الفصل الرابع

السلطة القضائية

لا نزاع في أن فكرة العدالة والحق كانت موجودة بين سكان القطر المصري منذ أقدم العهود، وقد كانت إلهة العدل تحمي المحاكم، ويقوم بأداء شعائرها القضاة، فمن ذلك يتضح أن العدالة كانت تمثل على شكل إلهة تعبد، يضاف إلى ذلك أن المصري كان منذ القدم يخاف عقبى الآخرة، يجتهد أن يعلم في دنياه ما يشعر بأنه ينتظر يومًا يعاقب فيه على كل سيئة اقترفها أو ذنب ارتكبه. وقد عثرنا على وثيقة من عصر الملك «منكاورع» لأحد كبار موظفيه ورجال الدين، نرى منها أن هذه الشخصية وقفت موقفًا تبرئ فيه نفسها مما لا بد كان يرتكبه غيرها من الآثام وأنواع الظلم في هذا العصر. وهذا العظيم هو «رمنو كا» كبير كهنة الملك «منكاورع» وكبير كهنة هرمه.١ فهو من رجال الدين وممن يخافون الله. وقد ترك لنا عتبة باب علوية نقش عليها ما يأتي: «إن الذي يحب الملك والإله أنوبيس الذي على قمة جبله، لا يأتي بأذى لمحتويات هذا القبر، من القوم الذي سيصعدون إلى الغرب (مقر الآخرة). أما من جهة هذا القبر الأبدي فإني قد أقمته لأني كنت «مقربًا» لدى الناس والملك.» ولم يحدث قط أني اغتصبت أي شيء من أي إنسان لهذا القبر، لأني أذكر يوم الحساب في الغرب (الآخرة). وقد أقمت هذا القبر مقابل أجور من الخبز والجعة التي أعطيتها العمال الذين أقاموه. تأمل! لا نزاع في أني أعطيتهم أجورًا عظيمة من الكتان الذي كانوا يطلبونه، وقد دعوا الله لي من أجل ذلك.» وليست هناك وثيقة تدل على مقدار خوف المصري من عقاب الدنيا وعقاب الآخرة مثل هذه؛ فصاحبها يقرر بأنه لم يغتصب شيئًا من أي إنسان خوفًا من حساب الآخرة، وفي الوقت نفسه يشعر الأحياء بألا يتعدوا على قبره لأنه أقامه من ماله ودفع أجورًا عالية للعمال الذين أقاموه.

ولكن من سخرية القدر أننا وجدنا هذا الحجر الذي عليه هذا النقش قد اغتصب من مبقرة صاحبه، واستعمل ثانية مع أحجار أخرى لإقامة قبر حقير بجوار قبر «رمنوكا» العظيم. وقد تكلمنا على اغتصاب القبور في الجزء الأول بإسهاب (انظر صفحة ٣٤٦).

مصادر النظام القضائي

على أنه ليست لدينا معلومات مدونة عن كيفية سير العدالة في عهد الدولة القديمة، وكل ما نعلمه عن سير القضاء في مصر مشتق من الألقاب القضائية التي كان يحملها رجال الدولة، أو مستخلص من الوصايا والعقود، والسندات وشروط الأوقاف. ومما يؤسف له أنه لم يصلنا من الألقاب القضائية في عهد الأسرة الرابعة إلا عدد محدود، لم نتمكن من أن نستخلص منه الشيء الكثير.

ففي عهد الأسرة الرابعة نلاحظ أن كل أمراء المقاطعات كانوا يحملون لقب «قاض» مضافًا إلى وظيفة حاكم المقاطعة، فكان الواحد منهم يلقب «القاضي حاكم المقاطعة». وقد كان ذلك سبب اختفاء لقب (حاكم القصر العظيم) «حكا حت عات» الذي كان يطلق على نائب الملك في المقاطعة قبل ذلك العهد. والظاهر حينئذ أن السلطة التي كان يمثلها الأخير قد حل محلها لقب قاض في اللقب الأول، ومن المحتمل جدًّا أن «نائب القصر العظيم» كان يمثل السلطتين القضائية والتنفيذية. وعلى ذلك يمكننا أن نستخلص أن «حاكم القصر العظيم» أو نائب الملك في الأسرة الثالثة كان مثله كمثل حاكم القصر العظيم في عهد الأسرة الخامسة يرأس محكمة المقاطعة، وهذه النظرية لا غرابة فيها.

نظام الحكم في الوجه البحري

أما مدن الوجه البحري التي كان لا يحكمها أمراء، والتي كانت حكومات مستقلة تتألف كل منها من عشرة رؤساء، فلها نظام قضاء خاص. مهما يكن من أمر فإن إخضاع الملك «نعرمر (مينا؟)» لهؤلاء الرؤساء وإدخال لقب (حاكم القصر العظيم) «حكا حت عات» في نظام حكم الوجه البحري (وقد كان يمثله نائب من قبل الملك)، قد جعلهم تحت سلطة الملك التنفيذية والقضائية. وسنرى أن هذا الحاكم كان يعين رئيسًا للمحاكم المحلية. وتدل النقوش أن «حاكم القصر العظيم» كان يحيط به موظفون من رجال السلك القضائي، فنجد من بين موظفي المقاطعة لقب (القاضي رئيس الشرطة) «ساب حري سكر» ووالقاضي الجابي «ساب نخت خرو». والواقع أن رئيس الشرطة كان رئيس قوة مسلحة، وقد كان العظيم «متن»٢ حارس إقليم، وحاكم مقاطعة الحدود الغربية، يطلق عليه لقب رئيس الشرطة، أي أنه رئيس الجنود في هذه الحكومة. وعلى ذلك يكون (القاضي رئيس الشرطة) قاضيًا له السلطة على قوة مسلحة، وهذه القوة كانت في خدمة العدالة ويتألف منها رجال الشرطة.
وبجانب حاكم المقاطعة كان يوجد «قاضي جباية» مكلف بالفصل في المخاصمات التي تقوم بين جابي مخازن الغلال والممولين. وكما ذكرنا يحتمل جدًّا أن محكمة المقاطعة كان يرأسهم حاكم القصر العظيم (أي حاكم المقاطعة). وكانت تتألف من أشراف يطلق على كل منهم لقب «سر». وكانوا يجلسون في المحكمة بصفتهم قضاة. وقد جادت الصدف بوثيقة من أوائل الأسرة الرابعة. عرفنا من منطوقها اختصاصات هذه المحكمة وإجراءاتها.٣

اختصاصات محكمة المقاطعة

وتتلخص هذه الوثيقة في أن أحد رؤساء كهنة «نخب» (الكاب الحالية) وقف عينًا على أغراض جنازية وجعل نظارتها إلى جماعة من الكهنة، وقد نص في صلب العقد على الشروط التي كانت واجبة على هؤلاء الكهنة بالنسبة لوقفه؛ فحدد أولًا مدى الحقوق التي يجب أن تكون «للشخص المدني» على العقار الذي سلمه إياه. ومن أجل ذلك اشترط الواقف أنه «فيما يختص بكل شيء قد تصرف فيه قبل عمل الهبة لهم (أي الكهنة) فإنه ستجري محاكمة معهم في المكان الذي يحاكم فيه الناس.» والمكان الذي يحاكم فيه الناس هو محكمة «السراة»٤ كما يقول المتن. يضاف إلى ذلك أن الواقف قد أبعد اختصاص «محكمة السراة» فيما يختص بالمنازعات التي يمكن أن تحدث بين أعضاء طائفة الكهنة أي بين الشركاء أنفسهم. ولذلك يقول المتن: «كل كاهن أبدي يرفع دعوى ضد زميل له، فلا بد للمدعي من أن يقدم ما يدل على أنه كاهن من الموقوف عليهم، وإذا حدث أن نصيبه قد قيس ووجد أنه لا يتفق مع شكواه، نزع من يده، الأرض، والناس، وكل شيء قد أعطيته له ليقدم لي قربانًا هنا. (وذلك بوساطة طائفة الكهنة التي ينتمي إليها هنا) وهذا يكون آخر إجراء له حتى لا نرفع دعوى أمام محكمة السراة فيما يتعلق بالأرض، والناس، وكل شيء قد خصصته للكهنة الأبديين ليقوموا لي يعمل القربان هنا في القبر الأزلي.»

غير أن الواقف لا يمكنه أن يمنع خصمًا آخر من رفع دعوى ضد الكهنة أمام محكمة السراة، ولكنه مع ذلك كان يراعي عدم إلحاق أي ضرر بأوقافه، فيقول: كل كاهن يحضر أمام «السراة» لسبب آخر (فلا بد له أن يعلنهم بأنه قد حضر لسبب آخر. على أن نصيبه يكون حسب الطائفة التي ينتمي إليها) وأن تقدر الكهنة الأرض والناس، وكل شيء أعطيتهم إياه لعمل القربان لي هنا في القبر الذي في جبانة «خفرع ور»، وكل يخصه بصفة دخل له.

ومن هذه الوثيقة نرى أن محكمة السراة كانت المحكمة المختصة للفصل في المسائل الخاصة بالعقار.

الإجراءات لرفع الدعوة

أما الإجراءات التي كانت تتبع لرفع الدعوى فكانت تنحصر في أن يقدم المدعي عريضة «ع» يشرح فيها طلبه. وإذا كان الموضوع خاصًّا بعقار فإن المحكمة ترجع في حكمها إلى الأوراق الخاصة بهذا العقار المستخرجة من مصلحة الزمامات. والواقع أننا كنا نرى الواقف يضع أمام المحكمة قائمة بعقاره بطريقة واضحة تفصل بين أملاكه وأملاك الكهنة الذين يدخلون في مقاضاة مدنية. ومن ذلك يتضح أن الإجراءات القضائية ترتكز على أساس مكتوب يحتوي على وثائق لها أصل محفوظ في السجلات، وقد كان من حق المتخاصمين أحيانًا أن يتفاديا اختصاص محكمة السراة، وذلك بعمل تحكيم إذا نص على ذلك في صلب عقد الوقف، كما جاء في عقد وقف «رئيس كهنة نخب» السابق الذكر إذ يقول: إن كل المخاصمات التي يمكن أن تحدث بين أعضاء الوقف تعرض على لجنة تحكم من جماعة الكهنة الذين يمثلون هذا الوقف، ويكون حكمها هو النهائي، أي أنها تبعد في هذه الحالة عن اختصاص المحاكم العادية. ومن ذلك يتضح أن القانون المصري يجيز التحكيم ويعترف به بمثابة سلطة قضائية، ولا نزاع في أن الإجراءات التي شرحناها في هذه الوثيقة كانت بطبيعة الحال تستدعي وجود مستخدمين وإدارة قضائية. ولا نذهب بعيدًا فإن والد «متن» كان «موظفًا قضائيًّا» ونقرأ كذلك في عهد الأسرة الرابعة في النقوش الألقاب الآتية: قاض كاتب «ساب سش» وقاض كاتب أول «ساب سحز سش» وقاض مدير الكتبة «ساب امرا سش» ولا نزاع في أن لقب كاتب وكاتب أول ومدير الكتاب، كلها تدل على درجات مختلفة يحملها موظفو الإدارة، فنستخلص من ذلك أنه كان للعدالة مصلحة خاصة قائمة بذاتها بجانب المصالح الإدارية ويتميز موظفوها عن الأخيرة بلقب قاض قبل كل لقب إداري كما ذكرنا.

(١) السلطة القضائية في عهد الأسرة الرابعة

تدل النقوش في عهد الأسرة الرابعة على أن لقب حاكم القصر العظيم «حكا حت عات» قد حل محله لقب إداري آخر «مدير القصر الكبير» وسنرى عند درس الألقاب القضائية أن القصر الكبير «حت ورت» هو المحكمة، وإنه في عهد الأسرة الخامسة كانت المحكمة العليا للدولة تسمى محكمة الستة العليا «حت ورت سو»، وهي التي حلت محل المحكمة الكبيرة، التي كانت تعد المحكمة العليا للدولة في عهد الأسرة الرابعة، ولم يكن الوزير رئيسها الأعلى في هذا العهد.

سلطة الوزير القضائية

ولكن من جهة أخرى كان في عهد الأسرة الخامسة يحمل لقب مدير محكمة الستة العليا «امرا حت ورت سو» والواقع أن الوزير رغم أنه لم يرأس أي جلسة، فإنه كان القاضي الأعظم أي القاضي للباب الملكي. وهذا الباب يعلوه الصل (الثعبان) الذي يمثل به الوزير سلطته القضائية، وهو في الحقيقة تجديد في عهد الأسرة الرابعة، ويمكن تفسير ذلك بكل سهولة، وذلك أننا نعرف أن اسم المحكمة «حت ورت» مؤلف من كلمة «حت» التي في الأصل معنى قصر السيد «حكا». وقد كانت السلطتان القضائية والتنفيذية مختلطتين ببعضهما، قبل توحيد البلاد بين أيدي الأمراء المحليين. ولكن تجمع السلطة في يد الملك تدريجًا جعلت محل هؤلاء الحكام، موظفين من قبل الملك، وبقيت في يدهم السلطة القضائية، غير أنهم كانوا يستعملونها بصفتهم ممثلين للملك، ومن ذلك يتضح أن السلطة القضائية انتقلت من يد الأمراء الحكام إلى يد الملك، فكان حينئذ أعظم القضاة هو الذي يجلس في قصر الملك نفسه. وهذا القاضي هو الوزير كما يبرهن على ذلك الباب الذي يعلوه الصل الملكي الذي مثل في لقبه ويسميه «قاضي باب الصل»، أي القاضي الملكي بكل مدلول العبارة. وتدل الألقاب التي في متناولنا أن كلًّا من الوزير والمحكمة العليا «حت ورت» كان مستقلًّا عن الآخر في السلطة، فكان الوزير ينتخبه الملك ليكون ممثله المباشر وفي يده السلطة القضائية العليا التي كانت فوق كل المحاكم القضائية، على أننا لا يمكننا أن نحدد اختصاصاته. ولا بد من أن نرى في هذا الإصلاح مظهرًا لسياسة الملك الاستبدادية، إذ الواقع إن في تعيين الملك للوزير قاضيًا أعلى قد ألقى في يده إدارة القضاء في البلاد مباشرة.

(٢) قاضي المدنيين «مدو خيت»

يدل الدرس الدقيق على أن هذا اللقب كان يطلق على الموظف الذي كان يقود هذه الطائفة من سكان القطر، ويتكلم بلسانهم، ويحاكمهم. و«الرخيت» هم في الأصل سكان المدن في الوجه البحري ثم عمم فيما بعد وأصبح يطلق على سكان المدن في البلاد كلها في عهد الأسرة الخامسة كما سنشرحه.
وتدل الدراسات الدقيقة في تتبع ظهور هذا اللقب على حادث من أهم حوادث سياسة تجمع السلطة في أيدي الملوك، فنعلم أن الملك «نعرمر» قد أمر بقطع رقاب عشرة رجال من «متليس»، غربي الدلتا (فوه؟). وكذلك منذ ذلك العهد قد عثرنا على أختام عرفنا منها أن المدن كان يحكمها حكام يطلق على كل منهم لقب «عزمر». وفي عهد الأسرة الثالثة أصبحت مقاطعات الدلتا تحت سلطان حاكم يلقب (حاكم القصر العظيم) وحاكم الفلاحين «مريت» «حكا حت عات عز مر».
وفي عهد الأسرة الرابعة أصبح حاكم المقاطعة «عزمر» يلقب «القاضي وحاكم المقاطعة»، وبذلك أصبحت له سلطة قضائية على السكان الذين يحكمهم. وفي نفس العصر وَكَّلَ الملك للوزير رياسة السلطة القضائية العليا، وأول وزير أسندت إليه الوزارة هو «كانفر»؛٥ وكان يحمل لقب «مدو - رخيت» (أي قاضي المدنيين)، وربما كان منحه هذا اللقب دليلًا على أن اختصاصه القضائي قد امتد إلى سكان المدن «رخيت».

وفي عهد الأسرة الخامسة كان مستشارو (محكمة الستة العليا) يلقب كل منهم «مدو رخيت». وكذلك كان يمنح هذا اللقب كل حكام المقاطعات الذين كانوا رؤساء للمحاكم الإقطاعية. ومن ذلك يتضح أن السلطة القضائية التي كانت في يد حكام المقاطعات، وكذلك سلطة المحكمة العليا، قد فرضت منذ ذلك العهد على سكان المدن «رخيت»، ومنذ ذلك الوقت فقد سكان المدن امتيازاتهم القضائية التي كانوا يتمتعون بها ولا أدل على ذلك من أنه في عهد الأسرة الخامسة كان حكام الوجه القبلي يحملون لقب «مدو رخيت». ويمكننا أن نستنتج أن الأسرة الخامسة قد أعادت تنظيم قانون التشريع الخاص بالسكان المدنيين الذين أصبحوا منذ ذلك العهد يلقبون في الوجه القبلي والوجه البحري على السواء باسم «رخيت». ومن المحتمل جدًّا أن هذا اللفظ في معناه اللغوي الأصلي يدل على الأفراد الذين كانت تقيد أسماؤهم في قوائم خاصة.

(٣) الإصلاح التشريعي ونظام العدالة في عهد الأسرة الخامسة

وفي عهد الأسرة الخامسة حدث إصلاح بعيد المدى في نظام العدالة وفي نظام السلطة التنفيذية، إذ ظهرت محكمة جديدة تسمى محكمة الستة العليا يرأسها الوزير الذي كان وحده يلقب مدير محكمة الستة، وبهذه الصفة كان هو القاضي الأعلى للبلاد، ويحمل لقب «مدير كل المحاكمات» أي أنه كان صاحب السلطان على كل محاكم البلاد، وأعضاء هذه المحكمة كانوا يلقبون «رؤساء أسرار» ويقومون بدور المستشارين، وكانوا يحملون لقب «رؤساء الكلام السري الخاص بمحكمة الستة»، وينتخبون من بين أعضاء مجلس العشرة العظيم. وكان هناك آخرون يطلق عليهم رؤساء أسرار المحاكمة في محكمة الستة، وكلهم كذلك يحملون لقب «أعضاء مجلس العشرة العظيم» أو لقب موظف ممتاز للإدارة القضائية «ساب سحز سش». والظاهر أن من أهم شخصيات هذه المحكمة القاضي فم «نخن» وهذا الموظف كان يحمل لقبين آخرين يحددان بالضبط أعماله، «فهو رئيس الأسرار الذي ينطق بأحكام محكمة الستة»، وكذلك يحمل لقب «رئيس الأسرار الذي يجلس وحده في محكمة الستة»٦ وتفسر لنا نقوش «ونى» هذا اللقب فيقول «ونى»: «إن جلالته قد نصبني قاضي فم «نخن». وقد جلت وحدي مع القاضي الأعلى في كل الأمور السرية أعمل باسم الملك … في محكمة الستة العليا». والواقع أن «ونى» بصفته «فم نخن» قد كلفه الملك أن يساعد الوزير وهو القاضي الأعلى في التحقيق في محضر مع زوجة الملك العظيمة «إمتس» في عهد «بيبي الأول». وقد قام بهذا التحقيق وحده مع قاضي فم «نخن». والظاهر أن الأخير كان رئيس جلسة في محكمة الستة.٧.

والواقع أن محكمة الستة كانت المحكمة العليا للقطر، وكانت تحت سلطة الوزير مباشرة، وقد كان له وحده الحق في رياستها. وقد كانت تحتوي على جلسات مختلفة تحت رياسة قضاة، كل منهم يحمل لقب قاضي «فم نخن» ورؤساء الجلسات هؤلاء «سمسو هاييت»، كان يحيط بهم مستشارون «حري سشتا»، فمنهم من يلقب «رئيس الأسرار للتحقيق الخفي» وهم مكلفون خاصة بالتحقيق في القضايا، ومنهم من يلقب «رئيس أسرار الأحكام» وهم مستشارون، وظيفتهم تنحصر في تحضير الأحكام التي ينطق بها الرئيس. والظاهر أن القضاة المحققين كانوا يؤلفون طبقة خاصة منفصلة تمام الانفصال عن قضاة الجلسة، فالطبقة الأولى تحقق القضايا التي يقدمها لهم قلم كتاب المحكمة، وبعد انتهاء التحقيق تقدم القضية أمام إحدى جلسات المحكمة، وبعد ذلك يقوم مستشارو المجلس الذي يرأسه القاضي فم «نخن» بمناقشة القضية وتحضير الحكم الذي ينطق به الرئيس.

وقد كان القاضي فم «نخن» بصفته رئيسًا يجلس منفردًا في عدة قضايا سميت في متن «ونى» (أمور سرية). ومن المحتمل أن هذه لم يكن فيها أي تحقيق. وكذلك تنبئنا نقوش «ونى» أنه في بعض الأحيان كان يجلس الوزير نفسه على كرسي القضاء يساعده أحد رؤساء جلسات المحكمة. وهناك قضايا خاصة في غاية الدقة يحقق فيها الوزير مباشرة ومعه القاضي فم «نخن». والحكم الذي ينطق به الوزير أو رؤساء الجلسات كان يدون باسم الملك٨ كما جاء ذكر ذلك في متن «ونى»، وقد كانت محكمة الستة العليا تؤلف من بين أهم أعضاء عظماء الموظفين في الدولة.
فكان الوزير الرئيس الأعلى، أما رؤساء الجلسات فكان كل منهم له ماض مجيد في القضاء، فمثلًا نجد في عهد الأسرة الخامسة أن كل ألقاب القاضي «فم نخن» كلها قضائية٩ أما قضاة التحقيق فكانوا كلهم ينتخبون من بين أعضاء مجلس العشرة العظيم، على حين أن قضاة الجلسة كانوا إما من مجلس العشرة العظيم أو قضاة خدموا في السلك القضائي ويحملون ألقابًا عظيمة مثل قاض ممتاز «ساب سحز سش».

وقد عثرنا حديثًا على نقش من الدولة القديمة لموظف يحمل لقب مدير محكمة العشرة العظيمة «حت ورت مز» ولا نعلم كنه هذه المحكمة بالضبط لأن الأمثلة لدينا تنحصر في هذا المثل الوحيد، ومن المحتمل أنه كانت هناك محكمة أخرى مؤلفة من عشرة أعضاء أو عشر دوائر، ولكن على أية حال فإنها لا بد كانت مؤلفة على نمط محكمة الستة العليا.

(٤) محاكم المقاطعات «حت ورت»

من دراسة ألقاب حكام المقاطعات في عهد الأسرة الخامسة يمكننا أن نستنتج أن كل حكام المقاطعات في الوجه القبلي، أو الوجه البحري، كانوا يرأسون محكمة المقاطعات «حت ورت»، وهذا الإصلاح على ما يظهر قد أحدث تجديدًا قانونيًّا عظيم الشأن، وذلك أن الحقوق التي كان يتمتع بها سكان مدن الوجه البحري «رخيت» إلى هذا الوقت قد اكتسب مثلها سكان مدن الوجه القبلي. ولا أدل على ذلك من أن كل حكام المقاطعات في القطر عامة في عهد الأسرة الخامسة كانوا يحملون لقب «مدو رخيت» قاضي المدنيين. وهذا العمل قد تمم توحيد القانون في كل بلاد الدولة.

ومن المحتمل جدًّا أن محكمة المقاطعة لم تكن إلا تغييرًا شكليًّا لمحكمة السراة القديمة التي كان يطلق عليها «المكان الذي يحاكم فيه الناس». وقد تكلمنا عنها في عهد الأسرة الرابعة. والواقع أن «السراة» كانوا قد حافظوا على حقهم حتى في الأسرة السادسة على النطق بالأحكام، ولكن اختصاصهم القضائي كان خاضعًا لأحكام الوزير القاضي الأعلى لمحكمة الستة العليا. وحق مراقبة الوزير أو بعبارة أخرى استئناف الوزير لأحكام محاكم السراة قد ذكره الوزير «مرا»١٠ صراحة إذ كان يلقب «رئيس الأسرار لأحكام السراة». ويمكننا القول بأن محكمة المقاطعة «حت ورت» كانت على شكل محكمة يرأسها حاكم المقاطعة يساعده السراة بصفتهم مستشارين.

(٥) المجلس «هاييت»

أن لفظة «هاييت» لم نعثر عليها قط إلا في الألقاب القضائية، فمثلًا نجد أن لقب «سمسو هاييت» أي كبير الـ«هاييت» كان دائمًا يطلق على القاضي فم «نخن» رئيس الجلسة. وكذلك نجده في لقب «الناطق بالحكمة في الـ «هاييت». ومن ذلك يمكننا أن نستخلص أن لفظة هاييت هي قاعة تجلس فيها المحكمة. وقد أخذت في الألقاب القانونية معنى مجلس المحكمة. وعلى ذلك يجوز أن المحكمة «حت ورت» كانت تشمل عدة مجالس أي عدة دوائر.

وفي محكمة الستة كان لقب كبير المجلس «سمسو هاييت» هو القاضي فم «نخن». وفي محاكم المقاطعات كان رئيس المجلس قاضيًا يلقب «كبير قضاة المجلس».

(٦) الإدارة القضائية «وسخت»

يلاحظ أن الوزير كان يلقب كثيرًا «خرب وسخت» أي رئيس القاعة العظيمة أو «إمرا وسخت» أي مدير القاعة العظيمة. وقد لاحظنا من جهة أخرى في مصالح الحكومة المختلفة أن لقب «إمرا» لمدير يدير الإدارة، أما «خرب» فيطلق على رئيس الموظفين، وربما ينطبق ذلك على الإدارة القضائية «وسخت». والواقع أن «وسخت» متصلة اتصالًا مباشرًا بالعدالة، فنرى في الحقيقة أن «عنخ إرس»١١ أحد عظماء الأسرة الخامسة كان يلقب مدير الأحكام في القاعة العظيمة «وسخت»، فلا ندهش إذن إذا رأينا أن رئيس القاعة العظيمة «أي الإدارة القضائية»، ومدير القاعة العظيمة كان إما الوزير وهو بطبيعة الحال رئيس محكمة الستة العليا أو حاكم مقاطعة أي رئيس محكمة المقاطعة. وعلى أية حال فلا يمكن توحيد محكمة الستة العليا مع القاعة العظيمة «وسخت»، لأن كثيرًا من الوزراء كانوا في الوقت نفسه مديرين لمحكمة الستة العليا ورؤساء للقاعة العظيمة. وكذلك الحال مع حكام المقاطعات، والظاهر من ذلك أن القاعة العظيمة كانت من ملحقات المحكمة، وأعتقد أنها كانت مقر الإدارة القضائية بما في ذلك الموظفون الذين كانوا يديرونها.

والواقع أن القاعة العظيمة أو الإدارة القضائية كانت تتألف من عدد عظيم من الموظفين، منها رئيس كتبة الإدارة القضائية، وكبار كتاب، وعلى ذلك لا تكون القاعة العظيمة محكمة مؤلفة من رؤساء أسرار، بل مصلحة إدارية أي مكتبًا مؤلفًا من كتاب.

وقد شرحنا فيما سلف أن المجلس الذي يصدر الأحكام كان يسمى «هاييت»، وعلى ذلك يجب أن نستنتج هنا أن المحكمة كانت تشمل المجلس «هاييت» والإدارة القضائية «وسخت».

وكان القانون في مصر يدون في كتب، وهذه الكتب كانت تودع المحكمة العليا١٢ وبخاصة في قاعة «حور» العظيمة «وسخت حر» أي «الإدارة القضائية». ومن ذلك يمكن أن نستخلص أن قاعة «حور» العظيمة (الملك) التابعة للمحكمة العليا هي الإدارة المكلفة بتسجيل قوانين الدولة والمحافظة عليها. ولا شك في أن قاعة «حور» العظيمة كانت من أهم إدارات مصلحة الإدارة القضائية، إذ كانت تودع فيها القوانين وتسهر على تنفيذ إدارة حور (أي الملك)، ومن ذلك اشتق اسمها «قاعة حور العظيمة» أو بعبارة أخرى إدارة الملك القضائية. ومن كل ذلك يتضح أن الإدارة القضائية هي مجموع المصالح القضائية التي تؤلف الـ«وسخت»، وكان من أهم أعمالها المحافظة على القوانين والأحكام القضائية.

(٧) إدارة العرائض أو الشكاوي «سبر»

تشمل الإدارة القضائية إدارة قلم كتاب المحكمة، وقد كانت كل قضية تقدم للمحكمة بعريضة «سبر» والموظفون المكلفون بتسليم هذه العرائض يلقبون «المشرفين على العرائض» «إري سبر» وكانوا تحت إدارة «رئيس الكتاب، والمشرف على العرائض».

ويظهر أنه كان هو رئيس كتاب المحكمة. وقد كان هذا الأخير تحت السلطة العليا لرئيس المحكمة، الذي كان في الوقت نفسه رئيسًا للإدارة القضائية أي الوزير أو حاكم المقاطعة.

على أنه من المؤكد أن الوزير لم يكن هو الرئيس الفعلي للإدارة القضائية رغم أنه كان يحمل لقب رياستها اسمًا. وقد عثرنا على كثير من لقب «رئيس الإدارة القضائية» يحمله أحد أعضاء مجلس العشرة العظيم، والظاهر أن الوزير بصفته الرئيس الأعلى لمحكمة الستة العليا كان يساعده أحد أعضاء مجلس العشرة العظيم في إدارة قلم كتاب المحكمة والإدارة القضائية. وكذلك كان الحال مع حاكم المقاطعة، فقد كان بجانبه لتسيير أعمال الإدارة القضائية في مقاطعته «موظف كبير» أو قاض مدير كتبة.

(٨) الإدارة الرئيسية للعدل «حتى ورتى»

كانت مصلحة العدل كباقي مصالح الحكومة لها مركز رئيسي، فقد كان في كل مقاطعة محكمة يرأسها حاكم المقاطعة، ولكن كان يوجد في مقر الإدارة الرئيسية مصلحة قائمة بذاتها مكلفة بإدارة العدالة في البلاد قاطبة على رأسها أحد أعضاء مجلس العشرة العظيم. ولا أدل على ذلك من «وسركاف عنخ»١٣ كان يحمل لقب «امرا مخاوت» وهو على ما يظهر يعني «مدير العدل». ومن جهة أخرى نرى أن «ورخو»١٤ الذي عاش في عهد الملك وسركاف، كان «رئيس كتاب ومشرفًا على الشكاوى» وكان يلقب بأنه «قاض قاض وكاتب أول للمحكمة المزدوجة». على أنه يلاحظ منذ الأسرة الخامسة أن كل مصلحة من مصالح الحكومة مزدوجة، أي أن السلطة الإدارية كانت تمتد على الوجهين القبلي والبحري، ولا بد لذلك من أن تكون «حتى ورتى» المحكمة المزدوجة، وهي المقر الرئيسي لإدارة كل محاكم مصر.

(٩) قلم قضايا العدل والإدارة

ذكرنا أن «متن» في أواخر الأسرة الثالثة الذي كان يشغل وظيفة حاكم المقاطعة كان في الوقت نفسه رئيس الشرطة وكذلك رئيس المنازعات القضائية،١٥ وقد كان من اختصاصه أن يفصل في المنازعات التي تقوم بين الإدارة والممولين فيما يختص بحججهم عن ممتلكاتهم وضرائبهم، ومنذ الأسرة الثالثة وجد هذا النظام القضائي في مقر حكومات المقاطعات، غير أنه في الوقت نفسه كان يشمل موظفي قضائيين في مقر الحكومة الرئيسي الذي كان يشرف عليه مجلس العشرة العظيم، وذلك يشعر بأن الممولين كان لهم الحق في استئناف قرارات القاضي «حاكم المقاطعة» في المنازعات، أمام الحكومة الرئيسية. والواقع أن «ورخو» الذي كان يشغل وظيفة «رئيس كتبة» وكان مشرفًا على الشكاوى في المجلس العظيم، كان في الوقت نفسه قاضيًا ممتازًا للحجج والضرائب، ولذلك كان يحمل لقب «قاض ممتاز في الإدارة الرئيسية للعدل». وعلى ذلك يمكننا أن نستخلص أنه كان هناك قضاة ممتازون، مقرهم مكاتب الإدارة الرئيسية ولهم الحكم الأخير في المنازعات الخاصة بالضرائب أو للحجج التي يقدمها الممولون، وكذلك نلاحظ أن القاضي حاكم المقاطعة كانت في يده سلطة تأديبية ينفذها على الموظفين الذين تحت سلطته، وقد كان ينفذ هذه العقوبات بوساطة «قاض مدير كتاب».
ولدينا دليل مادي على ذلك في مقبرة الوزير «مرا»١٦ إذ نجد منظر موظفين يقودهم رئيس الإدارة التابعين لها، ليوقع عليهم العقاب أمام «قاض مدير كتبة» على ما اقترفوا من ذنوب.

(١٠) النظام القضائي في عهد الأسرة الخامسة

ومن كل ما سبق يمكن أن نضع هيكلًا تقريبيًا للنظام القضائي في البلاد في عهد الأسرة الخامسة ليمكن رجال العدل في عهدنا قرنه بنظامنا القضائي الحالي.

كانت المحكمة العليا «حت ورت سو» أي محكمة الستة العليا، يرأسها الوزير بصفته القاضي الأعلى في البلاد، وتدل النقوش على أنه من المحتمل جدًّا أنها كانت تنقسم إلى ستة مجالس «هاييت» كل منها يرأسه قاض «فم نخن»، وكان يساعد الوزير ورؤساء الجلسات مستشارون «حرى سشتا»، ومن بين هؤلاء المستشارين: «مستشارو التحقيق» وكانوا ينتخبون من بين أعضاء مجلس العشرة العظيم «مستشارو الجلسة» وينتخبون من بين أعضاء مجلس العشرة العظيم ومن بين القضاة كبيرى الكتاب.

وكان في كل مقاطعة محكمة يرأسها حاكم المقاطعة «ساب عز مر» ومن المحتمل أنها كانت تحتوي على عدة دوائر تحت رياسة «القاضي رئيس المجلس» «ساب سمسو هاييت». أما «السراة» الذين كانوا يمثلون السلطات المحلية فكانوا يجلسون فيها بصفة مستشارين.

ومن المحتمل أن هذا هو السبب في أن كلًّا كان يلقب رئيس أسرار المحكمة «حرى سشتا إن حت ورت»، اللهم إلا إذا اعتبرنا رؤساء أسرار المحكمة بمثابة قضاة محترفين يساعدون «السراة».

وكانت كل محكمة لها إدارة «وسخت» تحت إشراف مدير الإدارة القضائية «وسخت»، وكذلك كان للإدارة رئيس «خرب وسخت». وكان تحت يده كتاب وكبير كتاب، وقد كانت الإدارة القضائية «وسخت» تشمل مكتب الشكاوى١٧ «سبر» وقلم كتاب المحكمة. والأخير كان يشمل مستخدمين خصوصيين منهم المشرفون على الشكاوى «أرى سبر» ويديرهم موظف يلقب «رئيس الكتبة والمشرف على الشكاوى».

إدارة المحفوظات

وكذلك تحتوي الإدارة القضائية على محفوظات مودعة فيها أوراق قضائية والسجلات «مزات» التي كانت فيها على ما يظهر تنسخ الأحكام، ويقوم بالمحافظة عليها موظفون لقب كل منهم «قاض مشرف على السجلات»، «ساب أرى مزات» وقاض ممتاز مشرف على السجلات.

أما حاكم المقاطعة فكان كذلك رئيس الشرطة، ورئيس قلم قضايا ورئيس الإدارة في مقاطعته، وكان ينيب عنه في هذه الإدارة موظفًا قضائيًّا «ساب سش».

مصلحة العدل وتأليفها

وكانت الإدارة الرئيسية في العاصمة تحتوي على مصلحة للعدل مهمتها إدارة محاكم كل القطر، وهي التي يطلق عليها «حيتى ورتى»، وهذه المصلحة تشتمل على إدارة خاصة للشكاوى تحت سلطة «رئيس كتبة ومشرف على الشكاوى» وعلى قلم قضايا يتألف من «قضاة ممتازين للمنازعات الخاصة بالحجج» «ساب سحز سش ن وبت»، ومن قضاة ممتازين للفصل في الضرائب «ساب سحز سش حرى وزب»، وكانت وظيفة هؤلاء بلا شك الفصل في الأحكام التي قضى بها الموظفون القضائيون الذين يجلسون بجانب حاكم المقاطعة، فيما يختص بالمنازعات القانونية.

الألقاب القضائية

ويلاحظ أن موظفي المحاكم وإدارة العدل يحملون الألقاب الآتية «ساب» قاض، «ساب سحز» قاض ممتاز «ساب سش» موظف قضائي «ساب سحز سش» موظف قضائي ممتاز، «ساب. إمرا. سش» مدير الإدارة القضائية.

(١١) الإجراءات القضائية

الظاهر أن الإجراءات التي كانت تتخذ أمام تلك المحاكم التي وصفنا نظامها فيما سبق كانت لا تختلف كثيرًا عن الإجراءات التي شرحناها عند ما كان يفصل في المنازعات بالتحكيم، فقد كان المدعي يرفع دعواه أمام محكمة السراة بتقديم عريضة مكتوبة «سير» يشرح فيها بالضبط طلبه الذي كان يتخذ أساسًا للمرافعة. وكانت المحكمة تحكم بمقتضى مستندات، فإذا كان الموضوع مسألة حقوق عقارية أو أملاك فإنها ترجع إلى العقود الأصلية (وفي الموضوع الذي نحن بصدده هو عقد الأوقاف الذي يقرر حق كل من الطرفين)؛ فإذا كان هذا العقد يظهر في صالح المدعي فالمحكمة تحكم له، أما إذا كان الأمر على العكس فالمحكمة ترفض طلبه. ويستنتج من هذا الإجراء أنه كانت ثمة دفاتر أو سجلات لقيد التصرفات العقارية.

وهو نظام يقضي بإعطاء كل طرفي العقد نسخة من العقد الذي أبرم بينهما، ومن ثم نفهم الدور الهام الذي يقوم بها الكتاب المشرفون على العرائض في الإجراءات، وقد استخلصنا كل ذلك من فحص الألقاب القضائية، وقد أثبتنا كذلك عند تحليل عقد الأوقاف في عهد «خفرع» أن الشخص المعنوي١٨ يمكنه أن يترافع أمام المحكمة كالشخص الحقيقي، كما يمكن لشخص ثالث أن يدخل خصمًا في دعوى لحفظ حقوقه، وأخيرًا وصلنا إلى أن الطرف الذي حكم لصالحه يمكنه أن يحجز على عقار الطرف المحكوم عليه.

صفات المحقق النزيه

وبردية «بريس»١٩ تثبت وجود عريضة افتتاحية لرفع دعوى، إذ نعلم منها، أنه بعد تقديم عريضة الدعوى يسأل المدعي أمام قاضي تحقيق، ولذلك يقول الوزير «فتاح حتب»: «إذا كنت أنت الذي يتسلم الشكوى فكن هادئًا عندما تسمع كلام المدعي «سبرو» ولا تعاملنه بقسوة (أي دعه يتكلم) حتى يفرغ قلبه، وحتى يمكنه أن يقول لماذا قد حضر. إن المدعي يحب الذي يسمع ظلاماته، حتى ينتهي من سرد السبب الذي من أجله حضر. إن المجلس الباش يسر القلب …» وعلى ذلك يجب أن يكون القاضي المحقق متحليًا بكثير من الفضائل حتى يؤدي مهمته كما يجب، وهذا بلا جدال هو السبب الذي من أجله كان القضاة يعتلون المكانة الأولى في مصر قديمًا بين موظفي الحكومة، وقد حفظت لنا الصدف محاكمة يرجع عهدها إلى الأسرة السادسة وقد أجرى فيها تحقيق من نوع خاص قبل النطق بالحكم. وذلك بجعل أحد الطرفين يحلف اليمين ومعه كذلك ثلاثة أشخاص شهود.

قضية «سبك حتب»

والموضوع أن «سبك حتب»٢٠ ادعى أن «وسر» قد أوصى له بحق الانتفاع بعقاراته، وأنه قد نصب بوصية ليكون صاحب حق، وأن يكون مربيًا لأطفاله.

ومن جهة أخرى كان «تاو» ابن «وسر» الأكبر، ينكر إنكارًا باتًّا صدور هذه الوصية من والده، وأن الوثيقة التي يقدمها «سبك حتب» مزورة، ولما لم يكن في وسع المحكمة أن تحصل على الوثيقة الأصلية أصدرت الحكم الآتي: قدم «سبك حتب» عقدًا كتبه «المعروف لدى الملك»، مدير القافلة «إمرا ع» «وسر». وقد وكل فيه أمر زوجته وأولاده وكل عقار بيته، ليستخدمه في حسن تربية أولاد «وسر» معاملًا الكبير والصغير، كل على حسب سنه، أما «تاو» فيقول إن والده لم يكتب هذا العقد قط في أي مكان وإذا أحضر «سبك حتب» ثلاثة شهود محترمين، يمكن أن يوثق بهم على أن يحلفوا اليمين القانوني: لتكن قوتك ضده «تاو» يا الله! لأن هذه الوثيقة حقيقية وقد عملت طبقًا لما قاله «وسر» في هذا الصدد؛ أي أن العقار يبقى في بيت «سبك حتب»، بعد أن يكون قد قدم هؤلاء الشهود الذي قيلت في حضرتهم هذه الأشياء، وفي هذه الحالة لا يبقى عقار «وسر» معه، بل يبقى مع ابنه (أي ابن وسر) «المعروف لدى الملك» ومدير القافلة «تاو» ونرى في هذا أن الحكم هنا كان تمهيديًّا. إذ في الواقع يلخص أولًا طلبات الطرفين، ثم قبل أن ينطق بالحكم أمر بعمل تحقيق.

الأدوار التي تمر بالقضية

والواقع أن هذه الوثائق المختلفة تسهل لنا وصف إجراءات محكمة السراة، وذلك أن المدعي الذي يرفع دعوى «شن» يحرر شكوى «سبر» ثم يودعها قلم كتاب المحكمة حيث يتسلمها المشرف على العرائض «إري سبر». وبعد ذلك يسلم قلم الكتاب الشكوى إلى قاض يجلس بصفة قاضي تحقيقات، وهو الذي بدوره يطلب حضور الطرفين ويسألهما ويفحص المستندات ويسمع الشهود بعد حلف اليمين. وعلى أثر انتهاء التحقيق تعرض القضية على المحكمة، وكل من الطرفين يقدم طلباته في ملف يحتوي على نسخ العقود الأصلية التي تقرر أحقية هذه الطلبات. وإذا أمكن حكمت المحكمة حسب المستندات، ولكن إذا لم يكن الموضوع واضحًا بمقتضى المستندات المودعة، فيمكن للمحكمة أن تأمر بإجراء تحقيق جديد أو بسماع شهود. وأخيرًا يصدر الحكم النهائي ويحتوي على ملخص أقوال الطرفين، وأسباب الحكم، ثم نص الحكم.

اختصاصات محكمة السراة

والواقع أن اختصاصات «محكمة السراة» تمتد إلى كل مسائل العقار، وكذلك تشمل كافة المنازعات المدنية الأخرى والسندات؛ فنعلم أن كل عقود انتقال الملكية من بيع وهبة، ووصايا كانت مسجلة، وكذلك نعلم أن كل المصريين كانت حالتهم المدنية مقيدة في دفاتر، وأن سندات العمل، والإيجار كانت كذلك تدون. وكانت كل المنازعات الخاصة بهذه العقود، وكل الأحوال التي تنجم عنها كانت من اختصاص محكمة السراة. وفي حالة عدم وجود عقد مثبت حق المدعي كانت المحكمة تقرر بطريق الأمر، بمقتضى شكوى من المدعي، الحالة المدنية للمدعي والخصم الثالث.

وقد كان كذلك من اختصاصها عند تقديم شكوى من طرف أن تقرر ما هي حقوق الارتفاق والالتزامات التي تقيد العقار، وبهذه الكيفية نجد أن كاهن «نخب» الأعظم قد وقف ضيعة لشخص مدني أي معنوي ليقوم بنفقات مؤسسته الجنازية. فيقول: أما فيما يختص بكل شيء قد حدث فيه تصرف قبل أن أعمل لهم الهبة فستجري محاكمة معهم «الموهوب لهم» في المكان الذي يحاكم فيه الناس،٢١ والمكان الذي يحاكم فيه الناس هو محكمة السراة كما يشير إلى ذلك عقد الوقف بصراحة، وكذلك كان في يد محكمة السراة اختصاص رادع. ويثبت هذا متن من عهد الأسرة السادسة للوزير «بيبي عنخ» الذي أصبحت أسرته أمراء في قوص في عهد الملك بيبي الأول٢٢ إذ يقول: «لم يقبض علي قط، ولم أحبس قط، ولقد برئت تمامًا من كل ما نسب إليّ أمام محكمة السراة»، كما أن التهمة التي وجهت لي قد وقعت على عاتق من اتهمني، إذ عندما طلبت من أجل ذلك أمام السراة، ظهر أن ما قاله متهمي كان محض قذف. وقد كنت مقربًا لدى الملك ولدى الآلهة. وقد بقيت كل الأشياء حسنة في يدي عندما كنت كاهنًا للإلهة «حتحور» سيدة قوص، وحينئذ كنت أحافظ على الآلهة. ويدل المتن على أن «بيبي عنخ» قد اتهم بلا شك في جريمة كان يعاقب عليها بالسجن، لو ثبتت ضده؛ إذ يفتخر بأنه لم يسجن، ونرى هنا أن محكمة السراة قد دخلت بصفة هيئة قضائية تأديبية، وأهمية هذه الوثيقة لا تنحصر في شخص ارتكب جنحة، بل أهميتها العظمى أن «بيبي عنخ» كان موظفًا كبيرًا أصبح فيما بعد وزيرًا وأميرًا لمقاطعة قوص في آن واحد. ويفهم من تاريخ خدمته أنه خلف والده في كهنوت الإلهة حتحور في مقاطعته، وأنه قد طُلِبَ أمام محكمة السراة للدفاع عن نفسه في التهمة التي وجهت إليه. ومن ذلك نعلم أن محكمة السراة كان من اختصاصها محاكمة أكبر رجال الحكومة والكهنة أنفسهم، وإصدار الأحكام ضدهم بمقتضى القانون العام. ويؤكد ما استنتجناه من هذا المتن ما جاء في نقوش تاريخ حياة «نزام إيب»٢٣ رئيس الأسرار الذي عاش في عهد الملك إسيسي إذ يقول: إني لم أضرب قط منذ ولادتي أمام سري (عضو من أعضاء المحكمة).
وتدل النقوش على أن أحكام محكمة السراة كان يمكن استئنافها. ولا أدل على ذلك من لقب الوزير «مرا»: «رئيس الأسرار لمحاكمات السراة»٢٤ وذلك يقرر أن الوزير يتصرف بحكم استئنافي للحكم الذي حكمت به محكمة السراة. ومن ذلك يمكننا أن نعتبر أن المحاكمة التي كانت تجري أمام محكمة السراة يمكن استئنافها أمام المحكمة العليا التي يرأسها الوزير.

إجراءات محكمة الستة العليا

تدل الألقاب التي يحملها موظفو محكمة الستة العليا ومحكمة السراة على أن الإجراء في كلٍّ كان واحدًا. غير أن كل موظفي محكمة الستة العليا كانوا يتألفون كلهم من قضاة عظماء جدًّا قد حددت اختصاصاتهم على ما يظهر بكل وضوح كما أسلفنا من قبل. وعلى ذلك فإن كل طلب يقدم أمام محكمة الستة العليا كان يقدم بصفة وثيقة مكتوبة «سبر» بين يدي المشرف على الشكاوى أو في قلم كتاب المحكمة، وبعد ذلك كان يوكل أمر التحقيق إلى مستشار محقق «حرى سشتا ن مدو شتاو» فيأخذ في فحص القضية ثم يحيلها أمام إحدى جلسات «هاييت» المحكمة. ثم بعد ذلك يسمع الرئيس «ساب را نخن» القضية يساعده مستشاروه في الجلسة. وفي النهاية ينطق رئيس الجلسة بالحكم باسم الملك «م رن ن نيسوت» وفي بعض الأحوال كان يوكل التحقيق إلى رؤساء المجلس مباشرة عندما يكون الموضوع دقيقًا.

(١٢) قانون العقوبات

أما ما لدينا من الوثائق الخاصة بقانون العقوبات في عهد الدولة القديمة فقليل جدًّا حتى الآن.

وقد استخلصنا من نقوش الوزير «مرا» ونقوش الأمير «بيبي عنخ» اللذين تكلمنا عنهما فيما سلف أنه كان هناك عقاب بالضرب والحبس ولدينا بعض صور في مقبرة الوزير «مرا» يظن أنها تدل على وجود المعاقبة بقطع الرقبة غير أن هذه النظرية قد عارض في صحتها بعض علماء الآثار٢٥ ولكن الظاهر أن هذا العقاب كان مقررًا للجرائم السياسية. إذ في لوحة الملك «نعرمر»٢٦ نشاهده ممثلًا وهو يعيد سلطانه على إقليم «متليس» الثائرة في غربي الدلتا، وقد قطع رءوس رؤسائها العشرة طرحهم أرضًا وأذرعهم مكبلة ورءوسهم مقطوعة وموضوعة بين الفخذين، ومن جهة أخرى نشاهد على رأس دبوس الملك «عقربًا» ممثلًا سكان مدن الدلتا «رخيت» وهو يخضعهم، وقد ظهروا مشنوقين في رموز مقاطعاتهم المختلفة٢٧ ولكن خلافًا لهذا الشنق السياسي لا نعرف أن عقاب القتل كان موجودًا في القانون العام. ولا يفوتنا أن نذكر ورقة «وستكار»٢٨ التي تقص علينا أسطورة «خوفو» والسحرة، وتشير فيها إلى مجرم قد حبس حتى ينفذ عليه حكم الإعدام بضرب رقبته، وكان هذا العقاب لا بد موجودًا في مصر، ولكن لا يمكننا أن نعرف في أي وقت بالضبط كان يطبق ولا عن أي جريمة يحكم به. وكذلك نعلم من نفس الورقة أن المرأة الزانية كان يحكم عليها بالحرق حية. حقًّا إن العصر الذي تحدثنا عنه هذه الورقة هو عصر الدولة القديمة، ولا بد إذن من أن يكون هذا العقاب نافذًا في هذا العصر، ولكن من جهة أخرى نعلم أن القصة من أولها إلى آخرها حديث خرافة، هذا فضلًا عن أن النسخة التي في أيدينا قد كتبت.

(١٣) محكمة المقربين٢٩ مقاضاة الأشراف

لقد تكونت في البلاد طبقة من المقربين لدى الملك وهم كهنة إقامة شعائره، مما أوجد رابطة متبادلة بينهم وبين الملك، وكانوا يلقبون «بالمقربين» له. وقد كان المقرب يأخذ على نفسه أن يقوم بالاحتفال بشعائر الملك وأن يكون له بمثابة الكاهن لإلهه. وقد كان الملك مقابل ذلك يسبغ عليه نعمة تكون إما «دخلًا» أو أرضًا، ويعطيه امتياز دفن جثته في الجبانة الملكية، وهذا الإنعام الأخير كان يكسبه مشاطرة أبدية الفرعون في مملكة الآلهة الأخيرة. وفي عهد الأسرة الخامسة أصبحت طائفة «المقربين» وراثية، وكونوا طبقة اجتماعية جديدة قائمة بذاتها تتمتع بأحكام قانونية خاصة بهم، أخذت تنمو بعيدة عن القانون العام بامتيازاتها الخاصة. ومنذ حكم الملك «نفر إر كا رع» ثالث ملوك الأسرة الخامسة، كانت هذه الطائفة الوراثية تتمتع بمحكمة منفردة اختصاصها الحكم في المنازعات التي يمكن أن تنتج من وظيفة المقربين، فمن ذلك أن خرق الالتزامات التي قد تعاقد عليها «مقرب» مع كهنة وقفه، كانت تفصل فيه هذه المحكمة الخاصة. وكان يرأس هذه المحكمة الملك نفسه، الإله العظيم «نتر عا» يحيط به مستشارون يلقبون «رؤساء أسرار التحقيق الإلهي»، وهم مقربون عظام وكانت مأموريتهم تنحصر في مساعدة الملك عندما يحاكم أندادهم. والواقع أن هذه المحكمة وقد نشأت من إجراءات التحكيم كانت، أحيانًا توقع عقابات صارمة مستندة إلى القانون العام مما يزكي إنشاءها، إذ لا نزاع في أنه كان من اختصاصها أن تنتزع من المقرب الخائن كل ما يربحه من وظيفة المقرب.
والواقع أنه بعد عهد الأسرة السادسة بقليل نجد مرسوم الملك «دمز با تاوي» يهدد الموظفين الذين يعتدون على الضياع التي كان يملكها ال«خنت شي» وهم أهم المقربين للملك، بأن يحرمهم كل الامتيازات التي كان يتمتع بها المقرب، أو ينتزع منهم أبديًّا إمكان حصولهم على لقب مقرب لدى الملك، ويمكن القول بأن عقوبات محكمة الإله العظيم التي كانت توقعها منذ البداية تشمل نزع ممتلكات الشخص بصفته مقربًا ومنعه من الدفن في الجباية الملكية.٣٠

على أن كل هذا النظام القضائي العظيم أخذ يتدهور شيئًا فشيئًا خلال عهد الأسرة السادسة حتى أصبح يكاد يكون منعدمًا، ولم يبق أحد بجوار الملك في يده السلطة المدنية متجمعة إلا الوزير الذي كانت تزداد قوته وتنمو، ولكن كل هذه كانت مظاهر اسمية إذ إن البلاد في هذا العهد كانت مقسمة إلى ولايات مستقلة ليس للملك عليها سلطان إلا الاسم.

figure
جزء من تمثال لقاضٍ يحمل قلادة وسطها رمز آلهة العدل «معات»، وكان كبير القضاة في مصر يلبس صورة من اللازورد تمثل الآلهة معات «آلهة العدل»، وكان من عادته أن يدير رمز العدالة هذا نحو المحق عند النطق بالحكم. ويوجد ثلاثة تماثيل صغيرة من هذا النوع في متحف برلين.٣١

هوامش

(١) Sélim Hdssdn, Excavations at Giza vol II P. 173.
(٢) Sèthe, (Meten) Urk. (1) 1–17.
(٣) Acte de Fondation d’un difnitaire de la Cour de Khefren Rec. Tr. XIX PP. à 75–91.
(٤) استعملت لفظة سراة جمع سري للدلالة على أعضاء مجلس المحكمة. وذلك لقرب للفظة المصرية من اللفظة العربية شكلًا ومعنى.
(٥) Journ. Egypt. Arch. 1918, PP. 146 etc.
(٦) Mariette. Mast. D. 56, p. 329.
(٧) A. R. (1) p. 30.
(٨) Br. A. R. (1) N. 307.
(٩) Mariette, Mastabas, D. 56. P. 239.
(١٠) Gunn, Cemetery of Teti pp. 133 etc.
(١١) Murray, Mastabas Saqq. PL. XVIII.
(١٢) Admonitions d’un Vieux sage, dans Moret, Le Nil, p. 262.
(١٣) Borchardt, Grabdenkmal des konigs Neussere. pp. 113–114 .
(١٤) Sethe, Urk l., 47.
(١٥) Sethe, Urk. P, l.
(١٦) Pirenne, Institutions, Vol. III P 515–19.
(١٧) لعل مكتب الشكاوى هو ما يقابل الآن قلم المحضرين ولعل قلم كتاب المحكمة هو الاصطلاح المعمول به الآن وهو ما يطلق على القلم المدني.
(١٨) Person, Morales.
(١٩) Pap. Prisse. The Lit. of the Ancient Eg. PP. 59–60.
(٢٠) Sethe, Ein Processurteil aus dem alien Reich Z. A. S. LXI (1926) P. 72.
(٢١) Br. A. R. (1) No. 200 & Urk (1) pp. 11–15.
(٢٢) Blackman, The Rock Tombos of Meir, P. 25–26 PL. IV, A,.
(٢٣) Br. A. R. (1) No. 279.
(٢٤) Pirenne, Instiutions p. 516.
(٢٥) Klebbs, Reliefs des alten Reiches, P. 24.
(٢٦) انظر الجزء الأول ص (١٥٦).
(٢٧) Pirenne, Institutions Vol. I. Annex. II Chap. II. & III.
(٢٨) Maspero, Conte de Cheops et des magiciens, P. 34.
(٢٩) انظر مصادر هذا الفصل.
(٣٠) Moret, C.R. Insc. 1914 p.p. 565 ….
(٣١) Z. A. S. Vol 56 p. 67. 68.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤