الفصل السابع عشر

مجيء الرقيب

وفيما هما في ذلك جاءهما بخيت مسرعًا وهو يقول لشفيق: ودع سيدتي واخرج من الباب الآخر للحديقة، وقد قلت لسائق عربتك أن يذهب وينتظرك هناك؛ لأن سيدي آتٍ، فلعل أحدًا وشَى بكما إليه، فودَّعها شفيق وخرج مسرعًا من الباب الآخر؛ صيانة لشرفها، وعرج من هناك حتى جاءَ الشارع على مسافة من الحديقة، فإذا بالعربة منتظرة، فركب وأمر السائق بسرعة المسير فعاد.

أما فدوى فتكدرت لهذه المصادفة، ولكنها تجلَّدت وداومت التبختر في الحديقة كمن يتمتع بمناظر الطبيعة الجميلة، وبخيت إلى جانبها، ثم سارا يريدان الخروج وإذا بوالدها داخل بغتة، فهمت إليه وقبَّلت يديه، فسلَّم عليها.

وسبب مجيئه أن عزيزًا لما عاد من عندهما أخذ يفتش عن وسيلة للإيقاع بشفيق والتقرب من والد فدوى، فلاح له أن يذهب إلى والدها ويغريه بالمجيء إلى قصر النزهة، فذهب إليه وحادثه بمواضيع مختلفة إلى أن قال له: هل تمكث في البيت طول نهارك؟ قال: نعم، قلما أخرج لا لشغل.

قال: هل لك أن نسير معًا للنزهة في شارع شبرا؟

قال الباشا: هلم بنا؛ فإن ابنتي قد ذهبت إلى هناك، فعسى أن نلتقي بها ونعود معًا.

وكان قصد عزيز أن يأتي والدها ويراها مع شفيق، فيصدق ما كان قد قاله له عزيز، ويعظم في عينيه؛ ولذلك كان حديثه كل الطريق بشأن فدوى، ووجوب الانتباه إلى ذهابها وإيابها، منتظرًا أن يثبت كلامه لدى الباشا عندما يصل ويرى شفيقًا وفدوى.

فلما سارت بهما العربة يسيرًا خاف عزيز أن تظهر مكيدته لدى شفيق، فتظاهر أمام الباشا بنسيانه شيئًا خطيرًا، واستأذنه في أن يتبعه بعد قليل إلى قصر النزهة، فأذن له، فنزل وسار.

أما الباشا فداوم مسيره حتى أتى القصر فدخل الحديقة، فلم يشاهد فيها غير فدوى وبخيت، فتعجبت فدوى لمجيء والدها، فسألته عن السبب فقص عليها الخبر، ولكنه لم يذكر اسم عزيز، فأدركت أنه هو بعينه، وقد فعل ذلك ليوقع بها أو بشفيق، ولكنها تجاهلت. وبعد التمشي والانتظار، لم يأت عزيز، فركبا عائدين إلى البيت.

أما شفيق، فلما وصل البيت كاشف والدته بما كان من تعاهدهما، وأوصاها بكتمانه، وأن تجتمع بها أثناء غيابه ما استطاعت، وتذكِّرها بوعدها له؛ لئلا يضعف البُعد عهدها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤