرية، التي هي أم الاجتماع الإنساني.» أفلا يرضَين بهذه المُساواة؟

على أني أُجلُّهن عن أن أُنزِلهن منزلة من يقول: «إن النساء لا يُرضيهن شيء.» ولعل في الأمر دسيسة يدٍ مُبرقعة، وما هي بذات برقع (سامحها الله)،٢ افترت علينا ذلك، فاقتضبت عباراتي، وحوَّلت إشاراتي، وأبدلت قولي، وغيَّرت منقولي اعتداءً عليَّ وتملُّقًا لهن، وصَلت بيننا نار هذه الحرب، وهنَّ منها، يشهد الله، براء، وأنا لست منها في شيء، بل تراني أُقدم فيها رجلًا وأُؤخِّر أخرى، وإلا فهنَّ أرفع من أن يعدُدن تقرير الواقع تحاملًا والإنصاف إجحافًا.
قد وقع الصلح على غلتي
فاقتسموها كارةً كارة
لا يُدبر البقَّال إلا إذا
تصالح السِّنَّور والفارة

رُحماكن سيداتي، لو كان لي أن أصف المرأة كما أريد وأشتهي لوصفتها كما قال أحد شعراء الإنكليز: «إن الله خلق الرجل أولًا على سبيل التجربة، ثم خلق المرأة أخيرًا؛ لتكون من طينةٍ أرقى.» ولكن من أين لي ذلك؟ وأنا لم أتجشَّم البحث في هذا الموضوع، وأجعل نفسي هدفًا لسهام الأغراض، إلا مُنقادًا للعلوم الطبيعية لا للتصورات المجونية، كمؤرِّخٍ يصف الوقائع ويشهد الأحوال ابتغاءَ رفع شأن المرأة في العمران بمعرفة مقامها الطبيعي فيه، ولا ذنب لي إلا ذنب الصادقين في الود المُخلِصين في القول، وإلا فما المانع من أن تُساوي المرأة الرجل؟ ولماذا لم تتغلب عليه، بل تركته يسنُّ الشرائع المُجحفة بحقوقها، ويقوى عليها من أول الأمر؟

وأنَّى يمكن أن تكون بينهما هذه المُساواة وهما مختلفان بالطبع من أصل الفطرة في التركيب والقابليات والواجبات؟ فطلبُ المرأة مُساواةَ الرجل كطلب الرجل مُساواة المرأة أمرٌ مستحيل. وإني لأعجب كيف يُحاول بعض الناس إثبات هذه المُساواة، وما مثله إلا كمثل من يُحاول أن يُساوي بين أعضاء الجسد المختلفة. ألعلَّه يجهل أن اختلاف التركيب يُوجب اختلاف القُوى والأفعال؟

فبقي علينا إذن وقد تقرَّر هذا الاختلاف كما تقرَّر بين أعضاء الجسد، أن نعرف نِسبته فيهما. ولا نبحث في ذلك من حيث أهميتهما في الجسم الاجتماعي؛ فإنه لا خلاف في أن كلًّا منهما عضوٌ مهمٌّ شديد اللزوم لكمال الهيئة الاجتماعية، كما أن كل عضو من أعضاء الجسد شديد اللزوم لكماله. وقد تداركت ذلك في مقالتي السابقة حيث قلت: «بل نضعها (المرأة) في مقامها الحقيقي الذي يليق بها تابعةً الرجل في ارتقائه، مُساعدةً له مُتمِّمةً ما نقص من كماله، مُخفِّفةً عنه مشاقَّ الحياة الداخلية كما هو يُذلِّل لها مصاعب الحياة الخارجية، حاضنةً أولادها تحت جناحَي حُنوِّها وتدبيرها عن طبع وتهذيب كما هو يسهر على راحتهم بعينَي سعيه وإقدامه عن سليقة ومعرفة.» بل نبحث في نسبة هذا الاختلاف من حيث تفاوُتهما في القوى جسديًّا وعقليًّا.

•••

يعلَم قُراء المقتطف الأغر أني نشرت في عددَيه السادس والسابع بتاريخ هذا العام مقالةً تحت عنوان: «المرأة والرجل وهل يتساويان؟» ضمَّنتها خلاصة مباحث الطبيعيين وعلماء الأخلاق المُتأخرين، وصرفتُ فيها النظر عن أقوال المُتقدمين، ولم أُورِد من أقوالهم إلا شيئًا يسيرًا على سبيل الاستطراد لا الاستشهاد، وقيَّدت نفسي كل التقييد بعلوم الاختبار، واقتصرت على ذِكر الوقائع المقرَّرة، واجتنبت على قدر الطاقة التعرُّضَ للأسباب إلا فيما ندر، كل ذلك لكي أحصر الموضوع في دائرةٍ لا يجد فيها المتقوِّلون محلًّا لكثرة الظنون؛ حسمًا للنزاع، وحرصًا على الحقيقة أن تحجبها غياهب الأوهام، وتخدشها عواصف الأغراض؛ إذ هي كما قيل:

خطرات النسيم تجرح خدَّيـ
ـه ولمس الحرير يُدمي بنانهْ

وقد رأينا ممَّا قرَّره علماء طبائع الحيوان، كما قلنا فيما سلف، أن الأنثى أشد من الذكر في الحيوانات السافلة، وأضعف منه في الحيوانات العالية، ومُساوية له فيما كان بينهما، واستنتجنا من ذلك في امتياز الأنثى على الذكر من صفات الحيوان السافل، وأن امتياز الذكر عليها من صفات الحيوان العالي، وأبنَّا ذلك هناك مفصَّلًا بآياتٍ بيناتٍ طبيعية وأدبية وعقلية، وظننت أن هذا البيان كافٍ لأن يكون القولَ الفصل؛ لِما فيه من الصراحة والوضوح، والاستناد إلى الأدلة التشريحية والفزيولوجية والبسيكولوجية التي يُقال عندها: «قطعت جهينة قول كل خطيب.» وما قصدت إلا أن أجعله قاعدةً يُختلف إليها عند البحث في هذا الموضوع، وما أتيت فيه بحرفٍ يُشير إلى وجوب تحقير المرأة وإهمال تعليمها، بل بالضد من ذلك قصدتُ أن أُبيِّن مقامها الحقيقي في الهيئة الاجتماعية، وأن أُنبِّه إلى أهمية هذا المقام؛ لئلَّا يشغلها عنه شاغلٌ يشمخ بها إلى ما سواه، فتُقصِّر فيه ويُصيبها، كما في قوله:

حسد القطا فأراد يمشي مَشْيها
فأصابه ضربٌ من العقَّالِ

ولئلا يذهل الرجل عنه فلا يُوفيها حقوقها، فيسوء مصيرًا، وكل ذلك حرصًا على انتظام العائلة البشرية، وتحسُّن حال الإنسان في العمران بمعرفة كل من الرجل والمرأة حدَّه فيقف عنده. وكنت أنتظر من السيدات أن يعدُدنني بذلك نصيرًا لهن وخيرَ نصير.

وصاحبًا كالزلال يمحو
صفاؤه الشك باليقين
وأن أرى منهن تصويبًا يُنشطني في الدفاع عنهن إذ أدخل الموضوع من أبوابه؛ لأن المُدافع عنهن في غير أساليب الصواب يكون لهن شرَّ نصير. ولكن لا أعلم كيف أُقابل حضرات السيدات اللائي تصدَّين للرد عليَّ زاعماتٍ أنهن وجدن في مقالتي مطاعن، ففوَّقن نحوي سهام اللوم والتعنيف. ولولا الخوف من أن يستحكم هذا الظن في أذهان جمهورهن بمُطالعتهن مقالات نصيراتهن، ويتناسَين حقيقة مقالتي لتقادُم عهدها، فينصرفن إلى الوهم بأني مُتحامل فيها عليهن؛ لاقتصرت على مُقابلتهن بالشكر لقاء إطنابهن في مدحي، واستغنيت عن هذا الإيضاح الذي لا أرى، والحالة هذه، بدًّا منه، ولاكتفيت مئونة الرد على اعتراضاتهن؛ لقيام بعضها على الوهم، وسقوط البعض الآخر من نفسه بمراجعة نفس مقالتي.
  • (١)

    أنكرت عليَّ حضرة السيدة الفاضلة م. أ. ي قولي: «إن الفرق بين المرأة والرجل في القوى إنما هي من أصل الفطرة.» وذهبت خلافًا لي إلى أنه من فرق التعليم والرياضة والعادات، وزعمت أنها تؤيد قولها من كلامي المُتناقض، حيث قالت برشيق عبارتها: «أجترئ أن أقول إن بعض أقواله مُتناقضة. أوليس هو القائل مع العلَّامة بروكا إن زيادة اتساع الجمجمة في النساء قديمًا عما هو عليه حديثًا كانت «لأن» المرأة كانت في ذلك العهد تُقاسم الرجل الأعمال أكثر منها في هذا العهد؟» واستطردت من ذلك إلى القول: «فما المانع من أنه لو دامت لها هذه المُقاسمة إلى هذا الزمان لبقيت مثله أو أسمى منه؟» أقول نِعم النتيجة لو صحَّت المقدمة، ونِعم الحُجة عليَّ لو صحَّ النقل عني، فعفوًا أيتها السيدة لم أقُل ذلك، وهذا قولي: «الغريب أن نساء الأجيال التي عاشت قبل التاريخ كانت نسبة سعة جمجمتهن أعظمَ منها في نساء اليوم، قال بروكا: «وهذا يظهر منه «أن» المرأة كانت في ذلك العهد تُقاسم الرجل الأعمال أكثر منها في هذا العهد».» لا «لأنها» وهو على حد قولي أيضًا بعدما تكلَّمت عن تقارُب الرجل والمرأة تشريحيًّا في أوائل الحياة، وتبايُنهما في أواسطها، ثم تقاربهما بعد ذلك: «وهذا الفرق التشريحي يُرافقه فرق في القُوى العاقلة والأدبية، ومنه يُفهَم لماذا يشترك الذكر والأنثى بالألعاب في سن الحداثة، ثم يفترقان كثيرًا في سن البلوغ، ثم يتقاربان في سن الهرم.» فعلى مُقتضى قول حضرتها يجب أن يُفهَم من هذا القول أيضًا أن اقتراب الرجل والمرأة وافتراقهما تشريحيًّا هو لاشتراكهما وافتراقهما بالألعاب، والمفهوم بالعكس. ولا يخفى ما بين القولَين من الفرق في المعنى، وإن لم يكن بينهما إلا زيادة حرف واحد في اللفظ. فمفهوم كلامي نتيجة، ومفهوم كلامها سبب. وهذا الخطأ منها في النقل هو سبب هذا الوهم في نسبة التناقض لكلامي؛ ولضِيق المقام أكتفي بالتنبيه إليه لإزالة هذا الوهم، ولا أشكُّ في أنه من حضرتها خطأُ سهو.

    ولا أُنكر بأن التعليم والرياضة والعادات … إلخ تؤثِّر جدًّا في حال المرأة، ويجب أن تُستخدم لخيرها، ولكن لا أُسلِّم مُطلَقًا بأنها إذا تساوت فيها مع الرجل ساوته في القوى؛ لأسبابٍ أعدُّها جوهرية في تكوينها وقابلياتها وواجباتها، هذا إذا كنَّا نُسلِّم أن القوى والأفعال مُرتبطة بتكوين الأعضاء. ألا ترى أن الأشغال التي تعلمها النساء كالرجال وأكثر منهم، كفنِّ الخياطة والطبخ والرسم والموسيقى، لا تستطيع المرأة أن تُساوي الرجل فيها، كما قلت في مقالتي السابقة. على أن نفس مُساواتها له بالتعليم والرياضة والعادات لو تأمَّلناها جيدًا لوجدناها، إلا فيما ندر، مُمتنعةً عليها من أصل التكوين؛ فطلب المرأة، والحالةُ هذه، مُساواةَ الرجل فرضٌ مُستحيل لا يجوز لها أن تُضيع وقتها فيه، وهذا لا يحطُّ من قدرها؛ لأن عليها واجباتٍ أخرى مهمةً جدًّا، إذا أحسنت القيام بها لم تعدم حقوقها في الهيئة الاجتماعية.

  • (٢)

    اعترضت عليَّ حضرة الفاضلة السيدة ر. ح اعتراضاتٍ شتَّى لا يسعني ضِيق المقام إلا أن آتي الجواب عليها اقتضابًا لكثرة خصيماتي، ووجوب الرد على كلِّهن صبةً واحدة لئلَّا يعتبن عليَّ؛ إذ إن السيدات يصفحن عن كل ذنب إلا ما تُشمُّ منه رائحة التفضيل بينهن.

    قالت إني بحثت في المرأة والرجل بحث الطبيعيين لا بحث أهل النظر، وعابت عليَّ إيرادي بعض أمور عن المرأة أقرب إلى البحث النظري منها إلى البحث الطبيعي، مثل قولي: «إن الرجل يأكل أكثر من المرأة، ولكنها أنهَمُ منه، وإن الذي يمنعها من ارتكاب الجرائم إنما هو خجلها وحياؤها، وحالها من الرضوخ، وعوائدها التي تحجبها، وضعف جسدها، وإنها أحيَلُ من الرجل وأخدع؛ لأنها أضعف منه، والحيلة والخداع سلاح الضعيف.» ولا أُنكر بأن من هذه الأمور ما هو أقرب إلى علوم النظر، إلا أني أقول أيضًا إني لم ألتزم البحث في الوجه الطبيعي إلا لكي أجعل للوجه النظري مجالًا أوسع وقيمةً أعظم بتمهيد السبيل له حتى يقلَّ خطؤه ويكثر صوابه؛ إذ لا يخفى أن العلوم النظرية ليست إلا الاستقراء والاستنتاج المبنيَّين على أمورٍ مسلَّمةٍ هي عندهم كالحقائق، فكلما كانت هذه الأمور المسلَّمة أقرب إلى الصواب كان الاستقراء والاستنتاج المبنيَّان عليها أصح كذلك. وأي شيء أصح من العلوم الطبيعية التي هي في حكمها كالعلوم الرياضية؟ ولذلك كان كثير من أحكام النظر المبني على هذه العلوم حكمُه كحكم اليقين. على أن من الأمور النظرية المتقدِّم ذِكرها ما هو مبنيٌّ على المُراقبة والاختبار؛ فقول حضرتها: «فبأيِّ مقياسٍ قاسوا نهامة الرجل والمرأة حتى عرفوا أنها أنهَمُ منه؟» مردودٌ عليه بالقول إنهم قاسوها بمقياس المُراقبة، وإن لم يُرضها ذلك فبمقياس «الأكل»، ولا أعلم ما الذي ساءها من هذا القول، وهو ليس قولي، بل قول جمهور العلماء المُتبحِّرين في درس طبائع الحيوان ومُراقبة أفعاله، وإن لم يُقنعها ذلك فنحن نأتيها بتعليلٍ فلسفي ينطبق على هذا القول لعلها تقنع؛ فلا يخفى أن بين عوائد الرجل وعوائد المرأة بونًا بعيدًا، فالرجل كثير الحركة كثير السعي، والأشغال التي تطلبها احتياجاته شاقَّة، وتطلب منه جهدًا جهيدًا وسعيًا عظيمًا خارج مسكنه، فلا يتأتَّى له أن يتناول الطعام إلا في أوقاتٍ مُتباعدة؛ ولذلك كان لا يجلس على الطعام إلا وقعاتٍ قليلة ويأكل كثيرًا، بخلاف المرأة؛ فإن سعيها قاصرٌ على تدبير منزلها، وحركتها بالنظر إلى ذلك قليلة، والأشغال المطلوبة منها وإن كانت مهمة إلا أنها غير شاقَّة بالنسبة إلى أشغال الرجل وهمومه، وهي دائمًا في البيت، وهو دائمًا بعيد عنه؛ ولذلك كانت تأكل أقلَّ من الرجل، وتجلس على الطعام وقعاتٍ أكثر منه؛ ولهذا كانت أنهَمَ منه.

    وأما كَوْن الذي يمنعها من ارتكاب الجرائم «إنما هو خجلها وحياؤها، وحالها من الرضوخ، وعوائدها التي تحجبها، وضعف جسدها»؛ فهو قول بعضهم، وكنت أودُّ أن أُسلِّم مع حضرتها بأن الذي يمنعها من ذلك إنما هو «لأنها أميَلُ إلى السلام وحب الاتفاق وكُرْه المآثم والشرور» إلى آخر ما قالت؛ لأني أريد أن تكون لها هذه الصفات لولا أن هذا التعليل نفسه قاصر، ويحتاج إلى تعليلٍ آخر يُعرَف منه لماذا هي كذلك؛ فلا شك أنها كذلك لأنها أضعف وأذلُّ من الرجل، وهذا يُولِّد فيها الخوف، ولأنها محجَّبة وإن لم تبقَ مقنَّعة، وهذا يولِّد فيها الخجل والحياء، وما أدلَّهما من صفتَين لا أرضى للسيدات أن يخجلن منهما.

    وعلى نفس هذا التعليل يُعلَّل لماذا المرأة أحيَلُ وأخدع من الرجل، لكن لما كانت حضرتها لا ترى وجه إقناع في قولي «لأنها أضعف منه، والحيلة والخداع سلاح الضعيف»؛ كان لا بد لي من بسط الكلام عليه على وجهٍ أعم تأييدًا لهذه الحقيقة النظرية التي هي في ثبوتها كالحقائق الطبيعية المقرَّرة. ولا ننظر إليها في أنواع الحيوان، حيث نرى آلافًا من الأمثلة التي تدلُّنا على أن الحيلة هي كل قوة الحيوان الضعيف لردع عُدوان الحيوان القوي عنه أو لأخذه في شرَكه، ولولا ذلك لَمَا أمكن بقاؤه حيًّا مع خصمه القوي؛ بل ننظر إليها في أحوال الأمم في العمران. فلا يخفى أن الشرائع الحاكمة على الأمم كانت في بدء الأمر استبداديةً ظالمة، ولم تزَل غير مُتساوية في كل الأقطار، ومعلومٌ أن الاستبداد يُورث الخوف في قلوب الرعية، فلا تجد ما يحميها من غضب حاكمها المُستبد سوى التملُّق له والرياء به. والرياء يُورث الخداع والكذب وما شاكل، ويستحكم فيها ذلك بطول لُبْثها محكومة بالاستبداد، وينتقل في نسلها بالوراثة خلفًا عن سلف، حتى يصير فيها أخيرًا طبيعةً لا تزول منها بالتعليم والحرية، حتى يمرَّ عليها منهما بقدر ما مرَّ عليها من عصور الجهل والاستبداد؛ ولذلك كنت ترى القوم الذين عاشوا تحت ظل الاستبداد واستحكم فيهم الرياء، قومًا لا يصدُقون ولا يُصدَّقون، وقلَّما تجد بينهم صديقًا مُخلِصًا ولو خرجوا إلى نور العلم والحرية، ولست تجد بينهم ذلك حتى يمرَّ عليهم فيه بقدر ما مرَّ عليهم محجوبين عنه. وما قيل هنا يُقال أيضًا عن الرجل والمرأة، وكلامنا عامٌّ لا يجوز النظر فيه إلى شعب من الشعوب أو أمة من الأمم، بل إلى عموم البشر في العمران؛ فإن الرجل لجهله استبدَّ في أول الأمر، وخافته المرأة فاستسلمت له، وأقبلت عليه مُتملِّقةً كي تنجو من جَوره. ولا يكفينا أن ننظر إلى نساء الشعوب المُتمدنة، بل فلننظر إلى نساء الشعوب التي لم تزَل غارقة في الجهل؛ فلا نكاد نجد امرأةً تُخاطب زوجها إلا كعبدٍ ذليلٍ أمام سيده المُستبد، فكيف يمكن لهذه المرأة أن تكون غير مُحتالة ومُخادعة؟ وكَوْن المرأة أحيَلَ وأخدع من الرجل لا يحطُّ من شأنها بقدر ما يحطُّ من شأن الرجل الذي هو سبَّب ذلك فيها. على أني لا أُنكر بأن هذه الصفات المذمومة في المرأة الجاهلة تنقلب — وهنا أُوافق حضرتها — إلى مزايا ممدوحة في المرأة المُتهذبة، بحيث تصير فيها فضيلة واتضاعًا وطاعة وصبرًا وطُهرًا وعفافًا ومحبة وشفقة وحنوًّا، إلى آخر ما وصفتها به من جليل المزايا وحميد السجايا.

  • (٣)

    إني أشكر لحضرة السيدة الفاضلة م. م الأولى على إطنابها في مدحي، وأُوافقها على أن الرجل إذا كان يمتاز على المرأة بشدة البدن فالمرأة تمتاز عليه بجمالها واعتدال قوامها ولُطْف تركيبها وغضاضتها وبضاضتها. أقول وبذلك قوَّتها. وقد أشرت إلى هذه الامتيازات في مقالتي السابقة، خلافًا لقولها إني أهملتُها. ولا أُخالفها في أن انبساط قدم المرأة وكَوْنها تزرُّ ثيابها عن اليسار خلافًا للرجل مسألةٌ مختلف في مدلولها، ولكني أُنكر على حضرتها نِسبتي إلى التحامل عليها والإجحاف بحقوقها، ولا أُسلِّم معها بأمورٍ ثلاثة، وهي؛ أولًا: إنكارها كَوْن بُطء النمو دليلًا على الارتقاء وسرعته دليلًا على الانحطاط. ثانيًا: قولها إن حواسَّ المرأة أرقى من حواسِّ الرجل. ثالثًا: كَوْن ثِقل الدماغ ليس دليلًا على كِبَر العقل.

    أما كَوْن بُطء النمو وسرعته دليلَين على الارتقاء والانحطاط فأمرٌ مقرَّر، وإني أستغرب كيف أن حضرتها ترتاب فيه. ويكفينا للحكم فيه أن نُلقي نظرنا إلى ما حولنا لنتأكَّد صحته في مواليد الطبيعة؛ النبات والحيوان حتى الجماد أيضًا. ألا ترى سرعة نمو النباتات السافلة وبُطء تكاثُر الحيوانات العالية؟ ولا أُوجِّه نظرها إلى الأحياء المكروسكوبية التي تتكاثر ملايين وتنمو، وتبلغ أشُدَّها وتهرم وتموت في أقل من ساعة؛ فإن مُراقبة هذه لا تتيسَّر إلا للخاصة، بل إلى الفرق بين النباتات المحوَّلة كالأعشاب، والنباتات المُعمِّرة كالأشجار ممَّا تعرفه العامة، فأي فرق بينهما في سرعة نمو الأولى وبُطء نمو الثانية؟ وما قيل عن النبات يُقال أيضًا عن الحيوان، وبه يُعلَّل أيضًا سرعة نمو البنات وبُطء الصِّبيان؛ إذ لا يخفى أن البنات يسبقن الصِّبيان لغاية سن ١٥ سنة، ثم يقِفن ويستمرُّ الصِّبيان على النمو كما قلت في المقالة السابقة.

    وأما كَوْن حواس المرأة الخمس أدقَّ من حواس الرجل فقولٌ مبني على أدلةٍ تشريحية وفزيولوجيةٍ مغلوطة، والذي أعلمه علم اليقين، بناءً على ما هو مقرَّر في هذَين العلمين، أنها دون حواس الرجل. ولنا على ذلك أيضًا برهانٌ آخرُ عملي، وهو امتياز الرجل على المرأة في جميع الأعمال التي تحتاج إلى ارتقاء هذه الحواس، حتى الأعمال الخاصة بالمرأة نفسها، كفنِّ الخياطة والرسم وما شاكل. وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدَّم. فلو كانت حواس المرأة أرقى من حواس الرجل حقيقةً لاقتضى أن تمتاز عليه في هذه الأعمال، بل في جميع الأعمال اليدوية والعقلية أيضًا؛ لاحتياجها جميعها إلى الحواس الظاهرة التي هي أبواب العقل. على أن بناء هذه الحواس هو كبناء جميع المجموع العصبي، ولا يخفى أن هذا المجموع أرقى في الرجل منه في المرأة، ولا يُعلم سوى أن المرأة أشدُّ انعطافًا من الرجل؛ أعني أن عصبها ينفعل أكثر من عصبه؛ لذلك كانت تتأثر أكثر منه. وشدة هذا التأثر العصبي ليس دليلًا على شدة العصب، بل على ضعفه، كما لا يخفى على علماء الأمراض، فكَوْن أعصاب المرأة ألطف تركيبًا وأدقَّ بِنية شاهدٌ عليها لا لها.

    وأما مسألة العقل وارتباطه بحجم الدماغ فأمرٌ مقرَّر، خلافًا لما زعمت حضرتها، والنظر في هذه المسألة، كما في جميع المسائل، لا يصحُّ الحكم فيه إلا بالنظر إلى الكل لا إلى الجزء، وإلا فهناك أسبابٌ كثيرة يكون فيها كِبَر الدماغ مرَضيًّا لا فزيولوجيًّا، فهذا لا يُعوَّل عليه، وهذا هو موضوع الخلاف في تلك المناقشة التي أشارت حضرتها إليها، والتي وهمت منها ما ظنَّته دليلًا على الضد؛ فكِبَر الدماغ الفزيولوجي يُرافقه دائمًا إتقان في نسيجه وارتقاءٌ في بنائه. ومن المقرَّر المعلوم أن معدَّل ثِقل الدماغ هو أقلُّ في شعبٍ سافل منه في شعب عالٍ، وفي أقل الناس عقلًا منه في أعقلهم، وفي النساء منه في الرجال، وغير ذلك نادر، والنادر لا يُعتدُّ به. ويوجد أيضًا نظرٌ آخر هو سبب هذا الوهم؛ فلا يخفى أن الدماغ لا يبقى حجمه ولا وزنه على معدَّلٍ واحد في سائر أطوال الحياة. فذلك الجاهل البليد وذلك العالم الفيلسوف المتَّقد ذهنًا في بعض أطوار حياته، أو في إبَّان صحته، قد يطرأ على دماغهما قبل موتهما أو في مرضهما ما يُغيِّر تركيبه، فإذا وزنته بعد موتهما وجدته إما كبيرًا جدًّا خارقًا للعادة، أو أصغر ممَّا يلزم، فتحكم على أن القول بنسبة العقل إلى كِبَر الدماغ خطأ، ويكون الخطأ حقيقةً في حكمك نفسه. وهذا هو سبب أكثر الخلاف في هذه المسألة، وإلا فلا خلاف إذا نُظِر فيها إلى الكل.

    وأما ما ذكرته من فضائل المرأة، وأنها المُعزِّية الحزينَ والمُفرِّجة المكروبَ، والصابرة على مضض العيش ونغص الحياة، والراضية بمشاركة الرجل في سرَّائه وضرَّائه … إلخ؛ فأوصافٌ نسبية، ولا تدلُّ على شيء ممَّا نحن بصدده، ويشترك الرجل فيها أكثر منها أحيانًا، وقد تقدَّم الجواب عليها في الرد السابق، وهي لا تثبُت لها إلا بالتهذيب الصحيح، وإلا فتنقلب فيها إلى ضد ذلك، وتكون المرأة حينئذٍ بَلْوى الرجل المُكدِّرة صفوَه، والمُنغِّصة عيشَه، والزائدة حزنَه، والجالبة كربَه والقاصفة عمرَه. فالذي يذكُر لها تلك الصفات الحميدة ينبغي ألا يذهل فيها أيضًا عن هذه الصفات الذميمة؛ أقول ذلك لا بقصد التحامل عليها، ولكن بقصد استيفاء الموضوع؛ لأننا في مَعرضٍ نُحاول فيه تقرير الحقائق، فكما أن المرأة المهذَّبة ملَكٌ كريم، هكذا المرأة الجاهلة شيطانٌ ذميم، وما أحرى هذا القول أن يُنبهنا جميعًا إلى تربية المرأة، والاعتناء بتهذيبها تهذيبًا صحيحًا يزيد جمالها جمالًا، لا تهذيبًا مُبهرجًا يزيدها شرًّا ووبالًا.

  • (٤)

    إني أقول ردًّا على خطاب حضرة السيدة الفاضلة م. م الثانية إنه لم يُلجئني مُلجئٌ للتحامل على النساء، ولكني قصدت في مقالتي تقرير الواقع، ولا أُنكر أن المُنتصرين والمُنتصرات ضدِّي كِثارٌ كما قالت، ولكني أقول إن الحق لا تهُوله الكثرة؛ فكم فئةٍ صغيرة غلبت فئةً كبيرة بإذن الله. وإني أُسلِّم معها بأن المرأة، على خفة عظمها ودقة عضلها، لا يُوقِفها عن الدفاع عن نفسها صلابة عظم الرجل وغِلظ عضله؛ لأني لا أجهل أن لها سلاحًا آخر غير سلاح القوة؛ هو سلاح الحيلة والدهاء.

    سألتْ حضرتها ثلاث مسائل: (١) هل كانت المرأة في أول عهد الاجتماع مُساوية للرجل؟ (٢) هل هي في الحالة الحاضرة مُساوية له؟ (٣) هل تكون مُساوية له في المستقبل؟ وأجابت على كل ذلك بالإيجاب، بل ربما توسَّمت فيها سبقًا عليه أيضًا. وأنا أُوافقها في جوابها على السؤال الأول، وإن كنت أُخالفها في التعليل الذي يصرفني عن بسطه هنا ضِيق المقام، وأُخالفها كل المخالفة في جوابها على السؤالَين الأخيرين. أما كَوْن المرأة مُساوية للرجل في الحالة الحاضرة، فليس لها عليه دليلٌ سوى قولها: «إن المرأة أقدَرُ على أعمال الرجل ممَّا هو على أعمالها؛ بناءً على أن من النساء من نبغن في الطب والفقه وحسن الملك.» ولما كان الجواب على ذلك مُستدرَكًا في مقالتي السابقة بقولي: «لا تبعد أن تكون سيادتهن قد استتبَّت لهن لأسبابٍ أخرى؛ إما لإرثٍ ملوكي، وإما لنبوغٍ غير اعتيادي.» قالت حضرتها: «فنحن لا نقول الخلاف؛ لأننا نعلم أن الرجل منذ أُتيح له وضع القوانين والشرائع، وتفضيل نفسه على المرأة، وهضم حقوقها وامتيازاتها؛ لم يعُد يتهيَّأ لها تولِّي المناصب العظيمة.» فبمَ تُجيب حضرتها يا تُرى لو سألناها: «لماذا «أُتيح له وضع القوانين والشرائع وتفضيل نفسه عليها … إلخ»، ولم يُتَح لها ذلك؟» لا شك في أنها تُجيب: «لأنه أقوى منها.» وبذلك تُجيب أيضًا لو قلنا لها عن طبيباتها وفقيهاتها «إنه لا يُعلم أنهن سِرنَ إلا على خطوات الرجال مقلِّداتٍ غيرَ مُخترِعات»، وعن مليكاتها «إنهنَّ لم يحكمن حكمهن إلا بمُساعدة الرجال»، ولا يحسُن الملك بهن إلا إذا كُنَّ فيه صورةً لا حقيقة، كما في ملكة أرقى الشعوب اليوم، وإلا فيسِرنَ بالملك إلى الوبال، كما دلَّت عليه التواريخ. وأما قولها: «إن المرأة ستكون مُساوية للرجل في المستقبل، بل أرقى منه.» فهذا لا دليل لها عليه، ومُناقض لما عُلِم من سنن ارتقاء الرجل والمرأة، حيث تقرَّر أن الأنثى أقوى من الذكر في الحيوانات السافلة، ومُساوية له في الحيوانات المتوسطة، وأضعف منه في الحيوانات العالية، اللهمَّ إلا أن تكون تخاف على الهيئة الاجتماعية في المستقبل من الانحطاط، فيتحقَّق قولها، ولا أظنُّ أن حضرتها تعدُّ لمستقبل الهيئة الاجتماعية مثل هذا الشر.

    على أني أعجب غاية العَجب من تحامُل حضرات السيدات عليَّ، وتوهُّمهن بي سوءًا، وأنا لم أبخسهن شيئًا من حقوقهن، بل بالضد من ذلك، بحثتُ في أمرهن بحثًا طبيعيًّا لتقرير مقامهن في العمران، وهذا يُعد انتصارًا لهن لا تحاملًا عليهن، أو ماذا يقُلن (وهنَّ لا يحتملن مني ذلك) في الشرائع التي يدِنَّ بها، والتي تجعلهن تحت الرجل بدركات، وتحظر عليهن أمورًا كثيرة لا تحظرها على الرجل. أليست هي القائلة فيهن: «المرأة ضلعٌ من الرجل، والرجل رأس المرأة.» حتى لا نأتي إلا بأخفِّ ما قالت فيهن، أو ماذا يرغبن في مُزاحمتهن الرجال، وطلبهن المُساواة بهم، أيَرغبن أن يشتغلن أشغالهم؛ فإن كان كذلك فلقد طالما جدَّ الرجل وكدَّ وسعى في طلب الرزق حتى كلَّ وملَّ، والمرأة عائشةٌ على نفقته مُرتاحة من أتعابه، خاليةٌ من تجشُّم أهواله، فلتتفضَّل حضرتها إن كانت تجد من نفسها قوة وتُجند منها الجند، وتؤلِّف العمال، وتُشيد الأعمال، وتسعى وتجدُّ وتكدح وتكدُّ في طلب العيش؛ فقد آن لها أن تشتغل، وللرجل أن يستريح. فإن كانت تستطيع ذلك فلتُقدِم عليه، فيكون لها به أجر المُحسِنين، وإلا فلا تُضيع الوقت الثمين في طلب المستحيل، ولترضَ بمركزها؛ فإنه ليس أقل أهمية من مركز الرجل.

  • (٥)
    لقد طاب لي المقام وطال بي الكفاح والصدام في هذه الحرب مع السيدات، حتى صار الخروج منها إلى حرب ذوي لحًى وشوارب٣ غبنًا وأي غَبْن! ولذلك أقتصر في الرد على جناب الأديب «خ. س» بالإشارة إلى الوهم الذي جعله يعترض اعتراضه عليَّ في مقالته التي وضعها تحت عنوان: «الرجل والمرأة وهل يتساويان؟» حتى إذا انتبه إليه أصلحه، وهو في قوله أولًا: «والذي يلُوح لي أن الأنثى والذكر مُتساويان في القوة أصلًا، ثم كلما ارتفعت في سُلَّم النشوء انحطَّت قوَّتها … إلخ.» وثانيًا في قوله: «ولما كان القائلون بامتياز الأنثى على الذكر قوةً في الحيوانات السافلة لا بد لهم من مُستنَدٍ يقرِّرون به قولهم، فنطلب إلى الدكتور شميل أن يُفيدنا عن بعض مُستنَداتهم هذه.» فنُجيب حضرته على القول الأول بأن المسألة ليست من قبيل اللوح حتى يلُوح له بالحَدس والتخمين، ولكن من قبيل اليقين المقرَّر بالمُراقبة والاختبار؛ وعلى القول الثاني بأنه لو انتبه إلى معنى قولنا: «فمن المعلوم لأهل النقد من علماء طبائع الحيوان أن الأنثى أشدُّ من الذكر في الحيوانات السافلة … إلخ» لَعلِم أن المراد بهذه الشدة أن الأنثى أكبر من الذكر في جسمها، وأشدُّ في بِنيتها وأقوى في قوَّتها، كأنثى النحل والزنابير والفراش وكثير من الأسماك والحشرات. فهذه هي المُستنَدات التي يطلبها حضرته. وفيما عدا ذلك فإني شاكرٌ لحضرته على انتصاره لي وإطرائه عليَّ، والسلام ختام.
١  نُشرت في المجلد الثاني عشر من المقتطف سنة ١٨٨٧، وهي رد على بعض السيدات اللائي اعترضن على المقالة السابقة بكلامٍ نُشر في المقتطف أيضًا.
٢  إشارة إلى أن الكاتب الحقيقي أو المُحرك رجلٌ قصد تحريك الشر للمُناظرة أو المُداعبة.
٣  كان من الذين كتبوا في هذا الموضوع رجلٌ فاضل، نشر رده في ذيل ردود السيدات، فقابله الكاتب بهذا القول من باب المُداعبة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤