خضر أرضك

فنظرية أخلاقية وقعت بمصر أي رواية مضحكة خيالية محلية ١٩١٨

الفصل الأول

(المرسح يمثل أودة جلوس في منزل من الطبقة الوسطى وللأودة عدة أبواب منها باب على كل من الحمام وباب على المطبخ وفيها أي الأودة نافذتان.)

المشهد الأول

(نجيب – نجيبة)
نجيب (يستعد لأخذ حمام الصباح) : الدوش رحمة على البدن في الحرِّ ده. لولا دوش الصبح ماكانش الواحد يعرف يفتح عينيه. خلي أصحابنا الأغنياء يتفسحوا في الرمل ورأس البر ويبلبطوا في الميه، ويبردوا جوفهم بالمشروبات العال، ويمزوا بالسمك والجندفلي والسمان المحمر. واحنا هنا نهلك في مصر ونشرب حر الصيف ونشرب كمان من كيعاننا. تسعة وثلاثين تحت الصفر والَّا فوق الصفر والله ما انا عارف، أهو فيه صفر والسلام، كل الواحد ما يقرأ في الجرنال إسكندرية ٢٧ في الظل القرشية ٣٥ القاهرة ٣٩ الخرطوم ٤٢ أقول برده إحنا أحسن من اللي في الخرطوم من شاف بلوة غيره هانت عليه بلوته. درجة فوق درجة تحت مش حاجة (يهرش في رأسه) أنا حاكم أغسل رأسي قبل ما أتليف علشان ما اعرفش أصبِّنها تحت الدوش، وخصوصًا إذا الرأس خلصت تبقى المسألة سهلة (يلف فوطة على كتفيه ويدخل مسافة ثانية في الحمام ويخرج) دهده هي الكوبانية قفلت الميه النهارده كمان مش كانوا ينبهوا على السكان، أما شيء بارد، وإن ماكانش الصهريج والَّا هو الخزان مكسور تكون المواسير خربانة، وإن ماكانش المواسير خربانة يكون النيل واطي، وإن ماكانش النيل واطي تكون ماليتنا واطية، يقوموا يقفلوا الميه والله أيام سقة ملو كانت أحسن لنا من الحنفيات دي (يُسمَع صوت غسيل مواعين).
نجيبة (من الداخل) : سبوني يا ناس في حالي أروح مطرح …
نجيب : الله دهديه دي الميه شغالة وأهي مفتوحة في المطبخ (إلى نجيبة) يا ست نجيبة هانم اقفلي الميه عندك.
نجيبة (تخرج) : إيه بتقول إيه حضرتك؟
نجيب : يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، يا ست بأقول لحضرتك اقفلي الميه عندك حبتين علشان أعرف آخد الدوش وأصبِّن رأسي وأنزل، أحسن الوقت أزف على المكتب، وعندنا النهارده شغل، وفلاحين جايين من دمنهور، الوحش حيدفعوا قرشين والبيه موصيني وانت عارفة الواد محمود ابن خالتك مش نافع إلَّا في العياقة، ولا يعرفش يخلص القرشين من الفلاحين.
نجيبة : بسلامتك عاوزني اقفل الميه وأبطل غسيل المواعين، وتاكل في إيه بسلامتك يا ابو عمر ومحمود ماله شايله على راسك وزاعق من صباحت ربنا (تدخل وتظهر رأسها من نافذة المطبخ).
نجيب : يا ستي ابقي اغسليهم بعد ما اغسل راسي، أحسن الوقت أزف ولا تخديش على خاطرك علشان سي محمود، أنا بس بافهمك سبب استعجالي.
نجيبة : أزف والا ما أزف وإيه يعني ما يهمنيش، أنا عندي غسيل المواعين أهم.
نجيب : غسيل المواعين أهم من غسيل راسي؟!
نجيبة : أنا ما قلتش أهو كل واحد عنده حاجته غالية.
نجيب : يا ستي اعملي معروف بس ولو خمس دقائق.
نجيبة : بطلوا ده واسمعوا ده! يا راجل المواعين تخسر.
نجيب : وأنا راسي متخسرش من الحر والعرق؟! دا مخي قرب يسيح.
نجيبة (تضحك) : إن ساله حتى تمشش (تسمع ساعة ٨).
نجيب : بلاش هزار يا نجيبة ساعة الجيران دقت ثمانية، وانت عارفة الفلاحين دول يبدروا من الفجر ويجوا عند الخبير ومعهم الأبوكاتية بتوعهم والأبوكاتية متعنطزين، إن ما كنَّاش نحضر يتقمصوا ويزعلوا ويكتبوا لنا جواب مسوكر.
نجيبة : يكفينا نعيرها والله بقى لنا زمان ماشفناش خير الفلاحين، ومن يوم ما طلعت الحرب في الدنيا لا بتجيب لنا هدية من واحد منهم، أنا عارفة الدنيا جرى لها إيه والا انت جرى لك إيه يا سي نجيب! الله يرحم أيام ما كنت مستخدم في الدخولية.
نجيب : حاكم الأيام دي البيه الخبير بتاعنا واخد خيرها وبالع الشغل على القايم، وكل قضية يأكل فيها واحنا قاعدين نبص.
نجيبة : بقه ما فيش فلاح لطشاه الشمس يجيب لك زيارة بصل ولا يوسف افندي، تروح السنة وتجي السنة ماندوقش للفاكهة دي طعم إلَّا إن كانش شوية المشمش الخسران ولا الجميز الخيبان اللي بتجيبهم.
نجيب : ليه ما جبتلكيش خيار السنة اللي فاتت من مقاتة عيسوي بك بخيت.
نجيبة : ريقي نشف على شوية جوافة حلواني وأهي بتطلع كتير في المعصرة، وأديك بتروح هناك عدد شعر راسك علشان قضية المعلم أحمد المبلط.
نجيب : ما هو قال لي حيشيع لنا شوية جوافة في المشمش.
نجيبة (تضحك) : يوه، جتك حوسة يا سي نجيب، ده بيضحك عليك.
نجيب : أهو قال لما يطلع المشمش يبقه يشيع لنا الجوافة (تسمع الساعة تدق ونص) الله الساعة ٨:٣٠ … الميه.
نجيبة : طيب علشان خاطرك أديني قفلتها من عندي (تخرج لنا).
نجيب (يدخل الحمام ثم يعود) : وأنا بفتحها عندي ما بتنزلش.

المشهد الثاني

(السابقان – حسن الخادم – بربري من الخارج)
حسن (يدخل بسرعة) : يا ستي، عم فضل البواب بيقول خدوا لكم شوية ميه، أحسن السباك حيقفل الأم علشان يصلح المواسير.
نجيبة : قال لك كده من إمته يا واد؟
حسن : من الصبح.
نجيب : طيب يا واد ماقلتلناش ليه يا واد؟
نجيبة : هو الواد حيفتكر إيه ولا إيه، أديك بشَّرت على نفسك.
نجيب : يا واد قُل له يفتحها أحسن احنا مالحقناش ناخد ميه.
حسن (من الشباك) : يا عم فضل يا عم فضل.
فضل (من الخارج) : خبر إيه؟
حسن : افتح الميه شوية.
فضل : ميه إيه هلاص مأفوله كمان نص ساعة يفته.
نجيب : قول له يا واد الأفندي بياخد دوش.
حسن : الأفندي مين يا سيدي؟
نجيبة : يوه جتك نيبة يا واد يا حسن، الأفندي سيدك يا واد. أَطِيعه ده مستكترها عليك يا سي نجيب.
نجيب : اختشي الواد واقف.
نجيبة : وإيه يعني.
نجيب : ما تهزريش معايه قدامه بالشكل ده.
نجيبة : هو يفهم حاجة، ده واد أهبل.
حسن : يا عم فضل، الأفندي بياخد دوش.
فضل : دوش مش الميه مأفول ديلوأتي، أنا جلت لك من الصبه ياخد ميه زي كل الجيران.
نجيب : حتى البوابين كمان بيتحكموا في السكان ده نهار إسود (لحسن) امشي يا واد اطلع بره (يخرج حسن).
نجيبة : مابيدهاش بقه يا أفندي إطلع كده النهارده.
نجيب (مِتعَكْنن) : طيب هاتي لي تغييرة نضيفة أحسن القميص عرقان وحالته عيرة.
نجيبة (تدخل ثم تعود) : ما فيش هدوم نضيفة.
نجيب : ليه كمان الكوبانية قفلت على الهدوم؟
نجيبة : يوه، لأ أنا كنت منبهة على أم شفيقة الغسالة ماجتش امبارح ولا النهارده.
نجيب : طيب كنت اغسلي لي تغييرة … هي دي كمان شغلة …
نجيبة : إنت جايبني تجوِّزني والَّا تغسِّلني هدومك، مش بزيادة الطبيخ والغريف وفرش السرير، ده انت كمان شوية تمسَّحني البلاط.
نجيب : وإيه يعني يا ستي لو مسحت البلاط، الله يرحم والدتي.
نجيبة : دا أنت فشرت قوي.
نجيب : الله يرحم والدتي. كانت عاقلة وطيبة وكانت تقول مَثَل اللي تشيل الفجل تشيل الوحل.
نجيبة : حتقعد بقى زي عجايز قبرص تضرب لي أمثال ومواعظ وتتكلم لي بالحبكي (تدق الساعة ٩).
نجيب : هو هو الساعة ٩ ده النهار ضاع ويمكن البيه يقطعه لي.
نجيبة : وإيه يعني.
نجيب : حتبقي تصرفي على البيت يا ست نجيبة؟
نجيبة : أهو باكسي نفسي وموفرة عليك حق الهدوم.
نجيب : نهايته، أما ألبس الهدوم الوسخة، دا شيء يهري اللحم.
نجيبة : لا ماتوهمش نفسك ده مش وسخ ده حمو النيل. بكره أبقى أجيب لك شوية طفل تدهن به جسمك.
نجيب : لا … لا … لا طفل ولا أفل أحسن اللي بيتدهنوا بالطفل بيبقوا زي الحمير الجربانة (يلبس بعض الهدوم التي كان خلعها استعدادًا للحمام).

المشهد الثالث

حسن (يدخل) : سيدي … سيدي الميه جت.
نجيب : تتفلأ إن شا الله تجي ميت مرة ضافر في بوزك.
حسن (يتقمص) : الله طيب وانا مالي (يخرج).
نجيبة : طيب وهو ذنبه إيه ده، بيقول لك الميه جت.
نجيب : تجي لما أستغنى عنها، ولما كنت واقف حاموت عليها ما تخرش.
نجيبة : أدي حال الدنيا.
نجيب : الله! فين الفطور؟ والله أنا عيني اليمين بترف من امبارح.
نجيبة : ما ترف والَّا تنطرف حتى، هو أنا حأقطع نفسي ميت حتة حاغسل المواعين، ولا أرغي معاك ولا أعمل لك الفطور. عاوز تفطر إيه بسلامتك يا الدلعدي؟
نجيب : ما انت عارفة كل يوم بافطر إيه من يوم ما عييت، بيض برشت وشوية شاي بلبن.
نجيبة : هو انت ماتبطلش البيض أبو رشت والشاي أبو لبن، افطر لك يوم طبيخ زي الخلق.
نجيب : ليه يعني يا ستي؟! ولما الكلاوي ترجع تمغَّص عليَّ تبقى تنفعيني.
نجيبة : بس ما اشترتش بيض النهارده علشان ما فاتش.
نجيب : ليه هو انت لسه مش عارفة عادتي؟! بقالك معاية خمس سنوات وبقالي عيان سنتين ولانتِش عارفة!
نجيبة : أهو أديك بتفطر برضه فول مدمس.
نجيب : أيوه لما تكون نفسي حليانة، ومن ورا روحي، ومرة كل شهرين مش حاجة.
نجيبة : ونفسك النهارده مش حليانة؟ (تضحك.)
نجيب : يا نجيبة الساعة ٩.

المشهد الرابع

نجيبة : يا واد يا حسن (يدخل).
حسن : نعم يا ستي.
نجيبة : شوف الأفندي عاوز إيه.
نجيب : عاوز بقرش صاغ بيض طازة، قول للحاجة على المكسر ورغيف فينو بقرش تعريفة وحتة زبدة بقرش صاغ. بالعَجَل زي الولعة، أديني حاتوف لك تفة وإن نشفت قبل ما تجي أهي الخرزانة (يعطي له الفلوس).
حسن : حاضر يا سيدي (يخرج جري).
نجيب (يطل من الشباك) : شايفة ابن الكلب ماشي على مهله إزاي. مِد بأه يا ابن الكلب مِد.

المشهد الخامس

نجيبة : من حق على فكرة حنطبخ إيه النهارده؟
نجيب : اطبخي اللي يعجبك.
نجيبة : لأ اللي يعجبك انت.
نجيب : لأ اللي يعجبك انت.
نجيب : ما فيش فايدة إذا قلت لك اطبخي عسل تطبخي بصل، فاكرة نهار ما قلت لك الحكيم قال لي كل فاصولية خضرا قمتِ طبخت كفتة، وقلت لي نينتك نفسها في الكفتة.
نجيبة : أهي مرة وعدت.
نجيب : لأ اطبخي اللي يهف عليك.
نجيبة : من حق قبل ما نطبخ عاوزين صفيحة جاز.
نجيب : خدي أدي عشرين قرش للجاز.
نجيبة : كان زمان وجبر يا حبيبي، الصفيحة دلوقت بثلاثين قرش، وهيهات إن رضي البياع وكل حين ومين لما يفوت الفنطاس.
نجيب : ثلاثين قرش يادي الداهية أمَّال الوابور ما بيبطلش طول النهار ليه.
نجيبة : لوازم بيتك يا حبيبي، هو أنا باسخَّن عليه لأمي ولا بطبخ لأبويا. أهو كلُّه علشانك.
نجيب : أدي عشرة قروش ولا تبقيش تولعي الوابور إلا وقت اللزوم، والواحد لازم يراعي الأحوال.
نجيبة : من حق فكرتني، الوابور خسران وامبارح ندهت للراجل اللي بيقول نصلح وابور الجاز، قام طلب خمسة قروش، وقال إنه بينفس وعاوز يغير له الفونية ويحط له جلد جديد.
نجيب : جاي يا مسلمين من وابور الجاز وانا بقيت دافع عليه قد ثمنه عشر مرات! هو ده وابور طحين والَّا وابور ري والَّا وابور الصعيد؟!
نجيبة : أيوه احمِد ربنا، دحنا عندنا ثلاث بوابير وبابا …
نجيب : في عرض النبي اعتقيني من بابا ومن نينة على الصبح، إحنا ما قلنا …
نجيبة : يوه مالك بتطلع فيَّه كده زي المدفع، هي سيرتهم بتجننك، هما مولودين فوق راسك أما شيء عجيب.
نجيب : اتفضلي يا ستي خمس قروش للوابور، ولما تجي الغسَّالة ماتخليهاش تولعه أحسن هي اللي بتخسَّره.
نجيبة : من حق فكرتني.
نجيب : إيه كمان النايبة الجديدة؟
نجيبة : الغسالة عاوزة صابون وبطاس وزهرة، غير أجرتها وقهوتها ودخانها.
نجيب : أدي نص ريال يكفي.
نجيبة : ده كان زمان وجبر.
نجيب : ليه دحنا غاسلين الشهر اللي فات وما دفعتش غير كده؟!
نجيبة : أنا كملت من عندي، ومع ذلك كل شيء بيتغير. الصابون دلوقت الرطل بستة قروش صاغ والأثمان بتطلع.
نجيب : هي الأثمان دي تملِّلي تِئب تِئب ولا تغطسي ولا مرة.
نجيبة : هو انت حضرتك ما بتقراش التسعيرة؟
نجيب : أنا بقره التسعيرة وأشوف برده الأثمان مقبولة بالنسبة للأحوال الحاضرة، ونحمد ربنا إحنا أحسن من غيرنا، ولكن التسعيرة بتعتك هي اللي بتجنني.
نجيبة : ليه يا اخويا هو أنا باحوش من وراك، والَّا بسرق من المصروف، والَّا بودي على بيت أبويا، إياك انت بس تقضِّي بيتك على وشك يِبان يا مضَّاغ اللبان.
نجيب : يا نجيبة هو أنا كفرت، ما فيش كلمة أقولها إلا لما تردحي لي، الأحوال صعبة والمالية مأرَّطة.
نجيبة : وأنا مالي وإيه يعني، اللي يفتح بيت يقدر على مصروفه، يا جارية اطبخي يا سيدي كلف، إنت عاوز بيت ممسوح ومكنسة جنبه؟!
نجيب : هو البيت ده طاقة من جهنم اللي يفتحه ما يقدرش عليه.
نجيبة : ما تقفله يا حبيبي، هو بيت أمي والَّا بيت أبويا، العايز أهبل!
نجيبة : طيب يا ستي الحق عليَّ أدي عشرين قرش.
نجيبة : وإن قضُّوا.
نجيب : ما فيش حاجة كمان.
نجيبة : إنت بتطلع فيَّه ترزيني، أهو السمن فرغ وخايفة أقول لك من الصبح.
نجيب : السمن فرغ! السمن فرغ! إنت بتقولي إيه السمن فرغ! دنا لسه مشكك صفيحة ولا دفعتش بقية ثمنها.
نجيبة : بطلوا ده واسمعوا ده، مالك يا سي نجيب مفجوع كده … دي الصفيحة عند بابا ماتقعدتش …
نجيب : يا ستي في عرضك اعتقيني من بابا ونينة أنا باستغرب.
نجيبة : تستغرب إيه ياعني، إحنا لا بنعمل كحك على العيد ولا قرص للقرافة، ولا بنخبز المشلتت ولا المبطط، مفيش غير الطبختين ودُمْتم.
نجيب : إلا السمن فرغ، ده الرطل الزبدة خدته بسبعة قروش ببوس الإيد من الراجل اللي في السبتية.
نجيبة : ها ها ده كان زمان وثلاث جبرات يا جوز الهنا.
نجيب : ليه كمان السمن غلي؟
نجيبة : غلي وغلي وغلي وبقى ثمن رطل الزبدة تسعة قروش والسمن حداشر قرش.
نجيب : حداشر قرش والله ما هو داخل لي بيت.
نجيبة : هو مين ده.
نجيب : السمن.
نجيبة : دور على اللي يقعد لك.
نجيب : بقى ما تقعديش معايا إلا علشان السمن.
نجيبة : إن ماكانش الست منَّا واكلة وشاربة ولابسة ومتفسحة على كيفها، عنها ما عاشت، ربنا ما خلقش أكثر من الرجالة.
نجيب : إيه الكلام ده أنا بعدين أزعل؟!
نجيبة : وإيه يعني متزعل والَّا تشرب من البحر.
نجيب : ويمكن يتأتَّى من الأمور أمور.
نجيبة : وإيه يعني ما يتأتَّى اللي يتأتَّى، هو أنا مش حلاقي عرسان؟!
نجيب : وإيه كمان خلصت مسألة السمن طلعت مسألة العرسان، ربنا يدبرها، إياك يجي لنا حد من طهطا أشكِّك منه صفيحة ولو بالفايظ، الله الساعة تسعة وربع والواد ابن الكلب لسه ما جاش.
نجيبة : دلوقت يجي.
نجيب : طيب بدال الأخد والعطا ده، روحي انت اعملي الشاي على ما يجي الواد (تقوم تدخل المطبخ وترجع).
نجيبة : الشاي فرغ، والسكر مفيش إلَّا حتتين صغيَّرين.
نجيب : طيب ما قلتيش ليه من الصبح؟
نجيبة : إنت مسألتنيش.
نجيب : هو انت ما تنطقيش إلَّا بزنبلك؟!
نجيبة : نجيب! حسِّن ملافظك أحسن الجيران يسمعونا.
نجيب : هو أنا باقول حاجة، إشمعنا الجيران حيسمعوني ولا كانوش سامعين كلامك من الصبح.
نجيبة : دي إهانة، زنبلك إيه يعني؟!
نجيب : نهايته (يبص من الشباك) الواد أهو جه الله! ده ممعهش حاجة، يكون حد ضربه وخد الفلوس لا ده ما بيعيطش.

المشهد السادس

نجيب : فين الحاجات يا واد؟
حسن : البيض بقه اثنين بالصاغ، والعيش ما فيش بتعريفة، والزبدة مفيش بصاغ.
نجيبة (تضحك) : مش قلت لك، عيش عيشة أهلك وأقضيها بلدي، روح يا واد هات لسيدك فول.
نجيب : بس اخرسي! أما شيء بارد وعجيب، لكن يا واد دانت شاري لي بيض امبارح أربعة بصاغ، وجبت لي أول امبارح زبدة.
حسن : أهي الحاجة قالت لي كده، وقالت لي صبَّح على سيدك، وقل له الميه بقت علينا بخمسة وأربعين بما فيها الممشش والمفأس.
نجيب (يطلع فلوس من جيبه) : روح هات يا واد بنص فرنك بيض وبصاغ عيش وزبدة بقرشين.
حسن : الفرن قافل.
نجيب : ليه كمان؟
حسن : علشان بتوع التسعيرة.
نجيب : طيب هات من فرن تاني (يخرج حسن) الساعة ٩:٣٠ لازم أنزل على التسعين، طيب عندكيش حاجة بايتة من امبارح؟
نجيبة : قلنا كده قلتوا اطلعوا من البلد أهو ما فيش إلا الطبيخ.
نجيب : هو احنا كنا طابخين إيه امبارح، والله الواحد بينسى من كترة الهم.
نجيبة : يعني طابخين المحمر ولا المشمر، أهم حبة البدنجان المكمورين، وقبلها كنا طابخين فاصوليا أرديحي.
نجيب : نعمل إيه ما هي اللحمة بقت نار يا نجيبة، والواحد في الدنيا دي على دي ودي إذا كان رطل اللحمة البلدي بقه بثمانية صاغ وهيهات الله يرحم زمان، كان أبويا يشتري لنا الرطل البلدي العال من الإبشيهي الجزار بمية فضة والخشن نهار ما تكبر نجيبه بستين تعريفة، ونهار ما يقول العجل من دول أنا وانا مايزيدش عن قرش صاغ ومين حتى كان ياكله، وتمنتاشر بيضة بقرش صاغ ورطل السمن البلدي العال نهار ما يستعظم زي اللحمة.
نجيبة : إحنا أولاد النهارده يا أفندي سيبك من زمان، شوف لك طريقة واعمل ترتيبك أحسن نينتي يمكن تجي النهارده تقعد عندي شوية.
نجيب : طيب وماله وإيه المناسبة بين زيارتها وثمن اللحمة؟
نجيبة : ليه هي مش حتتغدا وتتعشى هي واخواتي، ويمكن بابا كمان يفوت يقعد له شوية، ويقول لي يا أختي طابخة إيه، أبقى أقول له إيه؟
نجيب : يسألك ليه هو عينوه مفتش طبيخ؟
نجيبة : لأ يا بارد، العادة الأب يسأل على بنته يشوفها بتاكل إيه بتشرب إيه، ويحب كمان يدوق طبيخ إيدها.
نجيب : بقه أما أقول لك انت عارفة طبعي، زمان لما كنت في الدخولية وأول ما اشتغلت مع البيه وقبل الحرب كانت الدنيا نعناع أخضر، ولا كنتش بتأخر عن إكرام أهلك، لكن اليومين دول صعب، فما فيش لزوم للزيارة دي لأنها بايخة، ومع ذلك يقدروا يأجلوها لبعد الحرب.
نجيبة : يا دهوتي يا سي نجيب، مش عيب يا راجل زيارة إيه اللي يأجلوها لبعد الحرب، هو انت حتدبح لهم خروف والَّا زيارتهم طلعة المحمل، والَّا حتجيب لهم عشى باشا والا حتعمل لهم نصبة.
نجيب : والله همه اللي حيعملوا النصبة مش أنا، ومع ذلك أهي العزومة في الزمان ده بتحصل خروف من بتوع زمان خمس ست أرطال لحم ضاني ورطلين سمن وقدحين رز وثلاث أربع وقات عيش ووقتين بامية من اللي يحبها قلب أبوكِ، وقهوة الاستقبال وقهوة بعد الأكل وقهوة العصر والدخان لنينتك، حاكم هي زي السوسة في اللف، والسكر لأبوكِ حاكم راخر يحب السكر من يوم ما جاله في البول وشفته بعيني بيُقْرشه قَرْش.
نجيبة : أما أقول لك … ما تجيبش سيرة أبويا.
نجيب : بأقول يعني تعملي الحسبة تحصل لها جنية ونص، ثمن خروف من بتوع زمان والا لأ.

المشهد السابع

حسن (يدخل) : سيدي الفرن أفل علشان ما فيش عندهم فحم، وبتاع الزبدة بيبيعوها له بالعسكر، وما قدرتش أروح وراهم التمن، والبيض وقع مني علشان الحاجة ما عندهاش ورق تلف فيه.
نجيب : طيب يا ابن الكلب (يضربه) حافطر إيه؟
نجيبة : سيب الواد، هو مش حرام عليك إكمنك ماخلفتش. امشي يا واد وما تزعلش (يخرج).
نجيب : طيب ومسألة الخلفة رخرة مالها؟ وهو أنا اللي محقوق فيها والَّا انت؟ الحق عليَّ اللي ما اتجوزت عليك.
نجيبة : ماتتجوز عشرة وإيه يعني.
نجيب : المقصود، أنا مش حاعرف أفطر في اليوم المقندل ده … نهايته هاتي البدنجان يا ستي.
نجيبة : مش لما أسخنه لك.
نجيب : لا … لا … هاتيه كده جلاسيه أحسن أنا خايف من تسخينه … مين يعرف الحوادث المحلية اللي تحصل في البيت لما تجي تسخني طبيخ امبارح … بزيادة الحوادث الخارجية اللي حصلت لما شبعنا … نفطر من بره.
نجيبة (تخرج وتعود بحلة) : طيب أهو وأدي العيش.
نجيب : اعملي لي بقه شوية شاي زي العادة أبلبع بهم الكبب دي … ده صَدَق مَن قال النار رحمة على بني آدم … لو كان البدنجان ده سايح شوية يمكن كان ينبلع، نهايته … الشاي يا ستي يمكن يزحلق النايبة دي أحسن البدنجان ده زي كلمة الحق بيقف في الزور (يشرب ميه ويزور) يا ترى مين جايب في سيرتي … الفلاحين والبيه طبعًا … اللي في سيرتي يحتار حيرتي (لنجيبة) مالك واقفة كده ما تروحي تعملي الشاي.
نجيبة : ما قلت لك الشاي خلص (الباب يخبط).
نجيب : يا واد يا حسن شوف مين بيخبط. يا فتاح يا عليم … يمكن يكون سي محمود ابن خالتك جاي ينط لنا يكون البيه استعوقني.
نجيبة : يا ريت والله بآلي زمان ما شُفتُوش، ما هو كلامك اللي بيقطع رجل الأهل والأحباب.
نجيب : حقه تتمنِّي انت إنه يكون هنا عدد الأوقات والساعات.
نجيبة : طبعًا داحنا متربين سوا.

المشهد الثامن

حسن (يدخل) : ده عم عبد الرسول المكوجي عاوز العلَّاقات والحساب.
نجيب : طيب ما تقول للست يا واد.
نجيبة : العلَّاقات بتوع الأيام دي بيتأصفوا زي عيدان الكبريت، ومختشية أقول له عليهم.
نجيب : شوفي حسابه كام واصرفيه دلوقت.
نجيبة : لا يا اخويا أنا ما اعرفش أصرفه. قوم كلِّمه انت … هو انت حاططني للسكة والبله ومصدرني للطمة والصدمة.
نجيب : اجري يا واد يا حسن اسأله عاوز كام.
حسن (يخرج ويعود) : تلاتاشر قرش ونصف.
نجيب : ليه هو كوى شال عمة الشيخ علي والَّا إيه؟
نجيبة : كوى بدلتين بستة صاغ واتناشر ياقة بتلاتة صاغ وخمس قمصان وأربع جربتات من البيض اللي طلعت لي فيهم الأيام دي قول بقرش تعريفة وعشر مناديل قول بقرشين صاغ، يطلع له أربعتاشر قرش يدوبك.
نجيب : يا ستي ده بيقول هو تلاتاشر، هو لازم تكوني مكوجية أكثر من المكوجي، ولازم تكويني بنارك ونار غيرك.
نجيبة : مكوجية ده إيه؟ هو ليه الحق يزعلك بتسأل على الحساب بأقول لك عليه مكوجية وناري أتلطي كده.
نجيب : يا ستي الناس قالوا انصر أخاك … إشحال أنا بقه جوزك والقرش اللي في جيبي أهو في جيبك، وأديك جردتيني النهارده من صنف النقدية، وعاوزة القرشين الخردة اللي فاضلين كمان ياخدهم المكوجي، واركب الترام بإيه واقعد على القهوة بإيه، نهايته ياما أصعب الدين يا واد يا مكوجي.
عبد الرسول (من الخارج بصوت فظيع) : واد إيه دنا راجل كبير يا أفندي!
نجيب : يا راجل يا كبير حسابك كام؟
عبد الرسول : بس بلاش مهزأة على الصبح، يا سيدي الست ما هي قالت لك ١٤ قرش.
نجيب : سامعة يا ستي، شايفة يا ستي، أهو سمعنا واحنا بنتكلم (للمكوجي) ليه يعني هي البدلة بكام دي الست كانت بتهزر؟
عبد الرسول : زي ما بنكوي لغيرك، اسأل الدكتور القطاوي وسي مخيمر بيه وعريف أفندي بيكووا عندنا ولا بيكووش قلبنا على الحساب زي حضرتك، البدلة في كل الدنيا بفرنك، ما تسأل حضرة جنابك الفحم بقى بكام والنشا بكام والصنايعي بياخد إيه عرقه وأجرة الدكان زادت داحنا هنا في نعمة دي البدلة بتنكوي في إسكندرية بنص ريال.
نجيب : خد يا واد إدي له دول تحت الحساب (يعطي وحسن يخرج ويعود).
عبد الرسول : كل مرة تحت الحساب ما فيش مرة حاجة فوق الحساب، المقصود الله الغني عن دي المكوى، أهي مرة وفاتت لما تبقوا تدفعوا الحساب القديم لما تبقوا تعرفوا تلبسوا، الحق علينا احنا.
نجيبة : سمعت يا سيدي أهو بيهزأنا، أدحنا غيرنا وبدِّلنا مكوجية الخط كله، تبقه بقه تسفَّر المكوة تنكوي في بلد غير دي، كل المكوجية عرفونا ولا يرضوش يجولنا.
نجيب : يبأه فيها فرج، والَّا ابقي اكوي انت.
نجيبة : فرج إيه ده، بعد بكره أكوي أنا ده بعيد عن أشنابك!
نجيب : الساعة ٩ ونصف مانيش رايح المكتب أحسن أترفد، يا واد يا حسن أما أشيع معاك جواب للمكتب.
نجيبة : قوم يا شيخ بلاش كسل، إنت حتقعد هنا طول النهار زي القتيل، ما تخفش من البيه وعليَّ أنا، ده راجل كبير ويحب فتح بيوت الناس اللي زيك، قوم خللي الواحدة تطلع تشم الهوا وتشتري لها حتة ركامة والَّا مترين لينوه.
نجيب : أيوه ما انت بقا اتحينتي، حق الجاز والصابون.
نجيبة : ليه هو أنا حرامية ولا باحوش من وراك، دي كسوتي كلها من جيب غيرك.
نجيب : من جيب غيري إزاي يعني اختشي؟!
نجيبة : من جيب بابا … ولو كانت المسألة على فلوسك كنت ابأه دايرة مهربدة.
نجيب : عجايب. يا واد يا حسن خد الورقة دي (يكتب) حضرة عبد العليم بك الخبير بعطفة القبة بعد تقديم وافر التحية لحضرتكم السنية، رافِعُه مريض اليوم (اليوم بحيلة) يا جمال بهجة بهجة جماله.
نجيبة : اكتب يا راجل بلاش هبل أحسن الواد بيضحك علينا.
نجيب : أهي بطالة! البركة فيك ويوم مقطوع … والَّا يرفت النفس قرفت أما أكمل «وواخد واخد إيه واخد شربة ملح إنجليزي وملازم ملازم ثاني لا ملازم الفراش فالأمل صدور العفو عنه لأ هي قضية الأمل العفو عنه إلى باكر صباحًا ودمتم.» تعرف يا واد المكتب بتاعنا؟
حسن : نسيته!
نجيب : إشمعنا ما بتنساش بطنك يا اقرع يا ابن … اللي انت ابنه عطفة القبة يا واد جنبنا على إيدك اليمين، بعدنا بشارع قدام شادر الخشب تبص تلاقي مكتبنا، تسلم الجواب ده وتجيب رده (يخرج الخادم) أما أقوم بقه أقلع أحسن ما انا متأمط كده (يخرج).
(ستار)

الفصل الثاني

المشهد الأول

(الباب يخبط)

نجيبة : مين؟ مين اللي بيخبط؟
محمود : الأفندي هنا؟
نجيبة : أهلًا وسهلًا سي محمود، أيوه اتفضل اطلع مبقاش إلَّا تخبط على الباب زي الغُرْب (يدخل)، (بصوت واطي) ده عامل عيَّان أما أشوفه لك اتفضل (يدخل محمود ومعه بعض الأشخاص الفلاحين ويلمح حتة من جسم نجيبة).
نجيب (من الداخل بصوت متمارض) : أهلًا سي محمود.
محمود : لا بأس عليك.
نجيبة (بصوت واطي) : ده عامل عيَّان إكمنه اتأخر (بصوت عالي) أما أشوفه كده.
محمود : حاكم معايه جماعة فلاحين مشيعهم البيه.
نجيبة : خليهم يتفضلوا (بصوت واطي) ما حدش بيشوفك ليه من يوم ما تقابلنا عند نينتي.
محمود : دلوقت نتكلم.
نجيبة (بصوت عالي) : خليهم يتفضلوا.
نجيب (من الداخل بصوت متمارض) : أهلًا وسهلًا بابن الإسبانيولي.
محمود : شد حيلك يا أخي خد له شربة زيت.
نجيب : الحمد لله خفيت دنا شيعت من الصبح جواب للمكتب (يخرج ملفوف في عباءة).
محمود : ما جاناش.
نجيب : وحضراتهم مين؟
محمود : دول بتوع قضية دمنهور الوحش والبيه اتأخر شوية والخصوم مجوش، والجماعة دول جم لوحدهم، فأجِّلنا الجلسة أسبوعين والبيه قال لي خدهم عند نجيب وخلِّيه هو اللي يوضبهم بنفسه.
فلاحون (من الخارج) : يا ساتر يا ساتر.
نجيب : عارفهم اتفضلوا يا اخوانا، اتفضل يا عم حسن اتفضل يا عم عبد الجواد اتفضل يا عم سيد أحمد اتفضل يا سي مكاوي (يدخلون).
عبد الجواد : سلامات يا نجيب أفندي، والله سلامات من يوم ما شرفت البلد ما حدش شافك.
نجيب : كل شيء قسمة، ولا تنتقل القدم إلا بإذن الله.
عبد الجواد : والله تمام صدق الله العظيم مين يقول إن احنا حنشرف عندك في مصر في منزلك.
نجيب : إنتو نورتوا بيتنا. يا واد يا حسن يا حسن …
نجيبة (من الداخل) : إنت ما شيعته المكتب.
محمود : أنا سحت والله.
نجيب : من إيه يا أخي؟
محمود : من الحر.
عبد الجواد : آه الشرد النهارده جامد جوي، لكن برده حكمة ربنا كويسة، بالكم يا جماعة لولا الزمطة دي ماكانش الجطن يفتح، لا لا وده كمان يجتل الدودة ويغنينا عن حريج الحطب.
نجيب : القطن اتحسن أوي يا عم عبد الجواد، مين كان يحلم إن القنطار يصبح ﺑ ٢٠ جنيه.
عبد الجواد : وانت نسيت أجرة الأرض وتمن الأوميه وتمن البذرة وأجرة الشغالة، ده بجا كله نار والمحصول هو هو جنطار ونص، وإن اتعنطظ الفدان واتخدم من بدري جوي واتخضر من أمشير يدوبك يرمي جنطارين.
نجيبة : حسن أهو جه وبيقول ما عرفش المكتب.
محمود : ما فيش لزوم بأه، أدحنا جينه وتعبنا رجلينه ودبنا.
نجيب : من إيه يا أخي؟
محمود : من شدة الحر (تُسمَع ضحكة من الداخل).
نجيب : يا واد يا حسن يا ولد أما شيء بارد.
حسن : نعم يا سيدي.
نجيب : اعمل قهوة وهات شوية ميه ساقعة، واختشي على عرضك ولا تخليش حد يسمعك (يخرج ثم يعود يوشوش سيده).
نجيب : بأه كله ما قضاش (يخرج فلوس من جيبه. يخرج الخادم).
محمود : بقه المسألة يا سيدي إن الجماعة دول حضروا أبل ما يحضروا خصومهم بيومين، والمسألة اتأجلت والبيه بيوصيك عليهم، واترجوني على شان يكون التقرير كويس حبتين في مصلحتهم.
نجيب : وصية البيه على العين والراس، بس المسألة مسألة ذمة وأنا شايف أضيَّة إخوانا ملخلخة.
عبد الجواد : صلي على النبي هو احنا برده مش أبقالك من الجماعة دكهم، داحنا والنبي يا أفندي مظلومين، دنا بجالي راكب أرضي أدي لي سبع سنين، وخدمتها وجصبتها وصرفت عليها دم جلبي، هو مش حرام عليك برده يا أفندي إنك تأخدها مني وتديها لهم من غير تعب ولا شجا؟
نجيب : وهم رخرين ما تعبوا في أرضهم.
عبد الجواد : تعب عن تعب يفرج، دنا عدمت ولدي عبد المطلب فيها وكان ولد زي فلجة الجمر، كان يوم بيشتغل في الصيف في الأرض دي بعينها وجت له لطشة الشمس، دنا متنازلش عنها أبدًا ولو كان في النجض والإبرام.
محمود : بأه شوف يا سي نجيب ما تشدش مع الجماعة؛ لأنهم جماعة ومحاسيب البيه.
عبد الجواد : آه …
محمود : ومع ذلك هما مش متأخرين ونويين يخضروا أرضهم.
نجيب : لكن الجماعة دوكهم.
محمود : عارف مش يعني خضروا أرضهم طيب دول يخضروا أرضهم أحسن وأحسن عم عبد الجواد.
عبد الجواد : هو احنا متأخرين. سيد أحمد مكاوي. عبد العال (يطلعوا خرقًا قديمة ومناديل وأكياس ملفوف عليها فلوس ويحلُّوها).
نجيب : نهايته على شان خاطركم أما أمليك دباجة التقرير (محمود يستعد للكتابة) تقرير خبير زراعي مرفوع إلى هيأة محكمة مصر من حضرة عبد العليم بك عبده الخبير الزراعي أمام المحكمة المذكورة … بتاريخ ١٤ يونيو ١٩١٤ عينتْنِي المحكمة خبيرًا في قضية المحترم الشيخ عبد الجواد لاشين عمدة دمنهور الوحش.
عبد الجواد : والله ده كلام حلو جوي، شوف الكلام المستنير يا سيد أحمد مكاوي. عبد العال (يهزون رأسهم وتحضر القهوة ويشربوا).
نجيب : أهو كلام كله من ده، أوموا انتو بقأه اتفضلوا من غير مطرود خلوني أبيَّض التقرير.
عبد الجواد : ما أوصيكش بجه حتة الأرض بتاعتي، أنا تتحد من بحريها شريط السكة ومن جبلي ترعة وعبد الرزاج ومن شرجي بجية الورثة ومن غربي أرض أبو شنب وفيها لبشتين ومسجة بتوعي خصوصي.
نجيب : طيب لما المسألة كده، ما خضرتش أرضك ليَّ ولسي محمود خصوصي ليه؟
عبد الجواد (يخرج فلوس من جيبه) : أدي كمان يا سي نجيب هو لي بركة إلَّا انت وسي محمود. سيد أحمد. عبد العال. مكاوي.
نجيب : دلوقت انت متأكد من أرضك ما حدش يقدر يفتح عينه فيها (يحضر الخادم يشيل الفناجين فينتهز محمود هذه الفرصة ويخلو به ويوشوشه. تنزل الفلاحين بعد السلام).

(محمود لنفسه: أجتهد بقى في توزيعه علشان أرجع واختلي حبتين ببنت خالتي اللي ما شفتهاش من زمن.)

محمود : هات الفلوس وتعالى للبيه حالًا على أهوة الشيشة، لاحسن هو معذور أوي اليومين دول زي ما انت عارف.
نجيب : أديني في كعبك. وإيه فكرك الجماعة دفعوا ثمانية جنيه حنبينهم كلهم.
محمود : إنت وكيفك دول فلاحين ولاد كلب دلوقت يقولوا له.
نجيب : ما يقدروش أنا ححوش اثنين واحد ليَّ وواحد لك، وانت وضبهم في السكة.
محمود : طيب ويمكن أفوت عليك دلوأت علشان مسألة ثانية، بعد ما تكون رجعت من عند البيه، حترجع إمته؟
نجيب : والله ما اعرفش حسب الظروف.
محمود : غايته أرجع لك بعد ساعة … أؤعدي بالعافية بأه يا بنت خالتي.
نجيبة (تخرج) : ما تؤعد شوية يا سي محمود (يتغامزان).
نجيب : سيبيه أحسن وراه شغل، إنت حتفضلي تتعري عليه لحد إمته؟
نجيبة : الله حتغير ولا إيه؟ ده ابن خالتي ومتربين سوه زي الاخوات.
محمود : لا يغير إيه لا سمح الله، هو سي نجيب يغير ده بس بيناغش (نجيب مشغول بعدِّ الفلوس ومحمود ونجيبة يتبادلون إشارات) أؤعدوا بالعافية.
الاثنين : الله يعافيك.
نجيبة : كل تأخيرة وفيها خيرة.
نجيب : حأه تمام.

المشهد الثاني

نجيبة : مين كان يظن إن اليوم ده اللي اتعكننت في أوله تظأطط كده في آخره، وترجع الدنيا زي زمان إيدك بأه يا حظ.
نجيب : إيدي على إيه يا ست، مش كفاية اللي خدتيه الصبح.
نجيبة : إيدك على حاجة من اللي أبضتها، أنا سامعة الدهب بيرن والفضة بتشخشخ زي زمان.
نجيب : هما دول بتوعي.
نجيبة : يخي أوم بأه بلاش أونطة، أمَّال بتوع مين؟
نجيب : بتوع البيه هو اللي حيأبضهم، ومشيع محمود مع الفلاحين على شان يعرف دفعوا كام.
نجيبة : طيب وانت ومحمود تطلعوا باطه، مش تفوتوا لبعض حاجة.
نجيب : لأ برده بنبلص الزباين في اللي فيه الإسمة.
نجيبة : مش شغلي هات الفلوس دول وإلا أصوت.
نجيب : تصوتي متصوتي لحد بكره أما مجنونة.
نجيبة : متقولش مجنونة جن يلخبطك، أهو إن مكنتش تديهم لي أعمل على كيفي.
نجيب : يا ستي دول فلوس الناس أديهم لك إزاي؟ تعملي على كيفك ما تعملي على ألف كيفك هو حد يِئدر يحوشك.
نجيبة : طيب اديهم لي ألعب بهم.
نجيب : هو حد يلعب بالفلوس؟ (الباب يخبط) شوفي مين.

المشهد الثالث

عبد الجواد (يدخل والباب مفتوح) : دانا عبد الجواد.
نجيب : خيرًا. خشي يا ستي شوية من وش الضيف.
نجيبة : دول فلاحين هم دول كمان أفندية ولا ولاد بلد، هو ده راخر محمود.
عبد الجواد : أيوه والله صدجت برده الست … إحنا ناس على نيَّاتنا وملناش في الحاجات دي.
نجيب : حاجات إيه يا شيخ عبد الجواد.
عبد الجواد : يعني لو كانت الست من دول جدَّامنا عريانة وهي زي الشمعة، نفسنا ما تشتهي الحرام ده واصل.
نجيبة : يوه جتك إيه يا عم عبد الجواد، واصل إيه يا راجل كمان.
نجيب : إحنا في إيه والَّا في إيه، مين قال حرام ولا حلال.
عبد الجواد : يعني بجول يعني واحنا النهارده اخوات.
نجيب : مفهوم.
نجيبة : ده طبعًا.
نجيب : خيرًا يا حضرة العمدة.
عبد الجواد : أنا جاي من ورا الجماعة اللي كانوا معاي على شان أوصيك على مسألة صغيرة.
نجيب : اتفضل.
عبد الجواد : يعني بجول لما المحكمة نزِّلت الخبيري الأولاني أنا برضه خضرت أرضي، ولا جاش منه فايدة. فأنا خايف يعني المرة دي تطلع زي المرة دوكهة.
نجيب : لا لا أبدًا.
نجيبة (بصوت واطي) : أبلصه يا أهبل.
نجيب : اسكتي انت يا ستي، خشي بيتك وسيبيني أشوف شغلي.
نجيبة (لزوجها بصوت واطي) : والله ما انت حارت (لعبد الجواد) إنت عاوز الحق والَّا ابن عمه يا سي عبد الجواد؟
عبد الجواد : لا عاوز الحج جوي.
نجيبة : يا اخويَّه والنبي كلامه حلو.
عبد الجواد : والله ما حلو إلَّا كلامك.
نجيبة : خضر أرضك.
نجيب : يا ستي خشي جوه.
عبد الجواد : يا نهار زي البرسيم الأخضر أنا مخضرتها يا ست …
نجيبة : أم نجيب.
عبد الجواد : يا ست أم نجيب.
نجيبة : لا يعني خضرها كمان.
عبد الجواد : هي الأرض يا ناس تتخضر كام مرة؟
نجيبة : تتخضر يا مرتين كويسين يا مرة كويسة أوي.
عبد الجواد : والتجرير يا ست أم نجيب مش برده حينكتب لمصلحتي؟ دنا أرضي تعبان عليها وشفت في خدمتها الغلب كله.
نجيبة : عليَّ أنا متخفش، إن ماكانش تأرير على كيفك ما ابآش أم نجيب (الرجل يحل كيسه ويدفع).
نجيب : والله أهي سلكت.
نجيبة : والنبي يا سي نجيب، إن ما كنت تكتب له تأرير على كيفه ما تعرف إلا خلاصك.
نجيب : من غير ده وده.
عبد الجواد : إيدِك بأه لما أبوسها.
نجيبة : يوه لأ ما يصحش.
عبد الجواد : والله لأبوسها (تعطيها له).
نجيبة : وابأه افتكرنا بشوية عسل بشوية بصل، برده الأرض ما تستغناش.
عبد الجواد : بالك انت يا ست أم نجيب، إن كسبت أنا الجضية دي مالك مني إلَّا زيارة زبدة تحلفي بها العمر كله.
نجيبة : أنا برده عشمي كده في حضرتك، وسي نجيب يحب الفطير المشلتت وانا أحب البرام اللي في الفرن بالرز والحمام.
عبد الجواد : إن شاء الله المرة الجاية أوكلكم من ده ومن ده اجعدي بعافية … يا سي نجيب بيه الحد البحري جسر السكة والجسر الجبلي عبد الرزاج الدحداح والشرجي بجية الورثة.
نجيب : أنا عارف إن شاء الله في محل النزاع.
عبد الجواد : لا ما فيش نزاع ولا حاجة، واللي يجول لك نزاع حط صباعك في عينه، دانا صاحب الأرض وواضع اليد أبًا عن جد، ورفعت جواضي منع التعرُّض وكسبتها.
نجيب : محل النزاع يعني محل الأرض.
عبد الجواد : إن كان كده معلهش، سلام عليكم أما ما فيش نزاع أبدًا واصل.
نجيب : عليكم السلام.
عبد الجواد : يبجا عيب يا سي نجيب بيه …
نجيب : هو إيه لا سمح الله؟
عبد الجواد : إن جُلت انت يعني لحد من الجماعة اللي كانوا هنا، لحسن أنا جاي من وراهم علشان تشوف صالحي وتكتب التجرير علشاني.
نجيب : ده طبعًا ما انت قلت لي في الأول.
عبد الجواد : أوعه تنسى، السلام عليكم.
نجيب : ما تخافش، عليكم السلام ابأه آبلني …
عبد الجواد : فين؟
نجيب : في محل النزاع.
عبد الجواد : جول عند الأرض أحسن، جلبي بيجع في جعور رجليه لما باسمع الكلمة دي.
نجيب : طيب عند الأرض عليكم السلام (يخرج عبد الجواد).

المشهد الرابع

نجيبة : إيه رأيك يا حظ؟
نجيب : لا والله جدعة برضه عرفتي تبلصيه. أهو اثنين جنيه أحسن من عينيه.
نجيبة : ما تبآش بأه تخاف عليَّ، دا البلص ده مسألة بسيطة، يا ناس دانا ما كنتش فاكراه كده.
نجيب : أمَّال لو تشوفي البيه في مسألة جد تعملي إيه؟
نجيبة : بيعمل إيه يا دلعدي، أحسن مني والَّا إيه؟!
نجيب : هو والله له نظرة في الزباين؛ اللي يشوفه غلبان ومنكسر يقول له ما تصلي على النبي وتخضر أرضك، واللي يلائيه معصلج وعندي يقول له تخضر أرضك والَّا اكتب لك تقرير زي وشك، خضر أرضك.
نجيبة : والله عنده حق، أهم الفلاحين المغفلين دول ما يجوش إلَّا بكده (الباب يدق) ده مين ده كمان؟
مكاوي (من الخارج) : سلام عليكم يا سي نجيب، دنا مكاوي.
نجيب (لنجيبة) : ده واحد منهم مهم … دلوأت يكروا واحد ورا التاني من ورا بعض، وكل واحد عاوز تأرير أحسن من أخوه، وعاوز يدفع فلوس تانية، وأنا عارفهم ده نهار زي الإشطة الخضرا، يا ليلة الأنس عودي لنا.
نجيبة : طيب سيبني عليه.
نجيب : أهو أدامك (لمكاوي) اتفضل (تخرج الزوجة ويدخل مكاوي).
مكاوي : حاكم أنا جاي من ورا الجماعة، جلت لهم حصلي الضهر في سيدنا الحسين، حاكم أنا كنت رايح أعطر للأولاد بدي أطاهرهم.
نجيب : عقبال البكاري.
مكاوي : عجبال عندك ونفرح لك كده ونزورك، وبعدين جلت لما أفوت على نجيب أفندي وأوصيه وصية خصوصي.
نجيبة : سي نجيب سي نجيب، خد أما أقول لك.
نجيب : عندي شغل بلاش خوتة.
نجيبة : ده كمان شغل ضروري.
نجيب : أوه مش فاضي.
نجيبة (تدخل متغمغمة) : يوه دنا ما كنتش أحسب عندك حد.
نجيب : إن كان على كده ما يهمش، لأنه ده سي مكاوي أخونا ومنا وعلينا من الجماعة اللي كانوا هنا دلوأت.
مكاوي : لا لا مش كده أمال، دنا مش عاوز الجماعة تعرف.
نجيب : الجماعة أنهم دول؟
مكاوي : جماعتنا.
نجيب : لكن دي جماعتي اللي بتتكلم.
مكاوي : إن كان كده معلهش.
نجيبة : العواف يا سي مكاوي.
مكاوي : يا ميت ألف عافية يا ست أم …
نجيبة : نجيب.
مكاوي : يا ست أم نجيب.
نجيبة : هو انت يا دلعدي لك أضية؟
مكاوي : أيوه، ونزلوا فيها سعادة البيه خبيري وعاوزين بجا التجرير يكون على كيفي، وسيبك يا سي نجيب من دوكهم.
نجيبة : والله اللي بيكتب التأرير وبيمأأ عينيه هو سي نجيب، وسعادة البيه ماله شغلة … غير يحط الفرمة.
مكاوي : ما أنا عارف العبارة دي.
نجيبة : التآرير اللي بيكتبها سي نجيب كلها حلوه وأصحابها بيكسبوا قضاياهم.
مكاوي : بدي أنا كده أنا راخر أكسب الجضية وأغيظ الأعادي.
نجيبة : بس الواحد يختشي يتكلم يا سي مكاوي.
مكاوي : ليه اللي يختشي من بنت عمه ما يجبش منها غلام.
نجيبة (تضحك) : يو جتك إيه يا مكاوي، ده مثل شفتشي أوي، طيب حيث إن عينك أويَّة كده ما تخضر أرضك.
مكاوي : حاضر على العين والراس بس كده، ما لي بركة إلَّا انت يا ست أم نجيب بيه، أمَّال أنا جي وحدي من ورا الجماعة ليه (يطلع فلوس يعطيها).
نجيبة : لا لا والله يا سي مكاوي ما فيش لزوم للحاجات دي، إحنا نشوفك من غير شيء.
مكاوي : لا لا ما فيش فَرْج بينا وبين بعضنا، غيرشي دول تمن عصبة للست جماعتك.
نجيب : طيب ما تجبش سيرة لحد.
مكاوي : يا سلام هي حصلت. دا عيب يا سي نجيب بيه الكلام ده عيب.
نجيبة : سي مكاوي، إنت حتجي مصر إمته علشان نِبْأه نعمل لك عزومة.
مكاوي : الجمعة الجاية.
نجيبة : طيب ابأه امَّال افتكرنا بزيارة.
مكاوي : والله من غير ما تجولي انت، أنا عملت حسابي على العبارة دي، التجرير يا سي نجيب.
نجيبة : لا ما تخفش أنا حوصِّيه لك تمام، والبيه ما يعملش حاجة من غير رأي سي نجيب.
مكاوي : اجعدوا بعافية (يخرج).
الاثنان : الله يعافيك.
نجيبة : أهو ثمن الكردان جه، ربنا كريم.
نجيب : كردان! كردان إيه كمان يا ست هانم وأجرة البيت اللي متأخرة بآلها شهرين، والحجز والسمن وقسط الخياط اللي رافع دعوى.
نجيبة : أنا مالي، أنا شفت في بيت شعيب العشيري كردان حياكل حتة من رأبة ست جلفدان هانم. وأنا مالي أنا عاوزة كردان.
نجيب : لا ما فيش كردان.
نجيبة : لأ فيه.
نجيب : لا ما فيش.
نجيبة : بعدين أعمل على كيفي.
نجيب : على كيفك إزاي؟

المشهد الخامس

(الباب يدق)

حسن الخدام : مين؟
زنوبة : إحنا يا واد افتح (تدخل الفاميليا) هو احنا ما نجيش نلائي الباب مفتوح في وشنا أبدًا.
نجيبة : نينتي (تنط) نينتي يا بابا نينة نينة.
محمد أفندي : إزيك يا أختي كل سنة وانت طيبة (بفتور) نهارك سعيد يا سي نجيب (قبل أن يستطيع الجواب).
نجيبة : ما ترد، مالك مبلِّم كده؟
نجيب : مش مبلِّم بس بابص للجماعة أحسن وحشوني أوي.
زنوبة : بتتنأور بأه يا سي نجيب، ما نجيش عندك يوم ونلائيك زي الخلأ، والنبي دي حاجة تزهَّأ، لو كنا عارفين النسب كده كنا حاسبنا أبل ما تناسبنا.
محمد أفندي : بس يا ستي امَّال إيه أستغفر الله العظيم من كل ذنب، إنت مالك ومال الناس، إنت جاية تزوري بنتك والا تتخانئي (لبنته) إزيك يا أختي.
نجيب : أُول لها يا سيدي أول لحماتي.
زنوبة : حماة الشوم واللوم. إن شاء الله إن كان لي جوز بنت.
نجيب : تعدميه.
زنوبة : الشر بره وبعيد، أنا ما قلتش نجيب بأه، أما أقول لك أنا ما تحملش الحاجات دي، وبنتي كمان جتتها مش خالصة.
محمد أفندي : نهايته، إزيك يا أختي.
نجيب : عنها ما خلصت أنا حعمل لها إيه (يحصل تشنج للزوجة).
زنوبة : اسم الله يا اختي، اسم النبي حارسك، بخور يا ناس، كده يا نجيب كده يا جوز الغبرة، كده يا وش النكد انت (لزوجها) أنا ما قلت لك يا راجل ما تجيش النهارده، اسم الله، اسمك إيه يا حبيبي؟
نجيبة : علي.
زنوبة : اسم الله صلاة النبي يا سي علي. النبي تعفي عن أختك، يا علي عاوز إيه؟
نجيب : عاوز كردان ذهب.
زنوبة : كردان ذهب حاضر من عينيه الاثنين.
نجيب : كردان أنا عارف برده المسألة حتنتهي على كده، لكن مش لو حضر سي علي ده لو جت ملوك الجن كلها ما انتِ واخدة الفلوس دي (يزداد هياج نجيبة).
زنوبة : انزل انزل يا جدع من البيت، حتموت لي البت.
نجيب : أنزل من البيت، من بيتي، وأسيب الجن فيه؟!
محمد أفندي : معلهش يا سي نجيب ولو خمس دقايق، اقعد على القهوة اشرب لك فنجان سادة على ما تروَّأ البنت.
نجيب : يا سيدي دانا عندي عشر تآرير بدي اكتبهم.
محمد أفندي : طيب اكتبهم على القهوة.
نجيب : والمستندات اللي بدي أطبقها على الطبيعة.
محمد أفندي : يا سلام من طبيعتك يا سي نجيب (يرتفع صوت العفريت ويزداد التشنُّج).
نجيب : يا اخي نهايته لما أنزل وأسيب لكم الدنيا، أحسن تملوا البيت عفاريت (يتجه نحو الباب)
(ستار)

الفصل الثالث

المشهد الأول

زنوبة : أومي يا اختي اصحي أهو نزل.
نجيبة : آه آه أنا فين جرى لي إيه؟
زنوبة : في بيتك يا نور عين أمك في بيتك، جرى لك كل خير يا حتة من كبدي.
نجيبة : يا واد يا حسن.
حسن : نعم يا ستي.
نجيبة : سيدك نزل؟
حسن : أهو انكشح.
نجيبة : اعمل أهوة يا واد يالعجل.
حسن : على النار يا ستي.
نجيبة : السكر عندك يا واد في الصندوق الكبير، والبن الطاظة في العلبة الصفيح اللي في الصندرة.
حسن : حاضر يا ستي عارفهم.
نجيبة : طلع الفناجيل الكبيرة البيشة، اللي بيشرب فيهم بابا ونينة.
حسن : طلعتهم.
نجيبة : تاكلي إيه يا نينتي؟
زنوبة : إحنا شبعانين يا اختي.
نجيبة : طيب خدوا اللحمة والخضار اطبخوها في البيت، أحسن المخبل يجي يخانئنا.
محمد أفندي : برضه رأي والله، أنا نفسي في البدنجان المحشي.
نجيبة : أبيض والا اسود يا بابا؟
محمد أفندي : كل ما اسمعهم يقولوا بدنجان أبيض حشو معدن ريئي يجري عليَّ.
نجيبة : طيب خد يا بابا انت الفلوس، وانت انزل والواد حسن اشتري اللي انت عاوزة من سويقة المناصرة.
محمد أفندي : طيب يا بنتي (يدخل الخادم بالقهوة ويشربوا).
زنوبة : ما تقولش للجزار للفَرْم أحسن يطسلأها ويدبَّأها من كل حتة شوية، خلِّيه يشفِّيها وبعدين قل له افرُمْها، وخد الدهن لوحده من اللحم.
محمد أفندي : طيب برده رأي.
زنوبة : أوعك ياخد منك أكتر من التسعيرة، وإن عصلج على التمن من شارع الترب.
محمد أفندي : لأ متخافيش عليَّ.
زنوبة : أيوه محسب بالنبي (ينزل) احكي لي يا بنتي، الراجل آل إيه على السمن؟
نجيبة : اسكتي يا نينة ده صرخ وطِلع من دِينه، لكن برده دخَلِتْ عليه.
زنوبة : أحسن من عينه هو ما فيش غيره ياكل سمن بلدي ولا إيه.
زوجة : أهو برده ربنا فكَّها النهارده.
زنوبة : رزق اخواتك.
نجيبة : خدي يا نينتي الثلاثة جنيه دول.
زنوبة : محسِّبة بالنبي ومحفضة بالصالحين.
نجيبة : بقوا كام يا نينة؟
زنوبة : أهم واحد واربعين.
نجيبة : أظن إنهم ثلاثة واربعين.
زنوبة : لا وحياتك يا نور عيني هم حيروحوا فين.
نجيبة : طيب ابقي عديهم علشان بدي أشوف لي نص بيت أحطهم فيه، ويبقى يلمِّني لما أطلق من المسخَّم ده.
زنوبة : كان أبوك كلم المعلم أحمد البديهي شيخ الحارة، ووصاه على نص بيت في الحتة، ولما عرف إنه على شانك آل على راسي وعيني.
نجيبة : مش عم أحمد.
زنوبة : أيوه مهو مربيك من صغرك وشايلك على كتفه، وكنتي تئولي له يابا ولا اتأطعتش رجله من عندنا إلا لما الناس استشاعت وأبوك زعل عليَّ. حاكم المعلم أحمد شعبان عؤبالك أشيته معدن، وله ستة بيوت في الحتة.
نجيبة : يا ريت أبويا عمل شيخ حارة.
زنوبة : مين عارف كل شيء [قسمة] ونصيب.
نجيبة : من حأ يا امه، شوفي لي بختي من زمان ما فتحتليش الورق.
زنوبة : بافتحولك كل يوم يا نور عيني.
نجيبة : افتحيه لي أدامي. يا حسن هات الكتشينة.
حسن : حاضر يا ست (يحضرها).
زنوبة (تفنط وتاخد ورقة وتعطيها لبنتها توشوشها) : فال خير سلام فال نجيبة بنت زنوبة ونجيب جوزها ابن الحرام. يا ورأ يا فصيح أمك العشرة الطيبة وأبوك الدوه الأسباني وخالك الخواجة المليح (تفتح الورق) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
نجيبة : إيه يا نينة؟
زنوبة : مقفولة يا بنتي.
نجيبة : افتحيها كمان مرة.
زنوبة (تفتحها) : شايفة كلام كتير ومجلس رجال في عتبتك، وزعل أدامك ووراك، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وراجل غريب في فرشك.
نجيبة : ده سي محمود؟
زنوبة : ده راجل كبير وعينه سودة.
نجيبة : مين عارف يمكن البيه، حاكم بآله زمان مجاش، لو كان نجيب هنا كان اتجنن.
زنوبة : طيب وهو انا كنت اقول الكلام ده أدامه (يُسمَع زعيق) يا حوستي ده صوت أبوكِ (يدخل محمد أفندي هدومه مبهدلة).
محمد أفندي : والله لأوديه في داهية، أنا وراه المسلول أصفر اللون، أبو علة ابن الكلب أبو سنان عيرة.
زنوبة : جرى إيه يا ابو فاطمة؟ واد يا حسن.
حسن : سيدي اتخانئ مع الجزار ووداه التمن، والجزار إداله ألمين طيبين وكتِّبوه مخالفة وقال ١٠٠ قرش على جزمتي، خد يا ابن الكلب على مخك يعني على مخ سيدي.
نجيبة : اختشي يا واد.
محمد أفندي : لكن برده خدت اللحمة غصب عن عينيه.
زنوبة : أهو الشر اتفسر، أوم اغسل وشك وروَّأ (يدخل ليغسل وشه وتسرع الزوجة في تسريح شعرها يعود الأب).
محمد أفندي : يالَّه بنا بأه.
زنوبة (تقوم) : ما تنسيش السمن … إنت طحنتْ بن يا واد يا حسن؟ إديني تعميرتين يا واد.
نجيبة : حسن هات العلبة هنا وهات ورأة جرنال من اللي بِيئْرَاهم المنيِّل على عينه.
حسن : حاضر يا ست (يحضر الطلب. وداع وبوس وانصراف).
نجيبة : واد يا حسن.
حسن : نعم يا ست.
نجيبة : أوعك تأول له يا واد.
حسن : لا يا ست.
نجيبة : ده بيضربك.
حسن : جته ضربة على ألبه، وواكل عليَّ ماهية شهرين.
نجيبة : طيب يا واد اغضب الليلة، وأول إنك عاوز تسافر بلدك، وأنا أجيب لك ماهيتك وبعدين أُؤعد.
حسن : طيب يا ستي.
نجيبة : بص يا واد كده شوف سيدك محمود (تتزين).
حسن : أهو جاي يا ستي من عطفة المحكمة.
نجيبة : طيب شاور له يا واد، أوعك حد يشوفك (ويطلع محمود ويعطي الخادم إرش ويصرفه).

المشهد الثاني

(محمود يدخل)

محمود : هوه نزل؟
نجيبة : من الصبح من أبل بابا ونينة.
محمود : هي خالتي كانت هنا؟
نجيبة : أيوه وروَّحوا ونزلته لك على ملا وشه.
محمود : إزاي؟
نجيبة : عملتِ لك متزارة والأسياد وبأه.
محمود (يضحك) : الفتحة لبني ممه.
نجيبة : لا والنبي يا محمود ما تهزأش بالأسياد.
محمود : الله طيب ما انت اللي عملت كده، هو فيه أسياد؟
نجيبة : أمَّال، ربنا يجعل كلامنا عليهم خفيف.
محمود : طيب علشان عيونك انت يا خفيفة (ممازحة).
نجيبة : لأ أوعا أحسن حد يجي.
محمود : ما تخافيش أنا وصيت الواد حسن، وخليته يُؤعد على الباب، وساعة ما يشوف نجيب يدينا خبر.
نجيبة : وإن كان حد تاني يقول ستي مش هنا.
محمود : لا أحسن فيها شبهة، قلت له يسيبه يطلع ويعمل مش شايفه.
نجيبة : هو الواد فهم ده كله؟
محمود : ده فرار على كيفك هي أول مرة.
نجيبة : عمرك أطول من عمري، كنت حأقول لك كده.
محمود : إمتى بأه تطلأي من البأف ده، وتِبْئِي لي أنا لوحدي، أهي خالتي كل يوم تفتح لي الورأ وتئول لي المسافة أرَّبت، وكل المسافة ما بتأرب كل ما ألَئِيها بعيدة زي يوم الإيامة.
نجيبة : أديني باسوِّد لك في عيشته، أهو النهارده لا خليته يستحمى ولا يغير هدومه ولا يفطر وآخَّرته، وكل يوم على المعدل، وده لحد ما يطهأ.
محمود : يعني لو كان ربنا هدا خالتي وجُوز خالتي، مش كنا دلوقت متهنيين مع بعضنا.
نجيبة : وأنا أعمل إيه، ما هو انت يا محمود اللي كنت مش لاقي لك شغلة، والمهبب ده كان مستخدم في الدخولية وكانت أشيته معدن.
محمود : ويعني هو عمَّر في الدخولية، أهي روخرة لغوها.
نجيبة : طيب ما هو برده شوية الحسابات اللي يعرفها نفعته عند البيه، واستخدم على حسها، وخدمك وياه وادحنا برده متمتعين.
محمود : لكن بنشوف بعض كل حين ومين، لما يسافر صاحبنا مع البيه، نهار ما اسمع خبر انتقال لمحل النزاع تترد روحي.
نجيبة : وأنا كمان مشَّحتفة عليك، لكن بأه نعمل إيه بكره يزهق ويطلأ.
محمود : مش نتجوز في ساعتها ولا نستنَّى عدة ولا حب.
نجيبة : ربنا يسمع يا اخويا منك ويكون عدلها لك، وبَئِيت تكسب لك أرشين كويسين حتى ولو ثلاثة جنيه في الشهر نعيش بهم.
محمود : ما تِبْئِيش يا جوجو تلطمي في خلقتي زي ما بتلطمي في خلقة صاحبنا.
نجيبة : تف من بؤك، إخص عليك، غيرشي ده الكره اللي بيخليني أسبخ له، لكن إحنا مع بعضنا ده يبأه شيء تاني.
محمود : إحنا حنفضل أعدين هنا في الفسحة الكتمة دي؟
نجيبة : لا أوم لما أفرجك على الفستان الجديد اللي جبته من عند الخياطة.
محمود : أيوه كده امَّال، هو يا ترى يرجع إمته؟
نجيبة : ما يرجعش إلا في الليل، علشان هو عارف إن نينتي وبابا هنا لحد العشا (يدخلان لمشاهدة الفستان).
بربري (من الخارج) : يا ست خدي شوية ميَّه علشانِ سباك هيأفل مواسير ويفته المهبس والهدام بتاءك مش آوز يطلأ يكلمك (ينزل).
غسالة (تكون امرأة خنقاء) : يا ست … يا ست نجيبة هانم.
نجيبة (من الداخل) : مين؟
غسالة : دنا أم شفيأة الغسالة، دنا كنت جاية امبارح وبعدين الست أم رويستنو اللي في حارة النصارى شيعت لي علشان والدة عؤبال عندك، ورحت لها شطفت لها حتتين.
نجيبة (من الداخل) : يا أم شفيقة إبْئِي تعالي بكره من بدري.
غسالة : لو كنا ننأع الحتتين من دلوأت على ما اجي الصبح، يكونوا اتبلوا ورخوا وسخهم حبتين، أغلي عليهم واخدهم فُمِّين أحسن مالغسيل بيتغسل من غير نأع بيأرَّح.
نجيبة (من الداخل) : أنا مش فاضية يا أم شفيقة، بس في إيدي بدنجانتين بأوَّرهم واحشيهم.
غسالة : أجي أساعدك يا ست؟
نجيبة : لا روحي انت دلوأت.
غسالة : طيب أعدي بعافية، أؤعدي بعافية يا ست (تخرج نجيبة في فستان جديد وتمسح في عرقها وبعدها بشوية يخرج محمود).
نجيبة : إيه رأيك في الفستان؟
محمود : دا شيء معتبر! يا ريت كل الفساتين كده، مبروك عليك يا حبيبتي، عقبال ما تدوبي عدد خيطانه.
نجيبة : في حياتك هئ هئ وفي حضنك.
محمود : أما أقوم أنا بأه أديني بليت ريقي الحبتين دول.
نجيبة : لأ لأ والنبي إلَّا لما تدوء المربة اللي عملتها (تدخل وتعود بمربة يأكل محمود ويستلذها).
محمود : الله! مربة إيه دي؟
نجيبة : مربة أرع إستانبولي.
محمود : أرع! أرع ده اللي باكله؟
نجيبة : أيوه أرع هو الأرع كفر والا إيه؟! ده المسخم جوزي يحبه زي عينه.
محمود : الناس مزاجات، أنا محبوش إلَّا محشي.
نجيبة : كُلْ ده كويس، إن شاء الله تحبه على شان أبأه أعمل لك منه لما تجوزني (تضحك).
محمود : ما نفسيش أسيبك لكن آه عندي شغل في المكتب.
نجيبة : من حأ نسيت أول لك الفلاحين ما رجعوا.
محمود : آني فلاحين دول؟
نجيبة : اللي كانوا هنا الصبح رجعوا واحد واحد ورا بعض.
محمود : رجعوا يعملوا إيه؟
نجيبة : قلت لهم خضروا أرضكم، آموا فهموا ودفعوا أربعة جنيه (ضحك).
محمود : طيب سلفيني جنيه يا نجيبة.
نجيبة : ما انت واخد جنيه أول امبارح، سرأته لك من جيب الراجل وكان حيتجنن.
محمود : والنبي يا نجيبة أحسن ماعنديش فلوس للخياط وأديكي شايفة. ما انت بالصاهم في أربعة جنيه.
نجيبة (تعطيه) : طيب اتعلِّم كويس الشغل علشان نبأه ندوره سوه، أوعك تزعَّل البيه وخليه يحبك علشان مكتب الخبير كنز يا أهبل أوعك تضيعه من إيدك، وأنا ساعت ما اطلق أخلي البيه يطرد المخبل.
محمود : يطرده إزاي؟
نجيبة : بس مش شغلك أئول له ده كان معذبني ومغلبني وبيضربني واتجوز عليَّ.
محمود : طيب والبيه ماله ومالك؟
نجيبة : دا راجل كبير في السن، والبيه طيب ويحب الولايا اللي زي حلاتي.
محمود : أوعك يا نجيبة يكون …
نجيبة : اختشي يا شيخ ده زي والدي.
محمود : من حأ أنا بشوفه يجي هنا كتير.
نجيبة : يجي علشان ما يئول لسي نجيب على حاجات في الشغل، طيب وإيه يعني إذا كان بيجي هو حيئوم لا سمح الله.
محمود : حاكم الراجل بتاعنا مشهور وتقيل أوي وحبِّيب.
نجيبة : طيب ومهما كانت الحال، هو أنا بابان عليه طيب دانا زي ولاده.
محمود : الراجل ملوش ولاد ولا هواش مجوز وماشي على كيفه ولا يعتأش.
نجيبة : ده انت خبير أوي بأحواله.
محمود : كل خبير وفوقه أخبر منه.
نجيبة : يا اخي إحنا مالنا وماله سيبنا بأه من سيرته.
محمود : طيب أؤعدي بالعافية بأه، أما أروح المكتب أحسن ورايا شغل.
نجيب : حتجي إمته؟
محمود : يمكن بكره والا بعده، لما ينتقل سي نجيب لمحل النزاع إن شا الله ينتقل لرحمة الله.
نجيبة : ليه يا شيخ أهو موارينا حبتين لحد ما تتعدل.
محمود : برده رأي على رأي جوز خالتي.
نجيبة : ما تغبش.
محمود : لا بس ابقي خضري أرضك.
نجيبة (تضحك) : حاضر من عينيَّه (يخرج. يُسمَع طرق باب).

المشهد الثالث

نجيبة : مين؟
عديلة : أنا أم حسين.
نجيبة : أهلًا وسهلًا ألف ميت مرحبة (تدخل وبوس) والنبي أنا كنت في سيرتك امبارح العصر، دي غيبة بالويبه.
عديلة : والنبي يا نجيبة بافكر فيك في كل ساعة واختها بس تلائيني من يوم ما رجعنا من شبين القناطر وأنا مش عارفة مالي عيَّانة كده.
نجيبة : ليه بعد الشر بتحسِّي بإيه؟
عديلة : جتتي كده مهمِّدة، وأوم من النوم زي اللي مضروبة علأة.
نجيبة : سلامتك، ما هو انت متعودة تخشي العشبة كل سنة ولا دخلتيش السنة دي ليه؟
عديلة : المسخم جوزي عاوزني أبطلها وبطلتها. وآل دي بتتكلف بهريز ٢١ يوم ولحمة ضاني وعسل وبندأ ومحلب. آل ولا لوش أُدرة على الحاجات والعشبة آل دي من علم الركة.
نجيبة : طيب هو انت محتاجة له، ما تخشيها من فلوسك، هو يا اخي الأجواز مالهم بئوا عرة ويفضحوا كده!
عديلة : هو أنا أقدر أبيِّن مليم من الأرشين، أحسن يقول لي انت مأطوعة من الدنيا وجبتيهم منين، وبسلامته ما بيدنيش مصروف أحوش منه، تلائيني شايلة الإرشين اللي باخدهم من أبو دنيا وباتحسَّر عليهم.
نجيبة : هو العمدة بتاعك اسمه أبو دنيا؟ يو جتك إيه، ده باين عليه راجل تقيل من اسمه، وده عرفتيه إزاي؟
عديلة : كان المنيل جوزي راح يحجز عليه آم ترجاه وإداله عشرة جنية، وعمل محضر عدم إيه عدم وجود شيء، وضيع على الخواجا اللي كان رافع الدعوى على البيه بين ٢٠٠ جنيه ولا ٣٠٠ جنيه، آمت بأت صحوبية من نهارهه، وكان كل ما يجي ينزل عندنا وكل ما يعرف إن جوزي غايب يحود يستحما ويغيَّر والذي منه.
نجيبة : ويحط إيده في اللي فيه الإسمة.
عديلة : ده طبعًا.
نجيبة : يا بختك يا ريت ألائي لي واحد يعمل له جوزي محضر، ده المسخم بيعمل تآرير.
عديلة : إياك يعمل لواحد تآرير عدم (الباب يدق).
نجيبة : مين؟
عديلة : أما أقوم بقى.
نجيبة : والنبي تقعدي يا أم حسين لما تشربي الأهوة، وتبقى تفرجيني على عمدتك ده.
عديلة : طيب والنبي لاعرفك يوم يكون عندي، واخليكي تبصي عليه من خرأ الباب (يدق الباب).
نجيبة : طيب (تنزل عديلة وبوس) يدخل خادم.

المشهد الرابع

خادم : البيه شيعني وآل شوف سي نجيب في البيت، هو عاوز يجي شوية.
نجيبة : قول له مش هناك، خلِّيه يتفضل.
خادم : حاضر يا ست. سعيدة.
نجيبة : سعيدة. بقه نجيب ما قابلوش لازم بيدور عليه، دلوقت يغيب للمغرب، ده إيه ده نهارنا ده! يا بيتنا يا بريمو، ملحة في عين اللي ما يصلي على النبي، الداخل أكثر من الخارج، إياك كل يوم الميه تنقطع خللي الرجل تجري.
البيه (من الخارج) : إحم إحم.
نجيبة : تفضل (يدخل) أهلًا وسهلًا دحنا زارنا النبي.
البيه : يا صباح الفل إزيك يا أطئوطة، فين سي نجيب امَّال؟
نجيبة : سي نجيب خرج يقابلك ولا يجيش بقه إلا بعد العشا، تحبها سادة ولا بسكر؟
البيه : اعمليها سادة ولقِّميها بصباعك تئوم تروء وتحلى.
نجيبة : الأهوة الرايأة ما تكيفش.
البيه : طيب المقصود ما تعكريهاش، انت بتشربيها إزاي؟
نجيبة : إنت علِّمتني القهوة التقيلة.
البيه : أنا علمتك؟! ما تظلمنيش إنتي متعلِّماها من يومك.
نجيبة : لكن بأه أهوتك أطعم.
البيه : مَتْئُونة يعني؟
نجيبة : زي كده.
البيه : والله بركة اللي وصلنا للسن ده، وبتمدح الزغاليل أهوتنا.
نجيبة : ده إيه ده يا بابا.
البيه : بابا إيه ما تخضنيش امَّال.
نجيبة : يا راجل شيبتك على خدك يا اللي ما تختشي.
البيه : ليه وانا عملت إيه؟ أنا منا آعد محتشم.
نجيبة : أيوه شوف كلمة غير دي.
البيه : طيب آعد مسلم نفسي.
نجيبة : لمين؟ أما انقي لك الشعرتين البيض.
البيه : لا سيبيهم أحسن يكتروا.
نجيبة : الحنة الحنة يا أطر الندا.
البيه : وبعدين يا بت انت. هو الشيب عيب؟
نجيبة : لا يعني الصبغة باينة أوي. أما أئول لك.
البيه : إيه؟
نجيبة : ححطلك على شنبك أوكسجين.
البيه : ليه يعني؟
نجيبة : يبأه شعرك زي الدهب.
البيه : طيب (تعود وتعمل له).
نجيبة : أؤعد عدل.
البيه : وده كله ليه؟
نجيبة : علشان تتدارى المسألة شوية.
البيه : فشرت دانا أصبيك وأصبي عشرة زيك.
نجيبة (تنتهي من الصبغة) : أما أجيب لك المراية (تعود بها) شوف بأه.
البيه : ده والله كويس (تأخذ زجاجة من جيبه).
نجيبة : لئيتي حلالي (تخبيها وراء ظهرها) حذرك.
البيه : ورأة بعشرة جنيه.
نجيبة : لا.
البيه : ورأة بخمسة جنيه.
نجيبة : لا.
البيه : ورأة بجنيه.
نجيبة : لا.
البيه : أهو ما فيش غيرهم في جيبي.
نجيبة : إزازة وسكي.
البيه : أوه ده وسكي أديم من اللي باحطُّه في الزمزمية.
نجيبة : ليه بأه؟
البيه : لما باتْنِئل لمحل النزاع آخد معاي شوية، أطري بهم ريئي أحسن من الميه الوسخة اللي عند الفلاحين.
نجيبة : طيب ولما يشفوك؟
البيه : أئول لهم دا دواء يصدقوا.
نجيبة : شايب وعايب. طيب وإيه ده؟
البيه : ده ملبس علشان الزغلولة.
نجيبة : وده؟
البيه : دي رواية مضحكة.
نجيبة : رواية مضحكة، يعني إيه؟
البيه : يعني كتاب يسلي.
نجيبة : زي دلايل الخيرات بتاع بابا؟
البيه : لا لا دا شكل ودا شكل، قلت لك دا كتاب يسلي.
نجيبة : وهو انت ما تفرغش من التسالي أبدًا.
البيه : هو حد واخد منها حاجة، من حأ إحنا مش نشرب لنا كاس وناكل ملبستين ونمهط مهطتين؟
نجيبة : دا طبعًا أما أجيب البريمة.
البيه : أنا معاية (يفتح الزجاجة) أديني فضيت بكارتها.
نجيبة : يا اخي فضَّك من الكلام ده وسيب الهزار بأه (يشربان).
البيه : يدندن (في مجلس الأنس).
نجيبة : بشويش أحسن الجيران يسمعوك.
البيه : طيب أنا بدي أشوف وشي في المراية.
نجيبة : ما جبتها لك طلِّيت فيها.
البيه : عاوز المراية الكبيرة اللي جوه في الأودة، اللي ببص فيها كل مرة.
نجيبة : طيب.
البيه : مستنية إيه الدنيا حر (يقلع جاكتته).
نجيبة : طيب لما يروء دمي حبتين أحسن أنا دمي متعكر.
البيه : ليه بعد الشر؟
نجيبة : تخانِئت مع المسخم.
البيه : جوزك؟
نجيبة : أيوه.
البيه : ليه؟
نجيبة : علشان عاوزة ألبس كردان زي الصبايا ومش عاوز يجيب لي، وآل ماهيته قليلة ويدوبك تأضي في البيت.
البيه : يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، يا آطع ائطع يا ساتر استر، طيب يا ستي والكردان ده ثمنه كام؟
نجيبة : تمانية جنيه وريال.
البيه : ومين معاه دلوأت تمانية جنيه يا نجيبة؟
نجيبة : سعادتك معاك ستاشر والنبي تديني أجيب كردان.
البيه : لأ مش النهارده.
نجيبة : لأ النهارده. والَّا ما تبصش في المراية الكبيرة.
البيه : طيب خدي لك اثنين جنيه.
نجيبة : ولا ثلاثة ولا أربعة دا انت بآلك زمان ما جبتليش حاجة.
البيه : خدي أربعة جنيه.
نجيبة : لأ ما فيش مراية.
البيه : طيب خدي خمسة.
نجيبة : خضر أرضك بتلاتة كمان.
البيه : أعمل إيه؟
نجيبة : يوه خضر أرضك.
البيه : الله الله كمان انت عرفتيها.
نجيبة : خضر أرضك.
البيه : خدي عشرة علشان الكلمادي (يعطيها عشرة) ويالَّه نخضر أرضنا ونأصَّبها.
نجيبة : أيوه كده بَئِيت دح يا بابا عليم.
البيه : دي والله أمانة بشوكها، لسه ساحبها الساعة ٩ (يشرب كاس) يالَّه بأه نشوف المراية.
نجيبة : الواد ابن خالتي المنيل ده محمود اللي عندك، أمه بتشتكي من قلة المهية وبتقول إنه بياخد منها فلوس ومش ملاحأه عليه.
البيه : كداب ده بيكسب أد جوزك واكتر.
نجيبة : صحيح؟
البيه : والله.
نجيبة : طيب ما تزوده شوية وتديله تلاتة جنيه في الشهر، هو مش نافع؟
البيه : هو الواد مش بطَّال، بس يعني يظهر إنه خبَّاص ومرافق بنت رقاصة.
نجيبة : مرافق بنت رقاصة؟!
البيه : أيوه أنا شفته ليلة معاها أبل ما يِئْفلوا الأهاوي، وباشوفه في وش البركة.
نجيبة : وش البركة فين؟
البيه : تحت.
نجيبة : محل الناس البطالين؟
البيه : أيوه.
نجيبة : بأه محمود ابن خالتي مرافق؟
البيه : أيوه.
نجيبة : وبياخد فلوس من أمه ومن غيرها علشان رفأة.
البيه : يظهر كده.
نجيبة : طيب والله يا سي محمود (تسهِّم).
البيه : مالك سهِّمت؟
نجيبة : لا ما سهِّمتش، بس يعني باستغرب على الناس اللي مش لاقيين ياكلوا وياخدوا فلوس الناس يخبصوا بها، أوم يا بيه شوف وشك في المراية (يدخلان وتترك الجاكتة وعصايته. يُسمع غناء البيه العجوز من الداخل. يدخل محمود ينظر الجاكتة والعصا فيتأكد إنه هنا).

المشهد الخامس

محمود : العكروت الكبير هنا وآلع جاكتته. هيصه أيوه كده أمَّال إش خلاه بيجي ويروح (يسمع غناء العجوز) وبيدندن الروبابكيا كمان، وإيه العمل؟ المسألة ما بدهاش، والله لأوديهم في داهية، أهي تبأه أضية زنا، ويمكن نخلي نجيب في الآخر يتنازل بعد ما يشوف بنت الكلب وتاخد حكم، ويمكن العجوز يخضر أرضه خوفًا من الفضيحة (يسمع غناء العجوز) أيوه غني بس فين دلوأت ابن الكلب نجيب اللي سايب مراته تلبس فساتين جديدة وتفرجها للناس؟ يا ترى وصلوا فنِّي حتة من الفستان دلوأت؟ أنا أستاهل اللي نزلت وسبتها، لو كنت عارف ما كنتش أفتح الصنافور في نهاري، إياك ألائي نجيب برده ألائيه في بار البلح وعلى التمن بتخريمة من شارع الترب (ينزل بسرعة).

المشهد السادس

(في المنزل – محمود – نجيب)
محمود : أدي الجاكتة والعصاية، اتأكدت دلوقت؟
نجيب : ده تمام آه (يسمع غناء العجوز) الضلالي الخنزير العجوز. دي مسألة ما فيهاش شك … طيب وإيه العمل؟
محمود : ما فيش إلا التمن ومحضر زنا.
نجيب : وقضية وتحقيق وجلسة؟
محمود : أيوه جلسة سرية طبعًا، ما فيهاش إلا الأبوكاتية.
نجيب : يادي الفضيحة.
محمود : ما هو الحق عليك؛ لأنك انت اللي جرأتهم على الحاجات دي.
نجيب : إزاي جرأتهم، حد يجرأ على الزنا في بيته؟
محمود : طبعًا … مثلًا ليه تخلي الراجل يخش البيت في غيابك؟
نجيب : معمروش دخل في غيابي.
محمود : لأنك ما شفتوش ولا حدش آلك، أما الحقيقة إنه دخل في غيابك أكثر من دخوله في حضورك.
نجيب : ده كان بيجي علشان شغل يا أخي، زي ما بتجي انت.
محمود : أنا بأه إن جيت في غيابك والَّا في حضورك ما يهمش، لأني أَرِيبها وعرضي عرضها وأدافع عنها مش أخسرها.
نجيب : شوف … لأ وكنت من عبطي غاير منك وانت أخ حقيقي (يعيط) نهايته وإيه العمل دلوأت؟
محمود : ما فيش إلَّا زي ما قلت لك.
نجيب : ننده عسكري؟
محمود : أيوه مالم تكون ناوي تبلعها المرة دي؟
نجيب : أبلعها إزاي يا محمود؟ تئول كده اختشي ده عيب.
محمود : أما المسألة ثابتة تمام، ما فيش شك رجل أجنبي في بيت الزوجية، وادحنا شهود رؤية.
نجيب : أخش أأتلهم واروح فيهم في داهية؟
محمود : لأ هدِّي أخلاقك، ما فيش داعي للأتل، ومع ذلك إذا قتلت ما ترحش في داهية ولا حاجة غايته ست اشهر.
نجيب : ما هي ست اشهر برده داهية.
محمود : يا اخي ما فيش لزوم لإزهاق الأرواح.
نجيب : دبَّرني يا محمود، أحسن أنا ما بقتش طايق نفسي.
محمود : ما فيش إلا الميري يخلص لك حأك.
نجيب : هي مش فيها رد شرف من الراجل؟
محمود : طبعًا خش في القضية وطالب بحق مدني زي ما تريد.
نجيب : والمرة يجرى لها إيه؟
محمود : تنحبس وبعدين طلقها، ومع ذلك تقدر تعفي عنها.
نجيب : إلحأ هات عسكري.
محمود : طيب بس اوعا يفلت منك (ينزل محمود).
نجيب : لأ يفلت إزاي؟

المشهد السابع

نجيب (لنفسه) : والله طيب يا ست نجيبة، ما بآش إلا كده، فين أمك الأرشانة وأبوك التيس دلوأت. وفين علي ملك الجن اللي يركبك، ده مكافأتي على جريي على العيش وعرق جبيني بعد عِشرة خمس سنين؟! الحمد لله اللي محناش مخلفين (تُسمع هيصة. للشاويش) اطلع يا شاويش بئول لك خش (لمحمود) وانت مش اللي انت جايبني شاهد.
محمود : أيوه بس هدِّي نفسك.
نجيب : ست نجيبة، يا عليم بك، اتفضلوا اطلعوا هنا في كلمتين.
نجيبة (من الداخل) : مين؟
نجيب ومحمود : إحنا.
نجيبة (تخرج) : يا دهوتي عسكري! الشر بره وبعيد.
نجيب : لأ والله الشر جوه وأريب أوي.
محمود : ما كانش عشمنا.
نجيب : ما كانش عشمنا … خلي الراجل يخرج حالًا والَّا نخش نجرجره من ودانه، أنا زهِئْت، ينعل أبو دي وظيفة وينعل أبوها عيشة، إنتآل لمحل النزاع سِكِتْنا، رشوة بلعنا، عيشة سودة رضينا، وكمان قرنين على الرأس!
محمود : ما بآش بينك وبين الإسكندر فرأ كبير.
نجيب : انت بالك …
نجيبة : محمود انت اللي جايب نجيب وفتنت له الفتنة الفلصو دي وعاوز تخرب بيتنا، روح دوَّر على رفيقتك الرقاصة، يا نصَّاب يا خباص جايب الراجل ومهيجه عليَّ!
محمود : الله الله، أنا مالي بتخانئيني ليه؟
نجيب : أيوه هو اللي جايبني، وفيها إيه ما تئول يا واد، ما هواش ابن خالتك وبيغير عليك زيي واكتر؟
عليم (يخرج بالصديري) : جرى إيه؟
نجيب : أهلًا وسهلًا يا اخوي (يتهجم عليه ويمنعه العسكري).
عسكري : مش أصول يا أفندي تضرب الأفندي، عندك التمن.
عليم : أنا مش أفندي، أنا بيه حايز للدرجة الثانية والنيشان المجيدي الخامس.
عسكري (يضرب سلام) : طيب يا سعادة البيه.
نجيب : يا شاويش هاتو لي على التمن، إنت هنا في بيتي بتعمل إيه؟
عسكري : طيب روَّأ بالك.
عليم : يا شاويش صلي على النبي.
عسكري : حاضر يا سعادة البيه.
عليم : جرى إيه يا نجيب هو يصح الكلام ده؟ أنا جي لك علشان شغل، ودي مش أول مرة.
نجيب : هاتهم الاثنين على التمن يا شاويش المرة والراجل.
محمود : إنت مش سامع يا عسكري، وأديك شاهد الراجل قالع هدومه، وكانوا الاثنين في أوده واحدة.
نجيبة : إنت عاوز تفضحني يا محمود؟
عليم : هو يصح كده يا محمود، دي زي بنتي وكانت بتوصيني عليك، ووعدتها بزوادة مهيتك إنت وجوزها؟
محمود : لكن يا سعادة البيه برده ما يصحش (يدخل في وسط الهيصة).
نجيبة : اجري يا واد يا حسن انده ستك (يجري) برده ده يصح يا سي نجيب هو سبب لك حاجة؟
نجيب : هو سبِّب لي أكثر من كده، هو كان يصح ما كانش عشمي يا نجيبة. دنا مدِّيك خمسة جنيه النهارده.
عليم : منين جولك؟ من الفلوس اللي أعطيتها لك تدفعها في المحكمة. تبديد وخيانة أمانة شاهد يا شاويش؟ شاهد ومصلي على النبي؟
عسكري : شاهد ومصلي جوي يا سعادة البيه.
عليم (يدنو منه ويدفع له) : ومع ذلك إنت غلطان، أنا كنت بشوف وشي في المراية علشان صابغ جديد.
عسكري : ما تصرَّفها وديًّا يا أفندي، أحسن انت حتودي نفسك الأبعد في داهية من غير سبب.
نجيب : مش شغلك يا شاويش خيانة أمانة أدَّام مين؟
عليم : إنت معترف حالًا.
محمود : المسألة باين حتفشخر.
نجيبة : محمود برده كده! بتهيج جوزي عليَّ كل ما يهبط تأومه!
محمود : هو وكيفه دي مسألة شرف.
نجيب : دي مسألة شرف ياللا على التمن. خدهم يا شاويش (تدخل زنوبة ومحمد أفندي).
زنوبة : الشر بره وبعيد … جرى إيه يا اختي؟ (لنفسها) الكوتشينة ما تكدبش أبدًا.
نجيبة : آه يا امَّه، محمود عمل عملته وفضحني، مظلومة يا نينتي مظلومة يا بابا.
زنوبة : محمود! محمود برده تعمل كده في بنت خالتك؟ مع مين يا بنتي؟
نجيبة : آل مع البيه.
محمد أفندي : إخص عليك يا محمود، يصح دي لحمك وبتحبك وكانت عاوزة تتجوزك؟!
عسكري : ما تنهيها وديًّا يا أفندي، الستر أحسن.
نجيب : أبدًا خدهم يا شاويش على التمن.
زنوبة : سي نجيب اسمع مني كلمة.
نجيب : لا يا ستي، مش عاوز أسمع منك كلمة ولا حدوته يا حماة الهنا.
محمد أفندي : أنا محصلش بينك وبيني حاجة، لكن دي لحمي ولحمك.
نجيب : كُلُه … لكن لازم بعد ما يروح لحمك على التمن (عليم ومحمد أفندي وزنوبة يتكلموا على انفراد).
نجيبة : جرى إيه يا سي نجيب أنا برضه ابقى لك … ده الشيطان شاطر (تقرب منه) هو أنا كنت مزعلاك؟ هو جرى مني حاجة؟ إن كنت باسطاك إراط حبسطك أربعة وعشرين، وإن كان خاطرك متغير عليَّ سامحني، أنا ما كنتش عارفة مقامك بس الفضيحة وحشة (تتودد إليه).
زنوبة : عيب يا اخويا دي مراتك وفضيحتها في وشك.
نجيبة : علشان خاطر أمي.
زنوبة : مراتك منزارة والأسياد ما يستحملوش حاجات زي دي.
محمد أفندي : يا نجيب أفندي، إنت مشفتش مني رَدِي، حرام عليك الفصل ده فيَّ (يتكلموا بصوت واطي).
عليم (لمحمود) : زي ما ولعت النار دي اطفيها وانا برده أشوفك (يلبس ملابسه).
محمود : يا سعادة البيه حاتشوفني إمته بأه؟
عليم (يغمزه) : بكره أزورك وتبقى محل النطع ده … ده ما ينفعش في حاجة.
محمود : أنا وحياة ربنا ماليش في المسألة يد.
عسكري : ياللا يا أفندية النقطة لوحدها.
عليم (يغمزه) : اتفضل انت يا اخويا شوف شغلك (الشاويش يتحرك).
نجيب : على فين يا شاويش؟
محمود : سيبه يا نجيب أنا فهمت الموضوع.
نجيب : فهمت إيه؟
محمود : المسألة لها شكل تاني، انزل انت يا شاويش.
نجيب : إزاي؟
عليم : خليك ذوق واتنحى بأه لاخوانك.
محمود : انزل انت يا شاويش.
نجيب : مش لما نعرف آخرتها.
محمود : الحقيقة هو إن البيه ما كانش يقصد غير زيارة بسيطة … وانا تأكدت من المسألة دي سوء تفاهم بسيط.
عليم : سوء تفاهم.
نجيب : وهو يصح إن البيه يزور المرة في غياب جوزها؟
محمود : هو افتكر إنك في البيت.
زنوبة : ونجيبة زي بنته.
محمد أفندي : وانت زي ابنه (يتكلموا عليه كلهم ويبلفوه).
عليم : كلكم أولادي يا بارد اتفضل انت يا شاويش.
نجيب : لو كنتم تحلفوا لي إنها زيارة بسيطة، وتضمنوا لي إن المسألة ما بقتش تحصل.
عليم : وحياة شرفك.
محمود : وحياة شرف أبوك.
نجيبة : وحياة عينيك.
زنوبة : وحياة شرف المرحومة نينتك.
محمد أفندي : إن المسألة بسيطة.
نجيب : أمَّال الكلام اللي قلته لي كله، كان إيه يا محمود؟
محمود : أقول لك الحق الفار لعب في عبي، ولكن المسألة تنورت، وعرفت أصلها ولو كان فيها حاجة ما كنتش أنصحك بالعدول.
نجيب : طيب مش كنت تتأكد قبله.
محمود : ومع ذلك هو المحكمة حتعمل إيه مش تعويض مدني؟
عليم : غايته وده إذا لا سمح الله وسبت.
محمود : وده شيء بعيد، ومع ذلك البيه مستعد مش متأخر وتبقوا حبايب.
عسكري : ولا حد شاف الجمل ولا الجمال.
نجيب : اللي تحكموا به.
محمود : انزل بأه يا شاويش.
عسكري (يضرب سلام) : تروج وتحلى. أنزل يا أفندي؟
نجيب : انزل يا سيدي الأمر لله، ولكن خليك قريب (ينزل الشاويش).
محمد أفندي : أيوه كده امَّال.
عليم : لا أنا عارف إنه ذوق ويتنخي لأصحابه.
محمود : سي نجيب ده قلبه طيب أهو بلعها لآخرها.
زنوبة : أقعدوا بأه نشرب قهوة، ونروَّأ دماغنا، أنا راسي بأت زي الطبلة.
نجيب : لكن عاوزين الحق؟
الكل : أيوه.
نجيبة : يا سعادة البيه.
عليم : يا ستي.
نجيبة : عاوز الحق؟
عليم : وأبوه.
نجيبة : خضر أرضك.
عليم : وأبوها (يفتح المحفظة).
(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤