الفصل الثاني

الترجمة الرسمية في عهد الحملة

حاجة رجال الحملة إلى الترجمة الرسمية، استعانتهم بأسرى المسلمين في مالطة وخاصةً المغاربة، المترجمون في ديوان «مينو»، هيئات المترجمين الرسميين في عهد الحملة، أسرى المسلمين في مالطة، المستشرقون من رجال الحملة: «فانتور»، «جوبير»، «براسرفيش»، «لوماكا»، «حنا روكه»، «كليمان»، «بوديف»؛ المترجمون السوريون، هجرات «الشوام» إلى مصر منذ بدء القرن ١٨، الحملة تصطحب مترجمين سوريين من إيطاليا: دون إلياس فتح الله، يوسف مسابكي، أنطون مشحرة؛ مترجمون سوريون من مصر: يوسف فرحات، ميخائيل كحيل، القس رفاييل، إلياس فخر، نصر الله، عبود وميخائيل الصباغ، نقولا الترك؛ المترجمون المصريون، صلة الأقباط بالفرنسيين، الفرنسيون يعلمون بعض الشبان الأقباط اللغة الفرنسية، أليوس بقطر، الرأي في الترجمة الرسمية في عهد الحملة.

***

ولكننا قد نتساءل بعد هذا: ألم يكن للحملة — على الرغم مما كان يكتنفها في الداخل والخارج من اضطرابات وقلاقل — أثر في الترجمة عن العربية إلى الفرنسية أو عن الفرنسية إلى العربية في هذه السنوات الثلاث التي قضتها في مصر؟

والحقيقة أننا نستطيع أن نجيب على هذا السؤال بأنه كان في مصر إبان وجود الحملة بها نوعان من الترجمة: ترجمة رسمية، وترجمة علمية.

فالحملة من الناحية الرسمية كان لها أثر في هذا النقل، وكانت في أشد الحاجة إلى مترجمين دائمين ينقلون عنها الأوامر، ويترجمون المنشورات، ويسجلون محاضر الدواوين، ويكونون الوسطاء في نقل الحديث بين الحكام والمحكومين. وقد استعانت أول الأمر بأناس غرباء عن مصر أحضرتهم معها أول قدومها، وهم جماعة من أسرى البحارة المسلمين الذين كانوا تحت أيدي فرسان القديس يوحنا بجزيرة مالطة، وقد اشتركوا مع المستشرقين من علماء الحملة في ترجمة المنشور الذي أعده نابليون بالفرنسية، والذي طُبع على ظهر البارجة «الشرق L’Orient» — إحدى سفن الأسطول — في المطبعة العربية ليكون معدًّا للتوزيع على المصريين وقت نزول الفرنسيين إلى بر مصر. يقول الجبرتي عن هؤلاء الأسرى: «كانت الفرنسيس حين حلولهم بالإسكندرية كتبوا مرسومًا، وطبعوه، وأرسلوا منه نسخًا إلى البلاد التي يقدمون عليها تطمينًا لها، ووصل هذا المكتوب مع جملة من الأسارى الذين وجدوهم بمالطة، وحضروا صحبتهم، وحضر منهم جملةٌ إلى بولاق، وذلك قبل وصول الفرنسيس بيوم أو بيومين، ومعهم منه عدة نسخ، ومنهم مغاربة، وفيهم جواسيس، وهم على شكلهم من كفار مالطة، ويعرفون باللغات …»١
فلما هُزم المماليك، وفروا جنوبًا وشرقًا، ووجد المصريون أنفسهم بلا جيش يحميهم أو يدافع عنهم، اجتمع شيوخهم وعلماؤهم في الجامع الأزهر، «وتشاوروا، فاتفق رأيهم على أن يرسلوا مراسلة إلى الإفرنج … وأرسلوها صحبة شخص مغربي يعرف لغتهم، وآخر صحبته، فغابا وعادا، فأخبرا أنهما قابلا كبير القوم وأعطياه الرسالة فقرأها عليه ترجمانه، ومضمونها الاستفهام عن قصدهم، فقال على لسان الترجمان: «وأين عظماؤكم ومشايخكم؟»»٢
ولما استقر الفرنسيون في القاهرة أخذوا يتتبعون من بقي بها من عائلات المماليك، ويهاجمون بيوتهم، ويستولون على أموالهم، وكانوا في تنقلاتهم يستصحبون معهم المترجمين ليقوموا بنقل الحديث بينهم وبين زوجات الأمراء، وأولادهم، وخدمهم. يذكر الجبرتي في حوادث شهر ربيع الأول سنة ١٢١٣ﻫ أن جماعة من جنود الفرنسيين ذهبوا إلى «بيت رضوان الكاشف … وصحبتهم ترجمان ومهندس.»٣

وبدأ نابليون يضع الأسس لحكومة جديدة يشترك فيها زعماء المصريين، ليستعين بهم في إدارة شئون البلاد، وإقناع الأهلين، وقد نص في الأمر الصادر بتكوين الديوان أن يكون أعضاؤه تسعة ينتخبون من بينهم واحدًا للرياسة، وأن يختاروا سكرتيرًا (كاتم سر) من غير الأعضاء، ويعينوا اثنين من الكتبة والتراجمة يعرفان الفرنسية والعربية.

والجبرتي يتحدث عن بعض أعمال هذَين المترجمَين في شذرات متفرقة نستطيع أن نتبين منها أن «الترجمان» كان الناقل لأوامر الفرنسيين، والقارئ لأوامرهم وفرماناتهم في الديوان، وأنه كان يضمِّن كلامه العربي كلمات فرنسية مما يدل على أن هذَين المترجمَين كانا من علماء الحملة الفرنسيين العارفين باللغة العربية. يقول الجبرتي عند كلامه عن الجلسة الأولى للديوان: «فلما استقر بهم الجلوس شرع ملطي القبطي الذي عملوه قاضي في قراءة فرمان الشروط،٤ وفي المناقشة، فابتدر كبير المديرين في إخراج طومار آخر، وناوله الترجمان فنشره وقرأه …»٥ ثم يقول عند الكلام على انتخاب رئيس الديوان: «ثم قال الترجمان: نريد منكم يا مشايخ أن تختاروا شخصًا منكم يكون كبيرًا ورئيسًا عليكم … فقال بعض الحاضرين: «الشيخ الشرقاوي.» فقال: نو، نو، وإنما ذلك يكون بالقرعة … إلخ.»٦
وأراد نابليون أن يصبغ المجتمع المصري بالصبغة الفرنسية. فانتهز فرصة اجتماعه بالمشايخ الذين اختيروا أعضاء للديوان، وأحضر لكلٍّ منهم طيلسانًا وشارةً مثلثتي الألوان، وبدأ فألبس الطيلسان للشيخ الشرقاوي، فثار، وألقى به إلى الأرض، «واستعفى، وتغير مزاجه، وامتقع لونه، واحتد طبعه، فقال الترجمان: «يا مشايخ أنتم صرتم أحبابًا لصاري عسكر، وهو يقصد تعظيمكم، وتشريفكم بزيه وعلامته …» وغضب نابليون لفعلة الشرقاوي غضبًا شديدًا، وتكلم بلسانه، وبلغ عنه بعض المترجمين أنه قال عن الشيخ الشرقاوي إنه لا يصلح للرياسة … إلخ.»٧
ولم يكن الشيخ السادات بين الحاضرين، ولكنه أتى بعد انصرافهم، «فلما استقر به الجلوس بش له وضاحكه صاري عسكر، ولاطفه في القول الذي يعربه الترجمان، وأهدى له خاتم ألماس.»٨ ثم ألبسه الشارة المثلثة الألوان، فلم يرَ كزملائه أن لبسها كفرًا، بل تركها حتى خرج فنزعها.
وعندما أصدر الفرنسيون أوامرهم بتنظيم دفن الموتى، وشرع بعض رجالهم في هدم التراكيب المبنية على المقابر في مقبرة الأزبكية، وتسويتها بالأرض، ثار القاهريون وخرجوا في مظاهرة كبيرة إلى بيت نابليون، «ووقفوا تحت بيت صاري عسكر، فنزل لهم المترجمون واعتذروا بأن صاري عسكر لا علم له بذلك …»٩
وذكر الجبرتي عند كلامه على تنظيم الديوان في عهد نابليون، وتقسيمه إلى «خصوصي وديمومي» أسماء أعضاء الديوان، ثم قال: «ومعهم وكلاء ومباشرون من الفرنسيس، ومترجمون …»١٠
هذا، ولم تخضع أطراف مصر للفرنسيين في الحال، فأرسل نابليون جنوده لإخضاع الصعيد،١١ وشمال الدلتا الشرقي، وتنظيم هذه البلاد، ثم كُوِّنَت في عواصم المديريات دواوين صغيرة على نمط الديوان الكبير في القاهرة، وكان يصحب هذه الكتائب من الجيش الفرنسي ويعين رجال الإدارة منهم في حكم الأقاليم نفرٌ من هؤلاء المترجمين، كذلك اصطحب الجيش الفرنسي بعضًا منهم معه في حملته على الشام.
وذكر الجبرتي أيضًا أن المشايخ والأعيان ذهبوا لمقابلة نابليون والسلام عليه بعد عودته من الإسكندرية عقب موقعة أبي قير البرية، «فلما استقر بهم المجلس قال لهم على لسان الترجمان: إن صاري عسكر يقول لكم إنه لما سافر إلى الشام كانت حالتكم طيبة في غيابه، وأما في هذه المرة فليس كذلك، لأنكم كنتم تظنون أن الفرنسيس لا يرجعون، بل يموتون … وأن المهدي والصاوي ما هم «بونو» أي ليسوا بطيبين.»١٢
وعاد نابليون إلى فرنسا، وولى كليبر قيادة الحملة، فظل للترجمة الرسمية شأنها الأول، وللمترجمين مركزهم الهام كوسطاء لنقل الحديث بين الحكام والمحكومين وترجمة الأوامر والفرمانات والوثائق الرسمية، يقول الجبرتي عند كلامه على مشروع اتفاقية العريش: «ولما ورد ذلك الطومار المتضمن لعقد الصلح والشروط عربوه وطبعوا منه نسخًا كثيرةً فرقوا منها على الأعيان، وألصقوا منها بالأسواق والشوارع.»١٣
ولما قُتل القائد كليبر كُوِّنَتْ محكمة فرنسية خاصة لمحاكمة المتهمين، وألف الفرنسيون «في شأن ذلك أوراقًا ذكروا فيها صورة الواقعة، وكيفيتها، وطبعوا منها نسخًا كثيرةً باللغات الثلاث: الفرنساوية، والتركية، والعربية …» وطبعوا «من كل لغة قدر خمسمائة نسخة لكي يُرسلوا ويتعلقوا في المحلات اللازمة …»١٤
fig2
شكل ٢-١: صورة الصفحة الأولى من الكتاب المتضمن للترجمة العربية لمحاضر محاكمة سليمان الحلبي، وهو من الكتب القليلة التي ترجمت في عهد الحملة وطبعت بمطبعتها بالقاهرة.
وكان الديوان قد عُطل في عهد «كليبر»، فلما ولي «مينو» قيادة الحملة أعاد تنظيمه على نسق جديد كما ذكرنا، وعين له — إلى جانب الأعضاء من المشايخ — كاتبًا عربيًّا اسمه «الشيخ علي»، وكاتبًا (يوميًّا) اسمه «قاسم أفندي»، ومترجمًا أول — أو ترجمان كبير — هو «القس روفائيل»، ومترجمًا ثانيًا — أو ترجمان صغير على حد تعبير الجبرتي — هو «إلياس فخر الشامي»، وجعل مقر هذا الديوان بيت رشوان بك في حارة عابدين، وخُصِّصَ جناح من هذا البيت لسكن «الوكيل الكومسيير Commissaire فوريه»، «وأعدوا للمترجمين والكتبة من الفرنساوية مكانًا خاصًّا يجلسون به في غير وقت الديوان على الدوام لترجمة الأوراق، والوقائع، وغيرها.»١٥
ووصف الجبرتي هيئة انعقاد جلسات الديوان، فقال إنه: «إذا تكامل حضور المشايخ يخرج إليهم الوكيل فوريه، وصحبته المترجمون، فيقومون له، فيجلس معهم، ويقف الترجمان الكبير رفائيل، ويجتمع أرباب الدعاوى، فيقفون خلف الحاجز عند آخر الديوان … وعنده الجاويش … ويدخلهم بالترتيب، الأسبق فالأسبق، فيحكي صاحب الدعوى قضيته، فيترجمها له الترجمان … إلخ.»١٦ وكان عمل المترجم الأول في هذا الديوان يشبه عمل سلفه في ديوان نابليون إذ كان يقوم إلى جانب الترجمة بقراءة الأوامر والرسائل والفرمانات، فقد ذكر الجبرتي في حوادث شعبان سنة ١٢١٥ﻫ أن صاري عسكر أرسل «إلى مشايخ الديوان كتابًا، وقرأه الترجمان الكبير رفائيل …»١٧
ولما حضرت الحملة الإنجليزية التركية في سنة ١٢١٦ﻫ / ١٨٠١ لإخراج الفرنسيين كانت الرسائل تأتي تباعًا من الجنرال «مينو» في الإسكندرية إلى أعضاء الديوان في القاهرة، وبدأ الفرنسيون يتقربون إلى المصريين حتى لا ينتهزوا الفرصة فيثوروا ضدهم، ويزيدوا في متاعبهم، ذكر الجبرتي في حوادث المحرم سنة ١٢١٦ﻫ أن القائمقام «بليار» استدعى إليه مشايخ الديوان و«قال لهم على لسان الترجمان: نخبركم أن الخصم قد قرب منا، ونرجوكم أن تكونوا على عهدكم مع الفرنساوية …»١٨

وانتهت المعارك بين الجيشين بالصلح والاتفاق على أن يجلو الفرنسيون عن مصر، وتعود البلاد إلى السلطان، وفي القاهرة أُعلنت الشروط الخاصة بالشعب «في أوراق ألصقت بالطرق مكتوبة بالعربي والفرنساوي وفيها شرطان من شروط الصلح التي تتعلق بالعامة.»

وفي نفس الشهر دُعِيَ الديوان للاجتماع، «وحضر المشايخ والوكيل، فقال الوكيل: هل بلغكم بقية الشروط الثلاثة عشر؟ فقالوا: «لا»، فأبرز ورقة من كمه بالقلم الفرنساوي، فشرع يقرؤها، والترجمان يفسرها … إلخ.»١٩
وبعد أيام عقد الديوان آخر جلساته، «فاجتمع المشايخ والتجار وبعض الوجاقلية، «واستوف» الخازندار، والوكيل، والترجمان، فلما استقر بهم الجلوس أخرج الوكيل كتابًا مختومًا، وأخبر أن ذلك الكتاب من صاري عسكر «مينو» بعث به إلى مشايخ الديوان، ثم ناوله لرئيس الديوان، ففضه وناوله للترجمان فقرأه … إلخ.» ثم أخرج الوكيل «ورقة بالفرنساوي وقرأها بنفسه حتى فرغ منها، ثم قرأ ترجمتها بالعربي الترجمان رفاييل، ومضمونها حصول الصلح، وتمويهات وهلسيات ليس من ذكرها فائدة، ولما انتهى من قراءتها أبرز أيضًا «استوف» الخازندار ورقة، وقرأها بالفرنساوي، ثم قرأ ترجمتها بالعربي الترجمان وهي في معنى الأولى …»٢٠

وبعد، فهذه نبذ متفرقة مما ذكره الجبرتي عن الترجمة الرسمية يؤيد ما ذهبنا إليه من أن هذا النوع من الترجمة كان له خطره وأهميته أثناء وجود الحملة الفرنسية في مصر، غير أن المراجع المعاصرة لم تُعْنَ بذكر ثبت بهؤلاء المترجمين أو التعريف بهم، ومع هذا ففي الفقرات الآتية محاولة لهذا الإحصاء، وهذا التعريف.

(١) هيئات المترجمين الرسميين في عهد الحملة

من الممكن أن نقسم جماعة المترجمين الرسميين في عهد الحملة إلى الهيئات الآتية:
  • (١)
    الأسرى الذين كانوا في جزيرة مالطة٢١ من مغاربة وعرب وأتراك، وقد أطلق سراحهم رجال الحملة الفرنسية بعد استيلائهم على مالطة، وصحبوهم معم إلى مصر، وأطلقوهم في كل مكان يوزعون منشور نابليون بين المصريين، وقد قام واحد منهم بحمل رسالة المشايخ إلى نابليون وهو في الجيزة — كما ذكرنا — ولم تذكر الكتب المعاصرة اسم واحد من هؤلاء.
  • (٢)

    العارفون باللغة العربية من رجال الحملة الفرنسية، وأهم هؤلاء:

    • (أ)
      فانتور Venture: وهو أحد أعضاء لجنة الترجمة بالمجمع المصري، وأكبر أعضاء هذا المجمع سنًّا، قضى أربعين سنة من حياته في الشرق، فكان مترجمًا بالسفارة الفرنسية في تركيا، ثم مترجمًا للغات الشرقية للحكومة الفرنسية في باريس، ثم مدرسًا للغة التركية في مدرسة اللغات الشرقية في باريس، ثم صحب الحملة إلى مصر فكان كبير مترجميها، أو «ترجمان صاري عسكر» كما يسميه الجبرتي، وكان نابليون يقدره، ويثق به ثقة كبيرة، ويرجع إليه في كل ما يتعلق بالشرق والشرقيين، ومن تلاميذه المعروفين: المسيو مارسيل، والمسيو جوبير الآتي ذكرهما.
      ولما سار نابليون بحملته إلى سوريا استصحب معه المسيو «فانتور» ولكنه مرض هناك بالدسنطاريا ومات، فتألم نابليون لموته، وأرسل بنعيه إلى الديوان في خطاب تاريخه المحرم سنة ١٢١٤ﻫ (يونيو سنة ١٧٩٩) قال فيه: «وفانتوره مات من تشويش، هذا الرجل صعب علينا جدًّا، والسلام …» وعقب الجبرتي على هذا الخبر بقوله: «وفانتوره هذا ترجمان صاري عسكر، وكان لبيبًا متبحرًا، ويعرف باللغات التركية والعربية والرومية والطلياني والفرنساوي.»٢٢
    • (ب)
      جوبير Pierre Amébee Jaupert (١٧٧٩–١٨٤٧): أحد المستشرقين من علماء الحملة، وواحد من تلاميذ «دي ساسي». تخرج في مدرسة اللغات الشرقية في باريس، وكان تلميذًا لفانتور، فلما تُوفي الأستاذ اختار نابليون تلميذه ليشغل مركزه، ويكون كبيرًا لمترجمي الحملة، وقد كتب أبحاثًا كثيرةً٢٣ نُشرت في كتاب وصف مصر، وبعد جلاء الحملة عُيِّنَ مدرسًا للغة التركية في مدرسة اللغات الشرقية، ثم اختير مدرسًا للفارسية في «الكوليج دي فرانس»، وفي أخريات أيامه عُيِّنَ ناظرًا لمدرسة اللغات الشرقية.
    • (جـ)
      براسرفيش: أحد أعضاء لجنة الترجمة بالمجمع المصري، ويسميه الجبرتي: «السيتوين الخواجة داميانوس براشويش كاتم السر وترجمان صاري عسكر.»٢٤ ويبدو أنه خلف «جوبير» فتولى هذا المركز بعده في عهد «الجنرال مينو»، وقد قام بالاشتراك مع زميله لوماكا l’Homaca بترجمة أقوال المتهمين بقتل الجنرال «كليبر».
    • (د)
      لوماكا l’Homaca: عضو آخر من أعضاء لجنة الترجمة بالمجمع، وقد اشترك مع زميله «براسرفيش» كما ذكرنا في النقل عن سليمان الحلبي وزملائه، وترجمة أقوالهم أثناء التحقيق معهم، وكانت له جهود أخرى في ترجمة الوثائق الرسمية٢٥ كرسائل «مينو» التي أرسلها في أيام الحملة الأخيرة من الإسكندرية إلى أعضاء الديوان بالقاهرة.
      fig3
      شكل ٢-٢: صورة صفحة ٤٧ من الكتاب المتضمن الترجمة العربية لمحاضر محاكمة سليمان الحلبي قاتل الجنرال كليبر وبها اسم واحد من مترجمي الحملة وهو «براشويش». وقد طُبع هذا الكتاب بمطبعة الحملة بمصر.
    ويبدو أن هؤلاء الأقطاب الأربعة كانوا يكوِّنون الهيئة العليا للترجمة الرسمية، فقد كانوا جميعًا أعضاء في لجنة الترجمة بالمجمع العلمي أو «مدرسة العلماء في بر مصر»،٢٦ وشغل ثلاثة منها منصب كبير مترجمي الحملة أو «ترجمان صاري عسكر»، واشترك الرابع في ترجمة كثير من الوثائق الرسمية الهامة.

    ومع هذا فقد كان هناك نفر آخرون من جنود الحملة وقوادها على علم بالعربية، فساهموا بقسط أقل في الترجمة الرسمية، من هؤلاء:

    fig4
    شكل ٢-٣: صورة الصفحة ١٢ و١٣ من الكتاب المتضمن الترجمة العربية لمحاضر محاكمة سليمان الحلبي وبها ذكر لثلاثة من مترجمي الحملة وهم: لوماكا، وحنا روكه، وبراشويش.
    • (أ)
      «حنا روكه»:٢٧ وقد اشترك مع «براسرفيش» و«لوماكا» في ترجمة بعض أقوال المتهمين بقتل «الجنرال كليبر».
    • (ب)
      «كليمان»: ذكر الجبرتي أنه كان يقوم أحيانًا بالترجمة في بعض جلسات الديوان، قال في حوادث ذي الحجة ١٢١٥ﻫ / أبريل ١٨٠٠: «حصلت الجمعية، وحضر الخازندار، والوكيل … وبعض التجار …، و«كليمان» الترجمان، فتكلم «استوف»، وترجم عنه الترجمان أن صاري عسكر الكبير «مينو» يقرئكم السلام … إلخ.»٢٨
    • (جـ)
      ومنهم مترجم ثالث اسمه «أبي ديف» هكذا ذكره الجبرتي، فقد وصف الجلسة الأخيرة للديوان بعد أن تم الصلح بين الفرنسيين من ناحية والإنجليز والأتراك من ناحية أخرى، ونقل نص الخطب التي أُلقيت في تلك الجلسة، وكان آخرها خطبة ألقاها «استوف» باللغة الفرنسية، ثم قرأ المترجم ترجمتها باللغة العربية، قال الجبرتي بعد ذكر هذا النص: «وهو من تعريب «أبي ديف» وإنشاء «استوف» بالفرنساوي …»٢٩
  • (٣)

    المترجمون السوريون:

    كان السوريون أكثر شعوب الشرق الأدنى اتصالًا واختلاطًا بشعوب أوروبا المطلة على البحر الأبيض المتوسط في العصور الوسطى، ففي ربوع بلادهم كانت ميادين الحروب الصليبية، وفي شواطئ سوريا قامت الإمارات اللاتينية، وعاش أخلاط من هذه الشعوب اللاتينية، وانتهت الحروب الصليبية ولكنها خلفت في الشام طائفة من المسيحيين تدين بالمذهب الكاثوليكي، وتعترف بالولاء لزعيم الكاثوليك ورئيسهم «البابا» المقيم في روما؛ ولذلك ظلت رحلة البطارقة والمطارنة والقساوسة السوريين دائمة إلى «روما» لزيارة مقر البابوية، ولتلقي العلوم الدينية في مدارس «روما» الدينية، وكثر — تبعًا لهذا — العارفون باللغتين الفرنسية والإيطالية بين كاثوليك سوريا.

    وفي القرنين السابع والثامن عشر اضطربت أمور الحكم العثماني، وزاد طغيان الباشوات الأتراك في الشام، ونال الطوائف المسيحية شيء من الاضطهاد، «ولما ساعد فخر الدين المعني أمير لبنان الشهير المرسلين الإفرنج الكاثوليكيين على النزول في سوريا ولبنان وفلسطين، لجأ فريق من السوريين المسيحيين إلى قناصل الإفرنج، وتمذهبوا بمذهبهم طمعًا في حماية دولهم، والفوز بشيء من المساعدة المادية، فثار عليهم رؤساء الأرثوذكس اليونانيون، وأخذوا يزرعون البغضاء والتعصب الديني في قلوب إخوانهم السوريين الأرثوذكس، ويلجئون إلى البطريرك القسطنطيني ليستصدروا الأوامر في اضطهاد الكاثوليك … فانتهز الحكام العثمانيون هذه الفرصة الثمينة ليضطهدوا المسيحيين من المذهبين الكاثوليكي والأرثوذكسي … فأخذوا ينزحون إلى القطر المصري في أوائل القرن الثامن عشر. وزادت مهاجرتهم بعد اضطهاد سنة ١٧٢٥ الشهير، وكان أغلبهم من دمشق الشام، فلُقِّبوا بالشوام، وعم هذا اللقب كل السوريين المهاجرين إلى مصر.»٣٠
    ولجأ هؤلاء «الشوام» إلى القاهرة أولًا، ودمياط ثانيًا، والإسكندرية ثالثًا، وهي المدن المصرية الكبرى ذات الصدارة حينذاك في التجارة والصناعة، واستغلوا في هذه المدن نشاطهم التجاري والصناعي الممتاز، فسرعان ما أَثْروا، وكونوا ثروات وجاليات كبيرة لها شأن في تاريخ مصر الاقتصادي وقتذاك، ووصلت أخبار هذا النجاح إلى إخوانهم في سوريا ولبنان فتوالت الهجرات وتتابعت؛ ولهذا يُرجع الأب قسطنطين الباشا هجرة مسيحيي الشام إلى مصر إلى سببَيْن: «قوة الجذب وقوة الدفع؛ إذ كانت أخبار نجاح من تقدم منهم إلى هذا القطر تجذب سواهم، وكان الاضطهاد الديني الذي كان يجري في مدن الشام يدفعهم بقوة إلى هذا القطر.»٣١
    وكانت موانئ إيطاليا التجارية، وخاصة البندقية وجنوة وليفورنو، تضم منذ القرن الخامس عشر جاليات شرقية كبيرة، وإذ كانت موانئ مصر الشمالية على اتصال تجاري دائم بموانئ إيطاليا فقد تجددت رحلة السوريين من مصر إلى موانئ إيطاليا للتجارة أحيانًا، وهربًا من اضطهاد المماليك أحيانًا أخرى.٣٢
    وقد بلغ من ازدياد نفوذ هؤلاء المهاجرين المالي والاقتصادي أن طغوا على طائفتي اليهود والأقباط اللتين كان لهما احتكار الوظائف المالية في مصر منذ عهد طويل، ففي سنة ١١٨٢ﻫ / ١٧٦٨-١٨٦٩م «قبض علي بك الكبير على المعلم إسحاق اليهودي معلم الديوان ببولاق وضربه حتى مات.»٣٣ ثم أُعطي التزام هذا الديوان للمعلم ميخائيل فرحات السوري، وأصبح هذا الالتزام المالي الهام وقفًا على مسيحيي السوريين منذ ذلك الحين، فقد حل المعلم ميخائيل الجمل بعد قليل محل ميخائيل فرحات، ولكن علي بك الكبير سرعان ما غضب على الجمل فعزله، وأعطى الديوان للمعلم يوسف البيطار الحلبي، فاستغاث الجمل بصديقه المعلم إبراهيم الصباغ مستشار ظاهر العمر أمير عكا، وحليف علي بك، فأجاب رجاءه، وسعى لدى علي بك حتى أُعيد الديوان للجمل والبيطار معًا، وفي سنة ١١٨٨ / ١٧٧٤م تُوفي، فأُعطي التزام الديوان للمعلم «أنطون فرعون قسيس»٣٤ زعيم مسيحيي الشام في مصر وقتذاك، وأثرى أثريائهم.
    لهذا لا نعجب إذا عرفنا أن «نابليون» أرسل — وهو يعد العدة للحملة — إلى العالم «مونج» و«الجنرال ديزيه» في «روما» يأمرهما أن يتعاقدا مع بعض المترجمين من الشرقيين المقيمين في «إيطاليا»، وقد كان من بين المترجمين الذين تعاقدوا معهم اثنان من السوريين المقيمين في إيطاليا — من طائفة الروم الكاثوليك — هما: دون إلياس فتح الله ويوسف مسابكي.٣٥
    وجاء في مذكرات القس أنطون مارون أن الفرنسيين — وهم في طريقهم إلى مصر — «طلبوا بعض الشرقيين للترجمة حيث صمموا النية للحضور للإقليم المصري، فخرج معهم جملة رهبان، وتقلدوا السلاح، ومن جملتهم «الراهب أنطون مشحرة» الذي نزع «الأسكيمو» والثوب الرهباني، وتقلد السلاح … وحضر مع الفرنساوية لمصر.»٣٦
    ولما بدأ الفرنسيون ينظمون شئون الحكم في مصر كان من بين أعضاء الديوان الذي أنشأه نابليون اثنان من السوريين، هما: يوسف فرحات وميخائيل كحيل.٣٧
    وكان من الطبيعي أن يستعين الفرنسيون بمن في مصر من المسيحيين وخاصةً السوريين لمعرفتهم باللغة العربية وباللغتين الفرنسية والإيطالية، ولاتفاق الطائفتين في اعتناق دين واحد ومذهب واحد، فكان «أنصارهم من نصارى البلد الأقباط، والشوام، والأروام.»٣٨
    ولما انتهى نابليون من وضع النظام الجديد لحكم مصر فكر في أن يتقرب إلى والي عكا أحمد باشا الجزار، وأن يكتسب صداقته، فأرسل إليه هدية يحملها فرنسي، «وكان بصحبته أنفار من النصارى الشوام في صفة تجار، ومعهم جانب أرز ونزلوا من ثغر دمياط في سفينة من سفائن أحمد باشا، فلما وصلوا إلى عكا وعلم بهم أحمد باشا أمر بذلك الفرنساوي فنقلوه إلى بعض النقاير، ولم يواجهه، ولم يأخذ منه شيئًا، وأمره بالرجوع من حيث أتى، وعوَّق عنده نصارى الشوام الذين كانوا بصحبته.»٣٩
    وبعد تحطيم الأسطول الفرنسي في موقعة أبي قير البحرية، واليأس من وصول أي مدد جديد من فرنسا، أنشأ «نابليون» فرقة عسكرية من مسيحيي السوريين والأروام، وقام بتنظيم هذه الفرقة وتدريبها الجنرال «كليبر».٤٠
    ولما أُعيد إنشاء الديوان في عهد الجنرال «مينو» عُيِّنَ له مترجمان سوريان: القس رفائيل «ترجمان كبير»، وإلياس فخر٤١ «ترجمان صغير». وقد لعب الأب أنطون رفائيل زاخور راهبة دورًا هامًّا في الترجمة الرسمية في عهد الحملة، غير أنه لعب دورًا أهم في الترجمة العلمية في عهدي الحملة ومحمد علي، مما سنتناول الكلام عنه بالتفصيل في مواضعه.
    وذكر الجبرتي مترجمًا سوريًّا آخر اسمه «نصر الله»، قال في حوادث ذي القعدة ١٢١٥ / أبريل ١٨٠١: «تُوفي محمد أغا مستحفظان مطعونًا (أي بمرض الطاعون) … ولم يقلدوا عوضه أحدًا، بل أذنوا لعبد العال أن يركب عوضًا عنه، وذلك بمعونة نصر الله النصراني ترجمان قائمقام «بليار».»٤٢
    وممن اتصل بالفرنسيين من المترجمين السوريين أيضًا: عبود وميخائيل الصباغ، وهما حفيدا إبراهيم الصباغ طبيب ظاهر العمر، وقد وُلد ميخائيل٤٣ في عكا، وتلقى العلم بها، ثم ارتحل إلى مصر طلبًا للعلم أيضًا، واتصل بالفرنسيين عند قدومهم، وعاد معهم عند خروجهم حيث اتصل بالمستشرق الكبير «دي ساسي De Sacy» في باريس، وعُيِّنَ مصححًا للكتب العربية في المطبعة العربية هناك ثم ناظرًا للمخطوطات الشرقية في المكتبة الأهلية.
    ونقولا الترك٤٤ المؤرخ الثاني للحملة باللغة العربية بعد الجبرتي، كان والده من القسطنطينية، وارتحل إلى دير القمر حيث ولد له نقولا الذي نبغ في الأدب شعرًا نثرًا، واتصل بخدمة الأمير بشير الشهابي، وله فيه مدائح كثيرة، ثم سافر إلى مصر، وقيل إن سيده أرسله إليها ليدرس عن كثب مدى ما ترمي إليه أطماع الفرنسيين، وفي مصر اتصل بالفرنسيين وترجم لهم، وله كتاب بالعربية عن تاريخ الحملة في مصر والشام اسمه: «ذكر تملك الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية»، وقد قام بنشر النص العربي وترجمته الفرنسية في «باريس» سنة ١٨٣٩ المسيو «ديغرانج M. Desgranges».
    وكان من المترجمين السوريين للحملة أيضًا القس جبرائيل الطويل:٤٥ غادر مصر مع الحملة، وبقي في فرنسا سنوات إلى أن عُين أستاذًا للغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية في «باريس» خلفًا للأب رفاييل زاخور راهبة.
    هؤلاء طائفة من المترجمين السوريين الذين شاركوا في الترجمة الرسمية في عهد الحملة الفرنسية، نضيف إليهم اسمًا أخيرًا هو يعقوب بن يوسف (عزيز) الترجمان الحلبي الماروني، ذكره الأب بولس قرألي ضمن وفيات السوريين٤٦ في مصر سنة ١٨٠٣.
    ولا يمكن أن تكون هذه القائمة المختصرة ثبتًا كاملًا لأسماء المترجمين السوريين، فقد اتصل بالفرنسيين منهم أثناء مقامهم في مصر عدد كبير، وعند جلاء الفرنسيين عن مصر خرج معهم «جماعة كثيرة من القبط وبحار الإفرنج والمترجمين، وبعض مسلمين ممن تتداخل معهم، وخاف على نفسه بالتخلف، وكثير من نصارى الشوام والأروام …»٤٧ ويذكر الأب قرألي أنه كان من بين هؤلاء المهاجرين «نحو خمسمائة سوري من طائفة الملكيين الكاثوليكيين ومعهم كاهنهم الخوري جبرائيل طويل، فاستوطنوا مارسيليا.»٤٨
  • (٤)

    المترجمون المصريون:

    قد يلجأ الباحث المفكر بعد ذكر هذه الطوائف إلى البحث والتنقيب عله يجد من بين المصريين من قام بالترجمة للفرنسيين، ولكنه يجد أن حالة المصريين التعليمية في ختام القرن الثامن عشر لم تكن تؤهل واحدًا منهم للقيام بهذه المهمة، كان المصريون أغلبية من المسلمين، وأقلية من الأقباط، ولم تكن مدارس الطائفتين ومعاهدهما العلمية تُعنى بتدريس اللغة الفرنسية، أو أي لغة أخرى غربية، كذلك باعد الخلاف الديني بين المسلمين من المصريين وبين الفرنسيين، فلم يحاول أحد من عامة مسلمي مصر وطلابهم الاتصال بالفرنسيين في هذه المدة اليسيرة اتصال تلمذة ليتعلم عنهم اللغة الفرنسية، كذلك لم يكن علماء المسلمين الذين اتصلوا بالفرنسيين وأُعجبوا بهم في السن التي تسمح لهم ببدء تلقي لغة جديدة.

    أما العنصر الثاني من عناصر الشعب المصري، وهم الأقباط، فقد اتصلوا بالفرنسيين اتصالًا وثيقًا، وخاصةً زعيمهم المعلم يعقوب الذي جعله الفرنسيون «صاري عسكر القبط»، فجمع «شبان القبط وحلق لحاهم، وزياهم بزي مشابه لعسكر الفرنساوية مميزين عنهم بقبع يلبسونه على رءوسهم مشابه لشكل البرنيطة، وعليها قطعة فروة سوداء من جلد الغنم في غاية البشاعة على ما يُضاف إليها من قبح صورهم، وسواد أجسامهم، وزفارة أبدانهم، وصيرهم عسكره وعزوته، وجمعهم من أقصى الصعيد، وهدم الأماكن المجاورة لحارة النصارى التي هو ساكن فيها خلف الجامع الأحمر، وبنى له قلعة وسورها بسور عظيم وأبراج وباب كبير يحيط به بدنات عظام، وكذلك بنى أبراجًا في ظاهر الحارة جهة بركة الأزبكية، وفي جميع السور المحيط والأبراج طيقانًا للمدافع وبنادق الرصاص على هيئة سور مصر الذي رمه الفرنساوية، ورتب على باب القلعة الخارج والداخل عدة من العسكر الملازمين الوقوف ليلًا ونهارًا، وبأيديهم البنادق على طريقة الفرنساوية.»٤٩
    وعند خروج الفرنسيين رحل معهم يعقوب وفي صحبته عدد كبير من جنود هذه الفرقة القبطية، أما يعقوب فقد أدركته المنية وهو في السفينة في عرض البحر، «أما أصحابه فقد عاد نفر منهم لوطنهم بعد قليل، وظل منهم في أوروبا آخرون قامت بينهم القضايا والدعاوى، ووقع أكثرهم في الفقر والفاقة، فأجرت عليهم الحكومة الفرنسية معاشًا مدة طويلة، وانتهى أمرهم بالاندماج في الفرنسيين، ولم يكن من أثر ثابت لأحد منهم إلا لأليوس بقطر صاحب القاموس الفرنسي العربي …»٥٠
    ويبدو أن الفرنسيين اصطنعوا أول مجيئهم إلى مصر طائفة من شبان الأقباط الذين تسمح لهم سنهم بتعلم اللغة الفرنسية، ولم ينبغ من هؤلاء إلا أليوس بقطر، فقد كانت سنه عند مجيء الفرنسيين ١٥ سنة فاتصل بهم وتتلمذ عليهم، وتعلم اللغة الفرنسية، واشتغل بالترجمة لرجال الحملة، ثم ارتحل معهم، وأقام مع الجالية المرتحلة من مصر في «مارسيليا» حتى سنة ١٨١٢، ودأب في تلك المدة على تعلم اللغة الفرنسية حتى أتقنها، وفي تلك السنة اسْتُدْعِيَ إلى باريس حيث عُهِدَ إليه بترجمة بعض الوثائق العربية الخاصة بالحملة إلى اللغة الفرنسية، وشارك العلماء الفرنسيين في تحقيق الأسماء العربية الواردة في المصورات الجغرافية التي كانت تعد حينذاك لتُنشر في كتاب «وصف مصر Description de l’Egypte»، وعمل في ذلك الحين على وضع قاموس فرنسي عربي، وفي سنة ١٨٢١ — وهو في السابعة والثلاثين من عمره — عُين مدرسًا للغة العربية العامية بمدرسة اللغات الشرقية في «باريس»، ولكن المنية عاجلته في تلك السنة بعد أن انتهى من وضع قاموسه، فأشرف على طبعه في «باريس» خلفه في تدريس اللغة العربية المستشرق الكبير «كوسان دي برسيفال Caussin de Perceval» في جزأين٥١ سنة ١٨٢٩.
    وبعد، فهذه هي الطوائف التي قامت بالترجمة الرسمية في عهد الحملة، ولم تكن إحداها على علم متين باللغة العربية؛ لهذا جاءت النصوص المترجمة ضعيفة ركيكة الأسلوب، أقرب إلى اللغة العامية منها إلى اللغة العربية، وإن نظرة واحدة إلى النصوص الفرنسية لوثائق الحملة، ومنشوراتها الواردة في مراسلات نابليون وكتب الحملة، وإلى النصوص العربية لترجمة هذه الوثائق والفرمانات مما حفظه الجبرتي ونقولا الترك في كتابَيْهما، لتؤيد هذا الرأي. بل لقد أبدى الجبرتي نفسه رأيه في ضعف الترجمة في أكثر من موضع، فقد ذكر عند كلامه عن إنشاء الديوان في عهد «نابليون» أن الفرنسيين وضعوا لهذا الديوان قواعد وشروطًا كتبوها «بتعبيرات سخيفة يفهم منها المراد بعد التأمل الكثير لعدم معرفتهم بقوانين التراكيب العربية.»٥٢ ولما ذكر نص محاكمة سليمان الحلبي قاتل «كليبر» قال في مقدمتها: «وقد كنت أعرضت عن ذكرها لطولها وركاكة تركيبها، لقصورهم في اللغة، ثم رأيت كثيرًا من الناس تتشوق نفسه إلى الاطلاع عليها … إلخ.»٥٣
١  عجائب الآثار، ج٣، ص٤. والترجمة العربية للمنشور ركيكة العبارة، ضعيفة الأسلوب، انظرها في الجبرتي نفس الجزء والصفحة. أما الأصل الفرنسي فجميل الأسلوب، وصورته في الوثيقة رقم ٢٧٢٣. Correspondance de Napoléon, t. IV.
٢  الجبرتي، ج٣، ص١٦.
٣  الجبرتي، ج٣، ص١٦.
٤  هذه الوثائق من منشورات، وفرمانات، وأوامر، وخطب … إلخ، كُتبت كلها أولًا باللغة الفرنسية، وأصولها موجودة في المراجع الفرنسية التي كُتبت أيام الحملة الفرنسية وعنها، ولكن توجد صور لترجمة الكثير منها متفرقة في الجبرتي عجائب الآثار، انظر مثلًا: منشور نابليون للمصريين ج٣ ص٤-٥، وخطبة افتتاح الديوان ج٣ ص٢٣، وترجمة خطاب وارد من نابليون لأعضاء الديوان أثناء حصاره لعكا ج٣ ص٧١ … إلخ؛ والرافعي يقارن كثيرًا بين الأصل والترجمة في هوامش الجزء الأول من تاريخ الحركة القومية، ويبين دائمًا مواطن الضعف في الصورة العربية، والاختلاف بين الأصل والترجمة.
٥  الجبرتي، ج٣، ص٢٣.
٦  المرجع السابق، ج٣، ص٢٤.
٧  الجبرتي، ج٣، ص١٧.
٨  الجبرتي، ج٣، ص١٧.
٩  المرجع السابق، ج٣، ص٢٢.
١٠  المرجع السابق، ج٣، ص٣٨.
١١  توجد في دار الكتب وثيقة من ورقة واحدة بها قائمة تشتمل على بيان الكلف المأخوذة من البلاد الأطفيحية لاحتياج العسكر الفرنساوي المطارد لمراد بك ابتداءً من يوم الأربعاء ٢١ جمادى الآخرة سنة ١٢١٤ / ٢٠ نوفمبر سنة ١٧٩٩ لغاية يوم ١٠ رجب من نفس السنة (٨ ديسمبر سنة ١٧٩٩م)، وهي جداول مبين فيها ما أُخذ من الأغنام والبقر وخلافها من كل بلدة من البلاد المذكورة، وفي أحد وجهي الورقة ترجمتها باللغة الفرنسية. انظر فهرس الكتب العربية الموجودة بدار الكتب المصرية بالقاهرة، ج٥، ص٢٩٣.
١٢  الجبرتي، ج٣، ص٨١.
١٣  الجبرتي، ج٣، ص٨٧.
١٤  عنوان هذه الرسالة باللغة العربية: «مجمع التحريرات المتعلقة إلى ما جرى بأعلام ومحاكمة سليمان الحلبي قاتل صاري عسكر العام كليبر»، وطُبعت «بمصر القاهرة بمطبعة الجمهور الفرنساوي في سنة ٨ من إقامة الجمهور». وانظر أيضًا: الجبرتي، ج٣، ص١٢٢، ١٤٠. وفي الصفحة المقابلة صورة للصفحة الأولى من هذا الكتاب النادر.
١٥  الجبرتي، ج٣، ص١٤٤-١٤٥.
١٦  الجبرتي، ج٣، ص١٤٥، وهو هنا مصدر ثقة؛ لأنه كان عضوًا بهذا الديوان كما ذكرنا.
١٧  الجبرتي، ج٣، ص١٤٩. وانظر أيضًا: ص١٥٥.
١٨  الجبرتي، ج٣، ص١٨٨.
١٩  الجبرتي، ج٣، ص١٩٣.
٢٠  الجبرتي، ج٣، ص١٩٤-١٩٥.
٢١  Canivet: L’Imprimerie de l’Expédition, etc. pp. 8-9.
٢٢  الجبرتي، ج٣، ص٧١.
٢٣  وقد ترجم «جوبير» جغرافية الشريف الإدريسي «نزهة المشتاق» إلى اللغة الفرنسية في مجلدَين، وطُبعت في باريس سنة ١٨٣٦–١٨٤٠. انظر: شيخو: المرجع السابق، ج١، ص٦٦.
٢٤  الجبرتي، ج٣، ص١٢٣، ١٢٥، ١٣٠، ١٣٤، ١٣٩. وانظر أيضًا: «مجمع التحريرات المتعلقة إلى ما جرى بأعلام ومحاكمة سليمان الحلبي»، ص١٣، ٤٧، ٥٧.
٢٥  انظر جهوده في ترجمة أقوال الحلبي وزملائه في: «مجمع التحريرات … إلخ.» ص١٣، ٣٤، ٥٧، ٦٣؛ والجبرتي، الصفحات المذكورة في الهامش السابق. أما عن الوثائق الأخرى فقد ذكر الجبرتي، ج٣، ص١٩٤ إحدى رسائل «مينو» للديوان، وقال في نهاية النص إنه: «من تراكيب لوماكا الترجمان.»
٢٦  مجمع التحريرات، ص٣.
٢٧  مجمع التحريرات، ص١٣.
٢٨  الجبرتي، ج٣، ص١٦٥.
٢٩  المرجع السابق، ج٣، ص١٩٦، حوادث صفر ١٢١٦ / يونيو ١٨٠١. و«أبي ديف» هذا هو المسيو «بودوف Baudeuf» التاجر الفرنسي بالقاهرة، وكان يعرف اللغة العربية، وقد استعان به رجال الحملة في أعمال كثيرة وخاصةً في الترجمة، انظر: Histoire Scientifique et Militaire de l’Expédition Française en Egypte, t. III.
٣٠  بولس قرالي: السوريون في مصر، الجزء الأول، القسم الأول ص٨٢-٨٣.
٣١  قسطنطين الباشا: محاضرة في تاريخ طائفة الروم الكاثوليك في مصر، ص٧.
٣٢  يذكر الباشا (المرجع السابق، ص١٨) أسماء أفراد من أسر: سكاكيني، وخلاط، وخير، وبوكني، وحموي، وعنخوري، ممن هاجروا إلى «ليفورنو» عن طريق دمياط في القرن السابع عشر.
٣٣  الجبرتي، ج١، ص٣١١. وإن كان قرألي (المرجع السابق، ص٨٥) يسميه يوسف بن لاوي الإسرائيلي (؟).
٣٤  انظر قرألي: السوريون في مصر، ج١، ق١، ص٨٥-٨٦؛ وج١، ق٢، ص٢٨؛ والباشا: المرجع السابق، ص١٤–١٦، ٥٤–٥٧. هذا وقد كان لأنطون فرعون شأن كبير فيما بعد، فقد أرادت حكومة الإمبراطورية الرومانية المقدسة «دولة النمسا» أن تعيد فتح طريق للتجارة مع الهند، وندبت لتحقيق هذا المشروع أنطون فرعون قسيس، وأنعم عليه الإمبراطور «يوسف» الثاني بلقبي: «بارون» و«كونت»، ولكن المشروع لم يُتَوَّج بالنجاح فخشي أنطون غضب مراد إبراهيم، وفر مع إخوته إلى إيطاليا في سنة ١١٩٨ / ١٧٨٤ حيث أقام في «تريستا». وعندما خرج المعلم يعقوب القبطي من مصر بعد مغادرة الحملة لها، وعرض مشروعه لاستقلال مصر على إنجلترا، طلب أن تُرسل الكتب إليه عن طريق: «الكونت قسيس» المقيم في «تريستا». انظر: شفيق غربال: الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس، ص٢٦، هامش ٢ حيث يصف أنطون خطأ بأنه كان مصريًّا قبطيًّا. وانظر عن فرعون وأسرته: الباشا: المرجع السابق، ص٢١، ٣١–٣٦، ٥٢–٥٧. وعن مشروع الإمبراطورية الرومانية المقدسة انظر:
Charles-Roux: “Autour d’une Route”, pp. 156–159, & Hoskins: “British Routs to India”, pp. 23, 26-27.
٣٥  انظر: Correspond. de Napolèon Ier., t. V, p. 65; Canivet: l’Imprimerie de l’Expédition d’Egypte, nles journaux, les proces-Verbaux de l’Institut, dans: Bull. de l’Inst. Egyptien, 5e. serie, t. III, 1909, p. 3–5.; Bachatly: Un Membre Oriental, ect., etc., p. 243.
٣٦  قرألي: المرجع السابق، ج١، ق٢، ص٧٤، وانظر أيضًا: ص٧٢. وقد ذكر Jaubert في رسالة منه إلى أخيه تاريخها: 20 Messidor AN. VI، أن قسيسًا مارونيًّا قام على ظهر بعض سفن الحملة بقراءة المنشور العربي للأسرى من المغاربة والعرب والترك، وشرحه لهم مع بيان مهمتهم في نشر وتوزيع المنشور عند النزول إلى البر. وإنا لنرجح أن يكون هذا القسيس هو الراهب أنطون مشحرة المذكور، انظر: Canivet: Op. Cit, p. 9.
٣٧  انظر الجبرتي، ج٣، ص٣٨ و٧٣؛ ونقولا الترك: ذكر تملك الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية، ص١٢٩.
٣٨  الجبرتي، ج٣، ص١٤٢.
٣٩  الجبرتي، ج٣، ص١٦. وانظر أيضًا قرألي: المرجع السابق، ج١، ق١، ص٩٠. وقد ذكر الترك هذه القصة بشيء من التفصيل ننقله هنا بنصه رغم ما به من أخطاء للمقارنة بينه وبين رواية الجبرتي، قال في ص٥٠–٥٢: «إن «نابليون» استدعى بأحد الكوميسارية وأرسله إلى دمياط لكي يسير في مركب إلى عكا … ثم توجه ذلك الكوميسارية المدعو «باظان» من مصر إلى دمياط ومن هناك توجه في مركب أحمد باشا الجزار الذي كان رابطًا في الميناء وأصحب معه ترجمانًا واثنَين من التجار، ولما وصل إلى اسكلة عكا فكتب الكوميسارية (باظان) إلى الجزار يعلمه عن قدومه من طرف أمير الجيوش «بونابرته»، ونزل القبطان إلى عكا، وحينما دخل الجزار فسأله عن مصر وعن أحوالها، وعن سبب خلاصه من مدينة دمياط، فأجابه القبطان: إن الفرنساوية أطلقوا سبيلي وحضر معي «كوميسارية» من طرف سر عسكرهم بكتابه، وهو الآن معي في المركب، ثم أعطاه كتاب «الكوميسارية باظان»، فلما فهم الجزار ذلك الخطاب اشتد به الغيظ والغضب، وقال للقبطان: «وجه هذا الكافر، ودعه يسافر، وإن لم يرجع في الحال من هذه الديار أحرقته بالنار.» ثم سأله من الذي أتى معه، فقال له القبطان ليس معه أحد سوى ترجمانه واثنين من التجار وهم نصارى من أبناء العرب، فقال الجزار: «أخرج التجار بأرزاقهم إلى البلد، ودع الكافر حالًا يسافر.» ورجع القبطان إلى المركب وأعلم الكوميسارية بما سمع من الجزار، وفي الحال أحضر له مركبًا صغيرًا ورجع إلى دمياط من غير تأخير، وقبض الجزار على تلك التجار … إلخ.»
٤٠  انظر الترك: المرجع السابق، ص١٨٠-١٨١.
٤١  تولى كثيرون من أسرة فخر مناصب الترجمة والقنصلية للدول الأوروبية في مصر في القرن التاسع عشر، فمنهم يوسف بازيل فخر Joseph de Basile Fackr الذي كان قنصلًا للروسيا في مدينة دمياط في عهد محمد علي. انظر خبر تعيينه والكثير من تقاريره ورسائله المكتوبة باللغة الإيطالية في:
Cattaui: Rèigne de Mohammed Ali, etc. pp. 2–8, 213, 225, 243, 479, 487, 494, 499, 510.
وقد أدركت حتى سنة ١٩٢٠ تقريبًا في مدينتنا دمياط آخر أفراد هذه الأسرة وكان طبيبًا مشهورًا، ولا زال منزله بالمدينة يعرف حتى اليوم (بمنزل الدكتور فخر).
٤٢  الجبرتي، ج٣، ص١٥٩.
٤٣  انظر شيخو: المرجع السابق، ج١، ص١٠ و١٨؛ وسركيس: معجم المطبوعات العربية، ١١٩٣-١١٩٤؛ وميخائيل بريك: تاريخ الشام، ص١٠٤؛ وقد ألف ميخائيل الصباغ كتبًا كثيرةً في «باريس» ترجمها «دي ساسي»، أهمها:
(١) مسابقة البرق والغمام في سعاة الحمام، نشره «دي ساسي» في ١٨٠٥ مع ترجمته إلى الفرنسية وعنوانه:
La colombe messagère, plus rapide que l’éclair, plus prompte que lanue. Texte arabe et traduc. par De Sacy.
(٢) «المقياس في أحوال المقياس» وهي رسالة في تاريخ مقياس بالنيل، طبع حجر بخط المؤلف، «باريس»، شهر «فلوريال»، سنة ١٣ للمشيخة الفرنسية.
(٣) نشيد قصيدة تهاني لسعادة القيصر المعظم «نابليون» سلطان فرنسا في مولد بكره «نابليون الثاني»، ومعها ترجمة فرنسية ﻟ «دي ساسي»، «باريس»، ١٨١١.
(٤) نشيد تهاني لسعادة الكلي الديانة «لويس الثامن عشر» ملك «فرنسا» ومعه ترجمة فرنسية بقلم «كرانجره داكرانج Grangeret de la Grange»، باريس، ١٨١٤م.
(٥) الرسالة التامة في كلام العامة، والمناهج في أحوال الكلام الدارج، ألفه سنة ١٨٢١ إجابةً لدعوة صديقه أليوس بقطر، وطبعه الدكتور «هنري تربكي Dr. H. rdeoke.» في «ستراسبورج»، غوتنهجن، ١٨٨٦.
٤٤  انظر سركيس: المرجع السابق، ٦٣٠–٦٣٢؛ Huart: Histoire de la Letterature؛ شيخو: المرجع السابق، ج١، ص١٠ و١٨-١٩ و٣٥ و٣٦–٤٠ و٥٥ و٦٠؛ El-Turk: Histoire de l’Expédition des Français en Egypte. Avertissement par Desgranges, pp. VII-VII.
ويبدو لي أن الترك لم يغادر مصر مع رجال الحملة كما ظن البعض، بل بقي في دمياط حتى سنة ١٨٠٥؛ فقد جاء في قرألي: السوريون في مصر، ج١، ق١، ص٨٧، أن القس أنطون مارون ذكر في مذكراته الخاصة أنه كان «يرسل إلى رئيسه العام بدير اللويزة ما يفيض عن نفقته من منتوجات القطر المصري ووارداته تارةً بواسطة الخواجة نقولا الترك، الشاعر الكاتب الشهير (لما سافر من مصر إلى دمياط وتوجه إلى بر الشام في آب ١٨٠٤ وكانون الأول ١٨٠٥) وطورًا بواسطة يوسف عيروط في دمياط … إلخ.» وقد ورد في سجل العماد لسنة ١٨٠٥ بكنيسة دمياط الكاثوليكية اسم الطفل ميخائيل الترك، فلعله ابن رُزِقَه نقولا؛ انظر المرجع السابق، ق١، ص١٣٣.
٤٥  الباشا: المرجع السابق، ص٣٩.
٤٦  السوريون في مصر، ج١، ق١، ص١٢٧. نقلًا عن سجلات الآباء الفرنسيسكان للعماد والزواج والوفاة.
٤٧  الجبرتي، ج٣، ص١٩٧.
٤٨  المرجع السابق، ج١، ق١، ص٩٢.
٤٩  الجبرتي، ج٣، ١٧١.
٥٠  شفيق غربال: المرجع السابق، ص٣٨-٣٩.
٥١  طُبع هذا القاموس طبعة ثانية في باريس ١٨٤٨، ثم أشرف على طبعه طبعة رابعة في ١٨٦٩ — في مجلد واحد — كوسان دي برسيفال الابن، وأخيرًا صححه عبيد غلاب أحد خريجي مدرسة الألسن، وأضاف إليه ملحقًا في ١٧٤ صفحة، وأشرف على طبعه في ٣ أجزاء في مطبعة بولاق سنة ١٨٧١. ولأليوس بقطر مؤلف آخر عنوانه: «مختصر في الصرف» وضعه لتعليم تلاميذ مدرسة اللغات الشرقية بمحروسة باريس كرسي المملكة الفرنساوية، طبع حجر، باريس ١٨٢١، في ٥٨ صفحة. وإجابةً لدعوته ألف صديقه ميخائيل الصباغ في سنة ١٨١٢ كتابه: «الرسالة التامة في كلام العامة»، و«المناهج في أحوال الكلام الدارج». انظر مقدمة القاموس «لكوسان دي برسيفال»؛ وشفيق غربال: المرجع السابق، ص٣٩، هامش١؛ وسركيس: المعجم، عامودا ٥٧٤ و٥٧٥. هذا ويُلحظ مما سبق، ومما ذُكر هنا، أن وظيفة الأستاذية للغة العربية بمدرسة اللغات الشرقية تولاها ثلاثة من المرتحلين من مصر بعد خروج الحملة: أولهم الأب أنطون روفائيل حتى ١٨١٦، ثم خلفه الأب جبرائيل طويل، وهذان سوريان، ثم أليوس بقطر وهو قبطي مصري.
٥٢  الجبرتي، ج٣، ص٢٠.
٥٣  المرجع السابق، ج٣، ص١٢٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤