الفصل التاسع

باب المختار من حِكَم أمير المؤمنين عليه السلام

ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله، والكلام القصير الخارج في سائر أغراضه
قال عليه السلام:
  • (١)

    كن في الفتنة كابن اللبون، لا ظهر فيُركَب، ولا ضرع فيُحلَب.

  • (٢)

    أزرى بنفسه من استشعر الطمع، ورضي بالذل من كشف عن ضُره، وهانت عليه نفسه من أمَّر عليها لسانه.

  • (٣)

    البخل عار، والجبن منقصة، والفقر يخرس الفطن عن حجته، والمقلُّ غريب في بلدته، والعجز آفة، والصبر شجاعة، والزهد ثروة، والورع جنة.

  • (٤)

    نعم القرين الرضا، والعلم وراثةٌ كريمة، والآداب حللٌ مجددة، والفكر مرآةٌ صافية.

  • (٥)

    صدر العاقل صندوق سره، والبشاشة حبالة المودة، والاحتمال قبر العيوب، أو: والمسالمة خباء العيوب، ومن رضي عن نفسه كثر الساخط عليه.

  • (٦)

    الصدقة دواء منجح، وأعمال العباد في عاجلهم، نصب أعينهم في آجلهم.

  • (٧)

    اعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم، ويتكلم بلحم، ويسمع بعظم، ويتنفس من خرم!

  • (٨)

    إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.

  • (٩)

    خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنُّوا إليكم.

  • (١٠)

    إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرًا للقدرة عليه.

  • (١١)

    أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيَّع من ظفر به منهم.

  • (١٢)

    إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تُنفِّروا أقصاها بقلة الشكر.

  • (١٣)

    من ضيَّعه الأقرب أُتيح له الأبعد.

  • (١٤)

    ما كل مفتون يعاتب.

  • (١٥)

    تذل الأمور للمقادير، حتى يكون الحتف في التدبير.

  • (١٦)

    وسئل عليه السلام عن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «غيِّروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود.» فقال: إنما قال صلى الله عليه وآله وسلم ذلك والدين قُلٌّ، فأما الآن وقد اتَّسع نطاقه، وضرب بجرانه، فامرؤٌ وما اختار.

  • (١٧)

    وقال عليه السلام في الذين اعتزلوا القتال معه: خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل.

  • (١٨)

    من جرى في عنان أمله عثر بأجله.

  • (١٩)

    أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم، فما يعثر منهم عاثر إلا ويد الله بيده يرفعه.

  • (٢٠)

    قرنت الهيبة بالخيبة، والحياء بالحرمان، والفرصة تمر مرَّ السحاب، فانتهزوا فرص الخير.

  • (٢١)

    لنا حق، فإن أُعطيناه وإلا ركبنا أعجاز الإبل وإن طال السرى.

    قال الرضي: وهذا من لطيف الكلام وفصيحه، ومعناه: إنَّا إن لم نُعْطَ حقنا كنا أذِلَّاء، وذلك أن الرديف يركب عجز البعير، كالعبد والأسير ومن يجرى مجراهما.

  • (٢٢)

    من أبطأ به عمله، لم يُسرع به نسبه.

  • (٢٣)

    من كفارات الذنوب العظام: إغاثة الملهوف، والتنفيس عن المكروب.

  • (٢٤)

    يا ابن آدم، إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره.

  • (٢٥)

    ما أضمر أحد شيئًا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه.

  • (٢٦)

    امشِ بدائك ما مشى بك.

  • (٢٧)

    أفضل الزهد إخفاء الزهد.

  • (٢٨)

    إذا كنت في إدبارٍ والموت في إقبالٍ فما أسرع الملتقى.

  • (٢٩)

    الحذر الحذر! فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر.

  • (٣٠)

    وسئل عن الإيمان فقال: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد؛ والصبر منها على أربع شعب: على الشوق، والشفق، والزهد، والترقب؛ فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات، ومن زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات؛ واليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأوُّل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين: فمن تبصَّر في الفطنة تبيَّنَتْ له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين؛ والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم، ورساخة الحلم: فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره، وعاش في الناس حميدًا. والجهاد منها على أربع شعب: على الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين؛ فمن أمر بالمعروف شدَّ ظهور المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف الكافرين، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنئ الفاسقين وغضب لله غضب الله له وأرضاه يوم القيامة.

  • (٣١)

    الكفر على أربع دعائم: على التعمق، والتنازع، والزيغ، والشقاق: فمن تعمق لم يُنِب إلى الحق، ومن كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة، وحسُنت عنده السيئة، وسكر سُكْر الضلالة، ومن شاق وعِرَتْ عليه طرقه، وأعضل عليه أمره، وضاق عليه مخرجه؛ والشك على أربع شعب: على التماري، والهول، والتردد، والاستسلام: فمن جعل المراء دينًا لم يصبح ليله، ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه، ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيهما.

    قال الرضي: وبعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الإطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الباب.

  • (٣٢)

    فاعل الخير خير منه، وفاعل الشر شر منه.

  • (٣٣)

    كن سمحًا، ولا تكن مبذرًا، وكن مقدرًا، ولا تكن مقترًا.

  • (٣٤)

    أشرف الغنى ترك المنى.

  • (٣٥)

    من أسرع إلى الناس بما يكرهون، قالوا فيه بما لا يعلمون.

  • (٣٦)

    من أطال الأمل أساء العمل.

  • (٣٧)

    وقال عليه السلام وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الأنبار، فترجَّلوا له واشتدوا بين يديه، قال: ما هذا الذي صنعتموه؟ فقالوا: خُلُقٌ منا نُعظِّم به أمراءنا، فقال: والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم، وإنكم لتشقُّون على أنفسكم في دنياكم، وتشقَون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار!

  • (٣٨)

    وقال عليه السلام لابنه الحسن: يا بُني، احفظ عني أربعًا، وأربعًا، لا يضرك ما عملت معهن: إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق، وأوحش الوحشة العجب، وأكرم الحسب حسن الخلق.

    يا بُنَي، إياك ومصادقة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة البخيل، فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر، فإنه يبيعك بالتافه، وإياك ومصادقة الكذاب، فإنه كالسراب؛ يُقَرِّب عليك البعيد، ويُبَعِّد عليك القريب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤