تصدير

إذا كنت تقرأ هذا الكتاب فمن المحتمل أن تكون في طور التخطيط لحياة مهنية في الصحافة المرئية أو المقروءة. الأرجح أنك قد اخترت مهنتك لأنك تحب أن تكتب وتعتقد أنك متميز في الكتابة مثل الكثيرين منا، أو ربما ترغب في إثارة وحظوة أن تكون مذيعًا بالتليفزيون، أو لعلَّك تريد تحدي الالتقاء بالكثير من الناس بدءًا بأصحاب السلطة والصِّيت وصولًا إلى المغلوبين على أمرهم والمنسيين.

أنت تفهم السبب الذي من أجله تحتاج إلى دراسة كتابة وتحرير الأخبار؛ فأصحاب العمل سوف يتوقعون منك أن تؤديَ هذه المهام، ومن الجائز أنك لن تتقاعس عن أخذ دورة قانون وسائل الإعلام؛ فأنت لا تريد أن تخسر دعوى تشهير بمليون دولار.

على أي حال، لماذا يجب عليك أن تقرأ كتابًا مثل هذا الذي بين يديك؟ لِمَ يجب عليك أن تدرس أخلاقيات الصحافة؟ سأقدم أربعة أسباب، ويمكنك على الرحب أنت وأستاذك أن تضيفا إلى هذه القائمة:
  • أنت بحاجة للتفكير بشأن ماهية دورك كصحفي؛ فالصحافة تلعب دورًا أكبر من مجرد إفساح المجال لنا لإشباع رغبتنا في الكتابة، أو أن نظهر بالتليفزيون، أو أن نحظى برؤيةٍ أكثر وضوحًا للتاريخ. يمنح الصحفيون المجتمعات الفرصة لأن ترى أنفسها. إننا نُسلط الضوء على المشكلات في المجتمع ونُبرز نجاحاته، ونحن أيضًا نلعب دورًا في تجربة أمريكا في الحكم الذاتي عن طريق تبصير الناخبين بشأن حكومتهم. إن غاب عن بالنا الدور المهم الذي يلعبه الإعلام الإخباري في المجتمع الأمريكي، فسيُضار مجتمعنا أبلغ الضرر جرَّاء ذلك.

  • تمر الصحافة بوقت عصيب؛ فيكاد كل استطلاع للرأي يُظهر أن الناس يفقدون احترامهم للصحفيين وأنهم يتشككون فيما إن كان يمكنهم الوثوق بالإعلام الإخباري. وعدم رضائهم ليس فيما يتعلق بقدرات الصحفيين الفنية، بل هم غير راضين عن أخلاقياتنا ومستوى وعينا بماهية دورنا في المجتمع؛ فمهاراتك الفنية ككاتب أو كمحرر أو كمنتج، لن تعني الكثير إن لم يصدقك الجمهور.

  • جانب من سلوك الصحفيين يتولد عن افتقار أساسي للأخلاقيات؛ فعلى الأقل يمكننا أن نفهم دوافع مُراسِلٍ صحفي — مع اشتداد وطيس ملاحقته لخبر — يلتف على القواعد. ولكن ليس ثمَّة دفاع يملكه مراسلو صحف كبرى يختلقون أخبارًا على نطاق واسع أو يصطنعون استشهاداتٍ من مصادر لا وجود لها. ومع ذلك، فقد فعل مراسلون ذلك — للأسف — في بعض أفضل صحفنا، بما في ذلك صحيفة «ذا نيويورك تايمز» وصحيفة «يو إس إيه توداي». أنت تدخل المهنة في وقتٍ سيكون لزامًا عليك أن تسترجع المعايير الأخلاقية الرفيعة. إن ديمقراطيتنا تقتضي وجود مواطنين مطلعين، وسوف تكون مهمتك هي التأكد من أن الصحافة تؤدي هذا الدور.

  • ما تزال أخلاقيات الصحافة تجابه تحديًا تطرحه مشكلات تتعلق بالملكية. مما لا شك فيه أن المُلاك المؤسسين الأكْفاء يمكنهم تأسيس مؤسسات إخبارية تتمتع بالكفاءة. يسلط الفصل الأول من هذا الكتاب الضوء على نوعية المشروعات الإخبارية في مؤسسات إخبارية منها مؤسستان مملوكتان لشركات كبرى. إلا أنه مع شعور المالكين بضغط المستثمرين، فإنهم في كثير من الأحيان يتخذون خطوات لزيادة أرباحهم عن طريق خفض العِمالة؛ ومن ثَم تقليل جودة صحافتهم. وسوف يقع على عاتقك محاولة مزاولة صحافة تنتهج منهجًا أخلاقيًّا في بيئة مليئة بالعراقيل.

أدعوك أثناء قراءتك لهذا الكتاب إلى أن تتحدى ذاتَك. ضع نفسك في كل قصة من القصص التي يُفتتَح بها كل فصلٍ. لو كنت في ذلك الموقف، كيف كنت ستعالج المشكلة؟ ما هي التزامات الصحفيين تجاه مصادرهم وقرائهم ومشاهديهم ومؤسساتهم؟ هل ثَمَّة طرق أخرى لمعالجة المشكلة؟ ولكن أيضًا اسأل نفسك كيف كان سيكون رد فعلك إزاء سلوك المراسل لو كنت مصدرًا. واسأل نفسك ما التأثير الذي كان سيشكله الخبر عليك كقارئ أو مُشاهِد. يقدم الفصل الثاني بعض الرؤى بشأن الكيفية التي تناول بها الفلاسفة المشكلات الأخلاقية، ويورد بعض العوامل الإضافية للنظر فيها.

مَدَّ لي الكثيرون يد المساعدة وأنا أواصل سعي الأستاذ الجامعي يوجين جودوين، الذي فازت طبعته الأولى من كتابه «تحسس الطريق نحو أخلاقيات الصحافة» جائزة فرانك لوثر موت-كابا تاو ألفا البحثية عام ١٩٨٣م. كانت رينيه ستتزمان، التي تعمل مُراسِلةً في مكتب ستانفورد بصحيفة «أورلاندو سنتينل» في مقدمة من قدَّموا لي يد العون؛ فمن ناحية كونها صحفية من الطراز الأول، قدَّمَت رؤيةً قيِّمَةً أثناء مناقشتنا لكثير من الحالات التي يتناولها هذا الكتاب. وكونها زوجتي، تحمَّلت عزلي لنفسي في مكتبي كي أعكف على تأليف الكتاب.

قرأ نحو اثني عشر مراسلًا صحفيًّا وتليفزيونيًّا ومحررون ومذيعون آخرون أجزاءً من الكتاب. كانت إسهاماتهم حيوية في ضمان دقة واكتمال المادة المستخدمة في الكتاب. وأيضًا، أتوجه بالشكر إلى مراسلي ومحرري صحيفة «ذا تامبا تريبيون» على مساعدتي للوصول إلى فهم أفضل نقاط الالتقاء، وأولئك العاملين في صحيفة «ساوث فلوريدا صن سنتينل» لسماحهم لي بحضور بعض اجتماعاتهم.

أسهم طلابي كذلك في تشكيل هذا العمل. فعل كثيرون منهم ذلك بطريقة مباشرة جدًّا، وقدمت ميشيل مارتينيز ومورين تيسدال إسهامات جوهرية في أبواب الكتاب التي تتناول التنوع. ساعد طلاب آخرون أيضًا في تتبع مصادر وحكايات. ومثل أي شخص مارس التعليم يمكنني أن أشهد أن طلابي — من خلال النقاشات الفصلية والأعمال التحريرية — قد وسَّعوا فهمي للموضوعات. كما كانوا صادقين في انتقاداتهم للمسودات الأولية للنسخة المخطوطة، وكانوا معاونين لي على تجنب الحشو عديم الفائدة وتقليل بعضٍ من الإسهاب المُطَوَّل الذي اتسمت به طبعات سابقة.

كلَّفتْ بلاكويل للنشر فريقَ عملٍ رائعًا من أجل هذا المسعى؛ فحافظت محررة الإنتاج ليزا إيتون على مُضي المشروع قُدُمًا على نحو متناغم ومتسق. ولكوني أنا نفسي محرر طباعة سابقًا، كنتُ شديد الإعجاب بأداء سالي لاندسديل؛ فقد أنقذني تحريرها المُفصَّل للنسخة المخطوطة من بعض الأخطاء المحرجة.

ورغم تميز الأشخاص الذين قرءوا أجزاءً من النسخة المخطوطة والملاحظات من جانب طلابي والاهتمام الذي أولاه فريق عمل بلاكويل للنشر، فإنني على يقين أنك ستجد أخطاءً عرَضية، سوف نحاول تصويبها في المرة القادمة. إذا كان لديك ملاحظات أو أسئلة بشأن الكتاب، فلا تتردد في أن ترسل لي بريدًا إلكترونيًّا على rsmith@mail.ucf.edu.
رون إف سميث
أستاذ جامعي
جامعة سنترال فلوريدا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤