الفصل السابع

السلطان الغازي محمد الثاني الفاتح وفتح القسطنطينية

ولد هذا السلطان في ٢٦ رجب سنة ٨٣٣ (٢٠ أبريل سنة ١٤٢٩). وهو سابع سلاطين هذه السلالة الملوكية. ولما تولى الملك بعد أبيه لم يكن بآسيا الصغرى خارجًا عن سلطانه إلَّا جزء من بلاد القرمان ومدينة سينوب١ ومملكة طرابزون الرومية.٢ وصارت مملكة الروم الشرقية قاصرة على مدينة القسطنطينية وضواحيها، وكان إقليم «مورة» مجزَّأً بين البنادقة وعدة إمارات صغيرة يحكمها بعض أعيان الروم أو الإفرنج الذين تخلَّفوا عن إخوانهم بعد انتهاء الحروب الصليبية، وبلاد الأرنئود وإيبيروس في حمى إسكندر بك السالف الذكر، وبلاد البشناق «البوسنة» مستقلة والصرب تابعة للدولة العلية تابعية سيادية، وما بقي من بحيث جزيرة البلقان داخلًا تحت سلطة الدولة العلية.

وبعد أن أمر بنقل جثة والده إلى مدينة بورصة لدفنها بها أمر بقتل أخٍ له رضيع اسمه أحمد، وبإرجاع الأميرة مارا الصربية إلى والدها. ثم أخذ يستعدُّ لتتميم فتح ما بقي من بلاد البلقان ومدينة القسطنطينية؛ حتى تكون جميع أملاكه متصلة لا يتخللها عدو مهاجم أو صديق منافق. لكنه قبل التعرض لفتح القسطنطينية أراد أن يحصِّن بوغاز البوسفور؛ حتى لا يأتي لها مدد من مملكة طرابزون، وذلك بأن يقيم قلعة على شاطئ البوغاز من جهة أوروبا تكون مقابلة للحصن الذي أنشأه السلطان بايزيد يلدرم ببر آسيا. ولما بلغ ملك الروم هذا الخبر أرسل إلى السلطان سفيرًا يعرض عليه دفع الجزية التي يقررها، فرفض طلبه وسعى في إيجاد سبب لفتح باب الحرب، ولم يلبث أن وجد هذا السبب بتعدِّي الجنود العثمانية على بعض قرى الروم ودفاع هؤلاء عن أنفسهم وقتل البعض من الفريقين.

فحاصر السلطان المدينة في أوائل أبريل سنة ١٤٥٣ من جهة البر بجيش يبلغ المائتين وخمسين ألف جندي، ومن جهة البحر بعمارة مؤلفة من مائة وثمانين سفينة، وأقام حول المدينة أربع عشرة بطارية طوبجية وضع بها مدافع جسيمة صنعها صانع مجري شهير اسمه «أوربان» كانت تقذف كرات من الحجر زنة كل واحدة منها اثنا عشر قنطارًا إلى مسافة ميل، وفي أثناء الحصار اكتشف قبر أبي أيوب الأنصاري الذي استشهد حين حصار القسطنطينية في سنة ٥٢ﻫ في خلافة معاوية بن أبي سفيان الأموي، وبعد الفتح بني له مسجد جامع، وجرت العادة بعد ذلك أن كل سلطان يتولى يتقلد سيف عثمان الغازي الأول بهذا المسجد، وهذا الاحتفال يعد بمثابة التتويج عند ملوك الإفرنج، ولم تزل هذه العادة متبعة حتى الآن. ولما شاهد قسطنطين آخر ملوك الروم هذه الاستعدادات استنجد بأوروبا؛ فلبَّى طلبه أهالي جنوة،٣ وأرسلوا له عمارة بحرية تحت إمرة جوستنياني، فأتى بمراكبه وأراد الدخول إلى ميناء القسطنطينية، فعارضته السفن العثمانية، وانتشرت بينهما حرب هائلة في يوم ١١ ربيع الثاني سنة ٨٥٧ (الموافق ٢١ أبريل سنة ١٤٥٣) انتهت بفوز جوستنياني ودخوله الميناء بعد أن رفع المحصورون السلاسل الحديدية التي وضعت لمنع المراكب العثمانية من الوصول إليها، ثم أعيدت بعد مروره كما كانت.

وبعدها أخذ السلطان يفكر في طريقة لدخول مراكبه إلى الميناء لإتمام الحصار برًّا وبحرًا؛ فخطر بباله فكر غريب في بابه، وهو أن ينقل المراكب على البر ليجتازوا السلاسل الموضوعة لمنعه، وتم هذا الأمر المستغرب بأن مهَّد طريقًا على البر اختُلف في طوله، والمرجَّح أنه فرسخان؛ أي ستة أميال، ورصت فوقه ألواح من الخشب صُبَّتْ عليها كمية من الزيت والدهن لسهولة زلق المراكب عليها، وبهذه الكيفية أمكن نقل نحو السبعين سفينة في ليلة واحدة، حتى إذا أصبح النهار ونظرها المحصورون أيقنوا أن لا مَنَاصَ من نصر العثمانيين عليهم، لكن لم تخمد عزائمهم، بل ازدادوا إقدامًا، وصمموا على الدفاع عن أوطانهم حتى الممات.

وفي يوم ١٥ جمادى الأولى سنة ٨٥٧ (الموافق ٢٤ مايو سنة ١٤٥٣) أرسل السلطان محمد إلى قسطنطين يخبره أنه لو سلم البلد إليه طوعًا يتعهَّد له بعدم مس حرية الأهالي أو أملاكهم، وأن يعطيه جزيرة مورة؛ فلم يقبل قسطنطين ذلك، بل آثر الموت على تسليم المدينة، فعند ذلك نبَّه السلطان على جيوشه بالاستعداد للهجوم في يوم ٢٠ جمادى الأولى سنة ٨٥٧ (الموافق ٢٩ مايو سنة ١٤٥٣)، ووعد الجيوش بمكافأتهم عند تمام النصر وبإقطاعهم أراضيَ كثيرة.

وفي الليلة السابقة لليوم المحدَّد أشعلت الجنود العثمانية الأنوار أمام خيامها للاحتفال بالنصر المحقق لديهم، وظلوا طول ليلهم يهللون ويكبرون، حتى إذا لاح الفجر صدرت إليهم الأوامر بالهجوم، فهجم مائة وخمسون ألف جندي وتسلَّقوا الأسوار حتى دخلوا المدينة من كل فجٍّ، وأعملوا السيف في من عارضهم، ودخلوا كنيسة القديسة صوفيا حيث كان يصلي فيها البطريق وحوله عدد عظيم من الأهالي، ويعتقد الروم حتى الآن أن حائط الكنيسة انشقَّ ودخل فيه البطرق والصور المقدَّسة، وفي اعتقادهم أن الحائط تنشق ثانية يوم يخرج الأتراك من القسطنطينية ويخرج البطرق منها ويتم صلاته التي قطعها عند دخول العثمانيين عليه عند الفتح. وقد أرَّخ بعضهم هذا الفتح المبين (بلدة طيبة) سنة ٨٥٧، وسميت المدينة إسلامبول؛ أي تخت الإسلام أو مدينة الإسلام.

أما قسطنطين فقاتل حتى مات في الدفاع عن وطنه. وبعد فتحها جعلت عاصمة للدولة ولن تزال كذلك إن شاء الله، ولنذكر هنا أن المسلمين حاصروا القسطنطينية إحدى عشرة مرة قبل هذه المرة الأخيرة، منها سبعة في القرنين الأوَّلين للإسلام، فحاصرها معاوية في خلافة سيدنا عليٍّ سنة ٣٤ﻫ (٦٥٤م)، وحاصرها يزيد بن معاوية سنة ٤٧ﻫ (٦٦٧م) في خلافة سيدنا عليٍّ أيضًا، وحاصرها سفيان بن أوس في خلافة معاوية سنة ٥٢ﻫ (٦٧٢م)، وفي سنة ٩٧ﻫ (٧١٥م) حاصرها مسلمة في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز الأموي، وحوصرت أيضًا في خلافة هشام سنة ١٢١ﻫ (٧٣٩م)، وفي المرَّة السابعة حاصرها أحد قوَّاد الخليفة هارون الرشيد سنة ١٨٢ﻫ (٧٦٨م).

هذا؛ ثم دخل السلطان المدينة عند الظهر فوجد الجنود مشتغلة بالسلب والنهب وغيره؛ فأصدر أوامره بمنع كل اعتداء؛ فَسَادَ الأمن حالًا، ثم زار كنيسة أيا صوفيا وأمر بأن يؤذن فيها بالصلاة إعلانًا بجعلها مسجدًا جامعًا للمسلمين. وبعد تمام الفتح على هذه الصورة أعلن في كافة الجهات بأنه لا يعارض في إقامة شعائر ديانة المسيحيين، بل إنه يضمن لهم حرية دينهم وحفظ أملاكهم، فرجع من هاجر من المسيحيين، وأعطاهم نصف الكنائس، وجعل النصف الآخر جوامع للمسلمين، ثم جمع أئمة دينهم لينتخبوا بطريقًا لهم فاختاروا جورج سكولاريوس، واعتمد السلطان هذا الانتخاب وجعله رئيسًا لطائفة الأروام، واحتفل بتثبيته بنفس الأبهة والنظام الذي كان يُعمل للبطارقة في أيام ملوك الروم المسيحيين، وأعطاه حرسًا من عساكر الانكشارية، ومنحه حق الحكم في القضايا المدنية والجنائية بكافة أنواعها المختصة بالأروام، وعين معه في ذلك مجلسًا مشكَّلًا من أكبر موظفي الكنيسة، وأعطى هذا الحق في الولايات للمطارنة والقسوس. وفي مقابلة هذه المنح فرض عليهم دفع الخراج مستثنيًا من ذلك أئمة الدين فقط.

وبعد إتمام هذه الترتيبات وإعادة ما هدم من أسوار المدينة وتحصينها، سافر بجيوشه لفتح بلاد جديدة، فقصد بلاد مورة، لكن لم ينتظر أميراها دمتريوس وتوماس أَخَوَا قسطنطين قدومه، بل أرسلا إليه يخبرانه بقبولهما دفع جزية سنوية قدرها اثنا عشر ألف دوكا، فقبل ذلك السلطان وغيَّر وجهته قاصدًا بلاد الصرب، فأتى هونياد الشجاع المجري وردَّ عنهم مقدمة الجيوش العثمانية، لكن لم يرغب الصرب في مساعدة المجر لهم لاختلاف مذهبهم؛ حيث كان المجر كاثوليكيين تابعين لبابا رومة والصرب أرثوذكسيين لا يُذعِنون لسلطة البابا، بل كانوا يفضلون تسلط المسلمين عليهم لما رأوه من عدم تعرُّضهم للدين مطلقًا. ولذلك أبرم أمير الصرب الصلح مع السلطان محمد الثاني على أن يدفع له سنويًّا ثمانين ألف دوكا، وذلك في سنة ١٤٥٤، وفي السنة التالية أعاد السلطان عليها الكرَّة بجيش مؤلف من خمسين ألف مقاتل وثلاثمائة مدفع، ومر بجيوشه من جنوب بلاد الصرب إلى شمالها بدون أن يلقى أقل معارضة، حتى وصل مدينة بلغراد الواقعة على نهر الدانوب، وحاصرها من جهة البر والنهر.

وكان هونياد المجري دخل المدينة قبل إتمام الحصار عليها ودافع عنها دفاع الأبطال حتى يئس السلطان من فتحها ورفع عنها الحصار سنة ١٤٥٥، لكن وإن لم يتمكَّن العثمانيون من فتح عاصمة الصرب إلا أنهم ربحوا أمرًا عظيمًا، وهو إصابة هونياد بجراح بليغة مات بسببها بعد رفع الحصار عن المدينة بنحو عشرين يومًا وأراح المسلمين منه، ولما علم السلطان بموته أرسل الصدر الأعظم محمود باشا لإتمام فتح بلاد الصرب؛ فأتمَّ فتحها من سنة ١٤٥٨ إلى سنة ١٤٦٠، وبذلك فقدت الصرب استقلالها نهائيًّا بعد أن أعيت الدولة العلية أكثر من مرة.

وفي هذه الأثناء تَمَّ فتح بلاد مورة، ففي سنة ١٤٥٨ فتح السلطان مدينة كورنته وما جاورها من بلاد اليونان، حتى جرد توماس باليولوج أخا قسطنطين من جميع بلاده، ولم يترك إقليم مورة لأخيه دمتريوس إلا بشرط دفع الجزية.

وبمجرَّد ما رجع السلطان بجيوشه ثار توماس وحارب الأتراك وأخاه معًا؛ فاستنجد دمتريوس بالسلطان، فرجع بجيش عرمرم ولم يرجع حتى تَمَّ فتح إقليم مورة سنة ١٤٦٠، وهرب توماس إلى إيطاليا، ونُفِيَ دمتريوس في إحدى جزائر الأرخبيل.

وفي ذلك الوقت فتحت جزائر تاسوس والبروس وغيرها من جزائر بحر الروم.

وبعد عودة السلطان من بلاد اليونان أبرم صلحًا مؤقتًا مع إسكندر بك وترك له إقليميْ ألبانيا وإيبيروس، ثم حوَّل أنظاره إلى آسيا الصغرى ليفتح ما بقي منها، فسار بجيشه بدون أن يعلم أحدًا بوجهته في أوائل سنة ١٤٦١، وهاجم أوَّلًا ميناء أماستريس، وكانت مركز تجارة أهالي جينوة النازلين بهذه الأصقاع. ولكون سكانها تجارًا يحافظون على أموالهم ولا يهمهم دين أو جنسية متبوعهم ما دام غير متعرِّض لأموالهم ولا أرواحهم فتحوا أبواب المدينة ودخلها العثمانيون بغير حرب، ثم أرسل إلى أسفنديار — أمير مدينة سينوب — يطلب منه تسليم بلده والخضوع له. ولأجل تعزيز هذا الطلب أرسل أحد قوَّاده ومعه عدد عظيم من المراكب لحصر الميناء فسلمها إليه الأمير وأقطعه الملك أراضي واسعة بإقليم بيثينيا مكافأة له على خضوعه. ثم قصد بنفسه مدينة طرابزون ودخلها بدون مقاومة شديدة، وقبض على الملك وأولاده وزوجته وأرسلهم إلى القسطنطينية.

ولما عاد إليها جهَّز جيشًا لمحاربة أمير الفلاخ المدعو فلاددره قول؛ أي الشيطان، لمعاقبته على ما ارتكبه من الفظائع مع أهالي بلاده والتعدِّي على تجَّار العثمانيين النازلين بها. فلما قرب منها أرسل إليه هذا الأمير وفدًا يعرض على السلطان دفع جزية سنوية قدرها عشرة آلاف دوكا، بشرط أن يصادق على جميع الشروط الواردة بالمعاهدة التي أبرمت في سنة ١٣٩٣ بين أمير الفلاخ إذ ذاك والسلطان بايزيد، فقبل السلطان محمد الثاني هذا الاقتراح وعاد بجيوشه، ولم يقصد أمير الفلاخ بهذه المعاهدة إلا التمكن من الاتحاد مع ملك المجر ومحاربة العثمانيين، فلما علم السلطان باتحادهما أرسل إليه مندوبين يسألانه عن الحقيقة فقبض عليهما وقتلهما بوضعهما على عمود محدَّد من الخشب (خازوق). وأغار بعدها على بلاد بلغاريا التابعة للدولة العلية، وعثا فيها الفساد، ورجع بخمسة وعشرين ألف أسير، فأرسل إليه السلطان يدعوه إلى الطاعة وإخلاء سبيل الأسرى، فلما مثل الرسل أمامه أمرهم برفع عمائمهم لتعظيمه وعند إبائهم طلبه لمخالفته لعوائدهم، أمر هذا الظالم بأن تسمر عمائمهم على رءوسهم بمسامير من حديد.

فلما وصلت هذه الأخبار إلى السلطان محمد استشاط غضبًا وسار على الفور بمائة وخمسين ألف مقاتل لمحاربة هذا الشقي الظلوم، فوصل في أقرب وقت إلى مدينة بخارست٤ عاصمة الأمير بعد أن هزمه وفرَّق جيوشه، لكنه لم يتمكَّن من القبض عليه لمجازاته على ما اقترفه من المظالم والمآثم لهروبه والتجائه إلى ملك المجر، فنادى السلطان بعزله ونصب مكانه أخاه راوول لثقته به بما أنه تربى في حضانة السلطان مند نعومة أظفاره، وبذا ضمت بلاد الفلاخ إلى الدولة العلية، ويقال إنه عند وصول السلطان محمد إلى ضواحي بخارست وجد حول المدينة جثث الأسرى الذين أتى بهم أمير الفلاخ من بلاد بلغاريا وقتلهم عن آخرهم بما فيهم الأطفال والنساء، وكان عددهم جميعًا عشرين ألفًا.
وفي سنة ١٤٦٢ حارب السلطان بلاد بوسنة لامتناع أميرها عن دفع الخراج، وأسره بعد محاربة عنيفة هو وولده، وأمر بقتلهما، فدانت له جميع بلاد البشناق (أهالي بوسنة). وفي سنة ١٤٦٤ أراد متياس كرفن٥ ملك المجر استخلاص بوسنة من العثمانيين، فهُزم بعد أن قُتِلَ معظم جيشه، وكانت عاقبة تداخله أن جعلت بوسنة ولاية كباقي ولايات الدولة، وسلبت ما كان منح لها من الامتيازات، ودخل في جيش الانكشارية ثلاثون ألفًا من شبانها، وأسلم أغلب أشراف أهاليها.
هذا؛ وكانت ابتدأت حركات العدوان في سنة ١٤٦٣ بين العثمانيين والبنادقة٦ بسبب هروب أحد الرقيق إلى كورون التابعة لهم، وامتناعهم عن تسليمه بحجة أنه اعتنق الدين المسيحي، فاتخذ العثمانيون ذلك سببًا للاستيلاء على مدينة أرجوس وغيرها، فاستنجد البنادقة بحكومتهم، وهي أرسلت إليهم عمارة بحرية أنزلت ما بها من الجيوش إلى بلاد مورة، فثار سكانها وقاتلوا الجنود العثمانية المحافظة على بلادهم، وأقاموا ما كان تهدَّم من سور برزخ كورنته لمنع وصول المدد من الدولة العلية، وحاصروا مدينة كورنته نفسها، واستخلصوا مدينة أرجوس من الأتراك، لكن لما علموا بقدوم السلطان مع جيش يبلغ عدده ثمانين ألف مقاتل تركوا البرزخ راجعين على أعقابهم، فدخل العثمانيون بلاد مورة بدون كبير معارضة، واسترجعوا كل ما أخذوه وأرجعوا السكينة إلى البلاد. وفي السنة التالية أعاد البنادقة الكرَّة على بلاد مورة بدون فائدة.

وبعد ذلك أخذ البابا بيوس الثاني يسعى في تحريض الأمم المسيحية على محاربة المسلمين حربًا دينية، لكن عاجله المنون قبل إتمام مشروعه، إلا أن تحريضاته هاجت إسكندر بك الألباني، فحارب الجنود العثمانية وحصل بينهما عدَّة وقائع أهرق فيها كثير من الدماء، وكانت الحرب فيها سجالًا. وفي سنة ١٤٦٧ توفي إسكندر بك بعد أن حارب الدولة العلية خمسًا وعشرين سنة بدون أن تقوى على قمعه، فكان من أشدِّ خصوم الدولة وألدِّ أعدائها.

ثم بعد هدنة استمرَّت سنة واحدة عادت الحروب بين العثمانيين والبنادقة، وكانت نتيجتها أن افتتح العثمانيون جزيرة نجر بونت، وتسمى في كتب الترك أجريبوس؛ مركز مستعمرات البنادقة في جزائر الروم، وتم فتحها في سنة ١٤٧٠، وبعد أن ساد الأمن في أنحاء أوروبا حوَّل السلطان أنظاره إلى بلاد القرمان بآسيا الصغرى، ووجد سبيلًا سهلًا للتدخل، وهو أن أميرها المدعو إبراهيم أوصى بعد موته بالحكم إلى أحد أولاده واسمه الأمير إسحاق، ولكون أمه أم ولد نازعه الحكم إخوته من أبيه الذين من الزوجات، فتداخل السلطان محمد الثاني وحارب إسحاق وهزمه، وولى محله أكبر إخوته، وعاد إلى أوروبا لمحاربة إسكندر بك كما مرَّ، فانتهز الأمير إسحاق غيابه وعاود الكرَّة على قونية لاسترداد ما أوصى به إليه أبوه من البلاد فرجع إليه السلطان وقهره، وليستريح باله من هذه الجهة أيضًا ضم إمارة القرمان إلى بلاده وغضب على وزيره محمود باشا الذي عارضه في هذا الأمر.

وبعد ذلك بقليل زحف «أوزون حسن» أحد خلفاء تيمورلنك الذي كان سلطانه ممتدًّا على كافة البلاد والأقاليم الواقعة بين نهريْ آموداريا والفرات وفتح مدينة توقات عنوة ونهب أهلها، فأخذ السلطان في تجهيز جيش جرَّار، وأرسل لأولاده داود باشا بكلر بك الأناطول ومصطفى باشا حاكم القرمان يأمرهما بالمسير لمحاربة العدوِّ؛ فسارا بجيوشهما إليه وقابلا جيش أوزون حسن على حدود إقليم الحميد وهزماه شرَّ هزيمة (١٤٧١).

وبعدها بقليل سار إليه السلطان بنفسه ومعه مائة ألف جندي، وأجهز على ما بقي معه من الجنود بالقرب من مدينة أذربيجان التي لا تبعد كثيرًا عن نهر الفرات، ولم يَعُدْ أوزون حسن لمحاربة الدولة بعد ذلك. وفي هذه الأثناء كانت الحرب متقطعة بين العثمانيين والبنادقة الذين استعانوا ببابا رومة وأمير نابولي، ومع كلٍّ فكان النصر دائمًا للعثمانيين، ولم يتمكن البنادقة من استرجاع شيء مما أخذ منهم. وفي سنة ١٤٧٥ أراد السلطان فتح بلاد البغدان، فأرسل إليها جيشًا بعد أن عرض دفع الجزية على أميرها المسمى إسطفن الرابع ولم يقبل.

وبعد محاربة عنيفة قتل فيها كثير من الجيشين المتحاربين عادت الجيوش العثمانيين بدون فتح شيء من هذا الإقليم، ولما بلغ خبر هذا الانهزام آذان السلطان عزم على فتح بلاد القرم حتى يستعين بفرسانها المشهورين في القتال على محاربة البغدان، وكان لجمهورية جنوا مستعمرة في بحيث جزيرة القرم، في مدينة كافا، فأرسل السلطان إليها عمارة بحرية ففتحتها بعد حصار ستة أيام، وبعدها سقطت جميع الأماكن التابعة لجمهورية جنوا. وبذلك صارت جميع شواطئ القرم تابعة للدولة العثمانية ولم يقاومها التتار النازلون بها، ولذلك اكتفى السلطان بضرب الجزية عليها.

وبعد ذلك فتحت العمارة العثمانية ميناء آق كرمان، ومنها أقلعت السفن الحربية إلى مصاب نهر الدانوب لإعادة الكرَّة على بلاد البغدان، بينما كان السلطان يجتاز نهر الدانوب من جهة البر بجيش عظيم، فتقهقر أمامه جيش البغدان لعدم إمكانه المحاربة في السهول، وتبعه الجيش العثماني، حتى إذا أوغل خلفه في غابة كثيفة يجهل مفاوزها انقضَّ عليه الجيش البغداني وهزمه (١٤٧٦)، وبذلك اشتهر إسطفن الرابع — أمير البغدان — بمقاومة العثمانيين، كما اشتهر هونياد المجري وإسكندر بك الألباني من قبل وسماه البابا شجاع النصرانية وحامي الديانة المسيحية.

وفي سنة ١٤٧٧ أغار السلطان على بلاد البنادقة، ووصل إلى إقليم الفريول بعد أن مَرَّ بإقليميْ كرواسيا ودلماسيا (وهما تابعان الآن لمملكة النمسا والمجر)؛ فخاف البنادقة على مدينتهم الأصلية، وأبرموا الصلح معه تاركين له مدينة كرويا، التي كانت عاصمة إسكندر بك الشهير، فاحتلها السلطان ثم طلب منهم مدينة أشقودرة.٧ ولما رفضوا التنازل عنها إليه حاصرها وأطلق عليها مدافعه ستة أسابيع متوالية بدون أن يُضعِف قوة سكانها وشجاعتهم، فتركها لفرصة أخرى وفتح ما كان حولها للبنادقة من البلاد والقلاع حتى صارت مدينة أشقودرة منفصلة بالكلية عن باقي بلاد البنادقة، وكان لا بد من فتحها بعد قليل لعدم إمكان وصول المدد إليها؛ ولذا فضَّل البنادقة أن يبرموا صلحًا جديدًا مع السلطان ويتنازلوا عن أشقودرة في مقابلة بعض امتيازات تجارية. وتم الصلح بين الفريقين على ذلك، وأمضيت به بينهما معاهدة في يوم ٥ ذي القعدة سنة ٨٨٣ (الموافق ٢٦ يناير سنة ١٤٧٩)، وكانت هذه أول خطوة خطتها الدولة العثمانية للتداخل في شئون أوروبا؛ إذ كانت جمهورية البنادقة حين ذاك أهم دول أوروبا لا سيما في التجارة البحرية، وما كان يعادلها في ذلك إلا جمهورية جنوا.

فتح جزائر اليونان ومدينة أوترانت

وبعد أن تم الصلح مع البنادقة وجهت الجيوش إلى بلاد المجر لفتح إقليم ترنسلفانيا، فقهرها كينيس كونت مدينة تمسوار،٨ بالقرب من مدينة كرلسبرج في ١٣ أكتوبر سنة ١٤٧٦، وقتل في هذه الموقعة كثير من العثمانيين، وارتكب المجر فظائع وحشية بعد الانتصار، فقتلوا جميع الأسرى ونصبوا موائدهم على جثثهم. وفي سنة ١٤٨٠ فتحت جزائر اليونان الواقعة بين بلاد اليونان وإيطاليا، وبعدها سار القائد كدك أحمد باشا بمراكبه لفتح مدينة أوترانت٩ بإيطاليا التي كان عزم السلطان على فتحها جميعها، ويقال إنه أقسم بأن يربط حصانه في كنيسة القديس بطرس بمدينة رومة — مقر البابا — ففتحت مدينة أوترانت عنوة في يوم ٤ جمادى الآخرة سنة ٨٥٥ (الموافق ١١ أغسطس سنة ١٤٨٠).

حصار مدينة رودس

وفي هذا الحين كانت أرسلت عمارة بحرية أخرى لفتح جزيرة رودس،١٠ التي كانت مركز رهبنة القديس حنا الأورشليمي، وكان رئيسها إذ ذاك بيير دوبوسون الفرنساوي الأصل، وكانت الحرب قائمة بينه وبين سلطان مصر وباي تونس، فاجتهد في إبرام الصلح معهما ليتفرغ لصدِّ هجمات الجيوش العثمانية، وكانت هذه الجزيرة محصنة تحصينًا منيعًا، وابتدأ العثمانيون في حصارها في يوم ١٣ ربيع الأوَّل سنة ٨٨٥ (الموافق ٢٣ مايو سنة ١٤٨٠)، وظلت المدافع تقذف عليها القنابل الحجرية تهدِّم أسوارها، لكن كان يصلح سكانها في الليل كل ما تخربه المدافع بالنهار؛ ولذلك استمر حصارها ثلاثة أشهر حاول العثمانيون في خلالها الاستيلاء على أهمِّ قلاعها واسمها قلعة القديس نيقولا بدون نتيجة. وفي يوم ٢٠ جمادى الأولى سنة ٨٨٥ (الموافق ٢٨ يوليو سنة ١٤٨٠) أمر القائد العام بالهجوم على القلعة ودخولها من الفتحة التي فتحتها المدافع في أسوارها، فهجمت عليها الجيوش وقاومها الأعداء بكل بسالة وإقدام، وبعد أخذ وردٍّ تقهقر العثمانيون بعد أن قتل وجرح منهم كثيرون ورفع الباقون عنها الحصار.

وفي يوم ٤ ربيع الأوَّل سنة ٨٨٦ﻫ (الموافق ٣ مايو سنة ١٤٨١م) توفي أبو الفتح السلطان محمد الثاني الغازي عن ثلاث وخمسين سنة، ومدة حكمه ٣١ سنة تمم في خلالها مقاصد أجداده، ففتح القسطنطينية وزاد عليها فتح مملكة طرابزون الرومية والصرب والبوشناق وألبانيا (الأرنئود) وجميع أقاليم آسيا الصغرى، ولم يبقَ في بلاد البلقان إلا مدينة بلغراد التابعة للمجر وبعض جزائر تابعة للبنادقة. ودفن في المدفن المخصوص الذي أنشأه في أحد الجوامع التي أسَّسَها في الآستانة.

ترتيباته الداخلية

وكانت مهارة هذا السلطان في الأعمال المدنية تُعادل خبرته في الأعمال الحربية، فإليه ينسب ترتيب الحكومة على نظامات جديدة، فسمى نفس الحكومة العثمانية بالباب العالي، وجعل لها أربعة أركان وهي: الوزير وقاضي عسكر والدفتردار (وتعادل اختصاصاته اختصاصات ناظر المالية الآن)، والرابع يسمى نيشانجي (وهو عبارة عن كاتب سرِّ السلطان)، ثم بعد امتداد سلطة الدولة العلية في جهة أوروبا جعل لها قاضي عسكر مخصوص اسمه قاضي عسكر الروملي وقاضي عسكر آخر للأناطول، وكان اختصاصهما التعيين في وظائف القضاء ما عدا بعض وظائف خصوصية، يختص بها الوزير الأكبر. ثم رتب وظائف الجند فجعل للانكشارية رئيسًا مخصوصًا (أغا)، وناطه بأشغال الضبط والربط بمدينة القسطنطينية ورئيسًا آخر للطوبجية، وثالثًا لما يختص بذخائر ومؤنة الجيوش. وكذلك وضع ترتيبًا لداخليته الخصوصية وأهم أعماله المدنية ترتيب وظائف القضاء من أكبر وظيفة وهي قضاء الروملي إلى أقل وظيفة. ووضع أوَّل مبادئ القانون المدني وقانون العقوبات، فأبدل العقوبات البدنية؛ أي السنُّ بالسنِّ والعين بالعين، وجعل عوضها الغرامات النقدية بكيفية واضحة أتمَّها السلطان سليمان القانوني الآتي ذكره.

ومن مآثره أيضًا عدة جوامع في القسطنطينية وغيرها، وله اليد البيضاء في إنشاء كثير من المكاتب الابتدائية والمدارس العالية مما يطول شرحه.

١  مدينة حصينة في شمال الأناطول على البحر الأسود، بها ميناء متسعة اتخذتها الدولة العلية ملجأً لسفنها الحربية، وشهيرة بما ارتكبته الروسيا فيها من تدمير الدونانمة العثمانية سنة ١٨٥٣ قبل إعلان الحرب المعروفة بحرب القرم.
٢  مدينة قديمة بآسيا على البحر الأسود، تبعد ١٤٠ كيلومترًا عن مدينة أوضروم، ويظن أنها معاصرة لمدينة تروادة الشهيرة، واسمها مشتق من لفظة «ترابيزوس» اللاتينية، ومعناها الشكل المعين. ولما انقسمت المملكة الرومانية إلى شرقية وغربية ظلت تابعة للمملكة الشرقية إلى سنة ١٢٠٤م، حيث فتحها الإفرنج الذين أتوا أثناء حرب الصليب، ثم سكنها أحد أعضاء عائلة «الكومين». وأسست بها مملكة طرابزون التي استمرت مستقلة، ولو أنها تابعة اسمًا إلى مملكة الروم بالقسطنطينية، إلى أن فتحها العثمانيون سنة ١٤٦١، وقتلوا آخر ملوكها المدعو «داود» وستة من أولاده، وكان له ولد سابع في إقليم مورة ببلاد اليونان، ثم هاجر إلى جزيرة «كورسيكا». وآخر ذرية هذه العائلة «الدوشيس دي إبرانتيس» التي توفيت سنة ١٨٣٨.
٣  جنوة مدينة قديمة جدًّا يقال إنها أنشئت سنة ٧٠٧ قبل الميلاد، واستولى عليها الرومانيون سنة ٢٢٢ قبل الميلاد، وظلت تابعة لهم لحين سقوط الدولة الرومانية، ثم تناوبتها أيدي قبائل المتبربرين المختلفة. وأخيرًا فتحها شارلمان الفرنساوي المتوفى سنة ٨١٤م، واستقلت في القرن العاشر، واتخذت التجارة مهنة، ونافست جمهوريتيْ بيشه المسماة الآن «بيز» والبندقية المسماة الآن «فنسيا». وفي القرن الثالث عشر حاربت بيشه وتغلبت عليها، ولاشت تجارتها، وأخذت منها جزيرة «كورسيكا»، ثم أعطاها ملوك الروم بالآستانة قريتيْ بيرة وغلطة في ضواحي بيزنطة «القسطنطينية»، ومدينة «كافا» ببلاد القرم، ومدينة أزمير وغيرها؛ ومن ثم وقعت المنافسة بينها وبين البنادقة؛ بسبب السيادة على البحار، وحاربتها وانتصرت عليها مرارًا، وبقيت سيدة البحار الشرقية إلى أواخر القرن الرابع عشر، ثم أخذت في التقهقر شيئًا فشيئًا؛ بسبب عدم انتظام أمورها الداخلية، وتفرق كلمة أهلها؛ ففقدت استقلالها، وصارت تدخل تارة في حمى إسبانيا، وأخرى في حمى فرنسا؛ وطورًا ترجع إلى استقلالها، إلى أن احتلَّها الفرنساويون سنة ١٧٩٦، وشكلوها بهيئة جمهورية في السنة التالية، وبعد سقوط إمبراطورية نابليون الأول في سنة ١٨١٥؛ ضمت إلى لومباردية، وهي الآن تابعة لمملكة إيطاليا.
٤  وتسمى في الكتب التركية «بكرش»؛ بلدة جميلة جدًّا قديمة العهد، ولم تشتهر إلا بعد المعاهدة التي أبرمت فيها بين الدولة العلية والروسية سنة ١٨١٢، وهي الآن عاصمة مملكة رومانيا المكونة من إمارتي الأفلاق والبغدان.
٥  هو ابن هونياد المجري، ولد سنة ١٤٤٣، وانتخب ملكًا على بلاد المجر سنة ١٤٥٨ وسنه خمس عشرة سنة، واشتهر بمحاربة كافة جيرانه دفاعًا عن استقلال المجر، وأسَّس مدرسة جامعة بمدينة «بوذ»، ومكتبة عمومية، وبنى فيها مرصدًا فلكيًّا، وتوفي سنة ١٤٩٠.
٦  هم سكان مدينة البندقية الواقعة على البحر الأدرياتيكي، وهي أهم الثغور التجارية؛ فإنها فازت في مسابقة جمهورية بيشه ولم تقو على مجاراة جينوة إلا لما استولى عليها الاختلال، وصارت سيدة البحار إلى أن اكتُشف طريق رأس الرجاء الصالح بطرف أفريقا الجنوبي الموصل إلى الهند، واكتشفت قارة أمريكا؛ فتحولت التجارة إلى هذا الطريق الجديد؛ وضعفت البندقية. واشتهرت هذه الجمهورية بمحاربة العثمانيين الذين جردوها من جميع أملاكها شيئًا فشيئًا؛ فأخذ منها السلطان محمد الفاتح جزائر اليونان وما كان لها في بلاد مورة. وفي سنة ١٥٧١ استولى «السلطان سليم الثاني» على جزيرة قبرص، وفي سنة ١٦٦٩ فتح السلطان «محمد الرابع» جزيرة كريد وكانتا تابعتين لها. وفي سنة ١٧٩٧ احتلَّها الفرنساويون، ثم ضمت إلى النمسا، وفي سنة ١٨٠٥ ضمت إلى إيطاليا، وفي سنة ١٨١٥ عادت إلى النمسا، وفي سنة ١٨٤٨ ثارت عليها وتشكلت بهيئة جمهورية، وفي السنة التالية أخضعتها النمسا ثانية لسلطانها، وفي سنة ١٨٥٩ تنازلت عنها النمسا إلى «نابليون الثالث» إمبراطور فرنسا، وهو تنازل عنها إلى فكتور إمانويل — ملك بيمونتي — الذي صار فيما بعد ملك إيطاليا، ولم تزل تابعة لإيطاليا حتى الآن. وقد زرتها في شهر يونيو سنة ١٨٩٥ أثناء سياحتي الأولى بأوروبا.
٧  مدينة قديمة يقال إن مؤسِّسَها إسكندر المقدوني. تَبِعَتْ بلاد ألبانيا «الأرنئود» في تقلباتها السياسية؛ فملكها الصرب، ثم استقلت مدة، ثم امتلكها البنادقة مدة، ثم العثمانيون، ولم تزل تابعة لهم حتى الآن. ويبلغ عدد سكانها خمسة وعشرين ألفًا. وهي عاصمة ولاية أشقودرة.
٨  مدينة ببلاد المجر شهيرة بحصانتها وقوتها، امتلكها العثمانيون من سنة ١٥٥٢ إلى سنة ١٧١٦. وفي سنة ١٦٦٢ أُبْرِمَتْ بها معاهدة بين العثمانيين وإمبراطور النمسا سيأتي ذكرها.
٩  مدينة قديمة بجنوب بلاد إيطاليا، شهيرة باستخراج زيت الزيتون، وسكانها قليلون، وامتلكها العرب مدة.
١٠  جزيرة بالقرب من شاطئ آسيا الصغرى؛ طيبة الهواء، حسنة التربة، كثيرة الفواكه والأزهار، يشتق اسمها من لفظة «رودون» اليونانية، ومعناها الورد. ولحسن مناخها واعتدال طقسها يتنقَّل إليها كثير من أمراء الآستانة ومصر؛ للتنعُّم بمعتدل هوائها، خصوصًا في فصل الصيف، فتحها السلطان سليمان الأول الغازي سنة ١٥٢٢، ولم تزل تابعة للدولة العلية. وكان بها تمثال عظيم الجثة يقال إن ارتفاعه كان يبلغ ثلاثة وثلاثين مترًا هدمته الزلازل في القرن الثالث قبل المسيح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤