مُقَدِّمَةٌ

أَيُّهَا الْقَارِئُ الصَّغِيرُ:

هَذِهِ هِيَ الْقِصَّةُ الثَّالِثَةُ مِنْ قِصَصِ «شِكِسْبِيرَ» الَّتِي وَعَدْتُكَ بِاقْتِبَاسِهَا (أَخْذِ خُلَاصَتِهَا) وَتَقْدِيمِهَا إِلَيْكَ.

وَقَدْ دَأَبْتُ عَلَى خُطَّتِي (سِرْتُ عَلَى طَرِيقَتِي) مَعَكَ فِي الْعِنَايَةِ بِاخْتِيَارِ أَحْسَنِ الْقِصَصِ، وَأَكْثَرِهَا رَوْعَةً وَجَمَالًا. كَمَا دَأَبْتُ عَلَى الرَّوِيَّةِ وَالتَّمَهُّلِ وَالتَّدَبُّرِ فِي صَوْغِهَا وَتَنْسِيقِهَا. وَكُلِّي ثِقَةٌ فِي أَنْ تَجْرِيَ مَعِي عَلَى سَجِيَّتِكَ (طَبِيعَتِكَ) فِي إِمْعَانِ الْفِكْرِ وَتَدْقِيقِ النَّظَرِ فِيمَا تَقْرَأُ، وَإِطَالَةِ الرَّوِيَّةِ فِي فَهْمِ مَا أَقُصُّهُ عَلَيْكَ.

وَهَذِهِ الْقِصَّةُ — كَسَابِقَتَيْهَا — تَشْرَحُ لَكَ مِنْ دَقَائِقِ الْحَيَاةِ، وَأَسْرَارِ النُّفُوسِ مَا أَنْتَ فِي أَشَدِّ الْحَاجَةِ إِلَى تَعَرُّفِهِ، لِتَسْتَنِيرَ لَكَ السَّبِيلُ؛ فَتَمْشِي عَلَى هُدًى.

وَلَنْ تَجِدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ التَّارِيخِيَّةِ الْمُعْجِبَةِ إِلَّا مَا يَرُوعُكَ وَيَفْتِنُكَ؛ إِذْ تَتَمَثَّلُ لَكَ فِيهَا: عَاقِبَةُ الْحَسَدِ، وَمَغَبَّةُ الْحِقْدِ، وَآخِرَةُ الْغَدْرِ. وَسَتَرَى: كَيْفَ تَنْتَهِي هَذِهِ الْخِلَالُ بِالْوَبَالِ عَلَى أَصْحَابِهَا، وَتُنْزِلُهُمْ — مِنْ أَسْمَى دَرَجَاتِ الْمَجْدِ — إِلَى أَحَطِّ دَرَكَاتِ الْمَهَانَةِ وَالشَّقَاءِ، وَأَسْفَلِ مَنَازِلِ الْهَوَانِ وَالذُّلِّ.

•••

سَتَرَى مِصْدَاقَ هَذَا (تَلْمُسُ الدَّلِيلَ عَلَى صِدْقِهِ)، وَتَعْرِفُ كَيْفَ يَنْتَصِرُ الْحَقُّ — آخِرَ الْأَمْرِ — وَيَخْفِقُ عَلَمُهُ (تَهْتَزُّ رَايَتُهُ)، ثُمَّ يَلْقَى الْآثِمُونَ مَا هُمْ أَهْلٌ لَهُ مِنَ الْعِقَابِ وَالتَّنْكِيلِ، جَزَاءً وِفَاقًا لِمَا اقْتَرَفُوهُ مِنْ إِثْمٍ، وَارْتَكَبُوهُ مِنْ عُدْوَانٍ.

•••

وَهَأَنَذَا أَتْرُكُ الْحَدِيثَ ﻟ«شِكِسْبِيرَ»؛ فَهُوَ خَيْرُ مَنْ يُحَدِّثُكَ أَطْيَبَ الْحَدِيثِ، وَأَقْدَرُ مَنْ يَقُصُّ عَلَيْكَ أَبْدَعَ الْقَصَصِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤